ردّ مقالة الصوفية في تركهم الخوف والرجاء... - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

ردّ مقالة الصوفية في تركهم الخوف والرجاء...

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-01-07, 22:29   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
السلفية الجزااائرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية السلفية الجزااائرية
 

 

 
إحصائية العضو










B11 ردّ مقالة الصوفية في تركهم الخوف والرجاء...

الســــلام عليكــــم ورحمــة الله وبــركاته...

ردّ مقالة الصوفية في تركهم الخوف والرجاء
السؤال: فضيلة الشيخ: هل يعبدُ المسلمُ اللهَ تعالى لأنّه يستحقُّ العبادة، أم يعبده طمعًا في جَنَّته وخوفًا من ناره؟

الجواب: الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فإنّ من حقّ الله سبحانه وتعالى على عباده توحيده وإخلاص العبادة له سبحانه، وهو يأمر عباده أن يدعوه ويعبدوه خوفًا من ناره وعذابه، وطمعًا في جنّته ونعيمه، قال تعالى في سورة الأعراف: ﴿وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ [الأعراف: 56]، والخوف والرغبة من أنواع العبادة المقرِّبة إليه سبحانه، إذ الخوف من الله يحمل العبدَ على الابتعاد عن المعاصي والنواهي، والطمع في جنّته يحفّزه على العمل الصالح وكلِّ ما يرضي اللهَ تعالى، لذلك امتدح اللهُ أنبياءَه في سورة الأنبياء بقوله: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء: 90]، أي راغبين في جنّته، وخائفين من عذابه، وقد قال الله تعالى في سورة الحجر: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ العَذَابُ الأَلِيمُ﴾ [الحجر: 49، 50]، وقال تعالى في سورة الأنعام وهو يخاطب رسولَه الكريم: ﴿قُلْ ِإنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الأنعام: 15].
هذا، والصوفية في معتقدهم خالفوا هذه النصوص الصريحة في دعوتهم إلى أن تكون عبادة الله لا خوف فيها من النّار، ولا طمع فيها في الجنة، بل يجعلون ذلك من الشرك بالله تعالى كما جاء عن بعض المفسرين المتصوّفة، هؤلاء يتركون صريح القرآن والسُّنَّة وما أجمعت عليه الأُمَّة، ويستشهدون بقول رابعة العدوية: «اللهم إن كنتُ أعبدُكَ طمعًا في جنَّتك فاحرمني منها، وإن كنتُ أعبدُك خوفًا من نارك فاحرقني فيها»، وبقول عبد الغني النابلسي: «من كان يعبد اللهَ خوفًا من ناره فقد عبد النار، ومن عبد الله طلبًا للجنَّة فقد عبد الوثن»، فالله المستعان.
والعلم عند الله تعالى؛ وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على محمّد، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.

الجزائر في: 18 رجب 1424ﻫ
الموافق ﻟ: 12 سبتمبر 2003م
{الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله }








 


قديم 2012-01-07, 23:05   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
khalil83
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية khalil83
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا
اللهم ارزقنا عباداتك على الوجه الذي يرضيك عنا ..امين










قديم 2012-01-07, 23:14   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
السلفية الجزااائرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية السلفية الجزااائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة khalil83 مشاهدة المشاركة
جزاك الله خيرا
اللهم ارزقنا عباداتك على الوجه الذي يرضيك عنا ..امين
اللهـــم آميـــن...
لك جزيل الشكــر أخي الفاضل...









قديم 2012-01-08, 18:36   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
الشاذلي
عضو جديد
 
إحصائية العضو










Hourse الخوف والرجاء عند السادة الصوفية

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السلفية الجزااائرية مشاهدة المشاركة
قال تعالى في سورة الأعراف: ﴿وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ [الأعراف: 56]، والخوف والرغبة من أنواع العبادة المقرِّبة إليه سبحانه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدّنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
((كل ابن انثى يؤخذ من كلامه ويرد الا سيد الخلق سيدنا محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام واهله وصحبه وسلم تسليما فيؤخذ منه ولايرد ولايرد ولايرد ولا..... د )) فالاحتجاج بقول الشيخ فركوس مردود لانه متسسلف فلا عبرة برأيه وقوله عندنا وكل انسان حر في الاقتدى بمن شاء والحساب يوم القيامة عند المولى جل وعلى.

1مراتب العبادة عند السادة الصوفية

يراد بالعبادة هي أن يشهد الإنسان أنه لا اله إلا الله وأن سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم رسول الله ويقتدي بسيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم قولاً وعملاً لتنفيذ أوامر الله سبحانه والانتهاء بنواهيه ويتطهر بدناً وعقلاً وقلباً وروحاً من السيئات والفواحش والمنكر ظاهراً وباطناً ويؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والقيامة والقدر في جميع أعماله العبادية سواء كانت مناسكية أو تعاملية وان يقر بالعبودية لله سبحانه لذلك نرى الصوفية قد قسموا العبادة إلى ثلاث مراتب :
1 – الخوف والرجاءوهو الخوف من الله سبحانه وليس الخوف من الأشياء ( الخلق ) أو عليها ( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) ( الرحمن : 46 ) .
أما الرجاء فهو التوكل على الله ضمن إطار الصبر والرضا قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : ( الخوف رقيب القلب والرجاء شفيع النفس ومن كان بالله عارفاً كان إلى الله راغباً ) ، ان الخوف والرجاء هو مقام التقوى : (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) ( الطلاق : 2 – 3 ) .
وقد وصف الغوث الأعظم الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس سره التقوى : ( هو أن لا يجدك الله حيث نهاك ولا يفتقدك حيث أمرك ) ، وأن تقتدي بحضرة سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم قولاً وعملاً وعلامة ذلك حسن التوكل في ما لم تنل وحسن الرضا فيما نلت وحسن الصبر على ما فات ومن لم يعبد الله على الخوف والرجاء فقد أطاع نفسه الأمارة بالسوء واتبع هواه وطبعه واستحوذ عليه الشيطان وأغوته الدنيا بزينتها وقد حذرنا الله من حب الأشياء : (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ )( الأنفال : 28 ) .
2 – الهيبة والحياءوهؤلاء غلبت عليهم هيبة الله فاستحوا منه فكانوا مع الله في جلواتهم وخلواتهم لأنهم آمنوا : (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) ( غافر : 19 ) ، وعلامة الهيبة هي وجل قلوبهم: (. . . إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ . . . )( الأنفال : 2 ) ، ويقصد بالوجل عند الصوفية هو الحال أو الوارد الذي يرد على قلوبهم من الحق ? قال الشيخ الحسن : ( الهيبة هي تجلي الله سبحانه بالجلال على قلب العابد المؤمن فلا يأنس بالأشياء وتتعبه ).
ووصف احد العارفين حاله وأصحابه مع الله في المنع والعطاء فقال : ( إذا منعنا شكرنا وإذا أعطينا آثرنا ) .
أما الحياء فقد وصفه حضرة سيدنا محمد المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم : (هو أن تحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى وتكثر من ذكر الموت والبلى) ، ولا يصل العابد إلى هذا المقام إلا بالصبر على ما يحب وعلى ما يكره وأن يكون راضياً مسرور القلب في مر القضاء وأعلاه أن لا يختار قبله القضاء لأن الإنسان لا بد أن يؤمن بأن الموت ملاقيه حتماً ولكنه مؤجل وقد ورد في حديث المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم ( ما أنا في هذه الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها ) ، أما البلاء فهو قدر الله سبحانه وقد وصفه المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم : (ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وماله وولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة ).
3 – الحب والفناء: وهؤلاء هم المحسنون : (إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) ( الأعراف : 56 ) ، لأن عبادتهم أشار إليها الحديث النبوي الشريف ( أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فهو يراك )، لأن الحب هو الانقياد إلى الله عقلاً وقلباً وروحاً ( وأشعار السادة الصوفية كثيرة في هذا الباب ) ؟ .
(يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ )( المائدة : 54 ) ، وقد ورد في الحديث القدسي : (ما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها )( ، أي يكون العابد بالله ومع الله من خلال النور الذي يهبه الله له كما أشارت الآية الكريمة ( وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ) ( النور : 40 ) ، وأشار حضرة المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم إلى هذا النور : ( اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ) ، وقد نصت الآية الكريمة : (إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ) ( النحل : 128 ) ، وإن أعلى مرتبة في الحب الإلهي هي الفناء والذي يراد به فناء الصفات المذمومة وظهور الصفات المحمودة بسبب إشراقات النور عليها وهنالك يتبدل إدراك الإنسان وطبعه ويبتعد عنه إغواء الشيطان وإغواء الدنيا لأنه يكون في حفظ الله وكما قيل : ( ما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله انقطع وانفصل ) ، وبلا حلول أو اتحاد لان الله سبحانه وتعالى هو خالق الأشياء وهو أكبر من أن يوصف بذلك لأن الحلول والاتحاد يقع بين الأشياء بعضها مع البعض الآخر وقد أطلق الحق صفة الولاية والاستقامة على المحسنين : (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) ( يونس : 62 ) ، (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ . . نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) ( فصلت : 30 – 31 ) ، من خلال ما ذكرناه يتبين أن السادة الصوفية هم المحسنون وهم الذين وهبهم الله سبحانه التمكين لإصلاح الناس بعد أن مَنَّ عليهم بفضله فأحسنوا العبادة ، لذلك واجبهم تخليص الإنسان الذي يريد وجه الله من رعونات نفسه وطبعه وهواه وشيطانه فيفوز بالسعادة الأبدية دنيا وآخرة بعد أن يتبع الوارث المحمدي الحي الذي هو حي من حي إلى الحي الذي لا يموت وما أحوج الإنسانية إلى المنهج الصوفي حتى تتخلص ممّا هي فيه من مأساة لا ينكرها أي إنسان عاقل تقي نقي.

2المحبون الصوفية بين الخوف والرجاء

خوف ورجاء، هكذا دائمًا حال الصوفي العبد السالك إلى الله .. نعم، كيف لا
أخاف وهو الله الجليل العظيم، كيف لا أخاف والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول( أنا أعرفكم بربي وأخوفكم منه ..) كيف لا أخاف والصالحون والعابدون يدعونه خوفًا وطمعًا.
فإذا اشتد الخوف، وتفطرت الأكباد وكادت الروح أن تزهق، هم نسيم لطفه على القلب، وأرسل عبير أنسه بمبشرات على ألسنة الخلق، فإذا بالرجاء يملأ القلب، وكيف لا ورحمته وسعت كل شيء، وأنا شيء .. فلا أشك أنه قادر على أن يقبلنا على ما فينا من النقص .. وهكذا التقلب في الأحوال بين خوف من البعد والحرمان وطمع في القرب والغفران.
و الشقاوة والسعادة أزلية قديمة في علم الله، فلا سعادة ولا شقاوة إلا وقد سبق بهما القدر والقضاء، فالسعيد من سعد في بطن أمه والشقي من شقي في بطن أمه، فقد رفعت الأقلام وجفت الصحف.
إن الشقي لشقي الأزل وعكسه السعيد لم يبدل والمحب يخشى أن يكون من حبيبه محروم، فإذا خطر خاطر الحرمان على القلب ضاقت به الدنيا بما رحبت، وضاقت به نفسه، كيف لا وهو يذوب شوقًا، ولا يصبره إلا أمل اللقاء، فكيف يكون حاله إذا فقد هذا الأمل أو شك في حسن اللقاء.
ولكن ما حيلتي والعجز غاية قوتي، نعم نسعى ونحاول ونجاهد، ولكن الخوف لا يفارق القلب إلا بشهود الفضل والمن من صاحب الفضل.
إلا أن العارف الذي استسلم لله بكليته وفوض له الأمر برمته، سار إليه مستسلمًا لا يرى لنفسه عملاً ولا أثرًا، وأيقن أن الأمر كله بيده، فلا حيلة ولا حول ولا قوة ولا تدبير إلا لله سبحانه، وتأمل معي هذه الأبيات :

قد كنت أحسب أن وصلك يشترى بنفائس الأموال والأرباح
وظننت جهلاً أن حبك هين تفنى عليه كرائم الأرواح
حتى رأيتك تجتبي وتخص من تختاره بلطائف الإمناح
فعلمت أنك لا تنال بحيلة فلويت رأسي تحت طي جناحي
وجعلت في عش الغرام إقامتي فيه غدوي ورواحي

وعليه فإن الولاية والقرب ليس فيه حيلة، ولكنها مواهب سبقت بها العناية، فيسر الله لها من شاء من عباده، فكل ميسر لما خلق له.
فمنهم من غلب عليه الهيبة والحياء، ومنهم من تفطر قلبه بالشوق والاشتياق، ومنهم من ملئ قلبه بالسكينة، ومنهم من نزلت روحه في مقامات الذل والانكسار رهينة.
ولكن لما كان الأمر في السعادة والشقاوة أزلي مكتوب بيد القدرة، فمن سبقت له العناية لا تضره الجناية، ظن بعض الناس أن في هذا مدعاة لترك العمل والركون والتنطع، وادعى بعض الناس أن لهم بذلك رخصة في ترك التكاليف الشرعية.
ولذا حجب الله سر هذه العناية، وأوقفها على مشيئته فقال: (يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ) [سورة آل عمران: 74] وجعل له علامات تدل على القرب من الله فقال: (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [سورة الأعراف:56].
فالرحمة هي سابق العناية، والإحسان هي علامة الولاية، فجعل هذا الإحسان من شواهدها .. الإحسان في عبادة الله، والإحسان إلى عباد الله.
وبين العناية السابقة القديمة، وبين العلامات اللاحقة الحادثة، تخبط أناس كثير.. فهذا اعتمد على الحكم السابق وترك العمل، وهذا مغرور لأن الحكم السابق مستور.. كما أنه مطرود لأنه أراد إبطال الحكمة وهي الاستقامة بالأعمال، ولو سبق لك من الله عناية، وليس أدل على ذلك من أحوال الأنبياء، الذين سبق لهم من الله الاصطفاء، فما ظهر منهم إلا جميل الخصال، وسني الأحوال، وما تركوا المجاهدة بالأعمال.
والآخر استند إلى العمل دون شهود القدرة والمشيئة، فهو جاهل إذ جعل الاعتماد على غير القادر، ونظر إلى عمله فأورثه هذا التعال والكبر وهما من علامات البعد والحرمان.
أما المحقق الكامل فهو الذي يعتمد على سابق العناية ويستند إلى صاحب القدرة، ويوقن أن الأمر كله مرجعه إلى المشيئة، وهو مع ذلك قائم في الخدمة، لا يحيد عنها، يظهر لله معاني العبودية، شكر باللسان وخدمة بالأركان وتصديق بالجنان.
والمشيئة سبب في حصول الأشياء ولا سبب لها، فكل شيء يستند إليها ولا تستند إلى شيء، فما شاء الله كان بلا سبب أو طلب، وما لم يشأ ربنا لم يكن، وهو قد يقرب من شاء بلا عمل ويبعد من شاء بلا سبب، وهو كما قال: (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) [سورة الأنبياء: 23].
ربي، كيف لا أرجوك ولطفك يحيط بي ويظهر في كل شيء؟ ربي، كيف لا أطمع في عفوك ورحمتك وسعت كل شيء؟ ربي، عصيتك فسترتني، وجحدت شكرك فما منعتني، فكيف لا أذوب حبًّا وشوقًا إليك؟ من نحب إذا لم نحبه سبحانه؟ أظهر لنا منه كل جميل، ولم نر منه إلا التفضيل .. فإذا استولى على قلوبنا الخوف من البعد والحرمان فإن هذا من مزيد محبتنا له، ولكن لا يطول الأمر حتى يرينا منه عظيم الامتنان فيزيل عن قلوبنا الوحشة ويمحو آثار الجفوة.
محروم والله من لا يعرف الطريق إلى محبة الله، ويخرج من الدنيا ولم يذق أجمل ما فيها ألا وهو ذكر الله .. فكل نعمة لا تعرفك الطريق إلى شكر صاحبها والمنعم بها فهي نعمة حولتها أنت بسوء استقبالك لها إلى نقمة.
فاشهد من وراء هذه النعم الكريم الذي أعطاك وحقك بها، وما من لمحة ولا طرفة إلا وله فيها نعم لا تحصى.
أقبل على الله يا أخي، فإذا وجدته فقد وجدت كل شيء، فإنك إن فقدته فقدت كل شيء.
فما فائدة الأشياء التى تفارقها وتفارقك، فكن مع الذي لا تغيب عنه وهو معك حيث كنت .. اجعل أنسك بالله وفرحك بالله وعزك بالله، فإن العز بالباقي باقٍ والعز بالفاني فان .. فإن كان عزك بمال، ذهب العز مع ذهاب المال، وإن لم يذهب عنك الآن ذهب عنك غدًا.. وإن كان فرحك بالدنيا ذهب الفرح بذهاب الدنيا أو بذهابك عن الدنيا.
بين الخوف والرجاء تقلب، وكن من الذين يدعون ربهم خوفًا وطمعًا، كن من الذين يرجون رحمته ويخشون عذابه.
بين الخوف والرجاء تقلب المحبون، وذاب العاشقون، وسهر الليالي العارفون، في بحر دمعهم يسبحون وإلى ربهم يتشوقون.
فهل لنا من نصيب من هذا العطاء؟
أسأل الله أن يكون لكل قاريء نصيب
ان شاء الله










قديم 2012-01-09, 00:27   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
أبو جابر الجزائري
عضو محترف
 
الأوسمة
المرتبة الاولى وسام ثاني أحسن عضو مميّز لسنة 2011 وسام التميز 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أخي الفاضل الشاذلي،

أرجو أن تتسمّ بسعة الصدر عند محاورة الغير، وطيب الكلام والابتعاد عن وصف من يخالفك الرأي بأوصاف لا تليق، لأنه من عدل الله تعالى أنك قد تقع فيه من حيث لا تشعر، وهذا ما حصل :

حيث كان عليك الاقتصار في الردّ على كلام الشيخ الواضح البسيط المختصر والمتمثل في أمرين:

الأمر الأول:قال الشيخ أنّ العبادة تبنى على الخوف الرجاء معا، مستدلا بأربع آيات كريمات.

الأمر الثاني :قال أن الصوفية لا يعبدون الله خوفا ولا طمعا، واستدل بالقول المنسوب لربيعة العدوية وقول بعض المفسرين الذي يثبت هذا الأمر.

وختم فتواه تلك، بجملة تسجل له ـ بل هي عادته ـ تدلّ على ورعه وعلمه " والعلم عند الله تعالى".

والآن، أدعوك أن تبين لنا أين " تفلسف" الشيخ؟؟؟؟

إنّ محصلة ردّكم الذي استرسلت فيه أخي الكريم، أنّ العبادة تبنى على الخوف والرجاء، وأنّ هذا ما تعتقده الصوفية، وهذا كلام جميل.

بل هو عين ما قاله الشيخ المفتي، وبالتالي فقد وافقتَهُ بالكلية في الأمر الأول، فأين إذن " التفلسيف"، عفى الله عنّي وعنك أخي؟؟؟؟؟؟

ثمّ إنّ موافقتك له في أنّ العبادة تبنى على الخوف والرجاء معا، يعني أنك توافقه في إنكار ما ذكره عن قول ربيعة العدوية المنسوب إليها ، وكذلك ما نقله عن المفسر الصوفي؟؟ فأين إذن " التفلسيف" عفى الله عنّي وعنك أخي؟؟؟؟؟؟،

أخي الفاضل، إنّ من الموضوعية في الردّ وقد " أثبتَّ" في تعليقك أن الصوفية يقولون بأن العبادة تدور حول الخوف والرجاء، أن تقول أن الشيخ قد أصاب في شرح مفهوم الخوف والرجاء، ثمّ أن توضح أنّ ما نقلَه حول كلام ربيعة والمفسر، بأنّه لا يصحّ أو كلام شاذ لم يأخذ به الصوفية والسلام.

وختاما أقول تعليقا على قولكم التالي:

اقتباس:
فالاحتجاج بقول الشيخ فركوس مردود لانه متسسلف فلا عبرة برأيه وقوله عندنا وكل انسان حر في الاقتدى بمن شاء والحساب يوم القيامة عند المولى جل وعلى.
فهذا الكلام أخي الشاذلي لا يقدم ولا يؤخر في الحوار في شيئ، بل لا يستفيد منه أنت ولا المخالف، لأنّ مخالفك يقول لك كذلك تعليقا على مشاركتك: بأنّ كلامك مردود ولا عبرة برأيك، وكل إنسان حر في الاقتداء بمن شاء.. ـ ( مع التنبيه بأنّ الكلام الأخير غير صواب، فيجب اتّباع العالم الذي تعتقد بأنّه أهل للفتوى وأنّه يقتدي بالكتاب والسنّة).

سائلا المولى في الختام لي ولكم التوفيق والسداد.









قديم 2012-01-09, 08:20   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
السلفية الجزااائرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية السلفية الجزااائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو جابر الجزائري مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أخي الفاضل الشاذلي،

أرجو أن تتسمّ بسعة الصدر عند محاورة الغير، وطيب الكلام والابتعاد عن وصف من يخالفك الرأي بأوصاف لا تليق، لأنه من عدل الله تعالى أنك قد تقع فيه من حيث لا تشعر، وهذا ما حصل :

حيث كان عليك الاقتصار في الردّ على كلام الشيخ الواضح البسيط المختصر والمتمثل في أمرين:

الأمر الأول:قال الشيخ أنّ العبادة تبنى على الخوف الرجاء معا، مستدلا بأربع آيات كريمات.

الأمر الثاني :قال أن الصوفية لا يعبدون الله خوفا ولا طمعا، واستدل بالقول المنسوب لربيعة العدوية وقول بعض المفسرين الذي يثبت هذا الأمر.

وختم فتواه تلك، بجملة تسجل له ـ بل هي عادته ـ تدلّ على ورعه وعلمه " والعلم عند الله تعالى".

والآن، أدعوك أن تبين لنا أين " تفلسف" الشيخ؟؟؟؟

إنّ محصلة ردّكم الذي استرسلت فيه أخي الكريم، أنّ العبادة تبنى على الخوف والرجاء، وأنّ هذا ما تعتقده الصوفية، وهذا كلام جميل.

بل هو عين ما قاله الشيخ المفتي، وبالتالي فقد وافقتَهُ بالكلية في الأمر الأول، فأين إذن " التفلسيف"، عفى الله عنّي وعنك أخي؟؟؟؟؟؟

ثمّ إنّ موافقتك له في أنّ العبادة تبنى على الخوف والرجاء معا، يعني أنك توافقه في إنكار ما ذكره عن قول ربيعة العدوية المنسوب إليها ، وكذلك ما نقله عن المفسر الصوفي؟؟ فأين إذن " التفلسيف" عفى الله عنّي وعنك أخي؟؟؟؟؟؟،

أخي الفاضل، إنّ من الموضوعية في الردّ وقد " أثبتَّ" في تعليقك أن الصوفية يقولون بأن العبادة تدور حول الخوف والرجاء، أن تقول أن الشيخ قد أصاب في شرح مفهوم الخوف والرجاء، ثمّ أن توضح أنّ ما نقلَه حول كلام ربيعة والمفسر، بأنّه لا يصحّ أو كلام شاذ لم يأخذ به الصوفية والسلام.

وختاما أقول تعليقا على قولكم التالي:

فهذا الكلام أخي الشاذلي لا يقدم ولا يؤخر في الحوار في شيئ، بل لا يستفيد منه أنت ولا المخالف، لأنّ مخالفك يقول لك كذلك تعليقا على مشاركتك: بأنّ كلامك مردود ولا عبرة برأيك، وكل إنسان حر في الاقتداء بمن شاء.. ـ ( مع التنبيه بأنّ الكلام الأخير غير صواب، فيجب اتّباع العالم الذي تعتقد بأنّه أهل للفتوى وأنّه يقتدي بالكتاب والسنّة).

سائلا المولى في الختام لي ولكم التوفيق والسداد.
بارك الله فيك أخي الفاضل...
نسأل الله الهداية والصلاح...









قديم 2012-01-09, 08:18   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
السلفية الجزااائرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية السلفية الجزااائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشاذلي مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدّنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
((كل ابن انثى يؤخذ من كلامه ويرد الا سيد الخلق سيدنا محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام واهله وصحبه وسلم تسليما فيؤخذ منه ولايرد ولايرد ولايرد ولا..... د )) فالاحتجاج بقول الشيخ فركوس مردود لانه متسسلف فلا عبرة برأيه وقوله عندنا وكل انسان حر في الاقتدى بمن شاء والحساب يوم القيامة عند المولى جل وعلى.

1مراتب العبادة عند السادة الصوفية

يراد بالعبادة هي أن يشهد الإنسان أنه لا اله إلا الله وأن سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم رسول الله ويقتدي بسيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم قولاً وعملاً لتنفيذ أوامر الله سبحانه والانتهاء بنواهيه ويتطهر بدناً وعقلاً وقلباً وروحاً من السيئات والفواحش والمنكر ظاهراً وباطناً ويؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والقيامة والقدر في جميع أعماله العبادية سواء كانت مناسكية أو تعاملية وان يقر بالعبودية لله سبحانه لذلك نرى الصوفية قد قسموا العبادة إلى ثلاث مراتب :
1 – الخوف والرجاءوهو الخوف من الله سبحانه وليس الخوف من الأشياء ( الخلق ) أو عليها ( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) ( الرحمن : 46 ) .
أما الرجاء فهو التوكل على الله ضمن إطار الصبر والرضا قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : ( الخوف رقيب القلب والرجاء شفيع النفس ومن كان بالله عارفاً كان إلى الله راغباً ) ، ان الخوف والرجاء هو مقام التقوى : (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) ( الطلاق : 2 – 3 ) .
وقد وصف الغوث الأعظم الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس سره التقوى : ( هو أن لا يجدك الله حيث نهاك ولا يفتقدك حيث أمرك ) ، وأن تقتدي بحضرة سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم قولاً وعملاً وعلامة ذلك حسن التوكل في ما لم تنل وحسن الرضا فيما نلت وحسن الصبر على ما فات ومن لم يعبد الله على الخوف والرجاء فقد أطاع نفسه الأمارة بالسوء واتبع هواه وطبعه واستحوذ عليه الشيطان وأغوته الدنيا بزينتها وقد حذرنا الله من حب الأشياء : (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ )( الأنفال : 28 ) .
2 – الهيبة والحياءوهؤلاء غلبت عليهم هيبة الله فاستحوا منه فكانوا مع الله في جلواتهم وخلواتهم لأنهم آمنوا : (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) ( غافر : 19 ) ، وعلامة الهيبة هي وجل قلوبهم: (. . . إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ . . . )( الأنفال : 2 ) ، ويقصد بالوجل عند الصوفية هو الحال أو الوارد الذي يرد على قلوبهم من الحق ? قال الشيخ الحسن : ( الهيبة هي تجلي الله سبحانه بالجلال على قلب العابد المؤمن فلا يأنس بالأشياء وتتعبه ).
ووصف احد العارفين حاله وأصحابه مع الله في المنع والعطاء فقال : ( إذا منعنا شكرنا وإذا أعطينا آثرنا ) .
أما الحياء فقد وصفه حضرة سيدنا محمد المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم : (هو أن تحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى وتكثر من ذكر الموت والبلى) ، ولا يصل العابد إلى هذا المقام إلا بالصبر على ما يحب وعلى ما يكره وأن يكون راضياً مسرور القلب في مر القضاء وأعلاه أن لا يختار قبله القضاء لأن الإنسان لا بد أن يؤمن بأن الموت ملاقيه حتماً ولكنه مؤجل وقد ورد في حديث المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم ( ما أنا في هذه الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها ) ، أما البلاء فهو قدر الله سبحانه وقد وصفه المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم : (ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وماله وولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة ).
3 – الحب والفناء: وهؤلاء هم المحسنون : (إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) ( الأعراف : 56 ) ، لأن عبادتهم أشار إليها الحديث النبوي الشريف ( أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فهو يراك )، لأن الحب هو الانقياد إلى الله عقلاً وقلباً وروحاً ( وأشعار السادة الصوفية كثيرة في هذا الباب ) ؟ .
(يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ )( المائدة : 54 ) ، وقد ورد في الحديث القدسي : (ما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها )( ، أي يكون العابد بالله ومع الله من خلال النور الذي يهبه الله له كما أشارت الآية الكريمة ( وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ) ( النور : 40 ) ، وأشار حضرة المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم إلى هذا النور : ( اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ) ، وقد نصت الآية الكريمة : (إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ) ( النحل : 128 ) ، وإن أعلى مرتبة في الحب الإلهي هي الفناء والذي يراد به فناء الصفات المذمومة وظهور الصفات المحمودة بسبب إشراقات النور عليها وهنالك يتبدل إدراك الإنسان وطبعه ويبتعد عنه إغواء الشيطان وإغواء الدنيا لأنه يكون في حفظ الله وكما قيل : ( ما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله انقطع وانفصل ) ، وبلا حلول أو اتحاد لان الله سبحانه وتعالى هو خالق الأشياء وهو أكبر من أن يوصف بذلك لأن الحلول والاتحاد يقع بين الأشياء بعضها مع البعض الآخر وقد أطلق الحق صفة الولاية والاستقامة على المحسنين : (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) ( يونس : 62 ) ، (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ . . نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) ( فصلت : 30 – 31 ) ، من خلال ما ذكرناه يتبين أن السادة الصوفية هم المحسنون وهم الذين وهبهم الله سبحانه التمكين لإصلاح الناس بعد أن مَنَّ عليهم بفضله فأحسنوا العبادة ، لذلك واجبهم تخليص الإنسان الذي يريد وجه الله من رعونات نفسه وطبعه وهواه وشيطانه فيفوز بالسعادة الأبدية دنيا وآخرة بعد أن يتبع الوارث المحمدي الحي الذي هو حي من حي إلى الحي الذي لا يموت وما أحوج الإنسانية إلى المنهج الصوفي حتى تتخلص ممّا هي فيه من مأساة لا ينكرها أي إنسان عاقل تقي نقي.

2المحبون الصوفية بين الخوف والرجاء

خوف ورجاء، هكذا دائمًا حال الصوفي العبد السالك إلى الله .. نعم، كيف لا
أخاف وهو الله الجليل العظيم، كيف لا أخاف والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول( أنا أعرفكم بربي وأخوفكم منه ..) كيف لا أخاف والصالحون والعابدون يدعونه خوفًا وطمعًا.
فإذا اشتد الخوف، وتفطرت الأكباد وكادت الروح أن تزهق، هم نسيم لطفه على القلب، وأرسل عبير أنسه بمبشرات على ألسنة الخلق، فإذا بالرجاء يملأ القلب، وكيف لا ورحمته وسعت كل شيء، وأنا شيء .. فلا أشك أنه قادر على أن يقبلنا على ما فينا من النقص .. وهكذا التقلب في الأحوال بين خوف من البعد والحرمان وطمع في القرب والغفران.
و الشقاوة والسعادة أزلية قديمة في علم الله، فلا سعادة ولا شقاوة إلا وقد سبق بهما القدر والقضاء، فالسعيد من سعد في بطن أمه والشقي من شقي في بطن أمه، فقد رفعت الأقلام وجفت الصحف.
إن الشقي لشقي الأزل وعكسه السعيد لم يبدل والمحب يخشى أن يكون من حبيبه محروم، فإذا خطر خاطر الحرمان على القلب ضاقت به الدنيا بما رحبت، وضاقت به نفسه، كيف لا وهو يذوب شوقًا، ولا يصبره إلا أمل اللقاء، فكيف يكون حاله إذا فقد هذا الأمل أو شك في حسن اللقاء.
ولكن ما حيلتي والعجز غاية قوتي، نعم نسعى ونحاول ونجاهد، ولكن الخوف لا يفارق القلب إلا بشهود الفضل والمن من صاحب الفضل.
إلا أن العارف الذي استسلم لله بكليته وفوض له الأمر برمته، سار إليه مستسلمًا لا يرى لنفسه عملاً ولا أثرًا، وأيقن أن الأمر كله بيده، فلا حيلة ولا حول ولا قوة ولا تدبير إلا لله سبحانه، وتأمل معي هذه الأبيات :

قد كنت أحسب أن وصلك يشترى بنفائس الأموال والأرباح
وظننت جهلاً أن حبك هين تفنى عليه كرائم الأرواح
حتى رأيتك تجتبي وتخص من تختاره بلطائف الإمناح
فعلمت أنك لا تنال بحيلة فلويت رأسي تحت طي جناحي
وجعلت في عش الغرام إقامتي فيه غدوي ورواحي

وعليه فإن الولاية والقرب ليس فيه حيلة، ولكنها مواهب سبقت بها العناية، فيسر الله لها من شاء من عباده، فكل ميسر لما خلق له.
فمنهم من غلب عليه الهيبة والحياء، ومنهم من تفطر قلبه بالشوق والاشتياق، ومنهم من ملئ قلبه بالسكينة، ومنهم من نزلت روحه في مقامات الذل والانكسار رهينة.
ولكن لما كان الأمر في السعادة والشقاوة أزلي مكتوب بيد القدرة، فمن سبقت له العناية لا تضره الجناية، ظن بعض الناس أن في هذا مدعاة لترك العمل والركون والتنطع، وادعى بعض الناس أن لهم بذلك رخصة في ترك التكاليف الشرعية.
ولذا حجب الله سر هذه العناية، وأوقفها على مشيئته فقال: (يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ) [سورة آل عمران: 74] وجعل له علامات تدل على القرب من الله فقال: (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [سورة الأعراف:56].
فالرحمة هي سابق العناية، والإحسان هي علامة الولاية، فجعل هذا الإحسان من شواهدها .. الإحسان في عبادة الله، والإحسان إلى عباد الله.
وبين العناية السابقة القديمة، وبين العلامات اللاحقة الحادثة، تخبط أناس كثير.. فهذا اعتمد على الحكم السابق وترك العمل، وهذا مغرور لأن الحكم السابق مستور.. كما أنه مطرود لأنه أراد إبطال الحكمة وهي الاستقامة بالأعمال، ولو سبق لك من الله عناية، وليس أدل على ذلك من أحوال الأنبياء، الذين سبق لهم من الله الاصطفاء، فما ظهر منهم إلا جميل الخصال، وسني الأحوال، وما تركوا المجاهدة بالأعمال.
والآخر استند إلى العمل دون شهود القدرة والمشيئة، فهو جاهل إذ جعل الاعتماد على غير القادر، ونظر إلى عمله فأورثه هذا التعال والكبر وهما من علامات البعد والحرمان.
أما المحقق الكامل فهو الذي يعتمد على سابق العناية ويستند إلى صاحب القدرة، ويوقن أن الأمر كله مرجعه إلى المشيئة، وهو مع ذلك قائم في الخدمة، لا يحيد عنها، يظهر لله معاني العبودية، شكر باللسان وخدمة بالأركان وتصديق بالجنان.
والمشيئة سبب في حصول الأشياء ولا سبب لها، فكل شيء يستند إليها ولا تستند إلى شيء، فما شاء الله كان بلا سبب أو طلب، وما لم يشأ ربنا لم يكن، وهو قد يقرب من شاء بلا عمل ويبعد من شاء بلا سبب، وهو كما قال: (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) [سورة الأنبياء: 23].
ربي، كيف لا أرجوك ولطفك يحيط بي ويظهر في كل شيء؟ ربي، كيف لا أطمع في عفوك ورحمتك وسعت كل شيء؟ ربي، عصيتك فسترتني، وجحدت شكرك فما منعتني، فكيف لا أذوب حبًّا وشوقًا إليك؟ من نحب إذا لم نحبه سبحانه؟ أظهر لنا منه كل جميل، ولم نر منه إلا التفضيل .. فإذا استولى على قلوبنا الخوف من البعد والحرمان فإن هذا من مزيد محبتنا له، ولكن لا يطول الأمر حتى يرينا منه عظيم الامتنان فيزيل عن قلوبنا الوحشة ويمحو آثار الجفوة.
محروم والله من لا يعرف الطريق إلى محبة الله، ويخرج من الدنيا ولم يذق أجمل ما فيها ألا وهو ذكر الله .. فكل نعمة لا تعرفك الطريق إلى شكر صاحبها والمنعم بها فهي نعمة حولتها أنت بسوء استقبالك لها إلى نقمة.
فاشهد من وراء هذه النعم الكريم الذي أعطاك وحقك بها، وما من لمحة ولا طرفة إلا وله فيها نعم لا تحصى.
أقبل على الله يا أخي، فإذا وجدته فقد وجدت كل شيء، فإنك إن فقدته فقدت كل شيء.
فما فائدة الأشياء التى تفارقها وتفارقك، فكن مع الذي لا تغيب عنه وهو معك حيث كنت .. اجعل أنسك بالله وفرحك بالله وعزك بالله، فإن العز بالباقي باقٍ والعز بالفاني فان .. فإن كان عزك بمال، ذهب العز مع ذهاب المال، وإن لم يذهب عنك الآن ذهب عنك غدًا.. وإن كان فرحك بالدنيا ذهب الفرح بذهاب الدنيا أو بذهابك عن الدنيا.
بين الخوف والرجاء تقلب، وكن من الذين يدعون ربهم خوفًا وطمعًا، كن من الذين يرجون رحمته ويخشون عذابه.
بين الخوف والرجاء تقلب المحبون، وذاب العاشقون، وسهر الليالي العارفون، في بحر دمعهم يسبحون وإلى ربهم يتشوقون.
فهل لنا من نصيب من هذا العطاء؟
أسأل الله أن يكون لكل قاريء نصيب
ان شاء الله

الأخ الشاذلي لا يسعني ان أقول لك الا هــــداك الله للحق ...
فأنت ليس لك اسلوب في الحوار والنقاش بل عندك اسلوب هجومي ...
وقولك عن الشيخ فركوس متفلسف فلن يضره شيئا فهو من المشائخ الذين انعم الله عليهم بالعلم الصافي من الشوائب نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحد...










قديم 2012-01-11, 01:48   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
** موحدة 02 **
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ** موحدة 02 **
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
شكرا على الموضوع و على الردود الجميلة اخوتي شرحتم و اثلجتم صدري
بارك الله فيكم و حفظ لنا تاج رؤوسنا شيخنا الفاضل الشيخ فركوس
و سؤالي للأخ شاذلي هدانا الله و إياه هو:
ما الذي يجعل كل هذا الكلام الذي ذكرته معتبراعندك ؟؟

اقتباس:
وكل انسان حر في الاقتدى بمن شاء والحساب يوم القيامة عند المولى جل وعلى.
الظاهر انك تجيد الفلسفة ايضا و ليس شيخنا فقط هو **المتسسلف** هذا ان كنت تقصد بكلمة تسسلف الفلسفة و ان كان قصدك شيء آخر نسأل الله ان يهديك اليه
فحينها تعرف قيمة الشيخ الدكتور فركوس حفظه الله
ابحث عن الحق و لا تتعصب الا له أخي فحياتك هذه هي رأس مالك لا تضيعها









قديم 2012-01-11, 08:21   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
ابوهناء
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية ابوهناء
 

 

 
إحصائية العضو










B9 الشيخ البشير الإبراهيمي الجزائري ومقاومته للصوفية

الشيخ البشير الإبراهيمي الجزائري ومقاومته للصوفية






ترتبط مقاومة الصُّوفيَّة المبتدعة بإصلاح العقيدة ارتباطاً وثيقاً, وقدَ كشفَ الإبراهيميُّ رحمه اللَّه
عن مخازي هؤلاء وحاربهم بشدَّة, وعاملهم بما يستحقُّون لأَّنهم تاجروا باسم الدِّين, وزجَّت بهم فرنسا في أتون المعركة, فَأَصغِ إليه وهو يقول :
"في أيَّام الحملة الكبرى على الحكومة الفرنسيَّة ظهرَ هؤلاء بمظهر مناقض للدِّين، فكشفوا السِّترَ عن حقيقتهم المستوردة، ووقفوا في صفِّ الحكومة مؤيِّدين لها، خاذلين لدينهم وللمدافعين عن حريَّته مطالبين بتأييد استعباده، عاملين بكُلّ جهدهم على بقائه بيد حكومة مستحيِّة تخرِّبه بأيديهم، وتشوِّه حقائقه بألسنتهم، وتلوِّثُ محاربيه ومنابره بضلالتهم"

ويقول :
"وقد أخَذوا في الزَّمن الأخير ببعض مظاهر العصر ، وتسلَّموا بعضَ أسلحتهم بإملاء من الحكومة للدِّفاع عن الباطل ، فكوَّنوا جمعيَّة ، وأنشأوا مجلَّة ، وجهَّزوا كتيبة من الكُتَّاب يقودها أعمى –ليشترك عاقلهم وسفيههم في هذه المخزيَات ، وبحكم العموميَّة في الجمعيَّة ، والاشتراك في المجلة ،ولو في دائرته الضيِّقَة ومن أهله وجيرانه … دافعناهم –عندما ظهروا بذلك المظهر- بالحق فركبوا رؤوسهم ، فتسامحنا قليلاً إبقاءً على حرمة (المحراب) و (المنبر) التي انتهكوها ، فشدَّدوا إبقاءً على حرمة (الخبزة) !! فكشفنا عن بعض الحقائق المستوردة فلجُّوا وخاضوا ، وثاروا وخاروا ، فلمَّا عَتَوْا من أمر ربِّهم رميناهم بالآبدَة … وهي أنَّ الصَّلاة خلفهم باطلة ، لأنَّ إمامتهم باطلة … لأنَّهم جواسيس" !!

وقد عد الشيخ الإبراهيمي الصُّوفيَّةَ داءً عُضالاً يحب التَّخلُّصُ منه، لِتُحَرّر عقيدة المسلم من التَّشويش، وتطلق لعقله العنان في التَّشبُّع وفهم الشريعة ، فتراه يصرِّح بقوله:
"إننا علمنا حقَّ العلم بعد التَّروِّي والتَّثبُّت ودراسة أحوال الأُمَّة ومناشئ أمراضها أنَّ هذه الطُّرق المبتدعة في الإسلام هي سببُ تفرُّق المسلمين ، ونعلم أنَّنا حين نقاومها نقاوم كلَّ شر ،إنَّ هذه الطُّرق لم تسلم منها بقعة من بقاع الإسلام ، وإنَّها تختلف في التَّعاليم والرُّسوم الظاهر كثيراً ، ولا تختلف في الآثار النَّفسيَّة إلاّ قليلاً ، وتجتمعُ كلها في نقطة واحدة وهي التَّحذير والإلهاء عن الدِّين والدُّنيا"

ويتابعُ شارحاً مخاطرَ الطرقيَّة وبدعها ، حيث تعلَّقَ كثيرٌ من المسلمين بطقوس طريقتهم ، وبطروحات مشايخهم ، ولم يعودوا على اتِّصال مباشر مع الكتاب وصحيح السُّنَّة ، بل أصبحت هذه الطُّرقُ حاجزاً بينهم وبين مصادر الشريعة ، وكأنَّها دين جديد ، لقد أصبحت بعض الطُّرق –كما يرى الإبراهيمي- في بلاد العرب والمسلمين ، وفي الجزائر بخاصَّة ، إضافة جديدة إلى محاولات الدَّس التي قام بها أعداء كثيرون للإسلام ، إن كان بنحل الأحاديث ، أو بالتَّأويلات المزِّورة للحقيقة ، أو ما شاع عند العديد من الحركات الباطنيَّة ، ولكن يعود ليؤكِّد أن هذا كان خطره أقل بكثير من خطر هذه الطَّريقة ، فيقول:
"أما والله ما بلغَ الوضَّاعون للحديث ، ولا بلغت الجمعيَّات السريَّة والعلنيَّة الكائدة للإسلام من هذا الدِّين عشر معشار ما بلغتهُ من هذه الطُّرق المشؤومة … إنَّ هذه الهَّوة العميقة التي أصبحت حاجزة بين الأمَّة وقرآنها هي من صنع أيدي الطرقيِّين" .

ويقول مقرِّعاً والطَّرقيَّة وفَهْمَهم الخاطئ للإسلام:
" .. فكل راقصٍ صوفي ، وكل ضاربٍ بالطَّبل صوفي ، وكل عابثٍ بأحكام الله صوفي ، وكل ماجنٍ خليعٍ صوفي ، وكل مسلوب العَقل صوفي ، وكل آكل للدُّنيا بالدين صوفي ، وكل ملحدٍ بآيات الله صوفي ، وهَلُّم سحباً ، أَفيَجْمُلُ بجنودِ الإصلاح أن يَدَعُوا هذه القلعة تحمي الضَّلال وتُؤْويه ، أم يجب عليهم أن يحملوا عليها حملةً صادقَةً شعارهم: (لا صوفيَّــة في الإســلام) حتى يدكُّوها دكَّاً ، وينسفوها نسفاً ، ويذروها خاويةً على عروشها" .

وقد كان رحمه الله تعالى في محاربتهِ للصُّوفيَّة وخرافاتها وتُرّهاتهم متأثِّراً بتعاليم حركة الشيخ محمد بن عبدالوهَّاب الإصلاحيَّة ،ويتَّضحُ ذلك عندما نراه يُعَلّل هجوم المتاجرين بالدَّين على هذه الدَّعوةِ السُّنِّيَّة الإصلاحيَّـة في البلاد الحجازيَّة التي سَّماها خصومُها بِـ(ـالوهَّابيَّـة) –تنفيراً وتَشويهاً- لأنَّها قضت على بدعهم ، وحاربت خرافاتهم ، فيقول:
"إنَّهم موتورون لهذه الوهَّابيَّة التي هدمت أنصابهم ، ومحت بدعهم فيما وقعَ تحتَ سلطانهم من أرضِ الله ، وقَد ضجَّ مبتدعة الحجاز فضجَّ هؤلاء لضجيجهم والبدعة رحم ماسة ، فليس ما نسمعهُ هنا من ترديد كلمة (وهابي) تُقذف في وجه كل داعٍ إلى الحقِّ إلاّ نواحاً مردَّداً على البدع التي ذهبت صرعى هذه الوهَّابيَّة" .

……..
مقالة بقلم الشيخ مشهور حسن آل سلمان من علماء الأردن
نشرت بمجلة الأصالة العدد (1) بعنوان "الشيخ محمَّد البشير الإبراهيمي"










قديم 2012-01-11, 08:24   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
ابوهناء
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية ابوهناء
 

 

 
إحصائية العضو










B9 رسالة في الاختلاط لسماحة الشيخ / محمد بن إبراهيم آل الشيخ

* اختلاط الرجال بالنساء له ثلاث حالات :
الأولى : اختلاط النساء بمحارمهن من الرجال ، وهذا لا إشكال في جوازه .
الثانية : اختلاط النساء بالأجانب لغرض الفساد ، وهذا لا إشكال في تحريمه .
الثالثة : اختلاط النساء بالأجانب في : دور العلم ، والحوانيت والمكاتب ، والمستشفيات ، والحفلات ، ونحو ذلك ، فهذا في الحقيقة قد يظن السائل في بادئ الأمر أنه لا يؤدي إلى إفتتان كل واحد من النوعين بالآخر ، ولكشف حقيقة هذا القسم فإننا نجيب عنه من طريق : مجمل ، ومفصل .

أما المجمل : فهو أن الله تعالى جبل الرجال عن القوة والميل إلى النساء ، وجبل النساء على الميل إلى الرجال مع وجود ضعف بان ، فإذا حصل الاختلاط نشأ عن ذلك آثار تؤدي إلى حصول الغرض السيء ، لأن النفوس أمارة بالسوء ، والهوى يعمي ويصم ، والشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر .

أما المفصل : فالشريعة مبنية على المقاصد ووسائلها ، ووسائل المقصود الموصلة إليه لها حكمه ، فالنساء مواضع قضاء وطر الرجال ، وقد سد الشارع الأبواب المفضية إلى تعلق كل فرد من أفراد النوعين بالآخر ، وينجلي ذلك بما نسوقه لك من الأدلة من الكتاب والسنة .

أما الأدلة من الكتاب فستة :

الدليل الأول :
قال تعالى : { وراودته التي هو في بيتها عن نفسه ، وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون } وجه الدلالة أنه لما حصل اختلاط بين إمرأة عزيز مصر وبين يوسف عليه السلام ظهر منها ما كاان كامناً فطلبت منه أن ويافقها ، ولكن أدركه الله برحمته فعصمه منها ، وذلك في قوله تعالى : { فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم } وكذلك إذا حصل اختلاط بالنساء اختار كل من النوعين من يهواه من النوع الآخر ، وبذلك بعد ذلك الوسائل للحصول عليه .

الدليل الثاني :
أمر الله الرجال بغض البصر ، وأمر النساء بذلك فقال تعالى : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن } . وجه الدلالة من الآيتين : أنه أمر المؤمنين والمؤمنات بغض البصر ، وأمره يقتضي الوجوب ، ثم بين تعالى أن هذا أزكى وأطهر . ولم يعف الشارع إلا عن نظر الفجأة، فقد روى الحاكم في المستدرك عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له " يا علي ، لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة " قال الحاكم بعد إخراجه : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي في تلخيصه ، وبمعناه عدة أحاديث . وما أمر الله بغض البصر إلا لأن النظر إلى من يحرم النظر إليهن زنا ، فروى أبو هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " العينان زناهما النظر ، والأذنان زناهما الاستماع ، واللسان زناه الكلام ، واليد زناها البطش ، والرجل زناها الخطأ " متفق عليه ، واللفظ لمسلم . وإنما كان زناً لأنه تمتع بالنظر إلى محاسن المرأة ومؤد إلى دخولها في قلب ناظرها ، فتعلق في قلبه ، فيسعى إلى إيقاع الفاحشة بها . فإذا نهى الشارع عن النظر إليهن لما يؤدي إليه من المفسدة وهو حاصل في الاختلاط ، فكذلك الاختلاط ينهى عنه لأنه وسيلة إلى ما لا تحمد عقباه من التمتع بالنظر والسعي إلى ما هو أسوأ منه

الدليل الثالث :
الأدلة التي سبقت في أن المرأة عورة ، ويجب عليها التستر في جميع بدنها ، لأن كشف ذلك أو شيء منه يؤدي إلى النظر إليها ، والنظر إليها يؤدي إلى تعلق القلب بها ، ثم تبذل الأسباب للحصول عليها ، وذلك الاختلاط .

الدليل الرابع :
قال تعالى : { ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن } . وجه الأدلة أنه تعالى منع النساء من الضرب بالأرجل وإن كان جائزاً في نفسه لئلا يكون سبباً إلى سمع الرجال صوت الخلخال فيثير ذلك دواعي الشهوة منهم غليهن، وكذلك الاختلاط يُمنع لما يؤدي إليه من الفساد .

الدليل الخامس :
قوله تعالى : { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور } فسرها ابن عباس وغيره : هو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم ، ومنهم المرأة الحسناء وتمر به ، فإذا غفلوا لحظها ، فإذا فطنوا غض بصره عنها ، فإذا غفلوا لحظ ، فإذا فطنوا غمض ، وقد اطلع إليه من قلبه أنه لو اطلع على فرجها ، وأنه لو قدر عليها فزنى بها . وجه الدلالة أن الله تعالى وصف العين التي تسارق النظر إلى مالا يحل النظر إليه من النساء بأنها خائنة ، فكيف بالاختلاط .

الدليل السادس :
أنه أمرهن بالقرار في بيوتهن ، قال تعالى : { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } . وجه الأدلة : أن الله تعالى أمر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرات المطهرات الطيبات بلزوم بيوتهن ، وهذا الخطاب عام لغيرهن من نساء المسلمين ، أما تقرر في علم الأصول أن خطاب المواجهة يعم إلا ما دل الدليل على تخصيصه ، وليس هناك دليل يدل على الخصوص ، فإذا كن مأمورات بلزوم البيوت إلا إذا اقتضت الضرورة خروجهن ، فكيف يقال بجواز الاختلاط على نحو ما سبق ؟ . على أنه كثر في هذا الزمان طغيان النساء ، وخلعهن جلبات الحياء ، واستهتارهن بالتبرج والسفور عند الرجال الأجانب والتعري عندهم ، وقل الوزاع عن من أنيط به الأمر من أزواجهن وغيرهم .

أما الأدلة من السنة فإننا نكتفي بذكر تسعة أدلة :
الأول
روى الإمام أحمد في المسند بسنده عن أم حميد إمرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله : إني أحب الصلاة معك ، قال : قد علمت أنك تحبين الصلاة معي ، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك ، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك ، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك ، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي . قالت : فأمرت فبني لها مسجد في أقصى بيت من بيوتها وأظلمه ، فكانت والله تصلي فيه حتى ماتت . وروى ابن خزيمة في صحيحه ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أحب صلاة المرأة إلى الله في أشد مكان من بيتها ظلمة . ويعطي هذين الحديثين عدة أحادث تدل على أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد . وجه الدلالة : أنه إذا شرع في حقها أن تصلي بي بيتها وأنه أفضل حتى من الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه ، متى يمنع الاخلاط من باب أولى .

الثاني
ما رواه مسلم والترمذي وغيرهما بأسانيدهم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير صفوف الرجال أولها ، وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها ، وشرها أولها " قال الترمذي بعد إخراجه : حديث حسن صحيح . وجه الدلالة : المسجد فاتهن ينفصلن عن الجماعة على حدة ، ثم وصف أول صفوفهن بالشر والمؤخر منهن بالخير ، وما ذلك إلا لبعد المتأخرات عن الرجال عن مخالطتهم ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ، وذم أول صفوفهن لحصول عكس ذلك ، ووصف آخر صفوف الرجال بالشر إذا كان معهم نساء في المسجد لفوات التقدم والقرب من الإمام وقربة من النساء اللاتي يشغلن البال وربما أفسدت به العبادة وشوشن النية والخشوع ، فإذا كان الشارع توقع حصول ذلك في مواطن العبادة مع أنه لم يحصل اختلاط ، فحصول ذلك إذا وقع اختلاط من باب أولى ، فيمنع الاختلاط من باب أولى .

الثالث
روى مسلم في صحيحه ، عن زينب زوجة عبد الله ابن مسعود رضي الله عنها ، قالت : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيباً " وروى أبو داود في سننه والإمام أحمد والشافعي في مسنديهما بأسانيدهم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات " . قال ابن دقيق العبد : فيه حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد لما فيه من تحريك داعية الرجال وشهوتهم ، وربما يكون سبباً لتحريك شهوة المرأة أيضاً ، قال: ويلحق بالطيب مافي معناه كحسن الملبس والحلي الذي يظهر أثره والهيئة الفاخرة ، قال الحافظ ابن حجر : وكذلك الاختلاط بالرجال ، وقال الخطابي في ( معالم السنن ) : التفل سوء الرائحة ، يقال : امرأة تفلة إذا لم تتطيب ، ونساء تفلات .

الرابع
روى أسامة بن زيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء " . وجه الدلالة : أنه وصفهن بأنهن فتنة ، فكيف يجمع بين الفاتن والمفتون ؟ هذا لا يجوز .

الخامس
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الدنيا خلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها فناظرة كيف تعملون ، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل في النساء " رواه مسلم . وجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باتقاء النساء ، وهو يقتضي الوجوب ، فكيف يحصل الامتثال مع الاختلاط ؟ هذا لا يجوز .

السادس
روى ابو داود في السنن والبخاري في الكني بسنديهما ، عن حمزة بن السيد الأنصاري ، عن أبيه رضي الله عنه ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء : " استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق ، عليكن بحافات الطريق " فكانت المرأت تلصق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها ، هذا لفظ ابي داود . قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث : " يحقق الطريق " هو أن يركبن حقها ، وهو وسطها . وجه الدلالة : أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا منعهن من الاختلاط في الطريق لأنه يؤدي إلى الافتنان ، فكيف يقال بجواز الاختلاط في غير ذلك ؟

السابع
روى ابو داود البالسي في سننه وغيره ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بنى المسجد جعل باباً للنساء ، وقال : " لا يلج من هذا الباب من الرجال أحد " وروى البخاري في التاريخ الكبير عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن عمر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تدخلوا المسجد من باب النساء " . وجه الدلالة : أن الرسول صلى الله عليه وسلم منع اختلاط الرجال والنساء في أبواب المساجد دخولاً وخروجاً ومنع أصل اشتراكهما في أبواب المسجد سداً للذريعة الاختلاط ، فغذا منع الاختلاط في هذه الحال ، ففيه ذلك من باب أولى .

الثامن
روى البخاري في صحيحه ، عن أم سلمة رضي الله عنها ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته قام النساء حين يقضي تسليمه ومكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكانه يسيراً ، وفي رواية ثانية له ، كان يسلم فتنصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم . وفي رواية ثالثة : كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله . فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال " . وجه الدلالة : أنه منع الاختلاط بالفعل ، وهذا فيه تنبيه على منع الاختلاط في غير هذا الموضوع .

الدليل التاسع
روى الطبراني في المعجم الكبير عن معقل ابن يسار رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له . قال الهيثمي في مجمع الزائد : رجاله رجال الصحيح ، وقال المنذري في الترغيب والترهيب : رجاله ثقات . وروى الطبراني ايضاً من حديث أبي أمامة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " لأن يزحم رجل خنزيراً متلطخاً بطين وحمأه خير له من أن يزحم منكبه منكب امرأة لا تحل له . وجه الدلالة من الحديثين : أنه صلى الله عليه وسلم منع مماسة الرجل للمرأة بحائل وبدون حائل إذا لم يكن محرماً لها . لما في ذلك من الأثر السيء ، وكذلك الاختلاط يمنع ذلك . فمن تأمل ما ذكرناه من الأدلة تبين له أن القول بأن الاختلاط لا يؤدي إلى فتنة إنما هو بحسب تصور بعض الأشخاص وإلا فهو في الحقيقة يؤدي إلى فتنة ، ولهذا منعه الشارع حسماً للفساد . ولا يدخل في ذلك ما تدعو إليه الضرورة وتشتد الحاجة إليه ويكون في مواضع العبادة كما يقع في الحرم المكي ، والحرم المدني ، نسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين ، وأن يزيد المهتدي منهم هدى ، وأن يوفق ولا تهم لفعل الخيرات وترك المنكرات والأخذ على أيدي السفهاء ، إنه سميع قريب مجيب ، وصلى الله على محمد ، وآله وصحبه .










قديم 2012-01-11, 08:27   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
ابوهناء
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية ابوهناء
 

 

 
إحصائية العضو










B9 الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوته وسيرته

الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوته وسيرته



الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله


الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخيرته من خلقه سيدنا وإمامنا محمد بن عبد الله ، وعلى آله وأصحابه ومن والاه .
أما بعد : أيها الإخوان الفضلاء ، أيها الأبناء الأعزاء . هذه المحاضرة الموجزة أتقدم بها بين أيديكم تنويرا للأفكار ، وإيضاحا للحقائق ، ونصحا لله ولعباده وأداء لبعض ما يجب علي من الحق نحو المحاضر عنه وهذه المحاضرة عنوانها : الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوته وسيرته .
لما كان الحديث عن المصلحين ، والدعاة والمجددين ، والتذكير بأحوالهم وخصالهم الحميدة ، وأعمالهم المجيدة ، وشرح سيرتهم التي دلت على إخلاصهم ، وعلى صدقهم في دعوتهم وإصلاحهم . وأعمالهم وسيرتهم مما تشتاق إليه النفوس الطيبة ، وترتاح له القلوب ، ويود سماعه كل غيور على الدين ، وكل راغب في الإصلاح ، والدعوة إلى سبيل الحق رأيت أن أتحدث إليكم عن رجل عظيم ومصلح كبير وداعية غيور ، ألا وهو الشيخ الإمام المجدد للإسلام في الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر من الهجرة النبوية .
هو : الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي النجدي ، لقد عرف الناس هذا الإمام ولا سيما علماؤهم ورؤساؤهم وكبراؤهم وأعيانهم في الجزيرة العربية وفي خارجها ، ولقد كتب الناس عنه كتابات كثيرة ما بين موجز وما بين مطول ، ولقد أفرده كثير من الناس بكتابات حتى المستشرقون كتبوا عنه كتابات كثيرة ، وكتب عنه آخرون في أثناء كتاباتهم عن المصلحين وفي أثناء كتاباتهم في التاريخ ، وصفه المنصفون منهم بأنه مصلح عظيم ، وبأنه مجدد للإسلام ، وبأنه على هدى ونور من ربه ، وتعدادهم يشق كثيرا ، من جملتهم المؤلف الكبير أبو بكر الشيخ حسين بن غنام الأحسائي . فقد كتب عن هذا الشيخ . فأجاد وأفاد وذكر دعوته ، وذكر سيرته وذكر غزواته ، وأطنب في ذلك وكتب كثيرا من رسائله واستنباطاته من كتاب الله عز وجل ، ومنهم الشيخ الإمام عثمان بن بشر في كتابه : عنوان المجد ، فقد كتب عن هذا الشيخ ، وعن دعوته ، وعن سيرته ، وعن تاريخ حياته ، وعن غزواته وجهاده ، ومنهم خارج الجزيرة الدكتور أحمد أمين في كتابه : زعماء الإصلاح ، فقد كتب عنه وأنصفه ، ومنهم الشيخ الكبير مسعود عالم الندوي ، فقد كتب عنه وسماه المصلح المظلوم وكتب عن سيرته وأجاد في ذلك . وكتب عنه أيضا آخرون ، منهم الشيخ الكبير الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني . فقد كان في زمانه وقد كان على دعوته ، فلما بلغه دعوة الشيخ سر بها وحمد الله عليها .

وكذلك كتب عنه العلامة الكبير الشيخ محمد بن علي الشوكاني صاحب نيل الأوطار ورثاه بمرثية عظيمة ، وكتب عنه جمع غفير غير هؤلاء يعرفهم القراء والعلماء ، ولأجل كون كثير من الناس قد يخفى عليه حال هذا الإمام وسيرته ودعوته رأيت أن أساهم في بيان حاله وما كان عليه من سيرة حسنة ، ودعوة صالحة ، وجهاد صادق وأن أشرح قليلا مما أعرفه عن هذا الإمام حتى يتبصر في أمره من كان عنده شيء من لبس ، أو شيء من شك في حاله ودعوته ، وما كان عليه .

ولد هذا الإمام في عام ( 1115 ) هجرية هذا هو المشهور في مولده رحمة الله عليه ، وقيل في عام ( 1111 ) هجرية والمعروف الأول أنه ولد في عام 1115 هجرية على صاحبها أفضل الصلاة وأكمل التحية .

وتعلم على أبيه في بلدة العيينة وهذه البلدة هي مسقط رأسه رحمة الله عليه ، وهي قرية معلومة في اليمامة في نجد شمال غرب مدينة الرياض بينها وبين الرياض مسيرة سبعين كيلو مترا تقريبا ، أو ما يقارب ذلك من جهة الغرب . ولد فيها رحمة الله عليه ونشأ نشأة صالحة . وقرأ القرآن مبكرا .
واجتهد في الدراسة ، والتفقه على أبيه الشيخ عبد الوهاب بن سليمان - وكان فقيها كبيرا وعالما قديرا ، وكان قاضيا في بلدة العيينة - ثم بعد بلوغ الحلم حج وقصد بيت الله الحرام وأخذ عن بعض علماء الحرم الشريف .

ثم توجه إلى المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، فاجتمع بعلمائها ، وأقام فيها مدة ، وأخذ من عالمين كبيرين مشهورين في المدينة ذلك الوقت ، وهما : الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف النجدي ، أصله من المجمعة ، وهو والد الشيخ إبراهيم بن عبد الله صاحب العذب الفائض في علم الفرائض ، وأخذ أيضا عن الشيخ الكبير محمد حياة السندي بالمدينة . هذان العالمان ممن اشتهر أخذ الشيخ عنهما بالمدينة . ولعله أخذ عن غيرهما ممن لا نعرف .

ورحل الشيخ لطلب العلم إلى العراق فقصد البصرة واجتمع بعلمائها ، وأخذ عنهم ما شاء الله من العلم ، وأظهر الدعوة هناك إلى توحيد الله ودعا الناس إلى السنة ، وأظهر للناس أن الواجب على جميع المسلمين أن يأخذوا دينهم عن كتاب الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وناقش وذاكر في ذلك ، وناظر هنالك من العلماء ، واشتهر من مشايخه ، هناك شخص يقال له الشيخ محمد المجموعي ، وقد ثار عليه بعض علماء السوء بالبصرة وحصل عليه وعلى شيخه المذكور بعض الأذى ، فخرج من أجل ذلك وكان من نيته أن يقصد الشام فلم يقدر على ذلك لعدم وجود النفقة الكافية ، فخرج من البصرة إلى الزبير وتوجه من الزبير إلى الأحساء واجتمع بعلمائها وذاكرهم في أشياء من أصول الدين ثم توجه إلى بلاد حريملاء وذلك ( والله أعلم ) في العقد الخامس من القرن الثاني عشر لأن أباه كان قاضيا في العيينة وصار بينه وبين أميرها نزاع فانتقل عنها إلى حريملاء سنة 1139 هجرية فقدم الشيخ محمد على أبيه في حريملاء بعد انتقاله إليها سنة 1139 هجرية ، فيكون قدومه حريملاء في عام 1140 هـ أو بعدها ، واستقر هناك ولم يزل مشتغلا بالعلم والتعليم والدعوة في حريملاء حتى مات والده في عام 1153 هجرية فحصل من بعض أهل حريملاء شر عليه ، وهم بعض السفلة بها أن يفتك به .

وقيل : إن بعضهم تسور عليه الجدار فعلم بهم بعض الناس فهربوا ، وبعد ذلك ارتحل الشيخ إلى العيينة رحمة الله عليه ، وأسباب غضب هؤلاء السفلة عليه أنه كان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ، وكان يحث الأمراء على تعزير المجرمين الذين يعتدون على الناس بالسلب والنهب والإيذاء ، ومن جملتهم هؤلاء السفلة الذين يقال لهم : العبيد هناك ، ولما عرفوا من الشيخ أنه ضدهم وأنه لا يرضى بأفعالهم ، وأنه يحرض الأمراء على عقوباتهم ، والحد من شرهم غضبوا وهموا أن يفتكوا به ، فصانه الله وحماه ، ثم انتقل إلى بلدة العيينة وأميرها إذ ذاك عثمان بن محمد بن معمر ، فنزل عليه ورحب به الأمير ، وقال : قم بالدعوة إلى الله ونحن معك وناصروك وأظهر له الخير ، والمحبة والموافقة على ما هو عليه ، فاشتغل الشيخ بالتعليم والإرشاد والدعوة إلى الله عز وجل ، وتوجيه الناس إلى الخير ، والمحبة في الله ، رجالهم ونسائهم ، واشتهر أمره في العيينة وعظم صيته وجاء إليها الناس من القرى المجاورة .

وفي يوم من الأيام قال الشيخ للأمير عثمان : دعنا نهدم قبة زيد بن الخطاب رضي الله عنه فإنها أسست على غير هدى ، وأن الله جل وعلا لا يرضى بهذا العمل ، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن البناء على القبور ، واتخاذ المساجد عليها ، وهذه القبة فتنت الناس وغيرت العقائد ، وحصل بها الشرك فيجب هدمها ، فقال الأمير عثمان لا مانع من ذلك ، فقال الشيخ : إني أخشى أن يثور لها أهل الجبيلة ، والجبيلة قرية هناك قريبة من القبر ، فخرج عثمان ومعه جيش يبلغون 600 مقاتل لهدم القبة ، ومعهم الشيخ رحمة الله عليه فلما قربوا من القبة خرج أهل الجبيلة لما سمعوا بذلك لينصروها ويحموها .
فلما رأوا الأمير عثمان ومن معه كفوا ورجعوا عن ذلك ، فباشر الشيخ هدمها لإزالتها فأزالها الله عز وجل على يديه رحمة الله عليه .

ولنذكر نبذة عن حال نجد قبل قيام الشيخ رحمة الله عليه ، وعن أسباب قيامه ، ودعوته :
كان أهل نجد قبل دعوة الشيخ على حالة لا يرضاها مؤمن ، وكان الشرك الأكبر قد نشأ في نجد وانتشر حتى عبدت القباب وعبدت الأشجار ، والأحجار ، وعبدت الغيران ، وعبد من يدعي بالولاية . وهو من المعتوهين ، وعبد من دون الله أناس يدعون بالولاية ، وهم مجانين مجاذيب لا عقول عندهم ، واشتهر في نجد السحرة والكهنة ، وسؤالهم وتصديقهم وليس هناك منكر إلا من شاء الله ، وغلب على الناس الإقبال على الدنيا وشهواتها ، وقل القائم لله والناصر لدينه وهكذا في الحرمين الشريفين وفي اليمن اشتهر في ذلك الشرك وبناء القباب على القبور ، ودعاء الأولياء والاستغاثة بهم ، وفي اليمن من ذلك الشيء الكثير ، وفي بلدان نجد من ذلك ما لا يحصى ، ما بين قبر وما بين غار ، وبين شجرة وبين مجذوب ، ومجنون يدعى من دون الله ويستغاث به مع الله ، وكذلك مما عرف في نجد واشتهر دعاء الجن والاستغاثة بهم وذبح الذبائح لهم وجعلها في الزوايا من البيوت رجاء نجدتهم ، وخوف شرهم ، فلما رأى الشيخ الإمام هذا الشرك وظهوره في الناس وعدم وجود منكر لذلك وقائم بالدعوة إلى الله في ذلك شمر عن ساعد الجد وصبر على الدعوة وعرف أنه لا بد من جهاد ، وصبر ، وتحمل للأذى . فجد في التعليم والتوجيه والإرشاد وهو في العيينة ، وفي مكاتبة العلماء في ذلك والمذاكرة معهم رجاء أن يقوموا معه في نصرة دين الله ، والمجاهدة في هذا الشرك وهذه الخرافات . فأجاب دعوته كثيرون من علماء نجد وعلماء الحرمين ، وعلماء اليمن ، وغيرهم وكتبوا إليه بالموافقة ، وخالف آخرون وعابوا ما دعا إليه وذموه ونفروا عنه وهم بين أمرين ، ما بين جاهل خرافي لا يعرف دين الله ولا يعرف توحيد الله ، وإنما يعرف ما هو عليه وآباؤه وأجداده من الجهل والضلال والشرك ، والبدع ، والخرافات ، كما قال الله جل وعلا عن أمثال أولئك : { إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ }
وطائفة أخرى ممن ينسبون إلى العلم ردوا عليه عنادا وحسدا لئلا يقوم العامة : ما بالكم لم تنكروا علينا هذا الشيء؟! لماذا جاء ابن عبد الوهاب وصار على الحق وأنتم علماء ولم تنكروا هذا الباطل؟! فحسدوه وخجلوا من العامة ، وأظهروا العناد للحق إيثارا للعاجل على الآجل ، واقتداء باليهود في إيثارهم الدنيا على الآخرة نسأل الله العافية والسلامة .

أما الشيخ فقد صبر وجد في الدعوة وشجعه من شجعه من العلماء والأعيان في داخل الجزيرة ، وفي خارجها ، وعزم على ذلك ، واستعان بربه عز وجل ، وعكف على الكتب النافعة ودرسها وعكف قبل ذلك على كتاب الله ، وكانت له اليد الطولى في تفسير كتاب الله ، والاستنباط منه ، وعكف على سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه ، وجد في ذلك وتبصر فيه حتى أدرك من ذلك ما أعانه الله به وثبته على الحق فشمر عن ساعد الجد ، وصمم على الدعوة وعلى أن ينشرها بين الناس ويكاتب الأمراء والعلماء في ذلك وليكن في ذلك ما يكون ، فحقق الله له الآمال الطيبة ، ونشر به الدعوة ، وأيد به الحق ، وهيأ الله له أنصارا ومساعدين وأعوانا حتى ظهر دين الله وعلت كلمة الله ، فاستمر الشيخ في الدعوة في العيينة بالتعليم والإرشاد ، ثم شمر عن ساعد الجد إلى العمل وإزالة الشرك بالفعل لما رأى الدعوة لم تؤثر في بعض الناس فباشر الدعوة عمليا ليزيل بيده ما تيسر وما أمكن من آثار الشرك .

فقال الشيخ للأمير عثمان بن معمر : لا بد من هدم هذه القبة على قبر زيد - وزيد بن الخطاب رضي الله عنه هو أخو عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضي الله تعالى عن الجميع ، وكان من جملة الشهداء في قتال مسيلمة الكذاب في عام 12 من الهجرة النبوية ، فكان ممن قتل هناك وبني على قبره قبة فيما يذكرون ، وقد يكون قبر غيره ، لكنه فيما يذكرون أنه قبره - فوافقه عثمان كما تقدم ، وهدمت القبة بحمد الله وزال أثرها إلى اليوم ولله الحمد والمنة ، أماتها جل وعلا لما هدمت عن نية صالحة ، وقصد مستقيم ونصر للحق ، وهناك قبور أخرى منها قبر يقال :
إنه قبر ضرار بن الأوزر كانت عليه قبة هدمت أيضا ، وهناك مشاهد أخرى أزالها الله عز وجل ، وكانت هناك غيران وأشجار تعبد من دون الله جل وعلا فأزيلت وقضى عليها وحذر الناس عنها .
والمقصود أن الشيخ استمر رحمة الله عليه على الدعوة قولا وعملا كما تقدم ، ثم إن الشيخ أتته امرأة واعترفت عنده بالزنا عدة مرات ، وسأل عن عقلها فقيل : إنها عاقلة ولا بأس بها ، فلما صممت على الاعتراف ، ولم ترجع عن اعترافها ، ولم تدع إكراها ولا شبهة وكانت محصنة ، أمر الشيخ رحمة الله عليه بأن ترجم فرجمت بأمره حالة كونه قاضيا بالعيينة ، فاشتهر أمره بعد ذلك بهدم القبة وبرجم المرأة وبالدعوة العظيمة إلى الله وهجرة المهاجرين إلى العيينة ، وبلغ أمير الأحساء وتوابعها من بني خالد سليمان بن عريعر الخالدي أمر الشيخ وأنه يدعو إلى الله وأنه يهدم القباب ، وأنه يقيم الحدود فعظم على هذا البدوي أمر الشيخ ، لأن من عادة البادية إلا من هدى الله ، الإقدام على الظلم ، وسفك الدماء ، ونهب الأموال ، وانتهاك الحرمات ، فخاف أن هذا الشيخ يعظم أمره ويزيل سلطان الأمير البدوي ، فكتب إلى عثمان يتوعده ويأمره أن يقتل هذا المطوع الذي عنده في العيينة ، وقال : إن المطوع الذي عندكم بلغنا عنه كذا ، وكذا!! فإما أن تقتله ، وإما أن نقطع عنك خراجك الذي عندنا!! وكان عنده للأمير عثمان خراج من الذهب ، فعظم على عثمان أمر هذا الأمير ، وخاف إن عصاه أن يقطع عنه خراجه أو يحاربه ، فقال للشيخ : إن هذا الأمير كتب إلينا كذا وكذا ، وأنه لا يحسن منا أن نقتلك وإنا نخاف هذا الأمير ولا نستطيع محاربته ، فإذا رأيت أن تخرج عنا فعلت ، فقال له الشيخ : إن الذي أدعو إليه هو دين الله وتحقيق كلمة لا إله إلا الله ، وتحقيق شهادة أن محمدا رسول الله ، فمن تمسك بهذا الدين ونصره وصدق في ذلك نصره الله وأيده وولاه على بلاد أعدائه ، فإن صبرت واستقمت وقبلت هذا الخبر فأبشر فسينصرك الله ويحميك من هذا البدوي وغيره ، وسوف يوليك الله بلاده وعشيرته ، فقال : أيها الشيخ إنا لا نستطيع محاربته ، ولا صبر لنا على مخالفته ، فخرج الشيخ عند ذلك وتحول من العيينة إلى بلاد الدرعية ، جاء إليها ماشيا فيما ذكروا حتى وصل إليها في آخر النهار ، وقد خرج من العيينة في أول النهار ماشيا على الأقدام لم يرحله عثمان ، فدخل على شخص من خيارها في أعلى البلد يقال له : محمد بن سويلم العريني فنزل عليه ، ويقال : إن هذا الرجل خاف من نزوله عليه وضاقت به الأرض بما رحبت ، وخاف من أمير الدرعية محمد بن سعود فطمأنه الشيخ وقال له : أبشر بخير ، وهذا الذي أدعو الناس إليه دين الله ، وسوف يظهره الله ، فبلغ محمد بن سعود خبر الشيخ محمد ، ويقال :
إن الذي أخبره به زوجته جاء إليها بعض الصالحين وقال لها : أخبري محمدا بهذا الرجل ، وشجعيه على قبول دعوته وحرضيه على مؤازرته ومساعدته وكانت امرأة صالحة طيبة ، فلما دخل عليها محمد بن سعود أمير الدرعية وملحقاتها قالت له : أبشر بهذه الغنيمة العظيمة! هذه غنيمة ساقها الله إليك ، رجل داعية يدعو إلى دين الله ، ويدعو إلى كتاب الله ، يدعو إلى سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام يا لها من غنيمة! بادر بقبوله وبادر بنصرته ، ولا تقف في ذلك أبدا ، فقبل الأمير مشورتها ، ثم تردد هل يذهب إليه أو يدعوه إليه؟! فأشير عليه ويقال : إن المرأة أيضا هي التي أشارت عليه مع جماعة من الصالحين وقالوا له : لا ينبغي أن تدعوه إليك ، بل ينبغي أن تقصده في منزله ، وأن تقصده أنت وأن تعظم العلم والداعي إلى الخير ، فأجاب إلى ذلك لما كتب الله له من السعادة والخير رحمة الله عليه وأكرم الله مثواه ، فذهب إلى الشيخ في بيت محمد بن سويلم ، وقصده وسلم عليه وتحدث معه ، وقال له يا شيخ محمد أبشر بالنصرة وأبشر بالأمن وأبشر بالمساعدة ، فقال له الشيخ : وأنت أبشر بالنصرة أيضا والتمكين والعاقبة الحميدة ، هذا دين الله من نصره نصره الله ، ومن أيده أيده الله وسوف تجد آثار ذلك سريعا ، فقال : يا شيخ سأبايعك على دين الله ورسوله وعلى الجهاد في سبيل الله ، ولكنني أخشى إذا أيدناك ونصرناك وأظهرك الله على أعداء الإسلام ، أن تبتغي غير أرضنا ، وأن تنتقل عنا إلى أرض أخرى فقال : لا أبايعك على هذا . . . أبايعك على أن الدم بالدم والهدم بالهدم لا أخرج عن بلادك أبدا ، فبايعه على النصرة وعلى البقاء في البلد وأنه يبقى عند الأمير يساعده ، ويجاهد معه في سبيل الله حتى يظهر دين الله ، وتمت البيعة على ذلك .

وتوافد الناس إلى الدرعية من كل مكان ، من العيينة ، وعرقة ، ومنفوحة ، والرياض وغير ذلك ، من البلدان المجاورة ، ولم تزل الدرعية موضع هجرة يهاجر إليها الناس من كل مكان ، وتسامع الناس بأخبار الشيخ ، ودروسه في الدرعية ودعوته إلى الله وإرشاده إليه ، فأتوا زرافات ووحدانا .
فأقام الشيخ بالدرعية معظما مؤيدا محبوبا منصورا ورتب الدروس في الدرعية في العقائد ، وفي القرآن الكريم ، وفي التفسير ، وفي الفقه ، وأصوله ، والحديث ، ومصطلحه ، والعلوم العربية ، والتاريخية ، وغير ذلك من العلوم النافعة ، وتوافد الناس عليه من كل مكان ، وتعلم الناس علمه في الدرعية الشباب وغيرهم ، ورتب للناس دروسا كثيرة للعامة ، والخاصة ، ونشر العلم في الدرعية واستمر على الدعوة .

ثم بدأ بالجهاد وكاتب الناس إلى الدخول في هذا الميدان وإزالة الشرك الذي في بلادهم ، وبدأ بأهل نجد ، وكاتب أمراءها وعلماؤها . كاتب علماء الرياض وأميرها دهام بن دواس ، كاتب علماء الخرج وأمراءها ، وعلماء بلاد الجنوب والقصيم وحائل والوشم ، وسدير وغير ذلك ، ولم يزل يكاتبهم ويكاتب علماءهم وأمراءهم .

وهكذا علماء الأحساء وعلماء الحرمين الشريفين ، وهكذا علماء الخارج في مصر ، والشام ، والعراق ، والهند ، واليمن ، وغير ذلك ، ولم يزل يكاتب الناس ويقيم الحجج ويذكر الناس ما وقع فيه أكثر الخلق من الشرك والبدع ، وليس معنى هذا أنه ليس هناك أنصار للدين بل هناك أنصار والله جل وعلا قد ضمن لهذا الدين أن لا بد له من ناصر ولا تزال طائفة في هذه الأمة على الحق منصورة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ، فهناك أنصار للحق في أقطار كثيرة .

ولكن الحديث الآن عن نجد ، فكان فيها من الشر والفساد والشرك والخرافات ما لا يحصيه إلا الله عز وجل . مع أن فيها علماء فيهم خير ، ولكن لم يقدر لهم أن ينشطوا في الدعوة وأن يقوموا بها كما ينبغي ، وهناك أيضا في اليمن وغير اليمن دعاة إلى الحق وأنصار قد عرفوا هذا الشرك وهذه الخرافات ، ولكن لم يقدر الله لدعوتهم النجاح ما قدر لدعوة الشيخ محمد لأسباب كثيرة ،
منها : عدم تيسر الناصر المساعد لهم .
ومنها : عدم الصبر لكثير من الدعاة وتحمل الأذى في سبيل الله ،
ومنها : قلة علوم بعض الدعاة التي يستطيع بها أن يوجه الناس بالأساليب المناسبة ، والعبارات اللائقة ، والحكمة والموعظة الحسنة .
ومنها : أسباب أخرى غير هذه الأسباب ، وبسبب هذه المكاتبات الكثيرة والرسائل والجهاد اشتهر أمر الشيخ ، وظهر أمر الدعوة ، واتصلت رسائله بالعلماء في داخل الجزيرة ، وفي خارجها . وتأثر بدعوته جمع غفير من الناس في الهند وفي أندونيسيا ، وفي أفغانستان ، وفي أفريقيا وفي المغرب ، وهكذا في مصر ، والشام ، والعراق ، وكان هناك دعاة كثيرون عندهم معرفة بالحق والدعوة إليه فلما بلغتهم دعوة الشيخ زاد نشاطهم ، وزادت قوتهم واشتهروا بالدعوة ولم تزل دعوة الشيخ تشتهر وتظهر بين العالم الإسلامي وغيره ، ثم في هذا العصر الأخير طبعت كتبه ، ورسائله ، وكتب أبنائه ، وأحفاده ، وأنصاره ، وأعوانه من علماء المسلمين في الجزيرة وخارجها ، وكذلك طبعت الكتب في دعوته ، وترجمته ، وأحواله ، وأحوال أنصاره ، حتى اشتهرت بين الناس في غالب الأقطار والأمصار ، ومن المعلوم أن لكل نعمة حاسدا وأن لكل داعي أعداء كثيرين قال الله تعالى : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ }

فلما اشتهر الشيخ بالدعوة وكتب الكتابات الكثيرة ، وألف المؤلفات القيمة ، ونشرها في الناس ، وكاتبه العلماء ، ظهر جماعة كثيرون من حساده ، ومن مخالفيه ، وظهر أيضا أعداء آخرون ، وصار أعداؤه وخصومه قسمين :
قسم عادوه باسم العلم والدين ، وقسم : عادوه باسم السياسة ولكن تستروا بالعلم ، وتستروا باسم الدين ، واستغلوا عداوة من عاداه من العلماء الذين أظهروا عداوته وقالوا : إنه على غير الحق ، وإنه كيت وكيت .
والشيخ رحمة الله عليه مستمر في الدعوة يزيل الشبه ، ويوضح الدليل ، ويرشد الناس إلى الحقائق على ما هي علي من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، وطورا . يقولون : إنه من الخوارج ، وتارة يقولون : يخرق الإجماع ، ويدعي الاجتهاد المطلق ولا يبالي بمن قبله من العلماء والفقهاء وتارة يرمونه بأشياء أخرى وما ذاك إلا من قلة العلم من طائفة منه وطائفة أخرى قلدت غيرها واعتمدت عليها ، وطائفة أخرى خافت على مراكزها فعادته سياسة وتستتر باسم الإسلام والدين واعتمدت على أقوال المخرفين والمضللين .

والخصوم في الحقيقة ثلاثة أقسام :
علماء مخرفون يرون الحق باطلا والباطل حقا ، ويعتقدون أن البناء على القبور ، واتخاذ المساجد عليها ،ودعاءها من دون الله والاستغاثة بها وما أشبه ذلك دين وهدى ، ويعتقدون أن من أنكر ذلك فقد أبغض الصالحين ، وأبغض الأولياء ، وهو عدو يجب جهاده .
وقسم آخر : من المنسوبين للعلم جهلوا حقيقة هذا الرجل ، ولم يعرفوا عنه الحق الذي دعا إليه بل قلدوا غيرهم وصدقوا ما قيل فيه من الخرافيين المضللين ، وظنوا أنهم على هدى فيما نسبوه إليه من بغض الأولياء والأنبياء ، ومن معاداتهم ، وإنكار كراماتهم ، فذموا الشيخ ، وعابوا ونفروا عنه .
وقسم آخر : خافوا على المناصب والمراتب فعادوه لئلا تمتد أيدي أنصار الدعوة الإسلامية إليهم فتنزلهم عن مراكزهم ، وتستولي على بلادهم ، واستمرت الحرب الكلامية . والمجادلات والمساجلات بين الشيخ وخصومه ، يكاتبهم ويكاتبونه ، ويجادلهم ويرد عليهم ، ويردون عليه ، وهكذا جرى بين أبنائه وأحفاده وأنصاره وبين خصوم الدعوة . حتى اجتمع من ذلك رسائل كثيرة ، وردود جمة ، وقد جمعت هذه الرسائل والفتاوى والردود فبلغت مجلدات ، وقد طبع أكثرها والحمد لله ، واستمر الشيخ في الدعوة والجهاد وساعده الأمير محمد بن سعود أمير الدرعية ، وجد الأسرة السعودية على ذلك ، ورفعت راية الجهاد وبدأ الجهاد من عام 1158 هـ .

بدأ الجهاد بالسيف ، وبالكلام والبيان ، والحجة ، والبرهان ، ثم استمرت الدعوة مع الجهاد بالسيف ، ومعلوم أن الداعي إلى الله عز وجل إذا لم يكن لديه قوة تنصر الحق وتنفذه فسرعان ما تخبو دعوته وتنطفي شهرته ، ثم يقل أنصاره .

ومعلوم ما للسلاح والقوة من الأثر العظيم في نشر الدعوة ، وقمع المعارضين ونصر الحق ، وقمع الباطل ولقد صدق الله العظيم في قوله عز وجل وهو الصادق سبحانه في كل ما يقول : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } فبين سبحانه وتعالى أنه أرسل الرسل بالبينات ، وهي الحجج والبراهين الساطعة التي يوضح الله بها الحق ، ويدفع بها الباطل ، وأنزل مع الرسل الكتاب الذي فيه البيان ، والهدى والإيضاح ، وأنزل معهم الميزان ، وهو العدل الذي ينصف به المظلوم من الظالم ، ويقام به الحق وينشر به الهدى ويعامل الناس على ضوئه بالحق والقسط ، وأنزل الحديد فيه بأس شديد ، فيه قوة وردع وزجر لمن خالف الحق ، فالحديد لمن لم تنفع فيه الحجة وتؤثر فيه البينة ، فهو الملزم بالحق ، وهو القامع للباطل ، ولقد أحسن من قال في مثل هذا :

وما هو إلا الوحي أوحد مرهف *** تزيل ظباه اخدعي كل مائل
فهذا دواء الداء من كل جاهل *** وهذا دواء الداء من كل عادل

فالعاقل ذو الفطرة السليمة ، ينتفع بالبينة ، ويقبل الحق بدليله ، أما الظالم التابع لهواه فلا يردعه إلا السيف ، فجد الشيخ رحمه الله في الدعوة والجهاد ، وساعده أنصاره من آل سعود ، طيب الله ثراهم على ذلك ، واستمروا في الجهاد والدعوة من عام 1158هـ إلى أن توفي الشيخ في عام 1206هـ فاستمر الجهاد والدعوة قريبا من خمسين عاما . جهاد ، ودعوة ، ونضال ، وجدال في الحق ، وإيضاح لما قاله الله ورسوله ، ودعوة إلى دين الله ، وإرشاد إلى ما شرعه رسول الله عليه الصلاة والسلام .

حتى التزم الناس بالطاعة ، ودخلوا في دين الله ، وهدموا ما عندهم من القباب ، وأزالوا ما لديهم من المساجد المبنية على القبور ، وحكموا الشريعة ، ودانوا بها ، وتركوا ما كانوا عليه من تحكيم سوالف الآباء والأجداد ، وقوانينهم ، ورجعوا إلى الحق .
وعمرت المساجد بالصلوات ، وحلقات العلم ، وأديت الزكوات ، وصام الناس رمضان ، كما شرع الله عز وجل ، وأمر بالمعروف ، ونهي عن المنكر ، وساد الأمن في الأمصار ، والقرى ، والطرق ، والبوادي ، ووقف البادية عند حدهم ، ودخلوا في دين الله وقبلوا الحق ، ونشر الشيخ فيهم الدعوة .
وأرسل الشيخ إليهم المرشدين ، والدعاة في الصحراء والبوادي ، كما أرسل المعلمين ، والمرشدين ، والقضاة إلى البلدان والقرى ، وعم هذا الخير العظيم والهدى المستبين نجدا كلها وانتشر فيها الحق ، وظهر فيها دين الله عز وجل .

ثم بعد وفاة الشيخ رحمة الله عليه استمر أبناؤه ، وأحفاده ، وتلاميذه ، وأنصاره في الدعوة والجهاد ، وعلى رأس أبنائه الشيخ الإمام عبد الله بن محمد ، والشيخ حسين بن محمد ، والشيخ علي بن محمد ، والشيخ إبراهيم بن محمد ، ومن أحفاده الشيخ عبد الرحمن بن حسن ، والشيخ علي بن حسين ، والشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد وجماعة آخرون ومن تلاميذه أيضا الشيخ حمد بن ناصر بن معمر ، وجمع غفير من علماء الدرعية ، وغيرهم استمروا في الدعوة والجهاد ونشر دين الله تعالى وكتابة الرسائل وتأليفات المؤلفات ، وجهاد أعداء الدين ، وليس بين هؤلاء الدعاة وخصومهم شيء إلا أن هؤلاء دعوا إلى توحيد الله وإخلاص العبادة لله عز وجل ، والاستقامة على ذلك ، وهدم المساجد والقباب التي على القبور ، ودعوا إلى تحكيم الشريعة والاستقامة عليها ودعوا إلى
الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وإقامة الحدود الشرعية . هذه أسباب النزاع بينهم وبين الناس .

والخلاصة : أنهم أرشدوا الناس إلى توحيد الله ، وأمروهم بذلك وحذروا الناس من الشرك بالله ومن وسائله وذرائعه ، وألزموا الناس بالشريعة الإسلامية ، ومن أبى واستمر على الشرك بعد الدعوة والبيان ، والإيضاح والحجة ، جاهدوه في الله عز وجل وقصدوه في بلاده حتى يخضع للحق ، وينيب إليه ويلزموه به بالقوة والسيف ، حتى يخضع هو وأهل بلده إلى ذلك .

وكذلك حذروا الناس من البدع والخرافات ، التي ما أنزل الله بها من سلطان ، كالبناء على القبور ، واتخاذ القباب عليها والتحاكم إلى الطواغيت ، وسؤال السحرة والكهنة ، وتصديقهم وغير ذلك ، فأزال الله ذلك على يدي الشيخ وأنصاره رحمة الله عليهم جميعا . وعمرت المساجد بتدريس الكتاب العظيم والسنة المطهرة ، والتاريخ الإسلامي ، والعلوم العربية النافعة ، وصار الناس في مذاكرة ، وعلم ، وهدى ، ودعوة ، وإرشاد ، وآخرون منهم فيما يتعلق بدنياهم من الزراعة والصناعة وغير ذلك ، علم وعمل ، ودعوة وإرشاد ، ودنيا ودين ، فهو يتعلم ويذاكر ، ومع ذلك يعمل في حقله الزراعي ، أو في صناعته أو تجارته وغير ذلك . فتارة لدينه ، وتارة لدنياه دعاة إلى الله وموجهون
إلى سبيله ، ومع ذلك يشتغلون بأنواع الصناعة الرائجة في بلادهم ، ويحصلون من ذلك على ما يغنيهم عن خارج بلادهم ، وبعد فراغ الدعاة وآل سعود من نجد امتدت دعوتهم إلى الحرمين ، وجنوب الجزيرة ، كاتبوا علماء الحرمين سابقا ، ولاحقا فلما لم تجد الدعوة واستمر أهل الحرمين على ما هم عليه من تعظيم القباب ، واتخاذها على القبور ، ووجود الشرك عندها ، والسؤال لأربابها ، سار الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بعد وفاة الشيخ بإحدى عشرة سنة توجه إلى الحجاز ، ونازل أهل الطائف ثم قصد أهل مكة وكان أهل الطائف قد توجه إليهم قبل سعود الأمير عثمان بن عبد الرحمن المضايفي ، ونازلهم بقوة أرسلها إليها الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد أمير الدرعية بقوة عظيمة من أهل نجد وغيرهم ، ساعدوه حتى استولى على الطائف ، وأخرج منها أمراء الشريف ، وأظهر فيه الدعوة إلى الله ، وأرشد إلى الحق ، ونهى فيها عن الشرك ، وعبادة ابن عباس ، وغيره مما كان يعبده هناك الجهال ، والسفهاء من أهل الطائف ، ثم توجه الأمير سعود عن أمر أبيه عبد العزيز إلى جهة الحجاز ، وجمعت الجيوش حول مكة .

فلما عرف شريفها أنه لا بد من التسليم أو الفرار فر إلى جدة . ودخل سعود ومن معه من المسلمين البلاد من غير قتال واستولوا على مكة في فجر 1 من شهر محرم من عام 1218هـ وأظهروا فيها الدعوة إلى دين الله ، وهدموا ما فيها من القباب التي بنيت علي قبر خديجة وغيره ، فأزالوا القباب كلها ، وأظهروا فيها الدعوة إلى توحيد الله عز وجل ، وعينوا فيها العلماء والمدرسين ، والموجهين والمرشدين ، والقضاة الحاكمين بالشريعة .

ثم بعد مدة وجيزة فتحت المدينة ، واستولى آل سعود على المدينة في عام 1220هـ بعد مكة بنحو سنتين ، واستمر الحرمان في ولاية آل سعود ، وعينوا فيها الموجهين والمرشدين ، وأظهروا في البلاد العدل وتحكيم الشريعة ، والإحسان إلى أهلها ولا سيما فقرائهم ومحاويجهم فأحسنوا إليهم بالأموال ، وواسوهم ، وعلموهم كتاب الله ، وأرشدوهم إلى الخير ، وعظموا العلماء ، وشجعوهم على التعليم ، والإرشاد ولم ينزل الحرمان الشريفان تحت ولاية آل سعود إلى عام 1226هـ ثم بدأت الجيوش المصرية والتركية تتوجه إلى الحجاز لقتال آل سعود وإخراجهم من الحرمين ، لأسباب كثيرة تقدم بعضها ، وهذه الأسباب كما تقدم هي أن أعداءهم ، وحسادهم ، والمخرفين الذين ليس لهم بصيرة ، وبعض السياسيين الذين أرادوا إخماد هذه الدعوة وخافوا منها أن تزيل مراكزهم ، وأن تقضي على أطماعهم ، كذبوا على الشيخ ، وأتباعه ، وأنصاره ، وقالوا إنهم يبغضون الرسول عليه الصلاة والسلام ، لأنهم يبغضون الأولياء ، وينكرون كراماتهم ، وقالوا إنهم أيضا يقولون كيت وكيت مما يزعمون أنهم ينتقصون به الرسل عليهم الصلاة والسلام ، وصدق هذا بعض الجهال ، وبعض المغرضين ، وجعلوه سلما للنيل منهم والقتال لهم ، وتشجيع الأتراك والمصريين على حربهم ، فجرى ما جرى من الفتن والقتال - وصار القتال بين الجنود المصرية والتركية ومن معهم وبين آل سعود في نجد ، والحجاز ، سجالا مدة طويلة من عام 1226 هـ إلى عام 1233 هـ سبع سنين كلها قتال ونضال بين قوى الحق وقوى الباطل .

والخلاصة : أن هذا الإمام الذي هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه إنما قام لإظهار دين الله ، وإرشاد الناس إلى توحيد الله ، وإنكار ما أدخل الناس فيه من البدع والخرافات ، وقام أيضا لإلزام الناس بالحق ، وزجرهم عن الباطل ، وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر .

هذه خلاصة دعوته رحمة الله تعالى عليه ، وهو في العقيدة على طريقة السلف الصالح يؤمن بالله وبأسمائه ، وصفاته ، ويؤمن بملائكته ، ورسله وكتبه ، وباليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره ، وهو على طريقة أئمة الإسلام في توحيد الله ، وإخلاص العبادة له جل وعلا . وفي الإيمان بأسماء الله وصفاته على الوجه اللائق بالله سبحانه ، لا يعطل صفات الله ، ولا يشبه الله بخلقه . وفي الإيمان بالبعث ، والنشور ، والجزاء .
والحساب ، والجنة والنار ، وغير ذلك .
ويقول في الإيمان ما قاله السلف أنه قول وعمل يزيد وينقص . يزيد بالطاعة ، وينقص بالمعصية ، كل هذا من عقيدته رحمه الله ، فهو على طريقتهم وعلى عقيدتهم قولا وعملا ، لم يخرج عن طريقتهم البتة ، وليس له في ذلك مذهب خاص ، ولا طريقة خاصة ، بل هو على طريق السلف الصالح من الصحابة وأتباعهم بإحسان . رضي الله عن الجميع .
وإنما أظهر ذلك في نجد ، وما حولها ودعا إلى ذلك ثم جاهد عليه من أباه ، وعانده ، وقاتلهم ، حتى ظهر دين الله وانتصر الحق ، وكذلك هو على ما عليه المسلمون من الدعوة إلى الله ، وإنكار الباطل ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ولكن الشيخ وأنصاره يدعون الناس إلى الحق ، ويلزمونهم به ، وينهونهم عن الباطل ، وينكرونه عليهم ، ويزجرونهم عنه حتى يتركوه .

وكذلك جد في إنكار البدع والخرافات حتى أزالها الله سبحانه بسبب دعوته . فالأسباب الثلاثة المتقدمة آنفا هي أسباب العداوة ، والنزل بينه وبين الناس . وهي :
أولا : إنكار الشرك والدعوة إلى التوحيد الخالص .
ثانيا : إنكار البدع ، والخرافات ، كالبناء على القبور واتخاذها مساجد ونحو ذلك كالموالد والطرق التي أحدثتها طوائف المتصوفة .
ثالثا : أنه يأمر الناس بالمعروف ، ويلزمهم به بالقوة فمن أبى المعروف الذي أوجبه الله عليه ، ألزم به وعزر عليه إذا تركه وينهى الناس عن المنكرات ، ويزجرهم عنها ، ويقيم حدودها ، ويلزم الناس الحق ، ويزجرهم عن الباطل ، وبذلك ظهر الحق ، وانتشر ، وكبت الباطل ، وانقمع ، وسار الناس في سيرة حسنة ، ومنهج قويم في أسواقهم ، وفي مساجدهم ، وفي سائر أحوالهم .
لا تعرف البدع بينهم ولا يوجد في بلادهم الشرك ، ولا تظهر المنكرات بينهم . بل من شاهد بلادهم وشاهد أحوالهم وما هم عليه ذكر حال السلف الصالح وما كانوا عليه زمن النبي عليه الصلاة والسلام ، وزمن أصحابه ، وزمن أتباعه بإحسان في القرون المفضلة رحمة الله عليهم .
فالقوم ساروا سيرتهم ، ونهجوا منهجهم ، وصبروا على ذلك ، وجدوا فيه ، وجاهدوا عليه ، فلما حصل بعض التغيير في آخر الزمان بعد وفاة الشيخ محمد بمدة طويلة ووفاة كثير من أبنائه رحمة الله عليهم وكثير من أنصاره حصل بعض التغيير جاء الابتلاء وجاء الامتحان بالدولة التركية ، والدولة المصرية ، مصداق قوله عز وجل : { إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ }
نسأل الله عز وجل أن يجعل ما أصابهم تكفيرا وتمحيصا من الذنوب ، رفعة وشهادة لمن قتل منهم رضي الله عنهم ورحمهم .

ولم تزل دعوتهم بحمد الله قائمة منتشرة إلى يومنا هذا فإن الجنود المصرية لما عثت في نجد ، وقتلت من قتلت ، وخربت ما خربت ، لم يمض على ذلك إلا سنوات قليلة ثم قامت الدعوة بعد ذلك وانتشرت ، ونهض بالدعوة بعد ذلك بنحو خمس سنين الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود رحمه الله عليه فنشر الدعوة في نجد وما حولها ، وانتشر العلماء في نجد وأخرج من كان هناك من الأتراك والمصريين أخرجهم من نجد وقراها ، وبلدانها وانتشرت الدعوة بعد ذلك في نجد في عام 1240هـ وكان تخريب الدرعية والقضاء على دولة آل سعود في عام 1233هـ .

فمكث الناس في نجد في فوضى ، وقتال وفتن بنحو خمس سنين من أربع وثلاثين إلى عام 1239هـ ثم في عام أربعين بعد المائتين وألف اجتمع شمل المسلمين في نجد على الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود ، وظهر الحق وكتب العلماء الرسائل إلى القرى والبلدان ، وشجعوا الناس ودعوهم إلى دين الله وانطفأت الفتن التي بينهم بعد الحروب الطويلة التي حصلت على أيدي المصريين ، وأعوانهم ، وهكذا انطفأت الحروب ، والفتن التي وقعت بينهم على أثر تلك الحروب ، وخمدت
نارها ، وظهر دين الله ، واشتغل الناس بعد ذلك بالتعليم ، والإرشاد ، والدعوة ، والتوجيه ، حتى عادت المياه إلى مجاريها .

وعاد الناس إلى أحوالهم ، وما كانوا عليه في عهد الشيخ ، وعهد تلامذته ، وأبنائه ، وأنصاره ، رضي الله عن الجميع ورحمهم ، واستمرت الدعوة من عام 1240هـ إلى يومنا هذا بحمد الله ، ولم يزل يخلف آل سعود بعضهم بعضا ، وآل الشيخ وعلماء نجد بعضهم بعضا فآل سعود يخلف بعضهم بعضا في الإمامة والدعوة إلى الله والجهاد في سبيل الله .
وهكذا العلماء يخلف بعضهم بعضا في الدعوة إلى الله والإرشاد إليه ، والتوجيه إلى الحق . إلا أن الحرمين بقيا مفصولين عن الدولة السعودية دهرا طويلا ، ثم عادا إليهم في عام 1343هـ ، واستولى على الحرمين الشريفين الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل ابن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود رحمة الله عليه ولم يزالا بحمد الله تحت ولاية هذه الدولة إلى يومنا هذا .

فلله الحمد ونسأل الله عز وجل أن يصلح البقية الباقية من آل سعود ، ومن آل الشيخ ، ومن علماء المسلمين جميعا في هذه البلاد ، وغيرها وأن يوفقهم جميعا لما يرضيه وأن يصلح علماء المسلمين أينما كانوا وأن ينصر بالجميع الحق ، ويخذل بهم الباطل ، وأن يوفق دعاة الهدى أينما كانوا للقيام بما أوجب الله عليهم ، وأن يهدينا وإياهم صراطه المستقيم ، وأن يعمر الحرمين الشريفين ، وملحقاتهما ، وسائر بلاد المسلمين بالهدى ، ودين الحق ، وبتعظيم كتاب الله ، وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام ، وأن يمن على الجميع بالفقه فيهما ، والتمسك بهما ، والصبر على ذلك ، والثبات عليه ، والتحاكم إليهما ، حتى يلقوا ربهم عز وجل .

إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير . وهذا آخر ما تيسر بيانه ، والتعريف به ، من حال الشيخ ، ودعوته وأنصاره ، وخصومه والله المستعان ، وعليه الاتكال ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله ، نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله ، وعلى آله ، وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه ، والحمد لله رب العالمين .










قديم 2012-01-11, 08:34   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
ابوهناء
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية ابوهناء
 

 

 
إحصائية العضو










B9 محمد بن عبد الوهاب .. داعية التوحيد

د. عبدالكريم عثمان


هو أبو عبد الله "محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي"، إمام النهضة الإسلامية الحديثة في جزيرة العرب، ومجدد من مجددي الإسلام، وداعية إسلامي كبير، أخذ نفسه أولاً ثم من حوله بما يعتقد أنه الحق، وكافح من أجله وقاسى، حتى قيض الله له النصر.

ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ونشأ في العيينة سنه 1115من هجرة الرسول، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام. وتلقى العلوم الأولى على يدي والده، وكان يعمل قاضياً للعيينة آنذاك.

إلى الحجاز
ثم ارتحل إلى الحجاز لأداء فريضة الحج ولمتابعة علومه وبحوثه، فدرس على أعلام مكة آنذاك، ثم انتقل إلى المدينة فقرأ على فقهائها وخاصة الشيخ "عبد الله بن إبراهيم النجدي" والشيخ "محمد السندي"، ثم قصد إلى البصرة واجتمع إلى عدد من علمائها المعروفين، وهناك اتضحت له معالم الدعوة التي يجب أن يبشر بها، وتبينت له ضخامة المهمة العظيمة التي ألقيت على عاتقه، وارتسمت أمام ناظريه أبعاد المعركة التي سيخوضها مع الطوائف المضّللة من الناس.

في العصر الذي نشأ فيه إمامنا الجليل كانت عوامل الضعف بدأت تدب في أوصال الدولة الإسلامية، وأخذت الخلافة العثمانية تفقد سيطرتها وتصدرها للأمور، وبرزت الصليبية من جديد تكيد للعالم الإسلامي وتتآمر عليه وتدس له الدسائس.

وساعد على هذا الضعف انتشار البدع، وتغلب الخرافة، وظهور أنواع من الشرك، فقدسّت القباب والأشجار والأحجار، وانتشر مبتدعو الولاية يزيفون على الناس دينهم، ويبتزون منهم أموالهم، وغلب على الناس الإقبال على الدنيا وقل الناصرون لدين لله، وظهر من بعض السلطات رغبة في تأكيد هذه الاتجاهات.

وكانت كل هذه المظاهر تفعل فعلها في نفس ذلك الشاب، النقي السريرة، المخلص الطوية، المتوقد حماساً للدفاع عن عقيدة الإسلام ودولته وأمته.

عناصر دعوته
وقد أحس الشيخ ببصيرته النافذة، أن تصحيح العقيدة أول الخطوات في دربه الطويل في العمل على إعادة معاني الإسلام، فالإنسان الحق تصنعه العقيدة الحقة، والمجتمع السليم تقيمه المبادئ السليمة.. وهكذا تحددت عناصر دعوته.

وكانت دعوة الشيخ بسيطة واضحة: تصحيح توحيد الله، إخلاص العبودية له، إنكار الشرك والبدع والخرافات والتوسل غير المشروع، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الاعتقاد بأن الإيمان قول وعمل، الإيمان الحق بالبعث والنشور والجنة والنار، إزالة كل ما يعوق الطريق إلى التوحيد والعبادة الخالصة، تحطيم ما علق بالإسلام من أوهام، ارتشاف الإسلام من معينه الصافي، وأخيراً إقامة الدولة الإسلامية.

ولم يكن ابن عبد الوهاب إلا مجدداً ما كان عليه السلف الصالح من فهم صحيح للإسلام وسلوك سليم يستقيم مع هذا الفهم، لذلك نجد هذه الدعوة تهز عواطف الشعوب الإسلامية ومشاعرهم هزاً عنيفاً، وبلغ تأثيرها من القوة حداً لم يبلغه تأثير دعوة أخرى منذ عهد بعيد.

لقد تأثر بها رجال الإصلاح الإسلامي في الهند ومصر والعراق والشام وغيرها، واقتبس كثيراً من مبادئها رجال كان لهم مكانتهم في هذه البلاد، كـ"جمال الدين الأفغاني"، و"محمد عبده"، و"جمال الدين القاسمي"، و"خير الدين التونسي" و"صديق حسن خان"، و"أمير علي".

في الدرعية
لم يتراجع إمامنا عن دعوته مع كل ما صادفه من صعوبات وما تحمله في سبيلها من أهوال، فقد كان يصدر عن إيمان عميق بما يدعو إليه واطمئنان كامل إلى نصر الله، حتى قيض الله له أمير الدرعية "محمد بن سعود"، فآزره ونصره وقاتل معه، وكانت هذه سنة أولاده وأحفاده من بعده في نصرة عقيدة التوحيد وحمل راية الإسلام.

إلا أن خصوم الإسلام من المستعمرين والمستشرقين لم يرق لهم أن تظهر هذه الدعوة الإسلامية الخالصة، فحاولوا أن يحيطوها من أطرافها حتى تحصر في نطاق الجزيرة العربية وتعزل عن باقي أنحاء العالم الإسلامي، وقد نجحت حركة التطويق هذه في بدايتها إلى حد بعيد.

فقد أطلقوا على الدعوة اسم "الوهابية" لتبدو بمظهر المنتسب إلى شخص، وما هي كذلك؛ لأنها دعوة إسلامية عامة، وادعوا أنها ابتدعت مذهباً جديداً، وآراء لم تكن معروفة في الإسلام، مع أن كل ما دعا إليه محمد بن عبد الوهاب من أصل إسلامي، قال به فقهاء المسلمين، وكل ما نادى به من محاربة البدع والضلالات فله مماثل في المذاهب الإسلامية، أما في الفروع فقد كان الشيخ على مذهب الإمام "أحمد بن حنبل".

وبلغ من قدرة الاستعمار على تمويه الأشياء، أنه حتى يقضي على بعض الحركات الإسلامية التحريرية في الهند، ادعى أنها "وهابية" وكان مهد لذلك بنشر صورة غير صحيحة عن دعوة "محمد بن عبد الوهاب"، وذلك ليستحل المسلمون قتال هذه الحركات!

لكن ذلك لم يجد أعداء الحق شيئاً، فقد زالت الحدود، وتحطمت الأسوار، وتفككت أطواق العزلة، وبدت حركة الشيخ في كل بلد إسلامي على صفائها ونقائها: دعوة إسلامية خالصة للإسلام.

توفي محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ في عام 1206هـ. وقد خلف مؤلفات عديدة، منها: كتاب التوحيد، كشف الشبهات، تفسير الفاتحة، أصول الإيمان، المسائل التي خالف فيها رسول الله أهل الجاهلية، فضل الإسلام، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. رحمه الله وأجزل له ثواب الأبرار.










قديم 2012-01-11, 14:14   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
السلفية الجزااائرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية السلفية الجزااائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الأخت تقوى بآرك الله فيك ومشكورة على المرور...

الأخ ابو هناء جــزاك الله خيــرا على الإضافة القيمة وجعلها في ميزان حسناتك ...










قديم 2012-01-18, 16:47   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
محمد12345+
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

لمادا هدا الجدال الحاد من الطرفين انا اعتقد ان الخلاف موضعه عدم تحرير محل النزاع وان الخلاف لفظي فقط وكلى المدهبين على صواب والله اعلى واعلم










 

الكلمات الدلالية (Tags)
مقالة, الخوف, الصوفية, تركهم, والرجاء...


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 18:13

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc