اين انتم مما يحدث في تونس

[بوعلام العاصمي]

بسم الله الرّحمن الرّحيم



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
ثمّ أمـّا بعد فللأسف الشــّديد ويا حرقة القلب نسمع لهؤلاء المذكورين أصواتا عالية جدا جدا جدا تستنكر وتشجب أعمالا قد يكون قام بها المجاهدون ، وقد لم يقوموا بها ، فتراهم يرعدون ويصرخون وتظهر عروقهم على وجوههم من شدّة الغضب للكنيسة ومن مات فيها ، ولكن أين هم ممــّا يحدث في تونس من قتل للأبرياء لا للشيء إلاّ لأنــّهم يحتجــّون على الارتفاع الدّائم للأسعار ، فهم (( أي المحتجــّون)) لم يرفعوا سلاحا ، ولم ينادوا بالإطاحة بشين المجرمين (( مع أنــّنا نتمنــّى أن يــُطاح به عاجلا غير آجل بأيدي المجاهدين))
فعار عار عار عليكم يا علماء الأمــّة (( طبعا أقصد علماء الســّوء ولا أقصد غيرهم)) أن تكونوا ككلاب الصــّيد (( وعذرا من الكلاب ))
بأيدي أسيادكم لا تنطلقوا خلف الفريسة إلاّ بإذن من يمسك بالحبال الملتفــّة حول رقابكم (( وأكرر اعتذاري من كلاب الصــّيد))

عار عار عار عليكم ألاّ نسمع أصواتكم إلاّ عندما يــسمح لكم أربابكم من دون الله تعالى .

ألا تستحون من خلق الله تعالى ؟!(( لا أقول من الله تعالى لأنّ قلوبكم والعياذ بالله تعالى أصبحت كالحجارة أو أشد قسوة ))(( وأكرر كلامي هذا موجــّه لعلماء الســّوء الذين لم يتوبوا بعد ))
بماذا ستجيبون أمــّهات وآباء وأزواج إخواننا المؤمنين الذين سقطوا في تونس الحبيبة ؟؟!!
الجواب واضح لم يرم ِ لنا الســّلطان العظمة لنجري خلفها (( وأكرر أيضا اعتذاري من كلاب الصــّيد فهي أشرف منكم إن لم تتوبوا ))

نعم علماء سوء لا تتحرّك مشاعرهم ولا تجري أقدمهم ولا تكتب أيديهم إلاّ أن يأذن لهم هبل العصر .

لله درّك يا ابن القيــّم رحمك الله تعالى فكأنــّك بكلماتك تلك التي سأضعها بعد قليل تتكلــّم عن علماء الســّلطان في زماننا هذا:
قال رحمه الله تعالى :
وأيّ دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تُنتهك وحدوده تُضاع ودينه يُترك وسنة رسول الله صلــّى الله عليه وسلــّم يُرغب عنها وهو بارد القلب ساكت اللسان شيطانٌ أخرس كما أن المتكلم بالباطل شيطانٌ ناطق . وهل بليَّة الدّين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياساتهم فلا مبالاة بما جرى على الدّين , وخيارهم المتحزن المتلمظ ولو نُوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله بذل وتبذَّل وجد واجتهد واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسب وسعه , وهؤلاء مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم قد بلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون وهم لا يشعرون وهو موت القلوب , فإن القلب كلما كانت حياته أتمّ كان غضبه لله ورسوله أقوى وانتصاره للدين أكمل ) (( انتهى))
فماذا كان سيقول ابن القيــّم رحمه الله تعالى لو رأى علماء زماننا قد سكتوا عن دماء المسلمين التي تسيل في كلّ مكان ؟؟!!

ألم تقرؤوا يا علماء الســّلطان هذا الحديث الشــّريف الذي صحــّحه الألباني رحمه الله تعالى :
عن عبد الله بن عمرو عن النــّبي صلــّى الله عليه وسلــّم قال لزوال الدّنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم .

ولكن ماذا أقول لكم أكثر ممــّا قاله ابن القيــّم عنكم ؟؟!!

أين زمان كزمانك يا معتصم نادت امرأة وامعتصماه فأرسلتَ رسالة إلى كلب الروم قلتَ فيها سآتيك بجيش أوّله عندك وآخره عندي .

وأين زمان كزمانك يا صلاح الدّين عندما قيل لك ألا تبتسم فقلتَ وكيف أبتسم والأقصى أسير في أيدي الصلبيين ؟؟!!


آه ثمّ آه من أمـّة كان يهابها الشـّرق والغرب ويحسب لها ألف حساب ، فأصبحت في زماننا (( بما كسبت أيدينا ، وبعلماء كثر باعوا أنفسهم للسـّلطان فأصبحوا لا يقولون كلمة ولا يكتبون حرفا إلاّ بإذنه سلطانهم اللعين ((عليه وعليهم من الله تعالى ما يستحقـّون إن لم يتوبوا ))

كنـّا سادة العالم عندما كنـّا نحمل القرآن بيد والسيف بالأخرى ، فأصبحنا أذنابا عندما أصبح القرآن يـُتلى على الأموات وبالمناسبات .

كنـّا سادة للعالم عندما كان الأمير والوزير، والعالم والجاهل ، والعامـّي والكبير والصغير سواسية كأسنان المشط لا فضل لأحدهم على الآخر إلاّ بالتـّقوى ثمّ بما قدّم وعمل للإسلام والمسلمين .

وكان الأمير يقول للرعية : الكبير عندكم صغير عندي حتـّى آخذ الحقّ منه .

فأصبحنا ذنبا للكافرين عندما أصبح العلماء والأمراء يوالون أعداء الله تعالى على حساب ومصلحة الأمـّة ، بل على حساب دينهم ، بل عياذا بالله تعالى على حساب غضب ربـّهم جلّ جلاله .

كان دم المسلم إن أهدر ظلما وعدوانا تقوم الدولة الإسلامية بكافـّة عناصرها(( الأمير والجندي )) ليقتصـّوا من الظالم مهما عظم شأنه وارتفع ذكره بين النـّاس ،

فأصبح دمنا يسيل مدرارا في كلّ مكان ، فنرى ونسمع إمام الحرم المكـّي يخطب خطبة الجمعة ولا يذكر كلمة واحدة أو دعاء صغيرا لإخواننا في الصين وتونس والعراق وووو، بل في فلسطين الحبيبة ، بل لأولى القبلتين وثالث الحرمين(( مع أنّ دماء المسلمين أغلى عند الله تعالى من أعظم المقدّسات في ديننا)) .






أين المفرّ من الله تعالى ؟؟!!

أين أنتم من قوله تعالى :

(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:71)

أين أنتم من قوله صلـّى الله عليه وسلـّم :

عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا " ثم شبك بين أصابعه . متفق عليه
[ مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ] . ( صحيح ) وأخرجه البخاري بلفظ : ترى المؤمنين ... ؛ وله طريق ثالث بلفظ : المسلمون كرجل واحد .


لكم الله تعالى يا أهلنا في تونس وفي كلّ مكان