"لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى" . من آفات التخلف أن المتخلف يسعى للبحث عن ابسط عيوب من هو أفضل منه ليحاول تضخيمها لكي يشعر ببعض الرضا عن النفس , و ما تفعله يا سيد جمال هو نوع من الكذب على النفس الذي نمارسه لكي نبدو جميلين في أعيننا , و لهذا أجدك تصور الغرب و كأنه الجحيم و ان المسلمين يعيشون فيه عيشة ضنك و مشقة و عسر و ذل , و لست من انصار الهجرة لا ممن يعتقدون اننا لا نستطيع ان نكون مثلهم بل أفضل منهم لكن إذا كنا مخلصين في رغبتنا في تجاوز تخلفنا الرهيب فيجب ان نتجاوز حالة الإنكار و تشويه الوعي و الهروب من الحقائق الساطعة إلى الخيالات و الاوهام .
إن الغرب الكافر أكثر تقدما و اكثر احتراما للانسان من عالمنا الاسلامي . و المواطن هناك ياخذ حقوقه كاملة حسب القانون لا فرق في ذلك بين مسلم و كافر , بل قوانينهم تسمح للمسلم ان يكون وزيرا و نائبا و رئيسا و تسمح للمسلمين ان ينشئوا جمعيات دينية و مساجد و لا يمنعونهم من الدعوة لدينهم . اما الحال لدينا فلا يخفى من تضييق على المخالفين مسلمين كانوا او غير مسلمين . و الامثلة عن المستوى الكبير من العدالة و الحرية التي تميز المجتمعات المتقدمة لا تعد و لا تحصى و لكن عين السخط تبدي المساوئ و تضخمها .
نحن المسلمون الذين سيطر علينا الخطاب السلفي نأكل ما زرعته ايديهم و نلبس ما نسجته ماكناتهم و بدل ان يكون تقدمهم حافزا لنا للتعلم منهم تجدنا ندعو الله في كل جمعة ان يخسف بهم الارض و يزلزلها من تحتهم و أن يدمرهم و أن يرينا فيهم يوما اسود , هذا ما اوصلنا إليه الخطاب السلفي , هم يعملون و ينتجون و يبدعون و يفيدون انفسهم و غيرهم و نحن ندعو عليهم و ندعو لبغضهم و كراهيتهم ثم بعد ذلك نريدهم ان يدخلوا في ديننا .
اسمح لي أن اقدم مثالا لتوضيح وجهة نظري بشكل افضل : يحدث أحيانا في اوروبا أن نقوم جماعات اليمين المتطرف و تحت جنح الظلام بتشويه مقابر المسلمين أو اليهود و كتابة عبارات عنصرية عليها . لكن الإعلام هناك يقوم بتغطية الحدث و يؤدي الامر دوما إلى تنديد مختلف اطياف المجتمع بهذه الممارسات و يعاقب القانون بشدة كل من ثبت تورطه فيها . و مع ذلك الكثير من امثالك يقيمون الدنيا و لا يقعدونا احتجاجا على هذا العدوان السافر و يرون في الامر دلالة على همجية الغرب و حقدهم و عنصريتهم . و الآن أرجو منك أن تشاهد الفيديو على الرابط ادناه و تجيبني , ما يمكنك ان تستنتجه منه , و اهم من ذلك لماذا لا تقوم صحافتنا بتغطية مثل هذه الاحداث , لماذا لا نسمع عنها و لا نسمع عن أي إدانة لها من طرف صحفيينا و سياسيينا ناهيك عن شيوخنا . نحن الذين نتهم الغرب بالكيل بمكيالين لماذا نقوم بنفس الشيء ؟ لماذا تنظر للقشة في عين أخيك و تترك الخشبة التي في عينك ؟ إن هذا الوضع المزري لن يتغير مادمنا نتعامى على فضائحنا و تخلفنا و بؤسنا و نرى انفسنا خير من الاخرين , و ما لم نغير نظرتنا للامور و نعزم على تغيير حالنا المشين فلن يفيدنا نفعا أن ننسب امراضنا و مشاكلنا و خيبتنا لليهود و النصارى و الماسونية و سكان المريخ و زحل
https://www.youtube.com/watch?v=sbK5O...&feature=share