لم يكن همّ مالك بن نبي أواهتمامه منصبا على الدفاع عن الهوية و الأصالة .. ليس لكونه يناصب العداء لهما وهو المتدين بعمق كما نعلم . بل لأنه لم يكن يرى ما يدعو للخوف عليهما ..لذا لم تكن هذه القضية تشغل حيزا يذكر من اهتماماته ، إنما كانت تشغله فكرة النهضة الحضارية " لإنسان مابعد الموحدين" ، وكل ما كان يراه جديرا بالاهتمام هو بعث الحضارة على أسس تستند من جهة إلى الدين لأنه كما سبق وأن قلنا هو العنصر المركب (catalyseur) لعناصر الحضارات (الانسان+ التراب + الزمن) ، وتستند من جهة اخرى على فاعلية المجتمع ونهوضه من حالة الغفوة و الكسل و التواكل ، وبالذات من الحالة التي ينتظر فيها من الآخرين حقوقه ، بدلا من أن يقوم بواجباته تجاه نفسه ، وفي هذا الصدد كان مالك بن نبي يحتقر كثيرا المفهوم الانتخابي للتغيير الذي ينتظر فيه الشعب من السياسيين أن يعطوه حقوقه ، والذي يقوم فيه السياسيون بتخدير الشعب بالوعود . إنه استمرار للتقليد الصوفي في عصر انحطاط الحركات الصوفية ، حيث تنتظر الخيرات من الاولياء و الولائم الانتخابية هي مثل"الزردة " الصوفية التي كان يعرفها المجتمع الجزائري قبل نهضة العلماء (جمعية العلماء المسلمين) .