إلى كم ينقسم الخبر باعتبار طرق نقله إلينا ؟
ينقسم الخبر باعتبار طرق نقله إلينا إلى قسمبن : متواتر وآحاد .
متواتر وآحاد حسناً لنبدأ بالأول وهو المتواتر , ما هو المتواتر ؟
المتواتر : ما رواه جماعة يستحيل في العادة أن يتواطؤوا على الكذب , وأسندوه إلى شيء محسوس .
وهل المتواتر قسم واحد أم أكثر من قسم ؟
المتواتر ينقسم إلى قسمين .
فما هما هذين القسمين ؟
القسم الأول هو المتواتر لفظاً ومعنى والقسم الثاني هو المتواتر معنىً فقط .
لا بأس لنأخذ أولا تعريف المتواتر لفظاً ومعنى ؟
المتوتر لفظاً ومعنى : هو ما اتفق الرواة فيه على لفظه ومعناه .
مثال للتوضيح لو تكرمت ؟
مثاله : قول صلى الله عليه و سلم [ من كذب عليَّ مُتعمداً فليتبوَّأ مقعدَه من النار ]
فقد رواه عن النبي صلى الله عليه و سلم
أكثر من ستين صحابيَّا منهم العشرة المبشرون بالجنَّة ورواه عن هؤلاء خلق كثير .
هذا فيما يتعلق بالقسم الأول من المتواتر فماذا عن القسم الثاني وهو المتواتر معنى فقط ؟
المتواتر معنى : هو ما اتفق فيه الرواة على معنىً كلي , وانفرد كل حديث بلفظ خاص .
مثال على ذلك ؟
مثاله : أحاديث الشفاعة والمسح على الخفين .
ماذا يفيد المتواتر بقسميه ؟
أولاً : يفيد العلم : وهو القطع بصحة نسبته إلى من نقل عنه
ثانياً : العمل بما دل عليه بتصديقه إن كان خبراً , وتطبيقه إن كان طلباً .
************************************************** ***
الآن عرفنا ما هو المتواتر وما هي أقسامه فماذا عن الآحاد ؟
الآحاد : هي ما سوى المتواتر .
وهل هي أقسام ؟ وإن كانت كذلك فكم قسم هي ؟
هي بالفعل أقسام , وتنقسم باعتبار الطرق إلى ثلاث أقسام .
تنقسم إلى ثلاث أقسام ؛ فما هي تلك الأقسام الثلاثة ؟
هي مشهور وعزيز وغريب .
وما هو المشهور ؟ وما مثاله ؟
المشهور : ما رواه ثلاثة وأكثر ولم يبلغ حد التواتر .
مثاله : قوله صلى الله عليه و سلم [ المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ] .
قد عرفنا المشهور فماذا عن العزيز ؟
العزيز : ما رواه إثنان فقط .
مثاله : قوله صلى الله عليه و سلم [ لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ]
بقي الغريب ؟
الغريب : ما رواه واحد فقط
مثاله قولهصلى الله عليه و سلم [ إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرىء ما نوى ]
***************************
إلى كم تنقسم الآحاد باعتبار الرتبة - أي رتبة الصِّحة - ؟
تنقسم الآحاد باعتبار الرتبة إلى خمس أقسام
وما هي تلك الأقسام الخمسة ؟
هي ( صحيح لذاته - صحيح لغيره - حسن لذاته - حسن لغيره - ضعيف )
ما هو الصحيح لذاته ؟ وما مثاله ؟
الصحيح لذاته : هو ما رواه عدل تام الضبط بسند متصل وسلم من الشذوذ والعلة القادحة .
مثاله : قوله صلى الله عيه و سلم [ من يُرد الله به خيراً يُفقهه في الدين ] متفقٌ عليه ]
ولكن كيف نعرف صحة الحديث ؟
نعرف صحة الحديث بأمور ثلاثة وهي :
الأول : أن يكون من مصنف التزم فيه الصحة إذا كان مصنفه ممن يعتمد
قوله في التصحيح " كصحيحي البخاري ومسلم " .
الثاني : أن ينص على صحته إمام يعتد قوله في التصحيح ولم يكن معروفاً بالتساهل فيه .
الثالث : أن يُنظر في رواته وطريقة تخريجهم له , فإذا تمت فيه شروط الصحة حكم بصحته .
***********************
وما هو الصحيح لغيره ؟ وما مثاله ؟
الصحيح لغيره : هو الحسن لذاته إذا تعددت طرقه
مثاله : حديث عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه و سلم أن يجهز جيشاً فنفدت الإبل
, فقال النبي صلى الله عليه و سلم : [ ابتع علينا إبلاً بقلائص من قلائص الصدقة إلى محلها ]
فكان يأخذ البعرين بالبعرين والثلاثة .
فقد رواه أحمد من طريق محمد بن إسحاق , ورواه البيهقي من طريق عمرو بن شعيب
, وكل واحد من الطريقين بانفراده حسن , فبمجموعهما يصير الحديث صحيحاً لغيره .
ولماذ سُمِّي صحيحاً لغيره ؟
لأنه لو نظر إلى كل طريق بانفراد لم يبلغ رتبة الصحة , فما نظر إلى مجموعهما قويَ حتى بلغها .
نأتي إلى الحسن لذاته , ما هو وما مثاله ؟
الحسن لذاته : هو ما رواه عدل خفيف الضبط بسند متصل وسلم من الشذوذ والعلَّة القادحة .
مثاله : قوله صلى الله عليه و سلم [ مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم ]
هل هناك فرقٌ بين الصحيح لذاته والحسن لذاته ؟
ليس هناك بينهما فرق سوى اشتراط تمام الضبط - أي ضبط الحفظ - في الصحيح , فالحسن دون الصحيح .
ما رواه أبو داود منفرداً هل هو من الحسن ؟
هو من مظان الحسن كما قال ذلك ابن الصلاح
وما هو الحسن لغيره وما مثاله ؟
الحسن لغيره : هو الضعيف إذا تعددت طرقه على وجه يجبر بعضها بعضاً , بحيث لايكون فيها كذّاب , ولا متهم بالكذب .
مثاله : حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال [ كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا مد يديه في الدعاء لم
يردهما حتى يمسح بهما وجهه ]
و أخرجه الترمذي , قال في " بلوغ المرام " وله شواهد عند أبي داود وغيره
, ومجموعها يقضي بأنه حديث حسن .
ولماذا سُمِّي الحسن لغيره ؟
إنما سمي حسناً لغيره , لأنه لو نظر إلى كل طريق بانفراده لم يبلغ درجة الحسن ,
فلما نظر إلى مجموع طرقه قَوي حتى بلغها .
وما هو الضعيف ؟ وما مثاله ؟
الضعيف : هو ما خلا عن شروط الصحيح والحسن
مثاله : حديث [ احترسوا من الناس بسوء الظن ]
ما انفرد به كل من [ العقيلي أو ابن عدي أو الخطيب البغدادي أو ابن عساكر في "تأريخه"
,
أو الدليمي في "مسند الفردوس" , أو الترمذي الحكيم في "نوادر الأصول" -وهو غير صاحب السنن-
, أو الحاكم وابن الجارود في "تأريخيهما" ] هل هو من الضعيف ؟
كل ما ذكرت هو من مظان الضعيف .
أخبار الآحاد ماذا تفيد ؟
تفيد أخبار الآحاد سوى الضعيف الظن وهو : رجحان صحة نسبها إلى من نقلت عنه
, ويختلف ذلك بحسب مراتبها السابقة , كما تفيد أيضا العمل بما دلت عليه بتصديقه إن كان خبراً
, وتطبيقه إن كان طلباً
تقول أنها -سوى الضعيف- تفيد الظن فهل ممكن أن تفيد العلم ؟ وكيف ذلك ؟
ربما تفيد العلم إذا احتفت بها القرائن , وشهدت بها الأصول .
لماذا استثنيت الضعيف بقولك ( سوى الضعيف ) ؟
لأن الضعيف لا يفيد الظن و لا العمل , و لا يجوز اعتباره دليلاً , و لا ذكره غير مقرون ببيان ضعفه .
تقول لا يجوز ذكره غير مقرون ببيان ضعفه , ولكن هناك من سهَّل ذكره في الترغيب والترهيب ؟
هذا صحيح فقد سهّل جماعة ذكره في الترغيب والترهيب ولكن بثلاث شروط .
وما هي تلك الشروط الثلاثة ؟
1 - أن لا يكون الضعف شديداً .
2 - أن يكون أصل العمل الذي ذكر فيه الترغيب والترهيب ثابتاً .
3 - أن لا يعتقد أن النبي صلى الله عليه و سلم قاله .
وما فائدة ذكر الضعيف بالشروط الثلاثة في الترغيب ؟
فائدة ذكره في الترغيب هي حث النفس على العمل المرغوب فيه , لرجاء حصول ذلك الثواب ,
ثم إن حصل وإلا لم يضره اجتهادة في العبادة , ولم يفته الثواب الأصلي المترتب على القيام بالمأمور .
وما فائدة ذكر الضعيف بالشروط الثلاثة في الترهيب ؟
فائدة ذكره في الترهيب هي تنفير النفس عن العمل المرهب عنه للخوف من وقوع ذلك العقاب
, و لا يضره إذا اجتنبه ولم يقع العقاب المذكور .
يتبع إن شاء الله تعالى