جاء في حكم وقصص الصين القديمة:
أن ملكا أراد أن يكافئ أحد مواطنيه فقالله: امتلك من الأرض كل المساحات التي تستطيع أن تقطعها سيرا علي قدميكفرحالرجل وشرع يزرع الأرض مسرعا ومهرولا في جنون.. سار مسافة طويلة فتعب وفكر أنيعود للملك ليمنحه المساحة التي قطعها.. ولكنه غير رأيه وقرر مواصلة السير ليحصلعلي المزيد
سار مسافات أطول وأطول وفكر في أن يعود للملك مكتفيا بما وصلإليه.. لكنه تردد مرة أخرى وقرر مواصلة السير ليحصل علي المزيد والمزيد.. ظلالرجل يسير ويسير.. ولم يعد أبدافقد ضل طريقه وضاع في الحياة، ويقال إنه وقعصريعا من جراء الإنهاك والتعبلم يمتلك شيئا ولم يشعر بالاكتفاء والسعادة لأنهلم يعرف حد الكفاية أو القناعة
*******
النجاح الكافي هو مايحتاجه الانسان وليس النجاح الزائف المراوغ الذي يفترس عمر الإنسان فيظل متعطشاللمزيد دون أن يشعر بالارتواءمن يستطيع أن يقول لا في الوقت المناسب ويقاومالشهرة والأضواء والثروة والجاه والسلطان؟
لا سقف للطموحات في هذه الدنيا..فعليك أن تختار ما يكفيك منها ثم تقول نكتفي بهذا القدر.. ونواصل الإرسال بعدالفاصل.. بعد فاصل من التأمل يتم فيه إعادة ترتيب أولويات المخطط
الطموحمصيدة.. تتصور إنك تصطاده.. فإذا بك أنت الصيد الثمين
و هكذا يعيش الإنسانمعركتين.. معركة مع نفسه ومع العالم المتغير المتوحش.. ولا يستطيع أن يصل إلىسر السعادة أبدا
*******
ويحكى أن أحد التجار أرسل ابنه لكييتعلم سر السعادة لدى أحكم رجل في العالم وعندما وصل انصت الحكيم بانتباه إلىالشاب ثم قال له: الوقت لا يتسع الآنوطلب منه أن يقوم بجولة داخل القصر ويعودلمقابلته بعد ساعتين .. وأضاف الحكيم وهو يقدم للفتى ملعقة صغيرة فيها نقطتين منالزيت: أمسك بهذه الملعقة في يدك طوال جولتك وحاذر أن ينسكب منها الزيتأخذالفتى يصعد سلالم القصر ويهبط مثبتا عينيه على الملعقة.. ثم رجع لمقابلة الحكيمالذي سأله: هل رأيت السجاد الفارسي في غرفة الطعام؟.. والحديقة الجميلة؟..وهل استوقفتك المجلدات الجميلة في مكتبتي؟
ارتبك الفتى واعترف له بأنه لم يرشيئا، فقد كان همه الأول ألا يسكب نقطتي الزيت من الملعقة
فقال الحكيم: ارجعوتعرف على معالم القصر
عاد الفتى يتجول في القصر منتبها هذه المرة إلى الروائعالفنية المعلقة على الجدران.. شاهد الحديقة والزهور الجميلة.. وعندما رجع إلىالحكيم قص عليه بالتفصيل ما رأى
فسأله الحكيم: ولكن أين قطرتي الزيت اللتانعهدت بهما إليك؟.. نظر الفتى إلى الملعقة فلاحظ أنهما انسكبتا.. فقال لهالحكيم: تلك هي النصيحة التي أستطيع أن أسديها إليك.. سر السعادة هو أن ترى روائعالدنيا وتستمتع بها دون أن تسكب أبدا قطرتي الزيتفهم الفتى مغزى القصة
فالسعادة هي حاصل ضرب التوازن بين الأشياء، وقطرتا الزيت هما الستر والصحة.. فهماالتوليفة الناجحة ضد التعاسة
*******
يقول إدوارد ديبونو:
أفضل تعريف للتعاسة هو انها تمثل الفجوة بين قدراتناوتوقعاتنا