قال ابن تيمية في أساس التقديس:" أن كون الرب إلها معبودا يستلزم أن يكون بجهة من عابده بالضرورة ذلك أن العبادة تتضمن قصد المعبود و و إرادته و توجه القلب إليه و هذا الأمر يحسه الإنسان من نفسه في جميع مراداته و مقصوداته و مطلوباته و محبوباته التي قصدها و أحبها دون قصده و حبه و طلبه الألهة"
ثم قال :" و الإنسان يحس من نفسه أنه إذا قصد شيئا أو أحبه غير نفسه فلا بد أن يكون بجهة منه"
فهو يجعل محبة القلب و الفؤاد لله تعالى لا يتم إلا إذا توجه الإنسان بقلبه إلى جهة معينة من الجهات الست و هي الفوق فيكون قد خلط بين حركة القلب التي هي تعقلية و حركة الجسم التي هي حركة للأين، فالإنسان عندما يقصد بقلبه نحو أمر ما فإن هذا القصد ليس عبارة عن حركة و انتقال بل عو عبارة عن تحريك للمعقولات للتوجه نحو المطلوب.
و ابن تيمية عندما يشترط الجهة المكانية للمحبة و القصد القلبي فإنه يكون قد وصل مرحلة عالية من الغلو و التجسيم ثم هو يتهم سائر المسلمين الذين ينفون الجهة عن الله بالنفاق و يقول إنهم لا يعبدون في الحقيقة شيئا لأن المعبود لا بد أن يكون في جهة.
المسلم المأمور بمحبة المسلمين لا يلتفت إلى جهاتهم عند محبته لهم ،و هو عندما يحب النبي صلى الله عليه و سلم فإنه يحبه لذاته و لا يرتبط حبه له بمكان قبر النبي، فإن الإلتفات إلى قبره صلى الله عليه و سلم لا يتم إلا عند الإنتباه أن النبي صلى الله عليه و سلم جسم ،و كل جسم يجب كونه في مكان و ليس هذا هو المطلوب منا في محبة النبي بل المطلوب محبته لمجرد الإلتفات إلى حقيقته و لو مع عدم الإلتفات إلى جسمانيته .
و كذلك العبادة و محبة الله تعالى فإنها حاصلة في القلب و مع عدم حصول الله تعالى في مكان.