منها أوربا في القرون الوسطى وجعلت منها عصورا مظلمة بينما أوربا تعيش هذا الواقع الذي تحدث عنه في مواضع سابقه أيضا
إذا بينبوع صاف ينبثق في المشرق من بقعة جدباء بصحراء الجزيرة العربية يحمل بين طياته مشاعل حضارة ومقومات نهضة تشمل جميع مناحي الحياة وتعنى بالدين والدنيا على السواء وبالعقل والوجدان جنبا إلى جنب وهذا سوف أتوسع به بإذن الله في موضع أخر
وأول ما أبدا به
عام 671م حين دخل الإسلام لأول مره لإطراف أوربا وكانت أول هذه المراحل مرحلة التأثير غير المباشر
وفيها كانت تحذو أوربا حذو العرب في مبادئهم ونجد ذالك في العديد من الأمور منها
وخير مثال طبقه الشعراء التروبادرو خير من يعكس تأثير الشعر العربي والجامعات الاوربيه التي أنشئت على غرار الجامعات الاسلاميه العربية في اسبانيا ظواهر داله على هذا التأثير غير المباشر للحضارة الاسلاميه
وقد كانت الجامعات الاسلاميه في اسبانيا تضم الكثير من الطلبة الأوربيين وخاصة من رجال الاكليروس الغربيون
من هنا نشاء وعي أوربي يحمل في جذوره روح التمرد على التقاليد المسيحية وبدا الخروج الفكري على مظاهر العصبية العقدية في المسيحية أول ما بدا بجفوة بين التعاليم الكنسية والوعي الجديد في نفوس أبناء المسيحية وفيهم الكثير من الرهبان والقساوسة وأصبح اليقين بضرورة طلب العلم ومعرفه العلوم الدنيوية التي اعتبرها قديسيهم هرطقة يرجع على كثير من الاعتقادات العقدية التي حاولت الكنيسة يشتي الوسائل العنف والقوة زرعها في أعماق المسيحيين وجرف تيار التلقي من العلوم الاسلاميه وتلاقي الفكر العربي الإسلامي مع المسيحي أللاتيني مع من جرف
مواطنا اكويتانيا لا حسب يرفعه ولا نسب يضعه على قمة المجتمع إلى برشلونة ثم إلى قرطبة حيث تعلم العربية ليتحدث بها كأحد أبنائها كما يقول دريبر
أما مان وغيرة فيوكد أن الراهب الصغير جريبر اورلياك 1003م-938م لم يتعلم العربية وإنما درس وتعلم العلوم الاسلاميه في برشلونة عن كتب ترجمت من العربية
جريبرجوبرت هذا الذي تربع على عرش البابوية في روما تحت اسم سلفستر الثاني 999م-1003م يعتبر أول مدافع كنسي عن العلوم الدنيوية في أوربا بدا دفاعه بإنشاء مدرستين عربيتين
الأولى في روما مقر بأبويته
والثانية في رايمس وطنه وأضاف إليهما مدرسه عربيه
ثالثه وهي مدرسه شارتر كما انه يعتبر أول من ادخل الأرقام الغباريه العربية إلى أوربا وبث تلك الأرقام قبل أن يعرف الصفر وقام بعدد من الدرسان العربية والاسلاميه منها دراسة عن كتاب إقليدس بالعربية } محفوظات كنيسة وستر بانجلترا}
والحق أن انكباب جريبر على العلوم ودراسته حتى بعد أن أصبح على كرسي البابوية ثم أشاعه هذه العلوم بين بني جلدته حدث له أهميته التاريخية القصوى في العالم اللاتيني ......كما أن استخدامه لبعض الأدوات لتجربيه العلمية كامعداد والكرة الجغرافية التي احضرها معه من اسبانيا واستخدامه الأرقام العربية حدث له اثر في يقضه أوربا وفي ذالك يقول دريبر جريبر } إننا إنما نرى في جميع تعاليمه بداية الصراع بين التعاليم والأخلاق الاسلاميه وفي ذالك العصر وبين الجهل والجرائم الايطالية في ذالك العصر أيضا ذالك الصراع الذي قدر له أن يؤتى ثمارا هامه لأوربا فيما بعد }
وكانت للثقافة الاسلاميه التي تثقف بها جريبر فعليتها في نظرته إلى حقائق الأشياء فمن قوله }أنا لا امنع الزواج ولا أدين الزواج الثاني ولا أذم أكل اللحوم }
إنها نظرة إسلاميه صرفه إلى حقيقة موضوع الزواج واكل اللحم ويعرف عهد جريبر وما تلاه من عهود
استمرت حوالي ثلاثة قرون بعصر التأثير الإسلامي غير المباشر على أوربا
كان فيها الأوربيون يستشرقون بغير قصد منه بالإستشراق في كثير من أنحاء أوربا
ومن أثار ذالك
وجود نسخه لاتينيه من حكم ابقراط كانت تستخدم كانت تستخدم في التدريس بمدينه شارتر في فرنسا حيث توجد إحدى ثلاث مدارس عربيه أسسها جريبر وقد وجدت هذه ألنسخه قبل تأسيس هذه المدرسة أي حوالي عام 991م وكانت مترجمه عن أصل عربي ومن أثارة أيضا كتب الرياضيات والتنجيم التي كتبها هرمان الكسيح 1054م-1013م المستقاة من الكتب العربية في حين أن هرمان سويسري ولم يقيض له زيارة اسبانيا ومن إثارة إسفنجه التخدير العربية التي نقلها جاريويونتس المتوفي حوالي عام 1050م إلى الغرب اللاتيني
ومن بعد هذا العصر عصر التأثير غير المباشر
إلى عصر الترجمة من العربية إلى ألاتينيه وقد ازدوجت بواعث هذا العصر وتأرجحت طبيعة الاستشراف فيه بين الأخذ من علوم المسلمين وحضارتهم وبين العودة عن طريق الترجمات الاسلاميه لأمهات الكتب العلمية و الفلسفية اليونانية وإثباتات يونانيه بل أوربيه العلوم والادعاء ببناء نهضة أوربا العلمية على أنقاض العلم اليوناني من إنكار وتنكر واضحين للدور الإسلامي في هذا البناء
ومن المحاولات التي صاحبت هذا الدور من ادوار الاستشراق
المحاولة التي بذلت لإثبات عدم تاثر الحضارة اليونانية بآي رافد خارج عن ينبوعه ومحيطه وقد كان هناك من هزءا من هذه المحاولة من الأوربيون أنفسهم كسارتون في كتاب G.Sarton Introduction to the History of Science ol.1.p.17
}انه من سذاجة الأطفال أن نفترض أن العلم بدا في بلاد الإغريق لان المعجزة اليونانية سبقتها ألاف الجهود العلمية في مصر وفي بلاد ما بين النهرين وغيرهما من البلدان أما العلم اليوناني فكان إحياء أكثر منه اختراع وكفانا سوءا إننا أخفينا الأصول الشرقية التي لم يكن التقدم الهليني مستطاعا بدونها }
}ويقول أيضا في نفس الكتاب في موضع أخر
حقق المسلمون عباقرة الشرق أعظم المآثر في القرون الوسطى فكتبت أعظم المؤلفات قيمة وأكثرها آصاله وأغزرها ماده باللغة العربية وكانت من منتصف القرن الثامن حتى نهاية القرن الحادي عشر لغة العلم الارتقائية للجنس البشري حتى لقد كان ينبغي لأي كان إذا أراد أن يلم بثقافة عصره وبأحدث صورها أن يتعلم اللغة العربية ولقد فعل ذالك كثيرون من غير المتكلمون بها }
وكان هناك من حاول أن ينسب الفضل إلى العرب ولكن بصورة غائمة منهم
جون هرمان راندال
من كتابه تكوين العقل الحديث ج 1 ص 331
الذي يقول
{وسط هذا العالم الذي أخذت رقعته في الاتساع اتجه رجال القرون الوسطى إلى المعرفة العلمية التي وجدوها في مكاتب العرب وجامعاتهم الغنية وحين اخذ الغرب يستيقظ في مطلع القرون الوسطى انتقل مركز الثقافة الاسلاميه بنتيجة فعل المتعصبين من المصلحين المسلمين من ألخلافه الشرقية إلى اسبانيا وعن طريق اسبانيا جاءت أول معرفه بمؤلفات أرسطو الكبيرة ولكن المسلمون انقذو من العالم القديم شيئا كان أرسطو بالرغم من عبقريته عاجزا كل العجز عنه وهو العلم الرياضي والآلي }
وبدا عصر الترجمة
في أيطار هذا الباعث المزدوج فكان هناك من المترجمين أنفسهم من نسب مترجمات عربيه إلى نفسه منتحلا لها واكبر شخصيه في هذا العصر الذي يطلق عليه العصر السالرني نسبه إلى مدرسه سالرنو الاسقفيه هي شخصيه قسطنطين الأفريقي 1087-1020م
الذي ولد في قرطاجنه ورحل إلى خرسان وبغداد والشام ومصر والقيروان والهند وعاد منها ليعتنق النصرانية ثم التحق بمدرسه سالرنو عام 1060م وترهب في دير مونتي كاسينو وهناك بدا يترجم الكثير من كتب الطب والفلك من العربية إلى ألاتينيه منتحلا بعض هذه الترجمات ناسبا إياها إلى نفسه كترجمة كتاب المقالات العشر في العين لحنين بن إسحاق الذي جعل عنوانها }كتاب قسطنطين الأفريقي في طب العيون }
وقد فاقه خلفه اديلارد اوف باث 1135-1075م الذي كان من أهم أعماله ترجمة ألنسخه العربية لإقليدس وترجمات فلكيه ورياضيه للخوارزمي وأبي معشر الفلكي واهم من ذالك كله كتاب ألفه في العلوم العربية بعنوان }العلوم عند العرب } وطبع هذا الكتاب عام 1472م ومن مشاهير المترجمين
جيرار الكريموني 1114-1178م
ويعتبر أعظم المترجمين من العربية إلى اللاتنيه بل أن بعض الكتاب يعتبرونه الأب الحقيقي لحركة الاستعراب في أوربا تعلم العربية عن ابن غالب وأجادها وترجم حوالي تسعين مولفاويذكر الأستاذ مير هوف أن من بين المؤلفات التي ترجمه مؤلفات ابقراط وجالينوس وجميع مترجمات إسحاق إلى العربية وهو من مترجمي مدرسه الترجمة التي أسسها أسقف طليطه ريموند التي استمرت تترجم العلوم اليونانية من العربية إلى ألاتينيه من سنه 1126م إلى 1151م
وخلف جيرار الكريموني جيرار السابيوسونتي الذي أكمل ترجمة كتاب القانون في الطب لابن سيناء وقد كان جيرار الكريموني بدا ترجمته ومات قبل أن يكمل ترجمته
وتم خلال عصر الترجمة تأسيس مدرسة مونبليه بغرض تعليم الثقافة العربية ونشرها وقد تطورت هذه المدرسة فأصبحت في 26
أكتوبر عام 1289م كليه جامعيه شبه متخصصة لتعاليم العلوم الطبية وهذا المدرسة حققت حركة استعراب أدت إلى نتائج لها شانها في نهضة أوربا*2
دور العلماء العرب في الحضارة الغربية
كان للعرب والمسلمين دورهم في قيام الحضارة وآثرهم واضح في تقدم العلوم. أن كثيرين يجعلون هذا الدور والخدمات التي قدمها العرب للحضارة وان بعض علماء الغرب عمدوا إلى تشويه صفحات لامعات من تاريخ العرب لمآرب أصبحت غير خافية على احد. وعلى الرغم من هذا كله وجد بين العلماء ومنهم غربيون من قام يوضح الحقائق وينصف العرب ولأن الواقع التاريخي يدعو للوصول إلى الحقيقة قال ( سارطون) : أن بعض المؤرخين يصرحون بأن العرب نقلوا العلوم القديمة ولم يضيفوا إليها شيئا ما وإنهم لم يكونوا إلا نقلة ماهرين ولم يعرفوا إلا جانبها النظري , أن هذا الرأي خطأ, وانه لعمل عظيم أن ينقل ألينا العرب كنوز الحكمة اليونانية ويحافظوا عليها , ويقول: أن العرب كانوا أعظم معلمين في ا لعالم وقال ديفو: أن الميراث الذي تركه اليونان لم يحسن الرومان القيام به , أما العرب فقد أتقنوه وعملوا على تحسينه وإنمائه حتى سلموه إلى العصور الحديثة. ويقول سيديو : أن العرب هم في واقع الأمر أساتذة أوروبا في جميع فروع المعرفة, ففي الطب ثبت أن للعرب فضلا كبيرا في حفظه من الضياع وفي الزيادات المهمة إليه ثم نقل ذلك إلى أوروبا , لقد رفع العرب شأن الطب وكان لهم فضل السبق في فضل الجراحة وجعلها قسما منفصلا عنه ووضعوا قواعد للصيدلة وانشئوا مدارس لها واخترعوا أنواعا جديدة من الأدوية والعقاقير وعرفوا خصائصها وكيفية استخدامها وفي الكيمياء كان للعرب إضافات وابتكارات جعلت من جابر بن حيان في الكيمياء ما لأرسطو في المنطق , فقد أسس مدرسة كيميائية ذات تأثير كبير في الغرب وكان أثرهم واضحا في التحليل والتطبيق وكانوا مبدعين مبتكرين فأوجدوا التقطير والترشيح والتصعيد والتذويب والتبلور والتكليس وكشفوا بعض الحوامض والمركبات وهم أول من استحضر حمض الكبريت وماء الذهب. وفي علم البصريات وصلوا إلى أعلى الدرجات وثبت أن (كبلر) اخذ معلوماته عن ابن الهيثم واثر ابن الهيثم لا يقل عن اثر ( نيوتن) في الميكانيكا. وفي الفلك أحدثوا نهضة معروفة وذلك عن طريق نقل الكتب الفلكية القديمة وتصحيح أغلاطها والتوسع فيها, وتبدو عظمة هذا العمل إذا عرفنا أن أصول هذه الكتب ضاعت ولم يبق منها غير الترجمة العربية ومن خلال أعمال العلماء العرب والمسلمين وأبحاثهم ومؤلفاتهم تتجلى لنا مآثر العرب في الطب و الصيدلة والكيمياء والنبات والرياضيات وعلم الاجتماع وغير ذلك من العلوم, مع كل هذا الفضل للعلماء العرب والمسلمين يردد بعض الغربيين المتعصبين أن العرب كانوا نقلة عن اليونان فليس لهم أصالة فكرية ولا عقلية فلسفية ونقول لهم: انه لو لم يكن للعرب على حد زعمهم من الأثر إلا إنهم أنقذوا هذه الكتب من الضياع وحفظوها من طغيان الجهالة حتى أدوها صحيحة نقية إلى العصور الحديثة. ولكن الحق أن العرب لم يقفوا عند ذلك فقد ترجموا وحققوا ودققوا واخترعوا وبحثوا واكتشفوا , وهذه كتبهم تشهد على ذلك وهذه بقايا مدارسهم تشهد على مآثرهم العلمية. وعرج المحاضر على أقوال وشهادات الغربيين والإقرار بفضل علماء العرب .
يقول : (كاجوري) في كتابه تاريخ الرياضيات : (أن العقل لتملكه الدهشة حينما يقف على أعمال العرب في الجبر). وفي مادة المثلثات أن العرب أول من ادخل المماس في عداد النسب المثلثية وهي الجيب والتجيب كما نعلم وهم الذين استبدلوا الجيوب بالأوتار وطبقوا الجبر على الهندسة وحلوا المعادلات التكعيبية ويقول : أن علم المثلثات علم عربي .
ويقول المؤرخ جورج ملر في كتابه( فلسفة التاريخ ) أن مدارس العرب في اسبانيا كانت مصادر العلوم ويتلقون فيها العلوم الطبيعية والرياضية وما وراء الطبيعة وممن ورد تلك المناهل الراهب الفرنسي (جوبرت) فانه بعد أن ثقف علوم اللاهوت في أوروبا من مسقط رأسه جاب (البيرانس) والوادي الكبير , حتى ورد اشبيلية فدرس فيها وفي قرطبة الرياضيات والفلك ثلاث سنين ثم ارتد إلى قومه ينشر فيهم نور الشرق وثقافة العرب , فرموه بالسحر والكفر ولكنه ارتقى إلى سدة البابوية سنة 999 باسم سلفستر الثاني وقد أوصى الراهب ( روجر بكون ) الانكليزي في كتبه بني جنسه بتعلم اللغة العربية وقال أن الله زيوتي الحكمة من يشاء ولم يشأ أن يؤتيها اللاتينيين وإنما أتاها الإغريق والعرب . *3