مدينة الأموات - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الثّقافة والأدب > قسم الإبداع > قسم القصة ، الرّواية والمقامات الأدبية

قسم القصة ، الرّواية والمقامات الأدبية قسمٌ مُخصّصٌ لإبداعات الأعضاء في كتابة القصص والرّوايات والمقامات الأدبية.

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مدينة الأموات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-05-13, 09:45   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الصقر الكاسر
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي مدينة الأموات

مدينة الأموات
تملّصت بالأمس من غوغاء المدينة وخرجت أمشي في الحقول الساكنة حتى بلغت أكمة عالية ألبستها الطبيعة أجمل حلاها، فوقفت وقد بانت المدينة بكلّ ما فيها من البنايات الشاهقة و القصور الفخمة تحت غيمة كثيفة من دخان المعامل.
جلست أتأمّل بأعمال الإنسان فوجدت أكثرها عناء، فحاولت في قلبي ألاّ أفكّر بما صنعه آدم وحوّلت عينيّ نحو الحقل كرسي مجد الله فرأيت في وسطه مقبرة ظهرت فيها الأجداث الرخاميّة المحاطة بأشجار السرو.
هناك بين مدينة الأحياء و مدينة الأموات جلست أفكّر، أفكّر في كيفية العراك المستمر و الحركة الدائمة في هذه، وفي السكينة السائدة والهدوء المستقر في تلك. من الجهة الواحدة آمال وقنوط، ومحبة وبغضة، وغنى وفقر، واعقاد وجحود, ومن الأخرى تراب في تراب تقلب الطبيعة بطنه ظاهريا وتبدع منه نباتا تمّ حيوانا، وكلّ ذلك يتمّ في سكينة الليل.
بينا أنا مستسلم لعوامل هذه التأمّلات استلفت ناظري جميع غفير يسير الهويناء تتقدّمه الموسيقى وتملأ الجو ألحانا مخزنة. موكب جمع بين الفخامة والعظمة وآلف بين أشكال الناس. جنازة غني قوي. رفات ميت يتبعه الأحياء وهم يبكون ويولولون ويبثون بالهواء الصراخ والعويل.
بلغوا الجبّانة فاجتمع الكهّان يصلّون ويبخرون، وانفرد الموسيقيون ينفخون الأبواق. وبعد قليل انبرى الخطباء فأبّنوا الراحل بمنتقيات الكلام، ثمّ الشعراء فرثوه بمنتخبات المعاني، وكلّ ذلك كان بتطويل ممل. وبعد قليل انقشع الجمع عن جدث تسابق في صنعه الحفّارون والمهندسون وحوله أكاليل الأزهار المنمّقة بأيدي المتفنّنين.
رجع الموكب نحو المدينة وأنا أنظر من بعيد وأفكّر.
ومالت الشمس نحو الغروب واستطالت أخيلة الصخور والأشجار وأخذت الطبيعة تخلع أثواب النور.
في تلك الدقيقة نظرت فرأيت رجلين يقلان تابوتا خشبيا ووراءهما امرأة ترتدي أطمارا بالية وهي حاملة على منكبيها طفلا رضيعا وبجانبها كلب ينظر إليها تارة وإلى التابوت أخرى. جنازة فقير حقير, وراءها زوجة تذرف دموع الأسى وطفل يبكي لبكاء أمّه وكلب أمين يسير وفي مسيره حزن وكآبة.
وصل هؤلاء إلى المقبرة وأودعوا التابوت حفرة في زاوية بعيدة عن الأجداث الرخامية ثمّ رجعوا بسكينة مؤثرة والكلب يتلفّت نحو محط رحال رفيقه حتى اختفوا عن بصري وراء الأشجار.
فالتفتّ إذ ذاك نحو مدينة الأحياء وقلت في نفسي: تلك للأغنياء الأقوياء. ثمّ نحو مدينة الأموات وقلت: هذه للأغنياء الأقوياء. فأين موطن الفقير الضعيف يا ربّ؟
قلت هذا ونظرت نحو الغيوم المتلبّدة المتلوّنة أطرافها بذهب من أشعة الشمس الجميلة، وسمعت صوتا من داخلي يقول: هناك.








 


رد مع اقتباس
قديم 2010-05-18, 10:47   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
sollo44
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية sollo44
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

- هناك . حيث لم تطأ قدم إنسان. هناك في جو السماء حيث يتساوى الخلق و تزول الفروقات. و كلنا سندرك يوما حقيقة هذه الحياة الفانية. فغرور القوة لن يدوم و كذلك انسحاق المظلومين و المكسورين لن يطول.معادلة الحياة لها حل وحيد فقط هو الموت. ستبسم السماء يوما و ستبسم الشمس و الكواكب و ستتحقق الأماني في استقامة الحال.
- مشكور أخي على القصة الرائعة و المترعة بالمعاني الرمزية و الفلسفية....... مزيدا من التألق.










رد مع اقتباس
قديم 2011-04-22, 14:15   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
وداد اوعيسى
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية وداد اوعيسى
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

رااااااااااااااااااااااااائعة هذه الحكاية

شكرا لك










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مدينة, الأموات


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 06:18

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc