الجهة,المكان,الحد,الحيز ,وخزعبلات أخرى هنا تفنيدها - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد > أرشيف قسم العقيدة و التوحيد

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الجهة,المكان,الحد,الحيز ,وخزعبلات أخرى هنا تفنيدها

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-09-26, 14:41   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
مراد_2009
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
و لكنك لم تجب بعد على أقوال بن تيمية

قد أجبنا على هذه الشبهة و لله الحمد و المنة



https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=384982


اقتباس:

والأمرُ الثاني : أن رواية أين الله مخالفةٌ للأصولِ لأنَّ من أصولِ الشريعةِ أن الشخصَ لا يُحكَمُ له بقولِ "الله في السماءِ" بالإسلامِ لأنَّ هذا القولَ مشتَركٌ بين اليهودِ والنّصارى وغيرِهم وإنّما الأصلُ المعروفُ في شريعةِ الله ما جَاءَ في الحديثِ المتواتر: " أمرتُ أن أقاتلَ النَّاسَ حتّى يشهَدُوا أن لا إلهَ إلا الله وأنّي رسولُ الله "

الشرح: حديثُ الجاريةِ مضطربٌ سندا ومتنا لا يصح عن رسول الله، ولا يليق برسول الله أن يقال عنه إنه حكَم على الجارية السّوداء بالإسلام لِمجردِ قولها الله في السماء، فإن من أراد الدخول في الإسلام يدخل فيه بالنّطق بالشهادتين وليس بقول الله في السماء. أما المشبهة فقد حملوا حديث الجارية على غير مراد الرسول. والمعنى الحقيقيُّ لِهذا الحديث عند من اعتبره صحيحًا لا يخالفُ تنزيهَ الله عن المكان والحدّ والأعضاء. وقد ورَد هذا الحديث بعدَّة ألفاظ منها أن رجلا جاء فقال: يا رسول الله إن لي جارية ترعى لي غنما فجاء ذاتَ يوم ذئبٌ فأكلَ شاة فغضبت فَصككتها – أي ضربتها على وجههَا – قال : أريدُ أن أُعتقها إن كانت مؤمنة فقال : " ائتني بِها "، فَأتى بها فقال لها الرسول : " أين الله "، ومعناه ما اعتقادك في الله من التَّعظيم ومن العلوّ ورفعَة القدر، لأن أين تأتي للسؤال عن المكان وهو الأكثر وتأتي للسّؤال عن القدْر.
وأما قول الجارية: " في السماء"، وفي رواية : "فأشارت إلى السماء"، أرادت به أنه رفيع القدر جدًّا، وقد فَهِم الرسول ذلك من كلامها أي على تقدير صحة تلك الرواية. أي هذا عند من صحح هذا الحديث من أهل السنة.



تلقون الكلام جزافا

أين النقد الحديثي للسند

هذا ليس فنكم و مهنتكم

تمتع بالنقد الحديثي لأمير الحديث في هذا الزمان الشيخ ناصر الدين الألباني


اقتباس:
هذه عدة بحوث للإمام الألباني حول هذا الحديث العظيم الذي كان وسيكون شوكة في حلوق النفات لعلو الله تعالى على خلقه :
قال العلامة الألباني رحمه الله في ( الإرواء ) ( 2/ 112) تحت حديث :
معاوية بن الحكم السلمي قال : " بينا أنا أصلي مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إذ عطس رجل من القوم " فقلت : يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت : واثكل أمياه ! ما شأنكم تنظرون إلي ؟ ! فجعلوا يضربون بأيدهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت فلما صلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ماكهرني ولا ضربني ولا شتمني قال : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن أو كما قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قلت : يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية وقد جاء الله بالاسلام وإن منا رجالا يأتون الكهان قال : فلا تأتهم قال : ومنا رجال يتطيرون قال : ذلك شئ يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم قال : قلت : ومنا رجال يخطون ؟ قال : كان نبي من الانبياء يخط فمن وافق خطه فذلك قال : وكانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوانية فأطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها وأنا رجل من بني آدم أسف كما يأسفون لكني صككتها صكة فأتيت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قلت يارسول الله أفلا اعتقها ( وفي رواية لو أعلم أنها مؤمنة لأعتقتها ) قال : ائتني بها فأتيته بها فقال لها : أين الله ؟ قالت : في السماء قال : من انا ؟ قالت : انت رسول الله قال : اعتقها فإنها مؤمنة . والسياق لمسلم والرواية الأخرى لأبي عوانة وفي روايته : " إن صلاتنا هذه لا يصلح . . . " إلخ مثل رواية المصنف وقد صرح يحيى بن أبي كثير بالتحديث في رواية لأحمد . وقد قال الذهبي في أول كتابه ( العلو ) :
( حديث صحيح رواه جماعة من الثقات عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية السلمي أخرجه مسلم وابو داود والنسائي وغير واحد من الائمة في تصانيفهم يمرونه كما جاء ولا يتعرضون له بتأويل ولا تحريف ) . قلت : يشير بذلك إلى قوله ( صلى الله عليه وسلم ) " للجارية : " اين الله " وقولها : " في السماء " . فإن هذا النص قاصمة ظهر المعطلين للصفات فإنك ما تكاد تسأل احدهم بسؤاله ( صلى الله عليه وسلم ) أين الله ؟ حتى يبادر إلى الإنكار عليك ! ولا يدري المسكين أنه ينكر على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أعاذنا الله من ذلك ومن علم الكلام ولذلك رأينا الهالك في الذب عن هذا العلم على حساب الطعن في الاحاديث الصحيحة الشيخ زاهد الكوثري يطعن في صحة هذا الحديث بالذات لا بحجة علمية بل بوساوس شيطانية مثل قوله : أن البخاري لم يخرجه في صحيحه ! وتارة يشكك في صحة هذه الجملة بالذات " أين الله " لا لشيئ إلا لأنها لم ترد خارج الصحيح وكل هذا ظاهر البطلان لا حاجة بنا إلى تسويد الورق لبيانه نسأل الله العصمة من الحمية الجاهلية والمذهبية ! ( تنبيه ) وقع فيما نقله شيخ الإسلام في كتاب الأيمان ( ص 150 طبع الأنصار ) عن الإمام أحمد ما يشعر بشذوذ وضعف قوله في هذا الحديث " فإنها مؤمنة " ولا وجه لذلك فإنها زيادة صحيحة وقد جاءت في غير هذا الحديث كما نبهت عليه فيما علقته على كتاب الإيمان طبع المكتب الإسلامي ( ص 243 ) .
وقال في ( الصحيحة ) :
3161- (أعتقها؟ فإنها مؤمنة. يعني: الجارية التي شهدت بأن
الله في السماء)
1- أخرجه أبو داود (3/588/3283)، والنسائي (2/129)، والد ارمي (2/187)، وابن حبان في "صحيحه " (6/256/4296)، والبيهقي في "السنن " (7/388)، وأحمد (4/222 و 388 و389)، والبزار في " مسنده" (1/29/38/- الكشف)، والطبراني (7/383/7257) من طريق حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن الشريد بن سويد الثقفي قال:
قلت: يا رسول الله! إن أمي أوصت إلي أن أعتق عنها رقبة، وإن عندي جارية سوداء نوبية؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ادع بها"، فقال:
"من ربك ؟ "، قالت: الله، قال: "فمن أنا؟ "، قالت: رسول الله، قال:... فذكره.
قلت: وهذا إسناد حسن رجاله ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه أخرج لمحمد بن عمرو متابعة، وحماد بن سلمة في روايته عن غير ثابت البناني شيء من الضعف، وليس له رواية عن محمد بن عمرو- وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي- عند مسلم.
وقد خولف حماد في إسناده ومتنه ، فقال ابن خزيمة في "التوحيد" (ص 81) : حدثنا محمد بن يحيى القطعي قال: حدثنا زياد بن الربيع قال: ثنا محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة- رضي الله عنه-:
أن محمد بن الشريد جاء بخادم سوداء عتماء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إن أمي جعلت عليها عتق رقبة مؤمنة، فهل تجزي أن أعتق هذه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للخادم:
"من ربك ؟ ".
فرفعت برأسها فقالت: في السماء... ثم ذكر باقي الحديث مثله.
وهذا السند أصح؛ لأن زياد بن الربيع ثقة من رجال البخاري، لكن يبدو أن قوله : "محمد بن الشريد" وهم من بعض الرواة ؛ فإنه ليس له ذكر في "الصحابة"، وقد أورده الحافظ في القسم الرابع من "الإصابة" من رواية ابن منده وابن السكن والباوردي وابن شاهين؛ لكنه قال في روايته: " (جاء محمد بن الشريد أو الشريد بجارية) كذا عنده على الشك، وأخرجه أبو نعيم من رواية إبراهيم بن حرب العسكري عن القطعي (الأصل: القطيعي) مثله ؛ إلا أنه قال : (إن عمرو بن الشريد جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -...)، وصوب هذا الطريق، وكل ذلك غير محفوظ! والمحفوظ: ما أخرجه أبو داود، والنسائي، وصححه ابن حبان، من
طريق حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو... (فذكر الرواية الأولى)، ثم قال:
"قال ابن السكن: محمد بن الشريد ليس بمعروف في الصحابة، ولم أر له
ذكرا إلا في هذه الرواية".
وقد جاء الحديث من طريق أخرى عن أبي هريرة، ليس فيها تسمية الرجل، وهو من رواية المسعودي عن عون بن عبدالله عن أخيه عبيدالله بن عبدالله بن عتبة عن أبي هريرة:
أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بجارية سوداء أعجمية، فقال: يا رسول الله! إن علي
عتق رقبة مؤمنة، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أين الله؟ "، فأشارت إلى السماء بإصبعها السبابة، فقال لها: "من أنا؟ "، فأشارت بإصبعها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى السماء؛ أي : أنت رسول الله، فقال:
"أعتقها " فإنها مؤمنة ".
أخرجه أبو داود (3/588/ 3284)، وابن خزيمة أيضا، والبيهقي في "السنن " (7/388)، وأحمد (2/291)؛ كلهم من طريق يزيد بن هارون عنه.
قلت: ويزيد سمع من المسعودي- وهو عبدالرحمن بن عبدالله بن عتبة- بعد اختلاطه؛ كما قال ابن نمير، فيما نقله الذهبي في "الكاشف " وغيره، فقوله في "العلو": "إسناده حسن "، غير حسن كما كنت ذكرت في كتابي "مختصر العلو" (81- 82)، لكن بدا لي الآن أنه أحسن من الحسن، وذلك لأمرين:
الأول: أنني وجدت عند ابن خزيمة متابعين اثنين ليزيد، وهما أسد بن موسى (أسد السنة)، وأبو داود- وهو الطيالسي؛ صاحب "المسند" المعروف به، وليس الحديث فيه-، وهو بصري، وقد ذكر عبدالله بن أحمد في "العلل " عن أبيه أنه قال:
"سماع وكيع من المسعودي بالكوفة قديما، وأبو نعيم أيضا، وإنما اختلط المسعودي ببغداد، ومن سمع منه بالبصرة والكوفة ؛ فسماعه جيد".
وذكر نحوه في مكان آخر (2/130- 131)؛ وزاد:
"وأما يزيد بن هارون، وحجاج، ومن سمع منه ببغداد؛ فهو في الاختلاط ".
وعلى هذا فالسند جيد؛ لأن الطيالسي بصري كما تقدم.
هذا هو الأمر الأول.
والأمر الآخر: أن ابن معين صحح أحاديث المسعودي عن القاسم وعن عون؛ كما في "التهذيب "، وهذا من روايته عن عون كما ترى، فصح الحديث والحمد لله.
وفي حديث أسد السنة:
"بجارية سوداء لا تفصح ".
وفي حديث الطيالسي:
"بجارية عجماء لا تفصح "؛ وعندهما: "من ربك؟ ".
لكن قد خولف عون في إسناد الحديث من قبل الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن رجل من الأنصار:
أنه جاء بأمة سوداء، فقال: يا رسول الله! إن علي رقبة مؤمنة، فإن كنت ترى هذه مؤمنة؛ أعتقها؟! فقال:
"تشهدين أن لا إله إلا الله؟ ".
قالت: نعم، قال :
"تشهدين أني رسول الله؟ ". قالت: نعم، قال:
"أتؤمنين بالبعث بعد الموت؟ ". قالت: نعم، قال:
"أعتقها".
(1
أخرجه ابن خزيمة من طريق عبدالرزاق، وهذا في "المصنف " (9/175/ 16814) قال: أخبرنا معمر عن الزهري به.
ومن طريق عبدالرزاق: أخرجه أحمد (3/ 451)، وابن الجارود في "المنتقى" 31/ 931). وقال ابن كثير في "التفسير" بعد أن عزاه لأحمد:
"وإسناده صحيح، وجهالة الصحابي لا تضره ".
قلت: وهو كما قال؛ لولا أن معمرا خالفه جماعة من الثقات فأرسلوه :
فرواه مالك (2/6)، ويونس بن يزيد عن ابن شهاب عن عبيدالله: أن رجلا من الأنصار أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -... الحديث مثله.
أخرجه البيهقي (7/388 و10/57)، وقال:
"هذا مرسل، وقد قيل : عن عون بن عبيدالله بن عتبة عن عبيدالله بن عتبة أبي هريرة- رضي الله عنه-.
وقد قيل: عن عون عن أبيه عن جده ".
قلت: وصله الحاكم (3/258) وعنه البيهقي في الموضع الأول، وكذا
الطبراني (17/136) من طريق أبي عاصم: نا أبو معدان المنقري- يعني: عامر بن مسعود-: نا عون بن عبيدالله بن عتبة: حدثني أبي عن جدي.
وعامر هذا لم أعرفه، ولا وجدت له ترجمة فيما لدي من المراجع، لا فيمن يسمى بـ "عامر" ولا فيمن يكنى بأبي معدان، ولا فيمن نسبته "المنقري ".
2- وروي عنه بإسناد آخر، فقال الجراح بن مخلد: ثنا محمد بن عثمان الجزري: ثنا سعيد بن عنبسة القطان: ثنا أبو معدان قال: سمعت عون بن أبي جحيفة يحدث عن أبيه قال:
أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة ومعها جارية سوداء، فقالت المرأة: يا رسول الله! إن علي رقبة مؤمنة، أفتجزي عني هذه؟ فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
"أين الله؟ ". قالت: في السماء. قال:
"فمن أنا؟ ". قالت: أنت رسول الله. قال:
"أتشهدين أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟ ". قالت: نعم. قال:
"أتؤمنين بما جاء من عند الله؟ ". قالت: نعم، قال:
"أعتقيها؛ فإنها مؤمنة".
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (22/116- 117).
قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا مسلسل بالعلل:
الأولى: أبو معدان هذا؛ فإنه غير معروف كما تقدم، وقد سماه الطبراني في باب "أبو معدان: عامر بن مرة عن عون "، ثم ساق هذا الحديث، ولم أجده أيضا.
الثانية : سعيد بن عنبسة القطان، والظاهر أنه أبو عثمان الخزاز الرازي الذي
ذكره ابن أبي حاتم (2/1/52) وقال عن أبيه:
"فيه نظر".
ثم روى عن علي بن الحسين بن الجنيد قال: "سعيد بن عنبسة كذاب، سمعت أبي يقول: كان لا يصدق ".
وبه أعله الهيثمي؛ فقال (4/244):
"رواه الطبراني، وفيه سعيد بن عنبسة، وهو ضعيف " .
الثالثة: محمد بن عثمان الجزري، لم أجد له ترجمة أيضا.
ثم وجدت لسعيد بن عنبسة متابعا لا بأس به، وعرفنا بسببه اسم أبي معدان: رواه صرد بن حماد أبو سهل قال: حدثنا الحسن بن الحكم بن طهمان: حدثنا أبو معدان به.
أخرجه الخطيب في "التاريخ " (9/343)، وقال:
"تفرد به أبو معدان، وهو غريب من حديث أبي معدان عبدالله بن معدان، تفرد به الحسن بن الحكم عنه، ولا أعلم حدث به غير صرد، وما علمت من حاله إلا خيرا" .
قلت: وابن طهمان هذا؛ قال ابن أبي حاتم عن أبيه:
"حديثه صالح ليس بذلك، يضطرب" .
وعبدالله بن معدان روى عنه أيضا وكيع وأبو نعيم كما في "الجرح "، وذكر الذهبي في "المقتنى في الكنى": (البرساني) مكان: (أبي نعيم).
ثم رأيت في "الجرح " (9/446): "أبو معدان...... عن يحيى بن معين قال:
أبو معدان صالح "، وعلق المعلمي عليه بما يشعر أنهما واحد.
3- حديث ابن عباس، وله عنه طريقان:
الأول: يرويه ابن أبي ليلى عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وعن الحكم يرفعه:
أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن على أمي رقبة مؤمنة، وعندي رقبة سوداء أعجمية؟ قال: "ائت بها"، قال: "أتشهدين أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟ "، قالت: نعم، قال:
"فأعتقها".
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (11/20/10392)، وفي "كتاب الإيمان " (28/85- بتحقيقي): حدثنا علي بن هاشم عن ابن أبي ليلى...
هكذا وقع في إسناده: ".. عن ابن عباس، وعن الحكم "! وهو معطوف على المنهال- وهو ابن عمرو- على خلاف المتبادر، ولكن مثله يقع كثيرا في الأسانيد، كما يعرفه من مارس هذا العلم.
وقد رواه الطبراني (12/26-27) و"الأوسط " (2/36/2/5653) من طريق الحسن بن فرات القزاز: ثنا علي بن هاشم به؛ إلا أنه قال:
"عن المنهال بن عمرو، والحكم عن سعيد بن جبير... "، فهذا على الجادة، وقال:
"لم يروه عن المنهال والحكم إلا ابن أبي ليلى".
قلت: وهو ضعيف لسوء حفظه، وبه أعله الهيثمي فقال (4/244):
"وفيه محمد بن أبي ليلى، وهوسيىء الحفظ، وقد وثق".
قلت: ومن طريقه: أخرجه البزار (1/14/13- الكشف)، ولم يذكر في إسناده الحكم، وقال:
"وهذا قد روي نحوه بألفاظ مختلفة" !
قلت: هو بهذا اللفظ المرفوع له طريق أخرى، يرويه يزيد بن حكيم: ثنا يحيى
ابن السكن عن قيس بن الربيع: ثنا حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي عن حنين عن ابن عباس به إلا أنه قال:
"إن علي رقبة مؤمنة.. "؛ لم يذكر أمه.
أخرجه الطبراني في "الأوسط " (2/143/1/ 7212): حدثنا محمد بن يحيى: ثنا يزيد به، وقال:
"لم يروه عن حبيب إلا قيس ".
قلت: وهو ضعيف من قبل حفظه، ويحيى بن السكن- وهو الرقي ثم البصري- ضعيف، وإن وثقه ابن حبان.
ويزيد بن حكيم مجهول الحال، لم يذكر فيه ابن أبي حاتم جرحا ولا تعديلا.
وأما اللفظ الآخر؛ فيرويه سعيد بن المرزبان عن عكرمة عن ابن عباس قال:
جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ ومعه جارية له سوداء، فقال: إن علي رقبة- أحسبه قال: مؤمنة-، فهل يجزئ عني هذه؟ فقال لها:
"أين الله؟ ".
قالت بيدها إلى السماء، قال:
"من أنا؟ ".
قالت: أنت رسول الله، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
"أعتقها؛ فإنها مؤمنة ".
أخرجه البزار (1/28/37) بسند صحيح عن ابن المرزبان، لكن هذا- مع ضعفه- مدلس، وهو وإن كان ذكروا له رواية عن عكرمة؛ فإنه لم يصرح بسماعه منه كما ترى، وبه وبابن أبي ليلى أعله الهيثمي (4/424) .
4- ومما يشهد لهذا اللفظ: "السماء" حديث كعب بن مالك قال:
جاءت جارية ترعى غنما لي، فأكل الذئب شاة، فضربت وجه الجارية، فندمت، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقلت : يا رسول الله ! لو أعلم أنها مؤمنة؛ لأعتقتها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للجارية:
"من أنا؟ ". قالت: رسول الله. قال:
"فمن الله؟ ". قالت: الذي في السماء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
"أعتقها، فإنها مؤمنة ".
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (19/98/193) و"الأوسط " (2/171/1/7712) من طريق عبدالله بن شبيب: ثنا داود بن عبدالله الجعفري: ثنا حاتم بن إسماعيل عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن ابن كعب بن مالك عن أبيه به، وقال:
"لم يروه عن ابن عجلان إلا حاتم، ولا عن حاتم إلا داود الجعفري، ولا يروى عن كعب إلا بهذا الإسناد".
قلت : ورجاله ثقات؛ غير عبد الله بن شبيب؛ فإنه ضعيف، وبه أعله الهيثمي.
وبالجملة؛ فهذه الطرق التي وقفت عليها عن هؤلاء الصحابة الأربعة، وهم: الشريد بن سويد- وإسناده حسن على الخلاف في صحابيه ومسنده، فمنهم من جعله من رواية أبي سلمة عنه، ومنهم من جعله من مسند أبي هريرة من رواية أبي سلمة نفسه، على اختلاف في ضبط بعض ألفاظه كما يأتي بيانه ملخصا-، وأبو هريرة- وإسناده صحيح-، وأبو جحيفة- بإسناد ضعيف-، وابن عباس- بإسنادين عنه؛ واختلاف أيضا في بعض ألفاظه-.
ولعله من الضروري أن أقدم إلى القراء الكرام خلاصة نيرة عن تلك الروايات والاختلافات في بعض ألفاظها، وبيان الراجح من المرجوح منها؛ ليكون القراء على معرفة بصحيحها من ضعيفها، والنظر في إمكانية الجمع بينها؛ ليكون القراء على حذر من بعض المضللين :
أولا: لقد اتفقت الروايات كلها على شهادته - صلى الله عليه وسلم - للجارية بأنها مؤمنة.
ثانيا: واختلفت في نص سؤاله - صلى الله عليه وسلم - إياها وجوابها على وجوه ثمانية:
الأول: "من ربك؟ قالت: الله ". ( الحديث الأول عن شريد، وهو حسن).
الثاني: "من ربك؟ فقالت: في السماء". (الحديث الأول عن أبي هريرة؛ وهو حسن).
الثالث: "أين الله؟ فأشارت إلى السماء". (الحديث الأول أيضا من الطريق الآخر عنه، وهو صحيح).
الرابع: "تشهدين أن لا إله إلا الله؟ قالت: نعم ". (الحديث الأول أيضا عن الرجل الأنصاري. وهو معلول بالإرسال).
الخامس : "أين الله؟ قالت: في السماء". (الحديث الثاني، وهو ضعيف؛ لكنه بمعنى الوجه الثالث).
السادس: "أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ قالت: نعم ". (الحديث الثالث من الطريق الأول، وهو ضعيف).
السابع : "أين الله؟ قالت بيدها إلى السماء" (الحديث نفسه من الطريق الآخر، وهو ضعيف أيضا).
الثامن: "فمن الله؟ قالت: الذي في السماء". (الحديث الرابع، وسنده ضعيف).
قلت: وبهذا التلخيص الدقيق يتبين للقراء الحقيقة التالية وهي:
أن الأرجح أن سؤاله - صلى الله عليه وسلم - كان: "أين الله؟ ".
وأن جواب الجارية كان : "في السماء".
وذلك؛ لأن ثلاث روايات اتفقت على السؤال المذكور، والأولى منها هي الرواية الصحيحة عن أبي هريرة، والثانية إن لم تنفع فلا تضر، والثالثة تصلح للاستشهاد بها؛ لأنها ليست شديدة الضعف.
كما اتفقت خمس روايات على الجواب المذكور، وهو في الطريق الأصح في الحديث الأول عن أبي هريرة، وفي الطريق الأخرى الصحيحة عنه، والروايات الباقية منها شاهدة لها.
وإذا كان هذا هو الراجح من مجموع تلك الوجوه الثمانية لاتفاق أكثر الروايات وأصحها عليه؛ فإن ما خالفها؛ إما أن تؤول، وإما أن ترد بالمخالفة؛ فيقال
مثلا: إن رواية: "من ربك؟ " مختصرة من رواية: "أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ "، وأن هذه لا تنافي سؤالها بـ "أين الله؟ "، فإننا نعلم اليوم كثيرا ممن ينطقون بهذه الشهادة إذا سئلوا بهذا السؤال بادروك بقولهم: (الله في كل مكان)! وهم يعلمون أن الله كان ولا مكان! وقد تنبه بعض المجادلين بالباطل لضلال هذا القول فلجأ إلى المراوغة، فقال: لا يقال: إنه في كل مكان، ولا: إنه ليس في مكان (1)، وهذا احتيال منهم في التعبير، يتظاهرون بذلك بالتنزيه، وهو يشبه قول أسلافهم من الجهمية والمعتزلة وأذنابهم من المعطلة: "ليس هو داخل العالم ولا خارجه "؛ ورحم الله من قال في أمثالهم: "هؤلاء قوم أضاعوا ربهم "! فلا يبعد أن يكون السؤال وقع باللفظين: "أين " و: "أتشهدين "، ويؤيده الحديث الثاني.
وإن مما يقطع ويؤكد ترجيحنا المذكور: حديث معاوية بن الحكم الذي وعدت بذكره، فإنه قد ساق قصة الجارية سياقا تاما رائعا، لم يسقه غيره كسياقه، ولا غرابة في ذلك ؛ فإنه سيدها، فقال- رضي الله عنه- في حادثة وقعت له وهو يصلي خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسأله بعض الأسئلة، فأجابه عليها:
5- فقال رضي الله عنه:
"وكانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوانية، فاطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون، لكني صككتها صكة، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فعظم ذلك علي، قلت: يا رسول الله! أفلا أعتقها؟! قال: "ائتني بها"، فأتيته بها، فقال لها:
"أين الله؟ ".
__________
(1) ويقول آخرون: الله موجود بلا مكان!
__________

قالت: "في السماء"، قال: "من أنا"، قالت: أنت رسول الله، قال:
"أعتقها؛ فإنها مؤمنة ".
أخرجه مسلم، وأبو عوانة وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود في "صحاحهم " وغيرهم، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (862)، و"الإرواء" (390).
هذا؛ ويشهد لسؤال: "أين الله " حديث مرفوع، وأثر موقوف.
أما الحديث؛ فيرويه وكيع بن حدس عن عمه أبي رزين قال:
قلت: يا رسول الله! أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال: "كان في عماء، ما تحته هواء، وما فوقه هواء، وما ثم خلق، عرشه على الماء".
أخرجه الترمذي (2108)، وابن ماجه (182)، وابن حبان (39- الموارد)، وابن أبي عاصم (1/271/612)، وأحمد (4/11 و 12)، وابن عبدالبر في "التمهيد" (7/137)، وقال الترمذي :
"حديث حسن ". وقال الذهبي في "مختصر العلو" (186/193):
"رواه الترمذي وابن ماجه، وإسناده حسن "
وفيه نظر ؛ لأن وكيعا هذا مجهول، كما بينته هناك.
وأما الأثر؛ فهو ما رواه زيد بن أسلم قال:
مر ابن عمر براعي غنم فقال: يا راعي الغنم! هل من جزرة (1)؟ قال الراعي: ليس ههنا ربها، فقال ابن عمر: تقول: أكلها الذئب! فرفع الراعي رأسه إلى
__________
(1) أي: شاة تصلح للذبح.
__________

السماء ثم قال: فأين الله؟!
فاشترى ابن عمر الراعي واشترى الغنم فأعتقه، وأعطاه الغنم.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/263/13054): حدثنا محمد
ابن نصر الصائغ: ثنا أبو مصعب: ثنا عبد الله بن الحارث الجمحي: ثنا زيد بن أسلم به.
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات مترجمون في "التهذيب "، غير شيخ الطبراني محمد بن نصر الصائغ، وهو ثقة مترجم في "تاريخ بغداد" (3/318- 319)، مات سنة (297) .
وهذا الأثر احتج به الحافظ الذهبي في "العلو"، ذكره معلقا على أبي مصعب الزهري، وكنت جودت إسناده في "مختصره " (127) ولم أكن قد وقفت يومئذ على وصله، فها قد وقفت عليه الآن، والحمد لله.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/347):
"رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح ، غير عبدالله بن الحارث الحاطبي، وهو ثقة".
وجملة القول: إن أصح الأحاديث المتقدمة إنما هو حديث معاوية، فلا جرم أن يتفق العلماء- من محدثين وفقهاء- على تصحيحه على مر العصور دون أي خلاف بينهم؛ فقد صححه الخمسة الذين أخرجوه في "صحاحهم " كما تقدم، وكذا البيهقي في "الأسماء" (422)، والبغوي في "شرح السنة" (3/239)، والذهبي كما يأتي ، والحافظ في "الفتح " (13/359)، كل هؤلاء صرحوا بصحة الحديث وإسناده، ويلحق بهم كل من احتج بالحديث من أئمة الحديث والفقه
والتفسير على اختلاف مذاهبهم، ممن احتج به في باب من أبواب الشريعة، ضرورة أنه لا يحتج إلا بما صح عنده، كالإمام مالك في "الموطأ" (3/5- 6)، والشافعي في "الأم " (5/266)، وأحمد في "مسائل عبد الله " (101/363)، و"مسائل صالح " (3/74/1374)، والطحاوي في "شرح المعاني " (1/258)، وابن عبدالبر في "الاستيعاب "، وابن الجوزي في "دفع شبه التشبيه "، والنووي في "المجموع "، وابن الوزير في " العواصم والقواصم " (1/379- 380)، وغيرهم كثير وكثير ممن لا يمكن حصرهم ، وفيهم بعض المبتدعة المعروفين بمعاداتهم لأهل السنة، وسود في الرد عليهم رسائل عدة، كالشيخ الصابوني؛ فإنه تابع الحافظ ابن كثير في الاحتجاج بهذا الحديث، فأورده في موضعين (1/ 421 و 523) من "مختصره " الذي التزم أن لا يورد فيه إلا ما صح من الحديث!
أما الغلاة من المبتدعة والمتجهمة في هذا العصر؛ فقد أعلن بعضهم عن تضعيفه لهذا الحديث، وإنكاره لصحة قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أين الله؟ "، وجواب الجارية: "في السماء"! وعلى رأس هؤلاء الشيخ الكوثري ومقلدوه، وقد كنت رددت عليه في كتابي "مختصر العلو" (ص 82) بما يغني عن إعادته هنا، وكان الرد حول حديث معاوية هذا فقط، قبل أن يتيسر لي جمع شواهده المتقدمة عن أبي هريرة، وأبي جحيفة، وابن عباس، ثم أوقفني بعض الإخوان على حديث خامس من رواية ابن شاهين بسنده عن عكاشة الغنوي في "أسد الغابة"، و"الإصابة"، وإسناده حسن.
ثم رأيت في "تلخيص ابن حجر" (3/223) حديثا سادسا عن يحيى ابن عبدالرحمن بن حاطب- الثقة- مرسلا، رواه أبو أحمد العسال في "السنة " من طريق أسامة بن زيد، وفي الحديثين: "أين الله؟ "، قالت: "في السماء".
فماذا عسى أن يقول القائل في مثل هذا المكابر الجاحد للحقائق العلمية المعترف بها عند العلماء الفطاحل كما تقدم؟! إلا أن يقرأ: (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)! وأن يذكر قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث معاوية- رضي الله عنه- في حديث تفرق الأمة:
"وإنه سيخرج في أمتي أقوام تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه، لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله ": "صحيح الترغيب " (1/97/48)؛ نسأل الله السلامة والعافية!
وقد جرى على سنن هذا الجاحد: الشيخ المغربي عبدالله الغماري المعروف بعدائه الشديد- كالكوثري- للسنة وأتباعها، ويزيد عليه أنه شيخ الطريقة الدرقاوية، ويزعم أنه مجدد العصر الحاضر! فقد رد في تعليقه على "التمهيد" (7/135) حديث مسلم، فزعم أن قوله - صلى الله عليه وسلم - فيه: "أين الله؟ " وجواب الجارية عليه بقولها: "في السماء" أنه من تصرف الرواة! ضاربا صفحا عن تصحيح أولئك الحفاظ إياه، وعن الشواهد المؤكدة لصحته، وعن إمكانية الجمع بينه وبين بعض الألفاظ التي تخالفه بزعمه، مع كونه أصح منها كما تقدم، فما أحراه هو وسلفه الكوثري وأمثالهما ممن يرد الأحاديث الصحيحة المتلقاة من الأمة بالقبول- كالغزالي المعاصر- بوعيد قوله تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعدما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) [ النساء/15].
ثم زاد الجاحد إغراقا في الضلال بعد أن اتهم رواة اللفظ الأصح بالخطأ والرواية بالمعنى؛ فقال:
"ويؤيد ذلك أن المعهود من حال النبي - صلى الله عليه وسلم - الثابت عنه بالتواتر أنه كان يختبر إسلام الشخص بسؤاله عن الشهادتين اللتين هما أساس الإسلام ودليله ".
فأقول: هذا باطل من وجوه:
الأول: ما زعمه من التواتر مجرد دعوى لا دليل عليه، وما كان كذلك؛ وجب طرحه وعدم الاشتغال به.
الثاني: أنه يبطل زعمه بعض الألفاظ التي اعتمد عليها في تخطئة اللفظ الأصح، وهو لفظ: "من ربك؟ " " فهذا ليس فيه الاختبار بالشهادتين كما زعم.
فإن قيل: هذا لا ينافي اللفظ المذكور!
قلنا: وكذلك لا ينافي اللفظ الأصح: "أين الله؟ "؟ كما تقدم بيانه في الخلاصة النيرة، فتذكر!
الثالث: أنه قال أخيرا:
"أما كون الله في السماء؛ فكانت عقيدة العرب في الجاهلية، وكانوا مشركين، فكيف تكون دليلا على الإسلام؟! ".
كذا قال فض فوه! فإنه يعلم أن الجاهليين كانوا يؤمنون- مع شركهم- بتوحيد الربوبية بدليل قوله تعالى: (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ) ونحوه من الآيات، وكانوا يلبون به وهم يطوفون حول البيت، فيقولون: لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك! رواه مسلم (4/8).
فإذا كان توحيدهم هذا حقا، وإذا كان اعتقادهم أن الله في السماء حقا كذلك، لمطابقته لنص القرآن، وبه أجابت الجارية التي شهد لها النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإيمان، أفيعقل أن يقول مؤمن بالله ورسوله حقا : لا نؤمن بأن الله في السماء لأن المشركين كانوا يعتقدون ذلك؟! إذن؛ يلزمه أن لا يؤمن بتوحيد الربوبية؛ لأن
المشركين يؤمنون به !! ذلك هو الضلال البعيد.
وأصل ضلال هؤلاء المتجهمة أنهم تأثروا بالمعتزلة والجهمية الذين ضلوا ضلالا مبينا؛ بإنكارهم كثيرا من الغيبيات المتعلقة بالله تعالى وصفاته، وذلك يعود إلى أمرين:
أحدهما: ضعف إيمانهم بالله ورسوله وما جاء عنهما.
والآخر: ضعف عقولهم وقلة فهمهم للنصوص، وهذا هو المثال بين يديك : لم يؤمنوا بأن الله في السماء مع صراحة الآيات في ذلك، والتي منها قوله تعالى: (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور) [ الملك: 6 1]، وصحة حديث الجارية، الذي شهد لها بالإيمان لأنها عرفت ربها في السماء، ولذلك بادروا إلى إنكار صحته، وأما الآية فعطلوا دلالتها بعقولهم المريضة، ذلك أنهم تبادر إلى أذهانهم الكليلة أن (في) هنا ظرفية، وهذا خطأ ظاهر، ففروا منه، فتأولوا (من) بالملائكة، فوقعوا في خطأ آخر، فوقف في طريقهم قوله - صلى الله عليه وسلم - : "ارحموا من في الأرض؛ يرحمكم من في السماء"، فهذا صريح في أن (في) في شطري الحديث بمعنى (على)، ولما رأى ذلك بعض جهلة الغماريين وأنه يبطل تأويله المذكور؛ بادر بكل صفاقة وجهل إلى القول بأنه "حديث باطل "! (1) خلافا لكل العلماء حتى شيوخه الغماريين، كما بينته في الاستدراك المطبوع في آخر المجلد الثاني من "الصحيحة"، طبع عمان رقم (12).
__________
(1)انظر مقدمة المسمى حسن السقاف لكتاب "دفع شبه التشبيه "لابن الجوزي (ص 62و64) الذي دفعه الذهبي في "السير" (21/368) دفعا لطيفا بقوله:
" ليته لم يخض في التأويل، ولا خالف إمامه "!
__________
والمقصود أن معنى الآية المذكورة ( أأمنتم من في السماء)؛ أي: من على السماء. يعني: على العرش ؛ كما قال ابن عبدالبر (7/129و130و134) وغيره؛ كالبيهقي في "الأسماء" (377)؛ حيثما قال: "يعني : من فوق السماء".
وهذا التفسير هو الذي لا يمكن القول إلا به ؛ لمن سلم بمعاني النصوص الكثيرة من القرآن والسنة المجمعة على إثبات العلو والفوقية لله تعالى علوا يليق بعظمته ؛ كقوله تعالى في الملائكة: (يخافون ربهم من فوقهم ) وغيرها من الآيات المعروفة، وعلى هذا أهل السنة والجماعة؛ خلافا للمعتزلة و الجهمية في قولهم: إن الله عز وجل في كل مكان، وليس على العرش!
كما في "التمهيد" (7/129) .
والعجيب من أمر هؤلاء النفاة أنهم أرادوا بنفيهم تنزيه ربهم أن يكون فوق المخلوقات؛ فحصروه في داخلها، كما روي عن بشر المريسي أنه لما قال: هو في كل شيء! قيل له: وفي قلنسوتك هذه؟ قال : نعم ، قيل: وفي جوف حمار؟! قال : نعم!
وهذا القول يلزم كل من يقول بأنه تعالى في كل مكان، وهو من أبطل ما قيل في رب العالمين الحكيم الحليم، ولذلك قال بعض السلف: إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية!
ولوضوح بطلان هذا القول لبعض علماء الكلام؛ فروا إلى القول بما هو أبطل منه، وسمعته بأذني من بعض الخطباء يوم الجمعة على المنبر:
الله ليس فوق ولا تحت، ولا يمين ولا يسار، ولا أمام ولا خلف، لا داخل العالم ولا خارجه، وزاد بعض الفلاسفة: لا متصلا به، ولا منفصلا عنه !!
وهذا هو التعطيل المطلق الذي لا يمكن لأفصح الناس أن يصف العدم بأكثر مما وصف هؤلاء ربهم، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا! ورحم الله ذلك الأمير العاقل الذي قال لما سمع هذا من بعض علماء الكلام:"هؤلاء قوم أضاعوا ربهم "!
ولهذا؛ قال بعض العلماء:
"المجسم يعبد صنما، والمعطل يعبد عدما، المجسم أعشى، والمعطل أعمى"!
ومن المؤسف أن العلامة ابن الجوزي- في رده على المشبهة- قد وقع منه من ذاك الكلام؛ فقال في كتابه المتقدم بعد أن تأول (الاستواء) بالاستيلاء واستشهد على ذلك ببيت الأخطل النصراني المعروف:
قد استوى بشر على العراق
من غير سيف ولا دم مهراق
وتفلسف في رد المعنى الصحيح وهو الاستعلاء، قال:
"ولذا؛ ينبغي أن يقال: ليس بداخل في العالم، وليس بخارج منه "!
ولم يعلق المسمى بـ (حسن السقاف) على هذا النفي الباطل؛ الذي لم يقل به إمام معروف من قبل، والذي ليس فيه ذرة من علم كما هو شأن النفاة، ومن عجائبه وجهالاته أنه يقلد ابن الجوزي في إنكاره على من يقول من المثبتة: "استوى على العرش بذاته " ؛ فيقول ابن الجوزي (ص 127) منكرا لهذه اللفظة " بذاته ":
"وهي زيادة لم تنقل ".
فيا سبحان الله! زيادة كهذه يراد بها دفع التعطيل تنكر لأنها لم تنقل، وقوله المتقدم: "ليس بداخل... "لا ينكر! اللهم إن هذه لإحدى الكبر !!
وكذلك لم يعلق على تأويل ابن الجوزي لآية (الاستواء) بل أقره، لأنه صرح (ص 123)- بعد كلام طويل له فيه كثير من التحريف والكذب لا مجال الآن لبيانه- قال:
"الاستواء عندنا هو الاستيلاء والقهر، أو تفويض معناه إلى الله ".
كذا قال! وهذا يدل على أنه لم يعرف الحق بعد، لتردده بين التأويل والتفويض!
ولكنني أعتقد أن ذكره التفويض هنا؛ إنما هو سياسة منه، ومراوغة وتضليل للقراء الذين قد ينكرون عليه التأويل، فإنه قال بعد (ص 127):
"وأما رد الإمام أبي الحسن الأشعري تفسير الاستواء بالاستعلاء ؛ فنحن لا نوافقه في ذلك أبدا، ونقول: إنه قال ذلك بسبب ردة فعل حصلت عنده من المعتزلة، وهم وإن لم نوافقهم في كثير من مسائلهم؛ إلا أننا هنا نوافقهم ونعتقد أنهم مصيبون في هذه المسألة"!
أي: في إنكارهم علو الله على خلقه، لكن المعتزلة وأمثالهم كالإباضية يقولون بأن الله في كل مكان، وهذا مما ينكره أشد الإنكار ذلك الجاهل المتعالم، ويصرح بتكفير من يقول به، ويعتقد أن الله سبحانه وتعالى موجود بلا مكان! ويعني: أنه ليس فوق العرش كما أخبر تعالى في كثير من آياته، وأخبر نبيه - صلى الله عليه وسلم - في أحاديثه، فراجع كلامه في ذلك في "الأحاديث الضعيفة" تحت الحديث (6332).
وإن من ضلال ذاك السقاف أنه يصرح بنفي ثبوت قوله - صلى الله عليه وسلم - : "أين الله؟ "؟ مع قوله بأنه في " صحيح الإمام مسلم " ! ثم يؤكد ذلك فيقول - فض فوه - (ص 108) :
"ونحن نقطع بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل: "أين الله؟ "، وإنما قال: "أتشهدين أن لا إله إلا الله " الذي رواه أحمد.. و.. و... بأسانيد صحيحة".
ثم أعاد نحو هذا الكلام في مكان آخر (ص 186-187).
وفيه أكاذيب عجيبة عديدة- تؤكد أن الرجل لا يخشى الله، ولا يستحي من عباد الله- يطول الكلام عليها جدا، فأوجز في العبارة ما استطعت:
فمن ذلك أن اللفظ الذي عزاه لأحمد- وغيره ممن أشرت إليهم بالنقط وهم ثمانية-، يوهم القراء أنهم جميعا رووه باللفظ المذكور، وعن صحابي واحد، وهو كذب وزور، فإنما رووه بأكثر من لفظ وعن أكثر من صحابي، فبعضهم رواه: عن أنصاري- وهو الذي أعله البيهقي بالإرسال كما تقدم-، وبعضهم: عن الشريد- وسنده حسن على الخلاف في إسناده كما تقدم، ثم هو بلفظ: "من ربك؟ "، خلافا للفظ المذكور ! - ، وبعضهم عن ابن عباس- وفيه ابن أبي ليلى-.
فأين الأسانيد الصحيحة التي ادعاها كذبا ومينا؟! على أنه سرعان ما كذب نفسه بنفسه في المكان الآخر المشار إليه؛ فإنه قال- عقب بعض المصادر المشار إليها بالنقط-:
".. والطبراني (12/27) بسند صحيح.. "، ثم ذكر مصدرين آخرين تمام
الثمانية.
قلت: وهذا كذب أيضا لما عرفت، وبخاصة إذا أرجعنا الضمير إلى أقرب مذكور- وهو الطبراني- فإن فيه ابن أبي ليلى كما عرفت!
ومن تدجيله- زيادة على ما تقدم- أنه تعمد أن لا يضيف إلى تلك المصادر
أبا داود، وابن خزيمة مطلقا، ولا إلى المجلد السابع من "سنن البيهقي "؛ لأن
الحديث عندهم باللفظ الذي قطع بتكذيبه، عامله الله بما يستحق!!
ولو أن طالب علم عكس عليه قطعه المأفون، فجزم ببطلان اللفظ الذي زعم صحته؛ لكان قاهرا عليه؛ لأن معه بعض الروايات التي فيها. "أين الله " من طرق أكثر وأصح من لفظه، فكيف ومعه حديث معاوية بن الحكم- رضي الله عنه- وقد صححه جمع غفير من المحدثين قديما وحديثا كما تقدم؟! ولكننا لا نرى تعارضا حتى نلجأ إلى الترجيح كما سبق، وإلى هذا جنح العلامة ابن قيم الجوزية- رحمه الله- في "إعلام الموقعين " (3/ 521- كردي)؛ فقد ذكر روايتين مما تقدم: "من ربك؟ "، و"أين الله "، ثم قال:
"وسأل صلى الله عليه وآله وسلم: "أين الله؟ "، فأجاب من سأله بأن الله في السماء، فرضي جوابه وعلم به أنه حقيقة الإيمان بربه، ولم ينكر هذا السؤال عليه، وعند الجهمي أن السؤال بـ "أين الله؟ " كالسؤال بـ : ما لونه، وما طعمه، وما جنسه، وما أصله؟ ونحو ذلك من الأسئلة المحالة الباطلة! ".
ولقد صدق- رحمه الله- وأصاب كبد الحقيقة، فأنت ترى هذا (السخاف) كيف يصر على التكذيب بهذا الحديث الصحيح الذي صححه أئمة المسلمين كما تقدم بيانه، ثم لا يكتفي بذلك، فيتهمهم بالتجسيم! فيقول- فض فوه- (ص 187):
"ومن الغريب العجيب: أننا نرى المجسمة يرددون هذا اللفظ: "أين الله؟ " على ألسنتهم دائما، ولا يدركون (!) أن هذا تصرف رواة، وحكاية لكلام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمعنى المخطئ، وخصوصا بعد ثبوت هذا الحديث عند غير مسلم بلفظ: "أتشهدين أن لا إله إلا الله.. " مخالفة تامة، أو على الأقل مخالفة لا تفيد معنى: أين الله؟ ".
ثم أكد جزمه بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل هذه الكلمة التي صحت عند الأئمة، وما ذاك إلا لأنها قاصمة ظهر المبتدعة الجهمية، ولست أدري- والله- ماذا أقول في
هذا الرجل المكابر الجاحد؟! إلا أن أنذره بقوله تعالى:
(ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين
نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) .
وقال في ( الضعيفة ) :
( حديث الجارية المعروف بجوابها لسؤال النبي صلى الله عليه وسلم إياها حين سألها: " أين الله؟" فأجابت بقولها: في السماء. فقال صلى الله عليه وسلم لسيدها: "أعتقها، فإنها مؤمنة".
وقد رددت فيها على يعض المبتدعة المعاصرين الذين صرحوا بتضعيف هذا الحديث، كالشيخ عبد الله الغماري ومقلديه، بل إن بعضهم غلا، فصرح ببطلانه!
ففي بحث مبسط، أرجو أن ييسر لنا نشره قريباً ) .
وقال في ( صحيح الأدب المفرد ) :
زاد أبو داود هنا : " فأخذ بيدا ، وقبلها " أي : قبل فاطمة وليس يدها كما هو ظاهر متبادر، ويؤيده زيادته في آخر الحديث: " فأخذت بيده، وقبلته" ونحوه عند ابن حبان(2223)، وشذ الحاكم(3/160) عن الجماعة فقال: " وقبلت يده" ! ويحتمل أن يكون خطأ من الناسخ أو الطابع؛ فإن طبعته سيئة جداً كما هو معروف عند العلماء، وقد آثر ذكرها دون رواية أبي داود أو الجماعة الشيخ عبد الله الغماري- وقد عزاه إليهم" أبو داود والترمذي والنسائي- في رسالته " إعلام النبيل بجواز التقبيل" لهوى في نفسه وهو تأييد ما عليه العامة من تقبيل أيادي الآباء والأمهات ولا أصل لذلك في الشرع، وهذا دأبه ودأب أذنابه وأمثاله من المبتدعة تصحيح الأحاديث الواهية انتصاراً لأهوائهم، وتضعيف الأحاديث الصحيحة كما فعلوا بحيث الجارية: "أين الله؟ " فقد أجمعوا على تضعيفه مع اتفاق العلماء على تصحيحه سلفاً وخلفاً، وفيهم بعض المؤولة كالبيهقي والعسقلاني، فخالفوا بذلك سبيل المؤمنين كما بينته في غير هذا الموضع.
وقال في مقدمة مختصر العلو :
وأما أنا فقد جريت في هذا ( المختصر ) على حذفه وحذف أمثاله من الأحاديث الضعيفة لأنها وإن كانت تتضمن بعض الحق الذي ورد في النصوص الصحيحة فإنها على الغالب لا تخلو من زيادات إن لم تكن باطلة أو منكرة فهي على الأقل غريبة لا يوجد لها من الشواهد ما يدعمها فقد يتوهم بعض القراء من ذكرها أنها ثابتة برمتها دون أن ينتبه لكون الشاهد لها إنما هو شاهد لبعض ما فيها كما سبق . هذا إذا صلحت النية وإلا فقد يستغلها بعض أهل الأهواء والتعصب الخبيث على أهل الحديث ويوردها محتجا بها لصرفه دلالة الروايات الصحيحة عن الحق الذي دلت عليه وحملها على معاني باطلة اعتمادا منه على مجرد ذكر المؤلف لها وهو إنما أوردها على سبيل الاستشهاد بها في الجملة لا في التفصيل . من أمثلة ذلك ما صنعه الكوثري المشهور بحديث الجارية الصحيح الآتي برقم ( 2 ) فإنه استغل أسوأ الاستغلال الرواية الثانية التي أوردها المصنف في الأصل عقب الحديث المذكور كشاهد لها في الجملة لا في التفصيل فجاء الكوثري واعتمد عليها جملة وتفصيلا عازيا إياها للمصنف موهما القارئ أنها ثابتة عنده فضرب بها الحديث الصحيح وأبطل بها دلالته الصريحة على مشروعية السؤال ب ( أين الله ) لأنه لم يقع فيها هذا اللفظ وإسنادها ضعيف . كما تراه مشروحا في التعليق قريبا إن شاء الله تعالى
من أجل ذلك وغيره أعرضت عن ذكر الرواية المذكورة ونحوها من الأحاديث الضعيفة ففي ما ثبت منها خير وبركة وغنية
اقتباس:
.








 


قديم 2010-09-26, 14:53   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
مراد_2009
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

و هذا رد آخر

منقول

__________________________________________________ _____________________


حديث الجارية " تصحيحه ورد شبهة الإضطراب " وهدية في آخر الموضوع
أبو الحسنين السوري



الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على الحبيب المصطفى وعلى آله وصحبه الطيبين الشرفا
وبعد :
يحاول الجهلة المبتدعون تضعيف حديث الجارية التي في مسلم تماشيا مع اهوائهم
وما ذلك إلا لاضطراب عقيدتهم
ولجهلهم في علم الحديث
نشرع بالمطلوب بعون علام الغيوب
أولا : من بالنسبة للحديث : الحديث الذي رواه مسلم هو بلفظ
فقالت : في السماء
والحديث قد صححه جمهرة علماء الأمة
ويا ليت شعري من الذي ضعفه إلا السقاف وإن علا قليلا الكوثري
بعض من صحح الحديث غير مسلم
1 - فقال ابن حجر العسقلاني :
" قصة الجارية التي سألها النبي صلى الله عليه وسلم أنت مؤمنة، قالت نعم، قال فأين الله؟ قالت في السماء، فقال أعتقها فإنها مؤمنة ، وهو حديث صحيح أخرجه مسلم. " فتح الباري لابن حجر 13/359
2 - وهذا البغوي يقول :
" قَالَ : ائْتِنِي بِهَا فَجِئْتُ بِهَا ، فَقَالَ : أَيْنَ اللَّهُ ؟ قَالَتْ : فِي السَّمَاءِ ، قَالَ : مَنْ أَنَا ، قَالَتْ : أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ ، قَالَ : أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ ،........" البغوي شرح السنة 3/43
3- " كانت عليه سأل صلى الله عليه وسلم الجارية " أين الله؟" فقالت في السماء فقال: "من أنا؟" فقالت أنت رسول الله قال: "فأعتقها فإنها مؤمنة" أخرجه البخاري وغيره قالوا فسؤاله صلى الله عليه وسلم لها عن الإيمان وعدم سؤاله عن صفة الكفارة وسببها دال على اعتبار الإيمان في كل رقبة تعتق عن سبب لأنه قد تقرر أن ترك الاستفصال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال كما قد تقرر قلت الشافعي قائل بهذه القاعدة فإن قال بها من معه من المخالفين كان الدليل على التقييد هو السنة لا الكتاب أنهم قرروا في الأصول أنه لا يحمل على المقيد إلا مع اتحاد السبب ولكنه وقع في حديث أبي هريرة عند أبي داود ما لفظه فقال يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة الحديث إلى آخره قال عز الدين الذهبي هذا الحديث صحيح ....."
الصنعاني في سبل السلام
4 - " في الحديث الصحيح للجارية أين الله فقالت في السماء فلم ينكر عليها بحضرة أصحابه كي لا يتوهموا ان الأمر خلاف ما هو عليه بل أقرها وقال اعتقها فإنها مؤمنة وعن معاوية بن الحكم السلمي قال قلت يا رسول الله أفلا أعتقها قال ادعها فدعوناها فقال لها اين الله قالت في السماء قال من أنا قالت انت رسول الله قال اعتقها فإنها مؤمنة وقوله صلى الله عليه وسلم الراحمون يرحمهم الرحمن إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " الواسطي في صفات الرب 12
5- " حديث معاوية بن الحكم السلمي قال كانت لي غنم بين أحد والجوانية فيها جارية لي فاطلعتها ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب منها بشاة وأنا رجل من بني آدم فأسفت فصككتها فأتيت النبي فذكرت ذلك له فعظم ذلك علي
فقلت يا رسول الله أفلا أعتقها قال ادعها فدعوتها فقال لها أين الله قالت في السماء
قال من أنا قالت أنت رسول الله
قال أعتقها فإنها مؤمنة هذا حديث صحيح رواه جماعة من الثقات عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية السلمي أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وغير واحد من الأئمة في تصانيفهم يمرونه كما جاء ولا يتعرضون له بتأويل ولا تحريف " العلو للعلي الغفار للذهبي 14

ثانيا : بالنسبة للإضطراب : ما هو تعريف المضطرب :
فالحديث المضطرب كما في الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح صـ212
"النوع التاسع عشر: معرفة المضطرب من الحديث
هو1 الذي تختلف الرواية فيه فيرويه بعضهم على وجه وبعضهم على وجه آخر مخالف له.
وإنما نسميه مضطربا إذا تساوت الروايتان أما إذا ترجحت إحداهما بحيث لا تقاومها الأخرى بأن يكون راويها أحفظ أو أكثر صحبة للمروي عنه أو غير ذلك من وجوه الترجيحات المعتمدة فالحكم للراجحة ولا يطلق عليه حينئذ وصف المضطرب ولا له حكمه."
وكذلك يقول العراقي في ألفيته صـ 19
الْمُضْطَرِبُ
مُضْطَرِبُ الحَدِيثِ: مَا قَدْ وَرَدَا *** مُخْتَلِفاً مِنْ وَاحِدٍ فَأزْيَدَا
في مَتْنٍ اوْ في سَنَدٍ إنِ اتَّضَحْ *** فِيْهِ تَسَاوِي الخُلْفِ ، أَمَّا إِنْ رَجَحْ
بَعْضُ الوُجُوْهِ لَمْ يَكُنْ مُضْطَرِبَا *** وَالحُكْمُ للرَّاجِحِ مِنْهَا وَجَبَا
كَالخَطِّ للسُّتْرَةِ جَمُّ الخُلْفِ *** والاضْطِرَابُ مُوْجِبٌ للضَّعْفِ
وكذلك تعريف المضطرب كما في الأسئلة السنية على المنظومة البيقونية فقد ورد
"اصطلاحا : ما اختلفت الرواية في متنه أو في سنده أو في كليهما مع تساوي الروايتين وتعذر الجمع بينهما ، وهو كما عرفه النووي : الذي يروى على أوجه مختلفة فإن رجحت إحدى الروايتين بحفظ راويها أو كثرة صحبته للمروي عنه أو غير ذلك فالحكم للراجحة ولا يكون مضطربا"


وقد رجح مسلم هذه الرواية وكتاب مسلم من اصح الكتب بعد الكتاب العزيز ثم البخاري ورجال سند حديث مسلم أقوى من رجال البيهقي ومالك ضبطا وحفظا
أما الأحاديث الأخرى الشاذة
وهي
"عن ابن عباس أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال إن على رقبة وعندي جارية سوداء أعجميه فقال النبي صلى الله عليه وسلم إئتني بها قال أتشهدين أن لا إله إلا الله قالت نعم قال وتشهدين أنى رسول الله قالت نعم قال فاعتقها.
رواه الطبراني في الكبير والاوسط والبزار باسنادين متن أحدهما مثل هذا ، والآخر فقال لها اين الله فأشارت بيدها إلى السماء قال من أنا قالت أنت رسول الله.
وفيه سعيد بن أبى المرزبان وهو ضعيف مدلس وعنعنه وفيه محمد بن أبى ليلى وهو سئ الحفظ وقد وثق.
وعن أبى جحيفة قال أتت امرأة (1) النبي صلى الله عليه وسلم ومعها جارية سوداء فقالت المرأة يا رسول الله إن على رقبة مؤمنة أفتجزئ هذه فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الله قالت في السماء قال فمن أنا قالت أنت رسول الله قاال أتشهدين أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله قالت نعم قال أتؤمنين بما جاء من عند الله قالت نعم قال اعتقيها فانها مؤمنة.
رواه الطبراني وفيه سعيد بن عنبسة وهو ضعيف."أنظر مجمع الزوائد لابن حجر الهيثمي
إذا يبقى حديث مسلم هو الصحيح
وأرجو أن تراجع الحديث المضطرب في كتب المصطلح


ثالثا : هناك اختلاف في حديث الإشارة والقول بالنسبة للمتن
فحديث الإشارة إلى السماء سببه أن رجلا عليه رقبة مؤمنة
أما حديث القول "قالت : في السماء " فسببه أن الصحابي لطم الجارية وأراد عتقها لذلك
فالحادثتين مختلفتين
فهما قصتان متغايرتان ,ففي حديث أبي هريرة كانت الجارية عجماء أي لا تتكلم العربية ,و في حديثمعاوية كانت متكلمة بالعربية
ويا ليت شعري ألم يقرؤوا مقدمة ابن الصلاح ؟!!!
قال ابن الصلاح(ما انفرد به البخاري أو مسلم مندرج في قبيل مايقطع بصحته ،لتلقي الأمة كل واحد من كتابيهمابالقبول، على الوجه الذي فصلناه من حالهما فيما سبق ،سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ كالدارقطني وغيره ، وهي معروفةعند أهل هذا الشأن ) . (مقدمة ابن الصلاح (ص10) ).

_________________________________

الهدية :
هل يستدل بالكوثري فى الحكم على الاحاديث أو نقدالرجال ؟!!!

أولا : فى الحديث :
قال عبد الله الغماري فى سبيل التوفيق فى ترجمة عبد الله بن الصديق(ص41) :أما العلامة الشيخ محمد زاهد الكوثرى صديقنا ومجيزنا هو عالم بالفقه والأصول وعلم الكلام ومتخصص في علم الرجال دعاه إلى ذلك الذب عن أبيحنيفة فكان يعرف مثالب العلماء ليدافع بها عن أبي حنيفة وأصحابه ولم يكن يعرف الحديث نعم إذا أراد البحث عنحديث يعرف كيف يبحث عنهويعرف ما في رجاله من الجرح والتعديل بحكم تخصصه لكن ليس هذا هو علم الحديث . اهــ

ثانيا :فى نقدالرجال :
قال عبد الله الغماري فى سبيل التوفيق (ص 64)ولما أهداني رسالته : إحقاق الحق في الرد على إمام الحرمين وقرأتها، وجدته غمز نسب الإمام الشافعي، فلمته على ذلك الغمز وقلتله : إن للطعن في الأنساب ليس برد علمي فاعترف بتعصبه ,وكان يتورك كثيرا على الحافظ بن حجر وقال : كان يعتمد على الأطراف في جمعه لطرق الحديثوهذا غير صحيح ،وذكر الكوثري – في احدي زيارته له – أنه أي الحافظ بن حجر ، كان يتبع النساء في الطريق ويتغزل فيهن، وانه تبع امرأة ظنها جميلة حتى وصلت إلى بيتها ، وهو يمشي خلفها وكشفت له البرقع فإذا هي سوداء دميمةفرجع خائبا ! !
وهذا قطعا لم يحدث وسر هذه الحملة أن الحافظ كان يحمل على بعض الحنفية في كتب التراجموأكبر من هذاأن الكوثري رمي أنس بن مالك رضى الله عنه بالخرف،وتكلم وغمز بعض سادات التابعين الحجازيين في مقدمة نصب الراية ،وأقبح من هذا أنه حاول تصحيح حديث موضوع لأنه يفيد البشارة بأبي حنيفه اهــ
وصل اللهم على عبد ورسولك محمد وعلى آله وصحيه وسلم









قديم 2010-09-27, 16:29   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
dionysos93
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مراد_2009 مشاهدة المشاركة

قد أجبنا على هذه الشبهة و لله الحمد و المنة



https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=384982





تلقون الكلام جزافا

أين النقد الحديثي للسند

هذا ليس فنكم و مهنتكم

تمتع بالنقد الحديثي لأمير الحديث في هذا الزمان الشيخ ناصر الدين الألباني




وأما الحديث المعروف بحديث الجارية فقد قال فيه الإمام النووي في شرح صحيح مسلم الجزء الخامس كتاب المساجد ومواضع الصَّلاة باب تحريم الكلام في الصَّلاة ونسخ ما كان من إباحته : " هذا الحديث من أحاديث الصّفات، وفيها مذهبان تقدَّم ذكرهما مرَّات في كتاب الإيمان: أحدهما: الإيمان به من غير خوض في معناه، مع اعتقاد أنَّ الله ليس كمثله شىء، وتنـزيهه عن سمات المخلوقات. والثَّاني: تأويله بما يليق به.فمن قال بهذا قال: كان المراد امتحانها هل هي موحِّدة تقرُّ بأنَّ الخالق المدبِّر الفعَّال هو الله وحده، وهو الَّذي إذا دعاه الدَّاعي استقبل السَّماء، كما إذا صلَّى المصلِّي استقبل الكعبة، وليس ذلك لأنَّه منحصر في السَّماء، كما أنَّه ليس منحصراً في جهة الكعبة، بل ذلك لأنَّ السَّماء قبلة الدَّاعين، كما أنَّ الكعبة قبلة المصلِّين، أو هي من عبدة الأوثان العابدين للأوثان الَّتي بين أيديهم، فلمَّا قالت: في السَّماء علم أنَّها موحِّدة وليست عابدة للأوثان. قال القاضي عياض: لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدِّثهم ومتكلِّمهم ونظَّارهم ومقلِّدهم أنَّ الظَّواهر الواردة بذكر الله في السَّماء كقوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ} [الملك: 16] ونحوه ليست على ظاهرها بل متأوّلة عند جميعهم" انتهى.

وقال الحافظ أبو العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي في كتابه المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ما نصه :" وقيل في تأويل هذا الحديث: إن النبي صلى الله عليه وسلم سألها بأين عن الرتبة المعنوية التي هي راجعة إلى جلاله تعالى وعظمته التي بها باين كلَّ مَن نُسبت إليه الإلهية وهذا كما يقال: أين الثريا من الثرى؟! والبصر من العمى؟! أي بعُدَ ما بينهما واختصت الثريا والبصر بالشرف والرفعة على هذا يكون قولها في السماء أي في غاية العلو والرفعة وهذا كما يقال: فلان في السماء ومناط الثريا" اهـ .

وقال الرازي أيضا في كتابه أساس التقديس:" إن لفظ أين كما يجعل سؤالا عن المكان فقد يجعل سؤالا عن المنـزلة والدرجة يقال أين فلان من فلان فلعل السؤال كان عن المنـزلة وأشار بها إلى السماء أي هو رفيع القدر جدا " .اهـ

وفي كتاب إكمال المعلم شرح صحيح مسلم للإمام محمد بن خليفة الأبي ما نصه: وقيل إنما سألها بأين عما تعتقده من عظمة الله تعالى، وإشارتها إلى السماء إخبار عن جلاله في نفسها، فقد قال القاضي عياض لم يختلف المسلمون في تأويل ما يوهم أنه تعالى في السماء كقوله تعالى: {ءأمنتم من في السماء}.اهـ ومثله في كتاب مكمل إكمال الإكمال شرح صحيح مسلم للإمام محمد السنوسي الحسني.

وقال الإمام محمد بن أحمد السرخسي الحنفي المتوفى سنة 483 هـ في كتابه المبسوط، المجلد الرابع (الجزء 7) >> [تابع كتاب الطلاق] >> باب العتق في الظهار :

فأما الحديث فقد ذكر في بعض الروايات: أن الرجل قال عليّ عتق رقبة مؤمنة، أو عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق الوحي أن عليه رقبة مؤمنة، فلهذا امتحنها بالإيمان، مع أن في صحة ذلك الحديث كلامًا فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أين الله فأشارت إلى السماء) ولا نظن برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يطلب من أحد أن يثبت لله تعالى جهة ولا مكانًا، ولا حجة لهم في الآية، لأن الكفر خبث من حيث الاعتقاد، والمصروف إلى الكفارة ليس هو الاعتقاد إنما المصروف إلى الكفارة المالية، ومن حيث المالية هو عيب يسير على شرف الزوال"اهـ.

وقال القاضي أبو بكر بن العربي في شرح سنن الترمذي : " أين الله؟ والمراد بالسؤال بها عنه تعالى المكانة فإن المكان يستحيل عليه.اهـ

وقال الحافظ ابن الجوزي في دفع شبه التشبيه بعد رواية حديث معاوية بن الحكم : قلت " قد ثبت عند العلماء أن الله تعالى لا يحويه السماء والأرض ولا تضمه الأقطار وإنما عرف بإشارتها تعظيم الخالق عندها.اهـ

وقال الباجي: لعلها تريد وصفه بالعلو وبذلك يوصف كل من شأنه العلو فيقال فلان في السماء بمعنى علو حاله ورفعته وشرفه.اهـ

وقال البيضاوي: لم يرد به السؤال عن مكانه فإنه منـزه عنه والرسول أعلى من أن يسأل ذلك.اهـ

وقال الإمام الحجة تقي الدين السبكي في رده على نونية ابن قيم الجوزية المسمى بالسيف الصقيل: أما القول فقوله صلى الله عليه وسلم للجارية: أين الله؟ قالت في السماء، وقد تكلم الناس عليه قديما وحديثا والكلام عليه معروف ولا يقبله ذهن هذا الرجل لأنه مشَّاء على بدعة لا يقبل غيرها.اهـ

قال الفخر الرازي: وأما عدم صحة الاحتجاج بحديث الجارية في إثبات المكان له تعالى فللبراهين القائمة في تنـزه الله سبحانه عن المكان والمكانيات والزمان والزمانيات، قال الله تعالى: {قل لمن ما في السموات والأرض قل لله} [الأنعام:12] وهذا مشعر بأن المكان وكل ما فيه ملك لله تعالى، وقال تعالى: {وله ما سكن في الليل والنهار} [الأنعام:13] وذلك يدل على أن الزمان وكل ما فيه ملك لله تعالى فهاتان الآيتان تدلان على أن المكان والمكانيات والزمان والزمانيات كلها ملك لله تعالى وذلك يدل على تنـزيه الله سبحانه عن المكان والزمان.اهـ

وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر الأنصاري الخزرجي الأندلسي القرطبي المفسر في كتاب التذكار في أفضل الأذكار: لأن كل من في السموات والأرض وما فيهما خلق الله تعالى وملك له وإذا كان كذلك يستحيل على الله أن يكون في السماء أو في الأرض إذ لو كان في شىء لكان محصورا أو محدودا ولو كان كذلك لكان محدثا وهذا مذهب أهل الحق والتحقيق وعلى هذه القاعدة قوله تعالى: {ءأمنتم من في السماء} وقوله عليه السلام للجارية: أين الله؟ قالت في السماء، ولم يُنكر عليها وما كان مثله ليس على ظاهره بل هو مؤول تأويلات صحيحة قد أبداها كثير من أهل العلم في كتبهم.اهـ

وقال بعض العلماء إن الرواية الموافقة للأصول هي رواية مالك وفيها أن الرسول قال لها: "أتشهدين أن لا إله إلا الله" قالت: "نعم" قال: "أتشهدين أني رسول الله" قالت: "نعم". أخرجها الإمامان إماما أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل ومالك بن أنس رضي الله عنهما.

أما أحمد فأخرج عن رجل من الأنصار أنه جاء بأمَةٍ سوداء فقال: "يا رسول الله إن عليَّ رقبه مؤمنة فإن كنت ترى هذه مؤمنة فأعتقها" فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: "أتشهدين أن لا إله الا الله" قالت: "نعم"، قال: "أتشهدين أني رسول الله" قالت: "نعم"، قال: "أتؤمنين بالبعث بعد الموت" قالت: "نعم"، قال: "أعتقها"، ورجاله رجال الصحيح.

وفي رواية لابن الجارود بلفظ: أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ قالت: نعم، قال: أتشهدين أني رسول الله؟ قالت: نعم، قال: أتوقنين بالبعث بعد الموت؟ قالت نعم، قال: اعتقها فإنها مؤمنة. وهي رواية صحيحة.

ومنها ما رواه الإمام ابن حبان في صـحيحـه عن الشريد بن سويد الثقفي قال قلت: يا رسول الله إن أمي أوصت أن نعتق عنها رقبة وعندي جارية سوداء قال: ادع بها، فجاءت فقال: من ربك؟ قالت: الله، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة. ورواه أيضا بهذا اللفظ النسائي في الصغرى وفي الكـبرى والإمام أحمد في مسنده والطبراني والبيهقي ورواه أيضا بهذا اللفظ ابـن خزيمة في كتابه الذي سماه كتاب التوحيد من طريق زياد بن الربيع عن بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن الشريد.

قال بعض العلماء : ظاهر هذا الحديث ( الذي فيه حكم على الجارية بالإسلام لأنها قالت : في السماء ) يخالف الحديث المتواتر الذي رواه خمسة عشر صحابيا. وهذا الحديث المتواتر الذي يعارض حديث الجارية قوله عليه الصلاة والسلام: {أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله}.هذا الحديث فيه أنّ الرسول لا يحكم بإسلام الشخص الذي يريد الدخول بالإسلام إلا بالشهادتين. لأن من أصول الشريعة أن الشخص لا يحكم له بقول " الله في السماء " بالإسلام لأن هذا القول مشترك بين اليهود والنصارى وغيرهم وإنما الأصل المعروف في شريعة الله ما جاء في الحديث: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله "اهـ ولفظ رواية مالك : أتشهدين ، موافق للأصول . لذا حكم الحافظ أبو بكر البيهقي وغيره باضطراب حديث الجارية هذا.









قديم 2010-09-27, 17:46   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
01 algeroi
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة dionysos93 مشاهدة المشاركة

وأما الحديث المعروف بحديث الجارية فقد قال فيه الإمام النووي في شرح صحيح مسلم الجزء الخامس كتاب المساجد ومواضع الصَّلاة باب تحريم الكلام في الصَّلاة ونسخ ما كان من إباحته : " هذا الحديث من أحاديث الصّفات، وفيها مذهبان تقدَّم ذكرهما مرَّات في كتاب الإيمان: أحدهما: الإيمان به من غير خوض في معناه، مع اعتقاد أنَّ الله ليس كمثله شىء، وتنـزيهه عن سمات المخلوقات. والثَّاني: تأويله بما يليق به.فمن قال بهذا قال: كان المراد امتحانها هل هي موحِّدة تقرُّ بأنَّ الخالق المدبِّر الفعَّال هو الله وحده، وهو الَّذي إذا دعاه الدَّاعي استقبل السَّماء، كما إذا صلَّى المصلِّي استقبل الكعبة، وليس ذلك لأنَّه منحصر في السَّماء، كما أنَّه ليس منحصراً في جهة الكعبة، بل ذلك لأنَّ السَّماء قبلة الدَّاعين، كما أنَّ الكعبة قبلة المصلِّين، أو هي من عبدة الأوثان العابدين للأوثان الَّتي بين أيديهم، فلمَّا قالت: في السَّماء علم أنَّها موحِّدة وليست عابدة للأوثان. قال القاضي عياض: لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدِّثهم ومتكلِّمهم ونظَّارهم ومقلِّدهم أنَّ الظَّواهر الواردة بذكر الله في السَّماء كقوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ} [الملك: 16] ونحوه ليست على ظاهرها بل متأوّلة عند جميعهم" انتهى.

وقال الحافظ أبو العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي في كتابه المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ما نصه :" وقيل في تأويل هذا الحديث: إن النبي صلى الله عليه وسلم سألها بأين عن الرتبة المعنوية التي هي راجعة إلى جلاله تعالى وعظمته التي بها باين كلَّ مَن نُسبت إليه الإلهية وهذا كما يقال: أين الثريا من الثرى؟! والبصر من العمى؟! أي بعُدَ ما بينهما واختصت الثريا والبصر بالشرف والرفعة على هذا يكون قولها في السماء أي في غاية العلو والرفعة وهذا كما يقال: فلان في السماء ومناط الثريا" اهـ .

وقال الرازي أيضا في كتابه أساس التقديس:" إن لفظ أين كما يجعل سؤالا عن المكان فقد يجعل سؤالا عن المنـزلة والدرجة يقال أين فلان من فلان فلعل السؤال كان عن المنـزلة وأشار بها إلى السماء أي هو رفيع القدر جدا " .اهـ

وفي كتاب إكمال المعلم شرح صحيح مسلم للإمام محمد بن خليفة الأبي ما نصه: وقيل إنما سألها بأين عما تعتقده من عظمة الله تعالى، وإشارتها إلى السماء إخبار عن جلاله في نفسها، فقد قال القاضي عياض لم يختلف المسلمون في تأويل ما يوهم أنه تعالى في السماء كقوله تعالى: {ءأمنتم من في السماء}.اهـ ومثله في كتاب مكمل إكمال الإكمال شرح صحيح مسلم للإمام محمد السنوسي الحسني.

وقال الإمام محمد بن أحمد السرخسي الحنفي المتوفى سنة 483 هـ في كتابه المبسوط، المجلد الرابع (الجزء 7) >> [تابع كتاب الطلاق] >> باب العتق في الظهار :

فأما الحديث فقد ذكر في بعض الروايات: أن الرجل قال عليّ عتق رقبة مؤمنة، أو عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق الوحي أن عليه رقبة مؤمنة، فلهذا امتحنها بالإيمان، مع أن في صحة ذلك الحديث كلامًا فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أين الله فأشارت إلى السماء) ولا نظن برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يطلب من أحد أن يثبت لله تعالى جهة ولا مكانًا، ولا حجة لهم في الآية، لأن الكفر خبث من حيث الاعتقاد، والمصروف إلى الكفارة ليس هو الاعتقاد إنما المصروف إلى الكفارة المالية، ومن حيث المالية هو عيب يسير على شرف الزوال"اهـ.

وقال القاضي أبو بكر بن العربي في شرح سنن الترمذي : " أين الله؟ والمراد بالسؤال بها عنه تعالى المكانة فإن المكان يستحيل عليه.اهـ

وقال الحافظ ابن الجوزي في دفع شبه التشبيه بعد رواية حديث معاوية بن الحكم : قلت " قد ثبت عند العلماء أن الله تعالى لا يحويه السماء والأرض ولا تضمه الأقطار وإنما عرف بإشارتها تعظيم الخالق عندها.اهـ

وقال الباجي: لعلها تريد وصفه بالعلو وبذلك يوصف كل من شأنه العلو فيقال فلان في السماء بمعنى علو حاله ورفعته وشرفه.اهـ

وقال البيضاوي: لم يرد به السؤال عن مكانه فإنه منـزه عنه والرسول أعلى من أن يسأل ذلك.اهـ

وقال الإمام الحجة تقي الدين السبكي في رده على نونية ابن قيم الجوزية المسمى بالسيف الصقيل: أما القول فقوله صلى الله عليه وسلم للجارية: أين الله؟ قالت في السماء، وقد تكلم الناس عليه قديما وحديثا والكلام عليه معروف ولا يقبله ذهن هذا الرجل لأنه مشَّاء على بدعة لا يقبل غيرها.اهـ

قال الفخر الرازي: وأما عدم صحة الاحتجاج بحديث الجارية في إثبات المكان له تعالى فللبراهين القائمة في تنـزه الله سبحانه عن المكان والمكانيات والزمان والزمانيات، قال الله تعالى: {قل لمن ما في السموات والأرض قل لله} [الأنعام:12] وهذا مشعر بأن المكان وكل ما فيه ملك لله تعالى، وقال تعالى: {وله ما سكن في الليل والنهار} [الأنعام:13] وذلك يدل على أن الزمان وكل ما فيه ملك لله تعالى فهاتان الآيتان تدلان على أن المكان والمكانيات والزمان والزمانيات كلها ملك لله تعالى وذلك يدل على تنـزيه الله سبحانه عن المكان والزمان.اهـ

وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر الأنصاري الخزرجي الأندلسي القرطبي المفسر في كتاب التذكار في أفضل الأذكار: لأن كل من في السموات والأرض وما فيهما خلق الله تعالى وملك له وإذا كان كذلك يستحيل على الله أن يكون في السماء أو في الأرض إذ لو كان في شىء لكان محصورا أو محدودا ولو كان كذلك لكان محدثا وهذا مذهب أهل الحق والتحقيق وعلى هذه القاعدة قوله تعالى: {ءأمنتم من في السماء} وقوله عليه السلام للجارية: أين الله؟ قالت في السماء، ولم يُنكر عليها وما كان مثله ليس على ظاهره بل هو مؤول تأويلات صحيحة قد أبداها كثير من أهل العلم في كتبهم.اهـ

وقال بعض العلماء إن الرواية الموافقة للأصول هي رواية مالك وفيها أن الرسول قال لها: "أتشهدين أن لا إله إلا الله" قالت: "نعم" قال: "أتشهدين أني رسول الله" قالت: "نعم". أخرجها الإمامان إماما أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل ومالك بن أنس رضي الله عنهما.

أما أحمد فأخرج عن رجل من الأنصار أنه جاء بأمَةٍ سوداء فقال: "يا رسول الله إن عليَّ رقبه مؤمنة فإن كنت ترى هذه مؤمنة فأعتقها" فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: "أتشهدين أن لا إله الا الله" قالت: "نعم"، قال: "أتشهدين أني رسول الله" قالت: "نعم"، قال: "أتؤمنين بالبعث بعد الموت" قالت: "نعم"، قال: "أعتقها"، ورجاله رجال الصحيح.

وفي رواية لابن الجارود بلفظ: أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ قالت: نعم، قال: أتشهدين أني رسول الله؟ قالت: نعم، قال: أتوقنين بالبعث بعد الموت؟ قالت نعم، قال: اعتقها فإنها مؤمنة. وهي رواية صحيحة.

ومنها ما رواه الإمام ابن حبان في صـحيحـه عن الشريد بن سويد الثقفي قال قلت: يا رسول الله إن أمي أوصت أن نعتق عنها رقبة وعندي جارية سوداء قال: ادع بها، فجاءت فقال: من ربك؟ قالت: الله، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة. ورواه أيضا بهذا اللفظ النسائي في الصغرى وفي الكـبرى والإمام أحمد في مسنده والطبراني والبيهقي ورواه أيضا بهذا اللفظ ابـن خزيمة في كتابه الذي سماه كتاب التوحيد من طريق زياد بن الربيع عن بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن الشريد.

قال بعض العلماء : ظاهر هذا الحديث ( الذي فيه حكم على الجارية بالإسلام لأنها قالت : في السماء ) يخالف الحديث المتواتر الذي رواه خمسة عشر صحابيا. وهذا الحديث المتواتر الذي يعارض حديث الجارية قوله عليه الصلاة والسلام: {أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله}.هذا الحديث فيه أنّ الرسول لا يحكم بإسلام الشخص الذي يريد الدخول بالإسلام إلا بالشهادتين. لأن من أصول الشريعة أن الشخص لا يحكم له بقول " الله في السماء " بالإسلام لأن هذا القول مشترك بين اليهود والنصارى وغيرهم وإنما الأصل المعروف في شريعة الله ما جاء في الحديث: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله "اهـ ولفظ رواية مالك : أتشهدين ، موافق للأصول . لذا حكم الحافظ أبو بكر البيهقي وغيره باضطراب حديث الجارية هذا.



يقول الشيخ عبد الله الخليفي في كتابه الماتع الدفاع عن حديث الجارية في نقض ما تعلّق به السقاف ونقله المخالف



ما أورده السقاف على حديث الجارية من جهة المتن



الشبهة الأولى

احتج السقاف في ص52 بالإجماع الذي نقله القاضي عياض حيث قال _ كما في شرح النووي على صحيح مسلم (5/24) (( قال القاضي عياض : لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظارهم ومقلدهم أن الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء كقوله تعالى * (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الارض) * ونحوه ليست على ظاهرها بل متأولة عند جميعهم ))

قلت وهذ إجماع مكذوب منقوض فأول ما ينقضه حديث الجارية نفسه فقد صرحت الجارية باثبات العلو أمام النبي صلى الله عليه وسلم وأقرها على ذلك
وثاني ما ينقضه ما رواه أبو داود في في مسائل الإمام أحمد
(ص263) بسند صحيح عن عبدالله بن نافع عن الامام مالك ( إمام مذهب القاضي عياض في الفقه ) أنه قال (( الله في السماء وعلمه في كل مكان ))

وعبدالله بن نافع هذا هو الصائغ وقد عده ابن معين من الأثبات في مالك وقال عنه ابن سعد (( لزم مالك لزوما شديدا )) وقال أحمد (( كان أعلم الناس برأي مالك وحديثه )) وقال أبوداود (( كان عبدالله عالما بمالك )) وقال أحمد بن صالح (( أعلم الناس بمالك وحديثه )) وعلى فرض أنه بن ثابت فهو ثقة أيضاً ( انظر تهذيب التهذيب

وثالث ماينقضه ما قاله أبو الحسن الأشعري امام الأشعرية في كتابه مقالات الاسلاميين ( ص290_ 297) عند كلامه على مقالة أهل الحديث (( وأن الله على عرشه كما قال (( الرحمن على العرش استوى ))

ورابع ما قاله ابن جرير الطبري _ وهو إمام المفسرين _ في تفسير الآية التي ذكرها القاضي (23/513) (( ( أم أمنتم من في السماء ) وهو الله )

وقال البغوي في تفسيره (8/178) (({ أأمنتم من في السماء } قال ابن عباس: أي: عذاب من في السماء إن عصيتموه ))

قلت من هو الذي يتوعد عاصيه بالعقوبة أليس هو الله عز وجل ؟!!



الشبهة الثانية

نقل السقاف في ص29 عن ابن العربي تأويل حديث الجارية
قال ابن العربي في عارضة الأحوذي " (11 / 273) ما نصه : " . . . فقال لها " أين الله " والمراد بالسؤال بها عنه تعالى المكانة فإن المكان يستحيل عليه . . "

قلت وهذا مردود من وجوه أولها وثانيها معاً أن العرب لا تسأل بأين عن المكانة إلا اذا اتصلت بمن وكانت في وضع المقارنة فيقولون أين فلان من فلان وهذا لا ينطبق على حديث الجارية ومن ذا الذي يقارن برب العالمين !!!

وثالثها أنه يلزم من هذا اتهام الجارية بتشبيه مكانة الله بمكانة من كانت تقول فيهم العرب فلان في السماء فيكون الأشاعرة قد هربوا من تشبيه المكان الى تشبيه المكانة وقد عقد السقاف فصلاً في ص53 في بيان أن العرب كانت تقول فلان في السماء تعني به قدره وبما قدمت نسف لهذا الفصل برمته

الشبهة الثالثة

نقل السقاف في ص28 عن الإمام النووي قوله في شرحه لصحيح مسلم ((5 / 24) : " هذا الحديث من أحاديث الصفات وفيها مذهبان تقدم ذكرهما مرات في كتاب الايمان ، أحدهما : الايمان به من غير خوض في معناه (أي تفويض المعنى) مع اعتقاد أن الله تعالى ليس كمثله شئ وتنزيهه عن سمات المخلوقات ، والثاني : تأويله بما يليق به ، فمن قال بهذا قال : كان المراد امتحانها هل هي موحدة تقر بأن الخالق المدبر الفعال هو

الله وحده وهو الذي إذا دعاه الداعي استقبل السماء كما إذا صلى المصلي استقبل الكعبة وليس ذلك لانه منحصر في السماء كما أنه ليس منحصرا في جهة الكعبة ، بل ذلك لأن السماء قبلة الداعين كما أن الكعبة قبلة المصلين ، أو هي من عبدة الاوثان العابدين للأوثان التي بين أيديهم فلما قالت في السماء علم أنها موحدة وليست عابدة للاوثان ))

قلت أما مسلك التفويض فساقط لأن النبي صلى الله عليه وسلم شهد للجارية بالإيمان لما قالته فينبغي أن نقول كما قالت ليشهد لنا بالإيمان كما شهد لها لا أن نفوض

الجارية تثبت والنبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها وهؤلاء يقولون ( نفوض ) بدلاً من أن يسلكوا مسلك النبي صلى الله عليه وسلم وهذا عين المنابذة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم

وأما التأويل الثاني فجد بعيد لأنه لو أراد هذا المعنى لسألها (( من ربك )) أو (( ما تعبدين )) بدلاً من هذا السؤال الموهم للتشبيه بزعمهم والنبي صلى الله عليه وسلم أبعد الناس عن الألفاظ الموهمة للباطل

وأما من زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم انما سكت على الجارية خوفا عليها من التعطيل فأقول جوابا على هذا الهراء اذا وسع النبي صلى الله عليه وسلم السكوت أفلا يسعكم ما وسعه أم أنكم أحرص على الأمة منه

ثم انه لا يجوز في حق النبي صلى الله عليه وسلم السكوت على الكفر خوفا من كفر آخر ولو فعل ذلك شخص عادي لسخرنا منه لأن كلا من التشبيه والتعطيل طريق الى النار أفيخرجها من هذا ليدخلها في ذاك؟!!


وبقي الكلام على قولهم إن السماء قبلة الدعاء فهذا باطل من وجوه

الأول : أن القبلة أمرٌ يعلم بالدليل والإجتهاد والناس يتجهون إلى السماء عند الدعاء بلا تعلم أو اجتهاد ولا تواطؤ على ذلك وأغلبهم من العوام الذين لا يعرفون هذه التفصيلات الكلامية

الثاني :أنه جاء في الحديث(( أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج بالناس يستسقي لهم، فقام فدعا الله قائما، ثم توجه قبل القبلة، وحول رداءه، فسقوا)) رواه البخاري 977 ومسلم (611)

فلو كانت السماء قبلة الدعاء لما احتاج أن يتجه إلى قبلة أخرى عند الدعاء

الثالث: أننا لا نعرف أحداً من السلف قال بهذا القول

الرابع : يلزم من هذا القول تحريم أو على الأقل كراهية عدم التوجه إلى السماء عند الدعاء وهذا لم يقل به أحد بل إننا ندعو الله في الصلاة ولا نتوجه إلى السماء

وقد نقل السقاف كلاماً لغير هؤلاء من المعطلة ولكنه إنشائي لا حجة فيه ولا حتى شبهة

البقية على الرابط

https://www.asha3ira.co.cc/2010/07/blog-post_2784.html









قديم 2010-09-27, 22:46   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الإخوة الأفاضل بارك الله فيكم جميعا إلا أنني أريد ان أعلمكم أن موضوعي لم ينتهي بعد وكل ما طرحه أخي الكريم عادل الميلي سيتم الإجابة عنه لهذا لا تستبقوا الأمر بارك الله فيكم.









قديم 2010-09-27, 22:51   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

رد الإعتراضات

الإعتراض الأول:تفسير الفوقية بالمجاز على أنها فوقية قدر ورتبة .



اعلمْ رحمكَ الله بأنَّ المعطِّلةَ ادَّعوْا أنَّ علوَّ الله سبحانه وتعالى مجازٌ فِي فوقيَّة الرُّتبةِ والقهرِ والقدْرِ كَمَا يقالُ: الذهبُ فوقَ الفضَّة، والأميرُ فوقَ الوزيرِ، والدينارُ فوقَ الدرهمِ، والمسكُ فوقَ العنبرِ أي في القيمةِ والقدرِ.
قال ابنُ القيِّم رحمه الله:
وَالفَوْقُ وَصفٌ ثَابِتٌ بِالذَّاتِ مِنْ كُلِّ الوُجُوهِ لِفَاطِرِ الأكْوَانِ
لَكِن نُفَاةَ الفَوْقِ مَا وَافُوا بِهِ جَحَدُوا كَمَالَ الفَوْقِ لِلدَّيـَّانِ
بَلْ فَسَّرُوهُ بِأن قَدْرَ الله أعْـ ـلَى لاَ بِفَوْق الذَّات للِرَّحْمَنِ
قَالُوا وَهَذَا مِثْل قَوْلِ النَّاسِ فِي ذَهَبٍ يُرَى مِن خَالِص العِقْيَانِ
هُو فَوْقَ جِنْسِ الفِضةِ البَيْضَاء لاَ بِالذَّاتِ بَلْ فِي مُقْتَضَى الأثْمَانِ
وَالفَوْقُ أنْوَاع ثَلاَث كُلُّهَا لله ثَابِتةٌ بِلاَ نُكْرَانِ
هَـذَا الذِي قَالُوا وَفَوْقُ القَهْرِ وَالْـ فَوْقِيـةُ العُلْيَـا عَلَـى الأكْـوَانِ[1]
وعلوُّ القدرِ والقهرِ وإنْ كان ثابتًا للرَّبِّ سبحانه وتعالى لكنَّ إنكارَ حقيقةِ فوقيَّته سبحانه وتعالى وحملهَا عَلَى المجازِ باطلٌ منْ وجوهٍ عديدةٍ:
أحدُها:
أنَّ الأصلَ الحقيقةُ والمجازُ على خلافِ الأصْلِ. والقولُ بالمجازِ في الصِّفاتِ، يفضي بصاحبهِ إلى تكذيبِ النُّصوصِ الصَّريحةِ الصَّحيحةِ المحكمةِ، المفهومةِ اللَّفظِ، المعقولةِ المعنى.
قالَ أبو عمرو الدانيُّ رحمه الله: «كُلُّ ما قالَهُ اللهُ تعالى، فعلى الحقيقةِ، لا على المجازِ، ولا تُحْمَلُ صِفَاتُ اللهِ تعالى على العُقُولِ والمَقَايِيسِ، ولا يُوصَفُ إلَّا بما وَصَفَ به نَفْسَهُ أو وَصَفَهُ به نَبِيُّهُ، أو أَجْمَعَتِ الأُمَّةُ عليهِ»[2].
وقال ابنُ عبد البرِّ رحمه الله: «أهلُ السُّنةِ مجمعونَ على الإقرارِ بالصِّفاتِ الواردةِ كلِّها في القرآنِ والسُّنَّةِ والإيمانِ بها وحملهَا على الحقيقةِ لا على المجازِ إلَّا أنَّهم لا يكيِّفونَ شيئًا منْ ذلكَ»[3].
قالَ الذهبيُّ معقبًا: صدقَ والله، فإنَّ منْ تأوَّلَ سائرَ الصفاتِ، وحملَ ما وردَ منها على مجازِ الكلامِ، أدَّاهُ ذلكَ السلبُ إلى تعطيلِ الرَّبِّ، وأنْ يُشابه المعدومَ، كما نُقِلَ عنْ حماد بن زيد أنَّهُ قال: «مثَلُ الجهميَّةِ، كقومٍ قالوا: في دارنا نخلة، قيل: لها سعفٌ؟ قالوا: لا، قيلَ: فلها كَرَبٌ؟ قالوا: لا، قيل: لها رطبٌ وقِنْوٌ؟ قالوا: لا، قيلَ: فلها ساقٌ؟ قالوا: لا، قيل: فما في داركم نخلة»[4].
(قلت): كذلكَ هؤلاء النُّفاة قالوا: إلهنا الله تعالى، وهو لا في زمانٍ ولا في مكانٍ، ولا يرى... وقالوا: سبحانَ المنزَّه عن الصفاتِ! بلْ نقولُ: سبحان الله العلي العظيم السميع البصير المريد، الذي كلَّمَ موسى تكليمًا، واتخذَ إبراهيمَ خليلًا، ويُرى في الآخرة، المتَّصف بما وصفَ بهِ نفسهُ، ووصفه بهِ رسله، المنزَّه عنْ سماتِ المخلوقينَ، وعنْ جحدِ الجاحدينَ، ليس كمثلهِ شيءٌ وهو السميع البصير[5].
وقالَ الحافظُ الإمامُ أبو أحمد بن علي بن محمد القصَّاب رحمه الله (400هـ): « كلُّ صِفَةٍ وَصَفَ اللهُ بها نفسَه، أو وَصَفَهُ بها نبيُّه، فهي صفةٌ حقيقيةٌ لا مجازًا»[6].
قال الذهبيُّ رحمه الله معقِّبًا: «نعمْ لوْ كانتْ صفاتُه مجازًا لَتَحَتَّمَ تأويلُهَا ولقيلَ: معنى البصرِ كذا، ومعنى السَّمعِ كذا، ومعنى الحياةِ كذا، ولفُسِّرَت بغيرِ السَّابقِ إلى الأفهامِ، فلمَّا كانَ مذهبُ السَّلفِ إمرارهَا بلا تأويلٍ عُلِمَ أنَّها غيرُ محمولةٍ على المَجَازِ وأنَّها حَقٌّ بَيِّنٌ»[7].
وقال رحمه الله: «إنَّ النُّصوصَ في الصفاتِ واضحةٌ، ولو كانتِ الصفاتُ تُردُّ إلى المجازِ، لبطلَ أنْ تكونَ صفاتٍ لله، وإنَّما الصفةُ تابعةٌ للموصوفِ، فهو موجودٌ حقيقةً لا مجازًا، وصفاتهُ ليستْ مجازًا، فإذا كانَ لا مثلَ لهُ ولا نظيرَ لزمَ أنْ يكونَ لا مِثْلَ لها»[8].
الثاني:
معلومٌ باتِّفاقِ العقلاءِ: أنَّ المخاطبَ المبيِّنَ إذا تكلَّمَ بالمجازِ المخالفِ للحقيقةِ، والباطنِ المخالفِ للظاهرِ، فلا بدَّ أنْ يقرِنَ بخطابهِ ما يدلُّ على إرادةِ المعنى المجازيِّ؛ فإذا كانَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم - الذي بعثَ بأفصحِ اللُّغاتِ وأبينِ الألسنةِ والعباراتِ - المبلِّغُ المبيِّنُ الذي بيَّنَ للنَّاسِ ما نزِّلَ إليهم تكلَّمَ بالكلامِ الذي يفهمُ منهُ معنًى وأعادهُ مرَّاتٍ كثيرةٍ؛ وخاطبَ بهِ الخلقَ كلَّهم وفيهم الذكيُّ والبليدُ، والفقيهُ وغيرُ الفقيهِ، وقدْ أوجبَ عليهم أنْ يتدبَّروا ذلكَ الخطابَ ويعقلوهُ، ويتفكَّروا فيه ويعتقدوا موجبهُ، ثمَّ أوجبَ أنْ لا يعتقدوا بهذا الخطابِ شيئًا منْ ظاهرهِ[9]؛ وهو «يعلمُ أنَّ المرادَ بالكلامِ خلافُ مفهومهِ ومقتضاهُ، كانَ عليهِ أنْ يقرِنَ بخطابهِ ما يصرفُ القلوبَ عنْ فهمِ المعنى الذي لم يردْ؛ لا سيَّما إذا كانَ باطلًا لا يجوزُ اعتقادهُ في الله، فإنَّ عليهِ أنْ ينهاهم عنْ أنْ يعتقدوا في الله ما لا يجوزُ اعتقادهُ إذا كان ذلكَ مخوفًا عليهم؛ ولوْ لمْ يخاطبهمْ بما يدلُّ على ذلكَ، فكيفَ إذا كانَ خطابهُ هو الذي يدلُّهم على ذلكَ الاعتقادِ الذي تقولُ النُّفاةُ: هو اعتقادٌ باطلٌ؟!.
فكيفَ يجوزُ أنْ يعلِّمنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم كلَّ شيءٍ حتَّى «الخراءةَ» ويقولُ: «ما بَقِيَ شَيءٌ يُقَرِّبُ مِنَ الجَنَّةِ،ويُبَاعِدُ مِنَ النَّارِ، إلَّا وقَدْ بُيِّنَ لَكُم»[10] ويقولُ: «لقدْ تَرَكْتُكُم على مِثْلِ البَيْضَاءِ لَيْلُها كَنَهَارِهَا لا يزيغُ عنها إلا هَالِكٌ»[11] ثمَّ يتركُ الكتابَ المنزلَ عليهِ وسنَّتهُ الغرَّاءَ مملؤةٌ ممَّا يزعمُ الخصمُ أنَّ ظاهرهُ تشبيهٌ وتجسيمٌ، وأنَّ اعتقادَ ظاهرهِ ضلالٌ، وهو لا يبيِّنُ ذلكَ ولا يوضِّحُه؟!»[12].
الثالثُ:
إنَّ لفظَ «العليِّ» و«العلوِّ» لمْ يستعملْ في القرآنِ عندَ الإطلاقِ في مجرَّدِ القدرةِ، ولا في مجرَّدِ الفضيلةِ. ولفظُ «العلوِّ» يتضمنُ الاستعلاءَ، وغيرَ ذلكَ مِنَ الأفعال إذا عديَ بحرفِ الاستعلاء دلَّ على العلوِّ، كقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [السجدة: 4] فهو يدلُّ على علوِّهِ على العرشِ[13].
الرابعُ:
أنَّ القائلَ إِذَا قالَ: الذهبُ فوقَ الفضَّةِ قدْ أحالَ المخاطَبَ عَلَى مَا يفهَمُ مِنْ هَذَا السِّياقِ والمعتد بأمرينِ عُهِدَ تساويهما فِي المكانِ وتفاوتهما فِي المكانةِ فانصرفَ الخطابُ إلى مَا يعرفهُ السَّامعُ، وَلاَ يلتبسُ عَلَيهِ. فهل لأحدٍ منْ أهلِ الإسلامِ وغيرهم عهدَ بمثلِ ذلكَ فِي فوقيَّةِ الرَّبِّ تعالى حتَّى ينصرفَ فهمُ السَّامعِ إليهَا.
الخامسُ:
أنَّ الفِطَرَ والعقولَ والشَّرائعَ وجميعَ كتبِ الله المنزلةِ عَلَى خلافِ ذلكَ وأنَّه سبحانه وتعالى فوقَ العالمِ بذاتهِ، فالخطابُ بفوقيَّتهِ ينصرفُ إلى مَا استقرَّ فِي الفطرِ والعقولِ والكتبِ السَّماويةِ.
السادسُ:
أنَّ هَذَا المجازَ لَوْ صُرِّحَ بهِ فِي حقِّ الله كانَ قبيحًا، فإنَّ ذلك إنَّما يقالُ فِي المتقاربينِ فِي المنزلةِ وأحدُهما أفضلُ مِنَ الآخرِ، وأمَّا إِذَا لمْ يتقاربا بوجهٍ فإنَّهُ لا يصحُّ فيهما ذلكَ، وإذا كانَ يقبحُ كلَّ القبحِ أنْ تقولَ: «الجوهرُ فوقَ قشرِ البَصلِ» وإِذَا قلتَ ذلكَ ضحكتْ منكَ العقلاءُ للتَّفاوتِ العظيمِ الَّذي بينهما، فالتَّفاوتُ الَّذي بينَ الخالقِ والمخلوقِ أعظمُ وأعظمُ، وفي مثلِ هَذَا قِيلَ شعرًا:
ألم تَرَ أنَّ السيفَ ينْقُـصُ قَـدْرُهُ إ ِذَا قِيلَ إنَّ السيفَ أمضى من العصا
السابعُ: أنَّ الرَّبَّ سبحانه وتعالى لم يمتدحْ نفسَهُ فِي كتابهِ وَلاَ عَلَى لسانِ رسولهِ صلى الله عليه وسلم بأنَّه أفضلُ مِنَ العرشِ، وأنَّ رتبتهُ فوقَ رتبةِ العرشِ، وأنَّهُ خيرٌ مِنَ السَّماواتِ والعرشِ. وهذا ممَّا تنفرُ منهُ العقولُ السَّليمةُ، وتشمئزُ منهُ القلوبُ الصَّحيحةُ. فإنَّ قولَ القائلِ ابتداءً: الله خيرٌ منْ عبادهِ، أو خيرٌ منْ عرشهِ، منْ جنسِ قولهِ: الشمسُ أضوأُ مِنَ السِّراجِ، والسَّماءُ أعلى مِنْ سقفِ الدَّارِ، والجبلُ أثقلُ مِنَ الحصى، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم أفضلُ منْ فلانٍ اليهوديِّ، وليسَ في ذلكَ تمجيدٌ، ولا تعظيمٌ، ولا مدحٌ؛ بلْ هوَ منْ أرذلِ الكلامِ، وأسْمجهِ، وأهْجَنِهِ! فكيفَ يليقُ حملُ الكلامِ المجيدِ عليه؟! وحيثُ وردَ ذلكَ فِي الكتابِ فإنَّما هو فِي سياق الرَّدِّ لمنْ سوَّى بينهُ وبينَ غيرهِ في العبادةِ والتألُّهِ، فبيَّن سبحانه وتعالى أنَّه خيرٌ منْ تلكَ الآلهةِ كقولهِ: {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل: 59] وقولهِ: {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [يوسف: 39] وقولِ السَّحرةِ: {وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 73].
فهذا السِّياقُ يقالُ في مثلهِ: إنَّ الله خيرٌ ممَّا سواهُ مِنَ الآلهةِ الباطلةِ، وأمَّا بعدَ أنْ يذكرَ أنَّهُ مالكُ الكائناتِ كما في قوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255] ويقالُ مَعَ ذلكَ: هوَ أفضلُ منْ مخلوقاتهِ، وأعظمُ منْ مصنوعاتهِ فهذا ينزَّهُ عنهُ كلامُ الله[14]. وَلاَ يصحُّ إلحاقُ هَذَا بذلكَ، وَلاَ يُنكرُ هَذَا إلَّا غبيٌّ.
الثامنُ:
أنَّ هَذَا المجازَ محتملٌ إذا كانَ هناكَ مقارنةٌ في الصِّفاتِ بينَ مخلوقٍ ومخلوقٍ، كما في قولهِ تعالى لموسى عليه السلام: {لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى} [طه: 68]، وكما في قولهِ تعالى للمؤمنينَ: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ *} [آل عمران: 139] وكما في قولهِ تعالى: {وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} [الأعراف: 127] فذلكَ لأنَّه قدْ عُلِمَ أنَّهم جميعًا مستقرُّونَ عَلَى الأرضِ فهيَ فوقيَّةُ قهرٍ وغلبةٍ، لمْ يلزمْ مثلهُ فِي قوله: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18 و16] إذْ قدْ عُلِمَ بالضَّرورةِ أنَّهُ وعبادَهُ ليسوا مستوينِ فِي مكانٍ واحدٍ حتىَّ تكونَ فوقيَّةَ قهرٍ وغلبةٍ.
التاسعُ:
هبْ أنَّ هَذَا يحتملُ فِي مثلِ قولهِ: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76] لدلالةِ السِّياقِ والقرائنِ المقترنةِ باللَّفظِ عَلَى فوقيَّةِ الرُّتبةِ، ولكنْ هَذَا إنَّما يأتي مجرَّدًا عنْ «مِنْ» وَلاَ يستعملُ مقرونًا بـ«مِنْ» فلا يُعْرَفُ فِي اللُّغةِ البتَّة أنْ يقالَ: الذَّهبُ مِنْ فوقِ الفضَّةِ، وَلاَ عالمٌ مِنْ فوقِ الجاهلِ، وقدْ جاءتْ فوقيَّةُ الرَّبِّ مقرونةً بـ «منْ» كقولهِ تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ *} [النحل: 50] فهذا صريحٌ فِي فوقيَّةِ الذَّاتِ؛ وَلاَ يصِحُّ حملهُ عَلَى فوقيَّةِ الرتبةِ؛ لأنَّ الظرفَ (فوق) جاءَ في هذهِ الآيةِ مقيَّدًا بحرفِ الجرِّ (مِنْ)، والظُّروفُ المقيَّدةُ في اللُّغةِ العربيةِ مثلُ (منْ فوقِ) و(منْ تحتِ) لا تعني إلَّا معاني الظُّروفِ الحقيقيَّةِ لا المجازيةِ، وتختلفُ عنْ جميعِ الظُّروفِ التي تأتي غيرَ مقيَّدةٍ مثل (فوق) و(تحت) التي قد تعني الحقيقةَ أوالمجازَ أو كليهما معًا، ويحدِّدُ ذلكَ القرآنُ. انظر مثلًا قوله تعالى: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 26] {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ} [الشورى: 5]، {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا} [فصلت: 10]، {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} [الزمر: 16]. {لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [الزمر: 20]. {يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ} [النور: 40]. {وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلاَ تُبْصِرُونَ} [الزخرف: 51]. {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا} [مريم: 24]. {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65]. {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 50].
العاشرُ:
إذا كان العلوُّ والفوقيَّةُ صفةَ كمالٍ لا نقصَ فيه وَلاَ يستلزمُ نقصًا وَلاَ يوجبُ محذورًا وَلاَ يخالفُ كتابًا وَلاَ سنَّةً وَلاَ إجماعًا فنفيُ حقيقتِهَا عينُ الباطلِ... فلو لم يقبلِ العلوَّ والفوقيَّةَ لكانَ كلُّ عالٍ عَلَى غيرهِ أكملَ منهُ. فإنَّ في المخلوقاتِ ما يوصفُ بالعلوِّ دونَ السُّفولِ كالسَّمواتِ، وما كان موصوفًا بالعلوِّ دونَ السُّفولِ كانَ أفضلَ ممَّا لا يوصفُ بالعلوِّ[15] والخالقُ أكملُ مِنَ المخلوقِ. فكيفَ تكونُ المخلوقاتُ أكملَ مِنَ الخالقِ سبحانه وتعالى؟![16].
فأنتم لم ترضوا أنْ تجعلوا علوَّ الله أكملَ منْ علوِّ غيرهِ، ولا جعلتموه مثلَ علوِّهِ؛ بل جعلتم علوَّ الغيرِ أكملَ منْ علوِّهِ، وهو يحتاجُ إلى ذلكَ الغيرِ الذي هو مستغنٍ عنهُ، وكلُّ هذا إفكٌ وبهتانٌ عظيمٌ على ربِّ العالمينَ[17].
الحادي عَشَرَ:
أنَّهُ لَوْ كانتْ فوقيَّتهُ سبحانه وتعالى مجازًا لا حقيقةَ لها، لمْ يُتصرَّف فِي أنواعِهَا وأقسامها ولوازمِهَا، ولم يُتوسَّع فيهَا غايةَ التَّوسُّعِ؛ فإنَّ فوقيَّةَ الرُّتبةِ والفضيلةِ لا يُتصرَّفُ فِي تنويعها إلَّا بما شاكلَ معناهَا نحو قولنا: هَذَا خيرٌ منْ هَذَا وأفضلُ وأجلُّ وأعلى قيمةً ونحو ذلكَ.
وأمَّا فوقيَّةُ الذَّاتِ فإنَّها تتنوعُ بحسبِ معناها فيقالُ فيها: استوى، ويعرجُ إليه كذا، ويصعدُ إليه وينزلُ مِنْ عندهِ، ورفيعُ الدرجاتِ، وتُرفعُ إليه الأيدي، وأنَّ عبادهُ يخافونهُ مِنْ فوقهم، وأنَّهُ ينزلُ إلى السَّمَاء الدُّنْيَا، وأنَّ عبادَهُ المؤمنينَ إِذَا نظروا إليه فِي الجنَّةِ رفعوا رؤوسهم. فهذهِ لوازمُ أنواعِ فوقيَّةِ الذَّاتِ لا أنواع فوقيَّة الفضيلةِ والمرتبةِ.
ومنْ تأمَّلَ هَذَا عرفَ أنَّ النُّفاةَ أفسدوا اللُّغةَ والفطرةَ والعقلَ والشَّرعَ.
الثاني عَشَرَ:
أنَّهُ لَوْ كانتْ فوقيَّةُ الرَّبِّ تبارك وتعالى مجازًا لا حقيقةَ لها، لكانَ إطلاقُ القولِ بأنَّهُ ليسَ فوقَ العرشِ وَلاَ استوى عَلَيهِ وَلاَ هو العليُّ وَلاَ الرفيعُ وَلاَ هو فِي السَّمَاءِ، أصحُّ منْ إطلاقِ ذلكَ، وأدنى الأحوالِ أنْ يصحَّ النَّفيُ كَمَا يصحُّ الإطلاقُ المجازيُّ. ومعلومٌ قطعًا أنَّ إطلاقَ هَذَا النفيَ تكذيبٌ صريحٌ لله ولرسولهِ صلى الله عليه وسلم، ولو كانتْ هذهِ الإطلاقاتُ إنَّما هي عَلَى سبيلِ المجازِ لم يكنْ فِي نفيهَا محذورٌ لا سيَّما ونفيهَا ( عندَ المعطِّلةِ ) عينُ التنزيهِ والتَّعظيمِ[18].
قالَ شيخُ الاسلامِ رحمه الله: «كلُّ منْ أنْكَرَ أنْ يكونَ اللَّفظُ حقيقةً لزمهُ جوازُ إطلاقِ نفيهِ. فمنْ أنكرَ أنْ يكونَ استوى على عرشِهِ حقيقةً، فإنَّهُ يقولُ: ليسَ الرحمنُ على العرشِ استوى، كما أنَّ منْ قالَ: إنَّ لفظَ الأسدِ للرَّجلِ الشجاعِ والحمارِ للبليدِ ليسَ بحقيقةٍ، فإنَّهُ يلزمهُ صحةَ نفيِهِ. فيقولُ: هذا ليسَ بأسدٍ، ولا بحمارٍ، ولكنَّهُ آدميٌّ»[19].
الثالثُ عَشَرَ:
إنَّ الجهميَّةَ المعطِّلةَ معترفونَ بوصفهِ تَعَالَى بعلوِّ القهرِ وعلوِّ القدرِ، وإنَّ ذَلِكَ كمالٌ لاَ نقصٌ، فإنَّهُ منْ لوازمِ ذاتهِ، فيقالُ: مَا أثبتم بِهِ هذينِ النوعينِ مِنَ العلوِّ والفوقيَّةِ هُوَ بعينهِ حجةُ خصومكم عليكم فِي إثبات علوِّ الذَّاتِ لَهُ سُبْحَانهُ، وَمَا نفيتمْ بِهِ علوَّ الذَّاتِ يلزمكم أَنْ تنفوا بِهِ ذينك الوجهينِ من العلوِّ، فأحدُ الأمرينِ لازمٌ لكم وَلاَ بدَّ، إمَّا أَنْ تثبتوا لَهُ سبحانه وتعالى العلوَّ المطلقَ منْ كلِّ جهةٍ ذاتًا وقهرًا وقدرًا، وإمَّا أَنْ تنفوا ذَلِكَ كلَّهُ، فإنَّكم إنَّما نفيتم علوَّ ذاتهِ سبحانه وتعالى بناءً عَلَى لزومِ التَّجسيمِ، وَهُوَ لازمٌ لكم فيما أثبتموهُ منْ وجهي العلوِّ، فإنَّ الذَّاتَ القاهرةَ لغيرهَا الَّتِي هِيَ أعلى قدرًا منْ غيرهَا إنْ لَمْ يُعْقَلْ كونها غيرُ جسمٍ لزمكم التَّجسيمُ، وإنْ عقلَ كونها غير جسمٍ فكيفَ لاَ يعقل أَنْ تكونَ الذَّاتُ العاليةُ عَلَى سائرِ الذَّواتِ غيرَ جسمٍ؟! وكيفَ لزمَ التَّجسيمُ مِنْ هَذَا العلوِّ ولمْ يلزمْ منْ ذَلِكَ العلوِّ؟![20].
الرابعُ عَشَر:
لَوْ كانتْ فوقيَّةُ الرَّبِّ تبارك وتعالى مجازًا لا حقيقةَ لها، وأنَّ الحقَّ فِي أقوالِ النُّفاةِ المعطِّلينَ، وأنَّ تأويلاتهم هي المرادةُ منْ هذهِ النُّصوصِ، يلزمُ منْ ذلكَ أحدُ محاذيرَ ثلاثةٍ لا بدَّ منها أو منْ بعضِها وهيَ: القدحُ فِي علمِ المتكلِّمِ بها. أو فِي بيانِهِ. أو فِي نصحِهِ.
وتقريرُ ذلكَ أنْ يقالَ:
إمَّا أنْ يكونَ المتكلِّمُ بهذه النُّصوصِ عالمًا أنَّ الحقَّ فِي تأويلاتِ النُّفاةِ المعطِّلينَ أوْ لا يعلمُ ذلكَ.
فإنْ لم يعلمْ ذلكَ، كانَ قدحًا فِي علمهِ.
وإنْ كانَ عالمًا أنَّ الحقَّ فِيهَا فلا يخلو إمَّا أنْ يكونَ قادرًا عَلَى التعبيرِ بعباراتهم - التي هي تنزيهٌ للهِ بزعمهم عَنِ التَّشبيهِ والتَّمثيلِ والتَّجسيمِ، وأنَّه لا يعرفُ الله منْ لم ينزِّههُ بها - أو لا يكونُ قادرًا عَلَى تلكَ العباراتِ.
فإنْ لمْ يكنْ قادرًا على التعبيرِ بذلكَ، لزمَ القدحُ فِي فصاحتهِ، وكانَ ورثةُ المعتزلةِ والجهميَّةِ، أفصحَ منهُ، وأحسنَ بيانًا وتعبيرًا عَنِ الحقِّ.
وإنْ كانَ قادرًا عَلَى ذلكَ، ولمْ يتكلَّمْ بهِ، وتكلَّم دائمًا بخلافهِ وما يناقضهُ، كانَ ذلكَ قدحًا فِي نصحهِ.
وقدْ وصفَ اللهُ رسلَهُ بكمالِ النُّصحِ والبيانِ، فقال سبحانه وتعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: 4]، وقال سبحانه وتعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] وأخبرَ عنْ رسلهِ عليهم السلام بأنَّهم أنصحُ النَّاسِ لأممهم قالَ عزَّ وجلَّ: {ياقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ} [الأعراف: 93] وقالَ سبحانه وتعالى: {وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 62] وقال عزَّ وجلَّ: {وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} [الأعراف: 68].
فمع النُّصحِ والبيانِ والمعرفةِ التَّامةِ، كيفَ يكونُ مذهبُ النُّفاةِ المعطِّلةِ أصحابُ التَّحريفِ هوَ الصَّوابُ وقولُ أهلِ الإثباتِ أتباعِ القرآنِ والسنَّةِ باطلًا؟![21].
قالَ ابنُ القيِّم رحمه الله:
فَسَلِ المُعَطِّلَ عَنْ ثَلاثِ مَسَائِلَ تَقْضِي عَلَى التَعْطيلِ بالبُطْلاَنِ
مَاذَا تقُولُ أَكَانَ يَعْرِفُ رَبَّهُ هَذَا الرَّسُولُ حَقِيقَةَ العُرْفَانِ
أَمْ لاَ وَهَلْ كَانَتْ نَصيحَتُهُ لَنَا كُلَّ النَّصِيحَةِ لَيْسَ بالخَوَّانِ
أَمْ لاَ وَهَلْ حَازَ البلاغَةَ كلَّهَا فَاللَّفْظُ والمَعْنَى لَهُ طَوْعَانِ
فَإِذَا انْتَهَتْ هَذي الثلاثَةُ فِيهِ كَا مِلَةً مُبرَّأةً مِنَ النُّقْصَانِ
فَلأيِّ شَيءٍ عَاشَ فِينَا كَاتمًا للنَّفْيِ والتَّعْطِيلِ فِي الأَزْمَانِ
بَلْ مُفْصِحًَا بِالضدِّ مِنْهُ حَقِيقَةَ الـ إفْصَاحِ مُوَضَّحَةً بِكلِّ بَيَانِ
وَلأيِّ شَيْءٍ لَمْ يُصَرِّحْ بِالَّذِي صَرَّحْتُمُ فِي رَبِّنَا الرَّحمَنِ
ألِعَجْزِهِ عَنْ ذَاكَ أَمْ تَقْصِيرِهِ فِي النُّصْحِ أمْ لِخَفَاءِ هَذَا الشَّانِ
حَاشَاهُ بَلْ ذَا وَصْفُكُمْ يَا أُمَّة التـَّ ـعْطِيلِ لاَ المَبْعُوثِ بالْقُرْآنِ
وَلأيِّ شَيْءٍ كَانَ يَذْكُرُ ضِدَّ ذَا فِي كُلِّ مُجْتَمَعٍ وَكُلِّ زَمَانِ
أَتَـرَاهُ أَصْبَحَ عَاجِزًَا عَنْ قَوْلِـه اسْـ ـتَـوْلَـى وَيَنْـزِلُ أمـرُهُ وَفُـلاَنِ[22]
ومعنى هذا الكلامِ: أنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم إذا كانَ أعلمَ الخلقِ بالحقِّ، و«كانتْ نصيحتهُ لأمَّتهِ كاملةً تامَّةً لا يمكنُ أنْ يساويهُ فيهَا أحدٌ، وكانَ فصيحًا بليغًا مقْتدرًا على التعبيرِ عَنِ المعاني المقْصودةِ بالألفاظِ الجليةِ الفصيحةِ - فمعاني كلامهِ أجلُّ المعاني، وألفاظُه أفْصحُ الألفاظِ - كانَ منْ أعْظمِ المحالِ أنْ يكتمَ ما يجبُ لله مِنَ العلوِّ والفوقيَّةِ وصفاتِ الكمالِ ويفْصحُ بضدِّ ذلكَ.
بلْ لمَّا كانَ صلى الله عليه وسلم كاملَ العلمِ برَبِّهِ وبدينهِ فهوَ أعلمُ الخلقِ وأخْشاهم لربِّهِ وكانَ بالمؤمنينَ رحيمًا أرْحمُ بهمْ منْ آبائهم وأمَّهاتهم وأنفسهم وأبلغُ الخلقِ وأقْدرهم على التعبيرِ عَنِ المعاني النافعةِ، علَّمهم صلى الله عليه وسلم ما لمْ يكونوا يعلمونَ، وقدْ بيَّن للنَّاس جميعَ ما يحتاجونَ إليهِ، خصوصًا الأمورَ المهمَّةَ والعقائدَ الدينيَّةَ والأصولَ الإيمانيَّةَ؛ فلو كانَ الحقُّ فيما يقولهُ النُّفاةُ والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لمْ يصرِّحْ بشيءٍ منهُ؛ بلْ صرَّحَ بضدِّهِ وجعلَ الأمْرَ موكولًا لعقولِ النَّاس وآرائهمْ الضعيفةِ لزمَ انْتفاءُ هذهِ الأمورِ الثلاثةِ كلِّهَا، وهذا لا يفوهُ بهِ مسْلمٌ يؤمنُ بالله ورسولهِ صلى الله عليه وسلم»[23].
وفي ذلكَ بلاغٌ لمنْ تدبَّر، وكفايةٌ لمنِ استبصرَ إنْ شاءَ الله تعالى.
ومنْ تدبَّرَ ما كتبناهُ، وأعطى منْ قلبهِ النَّصَفَةَ، وأعرضَ عنْ هواه، واستمعَ وأصغى بقلبٍ حاضرٍ، وكانَ مسترشدًا مهتدياَ، ولمْ يكنْ متعنِّتًا، وأمدَّهُ اللهُ بنورِ اليقينِ، عرفَ صحَّةَ جميعِ ما قلناهُ، ولمْ يخف عليهِ شيءٌ منْ ذلكَ، واللهُ الموفِّقُ: {مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأنعام: 39][24].

--------------------------------------------------------------------------------
[1] الكافية الشافية (ص106).
[2] الرسالة الوافية (ص254 - 255).
[3] التمهيد (7/145).
[4] أخرجه ابن شاهين في الكتاب اللطيف (ص79) وذكره الأصبهاني في «الحجة» (1/441).
[5] العلو (2/1326 - 1327).
[6] تذكرة الحفاظ (3/338 - 339).
[7] تذكرة الحفاظ (3/338 - 339).
[8] العلو (2/1304).
[9] مجموع الفتاوى (6/355 - 362).
[10] رواه الطبراني في «المعجم الكبير» (2/155 - 156) (1647) بلفظ: وصححه المحدث الألباني رحمه الله في «الصحيحة» (1803).
[11] رواه ابن ماجه (43)، وصححه الألباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (41).
[12] مجموع الفتاوى (6/367 - 369) بتصرف يسير.
[13] مجموع الفتاوى (16/359).
[14] الصواعق (ص1373).
[15] مجموع الفتاوى (16/102).
[16] درء تعارض العقل والنقل (7/18).
[17] بيان تلبيس الجهمية (2/287).
[18] مختصر الصواعق (2/216).
[19] مجموع الفتاوى (3/219).
[20] الصواعق (ص1324 - 1325).
[21] الصواعق (1/324 - 326).
[22] الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية (ص137).
[23] توضيح الكافية الشافية (ص337 - 338).
[24] الحجة في بيان المحجة (2/229 - 230).










قديم 2010-09-27, 22:55   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الإعتراض الثاني: قولهم بأن آيات الصفات من المتشابه الذي لا يعرف معناه

اعلمْ رحمكَ الله بأنَّ أهلَ الكلامِ جعلوا آياتِ الصفاتِ مِنَ المتشابَهِ التي لا يعلمُ معناها إلَّا الله سبحانه وتعالى.
وهذا افتراءٌ قبيحٌ، وبهتٌ صريحٌ، وكذبٌ شنيعٌ، وتقوُّلٌ فظيعٌ، وضلالٌ وإضْلالٌ. وهذا يتبيَّنُ منْ وجوهٍ:
الوجهُ الأولُ:
أنَّ الله سبحانه وتعالى قالَ في كتابهِ العزيزِ: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا *} [محمد: 24]، وقال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ *} [ص: 29]، وقال تبارك وتعالى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمْ الأَوَّلِينَ *} [المؤمنون: 68]، وقال تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا *} [النساء: 82].
فالله سبحانه وتعالى «قدْ أمرَ بتدبُّر القرآنِ مطلقًا، ولم يستثن منهُ شيئًا لا يتدبَّر، ولا قالَ: لا تدبَّروا المتشابه، والتدبُّر بدونِ الفهمِ ممتنعٌ، ولو كانَ مِنَ القرآنِ ما لا يُتَدبَّر لم يعرفْ، فإنَّ الله لم يميِّز المتشابه بحدٍ ظاهرٍ حتَّى يجتنبَ تدبُّرُه»[1].
الثاني:
أنَّ الله سبحانه وتعالى وصفَ القرآنَ بأنَّه: {وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57]، ووصفهُ بقوله: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة: 15]، وقالَ تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9].
فلمَّا أخبرَ سبحانه وتعالى بأنَّ القرآنَ شفاءٌ، وهدىً، ورحمةٌ، ونورٌ، ومبينٌ، ولم يستثنِ منهُ شيئًا دلَّ على أنَّهُ كلَّهُ كذلكَ، وأنَّهُ ممَّا يمكنُ فهمُ معناه، ولو لمْ يمكنْ فهمُ معناه لمْ تتحقَّقْ فيهِ هذهِ الصفاتُ[2].
الثالثُ:
أنَّ الله سبحانه وتعالى قال: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ *} [يوسف: 2]، وقال: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ *} [الزخرف: 3].
فبيَّن سبحانهُ أنَّهُ أنزلهُ عربيًّا ليعقلَ، والعقلُ لا يكونُ إلَّا معَ العلمِ بمعانيه[3].
الرابعُ:
أنَّ الله سبحانه وتعالى قال: {وَمِنْهُمْ أُمِيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ *} [البقرة: 78].
فالله تعالى قدْ ذَمَّ هؤلاءِ الذينَ لا يعرفونَ الكتابَ إلَّا تلاوةً دونَ فهمِ معانيهِ، كما ذمَّ الذين يحرِّفون الكلمَ عنْ مواضعهِ منْ بعد ما عقلوهُ وهم يعلمونَ، فإنَّه سبحانه وتعالى قالَ عقبَ الآيةِ السابقةِ: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيدِيهِمْ وَوَيلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ *} [البقرة: 79].
فهذا يدلُّ على أنَّ كلا النوعينِ مذمومٌ: الجاهلُ الذي لا يفهمُ معاني النُّصوصِ، والكاذبُ الذي يحرِّفُ الكلمَ عنْ مواضعهِ[4].
والمقصودُ أنَّ الله سبحانه وتعالى ذمَّ منْ لا يعرفُ منْ كتابهِ إلَّا مجرَّد التلاوةِ دونَ فقهٍ ولا فهمٍ لمعانيهِ، وأنَّ ذلكَ منْ خصالِ اليهودِ.
ولذلكَ فإنَّ الله تعالى يقولُ: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا * وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} [الإسراء: 45 - 46].
وقال تعالى: {فَمَالِ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} [النساء: 78].
فلو «كان المؤمنون لا يفقهونهُ أيضًا لكانوا مشاركينَ للكفَّارِ والمنافقينَ فيما ذمَّهمُ الله تعالى بهِ»[5].
الخامسُ:
أنَّهُ تعالى ذمَّ منْ لمْ يكنْ حظُّهُ مِنَ السَّماعِ إلَّا سماع الصَّوتِ دونَ فهمِ المعنى واتِّباعهِ، فقالَ: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ *} [البقرة: 171]، وقالَ تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا *} [الفرقان: 44]، وقال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ *} [محمد: 16].
فمنْ جعلَ السَّابقينَ الأوَّلِينَ مِنَ المهاجرينَ والأنصارِ والتَّابعينَ لهم بإحسانٍ غير عالمين بمعاني القرآن جعلهم بمنزلةِ الكفَّارِ والمنافقينَ فيما ذمَّهم الله تعالى عليه[6].
السادسُ:
أنَّ الله تعالى قالَ: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى} [العنكبوت: 51]، وقال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} [النساء: 174].
ولوْ لمْ يكنِ القرآنُ مفهومًا ومعلومًا لمْ يكنْ كافيًا ولمْ يكنْ برهانًا.
قالَ ابنُ القيِّم رحمه الله: ومِنَ المحالِ أن يكونَ الكتابُ الذي يخالفهُ صريحُ العقلِ كافيًا، وإنما يكون كافيًا لمنْ قدَّمهُ على كلِّ معقولٍ ورأيٍّ وقياسٍ وذوقٍ، وحقيقةٍ وسياسةٍ، فهذا الكتابُ في حقِّهِ كافٍ لهُ، كما أنَّهُ إنَّما يكونُ رحمةً وذكرى لهُ دونَ غيرهِ، وأمَّا منْ أعرضَ عنهُ أو عارضهُ بآراءِ الرجالِ فليس بكافٍ لهُ ولا هو في حقِّهِ هدًى ولا رحمةً، بلْ هوَ مِنَ الذين آمنوا بالباطلِ وكفروا بالله[7].
السابعُ:
قولُهُ تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44].
فإنَّهُ يدلُّ على أنَّهُ يبيِّنُ للنَّاسِ جميعَ ما نُزِّلَ إليهم فيكونُ جميعُ المنزل مبينًا عنه يمكنُ معرفتهُ وفهمهُ، وقولُهُ تعالى: {وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44] يدلُّ على ذلكَ، فإنَّ التفكُّرَ طريقٌ إلى العلمِ وما لا يمكنُ العلمُ بهِ لا يؤمرَ بالتفكُّرِ فيهِ.
الثامنُ:
قولُهُ تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ *} [الأعراف: 3]، وقولُهُ تعالى: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [الأنعام: 106].
ومعلومٌ أنَّ اتباعَ ما أمرهم الله تعالى مِنَ الكتاب والحكمة إنَّما يمكنُ بعدَ فهمهِ وتصوُّرِ معناه، ومَا كانَ مِنَ الكلامِ لا يمكنُ أحدًا فهمهُ لمْ يمكن اتباعهُ، بلْ كانَ الذي يسمعهُ كالذي لا يسمعُ إلَّا دعاءً ونداءً، وإنَّما الاتباعُ لمعاني الكلامِ.
التاسعُ:
قولُهُ تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: 213].
ومعلومٌ أنَّ حكمَ الله بالكتابِ أو حكمَ الكتابِ بين المختلفين لا يمكنُ إلَّا إذا عرفوا ما حكمَ بهِ مِنَ الكتابِ، وما تضمَّنهُ الكتابُ مِنَ الحكمِ، وذلكَ إنَّما يمكنُ إذا كانَ ممَّا يمكنُ فهمُ معناهُ وتصوُّرُ المرادُ بهِ دونَ ما يمتنعُ ذلكَ منهُ.
العاشرُ:
قولُهُ تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} [فصلت: 44].
قال المفسِّرونَ: لو جعلهُ قرآنًا أعجميًا لأنكروا ذلكَ، وقالوا: هلَّا بَيَّنْتَ آياتهِ بلغةِ العربِ لنفهمهُ، أقرآنٌ أعجميٌّ ورسولٌ عربيٌّ؟![8].
فقدْ بيَّن سبحانه وتعالى أنَّه لو جعلهُ أعجميًا لأنكروهُ، فجعلهُ عربيًا ليفهمَ معناهُ، وليندفعَ مثلُ هذا القولِ، ومعلومٌ أنَّه لو كان أعجميًا لأمكنهم التَّوصلُ إلى فهمهِ بأنْ يترجمَ لهم مترجمٌ، إمَّا أنْ يسمعَهُ مِنَ الرسولِ ويترجمهُ، أو يحفظهُ لهم أعجميًا ثمَّ يترجمهُ لهم، كما أنَّ مِنَ العجمِ منْ يحفظُ القرآنَ عربيًا ولا يفهمُ، ويُتَرْجَمُ لهُ، وأمَّا إذا كان عربيًا لا يمكنُ أحدًا أنْ يفهمهُ لا الرسولُ ولا المرسلُ إليهم فإنكارُ هذا أعظمُ منْ إنكارِ كونهِ أعجميًا، وإذا كان الله تعالى قدْ بيَّن أنَّه لا يفعلُ الأوَّلَ فهوَ ألَّا يفعل هذا أولى وأحرى.
الحادي عَشَرَ:
أنَّ الله تعالى وصفَ آياتِ القرآنِ بقولهِ: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود: 1]، وقوله: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} [يونس: 1]، وقولُهُ: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} [الحجر: 1].
وما لا يمكن فهمهُ فإنَّهُ لم يُحْكَمْ، ولم يُفَصَّلْ، ولم يبَيَّنْ.
الثاني عَشَرَ:
أنَّ الله مدحَ القرآنَ وبيَّنَ اشتماله على علمهِ، كمَا قالَ سبحانه وتعالى: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: 166].
وإذا كانَ كذلكَ دلَّ على أنَّ ما فيهِ منَ العلمِ لمْ يستأثرِ الله تعالى بهِ بلْ أنزلهُ إلى عبادهِ وعلَّمهم إيَّاه، وهوَ منْ علمهِ الذي قالَ فيهِ: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: 255]، وهذا لا يكونُ إلَّا إذا أمكنَ فهمُ معناه، وإلَّا فاللَّفظُ الذي لا يمكنُ فهمُ معناه لا علمَ فيهِ لأحدٍ، ومثلُ هذا قولُهُ تعالى: {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ} [هود: 14].
الثَّالِثُ عَشَرَ:
وأيضًا فالكلامُ إنَّما المقصودُ بهِ الإفهامُ، فإذا لمْ يُقصدْ بهِ ذلكَ كان عبثًا وباطلًا، والله تعالى قدْ نزَّهَ نفسَهُ عنْ فعلِ الباطلِ والعبثِ. فكيفَ يقولُ الباطلَ والعبثَ ويتكلَّمُ بكلامٍ ينزلهُ على خلقهِ لا يريدُ بهِ إفهامهم؟![9].
الرابع عَشَرَ:
أنَّ الله سبحانه وتعالى تحدَّى العربَ بالقرآنِ، ولوْ لمْ تكنْ معانيه معلومةً لديهم لمْ يصحَّ أنْ يتحدَّاهم بهِ.
الخامس عَشَرَ:
إنَّ الصَّحابةَ والتَّابِعينَ قد تكلَّموا في معاني آياتِ الصفاتِ بل قدْ فَسَّروا جميعَ القرآنِ وعلِموا معانيه.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: «فالسَّلفُ مِنَ الصَّحابةِ والتابعينَ وسائرِ الأمَّةِ قدْ تكلَّموا في جميعِ نصوصِ القرآنِ: آياتُ الصفاتِ وغيرهَا، وفسَّروها بما يوافقُ دلالتها وبيانها، ورووا عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أحاديثَ كثيرةً توافقُ القرآنَ، وأئمَّةُ الصَّحابةِ في هذا أعظمُ منْ غيرهم»[10].
قال ابنُ مسعود رضي الله عنه: «والله الذي لا إلَه غيرُه ما أنزلت سورةٌ منْ كتابِ الله إلَّا أنا أعلمُ أينَ أنزلتْ، ولا أنزلتْ آيةٌ منْ كتابِ الله إلَّا أنَا أعلمُ فيما أنزلتْ، ولو أعلمُ أحدًا أعلَمَ مني بكتاب الله تبلغه الإبلُ لركِبْتُ إليه»[11].
وقال رضي الله عنه: «كُنَّا إذا تَعَلَّمْنَا من النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عشرَ آيات مِنَ القرآنِ لم نتعلَّم مِنَ العشرِ الذي نزلت بعدها حتَّى نعلم ما فيه»[12].
فالصَّحابة رضي الله عنهم نقلوا عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهم كانوا يتعلَّمُون منهُ التفسيرَ مَعَ التلاوةِ، ولم يذكرْ أحدٌ منهم عنه قطٌ أنه امتنع من تفسير آية[13].
فمنْ قالَ إنَّ جبريلَ عليه السلام ومحمدًا صلى الله عليه وسلم والصَّحابةَ والتابعينَ وسلفَ الأمَّةِ كانوا يقرءونَ نصوصَ الصِّفاتِ ولا يعرفونَ لها معنًى بلْ معناها ممَّا استأثرَ الله بهِ فقدْ كذبَ على القومِ، والنُّقولُ المتواترةُ عنهم تكذِّب هذا الزعمَ[14].
السَّادس عَشَرَ:
قولُهُ تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِيَ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ *} [سبأ: 5]. فلولاَ أنَّهم عرفوا معنى ما أنزلَ كيفَ عرفوا أنَّه حقٌ أو باطلٌ، وهل يحكمُ على كلامٍ لم يُتَصَوَّر معناه أنَّهُ حقٌّ أو باطلٌ؟[15].
السابعُ عَشَرَ:
قولُهُ تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ *} [الطارق: 13] أي: فاصلٌ يفصلُ بينَ الحقِّ والباطلِ، فكيفَ يكونُ فصلًا إذا لم يكنْ إلى معرفةِ معناه سبيلٌ؟[16].
الثامنُ عَشَرَ:
أنَّ اللهَ سبحانه وتعالى يَسَّرَ القرآنَ للذِّكرِ، قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ *} [القمر: 17]. وتيسيرهُ للذِّكرِ يتضمَّنُ أنواعًا مِنَ التيسيرِ:
إحداها: تيسيرُ ألفاظهِ للحفظِ.
الثاني: تيسيرُ معانيهِ للفهمِ.
الثالث: تيسيرُ أوامرهِ ونواهيهِ للامتثالِ.
ومعلومٌ أنَّه لو كانَ بألفاظٍ لا يفهمهَا المخاطَبُ، لم يكنْ ميسَّرًا لهُ، بلْ كانَ معسَّرًا عليهِ، فهكذا إذا أريدَ مِنَ المخاطَبِ أنْ يفهمَ مِنْ ألفاظهِ ما لا يدلُّ عليهِ مِنَ المعاني، أو يدلُّ على خلافهِ فهذا منْ أشدِّ التعسيرِ، وهوَ منافٍ للتيسيرِ؛ فإنَّه لا شيءَ أعسرُ على الأمَّةِ منْ أنْ يرادَ منهمْ أن يفهموا منْ آياتِ الصِّفاتِ ما لا تدلُ عليهِ، بل تَدلُّ على خلافهِ ويقولُ: اعلموا يا عبادي أنِّي أردتُ منكم أنْ تعلموا أنِّي لستُ فوقَ العالمِ، ولا تحتَهُ، ولا فوقَ عرشي، ولا ترفعُ الأيدي إليَّ ولا يعرجُ إليَّ شيءٌ، ولا ينزلُ منْ عندي شيءٌ منْ قولي: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: 5]. ومن قولي: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 50]. ومنْ قولي: {تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4]. ومنْ قولي: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: 158]. ومنْ قولي: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ} [غافر: 15]. ومنْ قولي: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255]. ومنْ قولي: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى *} [الأعلى: 1]. ومنْ قولي: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ} [الملك: 16]. ومنْ قولي: {تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42]. ومنْ قولي: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} [النحل: 102].
فإنَّكم إذا فهمتم منْ هذهِ الألفاظِ حقائقهَا وظواهرهَا فهمتم خلافَ مرادي منها، بلْ مرادي منكم أنْ تفهموا منها ما يدلُّ على خلافِ حقائقهَا وظواهرهَا. فأيُّ تيسيرٍ يكونُ هناكَ وأيُّ تعقيدٍ وتعسيرٍ لم يحصلْ بذلكَ، ومعـلومٌ أنَّ خطابَ الرجلِ بما لا يفهمهُ إلَّا بترجمةٍ أيسرُ عليهِ منْ خطابهِ بما كلِّفَ أنْ يفهمَ منهُ خلافَ موضوعهِ وحقيقتهِ بكثيرٍ. فإنَّ تيسيرَ القرآنِ منافٍ لطريقةِ النُّفاةِ المحرِّفِينَ أعظمُ منافاةٍ[17]. الذينَ يقولونَ إنَّ آياتِ الصِّفاتِ ظاهرهَا التَّشْبيهُ فنفوِّضُ أو نؤوِّلُ، كمَا قالَ قائلهم:
وكُلُّ نَصٍّ أَوْهَمَ التَّشْبِيهَا أَوِّلْهُ أو فَوِّضْ ورُمْ تَنْزِيها
فمنْ تدبَّرَ القرآنَ، وعرفَ مقصودَ القرآنِ: تبيَّن لهُ المرادُ، وعرفَ الهدى والرسالةَ، وعرفَ السَّدادَ مِنَ الانحرافِ والاعوجاجِ[18]، وتبيَّنَ لهُ بُطْلانُ قولِ منْ يقولُ: إنَّ آياتِ الصِّفاتِ مِنَ المتشابَه.
والحَقُّ أَبْلَجُ لا تَزِيغُ سَبِيلُهُ والحَقُّ يَعْرِفُهُ ذوُو الأَلْبَابِ[19]

التاسع عشر:
يقال لهم : هل كل الصفات من المتشابه أم بعضها دون بعض؟ بالطبع لا ، فالأشاعرة يثبتون سبع صفات هي محكمة عندهم وغيرها متشابه ، وقد أخذوها على ظاهرها ولم تُحدث في عقولهم تشبيهاً مع أنها مما يرصف به المخلوق كالسمع والبصر والكلام . . .
فبأي دليل أو ضابط حكمتم بأن الصفات السبعة محكمة لا تشابه فيها وأما غيرها فهو متشابه ؟ فإذا طولبوا بالفرق لم يجدوا جواباً مقنعاً ...
العشرون:
إن الأشاعرة مختلفون فيما بينهم هل آيات الصفات من المتشابه أم لا !
قال أبو منصور البغدادي " واختلف أصحابنا في هذا فمنهم من قال إن آية الاستواء من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله " (20)فهلا اتفقتم فيما بينكم على نوع المتشابه وإلا زدتم حيرة الحيارى حيرة .

--

--------------------------------------------------------------------------------

[1] مجموع الفتاوى (17/396).
[2] انظر: مجموع الفتاوى (17/396).
[3] انظر: مجموع الفتاوى (5/158).
[4] انظر: مجموع الفتاوى (17/432 - 442).
[5] مجموع الفتاوى (5/158).
[6] انظر: مجموع الفتاوى (5/158 - 159).
[7] الصواعق (ص1352 - 1353).
[8] انظر: تفسير ابن كثير (4/104) [طبعة دار الفكر - بيروت].
[9] مجموع الفتاوى (17/397).
[10] مجموع الفتاوى (13/307).
[11] رواه البخاري (5002)، ومسلم (2463).
[12] رواه الحاكم (1/557) وصححه ووافقه الذهبي.
[13] مجموع الفتاوى (13/308).
[14] انظر: مجموع الفتاوى (17/425).
[15] مجموع الفتاوى (17/429).
[16] مجموع الفتاوى (17/432).
[17] الصواعق (ص330 - 336).
[18] مجموع الفتاوى (15/94).
[19] منع جواز المجاز (ص62).
(20)- أصول الدين 112.










قديم 2010-09-27, 22:57   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الإعتراض الثالث:إستنكارهم إطلاق لفظ(بذاته) ولفظ(حقيقة) على العلو والإستواء.

والرد على هذا الإستنكار من أوجه:


الوجه الأول:لقد ثبتت هذه الألفاظ عن السلف فقد قال القرطبي رحمه الله في تفسيره((وقد كان السلف الأول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابه وأخبرت رسله. ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة. وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته، وإنما جهلوا كيفية الاستواء فإنه لا تعلم حقيقته. قال مالك رحمه الله: الاستواء معلوم -يعني في اللغة- والكيف مجهول، والسؤال عن هذا بدعة. وكذا قالت أم سلمة رضي الله عنها. وهذا القدر كاف، ومن أراد زيادة عليه فليقف عليه في موضعه من كتب العلماء. والاستواء في كلام العرب هو العلو والاستقرار. )).
بل قد نقل الإمام أبو نصر السجزي الإجماع على ذلك فقال في الإبانة((وأئمتنا كسفيان الثوري,ومالك بن أنس,وسفيان بن عيينة ,وحماد بن زيد,وحماد بن سلمة,وعبد الله بن المبارك,وفضيل بن عياض,وأحمد بن حنبل,وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي, متفقون على أن الله سبحانه بذاته فوق العرش وعلمه بكل مكان )).
وسبقه المزني حيث قال في شرح(أصول السنة) (عال على عرشه في مجده بذاته)) ثم حكى الإجماع على ذلك فقال((هذه مقالات وأفعال اجتمع عليها الماضون الأولون من أئمة الهدى,وبتوفيق الله اعتصم بها التابعون قدوة ورضى).

ونقل الطلمنكي الإجماع كذلك كما في كتابه الوصول إلى معرفة الأصول : (أجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله وهو معكم أينما كنتم ونحو ذلك من القرآن أنه علمه وأن الله تعالى فوق السموات بذاته مستو على عرشه كيف شاء. وقال أهل السنة في قوله الرحمن على العرش استوى إن الإستواء من الله على عرشه على الحقيقة لا على المجاز)
وقد قالها عبد القادر الجيلاني ومن قبله الحارث المحاسبي
وقالها أبو المظفر السمعاني إمام الشافعية في زمانه في قصيدته التي شرح بها عقيدة ‏أهل السنة:‏
عقائدهم أن الإله بذاته على عرشه مع علمه بالغوائب‏.


وقال الذهبي(وقد تقدم مثل هذه العبارة عن أبي جعفر بن أبي شيبة ,وعثمان بن سعيد الدارمي ,وكذاك أطلقها يحي بن عمار واعظ سجستان في رسالته,والحافظ أبو نصر الوائلي السجزي في كتاب"الإبانة" له ,فإنه قال(وأئمتنا كالثوري,ومالك,والحماد,وابن عيينة,وابن المبارك,والفضيل,وأحمد,وإسحاق متفقون على أن الله فوق العرش بذاته ,وأن علمه بكل مكان )).
وكذلك أطلقها ابن عبد البر كما سياتي
وكذا عبارة شيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري فإنه قال وفي أخبار شتى أن الله في السماء السابعة على العرش بنفسه وكذا قال أبو الحسن الكرجي الشافعي في تلك القصيدة
عقائدهم أن الإله بذاته ... على عرشه مع علمه بالغوائب
وعلى هذه القصيدة مكتوب بخط العلامة تقي الدين بن الصلاح هذه عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث
وكذا أطلق هذه اللفظة أحمد بن ثابت الطرقي الحافظ والشيخ عبد القادر الجيلي والمفتي عبد العزيز القحيطي وطائفة
والله تعالى خالق كل شيء بذاته ومدبر الخلائق بذاته بلا معين ولا مؤازر
وإنما أراد ابن أبي زيد وغيره التفرقة بين كونه تعالى معنا وبين كونه تعالى فوق العرش فهو كما قال ومعنا بالعلم وأنه على العرش كما أعلمنا حيث يقول الرحمن على العرش استوى وقد تلفظ بالكلمة المذكورة جماعة من العلماء كما قدمناه
)) كتاب العلو ص235-236


الوجه الثاني:إن قول من قال من السلف((بذاته)) هو من باب التأكيد والتنصيص,والرد على المعطلة الذين يفسرون صفات الله تعالى بما قام بغيره,وينكرون أن يقوم بذات الله تعالى صفة متعلقة بمشيئته.فيقولون:نزوله نزول أمره وملائكته ومجيئه مجيئ ثوابه,وهكذا.
وكذا قولهم "حقيقة" تأكيد لحقيقة الصفة ,ورد على من جعلها مجازا.
وهذا كما زاد السلف لفظ(بائن) في إثباتهم لعلو الله تعالى فقالوا"على عرشه بائن من خلقه" وذلك ردا على الجهمية الذين يزعمون أن الله في مكان بذاته ,تعالى الله عن ذلك.
ومعلوم أن الخبر وقع عن نفس ذات الله تعالى لا عن غيره,كما في قوله((الرحمان على العرش استوى)) ,وقول النبي صلى الله عليه وسلم((إن الله ينزل إلى السماء الدنيا)) وهذا خبر عن مسمى هذا الإسم العظيم.
فيقال لهم:كيف سوغتم لأنفسكم هذه الزيادات في النفي كنفي الجهة والحيز ونحو ذلك من الألفاظ التي اخترعتموها ثم ونفيتموها لتنفوا بها بعد ذلك الصفات الثابتة في الكتاب والسنة ,وفي المقابل نجد عندكم التقصير في الإثبات على ما أوجبه الكتاب و السنة,وأنكرتم على أئمة الدين ردهم لبدعة ابتدعها أهل التعطيل والتهجيم مضمونها إنكار حقائق صفات الله تعالى,وعبروا عن ذلك بعبارة كقوله(بذاته) و(حقيقة),فأثبتوا تلك العبارة ليبينوا ثبوت المعنى الذي نفاه أولئك؟!وأين في الكتاب والسنة أنه يحرم رد الباطل بعبارة مطابقة له,فإن هذه الألفاظ لم تثبت صفة زائدة على ما في الكتاب والسنة ,بل بينت ما عطله المبطلون من حقيقة اتصافه بصفات الكمال.

الوجه الثالث: أن يقال لهم: أمامكم واحدة من اثنتين: إما أن تقولوا استوى بذاته أو تقولوا استوى بغيره. أنتم تجعلون لله صفة القيام بالنفس مع أن الله ذكر بأنه قائم على كل نفس. فلماذا قلتم هو قائم بالنفس وليس على كل نفس. فقولنا: استوى بذاته لا بغيره كقولكم قائم بنفسه لا بغيره.

الوجه الرابع: قال الشيخ أسامة القصاص رحمه الله "قال لي أحدهم (أي الأحباش) : أعطني دليلاً على أن الله في السماء بذاته بهذا اللفظ.
فقلت له: وهل إذا أخبرتك أن أبي في البيت تقول لي بذاته أم بغير ذاته! سؤالك ليس سؤال الفاهمين بل الجاهلين للعربية لأن هذا معنى العبارات وملزوماتها. . . ثم هل يجرؤ متقول على أن يقول: (الله خالق بذاته؟). فهذه الزيادة ركيكة، ولهذا كان الإمام الذهبي يستشنعها لأنها متضمَنَة غير مطلوبة رسماً، إذ كيف لا يكون الله تعالى خالقاً بذاته؟
ثم هل من العربية أن تسأل المتكلم عن أي شيء، كأن تقول له: هل أتى أبوك بذاته؟ هل أنت هنا بذاتك؟ هل أمك ولدتك بذاتها؟ بل هل يعقل أن يقول قائل: هل الله موجود بذاته؟
قال: فالمعاني شقائق الألفاظ والعبارات(1) انتهى رحمه الله.
وهذا الكلام صحيح ونفيس جداً، فإن الخبر عن الذات لا عن اللفظ، فإذا قيل: قَدِمَ فلان كان الخبر عن ذاته لا عن اسمه، وهذا أمر يفهمه كل عربي، ووضع العربية يقتضي هذا، فلا ينازع فيه إلا من أعمى الله قلبه.



--------------------
(1) إثبات علو الله على خلقه 1/50 .










قديم 2010-09-29, 23:58   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الإعتراض الخامس: إعتراضهم على الإستدلال بآيات الصعود والعروج والرفع والفوقية وتنزيل الكتب

قال ابن جهبل((فأوّل ما استدل به قوله تعالى : ( إليه يصعد الكلم الطيب ) !
فليت شعري أي نص في الآية أو ظاهر على أنّ الله تعالى في السماء أو على العرش ؟ ثم نهاية ما يتمسك به أنه يدل على علوّ يُفهم منه الصعود وهيهات ، زلّ حمار العلم في الطين ؟! فإنّ الصعود في الكلام كيف يكون حقيقته مع أن المفهوم في الحقائق أن الصعود من صفات الأجسام !!! فليس المراد إلا القبول و مع هذا لا حد و لا مكان.
وأتبعهما بقوله تعالى : ( إنّي متوفيك و رافعك إليّ ) و ما أدري من أين استنبط من هذا الخبر أن الله تعالى فوق العرش من هذه الآية ؟! هل ذلك بدلالة المطابقة أو التضمن أو الالتزام أو هو شيء أخذه بطريق الكشف والنفث في الروع ! و لعله أعتقد أن الرَّفع إنّما يكون في العلو في الجهة فإنّ كان كما خطر له فذالك أيضا لا يُعقل إلا في الجسميّة و الحدّيّة !!! وإنّ لم يقل بهما فلا حقيقة فيما استدلّ به وإن قال بهما فلا حاجة إلى المغالطة و لعلّه لم يسمع الرفعة في المرتبة و التقريب في المكانة من استعمال العرب و العرف و لا " فلان رفع الله شأنه "
وأتبع ذالك بقوله : ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ) و خصّ هذا المُستدل " من " بالله تعالى ! و لعلّهُ لم يُجوّز أن المراد به ملائكة الله تعالى ! و لعلّهُ يقول : إنّ الملائكة لا تفعل ذالك ! و لا أنّ جبريل عليه السلام خسف بأهل سدوم ! فلذلك استدل بهذه الآية و لعلها النّص الذي أشار إليه.
وأتبعه بقوله تعالى : ( تعرج الملائكة والروح إليه ) و العروج و الصعود شيء واحد و لا دلالة في الآية على أن العروج إلى سماء و لا عرش و لا شيء من الأشياء التي ادّعاها بوجه من الوجوه لأنّ حقيقته المستعملة في لغة العرب في الأنتقال في حق الأجسام إذ لا تعرف العرب إلا ذالك فليت لو أظهره و استراح من كتمانه. وأردفه بقوله تعالى: ( يخافون ربهم من فوقهم ) و تلك أيضا لا دلالة له فيها على سماء ولا عرش و لا أنّه في شيء من ذالك حقيقة.))
إلى أن قال((وختم الآيات الكريمة بالإستدلال بقوله تعالى : ( تنزيل من حكيم حميد ) ( مُنزل من ربك بالحق ) و ما في الآيتين لا عرش ولا كرسي ولا أرض بل ما فيهما إلا مجرد التنزيل وما أدري من أي الدّلالات استنبطها االمُدّعي ؟!
فإنّ السماء لا تُفهم من التنزيل فإن التنزيل قد يكون من السماء وقد يكون من غيرها و لا تنزيل القرآن كيف يُفهم من النّزول الذي هو انتقال من فوق إلى أسفل ؟!
فإنّ العرب لا تفهم ذالك في كلام سواء كان من عرض أو غير عرش و كما تُطلِق العرب النزول على الإنتقال تُطلقه على غيره كما جاء في كتابه العزيز: ( و أنزلنا الحديد فيه بأس شديد ) و قوله تعالى : ( و أنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج ) و لم ير أحد قطعة حديد نازلة من السماء في الهواء و لا جملاً يُحلّق من السماء إلى الأرض !!! فكما جوّز هنا أن النّزول غير الانتقال من العلو إلى السفل فليجوّزه هناك)).انتهى

والجواب عليه:

أولا: المعلوم أن الصعود والرفع يكون من أسفل إلى أعلى.
قال الله جل وعلا في كتابه (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) وقال جل وعلا في حق عيسى عليه السلام (بل رفعه الله إليه) وقال جل وعلا (يا عيسى إني متوفيك(ورافعك إليّ) وهذا الرفع وهذا الصعود معلوم ضرورة في اللغة أنه من ، أنزل إلى أعلى ومن أسفل إلى أعلى ، والدلالة واضحة.
فالكلمات تصعد إلى الله، والعمل الصالح يرفعه الله، وهذا يدل على أن الله عال بذاته، لأن الأشياء تصعد إليه وترفع.
وإن لم تكن هذه الآية ونحوها نصا في إثبات العلو فما هو النص,والنص هو الذي لا يحتمل غير معناه ,فإن "إلى" لانتهاء الغاية والمعنى أن الصعود ينتهي إلى الله.
-جاء في تفسير ابن كثير((وقوله تعالى : " والعمل الصالح يرفعه " قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما الكلم الطيب ذكر الله تعالى يصعد به إلى الله عز وجل)).
-وجاء في تفسير الطبري(وقوله : { إليه يصعد الكلم الطيب } يقول تعالى ذكره : إلى الله يصعد ذكر العبد إياه وثناؤه عليه).

-قال الإمام أحمد: ( و قد اخبرنا انه في السماء فقال (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض )
( أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا )
وقال : ( إليه يصعد الكلم الطيب )
وقال : ( إني متوفيك ورافعك إلي )
وقال : ( بل رفعه الله إليه )
وقال : ( يخافون ربهم من فوقهم )
وقال : ( وهو القاهر فوق عباده )
وقال : ( وهو العلي العظيم )
فَهَذَا خَبَرُ اللَّهِ, أَخْبَرَنَا أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ, وَوَجَدْنَا كُلَّ شَيْءٍ أَسْفَلَ مِنْهُ مَذْمُومًا, يَقُولُ اللَّهُ -جَلَّ ثَنَاؤُهُ - : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار) ( الرد على الجهمية و الزنادقة ).
تأمل ولو لمرة هذا الكلام الذي أورده في الرد على الجهمية الذين ظهروا قبل الأشاعرة أفلا يدلك هذا أن شبهات الأشاعرة اليوم لا تختلف عن شبهات أجدادهم الجهمية المعطلة؟!!!.
وقال الإمام الحافظ الحجة أبو عاصم خشيش بن أصرم النسائي المتوفى سنة 253 للهجرة - شيخ أبي داود والنسائي - في كتابه الإستقامة:
((وأنكر جهم أن يكون الله في السماء دون الأرض ، وقد دل في كتابه أنه في السماء دون الأرض:
بقوله: ((إني متوفيك ورافعك إلي وطهرك من الذين كفروا)) وقوله : ((وما قتلوه يقيناً))
وقوله : ((بل رفعه الله إليه))
وقال: ((يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه))
وقوله : ((إليه يصعد الكلم الطيب))
وذكر أكثر من 75 دليل من القرآن مثل ((ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور () أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا)) ثم قال:
لو كان في الأرض كما هو في السماء لم ينزل من السماء إلى الأرض شيء ولكان يصعد من الأرض إلى السماء كما ينزل من الأرض إلى السماء ، وقد جاءت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن الله في السماء دون الأرض ثم ذكر أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم.)) نقله بنصه الملطي الشافعي مرتضياً له في التنبيه والرد ص104
-قال شيخ الإسلام ابن تيمية((وقد قال عز وجل: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} وقال سبحانه: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} وقال سبحانه: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} وهذه الآيات التي استشهد بها الإمام أحمد لقول ابن المبارك وكذلك هي التي احتج بها عثمان بن سعيد الدارمي وغيره على ذلك فهذا الرازي وموافقوه على النفي من المعتزلة ومتأخري الأشعرية يسلمون أن الاستدلال بهذه الآيات على أن الله فوق العرش يستلزم القول بدلالتها على أن الله متحيز في جهة وأن له حدا وقد تقدم تمام قول الأشعري.
قال أيضا: "وقد قال تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} وقال سبحانه: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} وقال سبحانه: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} وقال: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} {الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً} وقال: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ} قال: "وكل هذا يدل على أنه في السماء مستو على عرشه" قال: "والسماء بإجماع الناس ليست في الأرض فدل على أنه عز وجل منفرد بوحدانيته مستو على عرشه كما وصف نفسه قال وقال سبحانه: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} وقال عز وجل: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ} وهاتان الآيتان هما اللتان احتج بهما أحمد على قول ابن المبارك في الرواية الأخرى ".
قال: وقال سبحانه: {يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} وقال سبحانه: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} قال: "واجتمعت الأمة على أن الله رفع عيسى إلى السماء" قال: "ومن دعاء المسلمين جميعا إذا هم رغبوا إلى الله في الأمر النازل بهم أنهم يقولون يا ساكن العرش أو يا من احتجب بالعرش أو بسبع سموات وهذا تصريح منه باحتجابه بالأجسام المخلوقة وهذا عند منازعيه من نفاة أصحابه وغيرهم يستلزم أن يكون جسما متحيزا"......

وقد رد على ابن جهبل: العلامة أحمد عيسى النجدي -رحمه الله- في كتابه تنبيه النبيه فقال رحمه الله(أنت الذي زل حمارك وكثر خطؤك وعثارك فإن الصعود إن كان لا يعقل إلا في الأجسام فقد نقل مقلدك المدارسي قال روي عن عبد الله بن مسعود قال:إذا حدثنا كم بحديث أتينا كم بتصديق ذلك من كتاب الله عز وجل أن العبد المسلم إذا قال الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر وتبارك الله أخذها الملك فجعلها تحت جناحه ثم يصعد بها فلا يمر على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن حتى يحي بها وجه الرحمن ثم تلا عبد الله: (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح))أخرجه ابن جرير وابن منذر والطبراني والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات .فإذا كان الصعود لا يعقل إلا في الأجسام فقد كفانا المدارسي المؤونة ونقل أن الذي يصعد بهن ملك فتقرر النص ولله الحمد)انتهى.
ثانيا:هذه الآيات لا نريد إثبات بها العرش إنما نثبت فوقية الله تعالى فكون الآية لم يرد فيها (العرش) ولا(السماء) لا يعني انكار العلو لأن نصوص الكتاب في إثبات العلو تنوعت منها نصوص كونه سبحانه في السماء ومنها نصوص إستواءه سبحانه على العرش ومنها نصوص الصعود ومنها نصوص النزول وكلامنا الآن عن نصوص الصعود فقد جاءت بكل وضوح تدل على صعود الكلم الطيب إلى الله تعالى وكذلك رفع الأعمال إليه وأما قولك بأن الصعود يكون للأجسام فمن سبقك لهذا؟ ثم أليس نبي الله المسيح عليه السلام بشرا أي من الأجسام المخلوقة؟!!
وهذا الحديث القاطع يقصم ظهر كل محرف أو معطل
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ، ولا يصعد إلى الله إلا الطيب ، فإن الله - تعالى - يتقبلها بيمينه ، ثم يربيها لصاحبها ، كما يربي أحدكم فلوه ، حتى تكون مثل الجبل . ورواه مسلم أيضا ، والنسائي ، والترمذي ، وابن ماجه ، وابن خزيمة في صحيحه .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم ، فيسألهم وهو أعلم بهم ، فيقول : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلون ، وأتيناهم وهم يصلون .
.
وعنه - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان ملك الموت يأتي الناس عيانا ، فأتى موسى - عليه الصلاة والسلام - فلطمه فذهب بعينه ، فعرج إلى ربه - عز وجل - فقال : يا رب ، بعثتني إلى موسى فلطمني فذهب بعيني ، ولولا كرامته عليك ، لشققت عليه . قال : ارجع إلى عبدي ، فقل له : فليضع يده على ثور ، فله بكل شعرة وارت كفه سنة يعيشها ، فأتاه فبلغه ما أمره ، فقال : ثم ماذا بعد ذلك ؟ قال : الموت . قال : الآن ، فشمه شمة قبض فيها روحه ، ورد الله على ملك الموت بصره . وفي لفظ : فلطم عينه ففقأها ، فرجع فقال : أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت ، فرد الله عليه عينه ، وقال : ارجع إلى عبدي ، فقل له : إن كنت تريد الحياة ، فضع يدك على متن ثور ، وفيه قال : يا رب ، فالآن . وقال : رب ، أدنني من الأرض المقدسة رمية بحجر . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر . متفق عليه .

ثالثا: أما تأويل ابن حهبل للعروج فقد رد عليه العلامة ابن عيسى في كتابه : تنبيه النبيه و الغبي " :

( أقول : لما عجز عن تأويل هذا النص عدل الى المكابرة لأنه لم يمكنه تأويل صعود الملائكة و عروجهم الى ربهم بالقبول و نحوه قال : ان العروج هو الانتقال في الأجسام
يقال له : ان الملائكة أجسام نورانية و صعودهم و نزولهم في الكتاب و السنة فإن كذّبت بذلك فقد كفرت نعوذ بالله من ذلك , و قوله : " لا دلالة في الآية على أن العروج إلى سماء و لا عرش " يقال له : بل هي نص في ان العروج الى الله لأن الى لانتهاء الغاية , و الضمير في إليه عائد الى الله بالضرورة نعوذ بالله من التمحل ) اهـ من تنبيه النبيه و الغبي ص 339 -340

قلت : و الرد على كلام ابن جهبل له وجوه أخرى أيضا منها هذا الوجه :
و هو ان يقال :
قوله ان العروج حقيقته المستعملة في لغة العرب للأجسام : فهذا لا يصح له , لأن الألفاظ في لغة العرب لا تخرج عن ان تكون مضافة الى مخلوق : فحقيقة اللفظ المضاف ( أي كنهه و كيفيته ) على حسب حقيقة المخلوق و ان كان المعنى معلوما , كقولنا ان فلانا رحيم بأهله , فنحن نعرف معناها و حقيقتها فنصف حقيقتها بأنها رقة في القلب
أو : أن تكون مضافة للخالق , فحقيقة اللفظ المضاف ( أي كنهه و كيفيته ) غير معروفة لنا , كقولنا ان الله تعالى رحيم , فنحن نعرف معنى الرحمة و لكننا نجهل حقيقتها و كنهها لأن هذا مما استأثر به الله تعالى
أو : أن لا يكون مضافا لشيء , فهذا لا يصح فيه التفذلك على حقيقته لأن الحقيقة أصلا غير معلومة إلا بالإضافة فإن كانت لمخلوق فربما عرفنا كيفية ذلك و ربما لم نعرف و ان كانت للخالق عز و جل : كنا بذلك جاهلين فنؤمن بذلك و لا نتمحل
فهذه ثلاث حالات في مسألة الألفاظ في لغة العرب
رابعا:أما عن التنزيل والنزول فيقال لك:ان التنزيل و النزول إنما يكون في لغة العرب من العلو دوما , و قد عهد نزول أصل الإنسان و هو آدم عليه السلام من علو الى سفل كما قال تعالى " اهبطا منها جميعا " فما المانع ان ينزل أصل الأنعام مع أصل الأنام ؟ و قد ورد في نزول الكبش فدية لنبينا إسماعيل عليه السلام ما هو معروف و أيضا فإن نزول الانعام من أرحام الإناث يقتضي النزول من علو الى سفل بهذا ينتقض كلامك و يستبين جهالة مرامك .

و الحديد نزل من السماء الى الأرض و ان كنتَ لم تره فهذا من المعلوم من الكتاب و السنة و قد رويت آثار في نزول الحديد , و أيضا فإن الحديد يكون في الجبال و هي عالية و هذا وجه آخر في إبطال كلامه .
وقوله تعالى (( وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج )) الإنزال فيه حقيقي

قال شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية (6/11) (( فإنه ينزل الماء من أصلاب الذكور إلى بطون الإناث ثم ينزل الأجنة من يطون الإناث إلى الأرض فأنزل منها ثمانية أزواج

ومن المشهور في اللغة أنه يقال عن ابن آدم : أنزل الماء ))

وأما قوله : (أن العرب لا تفهم ذلك أي النزول في كلام سواء كان من عرض أم من غير عرض) فيقال في جوابه((لكن يفهم نزول الملك به وهو جبريل عليه السلام كما قال تعالى((وانه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين) وقوله تعالى((قل نزله روح القدس من ربك)) فمن أنكر أن جبريل ينزل بكلام الله تعالى فقد رد النصوص القرآنية والأحاديث النبوية وكفى بذلك ضلالا ,وقوله تعالى((تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم)فإن التنزيل يستلزم علو المنزل من عنده لا تعقل العرب من لغاتها بل ولا غيرها من الأمم إلا ذلك ,وقد أخبرنا أن التنزيل الكتاب منه فهذا يدل على شيئين:
أحدهما:علوه تبارك وتعالى على خلقه.
الثاني:أنه هو المتكلم بالكتاب المنزل لا غيره فانه أخبر أنه منه وهذا يقتضي أن يكون منه قولا كما أنه منه تنزيلا .

خامسا:الفوقية تأتي بالمعنيين: تأتي حسية ومعنوية، فالحسية مثل قوله تعالى: يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [النحل:50] ، ففي هذه الآية إثبات صفة الفوقية الحسية، وأما الفوقية المعنوية فمثل قوله تعالى في أتباع عيسى: وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ [آل عمران:55] فهذه الفوقية ليست حسية، بل المقصود بها الفوقية المعنوية بالترفع عليهم فقط. وكذلك فوقية الله سبحانه وتعالى على خلقه فوقية حسية وفوقية معنوية: فوقية حسية بارتفاعه وعلوه واستوائه على عرشه، وفوقيته المعنوية بمخالفته للحوادث وقهرهم بإحاطته بما هم فيه. فالله له العلو المطلق، فله علو الشأن، فشأنه عظيم، ولا يحيطون بشيء من علمه، ولا يحيطون به علماً سبحانه وتعالى، وله علو القهر، فقد غلب كل شيء، وقهر كل شيء، وعلا على كل شيء، وله علو الذات سبحانه وتعالى كما قال سبحانه: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]، فاستوى فوق عرشه، وعرشه فوق سماواته، كما جاء في الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة في فلاة، والكرسي بجوار العرش كحلقة في فلاه)، والله على عرشه استوى.
وقد يقول قائل:ولماذا فسرتم قوله تعالى((يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )) بالفوية الحسية دون المعنوية؟
فيقال: لأن سياق الكلام في كلام العرب يدل على الفوقية الحسية لا المعنوية فقد جاءت الآيات تتحدث عن عباد الله المتقين الذين يخافون ربهم الذي فوقهم(من فوقهم) فلا شك أن لفظ الفوق إذا جاء مجرورا ب(من) لا يفهم منه إلا الفوقية الحسية كما في قوله تعالى((إذا جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم)) وكقوله تعالى((قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم..)) فإذا لم تكن هذه فوقية حسية فماعساها أن تكون؟!!!!
أما تفسيرك للفوقية الحسية التي يثبتها السلفيين بأنها جسم فوق جسم فذاك في حق المخلوقات ولكن كلامنا عن الخالق جلا جلاله الذي(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). وقد تقدم الرد على هذا في الرد على الشبهات فليراجع.

من طرائف ابن جهبل
و للعلم : لم يكن ابن جهبل محققا لمذهب السلف بل من طرائفه في رده على شيخ الإسلام ابن تيمية انه أدرج كلام الإمام أحمد مع كلام ابن تيمية و ظن انه كله كلام الامام أحمد ! فقال :


( و لو تنازل واكتفى بما نُقل عن إمامه الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، حيث قال: " لا يُوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا نتجاوز القرآن والحديث، ونعلم أن ما وُصِفَ اللهُ به من ذلك فهو حق، ليس فيه لغو ولا أحاج، بل معناه يُعرف من حيث يُعرف مقصود المتكلم بكلامه، وهو مع ذلك ( ليس كمثله شيء) في نفسه المقدسة المذكورة بأسمائه وصفاته، ولا في أفعاله، فكان ينبغي أن الله سبحانه له ذات حقيقية، وأفعال حقيقية، وكذلك له صفات حقيقية، وهو ( ليس كمثله شيء) لا في ذاته ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وكل ما أوجب له نقصاً أو حُدوثاً فإن الله عز وجل منزه عنه حقيقةً، فإنه سبحانه مُستحق للكمال الذي لا غاية فوقه، وممتنع عليه الحدوث لا متناع العدم عليه، واستلزام الحدوث سابقة العدم، وافتقار المُحدَث إلى مُحدِث ووجوب وجوده بنفسه سبحانه وتعالى "

ولقد أتى إمامك في هذا المكان بجوامع الكلم، وساق أدلة المتكلمين على ما تدعيه بأحسن رد وأوضح معان، مع أنه لم يأمر بما أمر به هذا الفريق. ) اهـ كلام ابن جهبل في رسالته تلك !
و الطريف ان الكلام الملّون باللون الأحمر هو كلام شيخ الإسلام أصلاً ! و لكن ابن جهبل ظنه كلام الإمام أحمد ! و كلام الإمام أحمد انتهى عند قوله : " لا يُوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا نتجاوز القرآن والحديث "

فامتدح كلام شيخ الإسلام ظانا أنه كلام الامام أحمد ! و احتج بكلامه عليه ! و هذا يدلك على مدى تحقيق مثل هذا لمذهب السلف !









قديم 2010-09-30, 00:07   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال بأين الله ليس بدعةً(1)

من الأدلة الصحيحة على جواز السؤال بأين الله ما رواه الطبراني في المعجم الكبير (13054) من طريق محمد بن نصر الصائغ ثنا أبو مصعب الزهري ثنا عبدالله بن الحارث الجمحي ثنا زيد بن أسلم قال مر ابن عمر براع فقال :هل من جزرة ؟ فقال ليس ها هنا ربها قال ابن عمر تقول له أكلها الذئب قال فرفع رأسه الى السماء وقال فأين الله ؟ فقال أنا والله أحق أن أقول أين الله ؟ واشترى الراعي والغنم فأعتقه وأعطاه الغنم
قال الألباني في مختصر العلو (( رجاله ثقات مترجمون في التهذيب إلا شيخ الطبراني وهو ثقة مترجم في تاريخ بغداد ))
قلت: تأمل معي رفع رأسه الى السماء حينما قال فأين الله مما يدل أن المتقرر عندهم هو أن الله في السماء

الدليل الثاني:
ما رواه أحمد مسنده (4/11-12) الترمذي (3109) وحسنه وابن ماجة في سننه، المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية (1/64) من حديث وكيع بن حدس عن عمه أبي رزين العقيلي قال قلت يا رسول أين كان ربنا قبل أن يخلق ؟ قال (( كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء وخلق عرشه على الماء ))

قلت هذا حديث حسن أعله جمع من الأفاضل بجهالة وكيع بن عدس ويقال حدس والصواب أنه معروف ذكره ابن حبان في كتاب مشاهير علماء الأمصار( ص124) وقال انه من الأثبات وقال عنه الجورقاني في كتابه الأباطيل و المناكير والصحاح المشاهير (1/232) صدوق صالح الحديث وصحح له الترمذي وابن خزيمة _ كما في التذييل على كتب الجرح والتعديل ص125 _
والجوزقاني هذا صنفه التهانوي مع المتشددين في كتابه (( قواعد في علم الحديث )) ص191 وأقره المحقق عبدالفتاح أبو غدة
وقد صحح هذا الحديث ابن جرير الطبري في تاريخه (1/19)

-------
(1) هذا الفصل نقلته من كتاب(الدفاع عن حديث الجارية) للأخ الفاضل:عبد الله خليفي.









قديم 2010-10-05, 12:54   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
القرب بالذات يستلزم أنه قريب بمسافة
يستلزم ذلك في حق المخلوق أما الخالق(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).

اقتباس:
، و نحن لا نعلم قربا بالذات لا يستلزم وجود مسافة،
نعم في حق المخلوق لكننا نتكلم عن الخالق جلا جلاله فلا تخلط.

اقتباس:
و بهذا المعنى فاستلزامك بأن ما هو لازم في حق المخلوق لا يكون لازما في حق الخالق هو باطل بهذا المعنى،
هذا أمر معلوم عقلا وشرعا لأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

اقتباس:
و أصل الغلط هنا هو قولكم أن الله مباين من خلقه بذاته الذي هو غلط في معنى ولفظ.
المعنى أن السلف عندما يقولون مباينا فهم يعنون المغايرة للمخلوقات أما ابن تيميه فيقرها بمعنى الإنفصال عنهم (فوق العالم) لأن البينونة بالذات بهذا المعنى تستلزم أن يكون المتصف بها قابلا للمحل و الجهة.
.
البيونة تقال للرد على الحلولية أي هي عكس الحلول ولا يقصد بها المغايرة فخسب بل عدم الحلول.
روى الذهبي في كتاب "العلو" بإسناده إلى عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سألت أبي وأبا زرعة رحمهما الله تعالى عن مذهب أهل السنة في أصول الدين، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار، وما يعتقدان من ذلك فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار، حجازا وعراقا ومصرا وشاما ويمنا، فكان من مذهبهم أن الله تبارك وتعالى على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله بلا كيف، أحاط بكل شيء علما، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. انتهى


ا
اقتباس:
للفظ أنه ذكر لفظ بذاته و هو لفظ منكر أنكره عليه العلماء المعاصرون أنه لم يرد في الكتاب و لا في السنة و لا عن أحد من الصحابة و التابعين ، فإن لفظة بذاته إذا ذكرت مع هذه الألفاظ أو ما شاكلها حصرت معانيها في المعنى الحسي الجسماني فلا يقال مثلا استوى بذاته و ينزل بذاته و يجيء بذاته و يقرب بذاته ثم يقال لا كاستوائنا و لا كنزولنا و لا كمجيئنا و لا كقربنا لأن هذا تناقض صريح.
قال ابن الجوزي: من قال استوى بذاته فقد أجراه مجرى الحسيات " دفع شبه التشبيه ص 102".
و قال الذهبي في ترجمة ابن الزاغوني :قد ذكرنا أن لفظة بذاته لا حاجة إليها و هي مشغب النفوس و تركها أولى و الله أعلم " سير أعلام النبلاء 19/607"
و قال الذهبي في كتاب العلو (ص263) ردا على قول يحيى بن عمار :بل نقول هو بذاته على العرش و علمه محيط بكل شيء .قال الذهبي : قولك بذاته من كيسك.
و قال في ترجمة الحافظ أبي القاسم التيمي :"سير أعلام النبلاء 20/86" :قلت الصواب الكف عن إطلاق ذلك ، إذ لم يأت فيه نص، و لو فرضنا أن المعنى صحيح فليس لنا أن نتفوه بشيء لم يأذن به الله خوفا من أن يدخل القلب شيء من البدعة، اللهم احفظ علينا إيماننا.

و قال الإمام بدر الدين بن جماعة: فمن جعل صفة الإستواء في حقه تعالى ما يفهم من صفات المحدثين و قال: استوى بذاته أو استوى حقيقة ، فقد ابتدع بهذه الزيادة التي لم تثبت في السنة و لا عن أحد من الأئمة المقتدى بهم.
و قال أبو الحسين المنادي كما نقل ابن الجوزي في دفع شبه التشبيه ص 192 : و لسنا نختلف أن الجبار لا يعلوه شيء من خلقه بحال و أنه لا يحل بالأشياء بنفسه، و لا يزول عنها لأنه لو حل بها لكان منها و لو زال عنها لنأى عنها .

نفعنا الله و إياكم
أما عن لفظ(بذاته) فقد تم بيانه بالتفصيل كما في الإعتراض الثالث فلتراجعه في المشاركة رقم 62.
https://www.djelfa.info/vb/showpost.p...6&postcount=62









 

الكلمات الدلالية (Tags)
الغلو, شبهات, عليها, والرد, واعتراضات


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 19:53

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc