الفصل الأوّل ترجمة الشيخ أحمد سحنون الجزائري
(فتحي بودفلة)
مراجع الترجمة :
ü دراسات وتوجيهات إسلامية . أحمد سحنون . المؤسسة الوطنية للكتاب ,ط2 , 1999م
ü موسوعة الشعر الجزائري , تأليف مجموعة من الأساتذة من جامعة منتوري بقسنطينة , دار الهدى 2002م 1\501...
ü ندوة الشروق اليومي خصّ بها الشيخ
حضرها مجموعة من الأساتذة إضافة إلى عائلة الشيخ وتلامذته نشرت على الصحيفة بتاريخ 03\09\2010م بإعداد كلّ من ع.تومي و ش.آسيا
ü شعر السجون عند أحمد سحنون , مذكرة تخرج من إعداد الطالبة إيمان خلفاوي وإشراف أ\حميد قبايلي
ü السرّ المكنون في شخصية أحمد سحنون , الدكتور عبد الرزاق قسوم نقلاً عن موقع الشهاب https://www.chihab.net/modules.php?name=News&file=article&sid=318
ü موسوعة ويكيبديا الحرة مادة (أحمد سحنون الجزائري)
ü حسّان الحركة الإصلاحية في الجزائر أحمد سحنون https://www.startimes.com/f.aspx?t=16052828
ü شهادات حيّة لتلامذته ومقربيه وبعض العارفين بشؤونه وأحواله...
الاسم المولد والنشأة :
أحمد سحنون بن سحنون ولد سنة 1907م بقرية ليشانة إحدى قرى الزاب الغربي بدائرة طولقة تبعد عن مقرّ الولاية بسكرة بحوالي خمسين كيلومتر (50كلم) .
توفيت أمّه وهو لا يزال رضيعاً وقد بقي أثر هذا اليتم المبكر وهذا الحنان الذي فقده في صباه عالقا في ذهنه إلى أواخر حياته يتذكره يحزن ويأسف له و يؤثّر فيه وفي شعره كما سيأتي بيانه...
بعد وفاة أمه تولّت عدّة نساء إرضاعه تقول الأستاذة عائشة سحنون "ذات مرّة قال لي أبي: لو أبحث سأجد أنّ جلّ أبناء ليشانة إخوة لي من الرضاعة."
تولى رعايته وتربيته والده سحنون الذي كان معلما قرآنيا في قرية ليشانة .
تعلّمه وشيوخه :
حفظ القرآن على يد أبيه الشيخ سحنون معلم القرآن وعمره 12 سنة ...ثمّ تعلّم مبادئ العلوم اللغوية والشرعية على يد أبيه ومجموعة من علماء ومشايخ بلده فأتقن النحو والصرف وعلم العروض والقوافي والفقه والحديث ... وغيرها من العلوم .
من أشهر أساتذته ومشايخه :
ü محمد خير الدين [1]
وهو أحد مؤسسي جمعية العلماء المسلمين
ü عبد الله بن مبروك العثماني : أعظم أساتذته ومدرسيه بشهادة الشيخ سحنون نفسه , تولى التدريس بالزاوية العثمانية في طولقة وهو خريج الزيتونة بتونس والأزهر الشريف بمصر ودفين البقيع بجوار المصطفي
ü محمد الدراجي
ü عصاميته : كما أنّ الشيخ
يعدّ من العصاميين البارزين فإنّه إضافة إلى مبادئ العلوم التي أخذها عن هؤلاء المشايخ تولى تعليم نفسه بنفسه من خلال قراءته الدؤوبة ومطالعته المستمرة
ذكر الشيخ محمد بن عامر أنّه سأله ذات مرة : هل يمكن أن نأخذ العلم من الكتب ؟ فقال لي : "شرط أن تكون القراءة مركّزة "
وقد كان له
ولع خاص باقتناء الكتب ومطالعتها ومكتبته العامرة التي تركها في مسجد أسامة بن زيد خير دليل على ذلك ...[2]
وذكر الأستاذ صالح عوض أنّ الشيخ
قال له: الناس يجمعون المال وأنا أجمع الكتب .
كما ذكر الأستاذ الدكتور عبد المجيد بيرام أنّ الشيخ أحمد سحنون كان يقرأ الكتب في أيامه الأخيرة باستعمال العدسة وهو مستلقٍ في فراشه حيث لم يكف عن هذه العادة منذ زمن طويل وذكر أنّ الشيخ
ومن شدّة إدمانه على المطالعة طلب ذات مرة من شخص جزائري أن يحضر له جزءا من كتاب في العلوم العسكرية من بيروت . اهـ
وذكر الأستاذ الهادي حسني أنّه تعجب عندما وجد في مكتبة الشيخ كتاب الأم لغوركي وهو كتاب جريء "[3]وذكر الشيخ يحيى صاري أنّه
كان دائما يقول: "المكتبة كالصيدلية فمثلما تكون هذه الأخيرة متنوعة بالأدوية تكون كذلك المكتبة " كما ذكر أنّه في إحدى المرات أهدى له الشيخ كتابا أهداه له الشيخ البشير الإبراهيمي ونسي أنه أهداه لصاحب القصة الشيخ يحيى صاري وظنّ أنه ضاع منه فكان في كلّ مجلس يذكر هذا الكتاب قال فعرفتُ قيمة الكتب في نفس الشيخ فما كان عليَّ سوى إعادته للشيخ دون أن أخبره بأنه أهداه لي."
انضمامه وعمله في الحركة الإصلاحية :
بدأ تأثر الشيخ أحمد سحنون بالحركة التجديدية الإصلاحية مبكرا من خلال أساتذته وشيوخه الإصلاحيين وعلى رأسهم محمد خير الدين خريج الزيتونة والأزهر الشريف وأحد مؤسسي جمعية العلماء المسلمين ...وكذا من خلال مطالعاته الدءوبة والمستمرة في كتب وصحف رجال الإصلاح بالشرق والغرب العربي ...
هذا من جهة تأثره بالحركة الإصلاحية أما انخراطه فيها فبدأ باتّصاله بالشيخ فرحات بن الدراجي ابن بلدته والذي كان معلماً في مدرسة الشبيبة الإسلامية الإصلاحية التابعة لجمعية العلماء بالعاصمة , ففي إحدى زيارات هذا الأخير لقرية ليشانة سنة 1936م أقنع الشيخ أحمد سحنون بمصاحبته والسفر معه للعاصمة من أجل التدريس في المدارس والمعاهد الإصلاحية ...وهنا بدأت علاقته برجال الإصلاح تتوطّد واعتناقه لفكرهم ينموا ويزداد شيئا فشيئا فمّما يذكره
خلال هذه السنة التقاؤه الأوّل برائد الإصلاح الوطني ومؤسس جمعية العلماء المسلمين الشيخ عبد الحميد بن باديس عليه رحمة الله الواسعة سنة 1936م حيث يقول : "وذكرت - عندما كتبت فصلا عن ابن باديس الموجه – بمناسبة ذكراه أنه جمعني به أوّل مجلس فبادرني بسؤاله : ما ذا طالعت من الكتب؟ فأخذت أسرد له - لسوء حظي أو لحسنه – قائمة حافلة بمختلف القصص والروايات , فنظر إليَّ نظرة عاتبة غاضبة وقال: هلا طالعت العقد الفريد لابن عبد ربّه , هلا طالعت الكامل للمبرد بشرح المرصفي , واستمر في سرد قائمة من الكتب النافعة المكونة , فكانت تلك الكلمة القيمة خير توجيه لي في هذا الباب ."[4]وفي سنة 1947م تمّ تعيينه في المجلس الإداري للجمعية كما عيّن في ذات السنة معلما في مدرسة التهذيب ببلوغين ثمّ بعدها بسنة عيّن مديرا لها
ولعل من أبرز مشاركاته في العمل الإصلاحي تأليفه للنشيد الرسمي لجمعية العلماء المسلمين
يا بني شعب الأباة ...........للمعالي
أنتم نسل الأمازيغ الكماة.....في النزال
كلّ من ضحى بنفسه فمات..لا يبالي
عمله في المجال الصحفي فقد شارك في هيئة تحرير صحيفة (البصائر) إلى جانب كلّ من توفيق المدني حمزة بكوشة باعزيز بن عمر الملقب بالفتى الزواوي وقد اشتهر فيها بشعره ومقالاته التربوية والتوجيهية , والتي قال عنها الشيخ فضيل الورتلاني :
(لقد كنت ضيق الصدر من خلو (البصائر) من التوجيه الديني وهي ميدانه وسوقه .... حتى وقعت في يدي الأعداد الأخيرة من جريدة البصائر ، فاجتذبني منها عنوان ، إلى قراءة ما تحته ، فقرأت ، فصادف منى هوى ,، فأعدت قراءته فأثر فيّ تأثيرا ، أجرى دموعي ، تأثيرا بالمعاني ، وفرحا بظفري بما كنت أنشده من النوع الحي المشرق المنزوع من مأثور السلف في أعمالهم وأقوالهم وأحوالهم ....وأعدت قراءة ما فيها من كلمات الأستاذ (أحمد سحنون) قراءة وتأملا وموازنة , فازددت إيمانا بأنها صنف واحد في الإصابة وحسن التنزيل وعمق التحليل لأمراضنا النفسية وعلاجها بأخلاق أسلافنا الظاهرين ، التي ملكوا بها أنفسهم أولا ، ثم ملكوا بها الكون ثانيا)
هذا إضافة إلى أشعاره التي كان ينشرها على صفحات البصائر دوريا والتي استحقّت وصف العالم الكبير والمصلح الشهير الشيخ العَلَم البشير الإبراهيمي
حيث قال له :"إنّ ما تكتبه في البصائر هو حلية البصائر."
ومن أعماله الشهيرة في صحيفة البصائر غير التوجيهية والشعرية عمله النقدي ولعلّ أشهره نقده لمسرحية (خالد) أوّل مسرحيات المسرحي الجزائري محي الدين باشطارزي في عدد 17\29 ديسمبر 1947م
ومن أقواله
يصف عمله خلال هذه المرحلة قوله : "إن كل شيء كنا نعمله لهذا الشعب ، وكل ما نبذله لهذا الوطن ، إنما كان بوحي من روح هذه الجمعية ، ووفق الخطة التي رسمتها لتطهير هذه الأرض العربية المسلمة من وجود الاستعمار ، ومن سيطرة الأجنبي ومن عار الحكم بغير ما أنزل الله "
ويقول أيضا في ذات الشأن : "...لقد كانت معركة وكانت جنود وكانت أسلحة , كانت جنود هذه المعركة العلماء والمعلمين والطلاب . وكانت الأسلحة هي المقالة والقصيدة والنشيد والخطبة والدرس كما كان من الأسلحة : الإيمان بالله وبحقّ الشعب والحماس لهذا الحقّ والغيرة عليه , والحقد المتأجج في صدر كلّ مسلم على كلّ ما هو أجنبي ودخيل من الأشخاص والمبادئ والعادات والمذاهب ."
الشيخ أحمد سحنون وثورة التحرير الوطني :
ابتداء ينبغي أن نشير إلى أنّ جمعية العلماء المسلمين كانت تؤمن أنّ السبيل الوحيد لتحرير الشعب الجزائري هو الجهاد في سبيل الله لا غير ولكن هذا الجهاد لن يقوم به ولن ينتصر وينجح إلاّ بأيدِ رجالٍ مؤمنين بالله حقّ الإيمان متعلمين متمسكين بثوابتهم...وهذا لن يتأتّى بدوره إلاّ بعمل تربوي إصلاحي توجيهي طويل الأمد من جهة وبتنقية الإسلام من شوائبه وردّ وضحد الشبه والافتراءات التي ألحقها به المستعمر وأشياعه ...ولو تأمّلنا بعض الشيء وأعملنا فكرنا جيّدا للاحظنا أنّ الذين فجّروا الثورة وقادوها وجلّ المنتسبين لها إنّما هم من تلامذة وخريجي مدارس جمعية العلماء تشبعوا بفكرها وتأثروا بنهجها ...
ولقد كان الشيخ أحمد سحنون
من أكثر المطالبين والمنادين بالثورة والجهاد ضدّ المستعمر الفرنسي في مقالاته وأشعاره فمن أمثلة ذلك :
قوله في قصيدة (المعلم)[5] هات من نشئ الحمى خير عتاد وادّخر لغد جند جهاد
هاته نشئاً قويا باسلاً إن دبا[6]خطب يكن أوّل فاد
وفي قصيدة (إلى التلميذ)[7]يقول:
وليكن حاديك تحرير الحمى إنّ تحرير الحمى للحرّ حاد
هذه غايتك المثلى التي إن تحصلها تنل كلّ مراد
وفي قصيدة (الكشاف)[8]كشاف يا ابن الطبيعة وابن الحقول البديعة
كن للبلاد دليلا كن في الجهاد طليعة
وفي قصيدة (إلى ولدي رجاء)[9]يوجه نداءه لولده بقول:
متى أراك مثالا من الهمّة ومضاء
وللجزائر درعا ترد كلّ اعتداء
متى أراك حُساما لها على الأعداء
متى أراك فداء لها وأيّ فداء
وفي قصيدة (جمعية العلماء أدّت رسالتها)[10]هذي الجزائر لا خابت أمانيها قد وحدتّها جراحات تعانيها...
هات القوافي التي تزجي بسامعها إلى الفداء وتغريه أغانيها...
هبّت مؤيدة بالله معلنة جهادها بعدما قد قام ناعيها
جمعية العلما أدّت رسالتها رغم العوادي ولم تبرح تؤديها
لم تأل جهدا ولم تخضع لطاغية ولم تضق بأذى ممّن يعاديها
يهتني الجزائر وليخسأ مناوئها أنّ البشير إلى التحرير حاديها
وإذا كنت قد أطلت وأطنبت في سرد شواهد هذه المسألة فلأنّ بعض من لا يحسن قراءة التاريخ أو ربّما لا يقرأه أصلاً –حتى وإن زعم المشاركة في صنعه – يدّعي كذبا وزوراً أو بلادةً وجهلاً أنّ جمعية العلماء إنّما كانت جماعة من الشيوخ تهتم بمجرد محو الأمّية ولم تكن تفكّر في السياسة ولا تطمع للاستقلال ولا تعمل من أجل تحرير البلاد وتخليص العباد ...بئس ما قال والله...
يبيّن هذه الحقيقة – التي لا ينكرها ولا يغفل عنها إلاّ جاحد حقود أو جاهل بليد قول الشيخ سحنون
في حوار مع صحيفة (الحقيقة) قال"...لولا جمعية العلماء لما كانت الثورة , فهي التي كانت تشكّل المرحلة الإعدادية لها , حزب الشعب مصلاً كان يبحث عن الغاية فقط دون السؤال عن الوسيلة , في حين أنّ الجمعية كانت تتخذ الوسيلة للوصول إلى الهدف" اهـ[11]ويا حبّذا لو انتدب أحدُنا لمهمّة البحث والتنقيب في تراث الحركة الإصلاحية ليثبت دورها الرائد والفعّال في تحرير البلاد والعباد ...سواء الدور المباشر بالمشاركة في الثورة أو غير المباشر بالتحضير لها...
ولم يكتف الشيخ
بمجرّد الدعوة للجهاد من خلال قصائده وخطبه بل لقد نقل هذه الفكرة من مجرد مِدادٍ يراق وكلامٍ يساق إلى أعمالٍ في الواقع فقد أسّس
تنظيما فدائيا سرّيا انطلاقا من مسجد الأمة ببلوغين سنة 1953م أي قبل اندلاع ثورة التحرير الوطني بسنة كاملة , من بين المشاركين فيه السادة الأفاضل خاد بن يطو , مصطفى بن فتال ومحمد طويلبي
وحسب الدكتور أحمد زغينة في أطروحته الجامعية (شعر السجون في الجزائر) فقد استطاع مصطفى فتال لوحده أن يقوم بحوالي 145 عملية .
أيّد الشيخ ثورة التحرير مباشرة بعد قيامها . وفي 24 ماي 1956 أي بعد حوالي سنة ونصف من قيام الثورة ألقت السلطات الفرنسية الاستعمارية القبض عليه رفقة مجموعة من المفكرين والمصلحين , اعتُقل أوّلا بسجن (البرواقية) ومنه نقل إلى إلى معتقل (بوسوي) (سان لوي) سابقا بالغرب الجزائري ... ولم يمنع السجنُ بقضبانه وأسواره وضيقه وآلامه الشيخَ من الإنتاج الأدبي والنشاط الإصلاحي والثوري والتنظيمي ...فقد كانت مرحلة حافلة بالإنتاج الشعري ولهذا السبب سمى ديوانه (حصائد السجن) لأنّ أكثره كتب داخل السجن . كما أنّه خلال هذه الفترة كوّن مع مجموعة من السجناء المثقفين من الإصلاحيين والسياسيين والثوريين ندوة أدبية بهدف اكتشاف المواهب وتشجيعها وبهدف مساعدة الثورة وتأييدها أدبيا وفنّيا وكذا محاولة تخفيف وطأة السجن وألم العزلة والغربة والبعد عن الأحبة والأهل...من بين المشاركين في هذه الندوة : أحمد عروة , عمر شكيري , خالد بن يطو , محمد الطاهر الأطرش , أحمد شقار الثعالبي , والملحن هارون الرشيد ...
خلال فترة سجنه حاولت فرنسا استغلال مكانته ونفوذه الديني والتنظيمي لضرب الثورة وتشويه سمعتها وصورتها فطلبت منه القدح في الثورة والطعن في رجالها ولكنّه أبى ذلك وقال : "أنا الآن في حكم الميت إذا نفذت ما طلبتم مني يقتلني إخواني وإذا لم أنفذ تقتلونني , وما دمت ميتا فليكن على أيديكم أفضل." فما كان من المستعمر إلاّ أن حكم عليه بالإعدام ولكن سرعان ما خفّف الحكم ثمّ أطلق سراحه لأسباب ودواعٍ صحية سنة 1959 [12]ليقوم بعدها المجاهدون بتهريبه إلى منطقة باتنة في الشرق الجزائري ومنها إلى سطيف وقد "استقبله القائد محمد الصالح يحياوي رفقة 50 مجاهداً قدّموا له التحيّة الشرفية لحظة صعوده الجبل"
بقي أن نشير إلى أنّ شعره الثوري قليل إذا ما قارناه مع شاعر الثورة - مثلاً – مفدي زكريا أو غيره من الشعراء
الشيخ أحمد سحنون في مرحلة الاستقلال :
بعد نيل الجزائر استقلالها وتخلّصها من قبضة المستعمر الغاشم تفرّقَ رجال الإصلاح وأعضاء جمعية العلماء المسلمين بين من اتّجه إلى التربية والتعليم وبين من اختار الخطابة والإمامة وبين من توجّه إلى السلك الإداري في الوزارات ومختلف المنشآت والمؤسسات...أمّا شاعرنا الشيخ أحمد سحنون فقد جمع بين الإمامة والإدارة حيث عيّن خطيبا في الجامع الكبير بالعاصمة وفي الوقت ذاته عضوا في المجلس الإسلامي الأعلى
كان عليه رحمة الله كباقي رجالات الإصلاح بل وكباقي أفراد الشعب يظنّ أنّ طرد المستعمر ومغادرته لوطننا الحبيب سيحلّ جميع مشاكل الشعب الجزائري وأنّ أمام الأمة مستقبلا في ظلّ الاستقلال ومبادئ الإسلام كلّه سعادة ورفاهية وطمأنينة وأمن ولن يقدح في هذا الهناء المنتظر ولن يعكّر صفو هذا الأمل المرتقب سوى كدُّ العمل وجهد البناء والإنشاء ... ولكنّهم فوجئوا وفُجِعوا بسلطة تفرضُ عليهم مبادئ وأنظمة وقوانيناً غريبة عن مجتمعنا مناقضة لديننا وعرفنا سلطة لم تكترث كثيرا لمصلحة الأمة بقدر ما جعلت من مصالحها الشخصية أولى اهتماماتها وأكبر انشغالاتها
تتجلى هذه النظرة السلبية للحكومات العربية من خلال بعض قصائد الشيخ لعل أهمّها قصيدتي (ماذا جنى قطب) [13]وقصيدة ألقاها بمناسبة الذكرى الثانية لوفاة الشيخ البشير الإبراهيمي[14]
سنة 1967م ممّا جاء في هذه القصيدة الأخيرة يصف فيها جزائر الاستقلال كما يعبّر ويفصح عن أسفه وعن أحزانه لما آلت إليه أحوالها :
تبّا لدنيا ترفع الأنذال وتحارب العظماء والأبطالا
وتُبارك المتلونين وتحتفي بالخائنين وتكرم الجهالا
وتسوم أهل الفضل جحد جهودهم وجهادهم وتخيب الآمالا
النبل فيها مهدر ومطارد والعدل أبعد ما يكون منالا
وعلى الهوان بها أقام ذووا النهى لم يلق ذو أدب بها إقبالا
يا ويح حظ المسلمين أكلما بان النجاح لهم يؤول خبالا[15]فما كان من الشيخ
وأمثاله من العلماء الربانيين المخلصين إلاّ أن ندبوا أنفسهم لمهمة الدعوة والإصلاح ...
وقد تبنّى الشيخ
من أوّل وهلة مبادئ وقواعد جلّت منهجه في الدعوة وطريقته في التغيير والإصلاح لعلّ أبرز معالمها ما يلي :
1) الصدع بالحقّ ونصح الأمة جميعها حكاما ومحكومين بتفانٍ وصدق وإخلاصٍ دون مدارات ولا مواربة ...فقد كان
يقول كلمة الحقّ لا يخاف في الله لومة لائم ترك من أجل ذلك أفضل المناصب وأرقى المراتب لأنّها تُكمم الأفواه وتستأجر بها ذمم الرجال ويتوصل بها إلى سكوتهم عن الحق ورضاهم بالباطل...ولاقى بسبب هذا النصح من الابتلاءات والمحن الشيء الكثير لعل أبرزها التهميش وآخرها الفصل من مناصب عمله وفرض الإقامة الجبرية عليه ...
2) الدعوة عند الشيخ ليست كلاما يتشدّق به لا يتجاوز لسان مدّعيها بل هي التزام بمبادئها أوّلا وتحمّلا لأعبائها ثانيا ...فقد كان يقول عليه رحمة الله :"فليست الدعوة إلى الله – إذن – كلاما مجردا عاديا يستطيع أن يملأ به شدقه كلّ من لا حظ له من دين أو خلق , ولا خلاق له من إيمان أو استقامة , إنّما هي كفاح مرير ينبغي أن لا يخوض غماره إلاّ من تسلّح له بسعة الصدر ولين القول واستقامة السيرة وبلاغة المنطق وقوة الحجة."
3) الدعوة بالتي هي أحسن فقد كان شعاره الدائم الآية الكريمة التي كان كثيرا ما يردّدها ويستدلّ بها
ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن
ومن أقواله المشهورة في هذا الباب مقالا له بعنوان (الدعوة إلى الله) جاء فيه : "وإذا كانت الكلمة اللينة والصدر الرحب من خير أدوات الدعوات بحيث تجعل العدو صديقا كما تشير إليه الآية فبعكس ذلك تكون الكلمة الجافية والصدر الضيق من شرّ أسباب النفور بحيث يجعلان الصديق عدوّاً" ولعلّ مواقفه خلال الأحداث التي عرفتها الجزائر في العقود الأخيرة – والتي سنذكرها تباعاً – أكبر دليل على تبنيه هذا المنهج القويم
4) قال بعض الظرفاء جامعا بين الحقيقة وشيئا من الطرافة محاولا بيان موقف الشيخ
من حكام المسلمين الذين جاروا وظلموا وحادوا عن سبيل الحقّ والرشاد قال : كان
لا يرى بالخروج على الحكام بالثورة والجهاد و لا يرى كذلك بالدخول عليهم وطرق أبوابهم بالسكوت عن ظلمهم والرضا بحيادهم عن مبادئ الإسلام ...
5) الاشتغال بالتربية والتوجيه...حتّى أنشأ جيلا من الشباب والكهول ربّاهم على يديه ووفق منهجه المعتدل والوسطي في مختلف المساجد التي أدارها وعمل بها ابتداء من مسجد الجامع الكبير ثمّ مسجد الأرقم في شوفالي بأعالي العاصمة وأخيرا مسجد أسامة بن زيد ببئر مراد رايس
6) وللشيخ مبادئ ومواقف أخرى كثيرة يمكننا تجلي منهجه الدعوي من خلالها ارتأينا عدم التوسع فيه لأنّ المجال وموضوع البحث لا يسمح بذلك فلعل الفرصة تسمح مستقبلا لبحثها ودراستها ....آمين.
أهمّ المحطات والأحداث التي عرفها الشيخ
بعد الاستقلال
ü تأييده لبيان الشيخ البشير الإبراهيمي
في 16 أفريل 1964 والذي دعا فيه السلطات الجزائرية إلى العودة إلى مبادئ الإسلام وإلى الحكمة والصواب بعد أن رأى البلاد تنتهج مناهج ومذاهب غربية دخيلة على عقيدتنا وعرفنا... بل يرجّح أنّ الشيخ أحمد سحنون قد اطّلع عليه قبل إصداره إن لم يكن شارك فيه برأيه وتشجيعه نظرا لمكانة شاعرنا المتينة والمرموقة عند الشيخ الإبراهيمي 
ü توقيفه عن الخطابة في الجامع الكبير من طرف الرئيس ابن بلّة بسبب مواقفه المناهضة للخيار الاشتراكي الذي قيل عنه يوم ذاك (خيار لا رجعة فيه) ثمّ أعيد إلى منصبه بعد انقلاب 19 جوان 1965م
ü المشاركة في تأسيس (جمعية القيم) والتي ترأسها الهاشمي التيجاني في 19\12\1963 [16]هذه الجمعية التي انتدبت للدعوة إلى الله والعودة إلى مبادئ الإسلام وتطبيق الشريعة...
ü موقفه من إعدام عبد الناصر لصاحب الظلال سيد قطب
, فقد نظم قصيدة يرثي فيه سيد قطب ويشنّ فيها حربا هوجاء على حكام المسلمين المعطّلين لشريعة الإسلام ...
ü دوره في تغيير العطلة الأسبوعية من يوم الأحد إلى يوم الجمعة وذلك خلال لقاء جمعه بالرئيس هواري بومدين برفقة أئمة المساجد ألحّ فيه الشيخ على الرئيس وطال منه تغيير يوم العطلة الأسبوعي فما كان منه إلاّ الاستجابة بإصدار مرسوم رئاسي غير به يوم العطلة
ü مشاركته الفعاّلة مع تلامذته وأصدقاء دربه من أبناء وشيوخ الصحوة الإسلامية في مناقشات دستور 1975م
ü مشاركته في تجمع الجامعة المركزية سنة 1982م وصياغته رفقة عدد من العلماء والدعاة بيان النصيحة الذي طالب السلطة الجزائرية بتطبيق الشريعة
ü فرض الإقامة الجبرية على الشيخ
رفقة صديق دربه الشيخ عبد اللطيف سلطاني بسبب بيان النصيحة
ü تبنيه لمطالب شباب انتفاضة أكتوبر 1988م ولكنّه رفض بقوة تنظيم مسيرة يقودها رجال الصحوة الإسلامية حقنا لدماء المسلمين وحتّى لا يترك الفرصة سانحة لمن يريد ضرب المسلمين وتوريطهم فيما لا قبل لهم به ...
ü تنظيمه للمسيرة النسائية المليونية المطالبة بالإبقاء على قانون الأحوال الشخصية المعروف بقانون الأسرة مستنبطا من الشريعة الإسلامية
ü تأسيس رابطة الدعوة الإسلامية في أكتوبر 1989م من أجل ترشيد وتوجيه العمل السياسي الإسلامي في وسائله وغاياته وحراسته من الخطأ والانحراف...
ü موقفه الرافض للعمل المسلح في مواجهة النظام سواء خلال عقد الثمانينات في عهد بويا علي أو عقد التسعينات بعد إلغاء الانتخابات ومصادرة اختيار الشعب للحلّ الإسلامي...
ü تعرّضه لمحاولة اغتيال سنة 1996م قبيل صلاة الفجر بساحة مسجد أسامة بن زيد, بعد هذه الحادثة لزم الشيخ مكتبته الزاخرة وعكف على البحث والقراءة...
وفاة الشيخ أحمد سحنون
:
أصيب الشيخ
بجلطة في الدماغ صبيحة يوم العيد , نقل على إثرها إلى المستشفى العسكري بعين النعجة حيث وفّرت له رعاية صحية مركّزة وأحيط بأفضل الأطباء وجعل تحت تصرّفهم أرقى الأجهزة والتقنيات ولكن كِبَر سنّ الشيخ وضعف جسمه حال دون إنقاذه وشفاءه فكان ما أراده الله وقدّره ...توفي
يوم الإثنين 14 شوال 1424هـ الموافق لـ:08 ديسمبر 2003م [17]ليدفن في مقبرة سيدي يحيى ... يقول الدكتور عبد الرزاق قسوم واصفا جنازته: " أرأيتم أمواجا بشرية تحتضن الشمس الماثلة للغروب، فتحول يائسة – دون غروبها المحتوم؟
وهل تصورتم الآلاف بل العشرات من الآلاف، وهم يندفعون نحو التابوت يبللونه بالدموع، فتتجاوب السماء معهم بأمطار دمع غزيرة مدرار؟
هل تجدون تفسيرا لتعانق الأرض والسماء وتضامن من الطبيعة مع الإنسان في البكاء ؟
ذلك هو شأن المشيعين لجثمان العالم الربّاني الشيخ أحمد سحنون في يوم الثلاثاء الحزين .. وإنه لسر لو تعلمون عظيم ..
فهذا الشعب الذي نفخ فيه أحمد سحنون روحه، بأنفاس ربانية، وأوقف حياته على نهضته ووحدته بقيم إسلامية، هو الذي تدافع في هذا المأتم الرهيب، يحدوه الحب والوفاء، لعالم عامل من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه .."
روى بعض المقربين منه أنّه في مرض موته كان يدخل في غيبوبة لبعض الوقت فإذا استفاق منها يردّد قوله تعالى
فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض
[18]
وكان
في ذات المرض إذا طلبت منه النصيحة قال: (عليكم بالتوحد والوحدة)
وكان يردّد قائلا: لم أحتمل طول البقاء حين عجزت عن العطاء
ومن أغرب ما وقع له قبل وفاته ما ذكره لبعض تلامذته قال: مررت في طريقي إلى المسجد بالنعش رابضا في أحد الأركان مثل المركب الواقف عند الشاطئ ينتظر المسافرين , فتوقفت أمامه متأملاً لأجد نفسي أخاطبه بهاته الأبيات :
أيا نعش يا مركب الراحلين إلى القبر هل حان يوم الرحيل؟
فإني تخلفت عن رفقتي فهل للحاق بهم سبيل؟
وصرت غريبا بغير رفيق وقلبي كئيب وجسمي عليل
زهد الشيخ ورعه وتواضعه :
يقول جلّ من عرف الشيخ
أنّ أهمّ شيء في حياته كان قيام الليل , ولعل علاقته بقيام الليل قديمة تعود لقصة له مع والده ...ذكر الأستاذ مراد خيشان أنّ أحمد سحنون قال له:" ذات مرّة استيقظت من النوم ووجدتُ أبي يبكي فلمّا سألته عن السبب وبعد إلحاح اجاب أنه نام حتى أدركه الفجر ولم يؤدّ ركعات القيام ."
وقد عبّر الشيخ عن هذا الموقف ببيت من الشعر قال فيه:
أنا ابن الذي يبكي إذا طلع الفجر ولم يكن أدى ما به يعظم الأجر
تقول عائشة سحنون : "في بعض الأيام يكون الشيخ مريضا ومتعبا لا يتناول عشاءه وينام مبكّراً , ولكن ما إن يحلّ الثلث الأخير حتى تجده قائما نشيطاً كأنه ليس نفس الشخص الذي كان متعباً"
ومن تواضعه تعامله مع الناس كلّهم الكبير والصغير , الشريف والوضيع , ذكر الشيخ مراد خيشان أنّ أحمد سحنون كان يقول الشعر في أحبابه من الذين يحتلون مكانة خاصة في قلبه وقرأ أبياتا قالها في أحد أحبابه وكان إنسانا بسيطا يبيع حليب البقر :
يا ناصر الدين للدين أنصار نحن عبيد وكلّ الناس أحرار
وذكر الأستاذ الهادي حسني أنّ ناشرا تونسيا اسمه لحبيب اللمسي كان معجبا أيّما إعجاب بالشيخ أحمد سحنون وكان يرسل له كتبا معي كما كان يتشوق للقائه وفي إحدى المرات أرسل معي كتبا وعندما دخلت على الشيخ سحنون لأسلمه إياها , وجدته قد فرغ لتوه من نظم أبيات في الشيخ اللمسي .
ذكر الأستاذ الدكتور عبد المجيد بيرام أنّ الشيخ لم يكن يردّ سائلاً ومن ذلك "طلبت منه ذات مرة أن يدعو لقريب لي وكان مريضا , فقال لي : اذكر لي اسمه حتى أدعو له قبل الفجر" وعرفت فيما بعد أنّ من عادته تخصيص ساعة قبل الفجر للدعاء للناس ...
وذكر الشيخ يحيى صاري أنّ الشيخ
كان يخصّص نصف قيام الليل للدعاء لأحبابه وأصدقائه ولعامة الناس , كما يذكر أنّ الشيخ كان يرسل تلامذته إلى المرضى ليقولوا لهم إنّ الشيخ يدعو لكم بالشفاء
وذكر الشيخ يحيى صاري كذلك أنّ الشيخ
بعد خروجه من مستشفى عين نعجة بعد محاولة الاغتيال لم يشتم الذي حاول قتله كما لاحظ الناس أنّه تجاهل الموضوع تماما , بل كان يقول : الحمد لله الذي أصابني بهذا المصاب ليخفّف عني سيئاتي . وذكر أيضا أنّه طوال المدة التي عرفته فيها لم يذكر ولم يتفاخر بأنّه مجاهد .
من أقوله ومواقفه المشهورة قوله لبعض تلامذته : "أفهم أنّ النّاس يريدون الدنيا ...ولكن لا أدري لماذا لا يفهمون أني أريد الآخرة"
بعض ما قيل فيه :
البشير الإبراهيمي : "إنّ ما تكتبه في البصائر هو حلّة البصائر" وذكر الأستاذ الهادي حسني أنّه اقتنى كتاب عيون البصائر للشيخ البشير الإبراهيمي قال : فوجد فيه قصيدة للشيخ أحمد سحنون فعجبت لذلك وعرفت قدر الرجل ومكانته لدى الشيخ الإبراهيمي , وفي جمعية العلماء المسلمين."
وقد أطلق عليه الشيخ حبنكة الميداني لقب (حكيم العلماء) بينما لقّبه الشيخ عبد الرحمان شيبان في إحدى مقالاته بجريدة البصائر (بحسّان الحركة الإصلاحية)
يقول الدكتور عبد الرزاق قسوم في مقالته السرّ المكنون في شخصية أحمد سحنون : " إن الشيخ أحمد سحنون، عالم ليس ككل العلماء، فقد تعددت جوانب العلم العملي فيه، جهادا وجهودا باليد، والقلم، واللسان، والقدوة الحسنة، لأنه الغصن الرطيب، في دوحة جمعية العلماء الوارفة الظلال. وهو حلقة ذهبية في سلسلة النفائس الجزائرية من الأمير عبد القادر، وعبد الحميد بن باديس إلى مالك بن نبي، والبشير الإبراهيمي، والعربي التبسي، وصحبهم الميامين..
لقد كان فقيدنا الداعية الكبير، والمربي الجليل والشاعر المرهف، كان من صفوة من أنجبتهم الجزائر فتركوا بصماتهم المتميزة، في مجتمع حاربوا فيه الجهل، والبدع، والتخلف، والانحراف، وسفك الدماء، ولتثبيت القيم، والفضيلة، والوطنية الصادقة ."
ويقول أيضا : " إن من خصائص العبقرية، وسرها المكنون في شخصية الشيخ أحمد سحنون تعددية الاهتمامات، فهو قد أخذ في تكوينه من كل علم نصيبا، فأخذ من العلم الشرعي، كتابا وسنة، ما هو أساس تكوينه ثم شفع ذلك كله بقسط من الشعر، والقصة والنقد، وواصفها منابر ملتزمة بالقيم الإسلامية، والمنهج الإصلاحي، والدعوة إلى الله ..
وقد أكسبه هذا التنوع المعرفي، سعة أفق، وتفتح فكر، انعكس على مواقفه بالاستقلالية في المواقف.. وهو ما حدا به إلى تكوين قناعات غالبا ما سببت له الصدام، مع الآخرين ."
وقال أيضا : "... مواقف جريئة – إذن – سجلتها مسيرة طويلة، اتخذت لها دروبا ومسالك شتى، انطلقت من مسجد النصر بباب الوادي، إحدى قلاع التيار الإسلامي المتجذر، إلى مسجد الأرقم الخالد في حي شوفالي بأعالي العاصمة، الذي بدأ مصلى متواضعا، جذب إليه قوافل من الشباب المتعطش للمعرفة، والعلم والتربية والحرية، وكما خرج الأرقم في عهد الرسول من الضيق إلى السعة، خرج مصلى الأرقم إلى مسجد الأرقم الفسيح الشامخ البنيان ثم انتقل الشيخ من مسجد الأرقم إلى مسجد أسامة بن زيد بحي بئر مراد رايس، الذي كان مسجد مغمورا فانجذب إليه الشباب طلبا للمنهج الوسطي المعتدل في الخطاب الذي كان يبثه فيه الشيخ أحمد سحنون وهو المسجد الذي وافته المنية فيه- بعد نقله إلى المستشفى العسكري بعين النعجة."
آثاره :
المطبوع منها : ـ (حصائد السجن) ديوان شعر طبع ضمن سلسلة شعراء الجزائر سنة 1977 يضم حوالي 196 قصيدة في 336 صفحة
ـ (دراسات وتوجيهات إسلامية) صدر عن الشركة الوطنية للنشر والتوزيع سنة 1981م يقع في 361 صفحة يشتمل على المقالات التي نشرتها صحيفة البصائر
ـ (ندوة الفرسان) كراسة جمع فيها مجموعة من أشعار نخبة من الشعراء كتبها والله أعلم خلال إقامته في سجن بوسوي بين 1956 و1959م وقد نشرت بمجلة (الرواسي) التربوية الصادرة بباتنة في أعدادها 02, 03, 04
ـ مقالات وحوارات في مختلف الجرائد والصحف
المخطوط منها : ـ (تساؤل وأمل) ديوان شعر جمع فيه شعره الحديث
ـ (كنوزنا) كتاب في حوالي 300 صفحة يحتوي على تراجم لبعض الصحابة الكرام
الدراسات الجامعية التي تناولته :
ü د. أحمد زغينة , اهتمّ به كثيرا في أطروحته الجامعية (شعر السجون في شعر الجزائر 1954-1962) والتي نوقشت بمعهد الآداب واللغة العربية بجامعة باتنة
ü الأستاذ صالح بن علية أعدّ رسالة تخرّج لنيل شهادة الليسانس حول ديوان الشيخ بعنوان (دراسة موضوعاتية فنية لديوان أحمد سحنون)
ü ويعطف منذ سنوات الأستاذ الفلسطيني محمد عبد الهادي من جامعة محمد خيذر ببسكرة على إنجاز رسالة دكتوراه دولة في الأدب الحديث حول حياة وأعمال الشاعر أحمد سحنون
ü (شعر السجون عند أحمد سحنون) مذكرة تخرج من إعداد الطالبة إيمان خلفاوي وإشراف أ\حميد قبايلي
ü كما اهتمّ كبار الباحثين بشعر الشيخ أحمد سحنون في إطار دراستهم للشعر الجزائري الحديث وعلى رأس هؤلاء : · صالح خرفي
· محمد ناصر
· نسيب نشاوي
شلتاغ عبود شراد
[1] وفي بعض المراجع أحمد خير الدين
[2]اصل مادة هذا البحث كتبت على مكتبها وبين رفوف كتبها ...
[3]الكتاب من أمهات الكتب الأدبية اليسارية وهو من الروائع الأدبية العالمية ...
[4]هناك مرحلة زمنية شاغرة معلوماتيا في حياة الشيخ أحمد سحنون من سنة 1936م إلى سنة 1947م حيث كان منخرطا في الحركة الإصلاحية ولكنّنا لا نعرف طبيعة العمل الذي كان يقوم به ...إذ كيف يعقل أن يصبح عضوا في مجلس الجمعية الإداري من لم يكن له علاقة عضوية بالجمعية ونشاط فعال معها ...
[5]الديوان ص12
[6] هكذا في الأصل ولعل الصواب (إن دنا) والله أعلم
[7] المصدر نفسه ص14-15
[8] المصدر السابق ص16-17
[9] المصدر نفسه ص23-24
[10] المصدر نفسه ص25-26
[11] صحيفة الحقيقة العدد (03) الصادر بتاريخ 29\12\1993
[12] في رواية أخرى أنّ محاولة المستعمر هذه إنّما كانت ساعة خروجه من السجن سنة 1959 م
[13]الديوان ص261 – 262
[14]وفاة الشيخ البشير الإبراهيمي
كانت في 20 ماي 1965
[15]المصدر نفسه ص 254
[16]والذي يذكره بعض العارفين أنّ جمعية القيم إنّما تأسست سنة 1968 بعد إعدام سيد قطب وليس قبل ذلك والله أعلم بالحقّ والصواب
[17]وفي نفس السنة توفي علم آخر من أعلام الدعوة ورائد من رواد الصحوة في الجزائر الشيخ محفوظ نحناح
أجمعين
[18]سورة الرعد الآية17