كتبت لأخ أني لا أجيد فن و علم الخطابة،
كما لا أتقن السباحة إلا في المياه الضحلة،
أنا أعتدت العوم على الشاطئ بين الصدفات و الرملة
و أنتم يا أحبائي شعراء البحار و المحيطات
تغوصون في الأعماق تداعبون الحيتان وتلاعبون القروش و أنتم لها أسيادا،
تتجولون في الأبراج و تتلاقون قرب النجوم
و بلمح البصر تكونون على سطح الأرض في حفل أو مع موكب عروس،
أنتم يا زميلي بجرة قلم و ما أدراك ما القلم سَقََطت أباطرة و ذَلتْ قياصرة،
يتقرب إليكم الحكام و يتودد إليكم الملوك،
و تتملق لكم الثعالب و الذئاب من البشر
و لا تضربون خصومكم بالحجر، و إنما بمن كان يوما غصن شجر،
ألم يقسم عز من قائل " ن و القلم " فسلاحكم هو: ق، ل، م ،
و كل هذا يكون بروعة بيان الكلام و بكلمات قصيرات
رائعات جميلات لكنها معبرات ،
هي ألذ و أشهى من العسل لمن تحبونه،
و هي أمر من الحنظل أو العلقم لمن تكرهونه ،
ذوقها و توابل و بهارات نكهاتها بأيديكم ،
التحكم في طعمها لا يحتاج إلى أمهر طباخي العالم،
و إنما فقط إلى خفة أنامل أصابعكم،
و بحركة قلم يكون الحلو مرا و المر حلاوة ،
كالعبد المطيع و الكلب الأمين والعاشق الأنيس،
يلبي القلم بين الأصابع الأوامر من السيد ،
و أنتم السادة يا من تربى على فنون و علم القلم،
فكيف تريدني أن أجالسكم أو أعاشركم و لا تأخذني منكم خِيفة،
إن كنت أخفيتها خُفية منكم فقلمكم يرصدني
دعوني أعود إلى مدرستي و أبدأ العلم من الأول،
و أسهر الليالي و أصاحب العالم و أصطحب الكتب،
أتمرن مصاحبة القلم و لا أنقطع في التودد إليه بالنوافل،
أجهد نفسي و اجتهد في الخطاب و أجاهد غول الجهل،
و سيكون للرأس شيبا و للظهر تقوسا و للعمر كذا حول،
من أجل أن أقترب منكم أو أكون من الأهل ليس بسهل،
هذا رأيي لمن تعلم في صغره الخطاب و البيان وفصل القول.
تستحقون التكريم و أنتم أهل الكرم و لكم منا الود و التبجيل،
إن خذلتكم بقولي فأنا أحق باللوم و أعاتب نفسي بالعويل
و بالنصح لي و حسن النصيحة أنتم لستم بأهل البخل