سلام "أقصوصة"

[بوقصة عبدو]

سلام

قفل عمر راجع إلى قريته الصغيرة بعد رحلة ممتعة ومباركة إلى البقاع المقدسة، لقد كان

يؤدي مناسك العمرة... وبدت له الحياة في ثوب قشيب، وبدأ يتذوق طعمها شيئا فشيئا... وفي

الشارع استقبله أولاده بلهفة وحنين .. لقد أهدى أصغرهم « أحمد » لعبة صغيرة تتمثل في فرخ

حمام أبيض، كان رائعا يكاد يشابه النموذج الأصلي للحمام.. فحدق أحمد في اللعبة مليا، ثم قال:

« آه .. هنا(يقصد في قريته) لا يوجد حمام أبيض مثل هذا... ».

- ما اسمه؟

قال الأب :

- اسمه « سلام ».

فأعاد الصبي

- ماذا تقول؟ شالوم؟

قام عمر بتصحيح خطئه..

- لا، إنني أقصد سلام لا شالوم، باستعمال حرف السين. ألا تستطيع أن تلفظ حرف السين؟

حاول الطفل ذلك عبثا...

- وماذا تعني كلمة شالوم؟

كان السؤال مهما ابتسم له عمر.

- إنها تعني الأمن و الاطمئنان... يا بني!

- لم أفهم شيئا...

- يا عزيزي « سلام » هي أن يمشي الإنسان بكل حرية، ولا يخشى أي ظلم أو استبداد..

- وهل تعني كلمة « شالوم » أن الإنسان يستطيع أن يتنزه في الغابة، أو على شاطئ البحر..

احتار الأب في الجواب واكتفى بالقول:

- سلام معناه أن طفلا مثلك يا أحمد يستطيع أن ينام قرير العين تحت ظل الزيتونة البرية،

دون أن يلحقه مكروه... ولعبته « سلام » دوما بين أحضانه ...

- لا - يا أبي – من الصعب علي أن ألفظ هذه الكلمة مثلك، سأسميها « شالوم » وكفى.

تتدخل الأم :

- قل يا أحمد « سـ » ثلاث مرات.

- سـ ، سـ ، سـ .

- سلام..

- سلام!

صفقت الأم بحماس وانشرح قلبها ...

وقال أحمد في نشوة وغبطة :

- سيرافقني « سلام » في كل دروب حياتي – إن شاء الله - ، ومن يومها صار « سلام »

خير رفيق لأحمد يصونه بالليل، ويداعبه بالنهار .. وأخذ أحمد يتباهى به ويفاخر به أطفال

الجيران، فاشترى كل واحد منهم لعبة مثل « سلام ». .. وبذلك عم « سلام » كل ربوع القرية ..