لمّا بلغ حرّ الصيف المدى ولم يعد يجدي لا عسى ولا لماذا، قررت ان ازور البحر وكنت قد عاهدت النفس ان لا ازروه كي اتقي شروره ،فقد عمت في اكثره الطامات وهاجت فيه الملمات ما لو رآها القلب الصادق لمرض أو مات فسارعت الخطى نحو بيت صديقي جلال الدين البوسي عساني اجد عنده حكمة تفيد او راي سديد ،فلما طرقت بابه فتح فرآني وتبسم وحياني، وقال ضاحكا ما لي اراك وقد تصبب العرق من جبينك تكاد تغرق فيه سفينك ، فقلت ابغي منك مشورة فهل اجدها فقال انثر الحب تحسد الثمر فقلت ابغي الذهاب للبحر لكسر الحر فقد احرق الصهد جبيني واكاد اقع بحيني، فقال وما يمنعك قلت تعلم ما الحاصل، فأطرق ثم قال هيا بنا لنقصد الاصطياف في القل أو سُكيكدة أو جيجل فان فيها مصافي نظيفة الماء لطيفة الهواء لا فساد فيها تخشاه ولا منكرفيها تراه، فقلت أكلمك عن العاجل وتحدثني عن الآجل، وليس عندي فراغ من وقت الى بعد رمضان ولي فيه موعد مع اخ حبيب تواعدنا ان نلتقي في القل قال من تقصد قلت الاخ رشيد.. وهل تريد المزيد، قال عفوا يا صاحب ا
أرى الحرّ قد عصّبك كانَّ جنّا ضربك، قلت سأذهب للبيت وأملأ الحوض واسبح فيه وامرح فضحك جلال الدين ثم قال تغير الحال ولم نعد نرى غير ما لا نحب ونسمع غير ما نريد ،ثم مضيت من عند شيخي وراسي يكاد ينفجر فاذا بصديقٍ عن حالي سأل فاخبرته بالحاصل، فاقترح عليا ان أدخل منتدى الجلفة واكتب مقامة في ذكر احوال الصيف وما جرى مع شيخي جلال الدين فكتبت فراح بعض تعبي وخف حر نصبي، فلما فرغت منها طبعتها وخرجت مرتاح البال من ما كان من وَبال ولله الحمد والمنّة سُبحانه ذو الجلال.