ثمراتُ الإيمانِ بهذا الاسمِ:
1- اللهُ تبارك وتعالى مُنَزَّهٌ عن كلِّ عيبٍ ونقصٍ وسُوءٍ،
فله الكمالُ الُمطلقُ سبحانه وتعالى.
2- اللهُ جل شأنه يُسبِّحُهُ مَنْ في السماواتِ ومَنْ في الأرض
بِمُختَلِفِ اللغاتِ
وأنواعِ الأَصواتِ
قال سبحانه: ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾ [الإسراء: 44].
قال أبو إِسحاقَ الزَّجاجُ:
"قِيلَ إِنَّ كلَّ ما خَلَقَ اللهُ يُسبِّح بحمدِهِ
وإنَّ صَريرَ السَّقْفِ وصريرَ البابِ من التَّسْبِيحِ
فيكونُ على هذا الخِطابَ للمشركينَ وَحْدَهُمْ ﴿ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾
وجائزٌ أَنْ يكونَ تَسبيحُ هذه الأشياء بما الله به أعلمُ لا نفقهُ منه إلا ما عُلِّمناهُ".
قال: "وقال قَومٌ: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾
أي ما مِنْ دابةٍ إلا وفيه دليلٌ أَنَّ اللهَ عز وجل خالِقُهُ
وَأَنَّ خالقَهُ حكيمٌ مبرَّأٌ من الأَسْواءِ
ولكنَّكُم أيها الكُفَّارُ لا تفقهون أثَرَ الصَّنعةِ في هذه المخلوقاتِ!".
قال أبو إِسحاقَ:
"وليس هذا بشَيءٍ
لأَنَّ الذي خُوطبوا بهذا كانوا مُقرِّين أَنَّ اللهَ خالقُهم وخالقُ السماءِ والأرضِ ومَنْ فِيهنَّ
فكيف يجهلون الخِلْقةَ وهُمْ عارفون بها؟"
اللسان (3/ 1915).
قال الأزهريُّ:
"ومما يَدُلُّكَ على أَنَّ تسبيحَ هذه المخلوقاتِ تسبيحٌ تَعبَّدتْ به قولُ الله عز وجل للجبال: ﴿ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ﴾ [سبأ: 10]
ومعنى ﴿ أَوِّبِي ﴾: سَبِّحي مَعَ داودَ النهارَ كلَّه إلى الليلِ، ولا يَجُوزُ أَنْ يكونَ معنى أمرِ الله عز وجل للجبالِ بالتأويبِ إلا تعبُّدًا لها.
وكذلك قولُه تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ﴾ [الحج: 18]
فسُجودُ هذه المخلوقاتِ عبادةٌ منها لخالِقها لا نفقَهُها عنها كما لا نفقَهُ تسبيحَها.
وكذلك قوله: ﴿ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 74]
وقد عَلِمَ اللهُ هبوطَها مِن خشيتِهِ، ولم يُعرِّفنا ذلك فنحنُ نؤمنُ بما أُعْلِمْنا، ولا ندَّعي بما لا نُكلَّف بأفهامِنا مِن عِلْمِ فِعْلِها كيفيَّةً نَحُدُّها"
اللسان (3/ 1915).
وهو كلامٌ نفيسٌ جارٍ على مذهبِ السَّلفِ مِن إجراءِ النصوصِ على ظاهرِها
والبُعْدِ عن التأويلِ والتكلُّفِ المذمومَيْنِ.
وقد ذهبَ إلى هذا ابنُ جرير الطبريُّ رحمه الله
فقال في تفسيرِ ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾:
"وما مِنْ شيءٍ مِنْ خلقِهِ إلا يُسبّحُ بِحمدِهِ".
واستدلَّ لصحةِ ذلك بما رواه جابرٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم
قال: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بشَيءٍ أَمَرَ به نوحٌ ابنَهُ، إِنَّ نوحًا قال لابنه: يا بنيَّ آمرُك أَنْ تقولَ: سُبْحانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، فَإِنَّهَا صَلَاةُ الخَلْقِ وَتَسْبِيحُ الحَقِّ، وَبِهَا تُرْزَقُ الخَلْقُ، قَالَ اللهُ: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾
فسير ابن جرير (15/ 65)
وفيه موسى بن عبيدة؛ وهو الربذي، وفيه ضَعْفٌ.
وهو حديث صحيح
فقد رواه أحمد (2/ 169، 170، 225)
والبخاري في الأدب المفرد (548)، والحاكم (1/ 48، 49) وصحَّحه
ووافقه الذهبيُّ
والبيهقيُّ في الأسماء (ص: 103) مِن حديث ابن عمرو، وإسناده صحيح.
ورواه البزار (3069) من حديث ابن عمر، وفيه عنعنة ابن إسحاق.
3- كان الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم يَذكُر هذا الاسمَ في رُكوعِهِ وسُجودِهِ
داعيًا رَبَّه عز وجل به
كما مرَّ معنا في الحديثِ السابقِ.