معني اسم الله تعالى الحفيظ
ومن أسماء الله الحسنى التي وردت
في الكتاب العزيز (الحفيظ والحافظ)
قال تعالى: ﴿ إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾ [هود: 57].
وقال تعالى: ﴿ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾ [سبأ: 21].
وأما الحافظ
فقد ورد في قوله تعالى: ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 64].
وقال تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].
قال الخطابي:
هو الحافظ يحفظ السماوات والأرض وما فيهما
لتبقى مدة بقائها فلا تزول ولا تَندَثِرُ
كقوله تعالى: ﴿ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255].
وقال تعالى: ﴿ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ﴾ [الصافات: 7]
. وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [فاطر: 41].
وهو - سبحانه -
يحفظ عبده من المهالك ومن مصارع السوء
كقوله تعالى: ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ﴾ [الرعد: 11].
أي بأمره
ويحفظ على الخلق أعمارهم
ويُحصي عليهم أقوالهم
ويحفظ أولياءه فيعصمهم عن مُواقَعَةِ الذنوب
ويحرسهم من مكائد الشيطان
ليسلموا من فتنته وشرِّه
شأن الدعاء ص67-68.
وقال السعدي في " تفسيره " (18) :
( الحفيظ الذي حفظ ما خلقه
وأحاط علمه بما أوجده ,
وحفظ أولياءه من وقوعهم في الذنوب والهلكات
, ولطف بهم في الحركات والسكنات
, وأحصى على العباد أعمالهم وجزاءها ) ا.هـ .
وذكر للحفيظ معنيين:
أحدهما: أنه قد حفظ على عباده
ما عملوه من خير وشر
وطاعة ومعصية
فإن علمه محيط بجميع أعمالهم ظاهرها
وباطنها وقد كتب ذلك في اللوح المحفوظ،
ووكل بالعباد ملائكة كراما
كاتبين يعلمون ما تفعلون
فهذا المعنى من حفظه
يقتضي إحاطة علم الله بأحوال العباد
كلها ظاهرها وباطنها
وكتابتها في اللوح المحفوظ
وفي الصحف التي في أيدي الملائكة
وعلمه بمقاديرها وكمالها ونقصها
ومقادير جزائها في الثواب والعقاب
ثم مجازاته عليها بفضله، وعدله.
والمعني الثاني: من معنيي الحفيظ:
أنه تعالى الحافظ لعباده من جميع ما يكرهون
وحفظه لخلقه نوعان عام وخاص:
حفظه لجميع المخلوقات بتيسيره لها
ما يقيتها ويحفظ بنيتها
وتمشي إلى هدايته
وإلى مصالحها بإرشاده
وهدايته العامة التي قال عنها:
أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى [طه: 50]
أي هدى كل مخلوق إلى ما قدر له وقضى له من ضروراته وحاجاته، كالهداية للمأكل، والمشرب، والمنكح، والسعي في أسباب ذلك، وكدفعه عنهم أصناف المكاره
والمضار، وهذا يشترك فيه البر، والفاجر بل الحيوانات، وغيرها، فهو الذي يحفظ السماوات، والأرض أن تزولا، ويحفظ الخلائق بنعمه
وقد وكل بالآدمي حفظة من الملائكة الكرام يحفظونه من أمر الله
أي يدفعون عنه كل ما يضره مما هو بصدد أن يضره لولا حفظ الله. والنوع الثاني: حفظه الخاص لأوليائه سوى ما تقدم، بحفظهم عما يضر إيمانهم أو يزلزل إيقانهم من الشبه، والفتن
والشهوات فيعافيهم منها ويخرجهم منها بسلامة وحفظ وعافية
ويحفظهم من أعدائهم من الجن والإنس فينصرهم عليهم ويدفع عنهم كيدهم
قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا [الحج: 38]
وهذا عام في دفع جميع ما يضرهم في دينهم ودنياهم فعلى حسب ما عند العبد من الإيمان تكون مدافعة الله عنه بلطفه
وفي الحديث: ((احفظ الله يحفظك))
رواه أحمد (2804و2669)، والترمذي (2518)
وقال: ((حديث حسن صحيح))= =
وحسنه ابن رجب في ((جامع العلوم والحكم)) (1/459)
وابن حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (1/327)
والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2516).
أي احفظ أوامره بالامتثال ونواهيه بالاجتناب، وحدوده بعدم تعديها، يحفظك في نفسك ودينك ومالك وولدك، وفي جميع ما آتاك الله من فضله
المصدر:
::الحق الواضح المبين
لعبد الرحمن السعدي- ص 59