لم يكن النظام يحلم أن يتمتع بالشرعية التي تمتع بها في انتخابات 10 ماي 2012 بل كانت التطورات هنا وهناك وكثرة المتربصين تثير شكوكه و مخاوفه ولكنه بحسن تدبيره وذكائه ودهائه استطاع أن يثبت للعالم بأنه شرعي و بأنه الممثل الوحيد للشعب لكل من يؤمن بالديمقراطية في الجزائر و كان المقاطعون أكبر ورقة رابحة لصالحه.
نعم ان دعاة المقاطعة قد خدموا النظام و أعطوه الشرعية التي يحتاجها و أنقذوه من مأزق كان يخشاه فهؤلاء قد قاطعوا فرصة ذهبية للتغيير الذي كان ينشده الشعب خصوصا أن الانتخابات جرت في ظروف استثنائية إذا علمنا كثرة عدد المراقبين الدوليين وتغلغلهم حتى في العمق الجزائري و هو ما حدث لأول مرة في الجزائر.
نعم كانت نسبة المشاركة المرتفعة ستحدث البلبلة و كانت لو حدثت ستجعل البرلمان القادم متنوعا و ربما لو حدثت كانت ! لتجعل الأغلبية ليست لصالح النظام ولو ولو ولو... ولكن لنترك اللولوات جانبا.. !! و لنتمعن في قيمة الهدية التي قدمها دعاة المقاطعة للنظام.
المقاطعة في الديمقراطية هي عمل سلبي لا يأتي بالتغيير ولا يأتي بالجديد ولكن النظام استغلها ليغربل من هو معه ممن هو ضده وبمعادلة بسيطة يمكن أن نستخلص النتيجة فأغلبية الذين مع النظام شاركوا و انتخبوا معه و الذين ضده اكتفوا بالسلبية وأعدموا أصواتهم و النتيجة الأغلبية لصالح النظام كما تقوله الأعراف و القوانين الديمقراطية . ولن يجد هذا النظام صعوبة في إقناع الآخرين (الغرب خاصة ) بأن المقاطعين هم من الذين لا يؤمنون بالديمقراطية ولا يؤمنون بممارستها و بأنهم
أصحاب فكر رجعي راديكالي و أنه سيسعى جاهدا لغرس الديمقراطية و قيمها في عقولهم و تغيير ذهنياتهم المتحجرة... !!
و باختصار إن الذين قاطعوا النظام في الظاهر قد تقاطعوا معه في الباطن...!
وأني أرفع قبعتي لهذا النظام الذي بين أنه أذكى و أدهى مما كنا نتوقع و اهنئ نفسي بهذا الشعب الذي أدركت أخيرا أنه أغبى مما كنت أخشى...!