مقامات النموشي ** المقــامــة الريــاضـيــة ** - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الثّقافة والأدب > خيمة الأدب والأُدباء

خيمة الأدب والأُدباء مجالس أدبيّة خاصّة بجواهر اللّغة العربيّة قديما وحديثا / مساحة للاستمتاع الأدبيّ.

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مقامات النموشي ** المقــامــة الريــاضـيــة **

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-03-10, 20:17   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
علي النموشي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية علي النموشي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي مقامات النموشي ** المقــامــة الريــاضـيــة **

المقــامــة الريــاضـيــة


حدثنا عباس النموشي قال : كنت أمارس رياضة الجري مع رفقتي الشباب ، و كلّي حماسة رغم الصعاب ، قصد الحصول على بعض اللياقة البدنية ، و الراحة النفسية والجسدية ، و القضاء على دهون البطن ، و ما ينجر عنها من مرض و عطن و تفاديا لمرض البواسير ، هذا الداء الضار الخطير ، و الذي كاد يلازمني ، جراء طول الجلوس على الكرسي ، بحكم مهنتي و عملي ، و كنا بادئ الأمر نجري في ملعب الحي ، فتطيرت منه بعض الشيء ، لكثرة الضوضاء و الأولاد فيه ، و الغبار الذي يعتريه ، فطلبت من زملائي بأن نغيّر المكان ، إلى طريق خارج المدينة تفاديا للصبيان ، و طلبا للهواء النقي و للأمان ، فوافقوني الرأي بلا تردد ، و من غير مناقشة و لا تشدد ، فتريضنا في هذا الطريق شهرين كاملين ، إلا أننا لم نسلم من خطر المهرّبين ، الذين أزعجونا بسياراتهم السريعة ، و مغامراتهم المريعة ، و التي كادت إحداها أن تدهس زميلا لنا في مجراها ، حيث تجدهم يسيرون بسرعة جنونية و لا يحتكمون للأمور القانونية ، ناهيك عن الغبار الكثيف ، و دخان العربات المخيف و تعليق الركاب السخيف ، و برد الشتاء و مطر الخريف ، و في إحدى المرات صادفنا شابا في ملتقى الطرقات ، يجري بإتجاه الجبال و كان مشهورا برياضة حمل الأثقال ، فتحدثنا في الأمر ، و أجابنا بكل وضوح و رحبة صدر ، و اقترح علينا الجري في الجبل ، لِمَا له من فوائد جلل ، حيث الهواء المنعش ، و الشجر الأخضر المدهش ، و الحشائش و الرياحين ، و الطيور المغردين ، و بيوت النحل ، صاحب أصفى عسل ، فأعجبتنا الفكرة ، ووافقنا دون حيرة ، فكان يوما رائعا ، و جوا مناسبا لم نرى له مثيلا ، و كان هو لنا دليلا ، و صرنا على هذا الأمر أشهرا معدودات ، رأينا فيها كل المسرات ، و في أحد الأيام تخلفت عن رفقتي ، و قد نسيت بطاقتي في بيتي لكنني قررت الجري بمفردي ، إلا أنني في طريقي ، لمحت فصيلة من الجنود يتسلقون الجبل عن طريق أخدود ، حيث كانوا في عملية تمشيط واسعة ، بحثا عن مجموعات قابعة ، فقلت في قرارة نفسي ، لا خوف عليّ و لا على رأسي ، سأجري و ليكن ما يكون ، و لو رأيت في هذا المنون . ولكن و أنا عائد في طريقي ، إستوقفتني المجموعة و باغتتني ، فوجهوا ضدي السلاح فخرصت عن الكلام المباح ، و طلبوا مني بطاقة التعريف ، والكشف عن هويتي من دون تزييف أو تحريف ، لكنني أجبتهم بالحقيقة ، بلغة خوف رقيقة ، يا أبناء الوطن المفدى ، لقد نسيتها ما عدى ، فلست مفسدا في الأرض ، و لا هاتكا للعرض ، و ليس لي أي غرض ، إني شاب أهوى الجري ، و هاكم ابحثوا أمري ، لكنهم أوثقوني و إلى مخفرهم أخذوني ، و شرعوا في إستجوابي ، و شكّوا في أنني إرهابي ، و قال لي قائدهم : يا هذا أتستهبل علينا أم أنك لا تدري ، كيف تفسر هذا ، و يا ترى ماذا فكيف بشاب ملتح ، وجدناه في الجبل يجري ، و لا يملك وثيقة هوية ، تثبت له الجنسية و الوطنية ، فقلت له : تقصى الأمر ، فأنا معروف و لست من ذوي الشر إني أعمل لدى ديوان الوالي ، و هو أدرى بحالي ، و بعد برهة من البحث ، و من دون أي عبث ، رافقتها مكالمات هاتفية ، و ملاسنات لفظية ، أطلقوا سراحي ، بعد أن كبحوا جماحي ، و رجعت للدار فرحا ، مستبشرا عارفا ، و عدت مجددا لملعب الحي أتريض فيه و أجري ، لكن بعد مرور حول كامل ، عاد بي الحنين إلى الجبل و تذكرت فيه أيام العسل ، فقررت الرجوع إلى الجري ، و مررت على رفاقي ، لكنهم رفضوا ، ولم يوافقوا ، فقد كان يوما باردا ، حيث أمطرت و أثلجت ، لكنني قررت الذهاب ، على أن أسرع في الإياب و ما إن إجتزت السفح ، حتى نسيت الطفح و مضيت أجري و أجري ، من دون أن أدري ، إلى أن توغلت في الأحراش ، عابرا منطقة القـطّار و الأدهاش ، و قد نال مني التعب ، فوقفت في مسلك صعب ، لكنني ذهلت ِلمَا سمعت ، ذئاب تعوي خلفي فهربت و بعد برهة إلتفتت ، رأيت ذئبا يعدو بسرعة ، فزدت المسافة و الجرعة ، لأني خفت أن ينادي أصحابه ، و أصبح وليمة له و لأترابه ، و ما هي إلا لحظات ، حتى نبحت كلاب عاديات ، فاستبشرت بالخير و أدركت أنني ناج بقدرة قادر ، و قد إهتديت إلى رجل يرعى قطيعا من الغنم ، تحت إحدى القمم ، فلما وصلت قربه ، وقفت و ارتحت عنده ، فذهلت لما رأيته ، فقد كان البستاني أبو عبد الرحمان الموسوي ، الذي عمل معنا في مقر الولاية ، و قد كان كله دراية بفنون البستنة و السقاية ، لكنه أحيل على التقاعد ، و أصبح قليل الظهور و التواجد ، فقال لي : إني رأيتك تجري منذ قليل ، و شاهدت فيك قدرة الرب الجليل فأنقذتك بالكلاب ، و لولاها لكنت فريسة للذئاب . فحمدت المولى على نجاتي و شكرته على إنقاذ حياتي ، و قدمت لصاحبنا تحياتي ، ثم دخلت أبواب المدينة ، ذات الوجوه المشينة ، و رجعت أجري مع الصبيان ، و كلّي ذل و هوان .




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عطن : رائحة كريهة و تطلق عادة على رائحة الإبط .
المهربين : جماعات خارجة عن القانون الاقتصادي للبلاد .
أخدود : طريق جبلي يشبه الوادي .
المنون : جمع مفرده منية و هي الموت .
السفح : بداية الجبل .
القطّار : منطقة جبلية معروفة قرب مدينة تبسة .









 


رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مقالات, المقــامــة, الريــاضـيــة, النموشي


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:43

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc