اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة syrus
لدي بعض الملاحظات على هذه الجزء من مشاركتك .
الرقم الذي ذكرته لا يدل على أمر عجيب . هو نتيجة عملية حسابية بسيطة لعدد الكلمات التي يمكن بنائها حسب قوانين الاحتمالات و قد تجد تقريبا نفس النتيجة في معظم اللغات , بل ستجد النتيجة اكبر في اللغات كالفرنسية و الانجليزية لان عدد الحروف الصائتة فيها اكبر و لأنها تضم كلمات أطول . و هذا الامر لا يجعلها أفضل و لا اسوء من العربية لان اللغات لا تقارن بالإحصائات القائمة على الاحتمالات و لكن بعدد المفردات الحية فيها و مدى قدرتها على اداء المعاني . و في هذا الباب لا شك ان العربية اقدر على أداء المعاني من اللغات الاخرى لكن عدد المفردات فيها مرتبط باجتهاد اصحابها لاشتقاق المفردات الجديدة التي تتناسب مع مقتضيات هذا العصر , و المشكلة هي اننا مقصرون جدا في هذا الباب و على درجة كبيرة من التخلف اللغوي الذي يعود لكوننا مستهلكين لما تنتجه الحضارة المعاصرة من مخترعات و نظم و قيم و مفاهيم بدل أن نكون منتجين لها و لان الحركة العلمية في جامعاتنا ضعيفة و لغياب سياسات التعريب . و لهذا فبحر الكلمات الذي تتحدث عنه قد يجف إذا لم نطور اللغة لمواكبة حاجيات العصر و هذا التطوير لا يتعلق بالبنية الصوتية و الصرفية و النحوية للغة لكنه لا بد من أن يمس الجانب المعجمي منها .... و على كل حال فهذا موضوع مختلف تماما عن موضوع استحداث حركات و رموز لكتابة الأصوات الأعجمية . و العربية يا أخي لا تحتاج لإصلاح في بنيتها لكنها تحتاج لتطوير قاموسها . اما الذي يحتاج فعلا للإصلاح فهو العقل العربي المعطل التي تسكنه المخاوف من الإبداع و الابتكار و الذي لازال ينظر للخلف .
|
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أولا أشكرك كثيرا على التعقيب الطيب و بعد :
ربما كنا متفاهمين في النقطة التي تريدها , و هي أن العلم لا حدود له , و العربية علم قائم و هو واسع مرحب بالتجديد دائما على أن لا يتناقض ذلك التجديد مع الأصل و المبدأ القائم به عود ذلك العلم , و الأصل و المبدأ الذي يقيم العربية هي حروفها الثابتة و التي لا يمكن أبدا إنقاصها أو زيادتها لأنها الأصل في التكوين و عند غياب الأصل في التكوين لا يبقى التكوين , بل صورة مشوهة للغة لقيطة أخذت عن هذا و من هذا , فلم تصن شرف أصلها و لم تتطبع بما نحت له من عجمة غريبة عنها و بالتالي ذهاب الأصل مع الفرع , و هو ما يحاول الزاوي الوصل إليه دائما لقطع الصلة بين الأصل و الفرع , في أحد الأيام كان ملوك أوربا و أبناؤها يتسابقون في تكييف أنفسهم و لغتهم القاصرة مع الكمال الذي وصلت له العربية , و ذلك الكمال لم يكن بحروف جديدة و لا غير ذلك و إنما بالعقل الذي أدرك خباياها و فنونها فزاد ذلك من رفعت كمالها و إعجازها اللغوي و البياني , و لكم أن تدركوا أن كثيرا من لغات العالم في بعض كلماتها الأصل العربي لها , و العربية بحروفها المعروفة سارت فاتحة الأقطار و دحضت و أقبرت كل اللغات التي صادفتها في طريقها و حيدت بعضا منها كما في الجزائر , و هذا ليس بالتجديد في حروفها أو كلماتها و إنما بحجيها و رقي بيانها وصولة معانيها , يقول أحد الغربيين عن العربية (( إن للعربية ليناً ومرونةً يمكنانها من التكيف وفقاً لمقتضيات العصر)) , و يقول أخر (( اللغة العربية أغنى لغات العالم )) , و هذه الليونة و المرونة منبعها حرفها المعروف لا الجديد , و هي لغة في مرحلة شبابها قادرة كل القدرة على مجابهة كل ما يعترضها من مقتضيات العصر مهما كانت , علمية أو تكنولوجية أو غيرها , أما بالنسبة لما يميزها عن باقي اللغات كما أفاض بعض الإخوة من اتساع مدرجها الصوتي و طوله لكل مخارج حروفها من الشفتين حتى الحلق , و هذه ميزة عظيمة ليست في عدد حروفها و إنما في مخارج تلك الحروف و توزعها العادل في الكلمات مما يجعل الأصوات منسجمة و متوازنة فمثلاً لا تجتمع الزاي مع الظاء و السين و الضاد و الذال . و لا تجتمع الجيم مع القاف و الظاء و الطاء و الغين و الصاد ، و لا الحاء مع الهاء ، و لا الهاء قبل العين ، و لا الخاء قبل الهاء ، و لا النون قبل الراء ، و لا اللام قبل الشين , و هكذا يكون الانسجام و التوازن العادل و الذي لا تجده في باقي اللغات مهما حشدت من حروف و كلمات ... إضافة لذلك تتميز العربية بميزة عظيمة أخرى هي الاشتقاق فالكلمات و الحروف فيها كالجسد و الروح لا تفريق بينهما , يكمل بعضها بعضا من غير تناقض و لا قصور , فيشترك الصوت مع رسم الحرف في كلمات متعددة و الدلالة أشياء متعددة ... و هناك العديد من المميزات التي لا يمكن حصرها هنا للعربية و حروفها الثابتة و المعروفة , فهل يمكن إغفال كل هذا بسبب أن هناك جمود و تقوقع على النفس؟ لا بل هذا غنى نفس عما هو دون ذلك و أقل شئنا من ذلك و هو أساس علاقة العربية مع باقي اللغات , فلا تستبدل ما هو أفضل بما هو أدنى و هذا لعظمتها و شموخها بين اللغات , عكس لغات العالم الأخرى التي طالما قبلت الدواخل عليها فمسخت صورتها و التاريخ حافل ... ثم تعريب اللغات الأخرى ممكن جدا في العربية , و هذه ميزة فريدة للعربية فالغريب عن الدار لا بد له و أن يتصف بصفات أهل الدار لكي يتأقلم معهم و كذلك أمر التعريب فلا تعجز العربية كلمة غربية واحدة عن تعريبها بشكل دقيقة صوتا و لفظا و هذا مراعاة للقواعد المميزة للعربية ... أخيرا إن أعداء العربية يحاولون ليل نهار النيل منها و هذا ثابت عبر عصور و أزمان غابرة , فتارة يخرجون لنا بالطعن بالأدب القديم و تارة أخرى بالشعر العربي الفصيح و القصور , و تارة أخرى تمكين اللهجات كمعول هادم للذات العربية من الداخل , و تارة الثورة على القديم و التجديد و هو ما يقوم به الزاوي و مقالاته شاهدة عليه , يريد التمكين للفكر الإستشراقي و ذلك بالانفتاح عنه و له و تركه يخوض الأفهام و العقول كيفما شاء ... حتى وصل الأمر أن بعضهم لم يرى سببا للتخلف سوى في اللغة و الشعر و الأدب , نسأل الله لهم الشفاء القريب ... أعتذر على الإطالة و السلام عليكم .