معنى اسم الله تعالى البَرُّ - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

معنى اسم الله تعالى البَرُّ

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2020-01-12, 17:49   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة معنى اسم الله تعالى البَرُّ

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.



روى الإمامان البُخاريّ ومسلم من حديث أبي هُرَيرة - رضِي الله عنْه -

أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -

قال: ((إنَّ لله تسعةً وتسعين اسمًا، مائةً إلاَّ واحدًا، مَنْ أحصاها دخل الجنَّة))

ص 526 برقم 2736

وصحيح مسلم 1076 برقم 2677.


اخوة الاسلام

تقدم شرح الاسماء التالية


معنى اسم الله : العزيز

معنى اسم الله تعالى. الحكيم

كيف نعمل بمقتضى اسم الله تعالى : "الأحد"

كيف نعمل بمقتضى اسم الله تعالى : "الأكرم"

معني اسم الله تعالى الكريم

كيف نعمل بمقتضى اسم الله الأول

كيف نعمل بمقتضى اسم الله الأعلى

معنى اسم الله عز وجل المقيت

معنى اسم الله عز وجل القدوس

معنى اسم الله عز وجل الواسع

معنى اسم الله عز وجل الوكيل

معنى اسم الله عز وجل الشهيد

معنى اسم الله عز وجل الملك

معنى اسم الله تعالى الجبار

معنى اسم الله تعالى السلام

معنى اسم الله عز وجل المؤمن

معنى اسم الله تعالى المهيمن

معنى اسم الله تعالى المتكبر والكبير

معنى اسم الله عز وجل الخالق

معني اسم الله تعالي البارئ

معني اسم الله عز وجل المصور

معنى اسم الله عز وجل الغفار

معني اسم الله تعالى القهار

معني اسم الله عز وجل الوهاب

معنى اسم الله تعالى الرزاق

معنى اسم الله تعالى الفتاح

معني اسم الله عز وجل العليم

معنى اسم الله تعالى الخافض و الرافع

معني اسم الله تعالى القابض و الباسط

اسم الله تعالي المعز و المذل

معني اسم الله تعالى الرحمن و الرحيم

معني اسم الله عز وجل السميع

معني اسم الله عز وجل البصير

معني اسم الله تعالى الحكم و الحكيم

هل العدل من أسماء االله تعالى

معني اسم الله تعالى اللطيف

معنى اسم الله تعالى الخبير

معنى اسم الله عز وجل الحليم

معنى اسم الله تعالى العظيم

معنى اسم الله تعالى الشكور

معني اسم الله تعالى الْعَلِيُّ

معني اسم الله تعالى الكبير و المتكبر

معنى اسم الله تعالى الحفيظ

معني اسم الله تعالى الحسيب

معني اسم الله تعالى الرقيب

معنى اسم الله تعالى المجيب

معني اسم الله تعالى الودود

معني اسم الله تعالى المجيد

معني اسم الله تعالى الحق

معني اسم الله تعالى القوي المتين

معني اسم الله تعالى الولي و المولى

معني اسم الله تعالى الحميد

معني اسم الله تعالى السيد

معني اسم الله تعالى المحصي

معني اسم الله تعالى الباعث

معني اسم الله تعالى المبدئ والمعيد

معني اسم الله تعالى الحيّ

معني اسم الله تعالى القيوم

معني اسم الله تعالى الدَّيَّان

معني اسم الله تعالى سُبُّوح قدُّوس

معني اسم الله تعالى الرب




.








 


رد مع اقتباس
قديم 2020-01-12, 17:51   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

معني اسم الله تعالى البَرُّ

الدِّلالاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِ (البَرِّ)


أسماءُ اللهِ الحسنى للرضواني (2/ 120).

البَرُّ اسْمُ فَاعِلٍ للمَوْصُوفِ بِالبِرِّ

فِعْلُه بَرَّ يَبَرُّ فَهُو بَارٌّ وجَمْعُه بَرَرَةٌ

والبِرُّ هو الإحْسَانُ

والبِرُّ في حَقِّ الوَالِدَينِ والأَقْرَبِينَ مِنَ الأَهْلِ ضِدُّ العُقُوقِ وهو الإسَاءَةُ إليهم والتَّضْييعُ لحقِّهم


لسانُ العربِ (4/ 51)

والمغربُ للمطرزي (1/ 69).


والبَرُّ والبَارُّ بمعْنَى وَاحِدٍ، لَكِنَّ الذي ثَبَتَ في أسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى البَرُّ دُونَ البَارِّ

والأسْمَاءُ كَمَا عَلِمْنا تَوْقِيفِيَّةٌ على النَّصِ.

والبَرُّ سبحانه وتعالى هو العَطُوفُ عَلَى عِبَادِهِ ببِرِّهِ ولُطْفِهِ

فَهُوَ أَهْلُ البِرِّ والعَطَاءِ يُحْسِنُ إلى عِبَادِهِ في الأرْضِ أو في السَّمَاءِ

رَوَى البخاريُّ مِنْ حَديثِ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"قَالَ اللهُ عز وجل: أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ، وَقَالَ: يَدُ اللهِ مَلأَى لَا تَغِيضُهَا نَفَقةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ

وَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَبِيَدِهِ المِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفْعُ"


البخاريُّ في التفسيرِ، بابُ قولهِ:

وكان عرشُه على الماءِ (4/ 1724) (4407).


كَمَا أنَّ البَرَّ عز وجل هو الصَّادِقُ في وَعْدِهِ، الذي يَتَجَاوَزُ عَنْ عَبْدِهِ

ويَنْصُرُهُ ويحمِيهِ

ويَقْبَلُ القَلِيلَ مِنْهُ ويُنَمِّيهِ

وهو المحْسِنُ إلى عِبَادِهِ، الذي عَمَّ بِرُّهُ وإحْسَانُهُ جَمِيعَ خَلْقِهِ

فَمَا مِنْهم مِنْ أَحِدٍ إلا وتَكَفَّلَ اللهُ بِرِزْقِهِ


انظرْ: تفسيرَ البغوي (4/ 240)

وشرحَ أسماءِ اللهِ الحسنى للرازي (ص: 335)

وفتحَ القديرِ (5/ 100)

وتفسيرَ الأسماءِ الحسنى للزجاج (ص: 61)

والأسنى في شرحِ أسماء اللهِ الحسنى للقرطبي (1/ 333)

وزادَ المسيرِ لابنِ الجوزي (8/ 53)

والمقصدَ الأسنى للغزالي (ص: 123).


قَالَ أبو السُّعُودِ:

"البَرُّ المحْسِنُ الرَّحِيمُ الكثيرُ الرَّحْمَةِ، الذي إذا عُبِدَ أَثَابَ

وإذا سُئِلَ أَجَابَ"


تفسيرُ أبي السعود (8/ 150)

وانظرْ أيضًا: تفسير النسفي (4/ 185).


وُرُودُهُ في القُرْآنِ الكَرِيمِ

النهج الأسمى (2/ 172 - 179).

وَرَدَ مَرَّةً وَاحِدَةً في قَوْلِهِ تَعَالَى:

﴿ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ﴾ [الطور: 28].


مَعْنَى الاسْمِ في حَقِّ اللهِ تَعَالَى:


قَالَ ابنُ جَرِيرٍ:

"﴿ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ ﴾

يَعْنِي: اللَّطِيفَ بِعِبَادِهِ"


جامعُ البيانِ (27/ 18)

ثُمَّ سَاقَ بسنَدِه عنْ علي بنِ أبي طلحةَ

عنِ ابنِ عباسٍ؛ مِثْلَه.


وقَالَ الزَّجَّاجُ

بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَعْنَى (البِرِّ) لُغَةً:

"واللهُ تَعَالَى بَرٌّ بِخَلْقِهِ في مَعْنَى: أَنَّه يُحْسِنُ إليهم

ويُصْلِحُ أَحْوَالَهم"


تفسيرُ الأسماءِ (ص: 61).

وقَالَ الخَطَّابِيُّ:

"(البَرُّ) هو العَطُوفُ عَلَى عِبَادِهِ، المُحْسِنُ إليهم

عَمَّ بِبِرِّهِ جَمِيعَ خَلْقِهِ

فَلَمْ يَبْخَلْ عليهم بِرِزْقِهِ.

وهو البَرُّ بالمُحْسِنِ في مُضاعَفَتِهِ الثَّوابَ له

والبَرُّ بالمُسِيءِ في الصَّفْحِ والتَّجَاوُزِ عنه.

وفي صِفَاتِ المَخْلُوقِينَ:

رَجُلٌ بَرٌّ وبَارٌّ: إذا كانَ ذا خَيْرٍ ونَفْعٍ

ورَجُلٌ بَرٌّ بأَبَوَيْهِ

وهو ضِدُّ العَاقِّ"


شأنُ الدعاءِ (ص: 90)

وبنحوه مختصرًا قالَ البيهقيُّ في الاعتقادِ (ص: 64)

وكذا الأصبهانيُّ في الحجةِ (ق 33 ب)

بنحو الفقرةِ الأولى منه.


وقَالَ الحُلَيْمِيُّ:

"(البَرُّ) ومَعْنَاهُ: الرَّفِيقُ بِعِبَادِهِ

يُرِيدُ بهم اليُسْرَ

ولا يُرِيدُ بهم العُسْرَ

ويَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ مِنْ سَيِّئَاتِهم

ولا يُؤَاخِذُهم بجَمِيعِ جِنَايَاتِهم

ويَجْزِيهم بالحَسَنَةِ عَشْرَ أَمْثَالِها

ولا يَجْزِيهم بالسَّيِّئَةِ إلَّا مِثْلَها

ويَكْتُبُ لَهُم الهَمَّ بالحَسَنَةِ

ولا يَكْتُبُ عليهمُ الهَمَّ بالسَّيِّئَةِ"


المنهاجُ (1/ 204)

وذَكَرَه ضِمْنَ الأسماءِ التي تَتْبَعُ إثْبَاتَ التدبيرِ لَهُ دُونَ ما سِوَاهُ

ونَقَلَهُ البيهقيُّ في الأسماءِ (ص: 71).


وقَالَ القُرْطُبِيُّ

بَعْدَ أَنْ حَكَى مَعْنَى الاسْمِ لُغَةً:

"وهَذَا الوَصْفُ في اللهِ تَعَالَى مِنْ أَوْصَافِ فِعْلِهِ

وهو مُضَافٌ إلى عِبَادِهِ كُلِّهم في الدُّنْيَا

وإلى الخُصُوصِ في الأُخْرى

وذلك أنَّه مَا مِنْ شَخْصٍ في الدُّنْيَا إلا وَسِعَهُ مِنَ اللهِ تَعَالَى وفَاضَ عليه إحْسَانُهُ

ولذلك عَمَّ في قَوْلِهِ: ﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ [لقمان: 20].

وأَمَّا في الأُخْرى فَلَا يَخْتَصُّ بِبِرِّ اللهِ تَعَالَى إلَّا مَنْ أَنْعَمَ عَلَيهِ بِجِوَارِهِ

وأَسْكَنَهُ بَحْبُوحَةَ أَنْوَارِهِ

لا مَنْ أَحَلَّهُ في نَارِهِ"


الكتاب الأسنى (ورقة 345 ب).


وقَالَ ابنُ القَيِّمِ:

هذا ومن أوصافه القدوس ذو التـ
ـنزيه بالتعظيم للرحمن

وهو السلام على الحقيقة سالم
من كل تمثيل ومن نقصان

والبر في أوصافه سبحانه
هو كثرة الخيرات والإحسان

صدرت عن البر الذي هو وصفه
فالبر حينئذ له نوعان

وصف وفعل فهو بر محسن
مولى الجميل ودائم الإحسان


النونية (2/ 234).









رد مع اقتباس
قديم 2020-01-12, 17:52   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة

ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بهذا الاسْمِ:

1- اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى بَرٌّ رَحِيمٌ بِعِبَادِهِ

عَطُوفٌ عَلَيْهم

مُحْسِنٌ إليهم

مُصْلِحٌ لأَحْوَالِهم في الدُّنْيَا والدِّينِ.

أَمَّا في الدُّنْيَا فَمَا أَعْطَاهُم وقَسَمَ لهم مِنَ الصِّحَّةِ والقُوَّةِ والمَالِ والجَاهِ والأولادِ والأنْصَارِ

مِمَّا يَخْرُجُ عنِ الحَصْرِ

قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [إبراهيم: 34]

فَيَدْخُلُ في ذلك كُلُّ مَعْرُوفٍ وإحْسَانٍ

لأنَّها تَرْجِعُ إلى البِرِّ.

ويَشْتَرِكُ في ذلك المُؤْمِنُ والكَافِرُ.

وأَمَّا في الدِّينِ فَمَا مَنَّ بِهِ عَلَى المُؤْمِنِينَ مِنَ التَّوْفِيقِ للإِيمَانِ والطَّاعَاتِ

ثُمَّ إعْطَائِهم الثَّوَابَ الجَزِيلَ عَلَى ذلك في الدُّنْيَا والآخِرَةِ

وهو الذي وَفَّقَ وأَعَانَ أَوَّلًا، وأَثَابَ وأَعْطَى آخِرًا.

فَمِنْهُ الإيجَادُ

ومِنْهُ الإعْدَادُ

ومِنْهُ الإمْدَادُ

فَلَهُ الحَمْدُ في الأولَى والمَعَادِ.

2- مِنْ بِرِّه سُبْحَانَهُ بِعِبَادِهِ إمْهَالُهُ للمُسِيءِ مِنْهم

وإعْطَاؤُهُ الفُرْصَةَ بَعْدَ الفُرْصَةِ للتَّوْبَةِ

مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى المُعَاجَلَةِ بالعُقُوبَةِ.

قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا ﴾ [الكهف: 58].









رد مع اقتباس
قديم 2020-01-12, 17:53   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

المَعَانِي الإِيمَانِيَّةُ:

قَالَ الإمامُ ابنُ القَيِّمِ في شَرْحِهِ لِلْطَائِفِ أَسْرَارِ التَوْبَةِ:

1- ومِنْها: أَنْ يَعْرِفَ بِرَّه سُبْحَانَهُ في سَتْرِهِ عَلَيهِ حَالَ ارْتِكَابِ المَعْصِيَةِ

مَعَ كَمَالِ رُؤْيَتِهِ لَهُ

ولَوْ شَاءَ لَفَضَحَهُ بَيْنَ خَلْقِهِ فحذروه

وهذا مِنْ كَمَالِ بِرِّهِ

ومِنْ أَسْمَائِهِ (البَرُّ)

وهذا البِرُّ مِنْ سَيِّدِهِ كَانَ بِهِ مَعَ

كَمَالِ غِنَاهُ عَنْهُ

وكَمَالِ فَقْرِ العَبْدِ إلَيهِ


في الأصلِ: كَانَ عَنْ بِهِ كَمَالُ غِنَاهُ

ولَعَلَ الصَّوَابَ ما أثْبَتْنَاهُ.


فَيَشْتَغِلُ بِمُطَالَعَةِ هَذِهِ المِنَّةِ

ومُشَاهَدَةِ هَذَا البِرِّ والإحْسَانِ والكَرَمِ

فَيَذْهَلُ عَنْ ذِكْرِ الخَطِيئَةِ

فَيَبْقَى مَعَ اللهِ سُبْحَانَهُ

وذَلِكَ أَنْفَعُ لَهُ مِنَ الاشْتِغَالِ بِجِنَايَتِهِ

وشُهُودِ ذُلِّ مَعْصِيَتِهِ

فَإنَّ الاشْتِغَالَ باللهِ والغَفْلَةَ عَمَّا سِوَاهُ:

هُوَ المَطْلَبُ الأَعْلَى

والمَقْصِدُ الأَسْنَى.

ولَا يُوجِدُ هذا نِسْيَانَ الخَطِيئَةِ مُطْلَقًا بَلْ في هَذِهِ الحَالِ

فإذا فَقَدَها فَلْيَرْجِعْ إلى مُطَالَعَةِ الخَطِيئَةِ

وذِكْرِ الجِنَايَةِ

ولِكُلِّ وَقْتٍ ومَقَامٍ عُبُودِيَّةٌ تَلِيقُ بِهِ.

2- ومِنْها: شُهُودُ حِلْمِ اللهِ سبحانه وتعالى في إمْهَالِ رَاكِبِ الخَطِيئَةِ

ولَوْ شَاءَ لَعَاجَلَهُ بالْعُقُوبَةِ

ولَكِنَّهُ (الحَلِيمُ) الذِي لا يَعْجَلُ

فَيُحْدِثُ له ذلك مَعْرِفَةَ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ باسْمِهِ (الحَلِيمِ)

ومُشَاهَدَة صِفَةِ "الحِلْمِ"

والتَّعَبُّدُ بهذا الاسْمِ

والحِكْمَةُ والمَصْلَحَةُ الحَاصِلَةُ مِنْ ذَلِكَ بِتَوَسُّطِ الذَّنْبِ: أَحَبُّ إلى اللهِ

وأَصْلَحُ للعَبْدِ

وأَنْفَعُ مِنْ فَوْتِها

ووجُودُ المَلْزُومِ بِدُونِ لازِمِهِ مُمْتَنِعٌ.

3- ومِنْها: مَعْرِفَةُ العَبْدِ كَرَمَ رَبِّهِ في قَبُولِ العُذْرِ مِنْهُ إذا اعْتَذَرَ إليهِ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الاعْتِذَارِ

لَا بِالْقَدْرِ! فَإنَّهُ مُخَاصَمَةٌ ومَحَاجَّةٌ، كَمَا تَقَدَّمَ

فَيَقْبَلُ عُذْرَهُ بِكَرَمِهِ وجُودِهِ

فَيُوجِبُ لَهُ ذلك اشْتِغَالًا بِذِكْرِهِ وشُكْرِهِ

ومَحَبَّةٍ أُخْرَى لَمْ تَكُنْ حَاصِلَةً لَهُ قَبْلَ ذلك

فَإنَّ مَحَبَّتَكَ لِمَنْ شَكَرَكَ عَلَى إحْسَانِكَ وجَازَاكَ بِهِ، ثُمَّ غَفَرَ لَكَ إسَاءَتَكَ ولَمْ يُؤَاخِذْكَ بها: أَضْعَافُ مَحَبَّتِكَ عَلَى شُكْرِ الإحْسَانِ وَحْدَهُ

والوَاقِعُ شَاهِدٌ بذلك

فَعُبُودِيَّةُ التَّوْبَةِ بَعْدَ الذَّنْبِ لَوْنٌ

وهَذَا لَوْنٌ آخَرُ.

4- ومِنْها: أَنْ يَشْهَدَ فَضْلَهُ في مَغْفِرَتِهِ

فإنَّ المَغْفِرَةَ فَضْلٌ مِنَ اللهِ

وإلَّا فَلَوْ أَخَذَكَ بِمَحْضِ حَقِّهِ كَانَ عَادِلًا مَحْمُودًا

وإنَّمَا عَفْوُهُ بِفَضْلِهِ لا باسْتِحْقَاقِكِ

فَيُوجِبُ لَكَ ذلك أَيْضًا شُكْرًا لَهُ ومَحَبَّةً

وإنَابَةً إليهِ

وفَرَحًا وابْتِهَاجًا به

ومَعْرِفَةً له باسْمِِ (الغَفَّارِ) ومُشَاهَدَةً لهَذِهِ الصِّفَةِ

وتَعَبُّدًا بمُقْتَضَاها

وذَلِكَ أَكْمَلُ في العُبُودِيَّةِ، والمَحَبَّةِ والمَعْرِفَةِ


مدارجُ السالكينَ (1/ 206).

5- اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى بَارٌّ بأَوْلِيَائِهِ، صَادِقٌ

قَدْ سَبَقَ أَنَّ مِنْ مَعانِي البر في اللغةِ: الصِّدْقُ

فيقالُ: بَرَّ في يمينهِ، أَيْ: صَدَقَ.


فِيمَا وَعَدَهم بِهِ مِنَ الأَجْرِ والثَّوابِ

﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ ﴾ [الأعراف: 44].

﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [الزمر: 74].

6- اللهُ جَلَّ شَأْنُه بَرٌّ يُحِبُّ البِرَّ ويَأْمُرُ بِهِ، ويُحِبُّ مَنْ يَتَخَلَّقُ بِهِ مِنْ عِبَادِهِ الأَبْرَارِ.

ومِنْ أَجْمَعِ الآياتِ التي ذَكَرَتْ أَعْمَالَ البِرِّ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى

وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177].

وأَثْنَى تَعَالَى عَلَى ابْنَي الخَالَةِ عِيسَى ويَحْيَى عليهما الصَّلَاةُ والسَّلَامُ بِبِرِّهما أَبَوَيْهما

فَقَالَ في وَصْفِ عِيسَى عَلَيهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ: ﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ﴾ [مريم: 32]

وفي وَصْفِ يَحْيَى عَلَيهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ: ﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا ﴾ [مريم: 14].

وجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كُلَّ الأَخْلَاقِ الفَاضِلَةِ الحَسَنَةِ مِنَ البِرِّ

فَعَنِ النَّواسِ بنِ سَمْعَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن البِرِّ والإثْمِ؟

فَقَالَ: "البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ، والإثمُ ما حَاكَ في صَدْرِكَ وكَرِهْتَ أن يَطَّلِعَ عَلَيهِ النَّاسُ"


أخرجه أحمدُ (4/ 182)

ومسلمٌ في البرِّ والصِّلة (4/ 1980)

والترمذيُّ (4/ 2389)

والدارمِيُّ (2/ 322)

من ثلاثِ طُرُقٍ، عنْ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ، عَنْ عبدِ الرحمنِ بنِ جبيرٍ بنِ نفيرٍ، عن أبيه، عن النواسِ؛ به.

وأخرجهُ الدارمِيُّ (2/ 322)

قَالَ: أخبرنا أبو المغيرةِ، ثنا صفوانُ هو ابنُ عمروٍ، حدثني يحيى بنُ جابرٍ القاضي، عن النواسِ؛ بنحوِهِ، ويحيى بنُ جابرٍ ثِقَةٌ، لَكِنَّ حَديثَهُ عنِ النواسِ مُرْسَلٌ، التهذيب.


7- لَنْ يَنَالَ العَبْدُ بِرَّ اللهِ تَعَالَى بهِ في الآخِرَةِ إلا باتِّبَاعِ ما يُفْضِي إلى برِّه ومَرْضَاتِهِ ورَحْمَتِهِ

قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 92].

وقَدْ فُسِّرَ (البِرَّ) في هذه الآيةِ بالجَنَّةِ، وثَوَابِ اللهِ تَعَالَى.

قَالَ قَتَادَةُ:

"لَنْ تَنَالُوا بِرَّ رَبِّكم حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا يُعْجِبُكم

ومِمَّا تَهْوَوْنُ مِنْ أَمْوَالِكم"


تفسير ابن جرير (3/ 246)

بسَند حسَن عنه.


وقَالَ ابنُ جَرِيرٍ:

"لَنْ تُدْرِكُوا أَيُّها المُؤْمِنُونَ (البِرَّ)، وهو البِرُّ مِنَ اللهِ الذي يَطْلُبُونَهُ مِنْهُ بِطَاعَتِهم إياه

وعِبَادَتِهم لَهُ

ويَرْجُونَهُ مِنْهُ

وذلك تَفَضُّلُهُ عَلَيهم بإدْخَالِهم جَنَّتَهُ

وصَرْفِ عَذَابِهِ عَنْهم

ولذلك قَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ: البِرُّ: الجَنَّةُ

لأنَّ بِرَّ الرَّبِّ بِعَبْدِهِ في الآخِرَةِ

وإكْرَامَهَ إياه بإدْخَالِهِ الجَنَّةَ"


تفسير ابن جرير (3/ 246)

وقِيلَ البِرُّ: التَّقْوَى

وقِيلَ: الطَّاعَةُ

وقِيلَ: الخَيْرُ الذي يُسْتَحَقُّ به الأَجْرُ...

وقَالَ القاضي أبو يعلى: لَمْ يُرِدْ نَفْيَ الأصلِ

وإنَّمَا نَفْيَ وُجودِ الكَمالِ

فكأنما قَالَ: لَنْ تَنَالُوا البِرَّ الكَامِلَ

زادُ المسيرِ لابنِ الجوزي (1/ 420).


ومِمَّا يَدْخُلُ في هذا المَعْنَى قَوْلُه صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ صِدِّيقًا

وإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ يَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ كَذَّابًا"


أخرجهُ البخاريُّ (10/ 507)

ومسلمُ في البرِّ والصلةِ (4/ 2012 - 2013)

عن منصورٍ، عن أبي وائلٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ، مرفوعًا؛ به.

ورواه مسلمٌ (4/ 2013)

عن الأعمشِ عن أبي وائلٍ عن ابنِ مسعودٍ مرفوعًا به.


قَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ:

"البِرُّ أَصْلُه التَّوَسُّعُ في فِعْلِ الخَيْرِ

وهو اسْمٌ جَامِعٌ للخَيْرَاتِ كُلِّها

ويُطْلَقُ عَلَى العَمَلِ الخَالِصِ الدَّائِمِ"


الفتحُ (10/ 508).

وقَوْلُه: "وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ"

: مِصْدَاقُهُ في كِتَابِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴾

قَالَه ابنُ بَطَّالٍ


الفتحُ (10/ 508).

8- "لا تَظُنَّ أَنَّ قَوْلَه تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ﴾ [الانفطار: 13، 14]

مُخْتَصٌّ بِيَوْمِ المَعَادِ

بَلْ هَؤُلَاءِ في نَعِيمٍ في دُورِهمُ الثَّلَاثَةِ

وهَؤُلَاءِ في جَحِيمٍ في دُورِهمُ الثَّلَاثَةِ.

وأَيُّ لَذَّةٍ وأَيُّ نَعِيمٍ في الدُّنْيَا أَطْيَبُ مِنْ بِرِّ القَلْبِ، وسَلَامَةِ الصَّدْرِ

ومَعْرِفَةِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وتَعَالَى ومَحَبَّتِهِ

والعَمَلِ عَلَى مُوَافَقَتِهِ؟

وهَلِ العَيْشُ في الحَقِيقَةِ إلا عَيْشُ القَلْبِ السَّلِيمِ؟ وقَدْ أَثْنَى اللهُ عَلَى خَلِيلِهِ

بِسَلَامَةِ قَلْبِهِ فَقَالَ: ﴿ وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الصافات: 83، 84].

وقَالَ حَاكِيًا عَنْهُ أَنَّه قَالَ: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]

والقَلْبُ السَّلِيمُ هو الذي سَلِمَ مِنَ الشِّرْكِ والغِلِّ والحِقْدِ والحَسَدِ والشُّحِّ والكِبْرِ

وحُبِّ الدُّنْيَا والرِّيَاسَةِ، فَسَلِمَ مِنْ كُلِّ آفَةٍ تُبْعِدُهُ مِنَ اللهِ

وسَلِمَ مِنْ كُلِّ شُبْهَةٍ تُعَارِضُ خَبَرَهُ

ومِنْ كُلِّ شَهْوَةٍ تُعَارِضُ أَمْرَهُ

وسَلِمَ مِنْ كُلِّ إرَادَةٍ تُزَاحِمُ مُرَادَهُ

وسَلِمَ مِنْ كُلِّ قَاطِعٍ يَقْطَعُ عنِ اللهِ.

فَهَذَا القَلْبُ السَّلِيمُ في جَنَّةٍ مُعَجَّلَةٍ في الدُّنْيَا

وفي جَنَّةٍ في البَرْزَخِ

وفي جَنَّةٍ يَوْمِ المَعَادِ"


الداء والدواء (ص: 178 - 179) لابن القيم.

9- ومِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الإحْسَانِ والبِرِّ: أَنْ يُحْسِنَ إلى مَنْ أَسَاءَ

ويَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَ، ويَغْفِرَ لِمَنْ أَذْنَبَ

ويَتُوبَ عَلَى مَنْ تَابَ إليهِ

ويَقْبَلُ عُذْرَ مَنِ اعْتَذَرَ إليهِ

وقَدْ نَابَ عِبَادُهُ إلى هذِهِ الشِّيَمِ الفَاضِلَةِ والأفْعَالِ الحَمِيدَةِ وهو أَوْلَى بها منهم وأَحَقُّ

وَكَانَ لَهُ في تَقْدِيرِ أَسْبَابِها مِنَ الحِكَمِ والعَواقِبِ الحَمِيدَةِ مَا يُبْهِرُ العُقُولَ فَسُبْحَانَهُ وبِحَمْدِهِ.

وحَكَى بَعْضُ العَارِفِينَ أَنَّهُ قَالَ: "طُفْتُ في لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ شَدِيدَةِ الظُّلْمَةِ وقَدْ خَلَا الطَّوَافُ وطَافَ بي هَاتِفٌ أَنْتَ تَسْأَلُنِي العِصْمَةَ وكُلُّ عِبَادِي يَسْأَلُونَنِي العِصْمَةَ فإذا عَصَمْتُهم فَعَلَى مَنْ أَتَفَضَّلُ ولِمَنْ أَغْفِرُ؟

قَالَ: فَبَقِيتُ لَيْلَتِي إلى الصَّبَاحِ أَسْتَغْفِرُ اللهَ حَيَاءً مِنْهُ"، هذا ولو شَاءَ اللهُ عز وجل أَلَّا يُعْصَى في الأَرْضِ طَرْفَةَ عَيْنٍ لَمْ يُعْصَ

ولَكِنِ اقْتَضَتْ مَشِيئَتُهُ مَا هو مُوجِبٌ حِكْمَته سُبْحَانَهُ، فَمَنْ أَجْهَلُ باللهِ مِمَّنْ يَقُولُ أَنَّهُ يُعْصَى قَسْرًا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ ومَشِيئَتِهِ سبحانه وتعالى سبحانه عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا


مفتاحُ دارِ السعادةِ (ص: 497).

10- بَيَانُ مَا اخْتَصَّ اللهُ بِهِ الإنْسَانَ مِنْ أَنْوَاعِ البِرِّ وصُنُوفِ الكَرَامَاتِ:

قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70]

فَسُبْحَانَ مَنْ أَلبَسَهُ خِلَعَ الكَرَامَةِ كُلِّها مِنَ العَقْلِ والعِلْمِ والبَيَانِ والنُّطْقِ

والشَّكْلِ والصُّورَةِ الحَسَنَةِ والهَيْئَةِ الشَّرِيفَةِ والقَدِّ المُعْتَدِلِ

واكْتِسَابِ العُلُومِ بالاسْتِدْلَالِ والفِكْرِ

واقْتِنَاصِ الأَخْلَاقِ الشَّرِيفَةِ الفَاضِلَةِ مِنَ البِرِّ والطَّاعَةِ والانْقِيَادِ

فَكَمْ بَيْنَ حَالِهِ وهو نُطُفَةٌ في دَاخِلِ الرَّحِمِ مُسْتَوْدَعٌ هُنَاكَ وبَيْنَ حَالِهِ والمَلَكُ يَدْخُلُ عَلَيهِ في جَنَّاتِ عَدْنٍ؛ ﴿ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ [المؤمنون: 14]

فالدُّنْيَا قَريَةٌ، والمُؤْمِنُ رَئيسُها

والكُلُّ مَشْغُولٌ بِهِ، سَاعٍ في مَصَالِحِهِ، والكُلُّ قَدْ أُقِيمَ في خِدْمَتِهِ وحَوَائِجِهِ

فَالمَلَائِكَةُ الذين هُمْ حَمَلَةُ عَرْشِ الرَّحْمَنِ ومَنْ حَوْلَه يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ

والمَلَائِكَةُ المُوَكَّلُونَ بِهِ يَحْفَظُونَهُ

والمُوَكَّلُونَ بِالقَطْرِ والنَّبَاتِ يَسْعَونَ في رِزْقِهِ ويَعْمَلُون فِيهِ

والأَفْلَاكُ سُخِّرَتْ مُنْقَادَةً دَائِرَةً بِمَا فِيهِ مَصَالِحُهُ

والشَّمْسُ والقَمَرُ والنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ جَارِيَاتٌ بِحِسَابِ أَزْمِنَتِهِ وأَوْقَاتِهِ

وإصْلَاحِ رَوَاتِبِ أَقْوَاتِهِ

والعَالَمُ الجَوِّيُّ مُسَخَّرٌ لَهُ بِرِيَاحِهِ وهَوَائِهِ وسَحَابِهِ وطَيْرِهِ

ومَا أَوْدَعَ فِيهِ

والعَالَمُ السُّفْلِيُّ كُلُّهُ مُسَخَّرٌ لَه مَخْلُوقٌ لِمَصَالِحِهِ أَرْضُهُ وجِبَالُهُ وبِحَارُهُ وأَنْهَارُهُ وأَشْجَارُهُ وثِمَارُهُ ونَبَاتُهُ وحَيَوَانُهُ وكُلُّ ما فِيهِ،

كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ ﴾ [الجاثية: 12]

إلى قَوْلِهِ: ﴿ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 13].

وقَالَ تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ ﴾ [إبراهيم: 32]

إلى قَوْلِهِ: ﴿ كَفَّارٌ ﴾ [إبراهيم: 34]

فَالسَّائِرُ في مَعْرِفَةِ آلاءِ اللهِ

وتَأَمُّلِ حِكْمَتِهِ

وبَدِيعِ صِفَاتِهِ أَطْوَلُ بَاعًا

وأَمْلَأُ صُوَاعًا مِن اللصِيقِ بِمَكَانِهِ

المُقِيمِ في بَلَدِ عَادَتِهِ وطَبْعِهِ

رَاضِيًا بَعَيْشِ بني جِنْسِهِ

لا يَرْضَى لِنَفْسِهِ إلا أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا مِنْهم

يَقُولُ لي أُسْوَةٌ بهم:

وَهَلْ أنا إلا مِنْ رَبِيعَةَ أو مُضَرْ

ولَيْسَ نَفَائِسُ البَضَائِعِ إلا لمَنِ امْتَطَى غَارِبَ الاغْتِرَابِ

وطَوَّفَ في الآفَاقِ حَتَّى رَضِيَ مِنَ الغَنِيمَةِ بالإيَابِ، فاسْتَلَانَ مَا اسْتَوْعَرَهُ البَطَّالُونَ

وأَنِسَ بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الجَاهِلُونَ


مفتاحُ دارِ السعادةِ (ص: 459).









رد مع اقتباس
قديم 2020-01-15, 10:28   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
aza5978
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 21:32

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc