السلام عليكم
من المُسلّم به أن الإنسان لا يولد مجرما و لكن عنده قابلية لذلك ما لم تكبح جوامحه و لا أدل من أن أول جريمة في التاريخ كانت جريمة قتل ابن آدم لأخيه ، الواحد منا يولد صفحة بيضاء يخط فيها الوالدان ما يشاءان ثم المجتمع فالشارع فالمدرسة ... حتى تكتمل الشخصية و تصل إلى مراحل نضجها الأخيرة التي لا يمكن بأي حال إعادة تشكيلها من جديد .
لا يخفى على أحد تنامي ظاهرة الإجرام في مجتمعنا العربي المسلم و الجزائري تحديدا ، الإجرام بشتى أشكاله و ألوان طيفه بدءا من سرقة بيضة و انتهاء بسرقة البنوك ، بدءا باعتداء بالضرب و انتهاء بالقتل و سفك الدم ، بدءا بتدخين سيجارة و انتهاء بتعاطي المخدرات و المهلوسات ...
أكيد أن هناك أسبابا كثيرة تظافرت لتشكل لنا في الأخير مجرما جاهزا لفعل أي شيء مادام قد تعرى من المبادئ و القيم ، و لكن من المؤكد أيضا أن هناك سببا محوريا رئيسيا جعل هذا الإنسان الذي كان ذات يوم صفحة بيضاء يصدق أي شيء و يضحك لأي شيء و يبكي لأي شيء ...مجرما ، المؤسف فعلا أن خيوط الجريمة هذه شكلها أعظم مخلوقين : الوالدين ، حتما لم يكونا يريدا لولدهما مستقبلا إجراميا لكنهما ساهما فيه بشكل جلي من حيث لا يدريان أو ربما يدريان و لكن يجهلان ...بدأت بذور الجريمة يوم سمح الأب لابنه أن يرفع صوته عليه ، بدأت يوم سمحت الأم لابنها أن يقول لها كلمات بذيئة و هي تضحك له لأنه طفل !! بدأت يوم اشترى الأب لابنه مسدسا بلاستيكيا و مفرقعات و سيوف و أدوات قتال صحيح ليست حقيقية لكنها تسهم في بناء شخصية الطفل و لا ريب ، هذا الذي سيتربى على القتل و الضرب الافتراضي ،بدأت يوم سمح الأب لابنه بمشهادة الرسوم المتحركة التي تروج للحرب و القتل ، بدأت يوم لم يراقبه و هو يشاهد أفلام العنف و الجريمة التي انطبعت في مخيلته ، بدأت يوم جاء و بيده قلم سرقه من زميل له في المدرسة فلم تنهره أمه ، بدأ يوم ضرب أولاد الجيران فصفق له أبوه : هكذا يا ولدي علمه الأدب ، سلمت يداك
بدأت يوم دخن أول سيجارة فتسترت الأم عليه و لم تخبر أباه شفقة على ابنها من العقاب ...
بدأ عالم الجريمة من هنا ... من البيت ... من الوالدين