![]() |
|
قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() بارك الله فيكم واضيف أيها الفاضل لتوضيح لمن يريد الحق وليس لاهل الزيف والباطل من ارشيف اخواننا بارك الله فيهم شبهة الجهة :
والجواب عنها ما قاله ابن تيمية في ( التدمرية ) ( ص 45 ) : قد يراد ب ( الجهة ) شيء موجود غير الله فيكون مخلوقا كما إذا أريد ب ( الجهة ) نفس العرش أو نفس السماوات وقد يراد به ما ليس بموجود غير الله تعالى كما إذا أريد بالجهة ما فوق العالم . ومعلوم أنه ليس في النص إثبات لفظ الجهة ولا نفيه كما فيه إثبات العلو والاستواء والوفوقية والعروج إليه ونحو ذلك وقد علم أن ما ثم موجود إلا الخالق والمخلوق والخالق سبحانه وتعالى مباين للمخلوق ليس في مخلوقاته شيء من ذاته ولا في ذاته شيء من مخلوقاته فيقال لمن نفى : أتريد بالجهة أنها شيء موجود مخلوق ؟ فالله ليس داخلا في المخلوقات أم تريد بالجهة ما وراء العالم فلا ريب أن الله فوق العالم . وكذلك يقال لمن قال : الله في جهة . أتريد بذلك أن الله فوق العالم أو تريد به أن الله داخل في شيء من المخلوقات ؟ فإن أردت الأول فهو حق وإن أردت الثاني فهو باطل ). وقد يقول قائل : ((هل كان الله تعالى في هذا الحال – أي قبل خلق الكون – جهة وغيرها , إن قالوا نعم كفروا وتناقضوا ) شبهة ذكرها سعيد فودة. والجواب ما جاء في رسالة إثبات الفوقية للجويني : ((، فلما اقتضت الإرادة المقدسة بخلق الأكوان المحدثة المخلوقة المحدودة ذات الجهات اقتضت الإرادة المقدسة على أن يكون الكون له جهات من العلو، والسفل، وهو سبحانه منزه عن صفات الحدث، فكوَّن الأكوان، وجعل لها جهتا العلو والسفل، واقتضت الحكمة الإلهية أن يكون الكون في جملة التحت؛ لكونه مربوباً مخلوقاً، واقتضت العظمة الربانية أن يكون هو فوق الكون باعتبار الكون لا باعتبار فردانيته إذ لا فوق فيها ولا تحت، ولكن الرب سبحانه وتعالى كما كان في قدمه وأزليته، فهو الآن كما كان، لكن لما حدث المربوب المخلوق، والجهات، والحدود ذو الخلا، والملا، وذو الفوقية، والتحتية، كان مقتضى حكم عظمة الربوبية أن يكون فوق ملكه، وأن تكون المملكة تحته باعتبار الحدوث من الكون لا باعتبار القدم من المكون، فإذا أشير إليه يستحيل أن يشار إليه من جهة التحتية، أو من جهة اليمنى، أو من جهة اليسرى، بل لا يليق أن يشار إليه من جهة العلو والفوقية))(1) وقال ابن القيم: وكذلك قولهم ننزهه عن الجهة؛ إن أردتم أنه منزه عن جهة وجودية تحيط به وتحويه وتحصره إحاطة الظرف بالمظروف فنعم هو أعظم من ذلك وأكبر وأعلى. ولكن لا يلزم من كونه فوق العرش هذا المعنى. وإن أردتم بالجهة أمراً يوجب مباينة الخالق للمخلوق, وعلوه على خلقه, واستواءه على عرشه فنفيكم لهذا المعنى الباطل, وتسميته جهة اصطلاح منكم توصلتم به إلى نفي ما دل عليه العقل والنقل والفطرة, وسميتم ما فوق العالم جهة, وقلتم منزه عن الجهات, وسميتم العرش حيزاً, و قلتم ليس بمتحيز, وسميتم الصفات أعراضاً, وقلتم الرب منزه عن قيام الأعراض به([2]). ومنه يتبين أن لفظة الجهة غير وارد في الكتاب والسنة وعليه فلا ينبغي إثباتها ولا نفيها لأن في كل من الإثبات والنفي ما تقدم من المحذور ولو لم يكن في إثبات الجهة إلا إفساح المجال للمخالف أن ينسب إلى متبني العلو ما لا يقولون به لكفى. وقال القرطبي ( 671 هـ ) بعدما ذكر مذهب المعطلة نفاة العلو لله تعالى ( وقد كان السلف الأول لا يقولون بنفي الجهة , ولا ينطقون بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله , كما نطق كتابه وأخبرت رسله , ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة .... , وإنما جهلوا كيفية الاستواء ) الجامع لأحكام القرآن 7/219-220 وكذلك لا ينبغي نفي الجهة توهما من أن إثبات العلو لله تعالى يلزم منه إثبات الجهة لأن في ذلك محاذير عديدة منها نفي الأدلة القاطعة على العلو له تعالى . ومنها نفي رؤية المؤمنين لربهم عز وجل يوم القيامة فصرح بنفيها المعتزلة والشيعة وعلل ابن المطهر الشيعي في ( منهاجه ) النفي المذكور بقوله : ( لأنه ليس في جهة ) وأما الأشاعرة أو على الأصح متأخروهم الذين أثبتوا الرؤية فتناقضوا حين قالوا : ( إنه يرى لا في جهة ) يعنون العلو قال شيخ الإسلام في ( منهاج السنة ) ( 2 / 252 ) : ( وجمهور الناس من مثبتة الرؤية ونفاتها يقولون : إن قول هؤلاء معلوم الفساد بضرورة العقل كقولهم في الكلام ولهذا يذكر أبو عبد الله الرازي أنه لا يقول بقولهم في مسألة الكلام والرؤية أحد من طوائف المسلمين ثم أخذ يرد على النفاة من المعتزلة والشيعة بكلام رصين متين فراجعه فإنه نفيس وجملة القول في الجهة أنه إن أريد به أمر وجودي غير الله كان مخلوقا والله تعالى فوق خلقه لا يحصره ولا يحيط به شيء من المخلوقات فإنه بائن من المخلوقات كما سيأتي في الكتاب عن جمع من الأئمة وإن أريد ب ( الجهة ) أمر عدمي وهو ما فوق العالم فليس هناك إلا الله وحده قال ابن رشد في "مناهج الأدلة": وأما هذه الصفة – أي الجهة - فلم يزل أهل الشريعة في أول الأمر يثبتونها لله سبحانه حتى نفتها المعتزلة ثم تبعهم على نفيها متأخروا الأشعرية كأبي المعالي, ومن اقتدى بقوله, وظواهر الشرع تقتضي إثبات الجهة مثل قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، ومثل قوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}، ومثل قوله: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ}، ومثل قوله: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الأرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ}، ومثل قوله: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}، ومثل قوله: {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ}، إلى غير ذلك من الآيات التي إن سلط التأويل عليها عاد الشرع كله مؤولاً, وإن قيل فيها: إنها من المتشابهات عاد الشرع كله متشابهاً، لأن الشرائع كلها مبنية على أن الله في السماء, وأن منها تنزل الملائكة بالوحي إلى النبيين, وأن من السماء نزلت الكتب وإليها كان الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى قرب من سدرة المنتهى. قال: "وجميع الحكماء قد اتفقوا على أن الله والملائكة في السماء كما اتفقت جميع الشرائع على ذلك, والشبهة التي قادت نفاة الجهة إلى نفيها هو أنهم اعتقدوا أن إثبات الجهة يوجب إثبات المكان وإثبات المكان يوجب إثبات الجسمية. قال: ونحن نقول: إن هذا كله غير لازم؛ فإن الجهة غير المكان"([3]). ----------- (1) رسالة إثبات الفوقية للجويني. (2) "مختصر الصواعق" (1/181). (3 "در التعارض" (3/211). |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]() شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها: |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]() شبهة التشبيه :
إننا وإياكم متفقون على وجوب نفي مشابهة الخالق للمخلوق، ولكننا مختلفون في حدود هذا النفي، ونرى أن الناس فيه طرفان ووسط، فأما الطرف الأول فاتخذ قاعدة التنزيه ذريعة لنفي كل أو أكثر الصفات الثابتة لله - عز وجل - حتى نفى الغلاة منهم أن يوصف الله بالوجود أو الحياة، فعندما يُسأل عن صفة الله لا يجد سوى النفي سبيلا لتعريف ربه، فيقول: لا هو موجود ولا معدوم، ولا عَرَضٌ ولا جَوْهَرٌ، ولا حي ولا ميت، ويظن بذلك أنه فر من التشبيه وما علم أنه وقع في التعطيل والتشبيه معاً؛ إذ نفى صفات الله التي أخبر الله بها، وشبه الله بالمحالات والممتنعات والمعدومات. والطرف الثاني: ألغى قاعدة التنزيه فشبه الله بخلقه تشبيها مطلقا أو جزئياً، وهو مذهب لا شك في بطلانه وضلاله. والمذهب الوسط هو المذهب الحق الذي أثبت الصفات ونفى المشابهة، وهو ما تنص عليه الآية الكريمة حيث صرّحت بالتنزيه { ليس كمثله شيء } وفي ذات الوقت صرّحت بالإثبات { وهو السميع البصير } فأخذ مذهب أهل الحق بجزئي الآية، أما المذهبان السابقان فأخذ كل منهم بأحد شطري الآية - وفق فهمه - ولم يأخذ بالآخر. وعليه، فيجب الوقوف عند حدود النفي، وحدود الإثبات، فنثبت الصفة التي أخبر بها الله ورسوله، وننفي المماثلة، فنقول: لله علمٌ ليس كعلمنا، وسمعٌ ليس كسمعنا، واستواء ليس كاستوائنا، وهكذا . وهو المنهج الوسط الذي سار عليه الأئمة، وإليك أخي القارئ نصوصهم حول هذا : ((1- قال نعيم بن حماد الحافظ: من شبه الله بخلقه, فقد كفر, ومن أنكر ما وصف به نفسه فقد كفر, وليس ما وصف به نفسه, ولا رسوله تشبيها. 2- يقول الإمام إسحاق بن راهويه :" إنما يكون التشبيه إذا قال: يد مثل يدي، أو سمع كسمعي، فهذا تشبيه، وأما إذا قال كما قال الله: يد وسمع وبصر، فلا يقول: كيف ولا يقول: مثل، فهذا لا يكون تشبيهاً، قال تعالى:{ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }" ذكره الترمذي في جامعه . ولو كان إثبات الفوقية لله تعالى معناه التشبيه, لكان كل من أثبت الصفات الأخرى لله تعالى ككونه حيا قديرا سميعا بصيرا مشبها أيضا, وهذا ما لا يقول به مسلم ممن ينتسبون اليوم إلى أهل السنة والجماعة خلافا لنفات الصفات والمعتزلة وغيرهم قال شيخ الإسلام في "منهاج السنة" "2/ 75": "فالمعتزلة والجهمية ونحوهم من نفات الصفات يجعلون كل من أثبتها مجسما مشبها, ومن هؤلاء من يعد من المجسمة والمشبهة الأئمة المشهورين كمالك والشافعي وأحمد وأصحابهم, كما ذكر ذلك أبو حاتم صاحب كتاب "الزينة" وغيره. وشبهة هؤلاء أن الأئمة المشهورين كلهم يثبتون الصفات لله تعالى ويقولون: إن القرآن كلام الله ليس بمخلوق, ويقولون: إن الله يرى في الآخرة". هذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أهل البيت وغيرهم. ثم قال ص80: "والمقصود هنا أن أهل السنة متفقون على أن الله ليس كمثله شيء, لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله, ولكن لفظ التشبيه في كلام الناس لفظ مجمل, فإن أراد بنفي التشبيه ما نفاه القرآن, ودل عليه العقل فهذا حق, فإن خصائص الرب تعالى لا يماثله شيء من المخلوقات في شيء من صفاته.., وإن أراد بالتشبيه أنه لا يثبت لله شيء من الصفات, فلا يقال له علم, ولا قدرة ولا حياة, لأن العبد موضوف بهذه الصفات فيلزم أن لا يقال له: حي, عليم, قدير لأن العبد يسمى بهذه الأسماء, وكذلك في كلامه وسمعه وبصره ورؤيته وغير ذلك, وهم يوافقون أهل السنة على أن الله موجود حي عليم قادر, والمخلوق يقال له: موجود حي عليم قادر, ولا يقال: هذا تشبيه يجب نفيه".))(1) وقد إعترف كبار الأشاعرة بهذا فقال الرازي في رده على المعتزلة((إن كنتم بالمشبهة من يقول بكون الله مشابها لخلقه من بعض الوجوه فهذا لا يقتضي الكفر لأن المسلمين اتفقوا على أن الله موجود...)).. يتبع........ ------------- (1) مختصر العلو للألباني. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||
|
![]() شبهة التجسيم:
قولهم : ((لو كان موصوفا بالعلو لكان جسما,ولو كان جسما لكان مماثلا لسائر الأجسام,والله قد نفى عنه المثل)). والجواب على هذا من أوجه : الوجه الأول :قد ادعيت أيها الجهمي أن ظاهر القرآن,الذي هو حجة الله على عباده ,والذي هو خير الكلام ,وأصدقه,وأحسنه,وأفصحه,وهو الذي هدى الله به عباده,وجعله شفاء لما في الصدور,وهدى ورحمة للمؤمنين,ولم ينزل كتاب من السماء أهدى منه ,ولا أحسن ,ولا أكمل,فانتهكت حرمته ,وادعيت أن ظاهره يستلزم التشبيه والتجسيم (1).وهذا الإلزام إنما هو لمن جاء بالنصوص الدالة على علو الله على عرشه,وتكلم بها,ودعا الأمة إلى الإيمان بها ومعرفتها,ونهاهم عن تحريفها وتبدليها. يا قوم والله العظيم أسأتم***بأئئمة الإسلام ظن الشأنِ. ما ذنبهم ونبيهم قد قال***ما قالوا كذلك منزل الفرقانِ ما الذنب إلا للنصوص لديكم***إذ جسمت بل شبهت صنفان ِ ما ذنب من قد قال ما نطقت به***مِنْ غير تحريفٍ ولا عدوانِ(2). الوجه الثاني : نحن أثبتنا لله غاية الكمال,ونعوت الجلال,ووصفناه بكل صفة كمال فإن لزم من هذا تجسيم ,أو تشبيه لم يكن هذا نقصا ولا ذما ولا عيبا ,بوجه من الوجوه ,فإن لا زم الحق حق,ومالزم من إثبات كمال الرب ليس بنقص ,وأما أنتم فنيتم عنه صفات الكمال ,ولا ريب أن لازم هذا النفي وصفه بأضدادها العيوب,والنقائص, فما سَوَّى الله ولا رسوله ولا عقلاء عباده بين من نفى كماله المقدس حذرا من التجسيم,وبين من أثبت كماله الأعظم وصفاته العلى بلوازم ذلك كائنة من كانت(3). لا تجعلوا الإثبات تشبيها له يا فرقة التشبيه والطغيان كم ترتقون بسلم التنزيه للت عطيل ترويجا على العميان فالله أكبر أن تكون صفاته كصفاتنا جل عظيم الشَّانِ هذا هو التشبيه لا إثبات أوصاف كمال فما هما سِيَّانِ(4) سميتم التحريف تأويلا كذا التعطيل تنزيها هما لقبان وأضفتم أمرا إلى ذا ثالثا شرا وأقبح منه ذا بهتان فجعلتم الإثبات تجسيما و تشبيها وذا من أقبح العدوان فقلبتم تلك الحقائق مثل ما قُلِبَتْ قلوبكم عن الإيمان وجعلتم الممدوح مذموما كذا بالعكس حتى استكمل اللّبْسَانِ(5). الوجه الثالث : ماذا تعنون بقولكم((لو كان فوق العرش لكان جسما))؟ أتعنون به أنه ما يتضمن مماثلة الله لشي من المخلوقات في شيء من صفاته,فالله سبحانه منزه عن أن يوصف بشيء من الصفات المختصة بالمخلوقين ,وكل ما اختص بالمخلوق فهو صفة نقص,والله تعالى منزه عن كل نقصو مستحق لغاية الكمال,وليس له مثل في شيء من صفات الكمال فهو منزه عن النقص مطلقا ومنزه في الكمال أن يكون له مثل كما قال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} سورة الإخلاص فبين أنه أحد صمد واسمه الأحد يتضمن نفى المثل واسمه الصمد يتضمن جميع صفات الكمال (6). وإذا كان الله ليس من جنس الماء والهواء ولا الروح المنفوخة فينا ولا من جنس الملائكة ولا الأفلاك فلأن لا يكون من جنس بدن الإنسان ولحمه وعصبه وعظامه ويده ورجله ووجهه وغير ذلك من أعضائه وأبعاضه أولى وأحرى(7). وإذا أردتم بالجسم المركب وهو ما كان مفترقا فركبه غيره, والمركب المعقول هو ما كان مفترقا فركبه غيره كما تركب المصنوعات من الأطعمة والثياب والأبنية ونحو ذلك من أجزائها المفترقة والله تعالى أجل وأعظم من أن يوصف بذلك بل من مخلوقاته ما لا يوصف بذلك ومن قال ذلك(8) فهو من أكفر الناس وأضلهم وأجهلهم وأشدهم محاربة لله(9). وإن أردتم بالجسم ما يوصف بالصفات ,و يُرَى بالأبصار,ويتكلم,و يُكلِمْ,ويسمع,ويبصر,ويرضى ويغضب,فهذه المعاني ثابة للرب تعالى وهو موصوف بها,فلا ننفيها عنه بتسميتكم للموصوف بها جسما,ولا نرد ما أخبر به الصادق عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله لتسمية الأعداء الحديث لنا حشوية,ولا نجحد صفات خالقنا وعلوه على خلقه وإستواءه على عرشه,لتسمية الفرعونية المعطلة لمن أثبت ذلك مجسما مشبها. فإن كان تجسيما ثبوت استوائه ***على عرشه إني إذا لمجسم وإن كان تشبيها ثبوت صفاته***فمن ذلك التشبيه لا أتكتم وإن كان تنزيها جحود استوائه***وأوصافه أو كونه يتكلم فعن ذلك التنزيه نزهت ربنا***بتوفيقه والله أعلى وأعلم. وإن أردتم بالجسم ما يشار إليه إشارة حسية,فقد أشار إليه أعرف الخلق بأصبعه رافعا لها إلى السماء, يُشْهِدُ الجمع الأعظم مشيرا له. وإن أردتم بالجسم ما يقال أين هو؟فقد سأل أعلم الخلق به عنه بأين منبها على علوه على عرشه. وإن أردتم بالجسم ما يلحقه(من) و(إلى) فقد نزل جبريل من عنده ,ونزل كلامه من عنده,وعلاج برسوله صلى الله عليه وسلم إليه,وإليه يصعد الكلم الطيب,وعنده المسيح رفع إليه. وإن أردتم بالجسم ما يكون فوق غيره ,ومستويا على غيره ,فهو سبحانه فوق عباده مستو على عرشه. الوجه الرابع : لا يلزم من إستواء الله على عرشه,أن يكون جسما بالمعنى الذي اصطلحوا عليه,لا عقلا ولا سمعا إلا بالدعاوي الكاذبة.فدعوى هذا اللزوم عين البهت والكذب الصراح,بل العرش خلق من خلقه,ولا يلزم من كونه فوق السموات كلها أن يكون مركبا من جواهر الفردة ولا من المادة والصورة ولا مماثلا لغيره من الأجسام ,وكذلك جبريل مخلوق من مخلوقاته وهو ذو قوة وحياء وسمع وبصر وأجنحة ويصعد وينزل ويرى بالأبصار ,ولا يلزم منه وصفه بذلك أن يكون مركبا من الجواهر الفردة,ولا من المادة والصورة,ولا أن يكون جسمه مماثلا لأجسام الشياطين,فدعونا من هذا الفشر(10) والهذيان,والدعاوى الكاذبة,والتفاوت الذي بين الله وخلقه أعظم من التفاوت الذي بين جسم العرش وجسم الثرى والهواء والماء,وأعظم من التفاوت الذي بين أجسام الملائكة وأجسام الشياطين,والعاقل إذا أطلق على جسم صفة من صفاته-وعنده من كل وجه موصوف بتلك الصفة-لم يلزم من ذلك تماثلها,فإذا أطلق على الرجيع,الذي بلغ غاية الخبث,أنه جسم قائم بنفسه ذو رائحة ولون,وأطلق ذلك على المسك,لم يقل ذو حس سليم ولا عقل مستقيم,إنهما متماثلان,وأين التفاوت الذي بينهما من التفاوت الذي بين الله وخلقه ,فَكَمْ تُلَبِسُونْ وكم تُدلسونْ وكم تُمَوِّهون؟ ! فكيف يجوز بعد هذا أن يقال : إذا كان الرحمن فوق العرش أن يكون مماثلا لخلقه؟ ! والله تعالى ليس كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته ولا أفعاله حتَّى لو قُدِّر لزوم ذلك كله لكان التزامه سهل من تعطيل علوه على عرشه,وجعله بمنزلة المعدوم الممتنع,الذي لا هو داخل العالم ولا خارجه(11). عطلتم السبع السموات العلى والعرش أخليتم من الرحمن(12) قال ابن القيم رحمه الله : قد عطل الرحمن أفئدة لهم***من كل معرفة وإيمان إذ عطلوا الرحمن من أوصافه***والعرش أخلوه من الرحمن(13) أيها المشتغلون بعلم الكلام : إن نفيكم لعلو الله تعالى على العرش بدعوى التجسيم خطأ في اللفظ والمعنى ,وجناية على ألفاظ الوحي. أما اللفظي :فتسميتكم علو الله على العرش تجسيما وتشبيها وتحيزا.وتواصيكم بهذا المكر الكبار إلى نفي ما دل عليه الوحي,والعقل والفطرة,فكذبتم على القرآن وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى اللغة,ووضعتم لصفاته ألفاظا منكم بدأت وإليكم تعود. وأما خطأكم في المعنى : فنفيكم,وتعطيلكم لعلو الرحمن بواسطة هذه التسميات والألقاب ,فنفيتم المعنى الحق وسميتموه بالاسم المنكر ,وكنتم في ذلك بمنزلة من سمع أن في العسل شفاء ولم يراه,فسأل عنه فقيل له : مائع رقيق أصفر يشبه العذرة تتقيأه الزنابير,ومن لم يعرف العسل ينفر عنه بهذا التعريف ,ومن عرفه وذاقه لم يزده هذا التعريف عنده إلا محبة له,ورغبة فيه,وما أحسن ما قال القائل : تقول هذا جني النحل تمدحه***وإن تشاء قل ذا قيئ الزنابير مدحا وذما وما جاوزت وصفهما***والحق قد يعتريه سوء التعبير أ فيظن الجاهل أنَّا نجحد علو الله على عرشه,لأسماء سموها,هم وسلفهم,ما أنزل الله بها من سلطان,وألقاب وضعوها من تلقاء أنفسهم,لم يأت بها سنة ولا قرآن ,وشبهات قذفت بها قلوب,ما استنارت بنور الوحي,ولا خالطتها بشاشة الإيمان,وخيالات هي من تخييلات الممرورين,وأصحاب الهوس,أشبه منها بقضايا العقل والبرهان,ووهميات نسبتها إلى العقل الصحيح كنسبة السراب إلى الأبصار في القيعان. فدعونا من هذه الدعاوي الباطلة ,التي لا تفيد إلا تضييع الزمان,وإتعاب الأذهان,وكثرة الهذيان,وحاكمونا إلى الوحي,لا إلى نخالة الأفكار وزبالة الأذهان وعفارة الآراء,ووساوس الصدور,التي لا حقيقة لها في التحقيق ,ولا تثبت على قدم الحق والتصديق,فملأتم بها الأوراق سوادا ,والقلوب شكوكا,والعالم فاسدا. يا قومنا والله إن لقولنا ألفا تدل عليه بل ألفان عقلا ونقلا مع صريح الفطرة الأ ولى وذوق حلاوة القرآن كل يدل بأنه سبحانه فوق السماء مباين الأكوان أترون أنا تاركون ذا كله لجعاجع التعطيل والهذيان(14) وهذه الشبهة قد تكلمنا عنها ((بالإستقصاء حتى يتبين أنها من القول الهراء فهاتو برهانكم إن كنتم صادقين))(15) نقلته كاملا من كتاب(الكلمات الحسان في بيان علو الرحمان). ---------------- (1)الصواعق(239) (2)الكافية الشافية(ص129). (3)الصواعق (ص263). (4)الكافية الشافية(ص336). (5) الكافية الشافية(ص155). (6) منهاج السنة(2/527-530). (7) درء تعارض العقل والنقل(10/307). (8)درء التعارض(5/145). (9)مجموع الفتاوى(427-428). (10)الفشر : فشر فشرا كذب وبالغ في الكذب والإدعاء. (11) الصواعق(ص1016-1017). (12) نونية القحطاني. (13)الكافية الشافية(ص268). (14) الكافية الشافية(ص131). (15) الفتاوى الكبرى(6/355). |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||
|
![]() الشبهة الخامسة : قولهم : لو كان الخالق فوق العرش لكان حامل العرش حاملا لمن فوق العرش فيلزم احتياج الخالق للمخلوق.
والرد على هذه الشبهة السفسوطائية من أوجه : الأول : هؤلاء النفاة كثيرا ما يتكلمون بالأوهام والخيالات الفاسدة ويصفون الله بالنقائص ولآفات ويمثلونه بالمخلوقات بل بالناقصات بل بالمعدومات بل بالممتنعات فكل ما يضيفونه إلى أهل الإثبات الذين يصفونه بصفات الكمال وينزهونه عن النقائص والعيوب وأن يكون له في شيء من صفاته كفو أو سمي فما يضيفونه إلى هؤلاء من زعمهم أنهم يحكمون بموجب الوهم والخيال الفاسد أو أنهم يصفون الله بالنقائص والعيوب أو أنهم يشبهونه بالمخلوقات هو بهم أخلق وهو بهم أعلق وهم به أحق فإنك لا تجد أحدا سلب الله ما وصف به نفسه من صفات الكمال إلا وقوله يتضمن لوصفه بما يستلزم ذلك من النقائص والعيوب ولمثيله بالمخلوقات وتجده قد توهم وتخيل أوهاما وخيالات فاسدة غير مطابقة بنى عليها قوله من جنس هذا الوهم والخيال وأنهم يتوهمون ويتخيلون أنه إذا كان فوق العرش محتاجا إلى العرش كما أن الملك إذا كان فوق كرسيه كان محتاجا إلى كرسيه(1),وكما يحتاج الإنسان إلى السطح أوالسرير .وهذا(تشبيه له بالمخلوق الضعيف العاجز الفقير))(2)وقياس فاسد لأن((قياس الله الخالق لكل شيء الغني عن كل شيء الصمد الذي يفتقر إليه كل شيء بالمخلوقات الضعيفة المحتاجة عدل لها برب العالمين ومن عدلها برب العالمين فإنه في ضلال مبين))(3) وهؤلاء الجهمية دائما يشركون بالله ,ويعدلون به,ويضربون له الأمثال(4).فإنه كلامهم هذا وأمثاله عدل بالله,وإشراك به,وجعل أنداد له ,وضرب أمثال له :فكلامهم في علو الله يوجب لهم أنهم جعلوا مثل هذا العلو : يجمع من التمثيل لله والعدل به ابتداءا,ومن جحد علوه المستلزم لجحود ذاته انتهاءا,ظانين أن هذا تنزيه لله وتقديس.(5) أولا يعلمون أن الله يحب أن نثبت له صفات الكمال وننفي عنه مماثلة المخلوقات وأنه { ليس كمثله شيء } سورة الشورى 11 لا في ذاته ولا في صفاته ولا أفعاله فلا بد من تنزيهه عن النقائص والآفات ومماثلة شيء من المخلوقات وذلك يستلزم إثبات صفات الكمال والتمام التي ليس فيها كفو لذي الجلال والإكرام وبيان ذلك هنا أن الله مستغن عن كل ما سواه وهو خالق كل مخلوق ولم يصر عاليا على الخلق بشيء من المخلوقات بل هو سبحانه خلق المخلوقات وهو بنفسه عال عليها لا يفتقر في علوه عليها إلى شيء منها كما يفتقر المخلوق إلى ما يعلو عليه من المخلوقات وهو سبحانه حامل بقدرته للعرش ولحملة العرش فإنما أطاقوا حمل العرش بقوته تعالى والله إذا جعل في مخلوق قوة أطاق المخلوق حمل ما شاء أن يحمله من عظمته وغيرها فهو بقوته وقدرته الحامل للحامل والمحمول فكيف يكون مفتقرا إلى شيء وأيضا فالمحمول من العباد بشيء عال لو سقط ذلك العالي سقط هو والله أغنى وأجل وأعظم من أن يوصف بشيء من ذلك(6) قال ابن القيم رحمه الله : ((واستواؤه وعلوه على عرشه سلام من أن يكون محتاجا إلى ما يحمله أو يستوي عليه بل العرش محتاج إليه وحملته محتاجون إليه فهو الغنى عن العرش وعن حملته وعن كل ما سواه فهو استواء وعلو لا يشوبه حصر ولا حاجة إلى عرش ولا غيره ولا إحاطة شيء به سبحانه وتعالى بل كان سبحانه ولا عرش ولم يكن به حاجة إليه وهو الغني الحميد بل استواؤه على عرشه واستيلاؤه على خلقه من موجبات ملكه وقهره من غير حاجة إلى عرض ولا غيره بوجه ما))(7) وهو السلام على الحقيقة سالم***من كل نقص وتمثيل (8) الوجه الثاني :لا نسلم أن من حمل العرش يجب أن يحمل ما فوقه إلا أن يكون ما فوقه معتمدا عليه,وإلا فالهواء فوق الأرض وليس محتاجا إليها,وكذلك السحاب فوقها وليس محتاجا إليها, والسماء فوق الأرض وليست محتاجة إليها وكذلك العرش فوق السموات وليس محتاجا إليها فإذا كان كثير من الأمور العالية فوق غيرها ليس محتاجا إليها فكيف يجب أن يكون خالق الخلق الغني الصمد محتاجا إلى ما هو عال عليه وهو فوقه مع أنه هو خالقه وربه ومليكه وذلك المخلوق بعض مخلوقاته مفتقر في كل أموره إليه فإذا كان المخلوق إذا علا على كل شيء غني عنه لم يجب أن يكون محتاجا إليه فكيف يجب على الرب إذا علا على كل شيء من مخلوقاته وذلك الشيء مفتقر إليه أن يكون الله محتاجا إليه؟!))(9). --------- (1)دراء تعارض العقل والنقل(7/19). (2) بيان تلبيس الجهمية(2/126). (3) بيان تلبيس الجهمية(2/125). (4)بيان تلبيس الجهمية-2/126). (5)بيان تلبيس الجهمية(2/283) بتصرف يسير. (6)درء التعارض(7/19-20). (7) بدائع الفوائد(2/136). (8)الكافية الشافية(ص247). (9) بيان تلبيس الجهمية(2/144). |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 7 | |||
|
![]() الشبهة السادسة : لو كان الله في السماء لكان محصورا.
هؤلاء النفاة يوهمون عامة المسلمين أن مقصودهم تنزيه الله عن أن يكون محصورا في بعض المخلوقات,]أو مفتقرا إلى مخلوق[ ,ويفترون الكذب على أهل الإثبات أنهم يقولون ذلك ,كقول بعضهم أنهم يقولون إن الله في جوف السموات,إلى أمثال هذه الأكاذيب التي يفترونها على أهل الإثبات,فيخدعون بذلك جهال الناس,فإذا وقع الاستفصال والاستفسار ,انكشفت الأسرار,وتبين الليل من النهار,وتميز أهل الإيمان واليقين من أهل النفاق المدلسين,الذين لبسوا الحق بالباطل,وكتموا الحق وهم يعلمون(1). والرد على الشبهة المذكورة أن يقال : من توهم أن كون الله في السماء بمعنى أن السماء تحيط به وتحويه فهو كاذب-إن نقله عن غيره-وضال –إن اعتقده في ربه-وما سمعنا أحد يفهم هذا من اللفظ,ولا رأينا أحد نقله عن واحد,ولو سئل سائر المسلمين هل تفهمون من قول الله ورسوله(إن الله في السماء))أن السماء تحتويه لبادر كل واحد منهم إلى أن يقول : هذا شيء لعله لم يخطر ببالنا. وإذا كان الأمر هكذا :فمن التكلف أن يُجْعَلْ ظاهر اللفظ شيء محال لا يفهمه الناس منه ,ثم يريد أن يتأوله,بل عند الناس(إن الله في السماء) ((وهو على العرش))واحد,إذ السماء إنما يراد بها العلو,وكل ما علا فهو سماء.يقال :سما يسمو سموا ,أي :علا يعلو علوا. فإن قيل :نزل المطر من السماء كان نزوله من السحاب. وإذا قيل :العرش والجنة في السماء,لا يلزم من ذلك أن يكون العرش داخل السموات,بل ولا الجنة. والسلف والأئمة وسائر علماء السنة إذا قالوا((الله في السماء)),فالمراد بالسماء ما فوق المخلوقات كلها ,والمعنى :أن الله في العلو لا في السفل ,وهو العلي الأعلى,فله أعلى العلو,وهو ما فوق العرش,وليس هناك غيره-العلي الأعلى سبحانه وتعالى-((لا يقولون أن هناك شيء يحويه أو يحصره,أو يكون محلا له أو ظرفا ووعاء سبحانه وتعالى عن ذلك بل هو فوق كل شيء,وهو مستغن عن كل شيء وكل شيء مفتقر إليه,وهو عال على كل شيء, وهو الحامل للعرش ولحملة العرش بقوته وقدرته,وكل مخلوق مفتقر إليه وهو غني عن العرش وعن كل مخلوق))(2).فأما أن يكون في جوف السموات فليس هذا قول أهل الإثبات,أهل العلم والسنة,ومن قال بذلك فهو جاهل,كمن يقول : إن الله ينزل ويبقى العرش فوقه,أو يقول :إنه يحصره شيء من مخلوقاته,فهؤلاء ضلال,كما أن أهل النفي ضلال(3). قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وليس معنى قوله : ﴿ وهو معكم ﴾ أنه مختلط بالخلق ، فإن هذا لا توجبه اللغة ، بل القمر آية من آيات الله من أصغر مخلوقاته ، وهو موضوع في السماء ، وهو مع المسافر وغير المسافر أينما كان . وهو سبحانه فوق عرشه رقيب على خلقه ، مهيمن عليهم إلى غير ذلك من معاني ربوبيته . وكل هذا الكلام الذي ذكره الله ــ من أنه فوق العرش وأنه معنا ــ حق على حقيقته ، لا يحتاج إلى تحريف ، ولكن يصان عن الظنون الكاذبة ، مثل أن يُظنّ أن ظاهر قوله : ﴿ في السماء ﴾ أن السماء تظله أو تقله ، وهذا باطل بإجماع أهل العلم والإيمان ، فإن الله قد وسع كرسيه السماوات والأرض ، وهو يمسك السماوات والأرض أن تزولا ، ويمسك السماء أن تقع على الأرض ، إلاّ بإذنه ، ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بإذنه,ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره(4). فمن يمسك السموات والأرض؟وبأمره تقوم السماء والأرض,وهو الذي يمسكهما أن تزولا ,أيكون محتاجا إليهما مفتقرا إليهما؟. وإذا كان المسلمون يكفرون من يقول : إن السموات تقله أو تظله,لما في ذلك إلى احتياجه إلى مخلوقاته, فمن قال إنه في استوائه على العرش محتاج إلى العرش كاحتياج المحمول إلى حامله فانه كافر لأن الله غنى عن العالمين حي قيوم هو الغنى المطلق وما سواه فقير إليه.فكيف بمن يقول إنه مفتقر إلى السموات والأرض؟فأين حاجته في الحمل إلى العرش,من حاجة ذاته إلى ماهو دون العرش(5)؟ ! فكيف يُتَوَهَمْ بعد هذا أن خلقا يحصره ويحويه؟ ! وقد قال سبحانه((وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ))]طه71[.,أي((على جذوع النخل)) (((فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ)))]آل عمران137[ بمعنى((على الأرض)) ونحو ذلك,وهو كلام عربي حقيقة لا مجازا وهذا يعلمه من عرف حقائق معاني الحروف,وأنها متواطئة في الغالب لا مشتركة(6). يتبع...... -------------- (1)الفتاوى الكبرى(6/353) (2)مجموع الفتاوى(16/100-101). (3)درء تعارض العقل والنقل(7/15-16). (4)شرح العقيدة الواسطية(ص194-195). (5) مجموع الفتاوى(2/187-188). (6)الرسالة التدميرية(ص85-89) بتحقيق :محمود عودة السعودي,وانظر مجموع الفتاوى(5/106). |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 9 | |||
|
![]() قال الإمام الترمذي في حديث : (( .. لو أنكم دليتم بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله ، ثم قرأ ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم ) [ قال الإمام الترمذي ] : هذا حديث غريب من هذا الوجه .. وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا : إنما هبط على علم الله وقدرته وسلطانه ، وعلم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان وهو على العرش كما وصف في كتابه )) اهـ كلام الإمام الترمذي من كتاب ( تحفة الأحوذي ) طبعة قرطبة ـ المجلد التاسع ـ صفحة 187 . |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 10 | |||
|
![]() سمعوا كلام ابن تيمية عفا الله عنه : يقول رحمه الله في الرسالة العرشية ـ طبعة دار الفتح الشارقة ـ صفحة 47 بعد أن نقل تأويل الترمذي السابق ونقله الترمذي عمن تقدمه من أهل العلم ، يقول ابن تيمية : (( وكذلك تأويله بالعلم تأويل ظاهر الفساد !! من جنس تأويلات الجـهـمـيـة )) اهـ !!!!!!!! . وهذا الكلام نقله ابن القيم في الصواعق 2/275 مقرا لشيخه. فيلمح ابن تيمية هنا إلى الطعن على تأويل إمام من أئمة السلف كالترمذي بأن تأويله وتأويل من نقل عنهم من أهل العلم إنما هو من جنس تأويلات الجـهـمـيـة !! فكذلك أتباع ابن تيمية اليوم يفعلون معنا كما فعله ابن تيمية مع الإمام الترمذي، فمن هو السلفي ؟؟ من اتبع ابن تيمية ؟؟ أم من اتبع الترمذي ومن نقل عنهم من أهل العلم ؟؟؟ حتى الإمام الترمذي لم يسلم منهم !!! . مثال آخر: روى الإمام البخاري في خلق أفعال العباد ص61 ونقله الحافظ أيضا في فتح الباري 13/477 قال : (( حدثنا محمد أنا عبدالله أنا محمد بن بشار عن قتادة عن صفوان بن محرز عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : بينما أنا أمشي معه إذ جاء رجل فقال : يا ابن عمر ، كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر في النجوي ؟ قال : سمعته يقول : يدنو من ربه حتى يضع عليه كنفه ...... [ ثم قال البخاري ] قال ابن المبارك : كنفه يعني ستره )) اهـ باختصار . الإمام السلفي الكبير المجاهد الحافظ عبدالله بن المبارك يؤول ( الكنف ) يقول : يعني الستر . ورواه الطرسوسي المحدث في مسند عبد الله بن عمر من تأويل قتادة بن دعامة السدودسي، قال الطرسوسي: ((حدثنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف العجلي عن سعيد عن قتادة عن صفوان بن محرز قال: كان عبد الله بن عمر يطوف بالبيت إذ لقيه رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى؟ قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: « يدنو المؤمن من ربه يوم القيامة كأنه بذج - قال أبو النضر: قال قتادة: البذج: السخلة - فيضع عليه كنفه، يعني ستره، فيقول له: هل تعرف؟ هل تعرف؟ فيقول: رب أعرف، رب أعرف، فيقول: هل تعرف؟ فيقول: رب أعرف، فيقول: هل تعرف؟ فيقول: رب أعرف، فيقول: أنا سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، قال: ويعطى صحيفة حسناته، قال: وأما الكافر والمنافقون فيناديهم على رءوس الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم، ألا لعنة الله على الظالمين »، قال قتادة: فلم يخز يومئذ أحد يخفى خزيه على أحد من الخلائق))اهـ. فماذا يقول الخلف في هذا القرن ؟؟؟ قال محقق كتاب ( النقض على بشر المريسي ) الدكتور : رشيد بن حسن الألمعي والذي قدم له عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي يقول في ص748 بعد أن ذكر تأويل ابن المبارك : (( والصواب في هذه المسألة ـ والله أعلم ـ أن الكنف صفة من صفات الله كسائر صفاته لا يعلم كيفيته إلا هو ، فهو على ظاهره دون تأويل كما نقل ذلك ابن حامد عن الإمام أحمد )) اهـ . فهذا عبدالله بن المبارك إمام جليل من أئمة السلف يقول بهذا التأويل فيأتي هذا الغلام الخلفي من سلفية القرن الحادي والعشرين ليعلم الإمام ما هو الصواب، بل ويلزمه بقول من هو من تلاميذ تلاميذه مما ينقله غير مأمون !!! فمن هو السلفي الآن ؟؟!! لما روى الإمام الترمذي حديث إتيان البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان قال : (( هذا حديث حسن غريب ، ومعنى هذا الحديث عند أهل العلم أنه يجيء ثواب قراءته، كذا فسر بعض أهل العلم هذا الحديث وما يشبه هذا من الأحاديث أنه يجيء ثواب قراءة القرآن ، وفي حديث النوانس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ما فسروا إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم : وأهله الذين يعملون به في الدنيا ، ففي هذا دلالة أنه يجيء ثواب العمل وأخبرني محمد بن إسماعيل أخبرنا الحميدي قال : قال سفيان بن عيينة في تفسير حديث عبدالله بن مسعود : ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي ، قال سفيان : لأن آية الكرسي هو كلام الله ، وكلام الله أعظم من خلق الله من السماء والرض )) ( تحفة الأحوذي 8 / 193 ) . وهذا التأويل بمجيء الثواب لم ينفرد به الإمام الترمذي، بل هو ينقله عن غير واحد من أهل العلم، وممن نقل عنه ذلك الإمام الكبير أبو عبيد القاسم بن سلام رضي الله عنه فإن قال في كتاب (فضائل القرآن) من تصنيفه في باب (فضل سورة البقرة وآل عمران والنساء) عندما ذكر الحديث السالف ما نصه: ((يعني ثوابهما))اهـ. قال الراوي عن أبي عبيد : أبو الحسن علي بن عبدالعزيز البغوي الإمام الحافظ المتوفى سنة 286هـ بعد تأويل أبي عبيد هذا ما نصه: ((تكلم أبو عبيد بهذا والسيف يومئذ يقطر))اهـ. يعني أن أبا عبيد تكلم بهذا التأويل في أيام سطوة الجهمية وتطلب العلماء في محنة القرآن فتكلم أبو عبيد بهذا نصرة للقول بأن القرآن كلام الله غير مخلوق وأن حديث إتيان البقرة وآل عمران معناه إتيان ثوابهما. كما نقل هذا التأويل عن الإمام أحمد بإسناد صحيح ذكره البيهقي وابن كثير وغيرهما، وفي كتاب الرد على الجهمية الذي يعتقد الوهابية بصحة نسبته إلى الإمام أحمد جاء ما نصه: فهل استسلم الوهابية لتأويل السلف ؟؟! لا لم يقتنعوا بهذا فهذا على سبيل المثال المباركفوري ( السلفي ) يعلق على كلام هذين الإمامين من أئمة السلف ابن عيينة والترمذي فقال متعقبا الإمام الترمذي بما نصه : (( في هذه الدلالة خفاء كما لا يخفى )) !! . وقال متعقبا سفيان بن عيينة بما نصه : (( وفي قول سفيان هذا نظر فإنه يلزم على هذا ألا تكون هذه الفضيلة مختصة بآية الكرسي بل تعم كل آية من آي القرآن لأن كلا منها كلام الله تعالى )) اهـ . فهذا المباركفوري الذي يدعي بأنه سلفي صار يناقش السلف في استدلالاتهم وتوجيهاتهم وتأويلاتهم في العقيدة ومع هذا هو سلفي!! وهذا مثال آخر : روى الإمام الترمذي في جامعه الحديث المشهور : (( أنا عند ظن عبدي بي ... وإن أتاني يمشي أتيته هرولة )) ثم قال بعده : (( هذا حديث حسن صحيح ، ويروى عن الأعمش في تفسير هذا الحديث : ( من تقرب مني شبرا تقربت منه ذارعا ) : يعني بالمغفرة والرحمة ، وهكذا فسر بعض أهل العلم هذا الحديث قالوا إنما معناه يقول : إذا تقرب إلي العبد بطاعتي وبما أمرت تسارع إليه مغفرتي ورحمتي )) اهـ كلام الإمام الترمذي . ( تحفة الأحوذي 10/64 ) . إذن فالترمذي ـ وهو إمام من أئمة السلف بلا شك ـ يؤول الهرولة والإتيان والتقرب في هذا الخبر بأنه بالمغفرة والرحمة، هذا قوله رحمه الله وتأويله وهو ينقله عن بعض أهل العلم ممن تقدمه منهم الإمام سليمان بن مهران الأعمش وهؤلاء من أئمة السلف بلا شك، وقد تبع الإمام الترمذي والأعمش من أهل العلم ثلة: يقول المباركفوري رحمه الله وغفر له في تحفته في ذكرهم : (( وكذا قال الطيبي ، والحافظ العيني ، وابن بطال ، وابن التين ، وصاحب المشارق ، والراغب وغيرهم من العلماء .... وكذا فسره النووي وغيره كما عرفت )) اهـ فما هو موقف السلفيين على المجاز في هذا العصر من تأويل السلف على الحقيقة لا المجاز ؟؟؟!! ماذا كان تعليق المباركفوري ( السلفي المجازي ) هلى هذا التأويل الذي قال به ( السلف على الحقيقة ) ؟؟؟ اسمعوا عبارته : قال : (( قلت : لا حاجة إلى هذا التأويل )) !!!!! |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 11 | |||
|
![]() لا تحاول لان كل الشبهة اهل السنة لها بالمرصاد هل تظن هذا جديد منك فهذا بحث مختصر في حديث الإدلاء الحديث الذي يحتج به المعطلة على الموحدين لإيجاب التأويل فهذا بحث مختصر في حديث الإدلاء الحديث الذي يحتج به المعطلة على الموحدين لإيجاب التأويل نص الحديث بينما نبي الله صلى الله عليه وسلم جالس وأصحابه ، إذ أتى عليهم سحاب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هل تدرون ما هذا ؟قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : هذا العنان ، هذه روايا الأرض يسوقه الله إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه ، ثم قال : هل تدرون ما فوقكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : فإنها الرقيع سقف محفوظ ، وموج مكفوف . ثم قال : هل تدرون كم بينكم وبينها ؟قالوا الله ورسوله أعلم . قال : بينكم وبينها مسيرة خمسمائة سنة . ثم قال : هلتدرون ما فوق ذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : فإن فوق ذلك سماءين ، مابينهما مسيرة خمسمائة عام ، حتى عد سبع سماوات ، ما بين كل سماءين ما بين السماءوالأرض ، ثم قال : هل تدرون ما فوق ذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : فإن فوقذلك العرش وبينه وبين السماء بعد ما بين السماءين ثم قال : هل تدرون ما الذي تحتكم؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : فإنها الأرض . ثم قال : هل تدرون ما الذي تحتذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : فإن تحتها أرضا أخرى ، بينهما مسيرةخمسمائة سنة حتى عد سبع أرضين ، بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة ، ثم قال : والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم [ رجلا ] بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله . ثمقرأ { هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم } . تخريج الحديث رواه الترمذي في كتاب التفسير (3298 ) من حديث أبي هريرة وقال((غريب من هذا الوجه)) ولا أجد داعياً لذكر بقية المصادر التي فيها هذه الرواية فإن رواية الترمذي أقواها والترمذي ضعفها كما ترى وعلتها الإنقطاع بين الحسن البصري وأبي هريرة قال الحافظ ابن حجر في ترجمة الحسن البصر من تهذيب تهذيب((ووقع في سنن النسائي من طريق أيوب عن الحسن عن أبي هريرة في المختلعات قال الحسن لم أسمع من أبي هريرة غير هذا الحديث أخرجة عن إسحاق بن راهويه عن المغيرة بن سلمة عن وهيب عن أيوب وهذا إسناد لا مطعن من أحد في رواته وهو يؤيدانه سمع من أبي هريرة في الجملة)) وبهذه العلة أعل الجوزقاني هذه الرواية في كتابه العجاب((الأباطيل والمناكير والصحاح المشاهير)) (1/201) ولرواية أبي هريرة شاهدمن حديث أبي ذر عند البيهقي في الأسماء والصفات (ص401) باب ما جاء في العرش والكرسي وابن الجوزي في العلل (1/11_12) وخبر أبي ذر استنكره الذهبي في العلو فقال(ص22) (( أبو نصر (الراوي عن أبي ذر ) مجهول والخبر منكر)) ولكن الحافظ ابن حجر ذهب إلى أن أبا نصر هذا هو حميد بن هلال البصري الثقة ولكن السند لايزال معلولاً لأن حميد لم يسمع من أبي ذر كما قال البزار _ انظر التهذيب(3/52) _ فإن قال قائل ألا يرتقي الحديث بهذين الطريقين إلى الحسن لغيره قلت : هناك مانعان من هذا الأول : نكارة المتن وقد أحسن الجوزقاني حيث جعل هذا الحديث حديثاً باطلاً مخالفاً لأحاديث العلو وتابعه على ذلك الحافظ الذهبي الثاني: أن هناك احتمال عود الطريقين إلى طريقٍ واحدة فإن الإنقطاع في الطريقين موجودٌ في نفس المكان بين التابعي والصحابي والتابعيان بصريان فيحتمل أنهما أخذا من ضعيف اضطرب فيه جعله تارةً من مسند أبي هريرة وأخرى من مسندأبي ذر رضي الله عنهما أقوال العلماء في الحديث 1_الترمذي قال((غريب من هذا الوجه)) 2_الجوزقاني قال عنه (( باطل )) كما في الأباطيلوالمناكير (1/201) 3_الذهبي وقد تقدم النقل عنه 4_ابن العربي صححه في العارضة (6/356 ) وقال (( منقطع الحسن كمتصله صحيح المعاني وكل حرف منه مستند منطرق صحاح)) قلت: هذا كلام ساقط يخالف حكم الترمذي والجوزقاني ثم أين هي هذه الطرق الصحاح التي تعضد هذا الخبر ؟ وقد تكلم جماعة من العلما في مراسيل ومنقطعاته ، ولو كان منقطعه كمتصله لما أنفق المحدثون الوقت الكثيير في بحث سماعه من جمع من الصحابة قال الإمام الذهبي في الموقظة : ويوجد في المراسيل موضوعات. نعم وإن صح الإسناد إلى تابعي متوسط الطبقة، كمراسيل مجاهد، وإبراهيم، والشعبي، فهو مرسل جيد لا بأس به، يقبله قوم ويرده آخرون. ومن أوهَى المراسيل عندهم مراسيل الحسن. وأوهى من ذلك مراسيل الزهري وقتادة وحميد الطويل من صغار التابعين وغالب المحققين يعدون مراسيل هؤلاء معضلات ومنقطعات؛ فإن غالب روايات هؤلاء عن تابعي كبير، عن صحابي، قد ظنوا بمرسله أنه أسقط من إسناده اثنين )) يقول ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار مسند علي (113) (( مراسيل الحسن أكثرها صحف غير سماع وأنه إذا وصلت الأخبار فأكثر روايته عن مجاهيل لا يعرفون ومن كان كذلك فيما يروي من الأخبار وجب عندنا التثبت في مراسيله )) وقال عبدالحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (3/341) (( مراسيل الحسن ضعافٌ جداً عندهم )) 5_ ياقوت الحموي حيث صححه في معجم البلدان (1/30) ولم يكن رحمه الله من أهل هذا الشأن 6_ الإمام الألباني وقد ضعفه في ضعيف سنن الترمذي هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم كتبه عبد الله الخليفي قال شيخ الإسلام : وَ " حَدِيثُ الْإِدْلَاءِ " الَّذِي رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ فَإِنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَكِنْ يُقَوِّيه حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ الْمَرْفُوعُ ؛ فَإِنْ كَانَ ثَابِتًا فَمَعْنَاهُ مُوَافِقٌ لِهَذَا ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ : { لَوْ أُدْلِيَ أَحَدُكُمْ بِحَبْلِ لَهَبَطَ عَلَى اللَّهِ } إنَّمَا هُوَ تَقْدِيرٌ مَفْرُوضٌ ؛ أَيْ لَوْ وَقَعَ الْإِدْلَاءُ لَوَقَعَ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُدْلِيَ أَحَدٌ عَلَى اللَّهِ شَيْئًا ؛ لِأَنَّهُ عَالٍ بِالذَّاتِ وَإِذَا أُهْبِطَ شَيْءٌ إلَى جِهَةِ الْأَرْضِ وَقَفَ فِي الْمَرْكَزِ وَلَمْ يَصْعَدْ إلَى الْجِهَةِ الْأُخْرَى لَكِنْ بِتَقْدِيرِ فَرْضِ الْإِدْلَاءِ يَكُونُ مَا ذَكَرَ مِنْ الْجَزَاءِ . فَهَكَذَا مَا ذَكَرَهُ السَّائِلُ : إذَا قُدِّرَ أَنَّ الْعَبْدَ يَقْصِدُهُ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ كَانَ هُوَ سُبْحَانَهُ يَسْمَعُ كَلَامَهُ وَكَانَ مُتَوَجِّهًا إلَيْهِ بِقَلْبِهِ لَكِنَّ هَذَا مِمَّا تَمْنَعُ مِنْهُ الْفِطْرَةُ ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الشَّيْءِ الْقَصْدَ التَّامَّ يُنَافِي قَصْدَ ضِدِّهِ ؛ فَكَمَا أَنَّ الْجِهَةَ الْعُلْيَا بِالذَّاتِ تُنَافِي الْجِهَةَ السُّفْلَى فَكَذَلِكَ قَصْدُ الْأَعْلَى بِالذَّاتِ يُنَافِي قَصْدَهُ مِنْ أَسْفَلَ وَكَمَا أَنَّ مَا يَهْبِطُ إلَى جَوْفِ الْأَرْضِ يَمْتَنِعُ صُعُودُهُ إلَى تِلْكَ النَّاحِيَةِ - لِأَنَّهَا عَالِيَةٌ - فَتَرُدُّ الْهَابِطَ بِعُلُوِّهَا كَمَا أَنَّ الْجِهَةَ الْعُلْيَا مِنْ عِنْدِنَا تَرُدُّ مَا يَصْعَدُ إلَيْهَا مِنْ الثَّقِيلِ فَلَا يَصْعَدُ الثَّقِيلُ إلَّا بِرَافِعِ يَرْفَعُهُ يُدَافِعُ بِهِ مَا فِي قُوَّتِهِ مِنْ الْهُبُوطِ فَكَذَلِكَ مَا يَهْبِطُ مِنْ أَعْلَى الْأَرْضِ إلَى أَسْفَلِهَا - وَهُوَ الْمَرْكَزُ - لَا يَصْعَدُ مِنْ هُنَاكَ إلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ إلَّا بِرَافِعِ يَرْفَعُهُ يُدَافِعُ بِهِ مَا فِي قُوَّتِهِ مِنْ الْهُبُوطِ إلَى الْمَرْكَزِ فَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ الدَّافِعَ أَقْوَى كَانَ صَاعِدًا بِهِ إلَى الْفَلَكِ مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ وَصَعِدَ بِهِ إلَى اللَّهِ وَإِنَّمَا يُسَمَّى هُبُوطًا بِاعْتِبَارِ مَا فِي أَذْهَانِ الْمُخَاطَبِينَ أَنَّ مَا يُحَاذِي أَرْجُلَهُمْ يَكُونُ هَابِطًا وَيُسَمَّى هُبُوطًا مَعَ تَسْمِيَةِ إهْبَاطِهِ إدْلَاءً وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ إدْلَاءً حَقِيقِيًّا إلَى الْمَرْكَزِ وَمِنْ هُنَاكَ إنَّمَا يَكُونُ مَدًّا لِلْحَبْلِ وَالدَّلْوِ لَا إدْلَاءَ لَهُ لَكِنَّ الْجَزَاءَ وَالشَّرْطَ مُقَدَّرَانِ لَا مُحَقَّقَانِ . فَإِنَّهُ قَالَ : لَوْ أَدْلَى لَهَبَطَ ؛ أَيْ لَوْ فُرِضَ أَنَّ هُنَاكَ إدْلَاءً لَفُرِضَ أَنَّ هُنَاكَ هُبُوطًا وَهُوَ يَكُونُ إدْلَاءً وَهُبُوطًا إذَا قُدِّرَ أَنَّ السَّمَوَاتِ تَحْتَ الْأَرْضِ وَهَذَا التَّقْدِيرُ مُنْتَفٍ ؛ وَلَكِنَّ فَائِدَتَهُ بَيَانُ الْإِحَاطَةِ وَالْعُلُوِّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَهَذَا الْمَفْرُوضُ مُمْتَنِعٌ فِي حَقِّنَا لَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُدْلِيَ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَهْبِطَ عَلَى اللَّهِ شَيْءٌ لَكِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْرُقَ مِنْ هُنَا إلَى هُنَاكَ بِحَبْلِ وَلَكِنْ لَا يَكُونُ فِي حَقِّهِ إدْلَاءً فَلَا يَكُونُ فِي حَقِّهِ هُبُوطًا عَلَيْهِ . كَمَا لَوْ خَرَقَ بِحَبْلِ مِنْ الْقُطْبِ إلَى الْقُطْبِ أَوْ مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ إلَى مَغْرِبِهَا وَقَدَّرْنَا أَنَّ الْحَبْلَ مَرَّ فِي وَسَطِ الْأَرْضِ فَإِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَا فَرْقَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ مِنْ أَنْ يَخْرُقَ مِنْ جَانِبِ الْيَمِينِ مِنَّا إلَى جَانِبِ الْيَسَارِ أَوْ مِنْ جِهَةِ أَمَامِنَا إلَى جِهَةِ خَلْفِنَا أَوْ مِنْ جِهَةِ رُءُوسِنَا إلَى جِهَةِ أَرْجُلِنَا إذَا مَرَّ الْحَبْلُ بِالْأَرْضِ فَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ قَدْ خَرَقَ بِالْحَبْلِ مِنْ جَانِبِ الْمُحِيطِ إلَى جَانِبِهِ الْآخَرِ مَعَ خَرْقِ الْمَرْكَزِ وَبِتَقْدِيرِ إحَاطَةِ قَبْضَتِهِ بِالسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَالْحَبْلُ الَّذِي قُدِّرَ أَنَّهُ خَرَقَ بِهِ الْعَالَمَ وَصَلَ إلَيْهِ وَلَا يُسَمَّى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ إدْلَاءً وَلَا هُبُوطًا . وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا فَإِنَّ مَا تَحْتَ أَرْجُلِنَا تَحْتٌ لَنَا وَمَا فَوْقَ رُءُوسِنَا فَوْقٌ لَنَا وَمَا نُدْلِيهِ مِنْ نَاحِيَةِ رُءُوسِنَا إلَى نَاحِيَةِ أَرْجُلِنَا نَتَخَيَّلُ أَنَّهُ هَابِطٌ فَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ أَحَدَنَا أَدْلَى بِحَبْلِ كَانَ هَابِطًا عَلَى مَا هُنَاكَ لَكِنَّ هَذَا تَقْدِيرٌ مُمْتَنِعٌ فِي حَقِّنَا وَالْمَقْصُودُ بِهِ بَيَانُ إحَاطَةِ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَمَا بَيَّنَ أَنَّهُ يَقْبِضُ السَّمَوَاتِ وَيَطْوِي الْأَرْضَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ بَيَانُ إحَاطَتِهِ بِالْمَخْلُوقَاتِ . وَلِهَذَا قَرَأَ فِي تَمَامِ هَذَا الْحَدِيثِ { هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } . وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَإِنَّ التِّرْمِذِيَّ لَمَّا رَوَاهُ قَالَ : وَفَسَّرَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ هَبَطَ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ وَبَعْضُ الْحُلُولِيَّةِ والاتحادية يَظُنُّ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى قَوْلِهِمْ الْبَاطِلِ ؛ وَهُوَ أَنَّهُ حَالٌّ بِذَاتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَأَنَّ وُجُودَهُ وُجُودُ الْأَمْكِنَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ . وَالتَّحْقِيقُ : أَنَّ الْحَدِيثَ لَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ ثَابِتًا فَإِنَّ قَوْلَهُ : { لَوْ أَدْلَى بِحَبْلِ لَهَبَطَ } يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمُدْلِي وَلَا فِي الْحَبْلِ وَلَا فِي الدَّلْوِ وَلَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَأَنَّهَا تَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ ؛ وَكَذَلِكَ تَأْوِيلُهُ بِالْعِلْمِ تَأْوِيلٌ ظَاهِرُ الْفَسَادِ مَنْ جِنْسِ تَأْوِيلَاتِ الجهمية ؛ بَلْ بِتَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ يَكُونُ دَالًّا عَلَى الْإِحَاطَةِ . وَالْإِحَاطَةُ قَدْ عُلِمَ أَنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَيْهَا وَعُلِمَ أَنَّهَا تَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّة وَلَيْسَ فِي إثْبَاتِهَا فِي الْجُمْلَةِ مَا يُخَالِفُ الْعَقْلَ وَلَا الشَّرْعَ ؛ لَكِنْ لَا نَتَكَلَّمُ إلَّا بِمَا نَعْلَمُ وَمَا لَا نَعْلَمُهُ أَمْسَكْنَا عَنْهُ وَمَا كَانَ مُقَدِّمَةُ دَلِيلِهِ مَشْكُوكًا فِيهَا عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَشُكَّ فِيهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ وَإِلَّا فَلْيَسْكُتْ عَمَّا لَمْ يَعْلَمْ . قال أسامة بن عطايا العتيبي مستنتجا بعض الفوائد من حديث الإدلاء الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فهذه فوائد تتعلق بمعنى حديث الإدلاء بما تكلم به الراسخون في العلم من القدماء والمعاصرين : 1- قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو ضمن كلام طويل في بيان تلبيس الجهمية-المجلد الرابع من المحققة من أوله، و(ص/34، 39، وغيرها)، وكذلك نحوه في مجموع الفتاوى(6/571) وقد نقل بعضه الأخ حمزة وفقه الله 2- ذكر ابن القيم في الصواعق كما في مختصرة(2/626-631) في آخر كلامه عن المثال التاسع في المعية كلاماً طويلاً حول هذا الحديث سنداً ومتناً فكان مما قاله: [فقوله " لو دليتم بحبل لهبط على الله " اذا هبط في قبضته المحيطة بالعالم فقد هبط عليه والعالم في قبضته وهو فوق عرشه ولو ان احدنا امسك بيده او برجله كرة قبضتها يده من جميع جوانبها ثم وقعت حصاة من اعلى الكرة الى اسفلها لوقعت في يده وهبطت عليه , ولم يلزم من ذلك ان تكون الكرة والحصاة فوقه وهو تحتها , ولله المثل الاعلى وانما يؤتى الرجل من سوء فهمه او من سوء قصده [أو] من كليهما , فاذا هما اجتمعا كمل نصيبه من الضلال. واما تأويل الترمذي وغيره له بالعلم فقال شيخنا : هو ظاهر الفساد من جنس تأويلات الجهمية بل بتقدير ثبوته , فانما يدل على الاحاطة , والاحاطة ثابتة عقلا ونقلا وفطرة كما تقدم.. ] 3- في مجموع فتاوى ورسائل شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( 1/ 89) (60) وسئل: عن صحة حديث "لو دليتم بحبل إلى الأرض السابعة لوقع على الله " ؟ وما معناه؟ فأجاب بقوله: [هذا الحديث اختلف العلماء في تصحيحه، والذين قالوا : إنه صحيح يقولون : إن معنى الحديث لو أدليتم بحبل لوقع على الله عز وجل لأن الله تعالى محيط بكل شيء، فكل شيء هو في قبضة الله سبحانه وتعالى وكل شيء فإنه لا يغيب عن الله تعالى، حتى إن السماوات السبع والأرضين السبع في كف الرحمن عز وجل كخردلة في يد أحدنا يقول : الله تعالى في القرآن الكريم: (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون). ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون دالاً على أن الله سبحانه وتعالى في كل مكان، أو على أن الله تعالى في أسفل الأرض السابعة فإن هذا ممتنع شرعاً، وعقلاً، وفطرة، لأن علو الله سبحانه وتعالى قد دل عليه كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والإجماع، والعقل، والفطرة. فمن الكتاب: قوله تعالى: (وهو القاهر فوق عباده). وقوله: (سبح اسم ربك الأعلى) والآيات في هذه كثيرة جداً في كتاب الله فكل آية تدل على صعود الشيء إلى الله، أو رفع الشيء إلى الله، أو نزول الشيء من الله فإنها تدل على علو الله عز وجل. وأما السنة: فإنها متواترة على علو الله عز وجل والسنة دلت على علو الله عز وجل من قول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله وإقراره. قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء " . فهذا قول منه صلى الله عليه وسلم يدل على علو الله عز وجل وخطب النبيصلى الله عليه وسلم في أمته يوم عرفة فقال لهم: " ألا هل بلغت" ؟ قالوا: نعم. فرفع إصبعه إلى السماء يقول :: " اللهم اشهد". فهذا فعل منه صلى الله عليه وسلم يدل على علو الله عز وجل وإقراره حين سأل الجارية "أين الله " قالت : في السماء . قال : " أعتقها فإنها مؤمنة ". وأما الإجماع: فقد أجمع الصحابة والتابعون لهم بإحسان من أئمة هذه الأمة وعلمائها على أن الله سبحانه وتعالى فوق كل شيء، ولم ينقل عنهم حرف واحد أن الله ليس في السماء، أو أنه مختلط بالخلق أو أنه لا داخل العالم ولا خارجه، ولا متصل، ولا منفصل، ولا مباين، ولا محاذٍ، بل النصوص عنهم كلها متفقة على أن الله تعالى في العلو وفوق كل شيء. أما العقل: فقد دل على علو الله بأن نقول : هل العلو صفة كمال أو السفل؟ الجواب بالعلو والله عز وجل قد قال في كتابه: ( ولله المثل الأعلى) فكل وصف أكمل فهو الله عز وجل وإذا كان العقل يدل على أن العلو كمال وجب أن يثبت العلو لله عز وجل وتقرير ذلك أن يقال : : إن الله عز وجل إما أن يكون في الأعلى، أو في الأسفل، أو في المحاذي ففي الأسفل مستحيل لنقصه، وفي المحاذي مستحيل أيضاً لنقصه، لأنه يلزم أن يكون مساوياً للمخلوق، فلم يبق إلا العلو فالله عال فوق كل شيء. أما الفطرة: فإن كل إنسان مفطور على أن الله تعالى في السماء تجد الإنسان يقول : : يا الله ويتجه إلى السماء فما يجد في قلبه ضرورة إلا إلى العلو. إذاً فنحن نقول: إن الله تعالى فوق كل شيء، وإذا كان فوق كل شيء فإنه لا يمكن أن يكون المراد بهذا الحديث "لو دليتم بحبل إلى الأرض السابعة لوقع على الله" أن الله في الأرض فإن قيل: هل قوله تعالى ![]() فالجواب: لا لأن الله تعالى يخبر عن الألوهية، ولا يخبر عن مكانه أنه في السماء والأرض، لكن يخبر أنه إله في السماء وإله في الأرض، كما تقول : فلان أمير في مكة وأمير في المدينة، فالمعنى أن إمارته ثابتة في مكة وفي المدينة وإن كان هو قطعاً في أحد البلدين وليس فيهما جميعاً. فهذه الآية تدل على أن ألوهية الله ثابتة في الأرض وفي السماء، وإن كان هو سبحانه وتعالى في السماء] فهذه أقوال أئمة راسخين في العلم وهناك غيرهم لم أنقل كلامهم بعدُ تكلموا في شرح هذه الأثر شرحاً سلفياً ذكرت خلاصته في شرحي لمقدمة ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله.. فبعض الشباب استغربوا كلامي مع أنه كلام أئمة أهل السنة ، وبعضهم حاول التشغيب هنا وهناك هداه الله واصلحه ولا أعني به الأخ أبا الفداء .. فهل في كلام شيخ الإسلام وابن القيم وابن عثيمين تشبيه أو ضرب الأمثال لله وخاصة في كلام ابن القيم؟!! أرجو إيصال كلام الأئمة للشيخ الفاضل فلاح إسماعيل حفظه الله .. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وقد توسع غيرهم من أهل الفضل وأجازوا الصنفين معا وبنوا حكمهم على أدلة ليس هذا محلا لبسطها ؛ ولكن أشير إشارة فأقول : وعمدة هذا الفريق تفريقهم بين الكذب الذي يحسبك السامع صادقا فيه والكذب الذي يعلم منه كذبك ؛ واستدلوا بحديث : " كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك مصدق وأنت به كاذب" ؛ - ( والحديث ضعفه جمع من أهل العلم ؛ وعلى رأسهم في عصرنا الحاضر الإمام الألباني ؛ فقد ضعفه في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( رقم 1251 ) ؛ وفي ضعيف الجامع الصغير وزيادته ( رقم 4162 ) ؛ وكذلك في ضعيف الأدب المفرد ؛ وضعيف أبي داود . قال محقق جامع العلوم والحكم في تخريجه للحديث :[ رواه الإمام أحمد في المسند 4/183 ، وأخرجه : هناد في " الزهد " ( 1384 ) ، والطبراني في " مسند الشاميين " ( 495 ) ، وأبو نعيم في " الحلية " 6/99 ، والبيهقي في " شُعب الإيمان " ( 4820 ) عن النواس بن سمعان ، به ، وإسناده ضعيف جداً من أجل عمر بن هارون بن يزيد بن جابر البلخي - وقد تابعه عليه الوليد بن مسلم ، وهو وإن كان ثقة إلاّ أنه يدلس تدليس التسوية ، وقد عنعنه فلا يفرح بهذه المتابعة ، فقد يكون سمعه من عمر بن هارون ثم دلسه عنه ، لاسيما وقد قال أبو نعيم : تفرد به عمر بن هارون ] ؛ والحديث رواه غير من ذكرهم المحقق أهمهم أبو داود في سننه والبخاري في الأدب المفرد كلاهما عن سفيان بن أسيد الحضرمي ؛ وآخرون ، وقد ضعف كما نبهت آنفا العلامة الألباني كل هذه الروايات ؛ والله أعلم . فلا أدري لما يكثر بعض أهل الفضل الاستدلال به في ذم الكذب ؛ مع بيان ضعفه بينما نبي الله صلى الله عليه وسلم جالس وأصحابه ، إذ أتى عليهم سحاب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هل تدرون ما هذا ؟قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : هذا العنان ، هذه روايا الأرض يسوقه الله إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه ، ثم قال : هل تدرون ما فوقكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : فإنها الرقيع سقف محفوظ ، وموج مكفوف . ثم قال : هل تدرون كم بينكم وبينها ؟قالوا الله ورسوله أعلم . قال : بينكم وبينها مسيرة خمسمائة سنة . ثم قال : هلتدرون ما فوق ذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : فإن فوق ذلك سماءين ، مابينهما مسيرة خمسمائة عام ، حتى عد سبع سماوات ، ما بين كل سماءين ما بين السماءوالأرض ، ثم قال : هل تدرون ما فوق ذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : فإن فوقذلك العرش وبينه وبين السماء بعد ما بين السماءين ثم قال : هل تدرون ما الذي تحتكم؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : فإنها الأرض . ثم قال : هل تدرون ما الذي تحتذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : فإن تحتها أرضا أخرى ، بينهما مسيرةخمسمائة سنة حتى عد سبع أرضين ، بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة ، ثم قال : والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم [ رجلا ] بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله . ثمقرأ { هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم } . تخريج الحديث رواه الترمذي في كتاب التفسير (3298 ) من حديث أبي هريرة وقال((غريب من هذا الوجه)) ولا أجد داعياً لذكر بقية المصادر التي فيها هذه الرواية فإن رواية الترمذي أقواها والترمذي ضعفها كما ترى وعلتها الإنقطاع بين الحسن البصري وأبي هريرة قال الحافظ ابن حجر في ترجمة الحسن البصر من تهذيب تهذيب((ووقع في سنن النسائي من طريق أيوب عن الحسن عن أبي هريرة في المختلعات قال الحسن لم أسمع من أبي هريرة غير هذا الحديث أخرجة عن إسحاق بن راهويه عن المغيرة بن سلمة عن وهيب عن أيوب وهذا إسناد لا مطعن من أحد في رواته وهو يؤيدانه سمع من أبي هريرة في الجملة)) وبهذه العلة أعل الجوزقاني هذه الرواية في كتابه العجاب((الأباطيل والمناكير والصحاح المشاهير)) (1/201) ولرواية أبي هريرة شاهدمن حديث أبي ذر عند البيهقي في الأسماء والصفات (ص401) باب ما جاء في العرش والكرسي وابن الجوزي في العلل (1/11_12) وخبر أبي ذر استنكره الذهبي في العلو فقال(ص22) (( أبو نصر (الراوي عن أبي ذر ) مجهول والخبر منكر)) ولكن الحافظ ابن حجر ذهب إلى أن أبا نصر هذا هو حميد بن هلال البصري الثقة ولكن السند لايزال معلولاً لأن حميد لم يسمع من أبي ذر كما قال البزار _ انظر التهذيب(3/52) _ فإن قال قائل ألا يرتقي الحديث بهذين الطريقين إلى الحسن لغيره قلت : هناك مانعان من هذا الأول : نكارة المتن وقد أحسن الجوزقاني حيث جعل هذا الحديث حديثاً باطلاً مخالفاً لأحاديث العلو وتابعه على ذلك الحافظ الذهبي الثاني: أن هناك احتمال عود الطريقين إلى طريقٍ واحدة فإن الإنقطاع في الطريقين موجودٌ في نفس المكان بين التابعي والصحابي والتابعيان بصريان فيحتمل أنهما أخذا من ضعيف اضطرب فيه جعله تارةً من مسند أبي هريرة وأخرى من مسندأبي ذر رضي الله عنهما أقوال العلماء في الحديث 1_الترمذي قال((غريب من هذا الوجه)) 2_الجوزقاني قال عنه (( باطل )) كما في الأباطيلوالمناكير (1/201) 3_الذهبي وقد تقدم النقل عنه 4_ابن العربي صححه في العارضة (6/356 ) وقال (( منقطع الحسن كمتصله صحيح المعاني وكل حرف منه مستند منطرق صحاح)) قلت: هذا كلام ساقط يخالف حكم الترمذي والجوزقاني ثم أين هي هذه الطرق الصحاح التي تعضد هذا الخبر ؟ وقد تكلم جماعة من العلما في مراسيل ومنقطعاته ، ولو كان منقطعه كمتصله لما أنفق المحدثون الوقت الكثيير في بحث سماعه من جمع من الصحابة قال الإمام الذهبي في الموقظة : ويوجد في المراسيل موضوعات. نعم وإن صح الإسناد إلى تابعي متوسط الطبقة، كمراسيل مجاهد، وإبراهيم، والشعبي، فهو مرسل جيد لا بأس به، يقبله قوم ويرده آخرون. ومن أوهَى المراسيل عندهم مراسيل الحسن. وأوهى من ذلك مراسيل الزهري وقتادة وحميد الطويل من صغار التابعين وغالب المحققين يعدون مراسيل هؤلاء معضلات ومنقطعات؛ فإن غالب روايات هؤلاء عن تابعي كبير، عن صحابي، قد ظنوا بمرسله أنه أسقط من إسناده اثنين )) يقول ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار مسند علي (113) (( مراسيل الحسن أكثرها صحف غير سماع وأنه إذا وصلت الأخبار فأكثر روايته عن مجاهيل لا يعرفون ومن كان كذلك فيما يروي من الأخبار وجب عندنا التثبت في مراسيله )) وقال عبدالحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (3/341) (( مراسيل الحسن ضعافٌ جداً عندهم )) 5_ ياقوت الحموي حيث صححه في معجم البلدان (1/30) ولم يكن رحمه الله من أهل هذا الشأن 6_ الإمام الألباني وقد ضعفه في ضعيف سنن الترمذي هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم كتبه عبد الله الخليفي قال شيخ الإسلام : وَ " حَدِيثُ الْإِدْلَاءِ " الَّذِي رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ فَإِنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَكِنْ يُقَوِّيه حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ الْمَرْفُوعُ ؛ فَإِنْ كَانَ ثَابِتًا فَمَعْنَاهُ مُوَافِقٌ لِهَذَا ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ : { لَوْ أُدْلِيَ أَحَدُكُمْ بِحَبْلِ لَهَبَطَ عَلَى اللَّهِ } إنَّمَا هُوَ تَقْدِيرٌ مَفْرُوضٌ ؛ أَيْ لَوْ وَقَعَ الْإِدْلَاءُ لَوَقَعَ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُدْلِيَ أَحَدٌ عَلَى اللَّهِ شَيْئًا ؛ لِأَنَّهُ عَالٍ بِالذَّاتِ وَإِذَا أُهْبِطَ شَيْءٌ إلَى جِهَةِ الْأَرْضِ وَقَفَ فِي الْمَرْكَزِ وَلَمْ يَصْعَدْ إلَى الْجِهَةِ الْأُخْرَى لَكِنْ بِتَقْدِيرِ فَرْضِ الْإِدْلَاءِ يَكُونُ مَا ذَكَرَ مِنْ الْجَزَاءِ . فَهَكَذَا مَا ذَكَرَهُ السَّائِلُ : إذَا قُدِّرَ أَنَّ الْعَبْدَ يَقْصِدُهُ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ كَانَ هُوَ سُبْحَانَهُ يَسْمَعُ كَلَامَهُ وَكَانَ مُتَوَجِّهًا إلَيْهِ بِقَلْبِهِ لَكِنَّ هَذَا مِمَّا تَمْنَعُ مِنْهُ الْفِطْرَةُ ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الشَّيْءِ الْقَصْدَ التَّامَّ يُنَافِي قَصْدَ ضِدِّهِ ؛ فَكَمَا أَنَّ الْجِهَةَ الْعُلْيَا بِالذَّاتِ تُنَافِي الْجِهَةَ السُّفْلَى فَكَذَلِكَ قَصْدُ الْأَعْلَى بِالذَّاتِ يُنَافِي قَصْدَهُ مِنْ أَسْفَلَ وَكَمَا أَنَّ مَا يَهْبِطُ إلَى جَوْفِ الْأَرْضِ يَمْتَنِعُ صُعُودُهُ إلَى تِلْكَ النَّاحِيَةِ - لِأَنَّهَا عَالِيَةٌ - فَتَرُدُّ الْهَابِطَ بِعُلُوِّهَا كَمَا أَنَّ الْجِهَةَ الْعُلْيَا مِنْ عِنْدِنَا تَرُدُّ مَا يَصْعَدُ إلَيْهَا مِنْ الثَّقِيلِ فَلَا يَصْعَدُ الثَّقِيلُ إلَّا بِرَافِعِ يَرْفَعُهُ يُدَافِعُ بِهِ مَا فِي قُوَّتِهِ مِنْ الْهُبُوطِ فَكَذَلِكَ مَا يَهْبِطُ مِنْ أَعْلَى الْأَرْضِ إلَى أَسْفَلِهَا - وَهُوَ الْمَرْكَزُ - لَا يَصْعَدُ مِنْ هُنَاكَ إلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ إلَّا بِرَافِعِ يَرْفَعُهُ يُدَافِعُ بِهِ مَا فِي قُوَّتِهِ مِنْ الْهُبُوطِ إلَى الْمَرْكَزِ فَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ الدَّافِعَ أَقْوَى كَانَ صَاعِدًا بِهِ إلَى الْفَلَكِ مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ وَصَعِدَ بِهِ إلَى اللَّهِ وَإِنَّمَا يُسَمَّى هُبُوطًا بِاعْتِبَارِ مَا فِي أَذْهَانِ الْمُخَاطَبِينَ أَنَّ مَا يُحَاذِي أَرْجُلَهُمْ يَكُونُ هَابِطًا وَيُسَمَّى هُبُوطًا مَعَ تَسْمِيَةِ إهْبَاطِهِ إدْلَاءً وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ إدْلَاءً حَقِيقِيًّا إلَى الْمَرْكَزِ وَمِنْ هُنَاكَ إنَّمَا يَكُونُ مَدًّا لِلْحَبْلِ وَالدَّلْوِ لَا إدْلَاءَ لَهُ لَكِنَّ الْجَزَاءَ وَالشَّرْطَ مُقَدَّرَانِ لَا مُحَقَّقَانِ . فَإِنَّهُ قَالَ : لَوْ أَدْلَى لَهَبَطَ ؛ أَيْ لَوْ فُرِضَ أَنَّ هُنَاكَ إدْلَاءً لَفُرِضَ أَنَّ هُنَاكَ هُبُوطًا وَهُوَ يَكُونُ إدْلَاءً وَهُبُوطًا إذَا قُدِّرَ أَنَّ السَّمَوَاتِ تَحْتَ الْأَرْضِ وَهَذَا التَّقْدِيرُ مُنْتَفٍ ؛ وَلَكِنَّ فَائِدَتَهُ بَيَانُ الْإِحَاطَةِ وَالْعُلُوِّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَهَذَا الْمَفْرُوضُ مُمْتَنِعٌ فِي حَقِّنَا لَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُدْلِيَ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَهْبِطَ عَلَى اللَّهِ شَيْءٌ لَكِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْرُقَ مِنْ هُنَا إلَى هُنَاكَ بِحَبْلِ وَلَكِنْ لَا يَكُونُ فِي حَقِّهِ إدْلَاءً فَلَا يَكُونُ فِي حَقِّهِ هُبُوطًا عَلَيْهِ . كَمَا لَوْ خَرَقَ بِحَبْلِ مِنْ الْقُطْبِ إلَى الْقُطْبِ أَوْ مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ إلَى مَغْرِبِهَا وَقَدَّرْنَا أَنَّ الْحَبْلَ مَرَّ فِي وَسَطِ الْأَرْضِ فَإِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَا فَرْقَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ مِنْ أَنْ يَخْرُقَ مِنْ جَانِبِ الْيَمِينِ مِنَّا إلَى جَانِبِ الْيَسَارِ أَوْ مِنْ جِهَةِ أَمَامِنَا إلَى جِهَةِ خَلْفِنَا أَوْ مِنْ جِهَةِ رُءُوسِنَا إلَى جِهَةِ أَرْجُلِنَا إذَا مَرَّ الْحَبْلُ بِالْأَرْضِ فَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ قَدْ خَرَقَ بِالْحَبْلِ مِنْ جَانِبِ الْمُحِيطِ إلَى جَانِبِهِ الْآخَرِ مَعَ خَرْقِ الْمَرْكَزِ وَبِتَقْدِيرِ إحَاطَةِ قَبْضَتِهِ بِالسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَالْحَبْلُ الَّذِي قُدِّرَ أَنَّهُ خَرَقَ بِهِ الْعَالَمَ وَصَلَ إلَيْهِ وَلَا يُسَمَّى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ إدْلَاءً وَلَا هُبُوطًا . وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا فَإِنَّ مَا تَحْتَ أَرْجُلِنَا تَحْتٌ لَنَا وَمَا فَوْقَ رُءُوسِنَا فَوْقٌ لَنَا وَمَا نُدْلِيهِ مِنْ نَاحِيَةِ رُءُوسِنَا إلَى نَاحِيَةِ أَرْجُلِنَا نَتَخَيَّلُ أَنَّهُ هَابِطٌ فَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ أَحَدَنَا أَدْلَى بِحَبْلِ كَانَ هَابِطًا عَلَى مَا هُنَاكَ لَكِنَّ هَذَا تَقْدِيرٌ مُمْتَنِعٌ فِي حَقِّنَا وَالْمَقْصُودُ بِهِ بَيَانُ إحَاطَةِ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَمَا بَيَّنَ أَنَّهُ يَقْبِضُ السَّمَوَاتِ وَيَطْوِي الْأَرْضَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ بَيَانُ إحَاطَتِهِ بِالْمَخْلُوقَاتِ . وَلِهَذَا قَرَأَ فِي تَمَامِ هَذَا الْحَدِيثِ { هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } . وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَإِنَّ التِّرْمِذِيَّ لَمَّا رَوَاهُ قَالَ : وَفَسَّرَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ هَبَطَ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ وَبَعْضُ الْحُلُولِيَّةِ والاتحادية يَظُنُّ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى قَوْلِهِمْ الْبَاطِلِ ؛ وَهُوَ أَنَّهُ حَالٌّ بِذَاتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَأَنَّ وُجُودَهُ وُجُودُ الْأَمْكِنَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ . وَالتَّحْقِيقُ : أَنَّ الْحَدِيثَ لَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ ثَابِتًا فَإِنَّ قَوْلَهُ : { لَوْ أَدْلَى بِحَبْلِ لَهَبَطَ } يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمُدْلِي وَلَا فِي الْحَبْلِ وَلَا فِي الدَّلْوِ وَلَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَأَنَّهَا تَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ ؛ وَكَذَلِكَ تَأْوِيلُهُ بِالْعِلْمِ تَأْوِيلٌ ظَاهِرُ الْفَسَادِ مَنْ جِنْسِ تَأْوِيلَاتِ الجهمية ؛ بَلْ بِتَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ يَكُونُ دَالًّا عَلَى الْإِحَاطَةِ . وَالْإِحَاطَةُ قَدْ عُلِمَ أَنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَيْهَا وَعُلِمَ أَنَّهَا تَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّة وَلَيْسَ فِي إثْبَاتِهَا فِي الْجُمْلَةِ مَا يُخَالِفُ الْعَقْلَ وَلَا الشَّرْعَ ؛ لَكِنْ لَا نَتَكَلَّمُ إلَّا بِمَا نَعْلَمُ وَمَا لَا نَعْلَمُهُ أَمْسَكْنَا عَنْهُ وَمَا كَانَ مُقَدِّمَةُ دَلِيلِهِ مَشْكُوكًا فِيهَا عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَشُكَّ فِيهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ وَإِلَّا فَلْيَسْكُتْ عَمَّا لَمْ يَعْلَمْ . قال أسامة بن عطايا العتيبي مستنتجا بعض الفوائد من حديث الإدلاء الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فهذه فوائد تتعلق بمعنى حديث الإدلاء بما تكلم به الراسخون في العلم من القدماء والمعاصرين : 1- قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو ضمن كلام طويل في بيان تلبيس الجهمية-المجلد الرابع من المحققة من أوله، و(ص/34، 39، وغيرها)، وكذلك نحوه في مجموع الفتاوى(6/571) وقد نقل بعضه الأخ حمزة وفقه الله 2- ذكر ابن القيم في الصواعق كما في مختصرة(2/626-631) في آخر كلامه عن المثال التاسع في المعية كلاماً طويلاً حول هذا الحديث سنداً ومتناً فكان مما قاله: [فقوله " لو دليتم بحبل لهبط على الله " اذا هبط في قبضته المحيطة بالعالم فقد هبط عليه والعالم في قبضته وهو فوق عرشه ولو ان احدنا امسك بيده او برجله كرة قبضتها يده من جميع جوانبها ثم وقعت حصاة من اعلى الكرة الى اسفلها لوقعت في يده وهبطت عليه , ولم يلزم من ذلك ان تكون الكرة والحصاة فوقه وهو تحتها , ولله المثل الاعلى وانما يؤتى الرجل من سوء فهمه او من سوء قصده [أو] من كليهما , فاذا هما اجتمعا كمل نصيبه من الضلال. واما تأويل الترمذي وغيره له بالعلم فقال شيخنا : هو ظاهر الفساد من جنس تأويلات الجهمية بل بتقدير ثبوته , فانما يدل على الاحاطة , والاحاطة ثابتة عقلا ونقلا وفطرة كما تقدم.. ] 3- في مجموع فتاوى ورسائل شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( 1/ 89) (60) وسئل: عن صحة حديث "لو دليتم بحبل إلى الأرض السابعة لوقع على الله " ؟ وما معناه؟ فأجاب بقوله: [هذا الحديث اختلف العلماء في تصحيحه، والذين قالوا : إنه صحيح يقولون : إن معنى الحديث لو أدليتم بحبل لوقع على الله عز وجل لأن الله تعالى محيط بكل شيء، فكل شيء هو في قبضة الله سبحانه وتعالى وكل شيء فإنه لا يغيب عن الله تعالى، حتى إن السماوات السبع والأرضين السبع في كف الرحمن عز وجل كخردلة في يد أحدنا يقول : الله تعالى في القرآن الكريم: (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون). ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون دالاً على أن الله سبحانه وتعالى في كل مكان، أو على أن الله تعالى في أسفل الأرض السابعة فإن هذا ممتنع شرعاً، وعقلاً، وفطرة، لأن علو الله سبحانه وتعالى قد دل عليه كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والإجماع، والعقل، والفطرة. فمن الكتاب: قوله تعالى: (وهو القاهر فوق عباده). وقوله: (سبح اسم ربك الأعلى) والآيات في هذه كثيرة جداً في كتاب الله فكل آية تدل على صعود الشيء إلى الله، أو رفع الشيء إلى الله، أو نزول الشيء من الله فإنها تدل على علو الله عز وجل. وأما السنة: فإنها متواترة على علو الله عز وجل والسنة دلت على علو الله عز وجل من قول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله وإقراره. قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء " . فهذا قول منه صلى الله عليه وسلم يدل على علو الله عز وجل وخطب النبيصلى الله عليه وسلم في أمته يوم عرفة فقال لهم: " ألا هل بلغت" ؟ قالوا: نعم. فرفع إصبعه إلى السماء يقول :: " اللهم اشهد". فهذا فعل منه صلى الله عليه وسلم يدل على علو الله عز وجل وإقراره حين سأل الجارية "أين الله " قالت : في السماء . قال : " أعتقها فإنها مؤمنة ". وأما الإجماع: فقد أجمع الصحابة والتابعون لهم بإحسان من أئمة هذه الأمة وعلمائها على أن الله سبحانه وتعالى فوق كل شيء، ولم ينقل عنهم حرف واحد أن الله ليس في السماء، أو أنه مختلط بالخلق أو أنه لا داخل العالم ولا خارجه، ولا متصل، ولا منفصل، ولا مباين، ولا محاذٍ، بل النصوص عنهم كلها متفقة على أن الله تعالى في العلو وفوق كل شيء. أما العقل: فقد دل على علو الله بأن نقول : هل العلو صفة كمال أو السفل؟ الجواب بالعلو والله عز وجل قد قال في كتابه: ( ولله المثل الأعلى) فكل وصف أكمل فهو الله عز وجل وإذا كان العقل يدل على أن العلو كمال وجب أن يثبت العلو لله عز وجل وتقرير ذلك أن يقال : : إن الله عز وجل إما أن يكون في الأعلى، أو في الأسفل، أو في المحاذي ففي الأسفل مستحيل لنقصه، وفي المحاذي مستحيل أيضاً لنقصه، لأنه يلزم أن يكون مساوياً للمخلوق، فلم يبق إلا العلو فالله عال فوق كل شيء. أما الفطرة: فإن كل إنسان مفطور على أن الله تعالى في السماء تجد الإنسان يقول : : يا الله ويتجه إلى السماء فما يجد في قلبه ضرورة إلا إلى العلو. إذاً فنحن نقول: إن الله تعالى فوق كل شيء، وإذا كان فوق كل شيء فإنه لا يمكن أن يكون المراد بهذا الحديث "لو دليتم بحبل إلى الأرض السابعة لوقع على الله" أن الله في الأرض فإن قيل: هل قوله تعالى وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم) يقتضي أن الله في الأرض كما هو في السماء؟ فالجواب: لا لأن الله تعالى يخبر عن الألوهية، ولا يخبر عن مكانه أنه في السماء والأرض، لكن يخبر أنه إله في السماء وإله في الأرض، كما تقول : فلان أمير في مكة وأمير في المدينة، فالمعنى أن إمارته ثابتة في مكة وفي المدينة وإن كان هو قطعاً في أحد البلدين وليس فيهما جميعاً. فهذه الآية تدل على أن ألوهية الله ثابتة في الأرض وفي السماء، وإن كان هو سبحانه وتعالى في السماء] فهذه أقوال أئمة راسخين في العلم وهناك غيرهم لم أنقل كلامهم بعدُ تكلموا في شرح هذه الأثر شرحاً سلفياً ذكرت خلاصته في شرحي لمقدمة ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله.. فبعض الشباب استغربوا كلامي مع أنه كلام أئمة أهل السنة ، وبعضهم حاول التشغيب هنا وهناك هداه الله واصلحه ولا أعني به الأخ أبا الفداء .. فهل في كلام شيخ الإسلام وابن القيم وابن عثيمين تشبيه أو ضرب الأمثال لله وخاصة في كلام ابن القيم؟!! أرجو إيصال كلام الأئمة للشيخ الفاضل فلاح إسماعيل حفظه الله .. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد منقول من سحاب
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 12 | |||
|
![]() من الذي خلق السماء ؟ |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 13 | |||
|
![]() بارك الله فيك.
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 14 | ||||
|
![]()
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 15 | ||||
|
![]() اقتباس:
حتى و لو كان المقصود من الآية هو الله تعالى، لا أحد يقول أن الله في السماء لها نفس المعنى مثل النجم في السماء فإذا قيل أن الله في السماء كما يليق بجلاه رجعنا إلى التفويض |
||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
الجيش, والمكان, والجمال, والجهة |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc