السلام عليكم
لقد سرني قراءة رديك الاخرين بقدر ما اشعرني بحمل قد لا أقدر عليه , فانا في نهاية الامر مجرد باحث عن الحقيقة , أقوم ببناء تصورات في ذهني ثم اهدمها لابني ما يبدو لي انه اكثر ثباتا , و تواجدي هنا هو لأنتفع من الغير و لأنفع إن كان في كلامي ما ينفع عن قصد أو دون قصد ... كما سرني أيضا جدا امر النخلة . و بمناسبة النخلة و حديثك عن التشجير يذكرني إهتمامك بالنباتات بحديثين جميلين . الاول حديث "الإيمان بضع و سبعون شعبة أفضلها قول لا إله إلا الله و ادناها إماطة الاذى عن الطريق و الحياء شعبة من الإيمان" و ما فيه من ترجمة عملية للإيمان من سلوك حضاري . فالإيمان الحق في نظري سلوك عملي قبل أن يكون مظهرا او اقوالا و جدلا مذهبيا في تفاصيل غير ضرورية . و التوحيد الحق هو إيمان بعدالة الله و تتحرر الإنسان من العبودية لغير الخالق تحررا عمليا يجعله يقف في وجه المستكبرين إلى جانب المستضعفين و المظلومين و المحتاجين . لهذا السبب لا أفضل التشعب في الحديث عن العقيدة . بل اعتقد اننا حولنا العقيدة إلى مجرد معلومات نقدسها و لا فائدة منها كأشراط الساعة و التفاصيل التي سكت عنها القرآن و نصر نحن على جعلها جزء من الدين يكفر من ينكره . و الحديث الآخر يصب في نفس المعنى حسب فهمي "إذا قامت الساعة و في يد احدكم فسيلة فليغرسها" لهذا أعتقد أن الذي يعتني بالبيئة و المحيط اكثر إيمانا من غيره و أقرب للإستقامة ممن يتعبد الله بمعاداة الناس و إدانتهم و ممن يعبد العقيدة و ليس ما تدعو إليه العقيدة . بل لو دققنا في الامر فسنجد أن مصطلح عقيدة نفسه لا وجود له في القرآن و السنة إطلاقا , بل الموجود هو لفظ الإيمان . و ما يهمني هو الإيمان الذي يترجم إلى عمل . لذا فلا تهمني تفاصيل ما يسمونه بالعقيدة مهما احيطت بهالات القداسة مهما شددوا على منكرها , الإيمان الحق كما افهمه يورث لينا في القلب و رحمة للضعفاء و الضالين كما يعلمنا حديث المرأة التي سقت كلبا , و شجاعة و ثباتا على الحق في وجه المتكبرين و الظلمة كما يعلمنا حديث قول كلمة الحق في وجه سلطان جائر . اما اصحاب الإيمان القائم على عبادة العقائد فيورث تعصبا و قساوة و عنفا و غلظة و إستقواء على الضعيف و سكوتا على المتكبر و الظالم و المفسد و الجائر . و لهذا إذا كان الكثيرون يرون في موقفهم من كاشغري غيرة على الدين و على الرسول فانا أراها أغلبها غيرة زائفة و مزايدة و نفاقا . لأن من قرأ سيرة الرسول و عقلها سيدرك قطعا أن الرسول الرحيم لم يكن ليزكي ما يفعلون ... و هذه القناعات كافر معتنقها في نظر كثير منهم . لكنني لا أهتم كثيرا لذلك . يهمني فقط ان ألقى الله و أنا صادق مع نفسي . و في نفسي الكثير لاقوله تعقيبا على الردين , لكن إنشغالي حاليا يمنعني من الإستفاضة . لكن لي عودة لاكمل معك قريبا . بارك الله فيك و حفظ لك ابنائك . خاصة إحاثي المستقبل "إذا صح التعبير" .