مقامات النموشي ** المقامة الجُــوادية ** - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الثّقافة والأدب > خيمة الأدب والأُدباء

خيمة الأدب والأُدباء مجالس أدبيّة خاصّة بجواهر اللّغة العربيّة قديما وحديثا / مساحة للاستمتاع الأدبيّ.

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مقامات النموشي ** المقامة الجُــوادية **

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-02-24, 21:26   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
علي النموشي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية علي النموشي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي مقامات النموشي ** المقامة الجُــوادية **

المقــامــة الجُـــواديـــة


حدثنا عباس النموشي قال : كنا نعيش في البادية ، حياة هنيئة هادئة ، و كان والدي كبير قومه و الكل يهابه و يحترمه ، قليل نومه ، مواضبا على صلاته و صومه و كنت أنا الابن الأصغر مدلل الدار الأكبر ، وكان - رحمه الله - سخيّا جوادا ، و ليس مثله عوادا ، يكرم الضيف ، في الشتاء و في الصيف ، لِـمَا حَـبَاه الله من سعة رزق و كثرة أموال من ذهب و َوِرق ، كثير الأنعام ، من ماعز و أبقار و أغنام ، و كان هذا الأمر ، لي بمثابة العلياء و الفخر ، فكنت الآمر الناهي بين أترابي ، و موقّرا بين أصحابي ، و في أحد الأيام تذكرت بإمعان ، صيد الريم و الغزلان ، لمّا كنت أرافق والدي ، مع رفاقه في رحلات الصيد ، فخطرت ببالي فكرة ، و هي أن أذهب في غفلة حيث لا يراني لا والدي و لا والدتي ، ولا حتى أحدا من إخوتي ، فجمعت بعضا من رفاقي و اتفقنا على التلاقي ، و صممنا على الذهاب إلى موطن الغزلان و الذئاب حيث يصب وادي غيسران الكبير ، ذو الماء المالح الكثير ، و بالتحديد في صحراء المرتوم البعيدة ، ذات المخلوقات العديدة ، و تواعدنا على الذهاب باكرا ، عندما يكون أبي لربه ذاكرا ، فأخبرت أمي أنني ذاهبا مع رفقتي الصغار ، قصد جلب الماء من النبع الحار ، و عزمنا أمرنا الذهاب ، واتفقنا على ساعة الإياب ، قبل مغيب الشمس مخافة الأسباب ، و حملنا معنا الزاد تحسبا لطول المسلك و البعاد ، و أخذت معي موسة صغيرة ، لصيد اليرابيع و ذبحها بالطرق اليسيرة ، و هممنا أمرنا المسير و عبرنا الوادي المذكور ، ثم مررنا بآثار حصن البسرياني المغمور ، ذو الآثار العتيقة و الجدران الأنيقة ، و الصومعة الكبيرة التي تشبه أبنية الأديرة ، و قد كانت مهمته في ما مضى ، حماية حدود روما الجنوبية من ثورات القبائل الأمازيغية فوجدنا عنده نقودا رومانية ، نحاسية و برونزية ، و قد إخضر لونها و ذهب بريقها كما عثرنا على جرار كثيرة ، أغلبها مكسورة من صغيرة و كبيرة ، ثم واصلنا السير حتى منتصف النهار ، و قد أعيانا التعب ، و لاقينا كثير النصب ، فجلسنا قرب شجرة سدر ، و تناولنا غداءنا عن عجل و بلا قدر . ثم أكملنا المسير ، و الشمس تلفحنا و كلنا خوف من أم جبير ، و شاهد رفقتي السراب ، فخافوه و أبو الاقتراب فطمأنتهم بأنه ظاهرة طبيعية عادية ، و اقتربنا من هدفنا ، و رأينا ما هالنا ، غزلانا و ثعالبا كثيرة ، و أرانبا برية كبيرة ، و طيورا بديع حسنها ، جميل لونها عديد شكلها ، و زواحفا مخيفة من ورول و ضبب ، و ثعابين و أفاعي في القفر تدب ، و لما رأيت كل هذا ، قلت في نفسي لو و ماذا ؟ لو طاردنا بعض الأرانب لعلنا نظفر بواحدة منها لنتذوق لحمها ، و ماذا لو نال منا العطش أو أصابنا بعض البطش ، لكنني أمرت رفاقي بالجري وراء أرنب سمين ، بطيء الحركة بدين ، غير أننا أخفقنا في الإمساك به ، و الوصول إليه ، فتراجعنا و فشلنا بيْد أنني رحت أبحث عن مواطن اليرابيع فوجدت واحدة و ناديت الجميع ، وبعد حيلة معروفة لصيدها ، أمسكنا بأحدها ، و بسرعة البرق ذبحته و سلخته ، و أشعلنا عليه نارا خفيفة ، و قد أصبح لنا وليمة طريفة ، و رحنا نمرح و نرتع ، و نغدو و نرجع و كلنا ذهولا بشكل الغزلان الوديعة ، كيف تجري و تقفز بسرعة عجيبة ، حتى نال التعب منا ، و نفد الزاد و الماء عنا ، عندها رجعنا أدراجنا ، و قد بلغت الشمس كبد السماء ، بعد أن قاربنا العناء ، فراودتني فكرة جريئة ، بأن نختصر الطريق البعيدة و أن نمر بقرب الفيضات الكبيرة ، لعلنا نعود للديار بسرعة ، إلا أننا ضللنا الطريق و ابتعدنا عن الوجهة ، و قد أنهكنا العطش ، و شرع رفقتي في البكاء و أنا أحثهم على رباطة الجأش ، لكنهم حمّلوني المسؤولية ، و تحالفوا ضدي بلا روية ، و كادوا أن يعاقبونني و يضربونني ، إلا أنّ قوانا خارت ، و أبصارنا زاغت ، و كان ذلك بمثابة رحمة عليّ ، و نجاة لي . عندها تراءت لي حيلة ، لعلها تقينا الهلاك و المضرة ، بأن نشرب بولنا ، و هذا آخر أمل لدينا ، ففعلنا وكان مالحا أجاجا ، و من هوله كادت أن تأتينا الحاجة ، و قد وصلنا إلى درجة الجُـواد ، وهو شدة العطش القاتل للعباد، و بدأنا بنزع ثيابنا حتى كدنا أن نتعرى . حتى أننا لمحنا طيفا قادما نحونا ، فالتففنا حول بعضنا ، و قد خلناه وحشا ضاريا ، جاء بغية افتراسنا ، فأصبحت فرائسنا ترتعد ، و أوداجنا تشتد فلما اقترب أصابني بعض الشك ، فعرفت أن القادم بشر من دون أدنى شك ، و ظهر أخيرا رجل يركب جملا ، و يلبس جبة متلثما ، فلما كشف عن وجهه ، بدى لنا شيخا رقيق العود ، طويل العمود ، غائر العينين ، عاقد الحاجبين كث شعر اللحية و الشاربين ، فلما أمعنت النظر إليه عرفته ، و قد كان الشيخ التقي أبو عبد الرحمان الموسوي ، حيث عهدته يرافق والدي في رحلات الصيد ، و كان أحيانا يصلي بالجماعة أيام الأعياد و الجمعة ، و يسكن مكان يسمى المراخى ، يبعد عنا عشرات الفراسخ ، فقال لنا : ماذا دهاكم يا أشقياء ، و الله إنكم لعصبة بلهاء وإلا كيف تجوبون القفر بهذا التهور ، فأجبته بكلام متدارك : أدركنا يا شيخ فقد شارفنا على الهلاك ، فنزل بسرعة و احضر زقا و قربة ، و شرع يسقي كل على حدى بجرعة حتى دبت فينا الحياة ، بعد أن كدنا نرى الممات ، فحكيت له القصة ، من أول رحلة إلى هذه ساعتنا ، فقفل مسرعا بنا إلى مساكننا ، و قد عسعس الليل علينا فاعترضنا والدي مع جمع من الرجال ، و قد تغير عليهم الحال ، بحثا عنا ظنا منهم أننا فقدنا ، أو ثقفتنا الذئاب و التهمتنا ، أو أسِْرنا من قبل قطاع الطرق أو قتلنا و لمّا وصلنا إلى الديار ، وجدنا الناس بالإنتظار ، من كبار و صغار ، وهم في غاية القلق والحسرة ، بادية على وجوههم الحيرة ، فحمد الجميع الله على سلامتنا و وصولنا و نجاتنا ، و أدركت في داخلي ، أنني كدت أهلك أصدقائي معي ، و كلّي مضرة ، متعهدا أمام أهلي أنني لن أعيد الكرّة .





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ورِق : بكسر الراء و هي دراهم الفضة .
أترابي : رفاقي الذين هم من سني .
الريم : غزال المها .
غيسران : إسم واد مشهور بصحراء نقرين .
المرتوم : بادية بصحراء نقرين .
حصن البسرياني : حصن روماني قديم كان مقرا للكتيبة الثالثة الرومانية و كان يسمى ( أدماجوريس ) .
سدر : شجر شوكي معروف .
ورول : جمع مفرده ورل و هو من الزواحف التي تعيش في الصحراء .
ضبب : جمع مفرده ضب من الزواحف بني قاتم اللون .
الفيضات : بادية شاسعة بصحراء نقرين .
المراخى : نسبة إلى لقب مرخي وهو من عرش أولاد العيساوي التابع لقبيلة النمامشة الكبيرة .
الفراسخ : جمع مفرده فرسخ و هو وحدة قياس قديمة للمسافات تساوي ستة كيلومترات تقريبا .
عسعس الليل : إذ جاوز مرحلة الشفق .









 


رد مع اقتباس
قديم 2010-02-24, 22:18   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
abdo_24
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكر اخي وبارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2010-02-25, 19:06   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
علي النموشي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية علي النموشي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abdo_24 مشاهدة المشاركة
شكر اخي وبارك الله فيك
بارك الله فيك أخي على المرور الكريم ...









رد مع اقتباس
قديم 2010-02-27, 18:38   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
fahim_jp
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية fahim_jp
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مشكــــور اخي الكريم
و بارك الله فيــــــــك









رد مع اقتباس
قديم 2010-02-27, 19:16   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
علي النموشي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية علي النموشي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة fahim_jp مشاهدة المشاركة
مشكــــور اخي الكريم
و بارك الله فيــــــــك
مشكور أخي على المرور و بوركت على تلك السطور .









رد مع اقتباس
قديم 2010-02-27, 20:22   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
رضا 111
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية رضا 111
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا’ بارك الله فيك.










رد مع اقتباس
قديم 2010-02-27, 21:23   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
علي النموشي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية علي النموشي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رضا 111 مشاهدة المشاركة
شكرا’ بارك الله فيك.
شكرا لك أنت و بارك الله فيك على زيارة صفحتي المتواضعة .









رد مع اقتباس
قديم 2010-02-27, 21:28   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
Stranger in Paradise
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية Stranger in Paradise
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم...

بارك الله فيك ... كالعادة مقامة متقنة وقصة شيقة....

ذكرتني باحدى مغامراتي ولكن في صحراء بيضاء وكدنا نموت من البرد وليس العطش....









رد مع اقتباس
قديم 2010-03-01, 04:48   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
علي النموشي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية علي النموشي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة stranger in paradise مشاهدة المشاركة
السلام عليكم...

بارك الله فيك ... كالعادة مقامة متقنة وقصة شيقة....

ذكرتني باحدى مغامراتي ولكن في صحراء بيضاء وكدنا نموت من البرد وليس العطش....
بارك الله فيك أخي الكريم على المرور و التشجيع ...
نحمد الله أننا لم نقض في البيداء حرا وقرّا ....









رد مع اقتباس
قديم 2010-03-02, 13:16   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
said78
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية said78
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك ... كالعادة مقامة متقنة وقصة شيقة....










رد مع اقتباس
قديم 2010-03-02, 20:34   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
علي النموشي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية علي النموشي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة said78 مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك ... كالعادة مقامة متقنة وقصة شيقة....
شكرا على المرور الكريم منك أخي الفاضل .









رد مع اقتباس
قديم 2010-03-03, 22:01   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
جمال 19
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

مشكـــــــــــــور أخي










رد مع اقتباس
قديم 2010-03-03, 22:13   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
علي النموشي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية علي النموشي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جمال 19 مشاهدة المشاركة
مشكـــــــــــــور أخي
مشكور على المرور الكريم على صفحتي .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مقالات, المقالة, الجُــوادية, النموشي


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 23:23

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc