شيك ...بدون رصيد

[الزمزوم]

كان سعيد بن العاص - رضي الله عنه - من كرام الصحابة ، الذين يعطون على استحياء بسخاء ، حتى إنه كان يستدين من أجل الفقراء.
فلما حضرته الوفاة ، قال لإبنه عمرو :
- يابني ، إذا واريتني التراب ، فانطلق إلى معاوية بالشام ، وأخبره بموتي ، وأعلمه بديني
ولسوف يعرض عليك قضاءه فلا تقبل ، ولكن أعرض عليه قصري هذا ، فإني قد اتخذته للراحة والسكن ولا أحسبه من المال .
فلما مات ، حملوه ودفنوه بمدافن المدينة المنورة بالبقيع . ثم رحل ابنه على الفور إلى معاوية . فلما أخبره ، حزن عليه معاوية وترحم ودعا له . ثم سأل عمرا :
- هل ترك دينا ؟ قال عمروا :
- نعم . ثمانمائة ألف درهم . قال معاوية :
- هي علي . قال :
- إنه ظن ذلك ، وأمرني ألا أقبلها منك . ولكن إذا اشتريت قصره يكون قضاء دينه دينه منه .
قال معاوية :
- قد أخذته بدينه .
فأخذ عمرو المال واتجه إلى المدينة ، ففرقه على أصحاب الدين ، وكان أكثرهم من الذين وعدهم سعيد بن العاص بالعطاء وألزم نفسه بذلك .
وجاء شاب من قريش ومعه صك ( شيك مصرفي كما نعرفه اليوم ) بخط سعيد وتوقيعه وشهد عليه خادمه .
فأرسل عمرو إلى الخادم وأطلعه على الصك ، فلما قرأه بكى وقال :
- نعم . هذا خطه وهذه شهادتي عليه . وتعجب عمرو وسأل :
- هذا الفتى من فقراء قريش ، فكيف يكون له عند أبي عشرون ألف درهم ؟! قال الخادم :
- يوم أن عزل أبوك من ولايته على الكوفة ، مشى إلى بيته وحده ، فقابله هذا الشاب ومشى معه حتى بلغ منزله . فوقف له سعيد وقال :
- ألك حاجة ؟ قال :
- لا . إلا أني رأيتك تمشي وحدك فأحببت أن أصحبك فقد تهدأ نفسك بعد أن عزلت . فقال لي سعيد :
-ائتني بصحيفة ( ورقة ) . فأعطيته هذه فكتب على نفسه هذا الدين وقال للشاب :
- إنك لن تجد عندنا الآن شيئا . فخذ هذا . وإذا رزقنا الله بشيء فأتنا .
فترحم عليه عمرو وأعطى الشاب مقدار ما كتب أبـــــــــــوه !