- نبيل برغال
بناء على التصريحات الصادرة عن المسؤولين والمحللين الإسرائيليين يمكن إجمال أهم المخاوف الإسرائيلية من الأحداث الجارية في سورية تحت ثلاث عناوين رئيسية: أولا: التخوف من وصول الإسلاميين إلى السلطة في سوريا، حيث لم يعد خافياً أن أبرز القضايا التي تتصدر النقاشات الأمنية والاستراتيجية في «إسرائيل» هذه الأيام تتناول كيفية التعامل مع التهديد الإيراني المتمثل بالملف النووي، وتهديد الثورات العربية المتمثل بصعود الإسلاميين.
ولا يمكن إخفاء مقدار الهلع في إسرائيل من صعود الإسلاميين في مصر، فقد وصل الأمر ببعض الخبراء الإسرائيليين للتحذير من إمكانية تدهور العلاقات مع مصر لتصل إلى العدوان العسكري إذا ما استلم الإخوان الحكم، وهو الأمر الذي انسحب على ما يجري في سوريا والتخوف من وصول الإسلاميين للحكم في دمشق.
فقد حذر رئيس الهيئة الأمنية والسياسية بوزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد أن :»سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد سيترتب عليه كارثة تقضي على إسرائيل، وذلك نتيجة لظهور إمبراطورية إسلامية في منطقة الشرق الأوسط بقيادة الإخوان المسلمين في مصر والأردن وسوريا».
ومن الجدير بالذكر أن عاموس جلعاد كانت تربطه علاقة صداقة وثيقة مع الرئيس المخلوع حسني مبارك ونظامه، وقد يكون هذا ما يفسر تخوفه الشديد من صعود الإخوان المسلمين للسلطة. وقد تساءل في ذات السياق وزير الحرب الإسرائيلي أيهود براك حول إذا ما كانت إسرائيل واقفة» أمام بداية ديمقراطية في الشرق الأوسط أم سيتحول الربيع العربي إلى شتاء إسلامي؟» وتعلم إسرائيل أن حركة الإخوان المسلمين هي أكثر الحركات المعارضة للأنظمة الدكتاتورية السابقة وأوسعها انتشاراً وتأثيراً، ولعل دور الإخوان المسلمين في حروب عام 1948 ما زال حاضراً في الذاكرة الإسرائيلية، حيث شكلت كتائب الإخوان المسلمين تحدياً كبيراً في وجه العصابات الإسرائيلية المقاتلة.
وبناء على هذه الحقيقة، فإن إسرائيل تخشى «في غضون بضعة أشهر أن ترى في دمشق لا جنرالا ولا نظاما ديمقراطيا، ولكن نظاماً إسلامياً» على حد قول إيتمار لافين.
وقد أضاف لافين في مقالته بعنوان «إسلام متطرف على ضفة طبرية» أن «هذا النظام الإسلامي المتطرف والحاكم في دمشق سوف يضع على رايته في الأساس شعار الحرب المقدسة ضد إسرائيل».
على صعيد آخر، وفي محاولة للنظر من زاوية أخرى، اعتبر الجنرال الإسرائيلي المتقاعد والباحث في معهد دراسات الأمن القومي شلومو بروم أن صعود الإخوان المسلمين إلى السلطة في سورية يصب في مصلحة إسرائيل، وذلك لاختلاف هذه الحركة مع إيران وحزب الله أيديولوجيا ما سيخرج سورية من تحت الوصاية الإيرانية. وأضاف بروم أن « لإسرائيل مصلحة إستراتيجية بضرب المحور الإيراني الذي يشمل إيران وسورية وحزب الله». وفيما يتعلق بمستقبل السلام بين إسرائيل وسوريا في حال استلم الإخوان الحكم قال بروم: «لا أتوقع أن تقوم الحكومة الجديدة في سورية والتي ستتألف من الإخوان المسلمين بمفاوضات سلام مع إسرائيل. أنا شخصيا آسف لذلك. لكني لا أعتقد أن حكومة إسرائيل أسفت لعدم البدء بمفاوضات سلام مع سورية لأنه لم تكن لديها رغبة حقيقية للتوصل إلى سلام مع سورية».
في ذات السياق، قال الخبير في الشؤون السورية واللبنانية أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب البروفيسور أيال زيسر إنه «خلافا للتوقعات التي تبثها الحكومة الإسرائيلية بأن الإخوان المسلمين سيستولون على الحكم، فإن الإخوان المسلمين قد يشاركون في الحكم لكنهم لن يكونوا النظام الذي سيحكم سوريا في المستقبل.
وأردف أن «إسرائيل تخاف دائما من كل شيء، وبالتأكيد هناك من يشيرون إلى حقيقة أن الإخوان المسلمين هم حركة قوية جدا ومنظمة في سوريا، لكني لا أعتقد أنهم سيصعدون إلى سدة الحكم، وإنما ربما سيكونون جزءا من الصورة في الحكم».
وقد تدعم هذه التصريحات من كبار الأكاديميين في «إسرائيل» فرضية أن «إسرائيل» لا يهمها من يحكم بقدر ما يهمها شكل الحكم وتأثيره على المحيط الأمني لـ «إسرائيل».
إ