اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة khaledmadridi
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الموضوع 02: شعبة آداب وفلسفة
إن مبدأ المساواة هو الذي يجسد العدالة الإجتماعية على أرض الواقع .
دافع عن صحة هذه الأطروحة ؟
أرجو من أصحاب الاختصاص تصحيحيها وتقييمها
وجزاكم الله كل خير
طرح المشكلة:
إن العدالة من المواضيع التي نالت حظها من الدراسة والاهتمام، إذ سلم الفلاسفة منذ القدم بأنها إحدى الفضائل الأربعة الكبرى إضافة إلى الشجاعة والعفة والحكمة، الأمر الذي جعل المجتمعات تاريخيا بالرغم من اختلاف مشاربها وعقائدها الإيديولوجية تنشدها، وما تزال تراود مختلف طبقات المفكرين من فلاسفة وسياسيين سوسيولوجيين وقانونيين إلى يومنا هذا . وهي في جوهرها تتمثل في مطابقة كل عمل القانون والعرف العام، ولئن كان الاتفاق حول ضرورة العدالة نظريا أمرا واردا فإن الاختلاف يبدو جليا حين تعلق الأمر بتجسيدها ميدانيا على أرض الواقع، بين من يرى بالمساواة المطلقة كشرط لها ومن ينظر إليها قائمة على أساس التفاوت والاستحقاق. والسؤال المطروح: كيف يمكن الدفاع وتبني هذه الأطروحة ؟ وما هي الحجج الدالة على ذلك ؟
عرض منطق الأطروحة:
يرى فلاسفة القانون الطبيعي بأن المساواة هي المبدأ الأساسي لتحقيق العدالة الاجتماعية، فالناس متساوون بالفطرة حيث يقول شيشرون <<إننا خلقنا للعدالة وإن الحق لا يستند لا لشيء آخر، كما نحن جميعنا لجميعنا>> فالبشر متساوون في المقدرة العقلية والجسدية، يقول شيشرون <<الناس سواء إن ليس هناك شيء أشبه بالإنسان من الإنسان، لنا جميعا عقل وحواس وإن اختلفنا في العلم فنحن متساوون في القدرة على التعلم>>.
كما أشارت الديانة البوذية مع البوذة لهذا الطرح مستندة في ذلك إلى محاولة إزالة كل مظاهر التمييز والتفريق بين الناس والمساواة بينهم في الحقوق والواجبات . يقول بوذة لأتباعه: <<إذهبوا إلى كل بقاع الأرض ولقنوا الجميع هذا الدرس: أكدوا لهم أن الفقراء والضعفاء، الوضعاء والأغنياء وعلية القوم كلهم سواء>> فمبدأ المساواة هو المبدأ الأساسي الذي يستند إليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فقد جاء في المادة السابعة منه <<كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة دون أية تفرقة>> ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه << متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار>>
تدعيم الأطروحة بحجج:
المساواة هي المفتاح الرأسمالي لتحقيق العدالة لأنه بانعدام المساواة يفتح المجال للتمييز والتفريق فيكون التأسيس للاستغلال، فلا عدالة بين أفراد المجتمع دون إقرار مساواة حقيقية، وطريق ذلك هو إقرار الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج كونها الملكية التي تسمح للجميع بالتمتع بهذا الحق (المساواة) لأن الملكية الخاصة وامتلاك وسائل الإنتاج بواسطة الأفراد يعرقل روح المساواة ويكرس للطبقية والاستغلال عن طريق حيازة صاحب رأس المال لعمل غيره، وتضيع حقوق الفرد لصالح أصحاب رؤوس الأموال، وكنتيجة حتمية لذلك يقسم المجتمع إلى طبقتين: طبقة تتمتع بجميع الحقوق وطبقة محرومة من كل شيء، فتغيب العدالة ويغيب معها استقرار المجتمع .
نقد خصوم الأطروحة:
للأطروحة خصوم وهم (أفلاطون- أرسطو- كاريل- الديانة البراهمية) وهم الذين يقرون بمبدأ التفاوت كأساس للعدالة الاجتماعية، فالطبيعة في نظرهم لم تسوي بين الفرد في الحقوق والواجبات حيث كانت سخية مع بعضهم في حين قترت البعض الآخر، فالعدل من هذا المنطلق يجب أن يقوم على أساس التفاوت .
لكن إقرار مبدأ التفاوت كأساس للعدالة الاجتماعية إنما يؤسس لعدالة ضيقة لا يتسع صدرها لاحتضان جميع أفراد المجتمع، إنها عدالة الطبقة العليا.
فالتأسيس الموضوعي للعدالة يجب أن يتجاوز أية ايديولوجية ومن ثم تجاوز تلك التصورات القبلية التي تجعل من الأفراد مواطنين من درجات مختلفة. فعلى أي أساس يقسم الناس إلى طبقات ؟
إن العدالة كقيمة أخلاقية ترفض أن تأسس على هذا المبدأ فهي أسمى من أن تنزل على مستوى هذه النظرة التي تبرر الجور والظلم وتكرس للطبقية والاستغلال .
حل المشكلة:
وفي الأخير يمكن القول أن مبدأ المساواة هو الأساس لتحقيق العدالة الاجتماعية فهذه الأطروحة القائلة <<مبدأ المساواة هو الذي يجسد العدالة الاجتماعية على أرض الواقع>> أطروحة صحيحة في نسقها وسياقها يمكن تبنيها والأخذ برأي مناصريها، ذلك أن المساواة هي المبدأ الأساسي الذي تسعى البشرية لتحقيقه .
|
علامتك تتراوح بين 13.50 او 14.50 من عشرين ويمكن تصل الى 15 من 20 و هذا هلى حسب المصحيحين