الطبيب و السارقة -قصة- - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الثّقافة والأدب > قسم الإبداع > قسم القصة ، الرّواية والمقامات الأدبية

قسم القصة ، الرّواية والمقامات الأدبية قسمٌ مُخصّصٌ لإبداعات الأعضاء في كتابة القصص والرّوايات والمقامات الأدبية.

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الطبيب و السارقة -قصة-

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-05-10, 10:33   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
sollo44
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية sollo44
 

 

 
إحصائية العضو










New1 الطبيب و السارقة -قصة-

- أغلق من خلفه الباب و خرج في خطوات متأنية ناظرا بعين متطلعة الى المستقبل ،و خلف الباب وقفت أمه الحنون ، داعية له بكل الخير من قلب لم يفتر يوما عن الحب:
- ربي يسهل يا وليدي، قدامك خضرة و موراك خضرة .
و الأم لو أوتي لها لفرشت لولدها البساط الأحمر ، و لرشت خلف كل خطوة يخطوها حليبا و لبنا ،و لزوجته من سيدة العذارى و لأعطته روحها فداء لروحه...... و في المساء عاد متأخرا ، و كانت تنتظره بلهف عند الباب ، و عندما ترامى الى مسمعها وقع أقدامه استبشرت و فتحت الباب عن وجهه الباسم :
- عبد الرحمن .... تأخرت اليوم في غير عادة يا ولدي !
فقال عبد الرحمن :
- هموم الدراسة يا أمي.... عما قريب سأنهي مذكرتي و سأغدو طبيبا كالدنيا... و بي ستفرحين.
- آمين...آمين...
و جلس عقب العشاء يدخن سيجارة و كانت في الغرفة الأخرى تصلي و تدعو له بالنجاح ، أخذته الذاكرة بسيلها العارم ،و تذكر نصائحها الذهبية و هي تقول له : يا بني كن خالص المعدن مثل المرحوم والدك ، و اجعل الخير يركع عند أقدامك و ازهد في الدنيا ..... و قريبا سيصبح الشاب طبيبا و قطع على نفسه عهدا بأن يساعد كل فقير و محتاج. و ينذر نفسه و وقته لهم . فان عاش، عاش عيشة هنية و ان مات كانت موتته رضية ثم استرجع وعيه فسمع أمه تسلم على يمينها اتماما للصلاة و هتف متفائلا :
- لقد نفعك الدواء كثيرا هذه المرة !!
قالت في لهجة حامدة :
- الفضل كله لله..... و الطبيب كان بارعا في وصف الدواء لي حقا .
فنهض من مقامه و نظر اليها بعين تلمع بوهج الأمل :
- قريبا سأعالجك بيدي...... و إن عجزت سأرسلك الى أقصى الأرض طمعا في الشفاء.
فنزعت عن رأسها خمارها الأبيض و كانت تبتسم !!
و سرعان ما تضحك له الدنيا... و من طبيب مبتدئ الى طبيب مشهور ، و من المئزر الأبيض الى البدلة المكوية بعناية ، فتدهورت أخلاقه كالسرطان ،جلس ذات يوم يحدث نفسه:
الى متى العناد و قد ترى نفسك في ضياع ؟ و هذا الكبر ما باله ؟ أنت ابن الأكرمين ها أنت لا تبالي بالمستقبل و بالأمس فقط كنت تعمل لهذا المصطلح ألف حساب،و الفتاة التي ضيعت مستقبلها، بأي ضمير فعلت فعلتك ؟! ... قل بأن قلبك صار من حجر،و يعود مساء للبيت و الأم تنتظر فقط أن يتناهى إليها وقع أقدامه حتى تفوز بسكينة تظمن لها النوم :
- بني ؟!
- أمي...... مرحبا........... تصبحين على خير.
و يحز في نفس الوالدة هذا التغيير المفاجئ و تسأل :
- ماذا حدث ؟
يقول في لهجة مفرغة من كل عاطفة :
- سأهجر البيت. !
ستهجرها و رغم فسوقك لا زالت تحبك و لا زال فمها نديا بدعوات الخير،كم ثمن دمعها لو تعلم ؟ كم ثمن بسمتها لو تدري؟ ويحك و ويح كل ليلة في حياتك ستمضيها بعيدا عنها، و فجأة رن الهاتف ففتح سماعته و تكلم بهدوء ماكرفي لهجة متخنثة :
- عمري ؟....لا تقلقي أنا في بيت أمي..سآتيك بعد قليل !!
هذه واحدة من مشققات الملابس،خاطفة الرجال و القلوب، مكياج على الوجه و ألوان زاهية و قلب من ورق !! و لكن تلك أمك فهل للموعضة من سبيل ؟!
و في مسكنه الجديد انتهى من توضيب آخر قطعة من الأثاث ، استخدم المسطرة و المنقلة لتثبيت المقتنيات في أماكنها، و علق أصص الورد في كل مكان، و صدحت الموسيقى من قلب السكون و الوحشة. و انتظر مجيئ سارقة القلوب ، حان موعد قدومها و هي إن تأخرت دقيقة بعد فسيفقد عقله !... و عندما رن جرس المسكن شعر بسعادة حطت قلبه في أقدامه !!
و انتهى الليل و صرخت تضاعيف الظلام بالفضيحة ، لا زالت أعقاب السجائر مشتعلة ، و الأسنان صفراء و روائح الأفواه نتنة كالطبيب و السارقة !و بعد تلك الليلة العنيفة الفاسقة جاء النهار ليكشف عن فوضى الأثاث في المسكن ،و قالت في مكر :
- ألن تذهب اليوم لعيادتك ؟
- من يترك الجنة و يذهب الى النار ؟
فسرت السارقة في تحامق و قالت :
- يا لك من طبيب.
و كانت الأم في معزل ، و أنيسها البكاء و عزاؤها الرجاء و في الغد حان موعد زيارتها للطبيب ،فقصدت عيادة ولدها ،فوجدتها مهجورة كالمقبرة ، و حتى رائحة الدواء لم تشمم ،
و تساءلت في ذعر :
- أين أنت يا ولدي ؟!
جاء متأخرا و وجدها في انتظاره . هبت لعناقه فطلب منها الجلوس و الانتظار !
دخل مكتبه و خرج بسرعة :
- هل اشتريت حقنة ؟
- و لكنني أمك !!
- إذن
- حسبت مصاريف العلاج على حسابك !
- حقا.
- و وعدك ؟!
- ليس اليوم كالأمس !
- ارتددت ؟!
- تفطنت
- و لكنني أمك .
- لا بأس و لكن اشتري الحقنة من الصيدلية ثم دعينا نكمل العلاج !
- ماذا حدث ...... أنت قاس كالصخر !...... لعلها السارقة .
و مال إليها و قال في حدة :
- دعينا نكمل العلاج .
تعجبت الأم و شعرت بالانكسار و ارتدت خائبة و قالت رغم حنقة شديدة :
قدامك خضرة و مراك خضرة يا وليدي !
التفتت إليه بوجه حزين و عينين غائمتين و قالت :
سأنتحر !
و عندما حاول منعها ، استيقض في فزع ، و أطل من النافذة فوجد أمه في حديقة البيت تسقي الورد،ابتسم و قال :
- صباح الورد يا أمي !
ثم استغفر و تنهد في عمق و أدرك :
يا له من حلم !








 


رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
-قصة-, السارقة, الطبيب


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 02:11

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc