![]() |
|
قسم الخـــواطر قسمٌ مُخصّصٌ لإبداعات الأعضاء النّثريّة. |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
للتفكر : جوله في مستشفى المجآنين ..
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() كنت في رحلة إلى أحد الولايات لزيارة صديق .. كان صديقي يقيم في ولاية مشهورةً بوجود مستشفى كبير للأمراض العقلية ..أو كما يسميه الناس مستشفىالمجانين .. التفت إليه ونحن في السيارة .. قلت : عبد العزيز .. هناك مكان أود أن أذهب إليه ما دام في الوقت متسع .. قال : أين ؟ قلت : مستشفىالأمراض العقلية .. قال : المجانين !! قلت : المجانين .. فضحك وقال مازحاً : لماذا .. تريد أن تتأكد من عقلك .. قلت : لا .. ولكن نستفيد .. نعتبر .. نعرفنعمة الله علينا .. سكت عبد العزيز يفكر في حالهم .. شعرت أنه حزين .. كان عبدالعزيز عاطفياً أكثر من اللازم .. أخذني بسيارته إلى هناك .. أقبلنا علىمبنى كالمغارة..الأشجار تحيط به من كل جانب..كانت الكآبة ظاهرة عليه.. قابلناأحد الأطباء من معاريفه .. رحب بنا ثم أخذنا في جولة في المستشفى .. أخذ الطبيب يحدثنا عنمآسيهم .. ثم قال : وليس الخبر كالمعاينة .. دخل بنا إلى أحد الممرات .. سمعت أصواتاً هنا وهناك .. كانت غرف المرضى موزعة على جانبي الممر .. مررنابغرفة عن يميننا .. نظرت داخلها فإذا أكثر من عشرة أسرة فارغة .. إلا واحداًمنها قد انبطح عليه رجل ينتفض بيديه ورجليه .. التفتُّ إلى الطبيب وسألته : ماهذا !! قال : هذا مجنون .. ويصاب بنوبات صرع .. تصيبه كل خمس أو ست ساعات .. قلت : منذ متى وهو على هذا الحال ؟ قال :منذأكثر من عشر سنوات ..كتمت عبرة في نفسي .. ومضيت ساكتاً .. بعد خطوات مشيناها .. مررنا على غرفة أخرى .. بابها مغلق .. وفي الباب فتحة يطل من خلالها رجل منالغرفة .. ويشير لنا إشارات غير مفهومة .. حاولت أن أسرق النظر داخل الغرفة .. فإذا جدرانها وأرضها باللون البني .. سألت الطبيب : ما هذا ؟!! قال : مجنون .. شعرت أنه يسخر من سؤالي .. فقلت : أدري أنه مجنون .. لو كان عاقلاً لمارأيناه هنا .. لكن ما قصته ؟ فقال : هذا الرجل إذا رأى جداراً .. ثار وأقبليضربه بيده .. وتارة يضربه برجله .. وأحياناً برأسه .. فيوماً تتكسر أصابعه .. ويوماً تكسر رجله .. ويوماً يشج رأسه .. ويوماً .. ولم نستطع علاجه .. فحبسناهفي غرفة كما ترى .. جدرانها وأرضها مبطنة بالإسفنج .. فيضرب كما يشاء .. ثم سكتالطبيب .. ومضى أمامنا ماشياً .. أما أنا وصاحبي عبد العزيز .. فظللنا واقفين نتمتم : الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به كثيرا من الناس ثم مضينا نسير بين غرف المرضى .. حتى مررنا على غرفة ليس فيها أسرة .. وإنما فيها أكثر من ثلاثين رجلاً .. كلواحد منهم على حال .. هذا يؤذن .. وهذا يغني .. وهذا يتلفت .. وهذا يرقص .. وإذا من بينهم ثلاثة قد أُجلسوا على كراسي .. وربطت أيديهم وأرجلهم .. وهميتلفتون حولهم .. ويحاولون التفلت فلا يستطيعون .. تعجبت وسألت الطبيب : ماهؤلاء ؟ ولماذا ربطتموهم دون الباقين ؟ فقال : هؤلاء إذا رأوا شيئاً أمامهماعتدوا عليه .. يكسرون النوافذ .. والمكيفات .. والأبواب .. لذلك نحن نربطهمعلى هذا الحال .. من الصباح إلى المساء .. قلت وأنا أدافع عبراتي : منذ متى وهمعلى هذا الحال ؟ قال : هذا منذ عشر سنوات .. وهذا منذ سبع .. وهذا جديد .. لميمض له إلا خمس سنين !! خرجت من غرفتهم .. وأنا أتفكر في حالهم .. وأحمد اللهالذي عافاني مما ابتلاهم .. سألته : أين باب الخروج من المستشفى ؟ قال : بقيغرفة واحدة .. لعل فيها عبرة جديدة .. تعال .. وأخذ بيدي إلى غرفة كبيرة .. فتحالباب ودخل .. وجرني معه .. كان ما في الغرفة شبيهاً بما رأيته في غرفة سابقة .. مجموعة من المرضى .. كل منهم على حال .. راقص .. ونائم .. و .. و .. عجباًماذا أرى ؟؟ رجل جاوز عمره الخمسين .. اشتعل رأسه شيباً .. وجلس على الأرضالقرفصاء .. قد جمع جسمه بعضه على بعض .. ينظر إلينا بعينين زائغتين .. يتلفتبفزع .. كل هذا طبيعي .. لكن الشيء الغريب الذي جعلني أفزع .. بل أثور .. هوأن الرجل كان عارياً تماماً ليس عليه من اللباس ولا ما يستر العورة المغلظة .. تغير وجهي .. وامتقع لوني .. والتفت إلى الطبيب فوراً .. فلما رأى حمرة عيني .. قال لي .. هدئ من غضبك .. سأشرح لك حاله .. هذا الرجل كلما ألبسناه ثوباًعضه بأسنانه وقطعه .. وحاول بلعه .. وقد نلبسه في اليوم الواحد أكثر من عشرة ثياب .. وكلها على مثل هذا الحال .. فتركناه هكذا صيفاً وشتاءً .. والذين حولهمجانين لا يعقلون حاله .. خرجت من هذه الغرفة .. ولم أستطع أن أتحمل أكثر .. قلت للطبيب : دلني على الباب .. للخروج .. قال : بقي بعض الأقسام .. قلت : يكفي ما رأيناه .. مشى الطبيب ومشيت بجانبه .. وجعل يمر في طريقه بغرف المرضى .. ونحن ساكتان .. وفجأة التفت إليّ وكأنه تذكر شيئاً نسيه .. وقال : يا أخي .. هنا رجل من كبار التجار .. يملك مئات الملايين .. أصابه لوثة عقلية فأتى به أولاده وألقوه هنا منذ سنتين .. وهنا رجل آخر كان مهندساً في شركة .. وثالثكان .. ومضى الطبيب يحدثني بأقوام ذلوا بعد عز .. وآخرين افتقروا بعد غنى .. و .. أخذت أمشي بين غرف المرضى متفكراً .. سبحان من قسم الأرزاق بين عباده .. يعطي من يشاء .. ويمنع من يشاء .. قد يرزق الرجل مالاً وحسباً ونسباًومنصباً .. لكنه يأخذ منه العقل .. فتجده من أكثر الناس مالاً .. وأقواهم جسداً .. لكنه مسجون في مستشفى المجانين .. وقد يرزق آخر حسباً رفيعاً .. ومالاً وفيراً .. وعقلاً كبيراً .. لكنه يسلب منه الصحة .. فتجده مقعداً على سريره .. عشرينأو ثلاثين سنة .. ما أغنى عنه ماله وحسبه ..!! ومن الناس من يؤتيه الله صحةوقوة وعقلاً .. لكنه يمنعه المال فتراه يشتغل حمال أمتعة في سوق أو تراه معدماًفقيراً يتنقل بين الحرف المتواضعة لا يكاد يجد ما يسد به رمقه .. ومن الناسمن يؤتيه .. ويحرمه .. وربك يخلق ما يشاء ويختار .. ما كان لهم الخيرة .. فكانحرياً بكل مبتلى أن يعرف هدايا الله إليه قبل أن يعد مصائبه عليه .. فإن حرمك المالفقد أعطاك الصحة .. وإن حرمك منها .. فقد أعطاك العقل .. فإن فاتك .. فقد أعطاكالإسلام .. هنيئاً لك أن تعيش عليه وتموت عليه .. فقل بملء فيك الآن بأعلى صوتك : الحمد لله ![]()
|
||||
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
للتفكر, مستشفى, المدمنين, يومه |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc