لا جَرم ..
و ما هي إلا كلماتٌ لا مراءٌ فيها و لا لبس ، و لكن اختزنتها نفس .
وأنّ النفسَ إن تردّها الى قليل العيش تقنع ُ، كما أنّ الطيورَ على أشكالها و أصنافِها تقع ُ.
و الأذن تطرب لمعسول الكلام و ترامُ ، و إن ترنو العين لأول نظرةٍ لا تلامُ .
صاحٍ !.. قل ما تريد قوله و نشره ، و لو احتجتَ من الكلام نظمه و نثره ...
فالكلام نشرٌ ، و السكوت طيّ و سترٌ . و لا يُفهم الكلام إلاّ بنشرِه ، كما لا يستدلّ على السراج إلاّ بضوءه و نورِه ...
فقاعدة النظرية يثبّتها كل شاذ ٍّ، و الأخرى دار مستقرٍّ وملاذٍ ...
فانهض يا غافلُ ، فقد رحلتِ القوافلُ ، و في يومٍ ما اعلم أنك راحلُ ..
فهلاّ أكثرت زادكَ ، حين يأتي معادكَ ؟...
مرة التقى عارفان بالله فقال أحدهم للآخر:
كيف انتم و النعمة ؟..فأجاب الآخر :
نحن إذا أعطينا شكرنا، وإذا منعنا صبرنا...
فرد عليه الآخر : هذا حال الكلاب عندنا...
أما نحن إذا أعطينا آثرنا، وإذا منعنا شكرنا .
وكما هي العادة ، أيتها السيدات و السادة..
قد أوريتُ إذ ضربتُ زناد فكري و قدحتُ ، و بالبليغ قد أرويتُ الروح إذ متحتُ .
لأجل هذا ..
قرأتُ أن البعض قال : البلاغة لفظ ومعنى ..
ولاأكذبكم حديثا إن قلتُ ..إنه شغل تفكيري..التشبيهات التي لم ير فيها النقاد جمالا ً.
وعلى ذلك المنوال ، كحجّة أو مثال .
قول المرار الشاعر و هو يصف جمال حبيبته ..
وخالٍ على خديكِ يبدو كأنّه****سنا البدر في دعجاء بادٍ دجونها.
فقد أعاب عليه النقاد ذلك .. و قالوا :من المتعارف عليه أن الخدود بيضاء ، والخال أسود ، ولكن الشاعر رغم ذلك يشبه الخال بضوء البدر ، فهو تشبيه ٌرديءٌ مخالفٌ لِما تعارف عليه الناس .
و ما زالت الحكاية .. و ما هذا سوى البداية..