زوجات لا عشيقات
التعدد الشرعي ضرورة العصر
يدعو إليه
حمدي شفيق
إهــــــــداء
إلى أبى الحبيب الذي أعطانا و علّمنا الكثير .. رحمه الله و جزاه عنا كل الخير
المؤلف
مقدمة
الحمد لله رب العالمين كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه .والصلاة والسلام على رسولنا الأمين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين واّلهم وأصحابهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد.
فمن الملاحظ أن تعدد الزوجات هو أكثر النظم التي تتعرض لهجمات المستشرقين الشرسة في إطار حملات مسعورة لم تتوقف أبدا للطعن في الإسلام العظيم و رسوله الأمين ( ) وعلى مر العصور ظل أعداء هذا الدين في الداخل و الخارج يحاولون الانتقاص من مبدأ التعدد ، واتخاذه ذريعة للتشكيك في المشرّع الحكيم و القرآن الكريم والرسول العظيم.
والحملة على التعدد بدأها اليهود مبّكرا في عهد الرسول صلى الله عليه و سلم .عن عمر مولى غفرة : " قالت اليهود لما رأت الرسول( ) يتزوّج النساء : انظروا إلى هذا الذي لا يشبع من الطعام ، ولا والله ماله همة إلا النساء" ، وحسدوه لكثرة نسائه وعابوه بذلك . وقالوا – لعنهم الله – : لو كان نبيا ما رغب في النساء .. وكان أشدهم في ذلك حيى بن أخطب ، فكذبّهم الله تعالى وأخبر بفضله وسعته على نبيه ، ونزل قوله سبحانه
أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ ما آتَٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَٰهِيمَ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً( (1) يعنى بالناس رسول الله ( ) و أخبر تعالى في ذات الآية عما آتى داود وسليمان عليهما السلام ، فقد تزوّج كلاهما أكثر مما تزوّج نبينا محمد ( ) ، وكان لكل منهما من الجواري ما لم يمتلك مثله رسولنا عليه السلام .(2) وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله))فقد آتينا آل إبراهيم(( سليمان وداود ))الكتاب والحكمة(( يعني النبوة ))وآتيناهم ملكا عظيما(( في النساء، فما باله - حسب زعم اليهود- أحلّ لأولئك الأنبياء فينكح داود تسعا وتسعين امرأة وينكح سليمان أكثر و لا يحلّ لمحمد أن ينكح كما نكحوا؟!! انتهى (3).
وفى عصرنا بلغ الضلال بحكام اثنتين من الدول الإسلامية حدّا جعلهم يصدرون قانونا بحظر تعدد الزوجات واعتباره جريمة يعاقب عليها بالحبس على غرار الدول الغربية !! وحاولت بعض العلمانيات في عهد الرئيس المصري الراحل أنور السادات استصدار قانون مشابه يمنع التعدد ، وتصدى لهن رجال الأزهر الشريف والتيار الإسلامي المبارك ونجحوا في إحباط المحاولة ،لكن النسوة المفتونات بالغرب نجحن في تمرير قانون يجعل اقتران الرجل بأخرى إضرارا بالزوجة الأولى يعطيها الحق في طلب الطلاق !! وبعد انتهاء حكم السادات - غفر الله له - تم إلغاء هذه المادة المخالفة للشريعة الغراء .
و لم تتوقف وسائل الأعلام المختلفة عن مهاجمة التعدد الشرعي والسخرية منه ، والتندر على معدّدي الزوجات في الأفلام والمسلسلات الهابطة التي تقوم في ذات الوقت بتزيين الفواحش ، وتعرض اتخاذ العشيقات على أنه أمر "كوميدي" للتسلية والفكاهة!!!
و رأينا رجالا سفهاء ونساء علمانيات على شاشات محطات تلفاز عالمية يهاجمون نظام تعدد الزوجات في الإسلام ..!!
ووصل البعض إلى غاية الجهل والضلال عندما نشر في صحيفة أسبوعية قاهرية سلسلة مقالات عنوانها (( تعدد الزوجات حرام )) !! هكذا يحاول أحمق مغمور إلغاء نصوص القرآن والسنّة بجرّة قلم قاصر مخبول !!!
وبلغ العوام في البلاد الإسلامية من الجهل بالشريعة الغراء درجة جعلت النساء في ريف مصر يتداولن قولا شائعا عن الرجل : (( جنازته ولا جوازته )) ، أي أن موته أفضل من زواجه بأخرى !!
وفى مراكش بالمغرب شاع مثل أخر يقول: "دوزى على قبره ولا تدوزى على داره " ومعناه : إذا مرّت المرأة على قبر يرقد فيه زوجها فهذا أفضل لها من أن تمر على دار له تزوّج فيها أخرى غيرها !!!
لكل هذه الأسباب وغيرها جاء هذا الكتاب .. وهو محاولة متواضعة لتصحيح المفاهيم ورد الأمور إلى نصابها ، والله المستعان على ما يصفون.
المؤلف
الفصل الأول
تعدد الزوجات قبل الإسلام
لم يبتكر الإسلام نظام التعدد .. فالثابت تاريخيا أن تعدد الزوجات ظاهرة عرفتها البشرية منذ أقدم العصور .. كانت الظاهرة منتشرة بين الفراعنة .. وأشهر الفراعنة على الإطلاق ، وهو رمسيس الثاني ، كان له ثماني زوجات وعشرات المحظيات و الجواري ، وأنجب أكثر من مائة وخمسين ولدا وبنتا .. وأسماء زوجاته ومحظياته وأولاده منقوشة على جدران المعابد حتى اليوم ..
وأشهر زوجات رمسيس الثاني هي الملكة نفرتارى . وتليها في المكانة و الترتيب الملكة ( أيسه نفر ) أو ( إيزيس نفر ) وهى والدة ابنه الملك ( مرنبتاح ) الذي تولى الحكم بعد وفاة أبيه وإخوته الأكبر سنا .ويروى أن فرعون موسى كانت له عدة زوجات منهن السيدة ( آسيا ) عليها السلام ، وكانت ابنة عمه ، ولم تنجب أولادا منه ، ولهذا احتضنت سيدنا موسى – على نبينا وعليه الصلاة والسلام – وقالت لفرعون عن الرضيع موسى الذي التقطته الخادمات من صندوق عائم في مياه نهر النيل : ) وَقَالَتِ ٱمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ . ( (4)
وكان تعدد الزوجات معروفا في عهد أبى الأنبياء خليل الرحمن إبراهيم – صلى الله على نبينا وعليه وسلم – وأنجبت له السيدة هاجر الذبيح ( إسماعيل ) جد العرب عليه السلام ، بينما رزقه الله من ( سارة ) بسيدنا ( إسحاق ) عليه السلام . ثم تزوّج عليه السلام اثنتين أخريين هما قطور ابنة يقطان الكنعانية وحجون بنت أهيب وهى عربية أيضًا.وجمع نبي الله يعقوب بين أختين – ابنتي خاله لابان – هما ( ليا ) و ( راحيل ) وجاريتين لهما ، فكانت له أربع حلائل في وقت واحد (5).وأنجب عليه السلام منهن الأسباط ( أحد عشر ولدا ) بالإضافة إلى سيدنا يوسف – عليه السلام ، وأمه هي ( راحيل ) التي كانت أحب حليلات النبي يعقوب إلى قلبه ، وأنجبت له ( بنيامين ) بعد يوسف – عليه السلام .
وكان لسيدنا داود – عليه السلام – مائة زوجة وكثير من الجواري كما يقول العهد القديم – التوراة- وكذلك كان لابنه سليمان- كما ورد بالتوراة - ثلاثمائة زوجة وسبعمائة جارية .و ذكروا أيضًا أن رحبعام بن سليمان تزوج 18 وكانت له ستون جارية أي كانت له 78 حليلة!
وهذه الأرقام يجب أن تؤخذ بحذر شديد لما هو معلوم من أن نصوص التوراة والأناجيل قد تعرّضت للتحريف والتبديل عبر العصور .
ولكاتب هذه السطور رأى في سبب كثرة نساء النبي داود وابنه سليمان عليهما السلام ، إن كانت الأرقام التي ذكرتها التوراة صحيحة. لقد كان اليهود مصدرا للفتن والحروب في كل مكان و زمان ، بطبيعتهم الإجرامية التي دفعتهم إلى عصيان وقتل الأنبياء، وتدفعهم دائما إلى العدوان على الآخرين ،وتسبب هذا في اندلاع صراعات دامية
مستمرة بينهم وبين الشعوب الأخرى .و من الثابت – تاريخيا - أن عصر داود ثم ولده سليمان عليهما السلام قد وقعت فيه حروب كثيرة طاحنة وردت أخبار بعضها في التوراة . و حكى القراّن الكريم في سورة البقرة –من الآية 246 إلى الآية 251- قصة المعركة بين طالوت وجالوت ،التي تمكن خلالها داود عليه السلام من قتل الطاغية جالوت. ومن البديهي أن يهلك خلال هذه الحروب -المتواصلة عبر الأجيال -مئات الألوف من الجنود على الجانبين، و أن يحدث خلل اجتماعي خطير بسبب الأعداد الهائلة من الرجال القتلى ، إذ يخلف هؤلاء عادة مئات الألوف من الأرامل والأيتام ، وهذا هو المشاهد دائما في كل الحروب عبر التاريخ. وشريعة كل الأنبياء تحظر زواج المؤمنات من الكفّار كما هو معلوم.وعدم إيجاد حل معقول ومقبول لهذه المشكلة معناه- لا محالة- أن تنتشر العلاقات غير السويّة والانحلال الجنسي ،وهذا أمر لن يسمح به نبي من الأنبياء عليهم السلام ، خاصة إذا كان هو الملك المسئول عن أمن البلاد و مصالح الرعية والأخلاق و الآداب العامة ، وكان داود –ثم ابنه سليمان من بعده – ملكا ونبيا في ذات الوقت .و لأن النبي كالأب للأمة، فمن المنطقي أن يضرب المثل والقدوة - بنفسه الشريفة - للقلة النادرة التي بقيت من الرجال المؤمنين في كفالة هؤلاء الأيتام و الأرامل ، ولا يوجد حل نظيف طاهر يسمح به الدين ، وتدعو إليه المروءة ومكارم الأخلاق سوى اتخاذ هؤلاء الأرامل زوجات شريفات مع كفالة كل الحقوق لهن على قدم المساواة مع الأخريات.لهذا اضطر كل من داود وسليمان عليهما السلام إلى الاقتران بهذه الأعداد الكبيرة من الزوجات والجواري،كأعباء إضافية مفروضة على كل منهما - باعتباره نبيا وملكا - ليقتدي به أتباعه من الرجال القلائل الذين أفلتوا من الموت في الحروب. وهذا هو الرأي المنطقي الذي تؤيده حقائق التاريخ ، وهو أيضا التفسير الوحيد المقبول الذي يتناسب مع نبل و طهارة و أخلاق الأنبياء الرفيعة ومقامهم السامي.
ومن الضروري أن ننتبه هنا إلى ما بثّه اليهود – قاتلهم الله – من شائعات قبيحة وأكاذيب مفضوحة عن النبي الكريم داود وابنه سليمان – عليهما السلام – فقد زعم أعداء الله أن داود عليه السلام افتتن بزوجة أحد قواده فأرسله إلى جبهة القتال ليموت هناك فيتزوج داود من أرملته التي أعجبه جمالها!! .ويجب التذكير بأن النصارى يشاركون اليهود في هذه الجرائم النكراء ، لأنهم يؤمنون بهذه التوراة ذات النصوص المحرّفة باعتبارها العهد القديم عندهم، بينما عهدهم الجديد هو مئات الأناجيل التي يكذّب بعضها البعض !!
و ما ذكروه عن سيدنا داود فرية دنيئة أكد المفسّرون الكبار – ومنهم الإمام ابن كثير رضي الله عنه – أنها باطلة، ومن الإسرائيليات التي يجب طرحها وعدم الأخذ بها . ( 6) والإيمان بعصمة الأنبياء عليهم السلام من ثوابت العقيدة ، والطعن عمدا في طهارة المرسلين ونبل أخلاقهم هو كفر صريح يخرج صاحبه من الملّة والعياذ بالله .
لقد كان لداود زوجات كثيرات وعشرات من الجواري ، ومن ثم لا يتصوّر أن تبقى له حاجة إلى غيرهن . وليس نبي الله الذي كان يصوم يوما ويفطر يوما هو الذي يتحايل ليتخلص من قائده حتى يتزوج بعد ذلك من أرملته !!.
.ثم افتروا على ابنه سليمان بدوره ، زاعمين أنه :"وكان في زمان شيخوخة سليمان أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخرى ولم يكن قلبه كاملا مع الرب إلهه كقلب داود أبيه1Kgs:11:4: 4" .
وحاشا لله أن يميل قلب نبي ورسول عظيم مثل سليمان عليه السلام عن عبادة ربه كما زعم أعداء الله.
ويكفى للرد على تلك الفرية أن نشير إلى قوة سليمان وعزمه وتفانيه في دعوة الآخرين إلى الإسلام . والمثال الواضح هو القصة التي ذكرها القراّن الكريم في سورة النمل – الآيات من 15 إلى 44- وهى تحكى قصة سليمان الذي ورث أباه داود في النبوة والعلم والملك أيضا. وتفصّل كيف صبر عليه السلام على دعوة ملكة سبأ وقومها إلى الإسلام – المرة تلو الأخرى - واستمر يظهر لهم الأدلة والمعجزات حتى هداهم الله أجمعين إلى نبذ عبادة الشمس والدخول في عقيدة التوحيد مع سليمان عليه السلام .
ولا عجب في افتراء أحفاد القردة والخنازير على النبيين الكريمين ، فلم يسلم منهم نبي من قبل ولا من بعد .
ألم يقتلوا يحيى و أباه زكريا و غيرهما عليهم جميعا الصلاة و السلام ؟!
ألم يحاولوا قتل هارون وعيسى ومحمد عليهم صلوات الله وسلامه ؟!! ألم يعبدوا العجل ثم تطاولوا على الذات العلية ؟!!
نسأل الله تعالى أن يريح منهم البلاد والعباد إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير
وكان تعدد الزوجات منتشرا في جزيرة العرب قبل الإسلام أيضا . ولو لم يكن الحال كذلك لانتهز المشركون في مكة الفرصة للنيل من النبي عليه السلام باستغلال هذا الأمر، لكنهم لم يجدوا فيه شيئا معيبا لشيوع التعدد بينهم. روى الإمام البخاري – رضي الله عنه – أن غيلان الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة ، فقال له النبي ( ) : ( اختر منهن أربعا ).وروى أبو داود – رضي الله عنه – بإسناده أن عميرة الأسدى قال : أسلمت وعندي ثماني نسوة ، فذكرت ذلك للنبي (فقال : ( اختر منهن أربعا ) .
وقال الإمام الشافعي – رضي الله عنه – في مسنده : أخبرني من سمع ابن أبى الزياد يقول أخبرني عبد المجيد عن ابن سهل عن عبد الرحمن عن عوف بن الحارث عن نوفل ابن معاوية الديلمى قال : أسلمت وعندي خمس نسوة ، فقال لي رسول الله ( ) : " اختر أربعا أيتهن شئت ، وفارق الأخرى " .
وروى البخاري في كتاب النكاح أن النبي ( ) آخى بين عبد الرحمن بن عوف وبين سعد بن عوف الأنصاري ، وعند الأنصاري امرأتان ، فعرض عليه أن يناصفه زوجتيه وماله ، فقال له عبد الرحمن بن عوف : (( بارك الله لك في أهلك ومالك .. دلني على السوق .. )) .
وكان تعدد الزوجات شائعا في الشعوب ذات الأصل ( السلافى ) وهى التي تسمى الآن بالروس والصرب والتشيك والسلوفاك .. وتضم أيضا معظم سكان ليتوانيا وأستونيا ومقدونيا ورومانيا وبلغاريا ..وكان شائعا أيضا بين الشعوب الجرمانية والسكسونية التي ينتمي إليها معظم سكان ألمانيا والنمسا وسويسرا وبلجيكا وهولندا والدانمارك والسويد والنرويج وانجلترا . و عرف الإغريق التعدد على أوسع نطاق كما ذكر ول ديورانت فى " قصة الحضارة".ويرى ديورانت أن هذا سببه انتشار العزوبة عندهم و كثرة النساء ، ثم رغبة النساء فى الزواج ودفعهن أموالا طائلة للرجال للزواج منهن !! ويضيف :".. صارت المرأة في عهد پركلي هي التي تشتري زوجها!! ومن هذا الوضع تشكو "ميديا" في إحدى مسرحيات "يورپديز", فلم يكن اليوناني إذًا يتزوج لأنه يحبُّ، ولا لأنه يرغب في الزواج، فهو كثير التحدُّث عن متاعبه، بل ليحافظ على نفسه وعلى الدولة عن طريق زوجة- أو زوجات – تأتيه بثروة مناسبة. ولقد كان الرجل - رغم المغريات كلها - يتجنب الزواج ما دام يستطيع تجنبه, وكانت حرفية القانون تُحرَّم عليه أن يبقى أعزبَ, ولكن القانون لم يكن يُنفَّذ دائمًا في أيام پركليز, ولما انقضى عهده زاد عدد العُزَّاب حتى صار مشكلة من المشاكل الأساسية في أثينا, حقًّا ما أكثر الأمور التي تدهش الإنسان في بلاد اليونان!وكان الذين يرضون بالزواج من الرجال يتزوَّجون متأخرين - في سن الثلاثين عادة - ثم يصرون على الزواج من فتيات لا تزيد سنهن على خمسة عشر عامًا!! وفي ذلك تقول إحدى الشخصيات في مسرحية ليورپديز: "إن زواج الشابِّ من زوجة شابَّة- أي مثله في العمر- شرٌّ مستطير وسبب ذلك أن قوَّة الرجل تبقى طويلاً، أما نضرة الجمال فسرعان ما تفارق صورة المرأة!!".انتهى.
ويلاحظ أن التعدد كان ومازال منتشرا بين شعوب وقبائل أخرى لا تدين بالإسلام .. ومنها الشعوب الوثنية في أفريقيا والهند والصين واليابان ومناطق أخرى في آسيا
.ومازالت طائفة المورمون المسيحية في أمريكا تمارس تعدد الزوجات بلا حصر ولا ضوابط من أي نوع !! وقد ألقت السلطات الأمريكية مؤخرا القبض على رجل منهم تزوج تسعين امرأة !! ولم يكن اعتقاله بسبب ذلك ، بل لأنه اغتصب ابنته !! ولو أنه لم يرتكب جريمة الاغتصاب ما تعرّض له أحد !!
ويقول الدكتور محمد فؤاد الهاشمي : أن الكنيسة ظلت حتى القرن السابع عشر تعترف بتعدد الزوجات انتهى(7)
. وقد سمحت الكنيسة للملوك بالجمع بين العديد من الزوجات ، والمثال الواضح لذلك " شارلمان "الذي أنجب أولادا من عدة زوجات بمباركة الكنيسة. فأين الحظر المزعوم ؟!!و الحق أنه لا يوجد نص صريح في أي من الأناجيل الأربعة يحظر تعدد الزوجات . وكل ما حدث أن تقاليد بعض الشعوب الأوروبية الوثنية كانت تمنع التعدد (ونقول بعض الشعوب لأن أغلبها كما ذكرنا كان يعرف تعدد الزوجات على أوسع نطاق ) فلما اعتنقت هذه الأقلية التي تمنع التعدد الديانة النصرانية فرضت تقاليدها السابقة على المسيحيين . وبمرور الزمن ظن الناس أن تحريم التعدد هو من صلب المسيحية ، بينما هو تقليد قديم فرضه البعض على الآخرين بدون نص من الإنجيل .
ونحن نتحدى معارضي التعدد أن يأتونا بنص على تحريم التعدد في أي إنجيل من الأربعة التي تمثل العهد الجديد.أما العهد القديم أو التوراة ففيها نصوص صريحة على إباحة التعدد في دين الخليل إبراهيم وإسحاق ويعقوب وشريعة داود وسليمان ، وغيرهم من أنبياء بنى إسرائيل – على نبينا وعليهم الصلاة و السلام.
بل إن علماء الاجتماع والمؤرخين ، ومنهم وستر مارك و هوبهوس و هيلير و جنربرج وغيرهم ، يلاحظون أن التعدد لم ينتشر إلا بين الشعوب التي بلغت قدرا معينا من الحضارة . وهى الشعوب التي استقرت في وديان الأنهار ومناطق الأمطار الغزيرة ، وتحولت إلى الزراعة المنظمة والرعي بدلا من الصيد وجمع ثمار الغابات و الزراعة البدائية .
ويرى هؤلاء المؤرخون وعلماء الاجتماع أن نظام التعدد سوف يتسع نطاقه كلما تقدمت المدنية ، واتسع نطاق الحضارة في العالم .
وشهادة هؤلاء العلماء – وهم جميعا من غير المسلمين – هي من أقوى الردود على المغالطين من معارضي التعدد الذين يزعمون أنه قد انقضى زمانه وانتهى عصره !!
لقد كان تعدد الزوجات – إذن – معروفا ومنتشرا في سائر أنحاء العالم قبل أن يبعث النبي محمد ( ) رحمة للعالمين ..وكان مطلقا بلا أية حدود أو ضوابط أو قيود .. لم يكن هناك كما يتضح من الأمثلة السابقة حد أقصى لعدد الزوجات أو المحظيات .ولم يكن هناك اشتراط على الزوج أن يعدل بين زوجاته ، أو يقسم بينهن بالسوية – كما أمر بذلك الإسلام ..فإذا أمر الإسلام العظيم بالرحمة والعدل والمساواة بين الزوجات وتحديد الحد الأقصى بأربع زوجات وحظر التعدد إذا خشي الزوج ألا يعدل ، هل يحق لنفر من الجهلة والمتنطعين أن يعترضوا ؟!! هل من المعقول أن تأتينا الرحمة من السماء فنردها على الرحمن الرحيم ؟!
لقد كانت المجتمعات الجاهلية – قبل الإسلام – تموج بألوان شتى من الظلم والجرائم والفواحش ما ظهر منها وما بطن ..
وكانت المرأة بالذات هي الضحية والمجني عليها على الدوام . وفى كل المجتمعات كان الزوج يقضى معظم أوقاته في أحضان صاحبات الرايات الحمراء ، ولا يعود إلى بيته إلا مكدودا منهك القوى خالي الوفاض من المال والعافية !!
وما كانت المرأة تجرؤ على الإنكار أو الاعتراض !! وكان آخر يمضى الشهر تلو الشهر عند الزوجة الجميلة ، ويؤثر أولاده منها بالهدايا والأموال الطائلة ، ولا تجرؤ الأخرى أو الأخريات ولا أولادهن على النطق بكلمة واحدة إزاء هذا الظلم الفادح ..
فهل من الحق أو الحكمة أن نرفض ما اشترطه الإسلام من تحقيق العدالة و البر والإكرام لكل الزوجات والأولاد على قدم المساواة ؟!!
حقا لا تعمى الأبصار ..و إنما تعمى العقول و القلوب التي في الصدور السوداء