[align=justify]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مرة ثانية
ذكر لنا أخي حميد العديد من النصوص القرآنية والأحدايث النبوية في بيان حرمة عرض المسلم وتحريم غبيته ولكن هناك سؤال مطروح هل من استثناء لحالات يجوز فيها ذكر المسلم ورد خطأه وبيان منهجه ؟
والجواب يكون بما يأتي :
قال النووي رحمه الله في "رياض الصالحين : "باب ما يباح من الغيبة":
اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي، لا يمكن الوصول إليه إلا بها، وهو ستة أسباب :
الأول: التظلم:
فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان والقاضي وغيرهما ممن له ولاية أو قدرة على إنصافه من ظالمه، فيقول: ظلمني فلان كذا.
الثاني: الاستعانة على تغيير المنكر ورد العاصي إلى الصواب: فيقول لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر: فلان يعمل كذا، فازجره عنه، ونحو ذلك، ويكون مقصوده التوصل إلى إزالة المنكر، فإن لم يقصد ذلك، كان حراما.
الثالث: الاستفتاء:
فيقول للمفتي: ظلمني أبي أو أخي أو زوجي أو فلان بكذا، فهل له ذلك؟ وما طريقي في الخلاص منه، وتحصيل حقي، ودفع الظلم؟ ونحو ذلك، فهذا جائز للحاجة، ولكن الأحوط والأفضل أن يقول: ما تقول في رجل أو شخص أو زوج كان من أمره كذا؟ فإنه يحصل به الغرض من غير تعيين ومع ذلك فالتعيين جائز كما سنذكره في حديث هند إن شاء الله تعالى.
الرابع: تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم:
وذلك من وجوه:
1- منها: جرح المجروحين من الرواة والشهود، وذلك جائز بإجماع المسلمين، بل واجب للحاجة.
2- ومنها: المشاورة في مصاهرة إنسان، أو مشاركته، أو إيداعه، أو معاملته، أو غير ذلك، أو مجاورته، ويجب على المشاور أنه لا يخفي حاله، بل يذكر المساوىء التي فيه بنية النصيحة
3- ومنها: إذا رأى متفقها يتردد إلى مبتدع أو فاسق يأخذ عنه العلم، وخاف أن يتضرر المتفقه بذلك، فعليه نصيحته، ببيان حاله، بشرط أن يقصد النصيحة، وهذا مما يغلط فيه، وقد يحمل المتكلم بذلك الحسد، ويلبس الشيطان عليه ذلك، ويخيل إليه أنه نصيحة، فليتفطن لذلك.
ومنها أن يكون له ولاية لا يقوم بها على وجهها، إما أن لا يكون صالحا لها، وإما أن يكون فاسقا ومغفلا ونحو ذلك، فيجب ذكر ذلك لمن له عليه ولاية عامة، ليزيله ويولي من يصلح أو يعلم ذلك منه، ليعامله بمقتضى حاله، ولا يغتر به، وأن يسعى في أن يحثه على الاستقامة أو يستبدل به
الخامس: أن يكون مجاهراً بفسقه أو بدعته:
كالمجاهر بشرب الخمر، ومصادرة الناس، وأخذ المكس، وجباية الأموال ظلما، وتولي الأمور الباطلة، فيجوز ذكره بما يجاهر به، ويحرم ذكره بغيره من العيوب، إلا أن يكون لجوازه سبب آخر مما ذكرنا.
السادس: التعر يف:
فإن كان الإنسان معروفا بلقب - كالأعمش والأعرج والأصم والأعمى والأحول وغيرهم- ؟ جاز تعريفهم بذلك، ويحرم إطلاقه على وجه التنقيص، ولو أمكن تعريفه بغير ذلك، كان أولى.
فهذه ستة أسباب ذكرها العلماء، وأكثرها مجمع عليها، دلائلها من الأحاديث الصحيحة المشهورة" اهـ.
وقد نظمها بعض العلماء في قوله:
[align=center]القدح ليس بغيبة في ستة (***) متظلم ومعرف ومحذر
ومجاهر فسقا ومستفت ومن (***) طلب إلاعانة في إزالة منكر [/align]
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى: "اعلم أن ذكر الإنسان بما يكره محرم إذا كان المقصود منه مجرد الذم والعيب والنقص.
فأما إن كان فيه مصلحة لعامة المسلمين أو خاصة لبعضهم، وكان المقصود منه تحصيل تلك المصلحة، فليس بمحرم، بل مندوب إليه.
وقد قرر علماء الحديث هذا في كتبهم في الجرح والتعديل، وذكروا الفرق بين جرح الرواة وبين الغيبة، وردوا على من سوى بينهما من المتعبدين وغيرهم ممن لا يتسع علمه ولا فرق بين الطعن في رواة ألفاظ الحديث ولا التمييز بين من تقبل روايته منهم ومن لا تقبل، وبين تبيين خطأ من أخطأ في فهم معاني الكتاب والسنة، وتأول شيئا منها على غير تأويله، وتمسك بما لا يتمسك به، ليحذر من الاقتداء به فيما أخطأ فيه.
وقد أجمع العلماء على جواز ذلك أيضا، ولهذا نجد في كتبهم المصنفة في أنواع العلوم الشرعية من التفسير، وشروح الحديث، والفقه، واختلاف العلماء، وغير ذلك، ممتلئة من المناظرات، وردوا أقوال من تضعف أقواله من أئمة السلف والخلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
ولم يترك ذلك أحد من أهل العلم، ولا ادعى فيه طعنا على من رد عليه قوله، ولا ذما، ولا نقصا... اللهم إلا أن يكون المصنف ممن يفحش في الكلام، ويسيء الأدب في العبارة، فينكر عليه فحاشته وإساءته، دون أصل رده ومخالفته إقامة بالحجج الشرعية، والأدلة المعتبرة.
وسبب ذلك أن علماء الدين كلهم مجمعون على قصد إظهار الحق الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمته هي العليا، وكلهم معترفون بأن الإحاطة بالعلم كله من غير شذوذ شيء منه ليس هو مرتبة أحد منهم، ولا ادعاه أحد من المتقدمين ولا من المتأخرين، فلهذا كان أئمة السلف المجمع على علمهم وفضلهم يقبلون الحق ممن أورده عليهم، وإن كان صغيرا، ويوصون أصحابهم وأتباعهم بقبول الحق إذا ظهر في غير قولهم" اهـ.
وبهذا يبتين أن اخي حميد حفظه الله تعالى قد ذكر لنا جانب وهو مشكور عليه وبهذا النقل يزيد موضوعه قوة ويتبين أن ماذكره له إستثناءات وقد ذكرتها لكم .
وهنا يذكرني قولهم :" زلة العَاِلمِ زلة العَالَمْ " فالخطأ يرد على صاحبه كائنا من كان وخاصة إذا صدر الخطأ من العالم فيبين الخطأ مع حفظ كرامة العالم هذا إذا كان العالم على منهج السلف وكان على منهج أهل السنة أما إذا كان عالم بدعة فتبين بدعته ويرد خطأه.
قلت يبين خطأ العالم لكي لا يتابعه عليه الناس فيقعون في الضلال بسبب متابعتهم لخطأه اعتقادا منهم أنه الحق فإذا بُيٌِنَ الخطأ سلم للناس دينهم وحفظ بذلك الدين .
وبهذا يتبين لكم أحبتي أن أخي حميد حفظه الله تعالى وجزاه الله خيرا وضح لنا الأمر ولكن بنوع من الإختصار هذا فيما يتعلق بأمر الغيبة أما أمر الفرق التي ذكرها وأنها كلها سلفية فهذا غلط منه بارك الله فيه ولو أنه تتبع كلام العلماء في بيان حال هذه الفرق وقرأ كتبهم لتبين له ذلك ولعلي أتتم موضوعي ببيان ذلك والله الهادي والموفق إلى سبيل الرشاد.[/align]