معني اسم الله تعالى الحميد
الدَّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاِسْمِ (الحَمِيدِ
أسماء الله الحسنى للرضواني (2/ 78 - 89).
الحَمِيدُ فِي اللَّغَةِ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ بِمَعْنَى اسْمِ المَفْعُولِ
وَهُوَ المَحْمُودُ
فِعْلُهُ حَمِدَ يَحْمَدُ حَمْدًا
وَالحَمْدُ نَقِيضُ الذَّمِّ بِمَعْنَى الشُّكْرِ وَالثَّنَاءِ
وَهُوَ المُكَافَأةُ عَلَى العَمَلِ.
وَالحَمْدُ وَالشُّكْرُ مُتَقَارِبَانِ؛ لِكِنَّ الحَمْدَ أَعَمُّ مِنَ الشُّكْرِ
لِأَنَّكَ تَحْمَدُ الإِنْسَانَ عَلَى صِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ
وَعَلَى عَطَائِهِ
وَلَا تَشْكُرُهُ عَلَى صِفَاتِهِ
لسان العرب (3/ 156)
وتفسير الطبري (13/ 179)
وبصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي (2/ 499)
تحقيق محمد علي النجار المكتبة العلمية
وفتح الباري (8/ 351).
قَالَ الرَّاغِبُ:
"الحَمْدُ أَخَصُّ مِنَ المَدْحِ، وَأَعَمُّ مِنَ الشُّكْرِ
فَإِنَّ المَدْحَ يُقَالُ فِيمَا يَكُونُ مِنَ الإِنْسَانِ بِاخْتِيَارِهِ
وَمَا يُقَالُ مِنْهُ وَفِيهِ بِالتَّسْخِيرِ
فَقَدْ يُمْدَحُ الإِنْسَانُ بِطُولِ قَامَتِهِ وَصَبَاحَةِ وَجْهِهِ
كَمَا يُمْدَحُ بِبَذْلِ مَالِهِ وَسَخَائِهِ وَعِلْمِهِ
وَالحَمْدُ يَكُونُ فِي الثَّانِي دُونَ الأَوَّلِ
وَالشُّكْرُ لَا يُقَالُ إِلَّا فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ، فَكُلُّ شُكْرٍ حَمْدٌ
وَلَيْسَ كُلُّ حَمْدٍ شُكْرًا
وَكُلُّ حَمْدٍ مَدْحٌ وَلَيْسَ كُلُّ مَدْحٍ حَمْدًا
وَيُقَالُ فُلَانٌ مَحْمُودٌ إِذَا حُمِدَ
وَمُحَمَّدٌ إِذَا كَثُرَتْ خِصَالُهُ المَحْمُودَةُ"
المفردات (ص: 256).
وَالحَمِيدُ سُبْحَانَهُ هُوَ المُسْتَحِقُّ لِلْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ
حَمِدَ نَفْسَهُ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]
فَهُوَ سُبْحَانَهُ المَحْمُودُ عَلَى مَا خَلَقَ وَشَرَعَ
وَوَهَبَ وَنَزَعَ
وَضَرَّ وَنَفَعَ
وَأَعْطَى وَمَنَعَ
وَعَلَا بِذَاتِهِ وَشَأْنِهِ فَارْتَفَعَ
وَأَمْسَكَ السَّمَاءَ عَنِ الأَرْضِ أَنْ تَقَعَ
وَفَرَشَ الأَرْضَ فَانْبَسَطَ سَهْلُهَا وَاتَّسَعَ
حَمِدَ نَفْسَهُ
وَحَمِدَهُ المُوَحِّدُونَ
فَلَهُ الحَمْدُ كُلُّهُ.
قَالَ ابْنُ القَيِّمِ:
"الحَمْدُ كُلُّهُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ... فَإِنَّهُ المَحْمُودُ عَلَى مَا خَلَقَهُ وَأَمَرَ بِهِ وَنَهَى عَنْهُ، فَهُوَ المَحْمُودُ عَلَى طَاعَاتِ العِبَادِ وَمَعَاصِيهِم وَإِيمَانِهِم وَكُفْرِهِم
وَهُوَ المَحْمُودُ عَلَى خَلْقِ الأَبْرَارِ وَالفُجَّارِ وَالمَلَائِكَةِ وَعَلَى خَلْقِ الرُّسُلِ وَأَعْدَائِهِم، وَهُوَ المَحْمُودُ عَلَى عَدْلِهِ فِي أَعْدَائِهِ كَمَا هُوَ المَحْمُودُ عَلَى فَضْلِهِ وَإِنْعَامِهِ عَلَى أَوْلِيَائِهِ
فَكُلُّ ذَرَّةٍ مِنْ ذَرَّاتِ الكَوْنِ شَاهِدَةٌ بِحَمْدِهِ، وَلِهَذَا سَبَّحَ بِحَمْدِهِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَإِنْ مِنْ شَيءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ"
طريق الهجرتين (ص: 192).
وَرَوَى البُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ: "اللَّهُمَّ لَكَ الْحِمْدُ؛ أَنْتَ قَيَّمُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ؛ لَكَ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ
وَلَكَ الْحَمْدُ؛ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ؛ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ... الحَدِيثَ"
الطبري (15/ 144)
القرطبي (10/ 309).
وَكَذَلِكَ فَإِنَّ اللهَ عز وجل هُوَ الحَمِيدُ الذِي يَحْمَدُهُ عِبَادُهُ المُوَحِّدُونَ؛ لِأَنَّهُم يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ الدُّنْيَا لِلابْتِلَاءِ، وَخَلَقَ الآخِرَةَ لِلْجَزَاءِ
فَهُم يَحْمَدُونَهُ عَلَى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَيُوَحِّدُونَهُ فِي العِبَادَةِ وَالاسْتِعَانَةِ وَالدُّعَاءِ، حَتَّى يُكْرِمَهُم بِجِنَّتِهِ عِنْدَ اللِّقَاءِ، فَإِنِ ابْتَلَاهُم صَبَرُوا
وَإِنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِم شَكَرُوا، وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى فِي وَصْفِهِم: ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾ [الأعراف: 43]
وَقَالَ أَيْضًا: ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 34]
الاعتقاد للبيهقي (62).
قَالَ ابْنُ القَيِّمِ فِي نُونِيَّتِهِ:
وَهُوَ الحَمِيدُ فَكُلُّ حَمْدٍ وَاقِعٍ
أَوْ كَانَ مَفرُوضًا مَدَى الأَزْمَانِ
مَلَأَ الوُجُودَ جَمِيعُهُ وَنَظِيرُهُ
مِنْ غَيْرِ مَا عَدٍّ وَلَا حُسْبَانِ
هُوَ أَهْلُهُ سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ
كُلُّ المَحَامِدِ وَصْفُ ذِي الإِحْسَانِ
نونية ابن القيم (2/ 215).