اريد بحث حول شعر النقائض - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات التعليم الثانوي > منتدى السنة الأولى ثانوي 1AS > المواد الأدبية و اللغات

المواد الأدبية و اللغات كل ما يخص المواد الأدبية و اللغات : اللغة العربية - التربية الإسلامية - التاريخ و الجغرافيا -الفلسفة - اللغة الأمازيغية - اللغة الفرنسية - اللغة الأنجليزية - اللغة الاسبانية - اللغة الألمانية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

اريد بحث حول شعر النقائض

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-04-18, 21:09   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
soufiene12400
عضو جديد
 
إحصائية العضو










Hot News1 اريد بحث حول شعر النقائض

تعريف شعر النقائض لغة و اصطلاحا ونشاة وحصائصه وشكرا









 


رد مع اقتباس
قديم 2010-04-21, 23:44   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
omar1300
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية omar1300
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفضل ايها الاخ

شعرالنقائض:

النقيضة مصطلح مأخوذ في الأصلمن نقَض البناء إذا هَدَمَه ،
قال تعالى: "ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعدقوة أنكاثا"
وناقَضَه في الشيء مناقضةً ونِقَاضًا خالفه , والمناقضة في القول أنيتكلم بما يتناقض معناه ، وفي الشعر أن ينقض الشاعر ما قال الأول، حيث يأتي بغير ماقال خصمه , والنقيضة هي الاسم المفرد يُجمع على نقائض .
تمثل النقائض مصطلحاًأدبياً لنمط شعري نشأ في العصر الاموي ، وهي عبارة عن معارك شعرية دارت رحاها بينعدد من الشعراء في العصر الاموي، وكان فرسانها الاخطل وجرير والفرزدق ، وكان الشاعريكتب قصيدة في هجاء خصمه، فيرد الخصم (ناقضا) هذه القصيدة بقصيدة اخرى لها نفسالوزن والقافية ، و قد تركزت النقائض في العصر الاموي على غرض الهجاء تحديدا حيثكان الشاعر لايصبر على هجاء خصمه فيجيبه بقصيدة أخرى اكثر اقذاعا وافحاشاً .
نشأفن النقائض في العصر الأموي واشتدت المهاجاة الشعرية بين الشعراء المتهاجين فلميصمد في الميدان سوى ثلاثة من فحول الشعر هم : جرير والفرزدق والأخطل. وقد اشتهرتنقائض الفرزدق وجرير والأخطل ، وقد كان احدهم يتجه نحو خصمه بقصيدة هاجيًا ، فيعمدالآخر إلى الرد عليه بشعر مثله هاجيًا ملتزمًا البحر والقافية والرَّوِيَّ الذياختاره الشاعر الأول , ومعنى هذا أنه لابد :
-
من وحدة الموضوع فخرًا أو هجاءًأو غيرهما , ولابد
-
من وحدة البحر، فهو الشكل الذي يجمع بين النقيضتين ويجذبإليه الشاعر الثاني بعد أن يختاره الأول , ولابد كذلك
-
من وحدة الرَّوي لأنهالنهاية الموسيقية المتكررة للقصيدة الأولى، وكأن الشاعر الثاني يجاري الشاعر الأولفي ميدانه وبأسلحته نفسها.
ونمو شعر النقائض له اسبابه الاجتماعية والعقلية وكانالناس يجدون فيه نوعا من التسلية والترويح ، اما النقائض بحد ذاتها فقد كانت تعبيراواضحا عن نمو العقل العربي ومرانه على الحوار والجدل والمناظرة .

الأصل فيالنقائض هو المقابلة والاختلاف ؛ لأن الشاعر الثاني يجعل همّه أن يفسد على الشاعرالأول معانيه فيردها عليه إن كانت هجاء، ويزيد عليها مما يعرفه أو يخترعه، وإن كانتفخرًا كذَّبه فيها أو فسَّرها لصالحه هو، أو وضع إزاءها مفاخر لنفسه وقومه وهكذا. والمعنى هو ركيزة النقائض ومحورها الذي عليه تدور، ويتخذ عناصره من الأحساب القبلية، والأنساب والأيام والمآثر والمثالب. وليست النقائض شعرًا فحسب، بل قد تكونرَجَزًا أو تكون نثرًا كذلك. ولابد أن تتوفَّر فيها وحدة الموضوع وتقابُل المعاني،وأن تتضمن الفخر والهجاء ثم الوعيد أيضًا، وقد تجمع النقائض بين الشعر والنثر فيالوقت نفسه.
نشأت النقائض مع نشأة الشعر، وتطورت معه وإن لم تُسمَّ به مصطلحًا. فقد كانت تسمى حينًا بالمنافرة وأخرى بالملاحاة وما إلى ذلك من أشكال النفار. وكانتفي البداية لا تلتزم إلا بنقض المعنى والمقابلة فيه، ثم صارت تلتزم بعض الفنونالعامة دون بعضها الآخر، مما جعلها لا تبلغ درجة النقيضة التامة، وإن لم تبعد عنهاكثيرًا، ولاسيَّما في جانب القافية. ولاشك أن النقائض نشأت ـ مثل أي فن من الفنون ـضعيفة مختلطة، وبمرور الزمن والتراكم المعرفي والتتبُّع للموروث الشعري، تقدَّمالفن الجدلي وأخذ يستكمل صورته الأخيرة قبيل البعثة المحمدية ، حتى قوي واكتملواتضحت أركانه وعناصره الفنية , فوصل على يد الفحول من شعراء بني أمية إلى فن مكتملالملامح تام البناء الفني ، اتخذ الصورة النهائية للنقيضة ذات العناصر المحددة التيعرفناها بشكلها التام فيما عُرف بنقائض فحول العصر الأموي وهم جرير والفرزدقوالأخطل.
اعتمدت النقائض في صورتها الكاملة على عناصر أساسية في لغة الشعراء،منها النَّسَب الذي أصبح في بعض الظروف وعند بعض الناس من المغامز التي يُهاجِم بهاالشعراء خصومهم حين يتركون أصولهم إلى غيرها، أو يدَّعون نسبًا ليس لهم. وقد كانتالمناقضة تتخذ من النسب مادة للتحقير أو التشكيك أو نفي الشاعر عن قومه أو عدّه فيرتبة وضيعة، وكذلك كان الفخر بالأنساب وبمكانة الشاعر من قومه وقرابته من أهل الذكروالبأس والمعروف أساسًا، تدور حوله النقائض سلبًا أو إيجابًا. فاعتمد الشعراءالمناقضون على مادة النسب وجعلوها إحدى ركائز هجائهم على أعدائهم وفخرهم بأنفسهم. ومن أسباب ذلك أن المجتمع العربي على عصر بني أمية رجع مرة أخرى إلى العصبيةالقبلية التي كان عصر النبوة قد أحل محلها العصبية الدينية .
ومنها أيضًا أيامالعرب التي اعتمدت النقائض عليها في الجاهلية والإسلام، فكان الشعراء يتَّخذون منهاموضوعًا للهجاء ويتحاورون فيه، كما صور جزء من النقائض الحياة الاجتماعية أحسنتصوير، ووصف ماجرت عليه أوضاع الناس،
ومنها العادات المرعية والأعراف والتقاليدالتي يحافظ عليها العربي أشد المحافظة , فكانت السيادة والنجدة والكرم، وكان الحلموالوفاء والحزم من الفضائل التي يتجاذبها المتناقضون، فيدعي الشاعر لنفسه ولقومهالفضل في ذلك. وقد أصبحت النقائض سجلاً أُحصيت فيه أيام العرب ومآثرها وعاداتهاوتقاليدها في الجاهلية وفي الإسلام.
ومن الواضح ان جريرا والفرزدق درسا تاريخالقبائل العربية في الجاهلية والاسلام وهذا ما يعد وثائق تاريخية طريفة ولم يكنالشاعر يدرس تاريخ القبائل التي يدافع عنها فحسب وانما كان يدرس ايضا تاريخ القبائلالتي يهجوها ليقف على الايام التي انهزمت فيها حتى يستطيع ان يبدع في هجائه وسرعانما وصلت النقائض الى العصر الاموي ليس في مجال المدح والهجاء فحسب وانما امتدت الىالنسب والغزل والفخر والولاء وغيره .
بدا الهجاء بين جرير والفرزدق حين استعاناحد الشعراء من قبيلة الفرزدق به للرد على جرير فقام الفرزدق بالانتصار لصاحبه فردعليه جرير واشتعلت بينهما نار هجاء لم تنطفئ الا بموت الفرزدق وقد كان الهجاءبينهما يركز على ذم القبيلة وذم النسب وتحقير صفات الخصم , ومن قول الفرزدق فيجرير:
ووجـدت قومك فقّؤوا مـن لـؤمهم***عينيك عنـــــد مكارم الاقوام
صغــــــــرت دلاؤهمفما ملأوا بها***حوضــــــا ولاشهدوا عراك زحام
فأجابه جرير :
مهلا فرزدق إن قومك فيــــهم***خور القلوب وخفة الاحلام
الظاعنون على العمىبجميعهم***والنازلـــــــون بشر دار مقام
اما الاخطل فقد ارسل اليه احد اسياد قبيلة مجاشع (قبيلة الفرزدق) بألف درهموكسوة وبغلة لكي يدعم الفرزدق في حربه ضد جرير فقال قصيدة يهجو جريرا ويفضل الفرزدقعليه منها :
أجرير إنـك والذي تسمـو لـه***كأسيفة فخرت بحدج حصـان
تاج الملوك وفخرهم في دارم***ايام يـــــــــربوع مع الرعيان
فأجابه جرير :
ياذا الغباوة إن بشراً قد قضى***ألا تجوز حكومة النشوان
فعوا الحكومة لستم منأهلهـا***إن الحكومة في بني شيبان
واتصلالهجاء بين الاخطل وجرير وتناقلت الناس اشعارهما .

ولابد من ملاحظة الدوافعالقبلية والشخصية لهذا التهاجي فالفرزدق ميلا لم يهج دفاعا عن القبيلة فقط بل لانهاراد منافسة جرير على زعامة تميم الشعرية , كما ان الاخطل سخط ايضا على جرير لانهمدح قبيلة قيس المعادية لبنى تغلب رهط الاخطل كما خاف الاخطل ايضا ان يزاحمه جريرعلى مكانته في بني امية .
واستمر الحقد متصلا فعندما مات الاخطل في حياة جريرقال فيه :
زار القبور أبو مالك***فكـــان ألأم زوارها
كما هجا الفرزدق بعدموته فقال :
مات الفرزدق بعدما جدّعته***ليت الفرزدق كان عاش طويلا
ولما لامه الناسفي ذلك رثاه ببيتين من الشعر , ولم يلبث بعده ان مات بعد بضعة اشهر .

الخاتمة:
وفي الختامنقول ان النقائض لم تكن تمثل فقط ثأرا شخصيا بل كانت مجالا للمنافسة بين الشعراءطلبا للجوائز وشجعها الخلفاء لصرف الانتباه عن مظالمهم ورغب فيها الناس لما وجدوهفيها من تسلية وترويح ولكن خصائصها الفنية وتأريخها لماضي القبائل وايام العربالمشهورة وقوة اسلوبها ومبالغتها في الخيال جعلها تقدم للغة العربية ثروة ادبيةعظيمة وسجلا تاريخيا لكثير من الوقائع والعادات في العصر الاموي وما قبله , أمامايعيب النقائض فهو دعوتها الى العصبية القبلية وخروجها على روح الاسلام السمحةالتي تنهى عن التفاخر بالاحساب والهجاء الفاحش .









رد مع اقتباس
قديم 2010-04-21, 23:45   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
omar1300
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية omar1300
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ارجو ان تدعو لي بالنجاح وتستفيد من البحث










رد مع اقتباس
قديم 2010-04-22, 18:21   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
maram66
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية maram66
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لك اخي










رد مع اقتباس
قديم 2010-04-24, 09:11   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
bilelxohunter
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2010-04-24, 10:46   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
♥ وآثقة الخطــــى ♥
عضو برونزي
 
الصورة الرمزية ♥ وآثقة الخطــــى ♥
 

 

 
الأوسمة
وسام طبق المشاركة 
إحصائية العضو










افتراضي

merci beaucoup mon frere










رد مع اقتباس
قديم 2010-05-01, 08:43   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
أنا المسعدي
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

مشكور أخينا كل الشكر وموفق يا رب فيما تصبو إليه .










رد مع اقتباس
قديم 2010-05-01, 19:13   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
semou92
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية semou92
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شخص اسـمه محمد ال شاوي اقسـم بالله العظيم انه راى الرسول في المــنـام وقال له الرسول بلغ الاســلام والمسلمين عنى فمن ينشرها يفرح فرحا شديدا ومن يتجاهلها ا فسوف يحـزن حـزنا شديدا لا اله الا أنت سبحانك أنت ربي فاغفر لي انى كنت من الظالمين ارسلها الى 25 شخص وسوف تسـمع خبر مفرح الليلة









رد مع اقتباس
قديم 2010-05-09, 22:12   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
moslim26
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شعر النقائض

النقيضة مصطلح مأخوذ في الأصل من نقَض البناء إذا هَدَمَه ،
قال تعالى: "ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا" صدق الله العظيم
وناقَضَه في الشيء مناقضةً ونِقَاضًا خالفه , والمناقضة في القول أن يتكلم بما يتناقض معناه ، وفي الشعر أن ينقض الشاعر ما قال الأول، حيث يأتي بغير ما قال خصمه , والنقيضة هي الاسم المفرد يُجمع على نقائض .
تمثل النقائض مصطلحاً أدبياً لنمط شعري نشأ في العصر الأموي ، وهي عبارة عن معارك شعرية دارت رحاها بين عدد من الشعراء في العصر الأموي، وكان فرسانها الأخطل وجرير والفرزدق ، وكان الشاعر يكتب قصيدة في هجاء خصمه، فيرد الخصم (ناقضا) هذه القصيدة بقصيدة أخرى لها نفس الوزن والقافية ، و قد تركزت النقائض في العصر الأموي على غرض الهجاء تحديدا حيث كان الشاعر لايصبر على هجاء خصمه فيجيبه بقصيدة أخرى أكثر إقذاعا وإفحاشاً .
نشأ فن النقائض في العصر الأموي واشتدت المهاجاة الشعرية بين الشعراء المتهاجين فلم يصمد في الميدان سوى ثلاثة من فحول الشعر هم : جرير والفرزدق والأخطل. وقد اشتهرت نقائض الفرزدق وجرير والأخطل ، وقد كان أحدهم يتجه نحو خصمه بقصيدة هاجيًا ، فيعمد الآخر إلى الرد عليه بشعر مثله هاجيًا ملتزمًا البحر والقافية والرَّوِيَّ الذي اختاره الشاعر الأول , ومعنى هذا أنه لابد :
-
من وحدة الموضوع فخرًا أو هجاءً أو غيرهما ,
-
ولابد من وحدة البحر، فهو الشكل الذي يجمع بين النقيضتين ويجذب إليه الشاعر الثاني بعد أن يختاره الأول , ولابد كذلك
من وحدة الرَّوي لأنه النهاية الموسيقية المتكررة للقصيدة الأولى، وكأن الشاعر الثاني يجاري الشاعر الأول في ميدانه وبأسلحته نفسها.
ونمو شعر النقائض له أسبابه الإجتماعية والعقلية وكان الناس يجدون فيه نوعا من التسلية والترويح ، أما النقائض بحد ذاتها فقد كانت تعبيرا واضحا عن نمو العقل العربي ومرانه على الحوار والجدل والمناظرة .
الأصل في النقائض هو المقابلة والاختلاف ؛ لأن الشاعر الثاني يجعل همّه أن يفسد على الشاعر الأول معانيه فيردها عليه إن كانت هجاء، ويزيد عليها مما يعرفه أو يخترعه، وإن كانت فخرًا كذَّبه فيها أو فسَّرها لصالحه هو، أو وضع إزاءها مفاخر لنفسه وقومه وهكذا. والمعنى هو ركيزة النقائض ومحورها الذي عليه تدور، ويتخذ عناصره من الأحساب القبلية ، والأنساب والأيام والمآثر والمثالب. وليست النقائض شعرًا فحسب، بل قد تكون رَجَزًا أو تكون نثرًا كذلك. ولابد أن تتوفَّر فيها وحدة الموضوع وتقابُل المعاني، وأن تتضمن الفخر والهجاء ثم الوعيد أيضًا، وقد تجمع النقائض بين الشعر والنثر في الوقت نفسه.
نشأت النقائض مع نشأة الشعر، وتطورت معه وإن لم تُسمَّ به مصطلحًا. فقد كانت تسمى حينًا بالمنافرة وأخرى بالملاحاة وما إلى ذلك من أشكال النفار. وكانت في البداية لا تلتزم إلا بنقض المعنى والمقابلة فيه، ثم صارت تلتزم بعض الفنون العامة دون بعضها الآخر، مما جعلها لا تبلغ درجة النقيضة التامة، وإن لم تبعد عنها كثيرًا، ولاسيَّما في جانب القافية. ولاشك أن النقائض نشأت ـ مثل أي فن من الفنون ـ ضعيفة مختلطة، وبمرور الزمن والتراكم المعرفي والتتبُّع للموروث الشعري، تقدَّم الفن الجدلي وأخذ يستكمل صورته الأخيرة قبيل البعثة المحمدية ، حتى قوي واكتمل واتضحت أركانه وعناصره الفنية , فوصل على يد الفحول من شعراء بني أمية إلى فن مكتمل الملامح تام البناء الفني ، اتخذ الصورة النهائية للنقيضة ذات العناصر المحددة التي عرفناها بشكلها التام فيما عُرف بنقائض فحول العصر الأموي وهم جرير والفرزدق والأخطل.
اعتمدت النقائض في صورتها الكاملة على عناصر أساسية في لغة الشعراء، منها النَّسَب الذي أصبح في بعض الظروف وعند بعض الناس من المغامز التي يُهاجِم بها الشعراء خصومهم حين يتركون أصولهم إلى غيرها، أو يدَّعون نسبًا ليس لهم. وقد كانت المناقضة تتخذ من النسب مادة للتحقير أو التشكيك أو نفي الشاعر عن قومه أو عدّه في رتبة وضيعة، وكذلك كان الفخر بالأنساب وبمكانة الشاعر من قومه وقرابته من أهل الذكر والبأس والمعروف أساسًا، تدور حوله النقائض سلبًا أو إيجابًا. فاعتمد الشعراء المناقضون على مادة النسب وجعلوها إحدى ركائز هجائهم على أعدائهم وفخرهم بأنفسهم. ومن أسباب ذلك أن المجتمع العربي على عصر بني أمية رجع مرة أخرى إلى العصبية القبلية التي كان عصر النبوة قد أحل محلها العصبية الدينية .
ومنها أيضًا أيام العرب التي اعتمدت النقائض عليها في الجاهلية والإسلام، فكان الشعراء يتَّخذون منها موضوعًا للهجاء ويتحاورون فيه، كما صور جزء من النقائض الحياة الاجتماعية أحسن تصوير، ووصف ماجرت عليه أوضاع الناس، ومنها العادات المرعية والأعراف والتقاليد التي يحافظ عليها العربي أشد المحافظة , فكانت السيادة والنجدة والكرم، وكان الحلم والوفاء والحزم من الفضائل التي يتجاذبها المتناقضون، فيدعي الشاعر لنفسه ولقومه الفضل في ذلك. وقد أصبحت النقائض سجلاً أُحصيت فيه أيام العرب ومآثرها وعاداتها وتقاليدها في الجاهلية وفي الإسلام.
ومن الواضح ان جريرا والفرزدق درسا تاريخ القبائل العربية في الجاهلية والاسلام وهذا ما يعد وثائق تاريخية طريفة ولم يكن الشاعر يدرس تاريخ القبائل التي يدافع عنها فحسب وانما كان يدرس ايضا تاريخ القبائل التي يهجوها ليقف على الايام التي انهزمت فيها حتى يستطيع ان يبدع في هجائه وسرعان ما وصلت النقائض الى العصر الاموي ليس في مجال المدح والهجاء فحسب وانما امتدت الى النسب والغزل والفخر والولاء وغيره .
بدا الهجاء بين جرير والفرزدق حين استعان احد الشعراء من قبيلة الفرزدق به للرد على جرير فقام الفرزدق بالانتصار لصاحبه فرد عليه جرير واشتعلت بينهما نار هجاء لم تنطفئ خلال 45 سنة إلا بموت الفرزدق وقد كان الهجاء بينهما يركز على ذم القبيلة وذم النسب وتحقير صفات الخصم , ومن قول الفرزدق في جرير:
ووجـدت قومك فقّؤوا مـن لـؤمهم *** عينيك عنـــــد مكارم الاقوام
صغــــــــرت دلاؤهم فما ملأوا بها *** حوضــــــا ولاشهدوا عراك زحام
فأجابه جرير :
مهلا فرزدق إن قومك فيــــهم *** خور القلوب وخفة الاحلام
الظاعنون على العمى بجميعهم *** والنازلـــــــون بشر دار مقام
اما الأخطل فقد أرسل إليه أحد أسياد قبيلة مجاشع (قبيلة الفرزدق) بألف درهم وكسوة وبغلة لكي يدعم الفرزدق في حربه ضد جرير فقال قصيدة يهجو جريرا ويفضل الفرزدق عليه منها :
أجرير إنـك والذي تسمـو لـه *** كأسيفة فخرت بحدج حصـان
تاج الملوك وفخرهم في دارم *** ايام يـــــــــربوع مع الرعيان
فأجابه جرير :
ياذا الغباوة إن بشراً قد قضى *** ألا تجوز حكومة النشوان
فعوا الحكومة لستم من أهلهـا *** إن الحكومة في بني شيبان
واتصل الهجاء بين الاخطل وجرير وتناقلت الناس اشعارهما 20 سنة أخرى.
ولابد من ملاحظة الدوافع القبلية والشخصية لهذا التهاجي فالفرزدق ميلا لم يهج دفاعا عن القبيلة فقط بل لأنه أراد منافسة جرير على زعامة تميم الشعرية , كما أن الأخطل سخط أيضا على جريرلأنه مدح قبيلة قيس المعادية لبنى تغلب رهط الأخطل كما خاف الأخطل أيضا أن يزاحمه جرير على مكانته في بني أمية .
واستمر الحقد متصلا فعندما مات الأخطل في حياة جرير قال فيه :
زار القبور أبو مالك *** فكـــان ألأم زوارها
كما هجا الفرزدق بعد موته فقال :
مات الفرزدق بعدما جدّعته *** ليت الفرزدق كان عاش طويلا
ولما لامه الناس في ذلك رثاه ببيتين من الشعر , ولم يلبث بعده أن مات بعد بضعة أشهر .
وفي الختام نقول أن النقائض لم تكن تمثل فقط ثأرا شخصيا بل كانت مجالا للمنافسة بين الشعراء طلبا للجوائز وشجعها الخلفاء لصرف الانتباه عن مظالمهم ورغب فيها الناس لما وجدوه فيها من تسلية وترويح ولكن خصائصها الفنية وتأريخها لماضي القبائل وايام العرب المشهورة وقوة اسلوبها ومبالغتها في الخيال جعلها تقدم للغة العربية ثروة ادبية عظيمة وسجلا تاريخيا لكثير من الوقائع والعادات في العصر الاموي وما قبله , أما مايعيب النقائض فهو دعوتها الى العصبية القبلية وخروجها على روح الاسلام السمحة التي تنهى عن التفاخر بالاحساب والهجاء الفاحش.



قصائد جرير
قصيدة بان الخليط
بان الخليط ولو طوعت ما بان وقطعو من حبال الصرم اقرانا
حي المنازل إذ لا نبتغي بدلا بالدار دار ولا الجيران جيرانا
قد كنت في اثر الاظعان ذا طرب مروعا من حذار البين محزانا
يا رب مكتئب لو قد نعيت له باك واخر مسرور بمنعانا
لو تعلمبن الذي نلقا أويت لنا أو تسمعين إلى ذي العرش شكوانا
كصاحب الفلك إذ مالت سفينته يدعوا إلى الله اسؤاؤا واعلانا
يا أيها الراكب مزجي مطيته بلغ تحياتنا قد بلغت حملانا
بلغ قصائد عنا خف محملها على قلائص لم يحملن حيرانا
كيما نقول إذ بلغت حاجتنا انت الامين إذا مستأمن خانا
تهدي السلام لاهل اغور من ملح هيهات من ملح بالغور مهدانا
احبب الي بذاك الجزع منزلة بالطلح طلحا وبالاعطان اعطانا
يا ليت ذا القلب لاقا من يعلله أو ساقيا فسقاه اليوم سلوانا
أو ليتها لم تعلقنا علاقنها ولم يكن دداخل الحب الذي كانا
هلا تحرجت مما تفعلين بنا يا اطيب الناس يوم الدجن اردانا
قالت:الم بنا ان كنت منطلقا ولا اخالك بعد اليوم تلقانا
يا طيب! هل من متاع تمتعين به ضيفا لكم باكرا يا طيب عجلانا
ما كنت أول مشتاق اخا طرب هاجت له غدوات البين احزانا
يا أم عمر جزاك الله مغفرة ردي علي فؤادي مثلما كان
ألست احسن من يمشي على قدم يا احسن الناس يوم الدجن اردانا
يلقى غريمكم من غبر عسرنكم بالبذل بخلا وبالاحسان حرمانا
لا تأمنن فاني غير أمنه غدر الحبيب إذا ما كان ألوانا
قد خنت من لم يكن يخشى خيانتكم ما كنت أول موثوق به خانا
لقد تكتمت الهوى حتى تهيمني لا استطسع لهذا الحب كتمانا
كاد الهوى يوم سلماناين يقتاني وكاد يقتلني يوم ببيدانا
وكاد يوم لوى حواء يقتلني لو كنت من زفرات الموت قرحانا
لا بارك الله فيمن كان يحسبكم الا على العهد حتى كان ما كان
من حبكم فاعلمي للحب منزلة نهوى اميركم لو كان يهوانا
لا بارك الله في الدنيا إذا انقطعت اسباب دنياكم عن اسباب دنيانا
يا ام عثمان ان الحب عن عرض يصبي الحليم ويبكي العين أحيانا
ضنت بموردة كانت لنا شرعا تسفي صدى مستهام القلب صديانا
كيف التلاقي ولا بالقيظ محضركم من قريب ولا ملقاك ملقانا
نهوى ثرى العرق إذ لم نلقى بعدكم كالعرق عرقا ولا السلان سلان
ما أحدث الدهر مما تعلمين لكم للحبل صرما ولا للعهد نسياتا
أبل الليل لا تسري كواكبة أم طال حتى حسبت النجم حيرانا
يا رب عائذة بالغور لو شهدت عزت عليها بدير اللج شكوانا
أن العيو ن التي في طرفها حور قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن اضعف خلق الله اركانا
يا رب غابضنا لو كان يطلبكم لاقى مباعدة منكم وحرمانا
أرينه الموت حتى لا حياة به قد كن دنك قبل اليوم أديانا
بعض ابيات النقائض بين جرير والفرزدق
:الفرزدق
ان الذي سمك السماء بنى لنا بيتاً دعائمه اعزّ واطولُ
بيتاً زرارة محتبٍ بفنائه ومجاشعٌ وابو الفوارس نهشلِ
لا يحتبى بفناء بيتك مثلهم ابداً اذا عُد الفعال الافضل

ـ يرد عليه :جرير
أخزي الذي سمك السماء مجاشعاً وبنى بناءك في الحضيض الاسفل
بيتٌ يُحمم قينكم بفنائه دنساً مقاعدهُ خبيثُ المدخل ِ
قُتل الزبير وانت عاقد حبوةٍ تباً لحبوتك التي لم تحللِ
وافاك غدرك بالزبير على منى ومجرُ جعثنكم بذات الحرمل
باتالفرزدقيستجير لنفسه وعجان جعثن كالطريق المعمل

(
جعثن اختالفرزدق)

ـالفرزدق
حُلل الملوك لباسنا في اهلنا والسابغات الى الوغى نتسربل

ــجرير

لا تذكروا حُلل الملوك فانكم بعد الزبيركحائضٍ لم تغسلِ

ــالفرزدق

احلامنا تزن الجبال رزانةً وتخالنا جُناً اذا لم نجهلُ
خالي الذي غصب الملوك نفوسهم واليه كان حباء جفنة يُنقلُ
انا لنضربُ راس كل قبيلةٍ وابوك خلف اتانه يتقملُ

ــجرير
كانالفرزدقاذ يعوذ بخالهِ مثل الذليل يعوذ تحت القرملِ
افخر بضبةَ ان امك منهم ليس بن ضبةَ بالمعم المخولِ
ابلغ بني وقبان ان حلومهم خفت فلا يزنون حبة خردل
تبادل نقائضي بين الفرزدق وجرير:
ومن قول الفرزدق في جرير :
يا صاحبي دنا الرواح فسيرا غلب الفرزدق في الهجاء جريرا
وهذا من قول جرير يقول :
فغض الطرف انك من نمير فلا كعبا بلغت ولا كلابـــــــــا
فهذا الفرزدق يقول :
تحن بزوراء المدينة ناقتي حنين عجول تبتغي البو رائم
وهذا اعتذار للفرزدق عما قاله :
ولست بمأخوذ بلغو تقوله اذا لم تعمد عاقدات العزائم
وهذا ما قاله جرير في فسق الفرزدق الذي اشتهر به :
لقد ولت ام الفرزدق فاجرا وجـــــاءت بوزواز قصير القوائم
وما كان جار للفرزدق مسلم ليامـــــــن قردا ليله غير نائـــــم
اتيت حدود الله مذ انت يافع وشبت فما ينهاك شيب الهـــــازم
تتبع في المأخور كل مريبة ولست باهل المحصنات الكرائم
جرير والراعي النميري:
تبادل جرير والفرزدق الهجاء أكثر من أربعين سنة، وكان كثير من الشعراء ينزلق في هذه المناظرة مؤيدا شاعرا على الاخر، وهذا ما حدث للراعي النميري حيث انحاز إلى الفرزدق على حساب جرير (فكان له الويل وكل الويل) حيث قال:
يا صاحبي دنا الرواح فسيرا غلب الفرزدق في الهجاء جريرا
فلم يمهله جرير كثيرا بل اعد له في اليوم التالي قصيدة تتكوم من97 بيت من الشعر، فأتى سوق المربد بعد ان احتل الناس مراكزهم واسرج ناقته عند مجلس الفرزدق والراعي النميري وألقى قصيدته, وهذه بعض ابياتها :
اعد الله للشعراء مني صواعق يخضعون لها الرقابا
أنا البازي المدل على نمير اتحت من السماء لها انصبابا
إذا علقت مخالبه بقرن اصاب القلب أو هتك الحجابا
ترى الطير العتاق تظل منه جوانح للكلاكل ان تصابا
فلا صالى الاله على نمير ولا سقيت قبورهم السحابا
ولو وزنت حلوم بني نمير على الميزان ما باغت ذبابا
ستهدم حائطي قرماء مني قواف لا اريد بها عتاب
أعد لهم مواسم حاميات فيشفي حر شعلتها الجرابا
فغض الطرف انك من نمير فلا كعب بلغت ولا كلاب
أتعدل دمنة قلت وخبثت إلى فرعين قد كثرا وطابا
اذا غضبت عليك بنو تميم حسبت الناس كلهن غضابا
لنا البطحاء تفعمها السواقي ولم يكن سيل أوديتي شعابا
ستعلم من اعز حمى بنجد وأعضمنا بغائرها هضابا
شياطين البلاد يخفن زأري وحية أريحاء لي استجابا
اليك اليك عبد بني نمير ولما تقتدح مني شهابا
****************
الفرز دق يهجو جرير

****************

رأيت جريرا



رَأيْتُ جَرِيراً لَمْ يَضَـعْ عَنْ حِمـارِهِ

عَلَيِهِ مِن الثّقلِ الّـذي هوَ حامِلُـهْ

أتَى الشأمَ يَرْجُو أنْ يَبِيـعَ حِمَـارَهُ

وفَارِسَهُ ، إذْ لَمْ يَجِـدْ مَن يُبادِلُـهْ

وَجَاء بَعِدَلَيْـهِ اللّذَيـنِ هُمَـا لَـهُ

مِنَ اللّـؤمِ كانَتْ أوْرَثَتْـهُ أوَائِلُـهُ

أتَشْتُمُ قَوْمـاً أنْـتَ تَزْعُـمُ مِنْهُـمُ

عَل مَطْعَمٍ من مَطعَمٍ أنـتَ آكِلُـهْ

يَظَـلَ بِأسْـوَاقِ اليَمَامَـةِ عَاجِـزاً

إذا قـال بَيْتـاً بالطّعَـامِ يُكَايِلُـهْ

ألَمْ تَـرَ أنَّ اللّـؤمَ حَلّـتْ رِكَابُـهُ

إلى الخَطَفَى ، جاءتْ بذاكَ حَوَامِلُـهْ

أنَـاخَ إلى بَيْـتٍ عَطِـيّـةُ تَحْتَـهُ

إلَيهِ ذُرَى اللّؤمِ استَقَـرّتْ مسايلُـهْ

أظَـنّ بِنَـا زَوْجُ المَـرَاغَـةِ أنّـهُ

مِنَ الفَقْـرِ لاقِيـهِ الخِـزَالُ فَقاتِلُـهْ

وَقَدْ كان فِي الدّنْيـا مَـرَادٌ لقَعْبِـهِ

وفِي هَجَـرٍ تَمْـرٌ ثِقَـالٌ جَلائِلُـهْ

وَكانَتْ تَميمـمٌ مُطْعِمِيـهِ وَنَابِتـاً

بِهْمّ رِيشُهُ حَتَّى تَـوَازَى نَوَاصِلُـهْ

فأصْبَحَ فِي العَجْلانِ حَـوّلَ رَحْلَـهُ

إلى اللّؤمِ من قَيسِ بن عَيلان قابلُـهْ


***************

ود جرير اللؤم


وَدّ جَرِيـرُ اللّـؤمِ لَوْ كَانَ عانِيـاً

ولَمْ يَدنُ منْ زَأرِ الأسودِ الضّرَاغـمِ

فإنْ كُنتُما قَدْ هِجتُمانـي عَلَيكْمَـا

فلا تَجَزَعَا وَاسْتَسمِعـا للمُرَاجِـمِ

لمِرْدَى حُرُوبٍ مِنْ لَدُنْ شـدَّ أزْرَهُ

مُحامٍ عن الأحسابِ صعَبِ المَظالِمِ

غَمُوسٍ إلى الغاياتِ يُلْفَـى عَزِيمُـهُ

إذا سَئِمَتْ أقْرَانُـهُ ، غَيـرَ سَائِـمِ

تَسُـورُ بِـهِ عِنْـدَ المَكَـارِمِ دارِمٌ

إلـى غايَةِ المُسَتَصْعَباتِ الشّداقِـمِ

رَأتْنَا مَعدُّ ، يَوْمَ شَالَـتْ قُرُومُهـا

قِياماً على أقْتَارِ إحْـدَى العَظائِـمِ

رَأوْنَا أحَقَّ ابْنـيْ نِـزَارٍ وَغَيْرِهِـمْ

بإصْلاحِ صَـدْعٍ بَيْنَهُـمْ مُتَفاقِـمِ

حَقَنّا دِمَاءَ المُسلِميـنَ ، فأصْبَحَـتْ

لَنَا نِعْمَةٌ بُثْنـى بـهَا فِي المَواسِـمِ

عَشِيّـةَ أعْطَتْنَـا عُمَـان أُمُورَهَـا

وَقُدْنَـا مَعـدّاً عَنْـوَةً بِالخَزَائِـمِ

وَمِنّا الّذِي أعْطَـى يَدَيْـهِ رَهينَـةً

لغارَيْ مَعَدٍّ يَوْمَ ضَـرْبِ الجَماجـمِ

كَفَى كُلَّ أُمٍّ ما تَخافُ على ابْنِهـا

وَهُـنّ قِيَـامٌ رَافِعـاتُ المَعاصِـمِ

عَشِيّـةَ سَالَ المِرْبَـدانِ كِلاهُمَـا

عَجاجَةَ مَوْتٍ بالسّيُوفِ الصّـوَارِمِ

هُنالِكَ لَوْ تَبغـي كُلَيبـاً وَجْدْتَهَـا

بِمَنْزِلَةِ القِـرْدانِ تَحْـتَ المَناسِـمِ

وَمَا تَجعَلُ الظِّرْبَى القِصَارَ أُنُوفُهـا

إلى الطِّمّ من مَوْجِ البحارِ الخَضَـارِمِ

لهَامِيمُ ، لا يَسطِيعُ أحمـالَ مثلِهـمْ

أنُوحٌ وَلا جـاذٍ قَصِيـرُ القَوائِـمِ

يَقولُ كِرَامُ النّاسِ إذْ جَـدّ جِدُّنـا

وَبَيّنَ عَنْ أحْسَابِنَـا كُـلُّ عالِـمِ

عَلامَ تَعَنّى يا جَرِيـرُ ، وَلَمْ تَجِـدْ

كُلَيْبـاً لهَـا عَادِيّـةٌ فِي المَكَـارِمِ

وَلَسْتَ وَإنْ فَقَّأتَ عَيْنَيكَ وَاجـداً

أباً لَكَ ، إذْ عُدّ المَساعي ، كـدارِمِ

هوَ الشّيخُ وَابنُ الشّيخِ لا شَيخَ مثلَه

أبُو كُلّ ذِي بَيْتٍ رَفِيـعِ الدّعَائِـمِ

تَعنّى مِنَ المَرّوتِ يَرْجُـو أرُومَتـي

جَرِيرٌ علـى أُمّ الجِحـاشِ التّوَائِـمِ

وَنِحْياكَ بالمَـرّوتِ أهـوَنُ ضَيْعـةً

وَجَحشاكَ من ذي المأزِقِ المُتَلاحِـم

فَلَوْ كُنتَ ذا عَقْـلٍ تَبَيّنْـتَ أنّمـا

تَصُولُ بِأيْدِي الأعجَزِيـنَ الألائِـمِ

نَمانـي بَنُو سَعْدِ بنِ ضَبّةَ فانتَسِبْ

إلـى مِثْلِهِمْ أخوَالِ هاجٍ مُرَاجِـمِ

وَضَبّةُ أخْوَالي هُـمُ الهَامَـةُ الّتـي

بـهَا مُضَـرٌ دَمَاغَـةٌ للجَمَاجِـمِ

وهَلْ مِثْلُنا يا ابنَ المَرَاغَـةِ إذْ دَعَـا

إلى البَأسِ داعٍ أوْ عِظـامِ المَلاحِـمِ

فَمـا مِنْ مَعَـدّيٍّ كِفَـاءً تَعُـدُّهُ

لَنا غَيرَ بَيْتَيْ عَبدِ شَمـسٍ وَهاشِـمِ

وَما لَكَ مِنْ دَلْوٍ تُواضِخُنـي بـهَا

ولا مُعِلِمٍ حَامٍ عَنِ الحـيّ صَـارِمِ

وَعِنْدَ رَسُولِ الله قـام ابنُ حابـسٍ

بُخطّةِ سَوّارٍ إلـى المَجْـدِ حـازِمِ

لَهُ أطْلَقَ الأسْرَى الّتـي فِي حِبَالِـهِ

مُغَلَّلَـةً أعْنَـاقُهَـا فِي الأداهِـمِ

كَفَى أُمّهَـاتِ الخائفِيـنَ عَلَيْهِـمُ

غَلاءَ المُفادِي أوْ سِهَـامَ المُسَاهِـمِ

فَإنّكَ وَالقَـوْمَ الّذِيـنَ ذَكَرتَهُـمْ

رَبِيعَةَ أهْـلَ المُقْرَبـاتِ الصّـلادِمِ

بَناتُ ابنِ حَلاّبٍ يَرُحْـنَ عَلَيْهِـمُ

إلى أجَمِ الغابِ الطّـوَالِ الغَوَاشِـمِ

فعلا وَأبِيكَ الكَلْبِ ما مِنْ مَخافَـةٍ

إلـى الشّأمِ أدّوْا خالِداً لَمْ يُسالِـمِ

وَلكِنْ ثَوَى فيهِـمْ عَزِيـزاً مكَانُـهُ

على أنْفِ رَاضٍ من مَعَـدٍّ ورَاغِـمِ

وَما سَيّـرَتْ جاراً لهَا من مَخافَـةٍ

إذا حَلّ من بَكْرٍ رُؤوسَ الغَلاصِـمِ

بِأيّ رِشَاءٍ ، يا جَرِيـرُ ، وَمَاتِـحٍ

تَدَلّيْتَ فِي حَوْماتِ تِلْكَ القَماقِـمِ

وَما لكَ بَيْـتُ الزَّبَرْقَـانِ وَظِلّـهُ

وَما لكَ بَيْتٌ عِندَ قَيسِ بنِ عاصِـمِ

وَلكِنْ بَدا للـذّلِّ رَأسُـكَ قاعِـداً

بِقَرْقَـرَةٍ بَيـنَ الجِـداءِ التّوَائِـمِ

تَلُوذُ بأحقَيْ نَهشَـلٍ من مُجاشِـعٍ

عِيَـاذَ ذَليـلٍ عـارِفٍ للمَظالِـمِ

وَلا نَقتُلُ الأسرَى وَلكـنْ نَفُكُّهـمْ

إذا أثْقَلَ الأعناقَ حَمْلُ الـمَغـارِمِ

فَهَلْ ضَرْبَةُ الرّوميّ جاعِلَـةٌ لكـمْ

أبا عَنْ كُلَيْـبٍ أوْ أباً مِثـلَ دارِمِ

فَإنّكَ كَلْـبٌ مِنْ كُلَيْـبٍ لكَلْبَـةٍ

غَذَتْكَ كُلَيبٌ فِي خَبيثِ المَطاعِـمِ


****************
تَغَنّى جَرِيـرُ


تَغَنّى جَرِيـرُ بنُ المَرَاغَـةِ ظَالِمـاً

لِتَيْمٍ ، فَلاقَى التّيـمَ مُـرّاً عِقابُهَـا

وَتَيْمٌ مكانَ النّجْـمِ لا يَستَطيعُـها

إذا زَخَرَتْ يَوْمـاً إلَيْهـا رَبَابُهَـا

وَفِيها بَنُو الحَرْبِ الّتـي يُتّقى بـهَا

وَغاها إذا ما الحَرْبُ جاشَتْ شِعابُها

وَإني لَقـاضٍ بَيـنَ تَيْـمٍ فَعَـادِلٌ

وَبَينَ كُلَيْبٍ ، حِينَ هَرّتْ كِلابُهـا

كُلَيْـبٌ لِئَـامٌ مـا تُغَيِّـرُ سَـوْءَةً

وَتَيْمٌ على الأعداءِ غُلْـبٌ رِقَابُهـا

فَهَلْ تُنْجِيَنّـي عِنْدَ تَيْـمٍ بَرَاءتـي

وَإني على أحْسَابِ قَوْمـي أهَابُهـا

وَلَوْلا الّذي لَمْ يَتْرُكِ الجِـدُّ لَمْ أدَعْ

كُلَيْباً لِتَيْـمٍ حِيـنَ عَـبَّ غُبَابُهـا


جرير يهجوا الفرزدق


**************

أتذكرهم وحاجتك


أتَذْكُرُهُـمْ ، وَحاجَتُـكَ ادّكَـارُ

وَقَلْبُـكَ ، فِي الظّعائِـنِ، مُستَعَـارُ

عَسَفْـنَ عَلى الأماعِـزِ مِنْ حُبَـىٍّ

وَفِي الأظْعَـانِ عَـنْ طَلَـحَ ازْوِرَارُ

وَقَدْ أبكاكَ ، حِينَ عـلاك شَيْـبٌ

بِتُوضِـحَ ، أوْ بِنَـاظِـرَةَ، الدّيَـارُ

فَتَحْيَـا مَـرّةً ، وَتَمُـوتُ أُخْـرَى

وَتَمْحُـوهَـا البَـوَارِحُ وَالقُطَـارُ

فدارَ الحَـيّ لَسْـتِ كَمَـا عَهِدْنَـا

وَأنْـتِ ، إذا الأحِبّـةُ فِيـكِ ، دارُ

وَكُنْـتُ إذا سَمِعْـتُ لِـذاتِ بَـوٍّ

حَنينـاً ، كَـادَ قَلْبـي يسْتَطَـارُ

أتَنْفَعُـكَ الـحَيَـاةُ ، وَأُمُّ عَمْـرٍو

قَـرِيــبٌ لا تَـزُورُ ، وَلا تُـزَارُ

وقَد لَحِـقَ الفَـرَزْدَقُ بالنّصَـارَى

ليَنصُرَهُـمْ وَلَيـسَ بِـهِ انْتِصَـارُ

وَيَسْجُـدُ للصّلِيـبِ مَعَ النّصَـارَى

وَأفْلَـجَ سَهْمُنَـا ، فَلَنَـا الخِيَـارُ

تُخَاطِـرُ مِنْ وَرَاء حِمَـاي قَيْـسٌ

وَخِنْدِفُ، عَـزّ ما حُمِـيَ الذّمَـارُ

أقَيْـنٌ ، يا تَمِيـمُ، يَعِيـبُ قَيْسـاً

يَطِيـرُ عَلـى لَهَـازِمِـهِ الشِّـرَارُ

أخَاكُـمْ يا تَمِيـمُ ، وَمَنْ يُحامـي ....

وَأُمُّ الـحَـرْبِ مُجْلِـبَـةٌ نَـوَارُ

وَيَعْلَـمُ مَـنْ يُحـارِبُ أنّ قَيْسـاً

صَنَادِيـدٌ ، لَهَـا للُّجَـجُ الغِمَـارُ

وَقَيْسٌ ، يا فَـرَزْدَقُ ، لَوْ أجَـارُوا

بَنـي العَوّام ، ما افتُضِـحَ الجِـوَارُ

إذا لَحَمـىَ فَـوَارِسُ غَيـرُ مِيـلٍ

إذا مَـا امتَـدّ فِي الرَّهَـجِ الغُبَـارُ

وَكَـرّوا كـلَّ مُقْـرَبَـةٍ سَبُـوحٍ

وطِـرْفٍ فِـي حَوالِبِـهِ اضْطِمَـارُ

غَـدَرْتُـمْ بِالزّبَيـرِ وَمَـا وَفَيْتُـمْ

فَـدَادِينـاً يَبِـيـتُ لَهَـا خُـوَارُ

فَمَـا رَضِيَـتْ بِذِمّتِكُـمْ قُرَيْـشٌ

وَمـَا بَعْـدَ الزّبَيـرِ بِـهِ اغْتِـرَارُ


***************

تَـقُـولُ ذاتُ الـهَـفْـهَـافِ


تَـقُـولُ ذاتُ الـهَـفْـهَـافِ

وَالـرِّدفِ وَالأنَامِـلِ الّلـطَـافِ

إنّـكَ مِـنْ ذي غَـزَلٍ لَجَافِـي

ذَهَبْـتَ فِـي تَمَثُّـلِ القَـوَافـي

وَأنْـتَ لا تُـورِدُ بِـالأجْـوافِ

غَيـرَ ثَمَـانـي أيْنَـقٍ عِجَـافِ

بُقْيَـا مِـنَ الغُـدَّةِ وَالسّـوَافِـي

عُـوجٍ ظِمَـاءٍ نَظَـرَ المُشْتَـافِ

فَـارْوَيْ مِنَ الـمَاء ، وَلا تَعافـي

عَلَّكِ إنْ أودَيْـتُ فِي اصْطِرَافِـي

تَلْقَيـنَ فِـي البُغْيَـةِ وَالتّطْـوَافِ

مِثْـلِ أبـي هَـوْذَةَ أوْ عَطّـافِ

لَـزْنَ المْحَيّـا ضَيّـق الأكْنَـافِ

يَـدْنُـو وَتَنْأيْـنَ بِلُـبٍّ جَـافِ



********************

أقلي اللوم

أقِلّـي اللّـوْمَ عـاذلَ وَالعِتـابَـا

وقولي ، إنْ أصَبـتُ ، لقَد أصَابَـا

أجِـدَّكَ ما تَذَكَّـرُ أهْـلَ نَجْـدٍ

وَحَـيًّا طـالَ ما انتَظَـرُوا الإيَابَـا

بَلى فارْفَضّ دَمْعُـكَ غَيـرَ نَـزْرٍ

كَما عَيّنْـتَ بالسَّـرَبِ الطِّبَـابَـا

وَهـاجَ البْـرقُ لَيْلَـةَ أذْرِعـاتٍ

هَـوىً ما تَستَطيـعُ لـهُ طِلابَـا

فقُلْتُ بحاجِـةٍ وَطَوَيـتُ أُخْـرَى

فهَـاجَ عَلـيّ بيْنَهُـمْا اكْتِئـابَـا

ووَجْـدٍ قَدْ طَوَيْـتُ يكـادُ منْـهُ

ضَمِيـرُ القَلْـبِ يَلتَهِـبُ التِهابَـا

سألْنَاهـا الشّفَـاءَ فَمـا شَفَتْنَـا

وَمَنّتْنَـا الـمَواعِـدَ وَالخِـلابَـا

لَشَتّـانَ الـمُجـاوِرُ دَيـرَ أرْوَى

وَمَـنْ سَكَـنَ السّليلَـةَ وَالجِنابَـا

أسِيلَـةُ مَعْقِـدِ السمْطَيـنِ مِنـها

وَرَيّـا حَيـثُ تَعْتَقِـدُ الحِقَـابَـا

وَلا تَمْشِـي اللّئَـامُ لَهَـا بسِـرٍّ

وَلا تُهْـدي لجارَتِهـا السبَـابَـا

أباحَـتْ أُمُّ حَـزْرَةَ مِنْ فُـؤادي

شِعابَ الحُـبّ ، إنّ لـهُ شِعابَـا

مَتـى أُذْكَرْ بِخُـورِ بَنـي عِقـالٍ

تَبَيّـنَ فِـي وجُوهِهِـمُ اكْتِئَابَـا

إذا لاقـىَ بَنُـو وَقْـبَـانَ غَـمًّا

شَدَدْتُ علـى أُنُوفِهِـمُ العِصابَـا

أبى لي ما مَضـىَ لـي فِي تَميـمٍ

وَفِي فَرْعَيْ خُزَيـمَـةَ ، أنْ أُعَابَـا

سَتَعْلَـمُ مَنْ يَصِيـرُ أبُـوهُ قَيْنـاً

وَمَنْ عُرِفَـتْ قَصائِـدُهُ اجتِلابَـا

أثَعْلَبَـةَ الـفَـوَارِسِ أَوْ رِيـاحـاً

عَدَلْـتَ بهـمْ طُهَيّـةَ وَالخِشابَـا

كَأنّ بَني طُهَيّـةَ رَهْـطَ سَلمـى

حِجارَةُ خـارِىءٍ يَرْمـي كِلابَـا

فَـلا وَأبِيـكَ ما لاقَيـتُ حَـيًّا

كَيَرْبُـوعٍ إذا ررَفَعُـوا العُقَـابَـا

وَمَـا وَجَـدَ المُلُـوكُ أعَـزّ مِنّـا

وَأسْـرَعَ مِنْ فَوَارِسِنَـا اسْتِلابَـا

وَنَحْـنُ الحاكِمُـونَ على قُـلاخٍ

كَفَيْنَـا ذا الجَريـرَةِ وَالمُصَـابَـا

حَمَيْنَا يَـوْمَ ذي نَجَـبٍ حِمَانَـا

وَأحْـرَزْنَا الصّنائِـعَ والنهَـابَـا

لَنَـا تحـتَ المَحامِـلِ سابِغـاتٌ

كَنَسْـجِ الرّيـحِ تَطّـرِدُ الحَبَابَـا

وَذي تَـاجٍ لَهُ خَـرَزاتُ مُـلْكٍ

سَلَبْنَـاهُ السُّـرادِقَ وَالـحِجَابَـا

ألا قَـبَـحَ الإلِـهُ بَنـي عِقـالٍ

وَزَادَهُـمُ بغَـدْرِهِـمُ ارْتِيـابَـا

أجِيـرانَ الزّبَيـرِ بَرِئْـتُ مِنْكُـمْ

فألْقُوا السيّـفَ وَاتّخـذوا العِيابَـا

لَقَدْ غَـرّ القُيـونُ دَمـاً كَريـماً

وَرَحْلاً ضَـاعَ فانتُهِـبَ انْتِهَابَـا

وَقَدْ قَعِسَـتْ ظُهُـورُهُـمُ بخَيْـلٍ

تُجـاذِبُـهُـمْ أعِنّتَـهَا جِـذابَـا

عَـلامَ تَقَاعَسُـونَ وَقد دَعاكُـمْ

أهانَكُـمُ الـذي وَضَـعَ الكِتَابَـا

تعَشّـوا مِـنْ خَزيرِهِـمُ فَنَامُـوا

وَلَـمْ تَهْجَـعْ قَرائِبُـهُ انْتِحَـابَـا

أتَنْسَوْنَ الزّبَيـرَ وَرَهْـطَ عَـوْفٍ

وَجِعْثِـنَ بَعـدَ أعيَـنَ وَالرَّبَابَـا

وَخُورُ مُجاشِـعٍ تَرَكُـوا لَقِيطـاً

وَقالوا : حِنْـوَ عَينِـكَ وَالغُرَابَـا

وَأضْبُـعُ ذي مَعـارِكَ قَدْ علِمْتـمْ

لَقِيـنَ بجَنْبِـهِ العَجـبَ العُجَابَـا

وَلا وَأبيـكَ مـا لـهُم عُقُـولٌ

وَلا وُجِـدَتْ مَكاسِرُهُـمْ صِلابَـا

وَلَيْلَةَ رَحْرَحـانَ تَرَكْـتَ شِيبـاً

وَشُعْثـاً فِـي بُيُـوتِكُـمُ سِغَابَـا

رَضِعتُمْ ، ثـمّ سالَ على لِحاكُـمْ

ثُعالَةَ حيَـثُ لَمْ تَجـدوا شَرَابَـا

تَرَكْتُـمْ بالوَقيـطِ عُضـارِطـاتٍ

تُـرَدِّفُ عِنـدَ رِحْلَتِـها الرّكابَـا

لَقَدْ خَـزِيَ الفَـرَزْدَقُ فِي مَعَـدٍّ

فأمسَـى جهَـدُ نُصرَتِـهِ اغْتِيابَـا

وَلاقَى القَيـنُ والنَّخَبـاتُ غَمًّـا

تَرَى لوُكُوفِ عَبـرَتِـهِ انصِبَابَـا

فَما هِبْـتُ الفَـرَزْدقَ قد عَلِمتـمْ

ومَا حَـقُّ ابنِ بَـرْوَعَ أنْ يُهابَـا

أعَـدّ اللهُ للـشّـعَـراءِ مِـنّـي

صَوَاعِقَ يُخضِعُـونَ لـهَا الرّقَابَـا

قَرَنْتُ العَبْـدَ ، عبدَ بَنـي نُمَيـرٍ

مَـعَ القَيْنَيـنِ إذْ غُلِبَـا وخَـابَـا

أتَانـي عَنْ عَـرادَةَ قَـوْلُ سُـوءٍ

فَـلا وَأبـي عَـرادَةَ مـا أصَابَـا

لَبِئْسَ الكَسْـبُ تكسِبُـهُ نُمَيـرٌ

إذا استَأنَـوكَ وَانتَظَـرُوا الإيَابَـا

أتَلْتَمِـسُ السبـابَ بَنُـو نُمَيـرٍ

فقـد وأبيهـم لاقـوا سبـابـا

أنَا البازي الـمُدِلُّ عَلـى نُمَيـرٍ

أُتِحْتُ مِنَ السّماءِ لـها انصِبَابَـا

إذا عَلِقَـتْ مَخـالِبُـهُ بِـقِـرْنٍ

أصَابَ القَلبَ أوْ هتَـكَ الحِجابَـا

تَرَى الطّيـرَ العِتـاقَ تَظَـلّ مِنْـهُ

جَوَانـحَ للكَـلاكِـلِ أنْ تُصَابَـا

فَلا صَلّـى الإلَـهُ عَلـى نُمَيـرٍ

وَلا سُقِيـتْ قُبُورُهُـمُ السّحابَـا

وَخَضْـراءِ المَغابِـنِ مِـنْ نُمَيـرٍ

يَشينُ سَـوادُ مَحجِرِهـا النّقابَـا

إذا قامَـتْ لغَيـرِ صَـلاةِ وِتْـرٍ

بُعَيْدَ النّـوْمِ ، أنْبَحـتِ الكِلابَـا

وَقَدْ جَلَـتْ نِسـاءُ بَنـي نُمَيـرٍ

وَمـا عَرفَـتْ أنامِلُـها الخِضَابَـا

وَلَوْ وُزِنَـتْ حُلُـومُ بَنـي نُمَيـرٍ

علـى المِيـزانِ ما وَزَنَـتْ ذُبَابَـا

إِذا حَـلّـتْ نسـاءُ بَنـي نُمَيـرٍ

علـى تِبـراكَ خَبثـتِ التّـرَابَـا

فَصَبـراً يا تُيُـوسَ بَنـي نُمَيـرٍ

فإنّ الـحَـرْبَ مُوقِـدَةٌ شِهابَـا

لَعَمْرُ أبـي نِسَـاءِ بَنـي نُمَيـرٍ

لَسَـاءَ لَهـا بمَقْصَبَتـي سِبَـابَـا

سَتَهْـدمُ حائِطَـيْ قَرْمـاءَ مِنّـي

قَـوَافٍ لا أُريـدُ بـهَا عِتـابَـا

دَخَلْنَ قُصُـورَ يَثـرِبَ مُعْلِمـاتٍ

وَلَمْ يَترُكْـنَ مِنْ صَنعـاءَ بَـابَـا

تَطـولُكُـمُ حِبـالُ بَنـي تَميـمٍ

وَيَحْمـي زَأرُهـا أجَمـاً وَغَابَـا

ألَـمْ نُعْتِـقْ نِسَـاءَ بَنـي نُمَيـرٍ

فَـلا شُكْـراً جَزيـنَ وَلا ثَوَابَـا

ألَمْ تَرَنـي صُبِبْـتُ علـى عُبَيـدٍ

وَقَـدْ فَـارَتْ أبَاجِلُـهُ وَشَـابَـا

أُعِـدُّ لَـهُ مَوَاسِـمَ حـامِيَـاتٍ

فَيَشْفـي حَـرُّ شُعْلَتِـها الجِرابَـا

فَغُضّ الطّـرْفَ إنّـكَ مِنْ نُمَيـرٍ

فَـلا كَعْبـاً بَلَغْـتَ وَلا كِلابَـا

أتَعْـدِلُ دِمْنَـةً خَبُثَـتْ وَقَلَّـتْ

إلى فَرْعَيـنِ قَـد كَثُـرا وَطَابَـا

وَحُـقّ لِمَـنْ تَـكَنّفَـهُ نُمَيـرٌ

وَضَبّـةُ ، لا أبَـا لكَ ، أنْ يُعابَـا

فَلَوْلا الغُـرّ مِنْ سَلَفَـيْ كِـلابٍ

وَكَعْـبٍ لاغتَصَبتُكُـمُ اغتِصَابَـا

فـإنّكُـمُ قَطِيـنُ بَنـي سُلَيْـمٍ

تُرَى بُـرْقُ العَبَـاءِ لكُـمْ ثِيابَـا

إذاً لَـنَفَيْـتُ عَبـدَ بَنـي نُمَيـرٍ

وَعَلّـي أنْ أزيـدَهُـمُ ارتِبـابَـا

فَيَـا عَجَبـي! أتُوعِدُنـي نُميَـرٌ

بِراعي الإبْـلِ يَحْتَـرِشُ الضِّبابَـا

لَعَلّكَ يا عُبَيـدُ حَسِبْـتَ حَرْبـي

تَقَـلُّـدَكَ الأصِـرّةَ وَالعِـلابَـا

إذا نَهَضَ الكِـرامُ إلـى المَعالـي

نَهَضْتَ بِعُلْبَـةٍ وَأثَـرْتَ نَـابَـا

يَحِـنُّ لَـهُ العِفـاسُ إذا أفاقَـتْ

وتَعْـرِفُـهُ الفِصَـالُ إذا أهَـابَـا

فَـأْوْلِـعْ بالعِفـاسِ بَنـي نُميَـرٍ

كَمَـا أوْلَعْـتَ بالَّدبَـرِ الغُرَابَـا

وَبِئْسَ القَرْضُ قَرْضُـكَ عند قيـس

تُهَيّجُهُـمْ وَتَمْتَـدِحُ الوِطَـابَـا

وَتَدْعُو خَمْـشَ أمّـكَ أنْ تَرانَـا

نُجُـوماً لا تَـرُومُ لـهَا طِلابَـا

فلَنْ تَسطيـعَ حَنظَلَتـي وَسُعـدىَ

وَلا عَمْـرَى بَلَغْـتَ وَلا الربَابَـا

قُـرُومٌ تَحْمِـلُ الأعْبَـاءَ عَنكُـمْ

إذا ما الأمْرُ فِي الحَدَثَـانِ نَـابَـا

هُمُ مَلَكوا المُلوكَ بـذاتِ كَهـفٍ

وَهُمْ مَنَعـوا منَ اليَمَـنِ الكُلابـا

يَـرَى المُتَعَيـدونَ عَلَيّ ، دونـي

أُسُـودَ خَفِيّـةِ الغُلْـبِ الرّقَابَـا

إذا غَضِبَـتْ عَلَيـكَ بَنُو تَميـمٍ

حَسِبتَ النّـاسَ كُلّهُـمُ غِضَابَـا

ألَسْنَـا أكْثَـرَ الثّقَلَيـنِ رَجْـلاً

ببَطْـنِ مِنـىً ، وَأعظَمَـهُ قِبَابَـا

وأجْدَرَ إنْ تَجاسَـرَ ثـمّ نَـادَى

بدَعـوىَ يالَ خِنـدِفَ أنْ يُجَابَـا

لَنَا البطحـاءُ تُفْعِمُـها السّوَاقـي

وَلَمْ يَكُ سَيْـلُ أوْدِيَتـي شِعَابَـا

فَمـا أنْتُـمْ إذا عَدَلَـتْ قُرُومـي

شَقَـاشِقـهَا وَهافَتَـتِ الُّلعَابَـا

تَنَـحّ ، فَـإنّ بَحْـري خِنْدِفِـيٌّ

تَـرَى فِي مَـوْجِ جِرْيَتِـهِ عُبَابَـا

بِمَـوْجٍ كالجِبـالِ ، فـإنْ تَرُمْـهُ

تُغَـرَّقْ ثـمَّ يَـرْمِ بِـكَ الجَنَابَـا

فَمَـا تَلْقـىَ مَحَلـي فِي تَميـمٍ

بـذي زَلَلٍ وَلا نَسَبـي ائْتِشَابَـا

عَلَـوْتُ عَلَيـكَ ذِرْوَةَ خِنْدِفِـيٍ

تَـرىَ مِنْ دونِـهَا رُتَبـاً صِعَابَـا

لَـهُ حَـوْضُ النّبـيّ ، وساقِيـاهُ

وَمَـنْ وَرِثَ النّبُـوّةَ وَالكِتَـابَـا

وَمِنّا مَنْ يُجِيـزُ حَجيـجَ جَمْـعٍ

وإنْ خاطَبْـتَ عَزّكُـمُ خِطـابَـا

ستَعْلَـمُ مَنْ أعـزُّ حِمـىً بنَجْـدٍ

وَأعْظَمُنَـا بغَـائِـرَةٍ هِضَـابَـا

أعُـزُّكَ بالحِجـازِ ، وَإنْ تَسَهّـلْ

بغَـوْرِ الأرْضِ تُنْتَهَـب انتِـهابَـا

أتَيْعَـرُ يا ابنَ بَـرْوَع مِنْ بَعيـدٍ

فقَدْ أسـمَعتَ فاستَمـعِ الجَوَابَـا

فَـلا تَجـزَعْ فـإنّ بَنـي نُمَيـرٍ

كأقْـوَامٍ نَفَحْـتَ لَهُـمْ ذِنَابَـا

شَياطِيـنُ البِـلادِ يَخَفْـنَ زَأرِي

وَحَيّـةُ أرْيَحَـاءَ لـيَ اسْتَجَابَـا

تَرَكْتُ مُجاشِـعاً وَبَنـي نُمَيـرٍ

كَدارِ السَّـوْءِ أسرَعَـتِ الخَرَابَـا

ألَمْ تَرَنـي وَسَمْـتُ بَنـي نُمَيـرٍ

وَزِدْتُ علـى أُنوفِهِـمُ العِـلابَـا

إلَيْـكَ إلَيْـكَ عَبْدَ بَنـي نُمَيـرٍ

وَلَمّـا تَقْتَـدِحْ مِنّـي شِهَـابـَا



































لكن لكي نعطي للموضوع حقه فعند موت الفرزدق نظم جرير قصيدة يرثي فيها الفرزدق

وها هي.

****************

لَعَمرِي لَقَدْ أشْجَي تَمِيماً وَهَـدَّهَا

عَلَى نَكَبَاتِ الدَّهْرِ مَوْتُ الفَـرَزْدَقِ

عَشِـيَّةَ رَاحُـوا لِلفِـرَاقِ بِنَعْشِـهِ

إلَى جَدَثٍ فِي هُوَّةِ الأَرْضِ مَعْمَـقِ

لَقَدْ غَادَرُوا فِي اللَّحْدِ مَنْ كَانَ يَنْتَمِي

إِلَى كُلِّ نَجْـمٍ فِي السَّمَاءِ مُحَـلَّقِ

ثَوَى حَامِلُ الأثْقَالِ عَنْ كُلِّ مُغْـرَمٍ

وَدَامِغُ شَيْطَانِ الغَشُـوْمِ السَّمَـلَّقِ

عِمَـادُ تَمِـيْمٍ كُـلُّهَا وَلِسَانُـهَا

وَنَاطِقُهَا البَذَّاخُ فِي كُـلِّ مَنْطِـقِ

فَمَنْ لِذَوِي الأَرْحَامِ بَعْدَ ابْنِ غَالِبٍ

لِجَارِ وَعَانٍ فِي السَّلاَسِـلِ مُـوَّثِقِ

وَمَنْ لِيَتِـيْمٍ بِعْدَ مَـوْتِ ابْنِ غَالِبِ

وَاُمّ عِـيَـالٍ سَـاغِبِيـنَ وَدَرْدَقِ

وَمَنْ يُطْلِقُ الأَسْرَىَ وَمَنْ يَحْقِنُ الدِّمَا

يَدَاهُ وَيَشْفِي صَدْرَ حَـرَّانَ مُحْـنَقِ

وَكَـمْ مِنْ دَمٍ غَالٍ تَحَـمَّلَ ثِقْـلَهُ

وَكَانَ حَمُوْلاً فِي وَفَـاءٍ وَمَصْـدَقِ

وَكَمْ حِصْنِ جَبَّارِ هُمَـامٍ وَسُوقَـةٍ

إِذَا مَـا أَتَـى أَبْـوَابَهُ لَمْ تُغَـلَّقِ

تَفَـتَّحُ أَبْـوَابُ المُـلُوكِ لِوَجْـهِهِ

بِغَيـرِ حِجَـابٍ دُونَـهُ أَوْ تَمَـلُّقِ

لِتَـبْكِ عَلَيْهِ الإنْسُ وَالجِـنُّ إِذْ ثَوَى

فَتَى مُضّرٍ فِي كُلِّ غَرْبٍ وَمَشْـرِقِ…..

فَتَىً عَاشَ يَبْنِي المَجْدَ تِسْعِينَ حِجَّـهً

وَكَانَ إلَى الخَيْرَاتِ وَالمَجْدِ يَرْتَقِـي

فَمَـا مَاتَ حَتَّى لَمْ يُخَـلِّفْ وَرَاءَهُ

بِحَـيَّةِ وَادٍ صَـوْلَةً غَيْـرَ مُصْـعَقِ


























































الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، الذي اتخذمن الشعراء من ينافح ويدافع عن الإسلام، وعلى آله وأصحابه ومن نهج نهجهم إلى يومالدين وبعد :
لقد تنوعت فنون الأدب وتعددت، ومن بين هذه الفنون فن النقائض، و هذاالفن لون جديد من ألوان الأدب والمناظرة الأدبية .
كما وأن فن النقائض يعتبر سجلاً تاريخياً أفادت منه العلماء في معرفةأنساب العرب وأيامهم ومثالبهم، وكان لها فضل على اللغة أمدتها بثروة من الألفاظوأكسبت المعاجم مادة لغوية، وهذا ما سيتبين لنا من خلال البحث

هو أن يقوم الشاعر بنظم قصيدة يتفاخر فيها بقبيلته ُيمجدها ويدافععنها ويتعرض لخصومها من القبائل الأخرى, وينبري له شاعر تلك القبيلة ليرد عليهبقصيدة وبنفس الوزن والقافية .
جذور هذاالفن
خلفت مصادر الأدب ودوواين الشعراء قبل الإسلام بمناقضات شعرية كثيرةحدثت بين إمرئ القيس وعبيد الابرص , وعامر بن الطفيل ,وزيد الخيل وغيرهم وفي عصرصدر الإسلام وقف فريقان متناقضان , الأول فريق الإسلام الذي كان يستخدممعاني إسلامية متأثرة بالدين الحنيف , والفريق الثاني فريق الشرك والكفروكانت معانيه جاهليه قبلية .

يقف الباحثون في ميدان النقد والأدب عند العصر الأموي كثيراً ولاسيماأمام فنين أدبيين ظهرا بشكل متميز في هذا العصر فشغلا بيئتين مهمتين من أقاليمالدولة العربية الإسلامية ، فشاع الغزل في بلاد الحجاز بنوعيه العذري والصريحواشتهر في العراق فن النقائض ذلك الفن الذي استوقف العرب كثيراً لعودتهبهم إلى الجاهلية التي لازالت تجري في عروقهم ،وأشهر أعلام هذا الفن جريروالفرزدق والأخطل ، إذ كان جرير قطب الرحى الذي يطحن علية الداخلون غمار هذهالمعركة الأدبية ولم يصمد أمامه إلا الفرزدق والأخطل إلا إن الموت كان إلىجانب جرير إذ توفيُ الأخطل في (95 هـ) والفرزدق في (111 أو 114هـ)كما تذكرالروايات .
ألأسباب التي أدت إلىازدهار النقائض في العصر الأموي
1:
لقد أثرت الظروف السياسية في تحديد مواقف الشعراء وتضاربت أرائهمبآراء الأحزاب السياسية التي نشأت في العصر الأموي الذين بدورهم اتخذوا من الشعراءدعاة لهم فتباروا الشعراء وتنافسوا في الدفاع عن أحزابهم
2
كما أسلفنا سابقا أن الجاهلية ما زالت تجري في عروق أهلها في هذهالفترة في منافراتهم وتفاخرهم بأمجاد قبائلهم والتي كانت تعني لهم الشرفوالرفعة وكان هذا واضح جليا عند جرير الذي كان يتحدث عن يربوع وقيس ,وكان الفرزدقيتحدث عن أيام مجاشع وتميم , والأخطل عن تغلب وأيامها ولم يقفوا عند الجاهلية وحسببل تضمن حديثهم فترة ما بعد الإسلام لان الشاعر كان متمسكا بقبيلته وما تعنيه منأصالة وجذور لهذا الشاعر .
3
إن الفتوحات الإسلامية الكبيرة في تلك الفترة أدت إلى دخول المدنيةوالتمدن إلى المجتمع البدوي والذي رافقه دخول الطرب والغناء واللهوا بالنسبة إلى مكة والحجاز أما الكوفة والبصرة الذين تمسكا بالبدويةوالذي بدوره جعل من سكان هذه المناطق يجدون في النقائض وسيلة لقضاء أوقاتالفراغ والتسلية بما يلقيه الشعراء من شعر .
4
من أهم العوامل العقلية التي تدخلت في صنع النقائض
نموا العقل العربي وتوسع مخيلته وخاصة في الحوار والجدل .
المناضرة السياسية والعقائديةفي الفقه والتشريع
5:
وخاصة ما يتصل بأسباب المعيشة , فلوا نظرنا إلى نقائض جريروالفرزدق لوجدناها قائمة على هذا الأساس .


6
وتمثلت في وجود الدوافع النفسية أو العاطفية للدخول والى المنافسةالأدبية وإظهار البراعة والمهارة الشعرية .
الأصول الفنية التي تقوم عليها النقائض
1
وهو مناط النقائض ومحورها الأصلي الذي يقوم عليه نقض المعاني إفسادالشاعر ما يقره الأول ويكذب ما يدعي أو يضع أراءه ليقلل من شأنه وأهميته , وهذا الأصل جامع لطرق المناطقة وهي على النحوالاتي .
المخالفة في التفسير .
ويتناول بها الشاعران حادثا أو موقفا واحدا وكل شاعر يفسر بما يؤيدموقفه من الفخر والهجاء .
تكذيب الخصم وإظهارإدعائاته
مقابلة المعنى بنضيره
قلب المعاني وردها
2
وهي أن يعالج الشاعر المناقض في نقيضته الموضوع نفسه الذي عالجهخصمه
3-
4-
ومعناه أن الشاعر الأول يكون حر الاختيار وذو مساحة واسعة في ترتيبقصيدته أما الشاعر الثاني فيكون مقيدأ ليس لديه مساحة واسعة فيقصيدته.

النقائض من الفنون الشعر القديمة لأنها عرفت منذ العصر الجاهلي ، فقدكان شعراء القبائل المتحاربة يتراشقون بالشعر كما يتراشقون بالسّهام ، وكانوا يهجونويناقضون بعضهم بعضاً، فينتصر الشاعر بقومه ويرد عليه شاعر القبيلة المعادية ، ثمجاء الإسلام فدارت النقائض بين شعراء المسلمين وشعراء المشركين فدافع شعراء المدينةعن الإسلام والمسلمين ودافع شعراء مكة عن دينهم الوثني ، وعلى الرغم من أن النقائضأيام الرسول صلى الله عليه وسلم تعدّ امتداداً للنقائض في الجاهلية إلا أن تغيراًقد أصابها من حيث الغاية إذا أصبحت دفاعاً عن عقيدة ومبادئ دينية بعد أن كانتدفاعاً عن أعراض القبيلة.
ونقائض الإسلام لم تشتمل على فحش وجرح للأعراض وانتهاك للحرمات كالتينتلمسّها بشكل واضح في نقائض جرير والفرز دق والأخطل .
ثم ازدهر هذا الفن ازدهاراً كبيراً وواسعاً في العصر الأموي وتحوّلإلى فن مستقل بذاته له أصوله وعناصره وأساليبه ومراميه وأبعاده الاجتماعيةوالسياسية فأحتلّ مكانة عزيزة وتبوأ منزلة في لوحة الشعر.
وكانت الحياة في العصر الأموي صالحة لقيام مثل هذا الفن ، واستطاع أنيرجع إلى ما كان عليه في الجاهلية الأولى ، لذلك عاشت النقائض في ظله وسايرته إلىالنهاية وبلغت في درجتها الفنية وآثارها الأدبية الاجتماعية منتهى ما بلغت في تاريخالشعر العربي جمعيه ، وهذا ما يقودنا لأن نتبين أسباب النقائض في هذا العصر .

لو رجعنا إلى العصر الأموي وبحثنا عن سبب انتعاش وتفجر النقائض فيهذا العصر لوقفنا على أسباب خاصة وأسباب عامة .
1
أهم هذه الأسباب السبب الاقتصادي فنقائض جرير والأخطل متأثرة به ، إذأنها قامت على ما كان بين قيس وتغلب من المنافسة على أرض الجزيرة واستغلالها منذنزلت قيس فنسرين أساءت جوار تغلب فوقف جرير والأخطل متناقضين.
ومن الأسباب الخاصة أيضاً أن الظروف جعلت جريراً يقف في صفوف قيس ،وتصادف (إن صح التعبير ) أن عشيرته أسرعت بالبيعة لابن الزبير ، وتصادف أن قتلمجاشعي الزبير بن العوام ، وتصادف أن لجأت النوار زوج الفرزدق حين غاضبته إلىالزبير فجعل الفرزدق يهجو جريراً.
2- :
1- السبب السياسي : وترجع إلى تشجيعالخلفاء أي حكّام بني أمية لهذا الفن ولهذا الشعر بغية صرف الناس عن التفكير فيالسياسة ، وقد كان لهذا الجانب مظاهر شتى وصور عديدة فمثلاً ما فعل بشر بن مروانبجمع الشعراء على جرير ويغر بهم به وما كان ذلك من بشر إلا تأييدا لسياسة آلمروان.
2- السبب العقلي:وتعود إلى نموالعقل ومرانه الواسع على الحوار والجدل والمناظرة في النّحل السياسية والعقيديةوالفقه والتشريع .
خصائص فن النقائض
لفن النقائض وخصوصاً ما جرى بين جرير و الفرزدق والأخطل خصائص عديدةمنها:
1- :
لاختلاط العصبية القبلية بالسياسة ، فكانت النقيضة تخوض في مديحالخلفاء والولاة فأصبحت لا تحتوي على فخر وهجاء فحسب بل تحتوي على مديح وسياسة ،ويقدم الشاعر لكل ذلك ببكاء الأطلال ووصف الرحلة والنسيب ، فاتسمت بالطول ، فلجريرقصيدة رائية أكثر من خمسين بيتاً بدأها برثاء زوجته ووصف المطر ومديح أم حرزة ويبدأالبيت الرابع والعشرين فيها بهجاء الفرزدق فيقول : ( الكامل)
لولا الحياء لعادني استعبار ولزرت قبـرك والحبيب يزار
ولقد نظرت وما تمتع نظرة في اللحد حيث تمكّن المحفار
ثم يهجو الفرزدق فيقول:
أفأم حرزة يا فرزدق عتيم غضب المليك عليكم القهـــار
فيرد عليه الفرزدق بقصيدة طويلة يبدؤها بمقدمة طللية ثم بارتحالالظعائن ثم بالحكمة ، وفي البيت الثاني والعشرين يبدأ بهجاء جرير فيقول : (الطويل)
تحن بزوراء المدينــــــــة ناقتي حنين عجــول يبتغي البورائم
ويا ليت زوراء المدينة أصبحت بأحفار فلح أو بسيف الكواظم
ثم يهجو جريراً فيقول
تحرّك قيس في رؤوس لئيمــــة أنوفاً وآذاناً لئامالمصــــــــالم
فجرير من قبيلة قيس
2-
إذ عاش شعراء النقائض في بيئة إسلامية، فدخلت المعاني الإسلامية فيصلب النقائض فخراً وهجاء .







من خلال دراستنا ولو لجانب بسيط من فن النقائض يتبن لنا ما يلي
- أن فن النقائض فن قديم وجد منذ العصر الجاهلي وترعرع حتى وصل إلى عهدبني أمية، وقد توافرت في هذا العهد الأسباب السياسية الاجتماعية والعقلية لرعايةهذا الفن ، وجذبت إليه الشعراء .
- كما ونلاحظ أن هذا النوع من فنون الشعر يحتاج إلى شرائط من حيث اتحادالبحر والروي والمعنى.
- كما وقد عرفنا أقطاب هذا الفن في هذا العهد كيف استطاعوا تكريس شعرهمفي سيبل الوصول إلى غايتهم.
وعرفنا أنّ فن النقائض أحد الفنون الأدبية الجديدة، وأنه أفد العلماءفي معرفة
الأنساب والمفاخر عند العرب .

















رد مع اقتباس
قديم 2010-05-11, 20:46   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
ايمــ راجية الجنان ـان
عضو متألق
 
الصورة الرمزية ايمــ راجية الجنان ـان
 

 

 
الأوسمة
وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي

لنقائض سلسلة من قصائد الهجاء المتبادلة بين ثلاثة شعراء عرب من العصر الأموي هم جرير، والفرزدق، والأخطل.










رد مع اقتباس
قديم 2010-11-10, 19:43   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
hamol
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاكم الله كل خير وسدد خطاكم انه موضوع رائع جداً افادني كثيراً في كتابة مقال حول شعر النقائض (في الصف العاشر) وشكرا لكم مرة اخرى










رد مع اقتباس
قديم 2010-11-21, 11:05   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
AHMMAD.KH
عضو جديد
 
إحصائية العضو










M001 شكراً الك

الله يعطيك العافية اخي الحبيب










رد مع اقتباس
قديم 2010-12-03, 21:36   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
غدور علي
عضو جديد
 
إحصائية العضو










B11 شعر النقائض

شعر النقائض

إن أول ظهور لمصطلح (النقض) كان في العصر الأموي، وتحديدا فيما عرف بـ (النقائض)، وهي تلك المعارك الشعرية التي دارت رحاها بين عدد من الشعراء في العصر الاموي، وكانت ريادته في الاخطل وجرير والفرزدق، حيث يكتب الشاعر قصيدة في هجاء خصمه، فيرد الخصم (ناقضا) هذه القصيدة مع التقيد بوزنها وقافيتها، وتتفق (النقائض) مع (القلطة) في عملية نقض ما يقوله الخصم، ولكن الفرق هو ان القلطة تتطلب المباشرة والسرعة في الرد، بينما لا يشترط ذلك في شعر النقائض، والذي يظل اقرب إلى الرديات التي تتم بين الشعراء هذه الأيام، وان كانت النقائض قد تركزت على غرض الهجاء تحديدا في العصر الاموي.
فالنقائض إذن مصطلح أدبي لنمط شعري، نشأ في العصر الأموي بين ثلاثة من فحوله هم: جرير والفرزدق والأخطل. وهذا المعنى مأخوذ في الأصل من نقَض البناء إذا هَدَمَه، قال تعالى: ﴿ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا﴾ "النحل: 92". وضدُّ النقض الإبرام، يكون للحبل والعهد. وناقَضَه في الشيء مناقضةً ونِقَاضًا خالفه. والمناقضة في القول أن يتكلم بما يتناقض معناه، وفي الشعر أن ينقض الشاعر ما قال الأول، حيث يأتي بغير ما قال خصمه. والنقيضة هي الاسم المفرد يُجمع على نقائض، وقد اشتهرت في هذا المعنى نقائض الفرزدق وجرير والأخطل، وقد عُرف المعنى المادي الذي يتمثل في نقض البناء أو نقض الحبل أولاً، ثم جاء المعنوي الذي يبدو في نقض العهود والمواثيق، وفي نقض القول، وهو المراد هنا، إذ أصبح الشعر ميدانًا للنقض حتى سُمِّي هذا النوع منه بالنقائض.

معناها الاصطلاحي: هو أن يتجه شاعر إلى آخر بقصيدة هاجيًا، فيعمد الآخر إلى الرد عليه بشعر مثله هاجيًا ملتزمًا البحر والقافية والرَّوِيَّ الذي اختاره الشاعر الأول. ومعنى هذا أنه لابد من وحدة الموضوع؛ فخرًا أو هجاءً أو غيرهما. ولابد من وحدة البحر، فهو الشكل الذي يجمع بين النقيضتين ويجذب إليه الشاعر الثاني بعد أن يختاره الأول. وكذلك لابد من وحدة الرَّوي؛ لأنه النهاية الموسيقية المتكررة للقصيدة الأولى، وكأن الشاعر الثاني يجاري الشاعر الأول في ميدانه وبأسلحته نفسها.

معانيها المقصودة:الأصل فيها المقابلة والاختلاف؛ لأن الشاعر الثاني يجعل همّه أن يفسد على الشاعر الأول معانيه فيردها عليه إن كانت هجاء، ويزيد عليها مما يعرفه أو يخترعه، وإن كانت فخرًا كذَّبه فيها أو فسَّرها لصالحه هو، أو وضع إزاءها مفاخر لنفسه وقومه وهكذا. والمعنى هو مناط النقائض ومحورها الذي عليه تدور، ويتخذ عناصره من الأحساب، والأنساب والأيام والمآثر والمثالب. وليست النقائض شعرًا فحسب، بل قد تكون رَجَزًا أو تكون نثرًا كذلك. ولابد أن تتوفَّر فيها وحدة الموضوع وتقابُل المعاني، وأن تتضمن الفخر والهجاء ثم الوعيد أيضًا، وقد تجمع النقائض بين الشعر والنثر في الوقت نفسه.

نشأتها:نشأت النقائض مع نشأة الشعر، وتطورت معه وإن لم تُسمَّ به مصطلحًا. فقد كانت تسمى حينًا بالمنافرة وأخرى بالملاحاة وما إلى ذلك من أشكال النفار. وكانت في البداية لا تلتزم إلا بنقض المعنى والمقابلة فيه، ثم صارت تلتزم بعض الفنون العامة دون بعضها الآخر، مما جعلها لا تبلغ درجة النقيضة التامة، وإن لم تبعد عنها كثيرًا، ولاسيَّما في جانب القافية. ولاشك أن النقائض نشأت ـ مثل أي فن من الفنون ـ ضعيفة مختلطة، وبمرور الزمن والتراكم المعرفي والتتبُّع للموروث الشعري، تقدَّم الفن الجدلي وأخذ يستكمل صورته الأخيرة قبيل البعثة، حتى قوي واكتمل واتضحت أركانه وعناصره الفنية. فوصل على يد الفحول من شعراء بني أمية إلى فن مكتمل الملامح تام البناء الفني، اتخذ الصورة النهائية للنقيضة ذات العناصر المحددة التي عرفناها بشكلها التام فيما عُرف بنقائض فحول العصر الأموي وهم جرير والفرزدق والأخطل.

مقوِّماتها:اعتمدت النقائض في صورتها الكاملة على عناصر أساسية في لغة الشعراء، منها النَّسَب الذي أصبح في بعض الظروف وعند بعض الناس من المغامز التي يُهاجِم بها الشعراء خصومهم حين يتركون أصولهم إلى غيرها، أو يدَّعون نسبًا ليس لهم. وقد كانت المناقضة تتخذ من النسب مادة للتحقير أو التشكيك أو نفي الشاعر عن قومه أو عدّه في رتبة وضيعة، وكذلك كان الفخر بالأنساب وبمكانة الشاعر من قومه وقرابته من أهل الذكر والبأس والمعروف أساسًا، تدور حوله النقائض سلبًا أو إيجابًا. فاعتمد الشعراء المناقضون على مادة النسب وجعلوها إحدى ركائز هجائهم على أعدائهم وفخرهم بأنفسهم. ومن أسباب ذلك أن المجتمع العربي على عصر بني أمية رجع مرة أخرى إلى العصبية القبلية التي كان عصر النبوة قد أحل محلها العصبية الدينية.
ومنها أيضًا أيام العرب التي اعتمدت النقائض عليها في الجاهلية والإسلام، فكان الشعراء يتَّخذون منها موضوعًا للهجاء ويتحاورون فيه، كما صور جزء من النقائض الحياة الاجتماعية أحسن تصوير، ووصف ماجرت عليه أوضاع الناس، ومنها العادات المرعية والأعراف والتقاليد التي يحافظ عليها العربي أشد المحافظة. فكانت السيادة والنجدة والكرم، وكان الحلم والوفاء والحزم من الفضائل التي يتجاذبها المتناقضون، فيدعي الشاعر لنفسه ولقومه الفضل في ذلك. وقد أصبحت النقائض سجلاً أُحصيت فيه أيام العرب ومآثرها وعاداتها وتقاليدها في الجاهلية وفي الإسلام

نماذج من شعر النقائض :
وهذا نموذج لأشهر شعراء النقائض في الشعر العربي ,,(( جرير والفرزدق)).

من قول الفرزدق في جرير :
يا صاحبي دنا الرواح فسيرا غلب الفرزدق في الهجاء جريرا

وهذا من قول جرير يقول :
فغض الطرف انك من نمير
فلا كعبا بلغت ولا كلابـــــــــا
فهذا الفرزدق يقول :
تحن بزوراء المدينة ناقتي
حنين عجول تبتغي البو رائم


وهذا اعتذار للفرزدق عما قاله :
ولست بمأخوذ بلغو تقوله لاذا لم تعمد عاقدات العزائم


وهذا ما قاله جرير في فسق الفرزدق الذي اشتهر به :

لقد ولت ام الفرزدق فاجرا
وجـــــاءت بوزواز قصير القوائم
وما كان جار للفرزدق مسلم
ليامـــــــن قردا ليله غير نائـــــم
اتيت حدود الله مذ انت يافع
وشبت فما ينهاك شيب الهـــــازم
تتبع في المأخور كل مريبة
ولست باهل المحصنات الكرائم










رد مع اقتباس
قديم 2010-12-07, 15:11   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
tita_gas
عضو محترف
 
الصورة الرمزية tita_gas
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكراااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا










رد مع اقتباس
قديم 2011-04-20, 11:00   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
عادل7
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية عادل7
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

1- الشاعر الفرزدق :

في الفـــــــــــــــــــــــــــــــــخر في الهــــــــــــــــــــــــجاء
الشاعر يمزج بين الفخر والهجاء، فالهجاء عنده موضوع في جو فسيح من الفخر والتبجح... أما موضوع فخره فهو في قومه ونفسه، وفخره بقومه اشد منه بنفسه، إنه أعز الناس بيتًا وأرفعهم شرفًا وأوسعهم خيرًا وكرمًا، وهم ذوو العقول التي توازي الجبال، والثبات الذي لا يزعزع..
ولقد برع الفرزدق براعة فائقة في الفخر، ذلك لأن شرف آبائه وأجداده قد مهد له سبيل القول بالفخر، وتطاول على جرير وتحداه أن يأتيه بمثل آبائه وقومه:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم **** إذا جمعتنا ياجرير المجامع
فيا عجبًا حتى كليب تسبني**** كأن أباها نهشل أو مجاشع

كانت غاية الفرزدق في هجره الاستعلاء على جرير، فكان فخره في الغالب ممتزجًا بهجاء جرير ورهطه..

وفي فخره بقومه يصفهم بالمكارم التي كان العرب يفاخرون بها، ككثرة العدد وحماية الجار والبأس في القتال، وشرف المنزلة، وقري الضيف، ونباهة الذكر، ورجاحة العقل. ثم يعدد آباءه ويذكر مآثر كل منهم.. حتى أن الفرزدق يستغل بعض الحوادث التي هجاه بها خصمه جرير، فيجيد الاعتذار لها ويحولها على فخر، فهو حين عجز عن قتل الأسير الرومي الذي دفع إليه قال:
ولا نقتل الأسرى ولكن نفكهم ** إذا أثقل الأعناق حمل المغارم

وهذه أبيات يفخر الفرزدق فيها بنفسه وبقومه، فيقول:
إن الذي سمك السماء بنى لنا ** بيتًا دعائمه أعز وأطول
أحلامنا تزن الجبال رزانة ** وتخالنا جنًا إذا ما نجهل
وهب القصائد لي النوابغ إذ مضوا** وأبو يزيد، وذو القروح، وجرول

فالفرزدق يقول:
إن الله أعطى قومه عزًا وشرفًا، أكثر من جرير وقومه.. فعقولنا تساوي بوزنها وتفكيرها وزن الجبال، كما أنها توازنها ثباتًا ورسوخًا، على أننا في الحروب والدفاع عن كياننا نصبح محاربين أشداء قساة فيما إذا ما حملنا أحد على الغضب. إن ميزة الهجاء عند الفرزدق هي الفخر أولا، فالشاعر في الهجاء يعتمد على الفخر والاستناد عليه، فبالهجاء ينقض الشاعر على خصمه فيوسعه شتمًا وذلا فيصوره حقيرًا، كما يصور قومه وأهله بأنهم يتصفون بأرذل الصفات وأقبح الطباع، فهم مثلا ضعفاء متخاذلون، بخلاء لا أصل لهم ولا فرع..
وبالمقابل فالشاعر هذا يفخر بقومه وبنفسه، كما رأينا في هجاء جرير، والذي هو فخر للفرزدق بآن واحد.
وقال الفرزدق في الضيافة:
ومستنبح والليل بيني وبينــــــــه ** يراعي بعينيه النجوم التواليــا
سرى إذ تفشى الليل تحمل صوته** إلي الصبا قد ظل بالأمس طاويا
حلفت لهم إن لم تجبه كلابنـــــــا ** لأستوقدن نارًا تجيب المناديـــا

وقال يهجو" إبليس" وقد تاب في أواخر حياته:
أطعتك يا إبليس سبعين حجــــة ** فلما انتهى شيي وتم تمامي
فررت إلى ربي وأيقنت أننــــي ** ملاق لأيام المنون حمام

لاشك في أننا نلمس من هذه الأبيات للفرزدق، توبته عن ماضيه البعيد وعن مساوئه وطيشه، فهنا هو قد بلغ السبعين من عمره، حيث النهاية في الدنيا أصبحت قريبة، ولا بد من لقاء الموت الذي هو غاية كل إنسان... فهذه الأبيات تدلنا على أن الشاعر قد صقلته الأيام وهذبته الحياة، فبدا شعره صادقًا عن نفسه الزاهدة، وتقواه العميقة..
وهكذا رأينا الفرزدق في شعره يلتزم بالديباجة المعروفة لديه، فشعره الغزلي أحيانا يخلو من هذه الديباجة، فيتجاوز قوانين النحو والبيان في كثير من الأحيان...
ولكن شعر الفرزدق فضلا عن قيمته الأدبية، ذو قيمة تاريخية كبرى، لأنه يطلعنا على نواح كثيرة من حياته وحياة خصومه، وعلى أخبار العرب وأيامهم وعاداتهم، وأوضاع الدولة الأموية وتصرف عمالها وولاتها، وعلى الفتوحات والجيوش وغيرها.










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
النقائض, اريد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 14:46

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc