تعتبر الثورة التونسية السلمية اولى الثورات العربية ....التي نجح ثوارها في معجزة لم يصدقها الغرب قبل العرب و المسلمين ....في ازاحة اول كتاتوري عربي......و الاطاحة به ...في تكاتف شعبي و عفوي لا مثيل له استطاع ان يعيد الروح المفقودة في التغيير و نشد الافضل الى كل الشعوب العربية الاخرى...
و رغم اختلاف الناس فيها و رغم ان الكثير راهن على فشلها و على استحالة سقوط ابن علي و نظامه !!
الا انها نجحت و رحل الرئيس !!
-----------
لكن سرعان ما كان لذلك رد فعلي و زلزال كبير بين الكثير من الحركات الفكرية التي تتقاسم افكارها الشعوب العربية .
و سرعان ما انتهى الاعجاب بهاته الثورة ليتولد ...بين اوساط هاته الافكار المتطاحنة في الشارع العربي حقد عليها ... و على ثوارها ...يسعى حاملوه جاهدين الى اجهاضها ..و تمني فشلها ..و من ثم التشفي في اصحابها ..الذين هزوا افكارهم و زعزعوا نظرياتهم !!!
بالنسبة للعلمانيين في الدول العربية ...و دعاة الديمقراطية بشكلها الاقصائي و الدكتاتوري ..(للاسلاميين)
و لان الثورة التونسية اجهضت فكرتهم و نضرتهم السوداوية عن الدين و علاقته بالسياسة و ابطلت عقيدتهم الراسخة عن خطر و دموية و ارهاب الاسلاميين-- بكل انواعهم --
وما ان سقط ابن علي و مرت الثورة دون ان يتحقق كل ما بشروا و اخافوا الناس منه........حتى بدؤوا في التشكيك في الثورة و الترويج لفكرة المؤامرة .....انتقاما منها و من كل من ساندها
بل و بدأ الاستفزاز للمسلمين و للاسلاميين .......و مطالبة الثوار التونسيين بتطبيق الديمقراطية كاملة و الحرية بحذافرها (التي كانوا متحفظين من قبل بشانها مع النظام السابق و الذي طالما اعتبروه نموذجا في ذلك...بسبب قمعه لغيرهم ) تحت غطاء حرية الراي و التدين و الصحافة ....... و تتبع الاسباب الصغيرة و الدقيقة كي يثبتوا بطلان الثورة و ترسيخ فكرة المؤامرة ضد التونسيين و عمالة محركيها الى قطر و الى الاخوان المسلمين و الى الجزيرة الارهابية على حسب زعمهم .....و اشهار شماتتهم مع كل تردد.....او تعثر للتونسيين !!.
بالنسبة للسلفيين ..و دعاة تحريم الخروج على الحاكم و ولي الامر
و لان الثورة التونسية ضربت عقيدتهم المبشرة بخراب البلد التي تخرج على حاكمها و سيلان دمائها وديانا و انهارا ...ولانها ابطلت كل دعاويهم و تباشيرهم عن الفتنة المترتبة عن الثورة و عن اخطار اشتغال المسلمين بالسياسة ..
وما ان سقط ولي الامر و الذي طالما دافعوا عنه .....دون ان تتحقق نبوءاتهم المأصلة بالفتاوي و بالدليل الشرعي ......حتى بدؤوا بدورهم عملية الانتقام و التشكيك في الثورة و ضربها و الترويج بدورهم لفكرة المؤامرة .....و الحقد على الثوار التونسيين و على كل من ساندهم ....و اول ذلك قناة الجزيرة
و بدا استفزاز و ابتزاز من نوع اخر ..و هو مطالبة الثوار بتطبيق الشريعة الاسلامية بحذافرها هاته المرة (رغم انهم كانوا ضد من يدعوا اليها سابقا و يطالبونه باصلاح نفسه اولا) ..بل و تتبع الاسباب و التربص بكل صغيرة و كبيرة كي يبينوا بطلان الثورة و يشمتوا في كل من خالفوا فتاويهم و افكارهم ...وتاكيد فكرة تآمر الغرب و الصليبيين و الصهيونية العالمية هاته المرة من خلال الجزيرة و قطر ...........
بالنسبة للتكفيريين ..و الذين لم يؤمنوا ابدا بالحلول السلمية مع النظام و لم يثقوا سوى في الجهاد حلا ضده و ضد الظلم و الفساد
و لان ثورة التونسيين جاءت كذلك بعكس ما آمنوا به ..و حققت سلميا ما عجزوا عنه هم و بالقوة ....
و ما ان سقط النظام حتى بدؤوا في السعي هم كذلك الى التشكيك و التشفي عند كل تعثر من تعثرات التونسيين و الاستفزازا و ابتزازهم بدعوى الحفاظ على الاسلام و الحرب ضد اعدائه !!
------------
و التونسيين ...بين المطرقة و السندان ....لا يعرفون من اين يبدؤون و لا كيف يرقعوا وطنا نخره الفساد و عشعش فيه التناقض و الكساد السياسي الشاذ .....و لا كيف يرضون ..شارعا عربيا نالوا اعجابه و مساندته.. و لا يودون تخييب ظنه و ارجاعه الى سنين الاحباط الذي كان يعاني منها