[align=center].......
التكملة
قال عبد الملك بن عمير:
بينما نحن في المسجد الجامع بالكوفة إذا أتانا آت فقال: هذا الحجاج قدم أميراً على العراق، فتطاولت الأعناق نحوه وأفرجوا له عن صحن المسجد، فإذا نحن به يمشي وعليه عمامة حمراء متلثماً بها، ثم صعد المنبر، فلم يتكلم كلمة واحدة، ولا نطق بحرف حتى غص المسجد بأهله، وأهل الكوفة يومئذ ذوو حالة حسنة وهيئة جميلة، فكان الواحد منهم يدخل المسجد ومعه العشرون والثلاثون من أهل بيته ومواليه وأتباعه عليهم الخز والديباج
قال:وكان في المسجد يومئذ عمير بن صابىء التميمي، فلما رأى الحجاج على المنبر
قال لصاحب له: أسبه لكم؟
قال: اكفف حتى نسمع ما يقول، فأبى ابن صابىء
وقال: لعن الله بني أمية حيث يولون ويستعملون مثل هذا على العراق، وضيع الله العراق حيث يكون هذا أميرها، فوالله لو دام هذا أميراً كما هو ما كان بشيء، والحجاج ساكت ينظر يميناً وشمالاً، فلما رأى المسجد قد غص بأهله قال:
هل اجتمعتم؟ فلم يرد عليه أحد شيئاً، فقال:
إني لا أعرف قدر اجتماعكم، فهل اجتمعتم؟
فقال رجل من القوم: قد اجتمعنا أصلح الله الأمير، فكشف عن لثامه، ونهض قائماً فكان أول شيء نطق به أن قال:
والله إني لأرى رؤوساً أينعت وقد حان قطافها وإني لصاحبها، وإني لأرى الدماء ترقرق بين العمائم واللحى، والله يا أهل العراق إن أمير المؤمنين نثر كنانة بين يديه فعجم عيدانها، فوجدني أمرها عوداً، وأصلبها مكسراً، فرماكم بي لأنكم طالما أثرتم الفتنة، واضطجعتم في مراقد الضلال، والله لأنكلن بكم في البلاد، ولأجعلنكم مثلاً في كل واد، ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل، وإني يا أهل العراق لا أعد إلا وفيت، ولا أعزم إلا أمضيت، فإياي وهذه الزرافات والجماعات، وقيل: وقال وكان ويكون، يا أهل العراق: إنما أنتم أهل قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان، فكفرت بأنعم الله، فأتاها وعيد القرى من ربها، فاستوثقوا واستقيموا، واعملوا ولا تميلوا، وتابعوا، وبايعوا، واجتمعوا، واستمعوا، فليس مني الإهدار والإكثار إنما هو هذا السيف، ثم لا ينسلخ الشتاء من الصيف حتى يذل الله لأمير المؤمنين صعبكم، ويقيم له أودكم.[/align]
[align=left]عن كتاب
المستطرف في كل فن مستظرف
للأبشيهي[/align]