هل المسلم ملزم باتباع مذهب معين ؟ - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام > أرشيف القسم الاسلامي العام

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

هل المسلم ملزم باتباع مذهب معين ؟

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2008-12-15, 11:02   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ميمونة 25
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










B18 هل المسلم ملزم باتباع مذهب معين ؟

السؤال
هل الإنسان ملزم باتباع مذهب معين، وهناك كتاب عنوانه: (اللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية)، هل ألا المذهبية بدعة، وكتاب آخر عنوانه (السلفية مرحلة متميزة مباركة ولكنها ليست مذهباً إسلامياً)، ما هو رأيكم فيما سبق؟ جزاكم الله خيراً، والكتابان الذين ذكرتهما لعالم كبير
الجواب



المذهبية ليست بلازمة، ومن قال أنه يلزم الناس أن يتمذهبوا كمذهب أحمد, أو مالك, أو الشافعي فقوله غير صحيح, فالمذاهب جديدة حدثت بعد الصحابه و بعد التابعين, فليست لازمة لأحد إنما هي أقوال علماء اشتهروا ودونت أقوالهم,

فاشتهرت هذه المذاهب كأحمد-رحمه الله-ومالك-رحمه الله-والشافعي-رحمه الله-وأبو حنيفة-رحمه الله-علماء من جنس الثوري, ومن جنس الأوزاعي، ومن جنس إسحاق بن راهويه, وكما أنه لا يلزمنا أن نأخذ أقوال الثوري, أو ابن عيينة, أو إسحاق, أو الأوزاعي, أو غيرهم,

فهكذا لا يلزمنا أن نأخذ قول أحمد, أو مالك, أو الشافعي, أو أبي حنيفة, ولكن ننظر في مسائل الخلاف فما وافق الحق من أقوالهم أخذناه وما خالفه تركناه, وما أجمع عليه العلماء وجب الأخذ به ولم يكن هناك عذر في مخالفته, ما أجمعوا عليه وجب الأخذ به والتمسك به, وما اختلفوا فيه وجب عرضه على الكتاب والسنة كما قال الله-عزوجل-: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ،


فما وافق الكتاب والسنة أخذناه, وما خالفهما تركناه,

وقول من قال ألا مذهبية هذا إن أراد ألا يجب التمذهب وليس بلازم فهو صحيح, وإن أراد أنه لا يجوز أن ينتسب فليس بصحيح يجوز أن ينتسب الأنسان إلى شافعياً, أو حنبلياً, أو مالكياً, أو حنفياً؛ لأنه نشأ على ذلك, وتعلم على مشائخهم ونحو ذلك لا بأس أن ينتسب, الانتساب لا يضر إنما المهم ألا يقلد أو يتعصب, فمتى ظهر الحق أخذ به ولو في غير مذهبه, فلا يجوز التعصب و التقليد الأعمى,


فإن أراد من قال ألا مذهبية وأراد ألا تعصباً ولا تقليد أعمى فهذا صحيح, أما إذا أراد أنه لا يجوز الانتساب إلى هذه المذاهب هذا مخالف لما عليه أهل العلم ولا وجه له, إنما المنكر التعصب لزيد أو عمر, ولو قال خطأً, والتقليد الأعمى الذي ليس معه نظر ولا تفكير في الأدلة هذا هو الممنوع, وأما كونه ينتسب لمذهب لكنه يخالفه فيما خالف الحق ويأخذ بالحق مع من كان هذا صواب,


وأما السلفية

فالمعنى فيها سلوك مسلك السلف في أسماء الله وصفاته, والإيمان بها, وإمرارها كما جاءت من غير تحريف, ولا تعطيل, ولا تكييف, ولا تمثيل والأخذ بالدليل, وعدم التقليد الأعمى و التعصب هذا مراد السلفية, فالسلفية هي طريق النبي - صلى الله عليه وسلم - , وطريق أصحابه، هي الطريقة المحمدية إذا صار أهلها عندهم علم وعندهم بصيرة؛ لأنه قد يدعي السلفية من هو جاهل فالاعتبار بمن أتقن علم السنة, وعرف علم السنة, واتبع ما كان عليه الرسول وأصحابه, هذا هو السلفي الذي يعتني بما عليه السف الصالح,

ويسير على نهجهم فيأخذ بالدليل, ويؤمن بآيات الله, وأسمائه, وصفاته, ويسير على نهج السلف في إثبات أسماء الله وصفاته, و الوجه اللائق بالله, ويقول أن القرآن كلام الله وليس مخلوق, ويقول إن الله يرى يوم القيامة, وفي الجنة يراه المؤمنون, كل هذا حق كل هذا قول السلف الصالح, وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم – وأصحابه,


فالسلفي هو الذي ينتسب إلى سلف الأمة وهم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - , وأتباعهم بإحسان, فإن كان فاهماً, و ملتزماً بما عليه السلف فهو صادق, وإن كان يقوله باللسان ولكنه لا يؤثره بالعمل يكون كاذباً في قوله فلا بد من الصدق .


الشيخ ابن باز








 


قديم 2008-12-15, 11:03   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ميمونة 25
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله

سؤالي هو:

نحن الجزائريين على المذهب المالكي وبالطبع للمذهب احكام في العبادات لكني احيانا اقرا فتاوى لعلماء امثال الشيخ ابن باز لا اراها توافق المذهب المالكي
على سبيل المثال دعاء الاستفتاح في الصلاة فعند المالكية غير وارد اما في فتاوى الشيخ رحمه الله مذكور
فهل اتبع المذهب المالكي وما ينص عليه ام اني اتبع ما يقوله الشيخ ابن باز؟
مع اني قرات انه لا يتبع مذهب معين بل فتاويه تنظر الى الاصلح
ارجو التوضيح وجزاكم الله خيرا



____________________________



الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا

أولاً :


أئمة المذاهب هم علماء أجلاّء يجب أن يُعرف لهم فضلهم .
والناس فيهم طرفان ووسط !
فطرف لا يخرج عن أقوالهم قيد أنملة !
وطرف لا يعبأ بأقوال ألأئمة .

والوسط أن يُعرف للأئمة قدرهم ، ويؤخذ بأقوالهم وبما فهموه من النصوص ، إلاّ أنه لا يُجاوز فيهم قدرهم ، ولا يُغلى في أشخاصهم .

فإذا جاء الحديث وصحّ إسناده ، وجب الرجوع إليه ، وتقديمه على أقوال الأئمة .

وإلى هذا دعا الأئمة الأربعة .

قال الإمام أبو حنيفة : إذا صحّ الحديث فهو مذهبي .
وقال أيضا : لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه .
وقال أيضا : إذا قلت قولاً يُخالف كتاب الله تعالى وخبرِ الرسول صلى الله عليه وسلم فاتركوا قولي .
وقال الإمام مالك : إنما أنا بشر أخطئ وأصيب ، فانظروا في رأيي فكلّ ما وافق الكتاب والسنة فخذوه ، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه .
وقال أيضا : ليس أحدٌ بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما الإمام الشافعي فقال : أجمع المسلمون على أن من استبان له سُنةٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحِلّ له أن يدعها لقول أحد .
وقال أيضا : إذا وجدتم في كتابي خلاف سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوا ما قلت .
وقال الإمام أحمد : من ردّ حديثَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلَكَة
وقال أيضا : لا تقلد في دينك أحداً من هؤلاء ، ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابهِ فخُذ به .
قال الحميدي : روى الشافعي يوماً حديثاً ، فقلت : أتأخذ به ؟ فقال : رأيتني خرجت من كنيسة ، أو عليَّ زُنّارٌ حتى إذا سمعتُ عن رسول صلى الله عليه وسلم حديثاً لا أقول به .

إلى غير ذلك من أقوالهم الكثيرة المشهورة .

ثانيا :

دأب كِبار أتْبَاع الأئمة إلى ترك أقوال الإمام الْمُتَّبَع إذا رأى غيره أرجح منه ، أو كان قول غيره يعضده الدليل ، وسار على هذا المنهج :

ابن عبد البر القرطبي ، وكذلك القرطبي في تفسيره ، وكلاهما مالكي المذهب .
ابن قدامة ، وهو حنبلي المذهب .
النووي حجر ، وهما شافعيان المذهب .

فليس في ترك قول للإمام لِدليل استبان أو لحجّة أقوى – ليس فيه إزراء بالإمام . بل هو من كما اتِّبَاعه ؛ لأنه ما من إمام من الأئمة دعا إلى الأخذ بأقواله في كل مسألة .

ولذلك لَمَّا ألّف الإمام مالك كتابه " الموطأ " أراد المنصور أن يُلزِم الناس به فرفض الإمام مالك .

روى ابن سعد أن المنصور لَمَّا حَج دعا الإمام مالك ، قال : فدخلت عليه فحادثته وسألني فأجبته ، فقال : عزمت أن آمر بكتبك هذه - يعني الموطأ - فتُنْسَخ نسخا ثم ابعث إلى كل مِصر من أمصار المسلمين بنسخة ، وآمرهم أن يعملوا بما فيها ويدعوا ما سوى ذلك من العلم الُْمُحْدَث فإني رأيت أصل العلم رواية أهل المدينة وعلمهم . قلت : يا أمير المؤمنين لا تفعل ! فإن الناس قد سيقت إليهم أقاويل ، وسمعوا أحاديث ، ورَوَوا روايات ، وأخذ كل قوم بما سيق إليهم ، وعَمِلوا به ودانوا به من اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم ، وإن ردهم عما اعتقدوه شديد ، فَدَع الناس وما هم عليه ، وما اختار أهل كل بلد لأنفسهم . فقال : لعمري لو طاوعتني لأمرتُ بذلك .

ثالثا :

من استبانت له سُنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يجوز له تركها لأنه إماما من الأئمة لم يأخذ بها .
وقد يقول بعض الناس : كيف تخفى تلك السنة أو المسألة على الإمام ؟
أو يقول : لا يُمكن أن يخفى ذلك على إمام جبل في العِلْم !

والجواب عنه
:

أنه ما من إمام يزعم أنه جمع العلم كله .
بل إن كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما خفيت عليهما مسائل من مسائل العلم ، ورجعوا إلى من هو أعلم منهم .

مع أن بعض الأئمة كانت تخفى عليه بعض الأحاديث ، وذلك أن تدوين السنة إنما اشتهر وانتشر وعُرِف بعد انقراض أزمنة الأئمة .

فالكتب الستة إنما أُلِّفَت بعد الأئمة .

كما أنه ليس من شرط الإمامة عند أهل السنة أن لا يُخطئ الإمام !
وبعض الأئمة كان يُفتي زمانا بفتوى ، ثم لَمَّا استبان له الدليل ترك تلك الفتوى إلى خلافها .
بل إن الإمام الشافعي له مذهب قديم وآخر جديد ، والجديد بعد رحلته إلى مصر ، وما ترك مذهبه القديم إلاّ لِمَا استبان له من دليل .

فمن أخذ بقول عالم في مسألة ، وكان ذلك العالم ليس على مذهب الْمُتَّبِع ، لم يكن ذلك قَدْحا في إمامه ، بل ولا خروجا عن مذهبه ؛ لأن الْحُكم للغالب .

والله تعالى أعلم .

الشيخ السحيم









قديم 2008-12-15, 11:04   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
ميمونة 25
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

مفاسد التعصب


[للشيخ ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله-]




نصوص كثيرة ردت وهي في غاية الوضوح ... من أجل ماذا ؟ وما الذي حملهم على ردها أو تأويلها أو تحريفها ؟ إنما هو ذلكم الداء المقيت داء التعصب والعصبية العمياء ، والعياذ بالله وقد ذكر بعض العلماء ومنهم ابن القيم المفاسد التي تردى فيها المتعصبون للمذاهب فقال منها :


أولا : مخالفة النصوص الثابتة من الكتاب والسنة تعصبا للمذاهب ، وتقديم الرأي المحض أحيانا عليها .


ثانيا : كثرة الأحاديث الضعيفة والموضوعة والاحتجاج بها واستنباط الأحكام منها، حملهم التعصب وبعضهم يكذب ويفتري نصرة لمذهبه ، وكتب مصطلح الحديث فيها أمثلة من هذه النماذج لهؤلاء المتعصبين .

ثالثا : تقديم أقوال العلماء المتأخرين على أقوال الأئمة المتقدمين ، وقد أنحى أبو شامة في كتابه المؤمل باللائمة على أهل مذهبه الشافعية ، قال : إن الشافعية الأولين كانوا يتعصبون لأقوال أئمتهم لكن يأخذون من قول المزني وقول غيره وقد يردون أقوال بعض الصحابة وبعض التابعين ثم جاء المتأخرون فردوا كلام المزني وغيره وتعلقوا بكلام الغزالي وأمثاله وأنحى عليهم باللائمة في الكتاب وبين ما تردت إليه أوضاعهم وأحوالهم التي جرهم إليها التعصب الأعمى، والعياذ بالله.

رابعا : الانحباس في مذهب واحد وعدم الاستفادة من علم المذاهب الأخرى وجهود رجالها وكتبها تعصبا لمذهب معين .

خامسا : خلو كثير من الكتب المذهبية من الأدلة الشرعية ، ورغبة كثير عن دراسة الكتاب والسنة الى هذه الكتب .

سادسا : شيوع التقليد والجمود وإقفال باب الاجتهاد .

وقد اختلفت دعوى إقفال باب الاجتهاد متى كان هذا الإقفال ؟


فمنهم من يقول على رأس المائتين أغلق باب الاجتهاد ، ومنهم من يقول على رأس الأربعمائة ، ومنهم من يقول أغلق باب الاجتهاد على أحمد بن حنبل ، إلى آخر الأقوال القائمة على الجهل والهوى والتي دفع إليها التعصب الأعمى ، وإلا فكتاب الله هذا الكتاب الخالد كيف يقصر فهمه على أناس معينين وتقصر فائدته إلى أمد قصير ؟ ثم تعطل العقول ويضرب الله عليها الأقفال حتى لا يفهم الناس شيئا من دين الله تبارك وتعالى .


هذه دعوى إغلاق باب الاجتهاد مآلها أن حطم العقل الإسلامي ووقف سير المد الإسلامي في الفتوحات وفي العلوم الإسلامية نفسها وجنى على الأمة الإسلامية جناية خطيرة مما جعلها في مؤخرة الأمم .

إن أعداء الإسلام قد سخروا هذا الطاقات العقلية في مصالحهم فاخترعوا من المخترعات ما تعرفونه وما هو موجود الآن بين أيدينا ، فمنها السيارات ومنها الصواريخ ومنها آلات الزراعة وآلات الصناعة وآلات الحرب وأشياء لا حد لها، كيف يمنح الله أعداء الإسلام من يهود ونصارى وشيوعيين هذه العقول الجبارة فتخترع هذه الاختراعات المذهلة ثم يغلق الله على قلوبنا ويجعل عليها أقفالاً فلا نفهم كتاب الله ولا نفهم سنة رسول الله ولا نفهم شيئاً من أمور الحياة ؟ .

إنها لجناية كبيرة على الأمة الإسلامية سببت من الآثار الخطيرة المدمرة في حياة المسلمين ما يعيشونه الآن من تخلف فكري وعقلي في ميادين الدين والدنيا، نسأل الله تبارك وتعالى أن ينجد المسلمين ، وأن يغيثهم من هذه الكبوة وهذه الهوة التي وقعوا فيها ، وأن يهيئ لهم دعاة مخلصين لينقذوهم من هذا البلاء المدمر الذي ما هو إلا ثمرة من ثمار التعصب الأعمى والجمود أدى بهم إلى أشياء مضحكة كأن يتمسك الإنسان بجملة من النص ويحتج بها ويكون في الحديث جملة أخرى تدل على شيء يخالف مذهبه فيأخذ بما يوافق مذهبه من هذا النص المعين ويرد من هذا النص ما يخالف مذهبه .

سابعا : التشدد في بعض المسائل مما فيه عنت كبير على الناس ومما يجر عليهم وسوسة وما شابه ... تجدون ذلك في النية مثلاً.


حتى إنك لتقف في كثير من المساجد فلا تهنأ بالصلاة ولا تستحضر عظمة الله ولا تستطيع الخشوع فيها لأن بجانبك من يوسوس "الله أكبر ... الله أكبر ـ يزيد التكبير عشرات المرات ـ نويت نويت نويت" فهذه المذهبية والتعصب العقائدي والتعصب المذهبي ولهم ردود ومؤلفات كثيرة وممن تكلم عن هذا البلاء الخطير وعما انحدر عليه المتعصبون للمذاهب الفخر الرازي عند تفسير قوله تعالى(( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم و ما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه وتعالى عما يشركون )) (1).

قال عند تفسير هذه الآية عن أحد شيوخه المحققين "قرأت عليهم آيات كثيرة من كتاب الله في بعض المسائل وكانت مذاهبهم بخلاف تلك الآيات .. فلم يلتفتوا إلهيا وبقوا ينظرون إلي كالمتعجب ، يعنى كيف يمكن العمل بظاهر هذه الآيات مع أن الرواية عن سلفنا وردت بخلافها(2).

هذه من أئمة الشافعية يشهد على أناس من أهل المذاهب أنهم يردون آيات قرآنية وإذا احتج الإنسان بالآيات يبهتون ويقفون مشدوهين كيف يمكن العمل بهذه الآيات وهي تخالف مذهبنا ؟ فهذا الرازي منتم لمذهب الشافعي لكن لا ينحدر به التعصب الأعمى إلى المنحدر الذي يهوى إليه كثير من المتعصبين . كذلك أبو شامة والنووي وابن حجر يعالجون بعض هذه القضايا .

أما ابن القيم رحمه الله وغيره فقد كتبوا في ذلك المؤلفات ، وما كتاب (إعلام الموقعين) للإمام ابن القيم ـ في أربعة مجلدات ـ إلا علاج لهذا البلاء الخطير ، بلاء التعصب الأعمى والتقليد الأعمى .

قال الفخر الرازي : (ولو تأملت حق التأمل لوجدت هذا الداء ساريا في عروق الأكثر من أهل الدنيا داء التعصب للمذاهب وللرأي وللفكر وللسياسة وللحزب سار في أكثر الناس ـ وكيف لو رأى وعايش وعاصر هذا الوقت ورأى فيه العجائب مما هو أدهى وأمر مما كان حاصلاً في عهده ؟

وقال بعد ذلك : ليس المراد من الآيات أنهم اعتقدوا فيهم أنهم آلهة العالم ، بل المراد أنهم أطاعوهم في أوامرهم ونواهيهم ، ثم ذكر أوجهاً ثلاثة أخرى وقال : وكل هذه الوجوه الأربعة مشاهد وواقع في هذه الأمة) (3) أهـ .

وقد سبقه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال لعدي بن حاتم حينما دخل عليه وهو يتلو : (( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم ….)) الآية فقال يا رسول الله : (لسنا نعبدهم ، قال : أليس يحلون لكم ما حرم الله فتحلونه ويحرمون ما أحل الله فتحرمونه ؟ قال : بلى ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : فتلك عبادتهم(4).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في معنى قوله تعالى : ((اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله)) وهؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله يكونون على وجهين :

الأول : أن يعلموا أنهم بدلوا دين الله فيتبعونهم على هذا التبديل فيعتقدون تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله اتباعاً لرؤسائهم مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل فهو كفر ، وقد جعله الله ورسوله شركاً ، وإن لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم فكان من أتبع غيره في خلاف الدين ، مع علمه أنه خلاف للدين واعتقد ما قاله ذلك دون ما قاله الله ورسوله ، مشركا مثل هؤلاء .

الثاني : أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحرام وتحليل الحلال ثابتاً . لكنهم أطاعوهم في معصية الله كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاصي فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب ، كما قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إنما الطاعة في المعروف)(5).

ثم ذلك المحرم للحلال والمحلل للحرام إن كان مجتهداً قصده اتباع الرسل لكن خفي عليه الحق في نفس الأمر وقد اتقى الله ما استطاع فهذا لا يؤاخذه الله بخطئه بل يثيبه على اجتهاده الذي أطاع به ربه .

ولكن من علم أن هذا أخطأ فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ثم اتبعه على خطئه وعدل عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا له نصيب من هذا الشرك الذي ذمه الله ، لاسيما إن اتبع في ذلك هواه ونصره باليد واللسان ، مع علمه أنه مخالف للرسول صلى الله عليه وسم فهذا شرك يستحق صاحبه العقوبة عليه .

ولهذا اتفق العلماء على أنه إذا عرف الحق لا يجوز له تقليد أحد في خلافه ، وإنما تنازعوا في جواز التقليد للقادر على الاستدلال وإن كان عاجزاً عن إظهار الحق الذي يعلمه فهذا يكون كمن عرف أن دين الإسلام حق وهو بين النصارى فإذا فعل ما يقدر عليه من الحق لا يؤاخذ بما عجز عنه وهؤلاء كالنجاشي وغيره.

وأما من قلد شخصاً دون نظيره بمجرد هواه ، ونصره بيده ولسانه من غير علم أن معه الحق فهذا من أهل الجاهلية ، وإن كان متبوعه مصيباً لم يكن عمله صالحاً ، وإن كان متبوعه مخطئاً كان آثماً . أهـ .

يعنى حتى لو كان متبوعه على الحق وهو تابعه بغير حجة ولا برهان فقط لأنه فلان . هذا آثم وإن كان متبوعه على الحق فيجب أن يتجرد الإنسان لله ويبحث عن الحق ويتبع أهله وينصر هذا الحق وينصر أهله ، هذا هو المطلوب من المؤمن .

وقد شاع التفرق والتحزب في هذا العصر المليء بالفتن والمكتظ بالكوارث وهو أمر خطير على الأمة في دينها ودنياها .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

"وليس للمعلمين أن يحزبوا الناس ويفعلوا مايلقي بينهم العداوة والبغضاء بل يكونون مثل الإخوة المتعاونين على البر والتقوى كما قال تعالى : ((وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )) (6). وليس لأحد منهم أن يأخذ على أحد عهداً بموافقته على كل ما يريده وموالاة من يواليه ومعاداة من يعاديه، بل من فعل هذا كان من جنس جنكيز خان وأمثاله الذين يجعلون من وافقهم صديقا ولياً ومن خالفهم عدواً بغيضاً . بل عليهم وعلى أتباعهم عهد الله ورسوله بأن يطيعوا الله ورسوله ويفعلوا ما أمر الله به ورسوله ويحرموا ما حرم الله ورسوله ويرعوا حقوق المعلمين كما أمر الله ورسوله ، فإن كان أستاذ أحد مظلوماً نصره وإن كان ظالما لم يعاونه على الظلم بل يمنعه منه ، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (انصر أخاك ظالما أو مظلوما)(7).

وهذا يكاد ينعدم الآن في الجماعات الإسلامية ينصر أخاه ظالماً أو مظلوماً على المنهج والطريق الجاهلي مع الأسف الشديد ! وهذا أمر معروف لاشك ، ولكن علينا أن نتوب إلى الله تبارك وتعالى ونرجع إلى هذا الحق الذي ربانا عليه رسول الله ، والذي يريده الله تباك وتعالى لنا أن نكون محبين للحق مناصرين له ، ثم قال بعد ذلك : فإن وقع بين معلم ومعلم وتلميذ وتلميذ ومعلم وتلميذ خصومة ومشاجرة لم يجز لأحد أن يعين أحدهما حتى يعلم الحق ، فلا يعاونه بجهل ولا بهوى بل ينظر في الأمر فإذا تبين له الحق أعان المحق منهما على المبطل سواء كان المحق من أصحابه أو أصحاب غيره ، وسواء كان المبطل من أصحابه أو أصحاب غيره ، فيكون المقصود عبادة الله وحده وطاعة رسوله واتباع الحق قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا)) (8). يقال : لوى يلوي لسانه فيخبر بالكذب ، والإعراض أن يكتم الحق فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس ، ومن مال مع صاحبه سواء كان الحق له أو عليه فقد حكم بحكم الجاهلية وخرج عن حكم الله ورسوله .

والواجب على جميعهم أن يكونوا يداً واحدة مع المحق على المبطل فيكون المعظم عندهم من عظمه الله ورسوله ، ويكون المقدم عندهم من قدمه الله ورسوله ، والمحبوب عندهم من أحبه الله ورسوله ، والمهان عندهم من أهانه الله ورسوله ، بحسب ما يرضى الله ورسوله لا بحسب الأهواء ، فإنه من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه .

فهذا هو الأصل الذي عليه الاعتماد وحينئذ فلا حاجة إلى تفرقهم وتشيعهم ، قال تعالى : ((إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء)) (9). وقال تعالى ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات )) (10) أهـ كلام ابن تيمية رحمه الله(11).

فيجب على كل مسلم أن يفتش نفسه فقد يميل إنسان إلى صاحب الحق لهوى ، فقبل أن يتبين له الحق يتمنى أن يكون فلان هو المنتصر بالحجة أو غيرها فتميل نفسه لأنه فلان ، ولو كان على الحق لا يجوز أن يوجد هذا الميل، فيقول: إذا وجد هذا الميل ولو مع صاحب الحق يكون من حكم الجاهلية ، وهذا أمر لا يخطر بالبال عند كثير من الناس .

فيجب على المسلم أن يراقب الله في القضايا المختلف فيها ، وأن يكون قصده فقط معرفة الحق سواء مع هذا أو مع ذاك .

ومن هنا يقول الشافعي : "إذا دخلت في مناظرة لا أبالي إذا كان الحق مع صاحبي أو معي" فلا يبالي ولا يتمنى أن يكون الحق معه بل يتمنى أن يكون مع صاحبه وأن تكون النصرة له ، هذا هو الخلق العالي وهذا هو الدين المستقيم .

نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من هذه النوعيات المنصفة الباحثة عن الحق، البعيدة عن الهوى وعن أساليب الجاهلية .

فالذي يلزمنا معشر الإخوة أن نفتش أنفسنا فمن وجد في نفسه شيئا من هذا المرض فعليه أن يتدارك نفسه ويقبل على العلاج الناجع ويبحث دائما على الحق لينجو بنفسه من وهدة التعصب الأعمى الذي قد يؤدي إلى الشرك بالله تبارك وتعالى أو يؤدي إلى الضلال الخطير .


هذه لمحات موجزة عن التعصب وما أدى ويؤدي إليه من نتائج وخيمة كفى الله الأمة الإسلامية شرها ووفقها للعودة إلى كتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم ومنهج سلفها الصالح ، وأخذ بناصيتها إلى كل خير ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


___________
(1) التوبة آية 31.


(2) التفسير الكبير : (16/39).

(3) التفسير الكبيرة : (16/39).

(4) رواه الترمذي : كتاب التفسير (3095) ، وحسنه الشيخ الألباني في غاية المرام ص (20).

(5) البخاري (7145) ، ومسلم (1840) .

(6) المائدة آية 2.

(7) البخاري (2444).

(8) النساء آية 135.

(9) الأنعام آية 159.

(10) آل عمران آية 105.

(11) انظر مجموع الفتاوى (28/15 ـ 17).









قديم 2008-12-15, 11:28   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
ميمونة 25
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي


هل يجوز العمل بالمذهب إن خالف الدليل

لنا إمام راتب في مسجد قريتنا، لكنه يترك بعض سنن الصلاة عمداً، فمثلاً يرفض قبض يديه، ويرفض التسليمة، فيخرج من الصلاة بالسلام عليكم فقط، وقد نصحه بعض الإخوة أكثر من مرة لكنه رفض، وقال: أنا مالكي المذهب لا يجوز لي القبض، ولا يجوز لي السلام عليكم ورحمة الله يميناً وشمالاً، أفيدونا هل الصلاة خلفه جائزة أم لا؟


الجواب

هذا على كل حال يجب أن ينصح، ويسأل أهل العلم والمذاهب غير ملزمة لأهلها، التقليد غير جائز، بل يجب على المؤمن وعلى طالب العلم أن يأخذ بالحق، ولا يحتج بمذهب مالك أو الحنبلي أو الشافعي أو الحنفي، هذا غلط كبير في حق طالب العلم، بل يجب على طالب العلم أن يتحرى الأدلة ويتحرى الصواب حتى يأخذ به، وقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قبض وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه يسلم تسلميتين فكيف يجوز للمسلم أن يخالف الرسول لقول مالك هذا لا يجوز أن يقوله عاقل مسلم مالك واحد من العلماء، لا يجوز أن يؤخذ قوله إذا خالف قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهكذا قول الشافعي أو أبي حنيفة أو أحمد أو الثوري أو الأوزاعي هؤلاء أئمة علماء - رضي الله عنهم ورحمهم - لكن أقواله تعرض على الكتاب والسنة فإن وافقت أخذت لأنها وافقت الحق، وإن خالفت فالواجب أخذ الحق، والعمل به مع من قاله، فإذا كان مذهب الشافعي وافق الحق وأنت مالكي فعليك أن تأخذ قول الشافعي؛ لأنه وافق الحق، وهكذا مذهب أحمد وهكذا أبي حنيفة إذا وافق الحق تأخذ به، وتخالف قول مالك، لأن مالك - رحمه الله تعالى - يدعوا إلى هذا، ويقول: ما من إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر. وهكذا بقية الأئمة يقولون يجب على المسلم أن يقبل الحق وأن يأخذ به وأن لا يقلدهم فيما خالف الحق، فهذا الإمام قد غلط، وجهل، فعليه أن يراجع الحق، ويراجع كلام أهل العلم، وعليه أن ينصاع للناصحين فيسلم تسليمتين، وهذا لازم، وكذلك يشرع له القبض فيضع اليمنى على كفه اليسرى على صدره. أما ما نقله أبي القاسم عن مالك من الإرسال فهذا حمله بعض أهل العلم على أنه بسبب ما أصابه من يديه وعجز عن ضمهما أو كان قد بدا له شيء فغلط، وكل إمام له غلطات وله أخطاء، والسنة هي المعصومة التي جاء بها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فالواجب الأخذ بها متى ثبتت؛ لقول الله - سبحانه وتعالى - : فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [(59) سورة النساء]. ولقوله - سبحانه وتعالى- : فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا [(65) سورة النساء]. فنصيحتي لهذا الإمام أن يتقي الله، وأن يرجع إلى الصواب، وصلاتهم معه صحيحة؛ لأنه متأول ومقلد وجاهل في هذه المسلمة، لكن إن استقام ورجع إلى الصواب وإلا فاسعوا في عزله وإبعاده لخطأه الكبير، ولا يصلح للإمامة بهذا الرأي وبهذا التقليد الأعمى، والله المستعان. بارك الله فيكم.









 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 19:57

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc