كانت الصديقتان عائدتان من دراستهما وقد أنهكهما طلب العلم طوال النهار، وكانتا بالكاد تقويان على قطع الطريق الطويل بين الكلية ومحطة النقل، فالتعب قد أطفأ كل قواهما، وأخذ النعاس يداعب الجفون منهما وكان ذلك باديا لكل من يمر بهما.
ولسوء حظ إيناس لفت مظهرها الشاحب انتباه أحد اللصوص فما كاد يقترب منها حتى خطف منها حقيبتها وفر كالبرق مختفيا في الأزقة الضيقة للمدينة، حاولت إيمان اللحاق به صائحة به أن يترك دفاتر الدرس وبطاقات المكتبة متوسلة إياه أن يفعل ذلك، ولكن لم تسمع سوى صدى صوتها يعود إليها من الطريق الضيق الموحش، لما وصلت إيناس ـ وكانت لا تقوى على الركض كإيمان ـ شعرت الفتاتان أنه يجب تتبع اللص فهو حتما سيرمي بالوثائق التي لا يحتاجها في مكان ما، ورغم الخوف الذي انتابهما إلا أن تعلقهما الشديد بالنجاح في الدراسة حال دون الاستسلام للمخاوف والمخاطر التي قد تعترض طريقهما ... (يتبع)