اعتقد ان الحوار مع الاستاذ سايروس قد وصل برأيى لنهاية مسدودة فسوف اجمل الحوار الذى دار فى الجانب العلمى فى نقاط محددة :
1- قدمت حجج لاثبات ان نظرية التطور لا تنطبق عليها معايير النظرية العلمية من حيث انها غير قابلة للتكذيب وانها لا يمكنها التنبؤ كما انها لا تقدم تفسيرات للظواهر , وقد تفضل الاستاذ سايروس بالقول انه من الاجحاف ان نقارن نظرية التطور بنظريات الكم او النسبية , كما انه لم يرد على نقطة عدم قدرتها على التنبؤ فى ظل عدة اكتشافات مثل الانفجار الكامبرى مثلا , اما بالنسبة لعدم قدرتها على تفسير الظواهر فهو يناور من اجل تجنب القول بأن السبب فى التطور هو الطفرات , بسبب كثرة الاعتراضات التى لا اجابة لها على اعتبار الطفرة سببا فى حدوث التطور المزعوم .
2- قدمت دليلا على وجود الانواع الاكثر رقيا قبل الانواع الاقل رقيا متمثلا فى حفرية الساهيل انثرو تشادينسيس , لكن رده كان على وجهين اولهما ان الحفرية غير محفوظة جيدا وثانيهما ان العلماء اختلفوا فى فهم الحفرية , وردى ببساطة ان الغالبية العظمى من الحفريات ناقصة وغير كاملة وان السجل الحفرى فى غالبيته العظمى قائم على عملية اعادة البناء التخيلية , كما ان الخلافات بين العلماء لو اخذت سببا لرفض دليل فسوف نرفض السجل الحفرى كاملا لكثرة هذه الخلافات .
3- انتقل الحوار الى السجل الحفرى للانسان ودفعت بغياب المراحل الانتقالية المزعومة من القردة الى البشر , وكان النقاش حول الهومو ايريكتس مهما , وقدمت دليلا على ان هناك من العلماء التطوريين من يقول ان الهومو ايريكتس ليسوا سوى بشر عاديين , والاستاذ سايروس يرفض اعتبارهم بشر عاديين بسبب سعة الجمجمة وخلافات تشريحية اخرى زعم انها واضحة لكنه لم يتحفنا بها , وحول سعة الجمجمة اثبت باقتباسات عديدة ان سعة الجمجمة لدى الهومو ايريكتس لها مثيلها فى البشر العاديين وبالارقام , وان التباين فى سعة الجمجمة لا يختلف عن ذلك الموجود بين الاجناس البشرية العادية , فمتوسط سعة الجمجمة لدى الاسكيمو اعلى منه لدى اجناس بشرية اخرى , ولكن الاستاذ سايروس مصر على مثال البطيخة والتفاحة .
4- قدمت دليلا على وجود اثار اقدام بشرية تعود لملايين السنين وتسبق اسلاف مفترضة للانسان لكن الاستاذ سايروس انحاز لتأويلات التطوريين ورفض قبول فكرة وجود احتمالات اخرى , ورمانى بعدم الاطلاع الكافى فقط لأننى اقتبس المعلومات من مصادر تورد اراءا تطورية , وكأننى مطالب ان اقبل بالمعلومة والرأى معا .
فى الختام انا توصلت لقناعة مفادها ان الاستاذ سايروس لا يقبل الطعن فى النظرية فهى بالنسبة له حق مطلق لا مراء فيها , وفى سبيله يرفض ويؤول ويفسر كل ما يتعارض معه , وليس كما ادعى اولا انه يقبل النقاش حولها , هو يقبل ان نؤمن على كلامه لكن لا يقبل احتمالية بطلان رأيه .
طبعا الحوار الذى اجراه الاخوة فى نقطة تعارض نظرية التطور مع الاسلام اراه اكثر من كافى , فالرجل يرفض الاحاديث الصحيحة بحجة انها احاد ويؤول ايات الكتاب حسب هواه ويسفه من اراء العلماء فهم فى رأيه ذوى تصور قاصر ,فهو لا يستنكف من رد الاحاديث واختراع التفاسير بل والقول بان هناك ايات فى القران لا نعلم معناها فقط لأنها تعارض التطور بوضوح .
احب فقط ان اوضح فكرة بسيطة , ان التطور ليس بهذا الرسوخ الذى يزعمه الاستاذ سايروس , فما يقيمه الى الان هو غياب التفسير البديل القائم على المعطيات المادية المجردة , وليس لأنه مستند الى قاعدة علمية قوية .