اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد أبو عبد البر
السلام عليكم:
أولا بارك الله فيك على سعة صدرك ، رغم ما بدر مني من استفزاز و لكن كنت أقصد بأنك تكذب أي أخطأت و هذا معروف عند أهل اللغة و إن كان ينبغي علي أن لا أستعمل هذه الكلمة:
ثانيا من تجربتي أنا لا أتق في هذه السمعيات ، لأنه يدخل فيها الفبركة و غيرها و حدثت لي عدة مواقف، و لكن رغم ذلك كان ينبغي نقل الفتوى المنسوبة إليه كما هي من باب الموضوعية و هي أن ذلك يكون من باب المعاملة بالمثل، و لكن رغم ذلك لقد نقل الاجماع عن عدم جواز قتلهم إن لم يكونوا هم مقاتلين يحملون السلاح و قد نقل الاجماع هذا شيخ الاسلام بن تيمية، فنحن منهجنا لا يتحرج أن نقول أخطأت لمن أخطأ و إن كان هو من هو في العلم و التقوى ، هذا إن كانت هذه الفتوى المنسوبة إليه صحيحة ، فما هو معروف عنه موجود في كتبه حيث قال رحمه الله في شرحه للزاد :
قال في الروض: «ويجوز تبييت الكفار» أي: مباغتتهم بالليل، ولكن هذا مشروط بأن يقدم الدعوة لهم، فإذا دعاهم ولم يستجيبوا فإنه لا بأس أن يباغتهم، ويدعوهم إلى أمور ثلاثة:
الأول: الإسلام.
الثاني: الجزية.
الثالث: فإن أبوا فالقتال.
هكذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يبعث البعوث على هذا الأساس.
وقال: «ورميهم بالمنجنيق» والمنجيق بمنزلة المدفع عندنا، وكانوا في الأول يضعون المنجنيق بين خشبتين وعليهما خشبة معترضة، وفيها حبال قوية، ثم يُجعل الحجر بحجم الرأس أو نحوه في شيء مقبب، ثم يأتي رجال أقوياء يشدونه ثم يطلقونه، وإذا انطلق الحجر انطلق بعيداً، فكانوا يستعملونه في الحروب، فيجوز أن يُرمى الكفار بالمنجنيق، وفي الوقت الحاضر لا يوجد منجنيق، لكن يوجد ما يقوم مقامه كالطائرات والمدافع والصواريخ وغيرها.
وقال: «ولو قُتِلَ بلا قصد صبي ونحوه» من المعلوم أننا إذا رميناهم بالمنجنيق فإنه سوفَ يُتلف من مرّ عليه من مقاتل وشيخ كبير لا يقاتل، وامرأة وصبي، لكن هذا لم يكن قصداً، وإذا لم يكن قصداً فلا بأس، أما تعمد قصف الصبيان والنساء ومن لا يقاتل فإن هذا حرام ولا يحل، لكن يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، وقد رمى الرسول صلّى الله عليه وسلّم: أهل الطائف بالمنجنيق، فالسنة جاءت به، والقتال قد يحتاج إليه.
وقال: «لا يجوز قتل صبي ولا امرأة وخنثى وراهب وشيخ فانٍ وزمن وأعمى لا رأي لهم ولم يقاتلوا أو يُحرضوا» هؤلاء سبعة أجناسٍ لا يجوز قتلهم إلا بواحد من أمور ثلاثة:
الأول: أن يكون لهم رأي وتدبير، فإن بعض كبار الشيوخ ولو كان شيخاً فانياً لا يستطيع أن يتحرك، فإن عنده من الرأي والتدبير ما ليس عند الشاب المقاتل.
الثاني: إذا قاتلوا كما لو اشترك النساء في القتال فإنهم يقتلن.
الثالث: إذا حرَّضوا المقاتلين على القتال وصاروا يغرونهم بأن افعلوا كذا، اضربوا كذا إلى آخره، فإنهم يقتلون؛ لأن لهم تأثيراً في القتال.
ثالثا قولك بأن العلوم الشرعية ليست لها قواعد و هي مجرد فهم لكلام الله من أي شخص، هنا زادت قناعتي أنك لست من الممارسين للعلوم الشرعية، و لكن لا بأس لهذا أعذرك و لكن أنكر عليك دخولك في أمور ما كان ينبغي لك أن تخوض فيها بحكم عدم تمكنك من أدوات فهم النصوص الشرعية ، و لكن باب التعلم ليس مقفولا في وجوه الناس فليتعلم و ليتمكن ثم ليتكلم و الله مجازيه فإن أخطأ كان له أجر و إن أصاب كان له أجران بشرط الصدق في تحري معرفة حكم الله تعالى في المسائل المعروضة عليه ،و ما دام كان لك صدق في تحري السداد فشمر على ذراعيك و ابدا ، أنصحك بعلم أصول الفقه و اللغة العربية و مصطلح الحديث و القواعد الفقهية و أصول التفسير و غيرها مما هو معلوم عند ممارسيها خاصة كتب أصول الفقه فسيذهب عنك كثير من الاشكالات، و أنصحك أخي بكتاب رفع الملام عن الأئمة الأعلام لابن تيمية ففيه تجد أن خلاف العلماء كان بناء على خلافهم في استعمال أدوات الاجتهاد في فهم النصوص.
في الأخير أرجو من الله أن يفتح عليك و يشرح صدرك للحق ، فوالله من خلال قراءتي لبعض مشاركاتك التمست فيك خيرا كثيرا و حب لمعرفة الحق.
|
السلام عليكم
أخي العزيز , العلوم الشرعية ليست علوما صورية كالمنطق و الرياضيات التي لا تختلف العقول على نتائجها . و ليست علوم تجريبية كالفيزياء و الكيمياء و البيولوجيا تتعامل مع حقائق موضوعية و تستخدم مناهج معينة للكشف عن قوانين الطبيعة . و العلوم في صورتيها الصورية و التجريبية هي علوم تتسم بدرجة كبيرة من الظبط و قائمة على القياس و البرهان . أما علوم الشريعة فهي قائمة على النظر في النصوص و استنباط الاحكام و العقائد منها . و تلك النصوص تكون محكمة احيانا و متشابهة احيانا اخرى و تكون متصادمة و متعارضة في كثير من الاحيان و هي متفاوتة في درجات الدلالة و الثبوت . ناهيك عن أن كل طرف يخوض فيها وفقا لمسلمات نشأ عليها لا يكاد يراجعها . و إختلاف القوم في دلالاتها و درجات ثبوتها ادى إلى الإختلاف الشديد الذي نعرفه . و علوم الشريعة و مصطلحاتها ليست غريبة علي , لكنني صرت لا اكتب عنها من داخل النسق , لذلك لا تجدني اعبر عن افكاري بنفس اللغة و نفس المصطلحات . فكثير مما هو من المسلمات و الثابت عندك هو عندي موضوع نقاش و بحث و مراجعة , بدء بالنصوص نفسها نهاية بمناهج الاستدلال لدى مختلف المذاهب و الفرق . و باختصار . ليس هناك قواعد للشريعة يتفق عليها أهل القبلة . أي أن اما تسميه بالعلوم الشرعية هي اقرب إلى العلوم المعيارية . ما هو قواعد و مسلمات بالنسبة لك تكون غير كذلك بالنسبة لمسلمين آخرين على غير منهجك . و ما هي نصوص ثابتة عندك قد تكون غير ذلك عند غيرك .لذلك فالموضوع طويل و عريض .
أنت مثلا تتحدث من خلفية سلفية كما يبدو لي . و السلفي يختلف في منطلقاته عن الاشعري او الشيعي أو الحنفي أو الإباضي . و كل طرف يدعي انه يمتلك الحقيقة و يصادر على المطلوب .
لذلك فخلافنا لا يقتصر على مسألة فرعية في فقة الجهاد و القتال . بل خلاف يشمل المنهج بصورة عامة . وعند الحديث مثلا عن مسألة قتل الأطفال فالذي انطلق منه هنا هو قناعة راسحة أنه لا يجوز قتل الاطفال بأي حال من الاحوال . لانه لا تزر وازرة وزر اخرى . هذا المبدأ اهم عندي من أي حديث أو رواية او فتوى أو اجتهاد أو قواعد للعلوم الشرعية (أن وجدت) بل حتى لو نزلت به الآيات لكفرت بها . . فحرمة الدم البريء لا يجب ان تكون محل نقاش أو خلاف . القضية عندما تصل هذا الحد تخرج بالنسبة لي عن إطار رايك خطا يقبل الصواب . بل هي في هذه الحالة موقف شخص لا يتحلى بضمير إنساني حي . كيف لبشر له روح اخلاقية ان يجعل قتل الاطفال مسالة خلافية ناهيك أن يفتي يجواز قتلهم نكاية في العدو و عملا بمبدا "فاعتدوا عيهم بمثل ما اعتدوا عليكم" , قد يكون الامر بالنسبة لك خطأ و زلة , اما بالنسبة لي فهو كارثة تخلع عن صاحبها كل مصداقية . لذلك فالمسألة عندي لا تحتاج لعلم شرعي , القضية عندي بديهية جدا .
و قد أستخدم احيانا كلاما يجده البعض مستفزا , لكنني اجد انه في بعض الاحيان تكثر الثرثرة في الترجيح و مناقشة الاقوال في مسائل لا تحتاج لكلام كثير . أما إذا كنت تعتقد ان قتل الاطفال امر يمكن أن يكون قضية نختلف فيها و نعذر بعضنا بعض حولها . فهي بالنسبة لي موضوع غير قابل للنقاش . و كل من يجرا على ان يجعله محل اخذ و رد فهو مشطوب عليه .