اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة البليدي جمال
مناقشة الأخ "*jugurtha* الحلقة الثانية:
شبهات من أنكر شمولية النظام الإسلامي ومن له الأحقية للكلام في السياسة:
بعد أن حررت موطن الاتفاق ومواطن النزاع كما في الحلقة الأولى أشرع الآن في الرد على الشبهات الأخ "*jugurtha* هذا مع التنبيه أن هذه الشبهات أو الأدلة في نظر الأخ إنما ساقها صاحبها معتمدا على موطن الخداع لا النزاع فهو بنى حججه على مقدمة فاسدة وهي اتهامه لأهل السنة بالجمود في السياسة الشرعية لا الاجتهاد كما سبق وبيناه, أما أنا هاهنا فسأرد عليه بناءا على موطن النزاع لا الخداع فلينتبه القارئ لذلك:
مخلص الشبهات :
اختلاف الأمة قديما وحديثا دليل على عدم وجود نظام إسلامي شامل وذريعة لعدم الأخذ عن أهل الإجتهاد في السياسة الشرعية:
قال الأخ "*jugurtha*:
وقال أيضا:
وقال أيضا:
والجواب :
أولا: أما عن قولك من يحدد العلماء؟ فأقول: اعرف الحق تعرف أهله فالذي يحدد العلماء هو معرفة الحق ولا يكون ذلك إلا بالهداية من رب العالمين لا بالكتب ولا بالذكاء ولا الفطنة التي يباهى بها دعاة السياسة العصرية إنما بنور يقذفه الله تعالى في قلب العبد إذا استهدى الله تعالى بالطلب والدعاء وفعل الخيرات إخلاصا لله تعالى واتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم فكلما كان العبد لربه مخلصا ولنبيه متبعا إلا وكان الحق يدور معه بحسب اخلاصه واتباعه لنبيه عليه الصلاة والسلام , وبهذا يعرف الحق ثم يعرف يميز بين العالم المجتهد وبين الرويبضة التافه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم((التافه يتكلم في أمور العامة)).
ثانيا: أما احتجاجك بتفرق المسلمين مذهبيا وجعلك لهذا التفرق ذريعة لعدم أخذ السياسة الشرعية عن علماء السنة السلفيين فهذا احتجاح منقوض مردود لأن التفرق حاصل ولا بد وهو من سنة الله تعالى الكونية القدرية ولا يمكن رد الشرع بالاحتجاح بالقدر أو الواقع كما هو معلوم عند العقلاء إنما أنت مطالب بالبحث عن الحق أولا ثم اتباعه ثانيا ثم معرفة أهله ثالثا سواء كان المسلمين مختلفين أو متفقين أو متقاتلين وسواء كنت في القرن السابع أو القرن الواحد والعشرين لا فرق فتفرق المسلمين حق لا أخالفك فيه لكن حق قدرا لا شرعا أما شرعا فأنت مطالب بتطبيق أوامر الله تعالى ورسوله, وقد أمرك ربك بالرجوع لأهل الإجتهاد في مسائل السياسة الشرعية .

ثالثا:تفرق المسلمين إلى حزبيين و تغريبيين وسلفيين حجة عليك لا لك لأن المسلمين ما تفرقوا إلا بابتعادهم عن الشريعة الإسلامية السلفية عموما والنظام الإسلامي السياسي خصوصا فتفرق المسلمين العقائدي إلى قدرية وأشعرية وجهمية وأهل حديث(=سلفيون)) إنما جاء ببقاء أهل الحديث على الأصل وخروج البقية إلى الفلسفة وبدعة علم الكلام في العقائد, وتفرقهم السياسي إلى سلفيين وإخوانيين وتكفيريين إنما جاء ببقاء السلفيين على النظام السياسي الإسلامي المحمدي وخروج البقية إلى النظام الدموي الإرهابي الثوري أو النظام البرلماني الديمقراطي الغربي فليس أهل السنة الملامون على التفرق لأن هؤلاء بقوا ثابتون صامدون شامخون على الأصل خلافا للبقية الذين ابتدعوا في دين الله تعالى ما ليس منه.
فلا تحتج بالقدر على الشرع إذ لا يخفى عليك
أن ديننا هو الدين الواحد الذي يحث على الائتلاف والوحدة والإجتماع وينبذ الفرقة والاختلاف فقد جاءت الأيات والأحاديث النبوية صريحة في ذلك منها:
قوله تعالى(({ واعتصموا بحبل لله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة لله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً} )) وقوله تعالى(( وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ))
ومن تأمل أحاديث النبي صلى الله عليهم وسلم المتعلقة بالحكم والحاكمية يجدها تدل على هذا بوضوح ففي الفتنة أمرنا بكف الألسن ولزوم البيوت حفاظا على الوحدة.
وفي حال اظطررنا إلى حاكم ظالما فقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر والإنكار بالتي هي أحسن حفاظا على الوحدة.
وفي حال جاءنا خارجي يريد تولي الحكم فقد أمرنا بمحاربته حفاظا على وحدة المسلمين فقال عليه الصلاة والسلام(( مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعًا عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ ، وَيُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ " .
لكن إذا قدر الله تعالى وتغلب هذا الخارجي ووصل الحكم وتمكن فإن النصوص امرتنا بالإقرار بولايته لا شرعا لكن قبولا من أجل الحفاظ على وحدة المسلمين.
ولن أطيل عليك في سرد هذه النصوص الواضحة النيرة لأنها موجودة في تلك الكتب التي يصفها الجهلة والأغبياء بالكتب الصفراء فارجع إلى كتاب"السياسة الشرعية" لابن تيمية رحمه الله فقد استدل بالكثير من الآيات والأحاديث حول ما نحن بصدده.
رابعا:
1-أتفق معك بأن الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا لكنني لا أتفق معك بأنهم اختلفوا من أجل الحكم أبدا , وأما احتجاجك بحادثة السقيفة فهي حجة عليك لا لك لأنهم اجتمعوا ليطبقوا مبدأ الشورى فتشاورا بينهم وخرجوا بنتجة وهي تولية الخليقة أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
2-أتفق معك أن بيعة أبي بكر الصديق لم تكن كبيعة عمر رضي الله عنه لكن هذا لا يعني أن البيعتين لم تنص عليهما الشريعة ففي الشريعة طريقتين لتولي الحكم:
الأولى : هي الشورى لقوله تعالى وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ " ( آل عمران : 159 ) وكذا قوله في معرض المدح لجماعة المسلمين : " وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ " ( الشورى : 38 )
الثانية: الاستخلاف ويدل على هذاقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( لقد هممت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه فأعهد, أن يقول القائلون أويتمنى المتمنون, ثم قلت يأبى الله ويدفع المؤمنون , أو يدفع الله ويأبى المؤمنون) متفق عليه .
وقد عهد أبو بكر رضي الله عنه بالخلافة من بعده إلى عمر رضي الله عنه,وعهد عمر إلى الستة الذين توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض(أنظر ابن سعد الطبقات الكبرى-ج3 ص196.
ولقد أجمع المسلمون على جواز انعقاد الخلافة بهذا الطريق في عهد الصحابة فمن بعدهم, فلم يعرف منهم من أنكر أو خالف ذلك..يقول النووي : وأجمعوا على انعقاد الخلافة بالاستخلاف ...
3-لست أخالفك أن معاوية رضي الله عنه ولى ابنه يزيد الحكم من بعده لكن هذا جاء على أساس الشورى لا على أساس الأبوة فقد حرص معاوية على موافقة الناس، فعزم على أخذ البيعة لولاية العهد ليزيد، فشاور كبار الصحابة وسادات القوم وولاة الأمصار فجائت الموافقة منهم، وجاءته الوفود بالموافقة على بيعة يزيد وبايعه الكثير من الصحابة حتى قال الحافظ عبد الغني المقدسي ((خلافته صحيحة، بايعه ستون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منهم ابن عمر ))وقد ثبت في صحيح البخاري أن ابن عمر بايع يزيد وعندما قامت عليه الفتنة من المدينة جمع أهله وحذّرهم من الخروج على يزيد، فعن نافع قال (( لمّا خلع أهل المدينة بن معاوية، جمع ابن عمر حشمه وولده، فقال: إني سمعت النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم يقول: يُنصب لكل غادر لواء يوم القيامة. وإنَّا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله، وإني لا أعلم غدراً أعظم من أن يُبايع رجل على بيع الله ورسوله ثم يَنصُبُ له القتال، وإني لا أعلم أحداً منكم خَلَعَهُ، ولا تابع في هذا الأمر، إلا كانت الفيصل بيني وبينه ))
وقد خالف ابن الزبير والحسين هذه الموافقة ولا يقدح ذلك في البيعة إذ لا بد من مخالف لذلك، ومن هنا نعلم أن معاوية حرص على موافقة الأمة على بيعة يزيد، ولو أراد معاوية الاستبداد وأخْذ البيعة ليزيد بالقوة والقهر كما يدعي هذا الطاعن لاكتفى ببيعة واحدة، وفرضها على الناس فرضاً، وهذا ما لم يفعله معاوية بل قد خالف من خالف ولم يتخذ معاوية سبيل القوة لارغامهم على البيعة.
ولعل السبب الذي دفع معاوية لأخذ البيعة ليزيد، حتى يُبعد الخلاف ويجمع الكلمة في هذه المرحلة المتوتِّرة التي تعيشها الأمة، وكثرة المطالبين بالخلافة فرأى أنه بتوليته ليزيد صلاح للأمة وقطعاً لدابر الفتنة باتفاق أهل الحل والعقد عليه.
يتبع إن شاء الله,,,,
|
أخي الكريم
حتى نبتعد عن النقولات الطويلة أجبني عن هذه الأسئلة حتى نوطن موضع النقاش :
1- ما مفهوم هذا النظام السلفي الشامل الكامل ؟ طريقة عمله وآلياته ؟؟ .
2- مصادر التشريع في هذا النظام السلفي ؟؟
3- من حكم بهذا النظام السلفي الشامل الكامل عبر التاريخ الاسلامي ؟؟
علماء المسلمين قديمًا و حديثًا تكلموا عن نظام الحكم و جميعهم يتفقون على الغاية من الحكم وهي اِقامة الدين ونشر العدل والتوحيد لكن خلافهم كان حول آليات الحكم ووسائله وهذا ما سناقشه باذن الله .