إن طلاق المرأة من زوجها لا يعني بالضرورة أنها سيئة، بل ربما كان السبب في طلاقها هو رفضها للزوج الفاسق المدمن الذي لا يخاف الله ويتقيه، وفي تلك الأحوال تضطر المرأة إلى طلب الطلاق حفاظاً على دينها، وفي ذلك دليل على أنها خيرة فاضلة، كما أن الطلاق ليس نهاية المطاف، ولذلك قال رب العزة والجلال { وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً }.
وما كانت المطلقة تجلس بلا زوج، بل كان الفضلاء والصحابة الأجلاء يسارعون إلى الارتباط بالمرأة المطلقة ويفتحوا لها أبواب الأمل، ويؤسفنا أن نقول أن نظرة المجتمعات في أيام جاهليتها الثانية للمرأة المطلقة لا تسر، وهذا بلا شك لون من الظلم والعدوان على حقوقها أولئك الضعيفات.
ولا شك أن استمرار الأوضاع على تلك التصورات الفاسدة والنظرة الظالمة ينذر بخطر جسيم ويهدد المجتمعات المسلمة.
وإذا حرص الإنسان على أن يتزوج امرأة ليجبر كسرها فإنه مأجور في ذلك، وقدوته هو رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي كان يكفف الدمعة ويداوي الجراح، وقد تزوج عليه صلاة الله وسلامه نسائه لحكم عظيمة كان من أهمها إدخال السرور وتطيب خاطر المؤمنات، وإدخال السرور على أهلهن.
ولا يخفى على أمثالك أن الزواج يقوم على القبول والرضى والانطباع الحسن بعد الأخلاق والدين، وذلك لأن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، وإذا كانت المرأة صاحبة دين فلم رفضها وما سننال بكلام الناس فإن رضاهم غاية لا تدرك، والمهم هو رضوان الله.
أن الوضع الذي تعيشه المطلقات دليل على ظلم الأمة لهن وعلى تقصيرنا في حقوقهن، وقد وجد في السلف من بنى دوراً وأوقفها على المطلقات مع أن المطلقة عند السلف ما كانت تجلس بعد انقضاء عدتها، حيث كان الخطاب يتزاحمون عند بابها ويسارعون إلى الزواج بها، وكان كل ذلك الخير دليلا على وعي وعافية الأمة، أمة الجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.