اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بني ونيف
اعتقاد الأشعري هو اعتقاد أهل السنة والجماعة
قال السبكي في الطبقات (١): "واعلم أن أبا الحسن الأشعري لم يبدع رأيا ولم يُنشِ مذهبا وإنما هو مقرر لمذاهب السلف، مناضل عما كانت عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالانتساب إليه إنما هو باعتبار أنه عقد على طريق السلف نطاقا وتمسك به، وأقام الحجج والبراهين عليه فصار المقتدي به في ذلك السالك سبيله في الدلائل يسمى أشعريا" اهـ.
ثم قال في موضعءاخر: "قال المآيرقي المالكي: ولم يكن أبو الحسن أول متكلم بلسان أهل السنة إنما جرى على سنن غيره وعلى نصرة مذهب معروف فزاد المذهب حجة وبيانا، ولم يبتدع مقالة اخترعها ولا مذهبا به، ألا ترى أن مذهب أهل المدينة نسب إلى مالك، ومن كان على مذهب أهل المدينة يقال له مالكي، ومالك إنما جرى على سنن من كان قبله وكان كثير الاتباع لهم، إلا أنه لما زاد المذهب بيانا وبسطا عزي إليه، كذلك أبو الحسن الأشعري لا فرق، ليس له في مذهب السلف أكثر من بسطه وشرحه وما ألفه في نصرته " اهـ.
ويقول الشيخ عز الدين بن عبد السلام في عقيدته: "واعتقاد الأشعري رحمه الله مشتمل على ما دلت عليه أسماء الله التسعة والتسعون ".
ويقول الشيخ قـاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب السبكي (٢) ما نصه:
"وهؤلاء الحنفية والشافعية والمالكية وفضلاء الحنابلة في العقائد يد واحدة كلهم على رأي أهل السنة والجـماعة يدينون لله تعالى بطريق شيخ السنة أبي الحسن الأشعري رحمه الله " ثم يقول بعد ذلك: "وبالجملة عقيدة الأشعري هي ما تضمنته عقيدة أبي جعفر الطحاوي التي تلقاها علماء المذاهب بالقبول ورضوها عقيدة" اهـ.
أما الشيخ محمد العربي التبان شيخ المالكية في الحرم المكي فيقول: "فحول المحدثين من بعد أبي الحسن إلى عصرنا هذا أشاعرة وكتب التاريخ والطبقات ناطقة بذلك " اهـ.
ويقول أبو الفتح الشهرستاني في كتابه الملل والنحل(٣): "الأشعرية أصحاب أبي الحسن علي بن اسماعيل الأشعري المنتسب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما، وسمعت من عجيب الاتفاقات أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه كان يقرر عين ما يقرر الأشعري أبو الحسن في مذهبه " اهـ.
وقال القاضي ابن فرحون المالكي في ترجمة الإمام الأشعري (٤) ما نصه " "كان مالكيا صنف لأهل السنة التصانيف وأقام الحجج على اثبات السنن وما نفاه أهل البدع " ثم قال: "فأقام الحجج الواضحة عليها من الكتاب والسنة والدلائل الواضحة العقلية، ودفع شبه المعتزلة ومن بعدهم من الملحدة، وصنف في ذلك التصانيف المبسوطة التي نفع الله بها الأمة، وناظر المعتزلة وظهر عليهم، وكان أبو الحسن القابسي يثني عليه وله رسالة في ذكره لمن سأله عن مذهبه فيه أثنى عليه وأنصف، وأثنى عليه أبو محمد بن أبي زيد وغيره من أئمة المسلمين " اهـ.
ويقول الشيخ محمد الحوت البيروتي (٥)ما نصه: "المالكية والشافعية أشعرية وإمامهم أبو الحسن الأشعري من ذرية أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، والحنفية ماتريدية وإمامهم أبو منصور الماتريدي وهما إماما أهل السنة والجماعة" اهـ.
ويقول الشيخ محمد أمين الشهير بابن عابدين الحنفي في رد المحتار على الدر المختار: "أهل السنة والجماعة وهم الأشاعرة والماتريدية " اهـ.
ويقول أبو عبد الله الطالب بن حمدون المالكي في حاشيته على ميارة (٦) عن الأشعري: "انه أول من تصدى لتحرير عقائد أهل السنة وتلخيصها ودفع الشكوك والشبه عنها وإبطال دعوى الخصوم " اهـ.
ولقد أنصف الحبيب عبد الله بن علوي الحداد حين قال: "إن الحق مع الفرقة الموسومة بالأشعرية نسبة إلى الشيخ أبي الحسن الأشعري رحمه الله الذي رتب قواعد عقيدة أهل الحق وحرر أدلتها، وهي العقيدة التي أجمعت عليها الصحابة ومن بعدهم من خيار التابعين وهي عقيدة أهل الحق من أهل كل زمان ومكان، وهي عقيدة جميع أهل التصوف كما حكى ذلك أبو القاسم القشيري في أول رسالته، وهي بحمد الله عقيدتنا وعقيدة إخواننا من السادة الحسينيين المعروفين بآل أبي علوي، وعقيدة أسلافنا من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، ثم أنشد:
وكن أشعريا في اعتقادك إنه هوالمنهل الصافى عن الزيغ والكفر"ا. هـ.
أما الشيخ الفقيه عبد الله العيدروس الأكبر فذكر في كتابه الكبريت الأحمر ان عقيدتهم عقيدة أهل السنة والجماعة فقال: "اعتقادنا اعتقاد الأشعرية، ومذهبنا مذهب الشافعية على مقتضى الكتاب والسنة" اهـ، وقال أيضا في كتابه عقود الالماس (٧) ما نصه: "عقيدتي أشعرية هاشمية شرعية كعقائد الشافعية والسنية الصوفية " ا هـ.
وإجمال إعتقاد الأشعري رحمه الله تعالى الذي هو اعتقاد أهل السنة والجماعة ان الله سبحانه وتعالى واحد لا شريك له، ليس بجسم مصور، ولا جوهر محدود مقدر ، ولا يشبه شيئا ولا يشبهه شىء ﴿ليس كمثله شىء وهو السميع البصير﴾، قديم لا بداية لوجوده، دائم لا يطرأ عليه فناء، لا يعجزه شىء، ولا تحيط به الجهات ، كان قبل أن كون المكان بلا مكان، وهو الآن على ما عليه كان، لا يقال متى كـان ولا أين كان ولا كـيف، لا يتقيد بالزمان ولا يتخصص بالمكان، تعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات، وانه سبحانه منزه عن الجلوس والمماسة والاستقرار ، والتمكن والحلول والانتقال، لا تبلغه الأوهام ولا تدركـه الأفهام مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك، حي، عليم، قادر، سميع بصير، متكلم وكلامه قديم كسائر صفاته لأنه سبحانه مباين لجميع المخلوقات في الذات والصفات والأفعال. ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر.
وأنه سبحانه وتعالى خلق الخلق وأعمالهم، وقدر أرزاقهم وءاجالهم، لا دافع لما قضى ولا مانع لما أعطى، يفعل في ملكه ما يريد ﴿لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون﴾ ، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه سبحانه موصوف بكل كمال يليق به منزه عن كل نقص في حقه.
وأن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، مبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى، صادق في كل ما يبلغه عن الله تعالى.
------------------------------------------------------
(١) طبقات الشافعية (٢/ ٢٥٤).
(٢) معيد النعم ومبيد النقم (ص/ ٦٢).
(٣) الملل والنحل (١/ ٩٤).
(٤) الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب (ص/ ١٩٤)
(٥) الدرة الوضية في توحيد رب البرية (ص/ ٧٧-٧٨).
(٦) حاشية ابن حمدون على ميارة (ص/ ١٦).
(٧) عقود الالماس (٢\٩٠)
نقلا عن موقع أهل السنة والجماعة
|
حكم الأشاعرة عند أتباع الأئمة الأربعة
عند المالكية:
روى حافظ المغرب وعلمها الفذ ابن عبد البر بسنده عن فقيه المالكية بالمشرق ابن خويز منداد : أنه قال في كتاب الشهادات شرحاً لقول مالك لا تجوز شهادة أهل البدع والأهواء، وقال:
'أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام، فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع أشعرياً كان أو غير أشعري، ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبداً، ويهجر ويؤدب على بدعته فإن تمادى عليها استتيب منها' .
وروى ابن عبد البر نفسه في "الانتقاء " عن الأئمة الثلاثة "مالك وأبي حنيفة والشافعي " نهيهم عن الكلام وزجر أصحابه وتبديعهم وتعزيرهم.
ومثله ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ، فماذا يكون الأشاعرة إن لم يكونوا أصحاب كلام؟!
[2] عند الشافعية:
قال الإمام أبو العباس بن سريج الملقب بالشافعي الثاني، وقد كان معاصراً للأشعري : 'لا نقول بتأويل المعتزلة و الأشعرية والجهمية والملحدة والمشبهة والكرامية والمكيفة ، بل نقبلها بلا تأويل ونؤمن بها بلا تمثيل'.
قال الإمام أبو الحسن الكرجي من علماء القرن الخامس من الشافعية ما نصه: 'لم يزل الأئمة الشافعية يأنفون ويستنكفون أن ينسبوا إلى الأشعري ويتبرءون مما بنى الأشعري مذهبه عليه، وينهون أصحابهم وأحبابهم عن الحوم حواليه على ما سمعت من عدة من المشايخ والأئمة" وضرب مثالاً بشيخ الشافعية في عصره الإمام أبي حامد الإسفرائيني الملقب "الشافعي الثالث" قائلاً: 'ومعلوم شدة الشيخ على أصحاب الكلام حتى ميز أصول فقه الشافعي من أصول الأشعري ، وعلقه عنه أبو بكر الزاذقاني وهو عندي، وبه اقتدى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتابيه اللمع والتبصرة ، حتى لو وافق قول الأشعري وجهاً لأصحابنا ميَّزَه وقال: "هو قول بعض أصحابنا وبه قالت الأشعرية ولم يعدهم من أصحاب الشافعي ، استنكفوا منهم ومن مذهبهم في أصول الفقه فضلاً عن أصول الدين' .
وبنحو قوله بل أشد منه قال شَيْخ الإِسْلامِ الهروي الأنصاري
[3] الحنفية:
معلوم أن واضع الطحاوية وشارحها كليهما حنفيان، وكان الإمام الطحاوي معاصراً للأشعري ، وكتب هذه العقيدة لبيان معتقد الإمام أبي حنيفة وأصحابه وهي مشابهة لما في الفقه الأكبر عنه، وقد نقلوا عن الإمام أنه صرح بكفر من قال: إن الله ليس على العرش أو توقف فيه، وتلميذه أبو يوسف كفر بشراً المريسي ، ومعلوم أن الأشاعرة ينفون العلو وينكرون كونه تعالى على العرش ومعلوم أيضاً أن أصولهم مستمدة من بشر المريسي .
[4] الحنابلة:
موقف الحنابلة من الأشاعرة أشهر من أن يذكر، فمنذ بدَّع الإمام أحمد " ابن كلاب " وأمر بهجره- وهو المؤسس الحقيقي للمذهب الأشعري -لم يزل الحنابلة معهم في معركة طويلة، وحتى في أيام دولة نظام الملك - التي استطالوا فيها - وبعدها كان الحنابلة يخرجون من بغداد كل واعظ يخلط قصصه بشيء من مذهب الأشاعرة ، ولم يكن ابن القشيري إلا واحداً ممن تعرض لذلك، وبسبب انتشار مذهبهم وإجماع علماء الدولة لا سيما الحنابلة على محاربته أصدر الخليفة القادر منشور "الاعتقاد القادري " أوضح فيه العقيدة الواجب على الأمة اعتقادها سنة 433 هـ. .
هذا وليس ذم الأشاعرة وتبديعهم خاصاً بأئمة المذاهب المعتبرين بل هو منقول أيضاً عن أئمة السلوك الذين كانوا أقرب إلى السنة واتباع السلف ، فقد نقل شَيْخ الإِسْلامِ في الاستقامة كثيراً من أقوالهم في ذلك وأنهم يعتبرون عقيدة الأشعرية منافياً لسلوك طريق الولاية والاستقامة حتى أن عبد القادر الجيلاني لما سئل: هل كان لله ولي على غير اعتقاد أحمد بن حنبل ؟ قال: 'ما كان ولا يكون".