من خلال الأخبار التي تصل اتباعا يتضح أن الاضراب المفتوح مقبل على الانتهاء لعدة أسباب ليس بينها بالطبع تحقيق تطلعات العمال المضربين،بل لأن التوقيت خاطئ من ناحية ولأن حجم التجييش لم يكن بالشكل الذي يجبر الوزارة على تغيير مواقفها.
فالتوقيت خاطئ لأن القيادة التي عبرت عن رضاها عن نتائج المفاوضات مع الحكومة غداة التوصل إلى القانون الخاص الجديد أدركت أنها لا تتماهى والقاعدة المنددة بالنتائج الهزيلة. فحاولت الاستدراك من خلال تبني بعض المطالب الراديكالية التي كان هدفها التجييش لأنها تعرف أنها لن تتحقق باعتبارها كانت أثناء المفاوضات السابقة تدعو إلى نقيضها. وتغيير النبرة التفاوضية ب180 درجة أو قل تغيير العقيدة التفاوضية بين عشية وضحاها أمر لا يمكن أن يصدقه عاقل ،لبذا فهو محاولة لإسقاط اللوم والعتب لا أكثر.
كما أن عدم التجند الكافي من قبل العمال كان من قبيل عدم التعرض للدغ مرتين. فالعامل الذي يرى بأن قيادته كذبت عليه أو حاولت إقناعه بأنها تعرف مصلحته أكثر منه ثم تعود عن ذلك بعد ادراكها الخطأ لا يمكن أن تجمع حولها حشدا يناسب المطالب الجديدة التي حاولت الدخول بها في معركة مع الوزارة ،غير إنها كانت في الوقت بدل الضائع.
لكن الأخطر بالنسبة للقاعدة العمالية لليانباف أ،ها دخلت هذه المعركة بقيادة سبق وأن خسرت به معركة التفاوض إن لم نقل تواطأت لأجل حدوث ذلك.
فعندما يصرح الدزيري بأنهم تعرضوا للخداع- على فرض أنه فعلا تعرض إلى ذلك وأنه لم يكن متواطئا - فإن ذلك إدراك منه بفشله وأن غفلته كانت السبب في ضياع حقوق العمال الذين يمثلهم ،والذين لم يرتكبوا خطإ سوى أنهم نصبوا على رأسهم قيادة يسهل خداعها. وكان من الأجدر أخلاقيا بهذه القيادة أن تنسحب وتعتذر،وتترك المجال لقيادة جديدة يمكن أن تغير نبرة التفاوض ويمكن أن تتملص من أخطاء القيادة القديمة التي قيدت نفسها بطموحات ومطالب لا تعكس القاعدة العمالية الغاضبة.