كنت كعادتي في ساعة متاخرة من الليل اقرا وقد اخترت هذه المرة كتاب شعر وهو شعر اجتماعي بالدرجة الاولى يحكي عن حال المجتمع الذي يعيش فيه الشاعر بطريقة جميلة تجعلك تعيش معه كل تفاصيل تلك الاحوال
وبينما انا منهمكة في تذوق معاني الكلمات واستشعارها اجتذبني بيت من بين تلك الابيات الكثيرة حيث يقول البيت **<font color="blue">ذريني للغنى اسعى فاني رايت الناس شرهم الفقير
<font color="black">وشعرت ان هذا البيت يستفزني لما حمله من معاني كثيرة جمة وشعرت برغبة بالغة في مناقشت ما احتواه
وارتئيت اناسال نفسي ما السبب في انقلاب الموازين لهذه الدرجة علاقة الزمن مع الناس باعتباره في نظري العامل الاول الذي يتحكم في تشكيل الانسان الى فقير او غني
فالناس ينزلون حيث ينزل ويميلون حيث يميل ولهم في احوالهم فلسفة لا يقبل تبريرها الا الماديون الذين يزنون الامور بميزان النفعية الهادمة فالغني الموسر مهما كان جاهلا او حتى شحيحا هو رجل الساعة الحفي بالاعتزاز الخليق بالسمع والطاعة كلمته قانون واشارته غنم ولغوه علم وهو سيد ابن السيد واذا ضعفت قوته وانكسرت شوكته نظر اليه شجزرا واوسع اهانة وترك من جماعته بمعزل
وانه ليدهشني اجماع راي الناس في رجل قليل المال مرهف الهس كبير النفس كريم المعدن يجري مع الحق اين توجهت ركائبه ويثور على الباطل وان عز جانبه فشجاعته عندهم نزق وطيش واتزانه ذلة وجبن وعلمه خرافة
ام الناس هم من يغيرون الزمن بافعالهم المبتدعة وعند هذا السؤال بالذات توسعت فكرة الموازين بداخلي وامتدت خارج حدود الفقر او الغنى
واستوقفني ما نعانيه نحن في مجتمعاتنا من فساد ينبع كله من هذا المنطلق ففي زحمة الحياة واتصال شواغلها قد ينسى الانسان اشياء كثيرة كانت في الماضي القريب جزءا من فطرته الانسانية واستبدلها بزهو السلطان وغرور الملك وطغيان الغنى وعز الشهرة وسكر الشهوة فارخص الانسان لها دينه وباع فيها ضميره ووهبها احساسه كله فاصبحت شغله في يومه واحلامه في نومه امتهنته فانقلبت الاحوال واصبح الغني رجلا والفقير لا يرقى حتى لمرتبة الشيئ واصبح الجاهل يحكم اعظم دولة في العالم ويسمى رئيس العالم واخر يتصرف في شؤون الحكم بما يشبع شخصه ويضمن له البقاء في كرسي سلطته للابد فاباح التوريث رغم انه ليس ملكا وداراه بين طيات انتخابات مزيفة اوهم الناس