مؤتمر مراكش.
روسيا اليوم.
13.12.2012
.......
في النسخة الرابعة لمؤتمر "أصدقاء الشعب السوري" في مراكش اعترف أكثر من 100 بلد بالإئتلاف الوطني لقوى الثورة و المعارضة السورية ممثلا شرعيا للسوريين.
و رغم أن الإعتراف سياسي حتى الآن و ليس له قوة قانونية على الواقع إلا أنه يمكن أن يفتح على مزيد من الخطوات من قبل الدول المعارضة لاستمرار حكم الرئيس السوري بشار الأسد، كما أنه يمكن أن يكون مقدمة لدعم إضافي لقوى المعارضة بالمال و السلاح، و حتى الإعتراف بأي حكومة مؤقتة قد تعلن على أي جزء من الأراضي السورية التي خرجت عن سيطرة دمشق.
وفي حال تطور الأحداث وفق هذا السيناريو فهذا يعني أن الأزمة السورية دخلت في منعطف ينهي أي إمكانية لحلول سياسية على أساس اتفاق جنيف، و يضيق هامش التوصل إلى اتفاق روسي أمريكي لحل للأزمة السورية على أساس مرحلة انتقالية تضمن انتقالا سلميا للسلطة عبر تشكيل حكومة تمثل فيها المعارضة بالإضافة إلى ممثلين عن نظام الرئيس الأسد.
و تأتي قرارات نحو 130 دولة و منظمة اجتمعت في مراكش بأن المؤتمرين باتوا أكثر ثقة بقدرة المعارضة على الحسم العسكري على الأرض، و أنهم قطعوا نهائيا مع النظام السابق، و بدؤوا في ترتيب العلاقات المستقبلية مع الإئتلاف بصفته خليفة للنظام الحالي في دمشق.
و الواضح أن المجتمعين أرادوا إطلاق فترة اختبار للإئتلاف قبل الإقدام على خطوات أكبر، و يسعون إلى معرفة طريقة إدارة الإئتلاف لتحركات المعارضة و مدى تأثيره على الأرض، خصوصا بعد تشكيل هيئة أركان موحدة للجيش الحر.
........
اللعبة الأمريكية.
عشية المؤتمر في مراكش أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما اعترافه بالإئتلاف المعارض ممثلا شرعيا للسوريين.
أوباما أراد أن تتميز واشنطن قبل المؤتمر بإعلان منفصل يتضمن الإعتراف بالائتلاف، لكنه شدد على أن "هناك فريقا صغيرا من معارضي نظام الأسد مرتبط بالقاعدة في العراق ولقد اعتبرناه منظمة ارهابية" في إشارة إلى تنظيم "جبهة النصرة" التي أدرجتها واشنطن منذ أيام على لائحة وزارة الخارجية الاميركية "للمنظمات الارهابية الاجنبية"،
فيروس "انتشار الإسلاميين في جبهات القتال في سورية" تسبب في أول خلاف علني بين الإئتلاف المعارض و الداعم الأمريكي بعدما دعا رئيس الإئتلاف معاذ الخطيب إلى إعادة النظر في قرار إدراج الجماعة الإسلامية في لائحة الإرهاب.
و الواضح أن القرار الأمريكي يهدف إلى التخفيف من أي انتقادات مستقبلية قد توجه لادارة أوباما بأنها لم تتعلم من دروس سابقة بدعم حركات "الإسلام السياسي" و تنظيمات إسلامية مسلحة لأهداف تكتيكية، و تسجيل موقف بأنها نأت بنفسها عن هذه التنظيمات.
و في المقابل فإن القرار يمكن أن يفتح على دعم أوسع للإئتلاف المعارض والجماعات المسلحة على الأرض لهدفين الأول تعجيل سقوط النظام في دمشق، والثاني خلق توازن على الأرض يضمن عدم هيمنة الجماعات الإسلامية المسلحة في حال سقوط النظام المفاجئ، أو انسحابه إلى المناطق الساحلية في البلاد.
.........
مصير التنسيق الروسي الأمريكي.
قاطعت روسيا كعادتها مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في مراكش، و استغرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اعتراف الرئيس أوباما بالإئتلاف كممثل شرعي للشعب السوري، و اعتبر أن واشنطن "تعول على انتصار بواسطة السلاح" للائتلاف الوطني السوري المعارض.
و شدد الوزير الروسي على أن "ذلك يتعارض مع الاتفاقات المحددة في مبادرة جنيف التي تدعو الى اطلاق حوار بين الحكومة السورية من جهة وبين المعارضة من جهة اخرى".
الهدف من قرارات مراكش هو ممارسة مزيد من الضغوط السياسية على روسيا.
و لا يبدو أن التنسيق الأمريكي الروسي لايجاد حل للأزمة السورية سوف يتوقف رغم الاختلاف في وجهات النظر، فالجانب الأمريكي يراهن على دور كبير لروسيا في موضوع الأسلحة الكيماوية و البيولوجية، كما أن تحول سورية إلى دولة فاشلة، و صعود التيارات الإسلامية المتطرفة، و انتقال الصراع إلى دول الجوار بما يهدد الأمن الإقليمي و العالمي خيارات تجمع روسيا والولايات المتحدة على رفضها.
.........
ما بعد مراكش.
خرج " أصدقاء الشعب السوري" في مراكش ببيان ختامي يتضمن 43 نقطة أهمها على الصعيد السياسي الإعتراف بالإئتلاف ممثلا شرعيا للسوريين، و تتضمن النقاط أيضا حق الشعب السوري "الشرعي في الدفاع عن نفسه ضد حملات العنف الوحشية التي ينتهجها الأسد" كما التزم المجتمعون بسيادة سورية و وحدة أراضيها، و حذروا من محاولات تصدير الأزمة.
الجانب السوري خفف من أهمية القرارات التي خرج بها مؤتمر مراكش.
و نقلت صحيفة السفير اللبنانية عن مسؤول في وزارة الخارجية السورية قوله إنه "لا نتائج سياسية جديدة بعيدة عن الهرجة الناتجة عن المؤتمر".
و رأى أن الأجواء العامة السياسية "تشير لتفهم أكثر على المستوى الدولي لما يجري في العمق السوري"، و أشار إلى أن "هناك تراجعاً عما تم العمل عليه في المؤتمرات السابقة، و لاسيما باتجاه الدفع نحو عملية عسكرية".
إلا أن مراقبين اعتبروا أن نقاش قضايا التسليح لا يتم في اجتماعات كهذه، و أن المؤتمر بدأ في التحضير العملي لمرحلة ما بعد الرئيس الأسد، و وصول المعارك و التفجيرات إلى قلب العاصمة.
.........
و لا شك أن الأيام المقبلة سوف تكشف ما تخفيه مرحلة ما بعد الإعتراف بالإئتلاف المعارض ممثلا شرعيا للسوريين و انعكاسات ذلك على الواقع.
و لكن المؤكد أن المعارك على الأرض هي التي تلعب العامل الحاسم، و أن التوصل إلى حل سياسي للأزمة بات يحتاج إلى معجزة إلهية،معجزة يراهن عليها السوريون من أجل المحافظة على بنية الدولة، لأن الاستمرار في المواجهات المسلحة يهدد بتدمير ما تبقى من مؤسسات الدولة، و تحول سورية إلى دولة فاشلة، تعجز عن فرض الأمن و الاستقرار، و تنشر أجواء عدم الإستقرار إلى البلدان المجاورة.
و تشتد الحاجة إلى توافق دولي للوصول إلى حل ينهي الأزمة السورية التي تدخل بعد أيام شهرها الحادي و العشرين و في سجلها نحو 50 ألف قتيل ومئات ألوف الجرحى و المعتقلين، و ملايين اللاجئين و النازحين.
حل ينهي إراقة الدم السوري، و يوقف موت الأطفال من البرد و الجوع في المخيمات و أماكن النزوح و حتى في البيوت في ظل فقدان كثير من الأدوية و المواد الغذائية و المحروقات و ازدياد المعاناة في الحصول على لقمة الخبز.
..........
سامر الياس.
بتصرف ي.الصفاء.
المقالة تعبر عن رأي الكاتب.