قصة واقعيه (أول شهيدين في الأنتفاضة الأولى في مخيم العروب مخيم الشهداء)
الوفاء الصادق
.... كان الجو .باردا والسماء ملبدة بالغيوم،وسكون الصمت يخيم على أجواء المخيم، إلا من زفير الريح تضرب صفائح (الزينكو) الذي يغطي أصطح بعض المنازل ،فينتقل صدى الصوت عبر الأزقة والشبابيك ،ناقلا معه شبح البرد والخوف .
.......هذا الخوف عززه أصوات لأزيز طلقا ت الرصاص انطلقت فجأة من طرف المخيم، علم فيما بعد أنها لغربان الغدر والدمار، جاءت كغطاء للمستوطنين الذين قدموا لإرهاب الناس و منعهم من إقامة مسيرات احتجاجيه كانت ستنطلق في كل الوطن بعد استشهاد القائد خليل الوزير أبو جهاد .
تجمع شباب المخيم، وقرروا الدفاع عن كرامتهم وأهلهم، من بين هؤلاء الفتيه كان هناك فتى يافع في مقتبل العمر أسمه نهاد، يتصف بكل صفات الرجولة والأخلاق الحميدة، كثيرا ما تبدوا على ملامحه ابتسامة صادقة بريئة، ولكن كان قلبه يحتوي ألما لا يكاد يفارقه إلا أمام أقرانه ليعلمهم طرق التضحية والصبر والوفاء.
كان لنهاد صديق عزيزا سمه حسن يلازمه ملازمة النجم للقمر، تربطهما علاقة صداقة تمتاز بالقداسة علاقة ملئها المحبة والوفاء منذ كانا على مقاعد الدراسة الابتدائية، وانتقلت معهم إلى الجامعة، فحيثما وجدت حسن وجد نهاد والعكس صحيح ، وكان حسن قد استشهد في أحداث الانتفاضة الأولى .ويومها وقف نهاد على قبر الصديق الشهيد وأقسم أن يتبعه وأن يسير على دربه الذي اختار وقال مخاطبا قبر صديقه : أرجو أن أراك قريبا يا أخي ورفيق دربي.
....منذ أن سمع نهاد التكبير في المساجد في ثاني يوم ، تجهز نهاد ولبس أفخر ملابسة ليبدوا كأنه ذاهب إلى عرس ، في حين كانت الدهشة تحيط بأخوته ووالدته وأخواته مما يفعل ، سألته أمه : أين ستذهب يا بني في هذا الوقت العصيب ؟ أجاب والبسمة تملأ فمه أريد أن أخرج لعلي ألتقي بحبيبتي كما فعل صديقي حسن ، عرفت الأم ما يقصد فرجته أن لا يفعل ، ولكنه قرر وأصر على ذالك وهنا تحولت عيناه إلى الحائط حيث صورة صديقه حسن ، فقال ألا ترين يا أمي إن حسن يبتسم لي وكأنه بانتظاري ، أنا خارج يا أمي ادعي لي ، اقترب منها وقبلها بين عينيها ، وقال بصوت رجولي أرجوك أمي أن لا تبكي علي إن لم أعد ،واصبري على فراقي فإني أرجو الله أن أنتظرك على باب الجنة .
..........خرج نهاد وقد انهمرت من أمه دعوات ممزوجة بالدموع، (روح يا ولدي ودعتك لربي إلى يوم الدين، ربي معاك يا ولدي روح رجل وارجع رجل )، خرج نهاد مسرعا ليلحق بزملائه ،تنقل مع زملائه بين الأزقة والتفوا من خلف الجنود وأمطروهم وابل من الحجارة .
....تمكن نهاد من إصابة أحد الجنود بحجر مسنون شطرت رأسه، وقد شوهد يحمله الجنود إلى سيارة الإسعاف التابعة للجيش، ويبدو أن الجنود الملاعين قد عرفوا نهاد فطاردوه بأنظارهم، في الوقت الذي كان فيه قناص يتربص به وينتظر الفرصة لأصابته أو قتله ، وبعد فترة ليست بالطويلة علا التكبير والتهليل بين أفواج الشباب المتواجدين في تلك المنطقة وانتقل الخبر سريعا إلى كل الحارات والأزقة بأن هناك شهيد وكبرت المساجد وخرجت النساء إلى الشوارع يكبرن ويزغردن قبل أن يعرفن من هو الشهيد .
.....هنا أفلت ساعات الفراق وأشرقت دقائق اللقاء الذي لطالما انتظره الشهيد البطل نهاد ، حيث استشهد مقبلا غير مدبر ، على ثغره بسمة لم يرى مثلها من قبل ، وكانت سبابته ترتفع نحو السماء حيث كان يصوب النظر . شهد الحاضرون أنه كان يصرخ سأآتيك يا حسن ، سألحق بك قريبا ،
وعندما اصابتة الطلقة الأولى صرخ بأعلى صوته (فزت وربي، مد يدك يا حسن )، مد يده وهزها ثم رفع سبابته إلى السماء وألقاها على صدره .
ولما حمل على الأكتاف أقسم الكثير ممن حمله بأنهم استنشقوا رائحة عطر لم يستنشقوا مثلها من قبل.
نال الشهيد ما تمنى نال الشهادة ولحق بصاحبة الذي وعده بأن يلحق به. فكان رجل صدق الله فصدقه .
ملاحظة الشهيدان كانا زميلان في المدرسة ولجامعة وكانا زميلان في نادي شبابالعروب(كرة القدم)
وأصبحا أخوان في جنات الخلد إن شاء الله
يقلم
ابن العروب
12/6/2011