![]() |
|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
عظماء فى الإسلام ( المحدثون والفقهاء )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() الإمام مالك إمام دارالهجرة يروى في فضله ومناقبه الكثير ولكن أهمها ما روي [عن أبي هريرة يبلغ بهالنبي (صلى الله عليه وسلم) قال ليضربن الناس أكباد الإبل في طلب العلم فلا يجدونعالما أعلم من عالم المدينة] إنه الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة، وصاحبأحد المذاهب الفقهية الأربعة في الإسلام وهو المذهب المالكي، وصاحب كتب الصحاح فيالسنة النبوية وهو كتاب الموطأ. يقول الإمام الشافعي: إذا ذكر العلماء فمالك النجم. ________________________________________ نسبه ومولده هو شيخالإسلام حجة الأمة إمام دار الهجرة أبو عبد الله مالك ابن أنس بن مالك بن أبى عامربن عمرو بن الحارث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث وهو ذو أصبح بن عوف بن مالكبن زيد بن شداد بن زرعة وهو حمير الأصغر الحميري ثم الأصبحي المدني حليف بني تيم منقريش فهم حلفاء عثمان أخي طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المبشرين بالجنة. وأمههي عالية بنت شريك الأزدية وأعمامه هم أبو سهل نافع وأويس والربيع والنضر أولاد أبيعامر. ولد مالك على الأصح في سنة 93هـ عام موت أنس خادم رسول الله (صلى اللهعليه وسلم) ونشأ في صون ورفاهية وتجمل ________________________________________ طلبه للعلم طلب الإماممالك العلم وهو حدث لم يتجاوز بضع عشرة سنة من عمره وتأهل للفتيا وجلس للإفادة ولهإحدى وعشرون سنة وقصده طلبة العلم وحدث عنه جماعة وهو بعد شاب طري. ________________________________________ ثناء العلماء عليه عن ابنعيينة قال مالك عالم أهل الحجاز وهو حجة زمانه. وقال الشافعي: إذا ذكر العلماءفمالك النجم. وعن ابن عيينة أيضا قال كان مالك لا يبلغ من الحديث إلا صحيحا ولايحدث إلا عن ثقة ما أرى المدينة إلا ستخرب بعد موته يعني من العلم. ـ روي عنوهيب وكان من أبصر الناس بالحديث والرجال أنه قدم المدينة قال فلم أرى أحدا إلاتعرف وتنكر إلا مالكا ويحيى بن سعيد الأنصاري. ________________________________________ إمام دار الهجرة روي عنأبي موسى الأشعري قال [قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخرج ناس من المشرقوالمغرب في طلب العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة] ويروى عن ابنعيينةقال كنت أقول هو سعيد بن المسيب حتى قلت كان في زمانه سليمان بن يسار وسالم بن عبدالله وغيرهما ثم أصبحت اليوم أقول إنه مالك لم يبق له نظير بالمدينة. قالالقاضي عياض هذا هو الصحيح عن سفيان رواه عنه ابن مهدي وابن معين وذؤيب بن عمامهوابن المديني والزبير بن بكار وإسحاق بن أبي إسرائيل كلهم سمع سفيان يفسره بمالك أويقول وأظنه أو أحسبه أو أراه أو كانوا يرونه. وذكر أبو المغيرة المخزومي أنمعناه ما دام المسلمون يطلبون العلم لا يجدون أعلم من عالم بالمدينة فيكون على هذاسعيد بن المسيب ثم بعده من هو من شيوخ مالك ثم مالك ثم من قام بعده بعلمه وكان أعلمأصحابه. ولم يكن بالمدينة عالم من بعد التابعين يشبه مالكا في العلم والفقهوالجلالة والحفظ فقد كان بها بعد الصحابة مثل سعيد بن المسيب والفقهاء السبعةوالقاسم وسالم وعكرمة ونافع وطبقتهم ثم زيد بن أسلم وابن شهاب وأبي الزناد ويحيى بنسعيد وصفوان بن سليم وربيعة بن أبي عبد الرحمن وطبقتهم فلما تفانوا اشتهر ذكر مالكبها وابن أبي ذئب وعبد العزيز بن الماجشون وسليمان بن بلال وفليح بن سليمانوأقرانهم فكان مالك هو المقدم فيهم على الإطلاق والذي تضرب إليه آباط الإبل منالآفاق رحمه الله تعالى. قال أبو عبد الله الحاكم ما ضربت أكباد الإبل منالنواحي إلى أحد من علماء المدينة دون مالك واعترفوا له وروت الأئمة عنه ممن كانأقدم منه سنا كالليث عالم أهل مصر والمغرب والأوزاعي عالم أهل الشام ومفتيهموالثوري وهو المقدم بالكوفة وشعبة عالم أهل البصرة إلى أن قال وحمل عنه قبلهم يحيىبن سعيد الأنصاري حين ولاه أبو جعفر قضاء القضاة فسأل مالكا أن يكتب له مائة حديثحين خرج إلى العراق ومن قبل كان ابن جريج حمل عنه. ________________________________________ قصة الموطأ يروي أبو مصعبفيقول: سمعت مالكا يقول دخلت على أبي جعفر أمير المؤمنين وقد نزل على فرش له وإذاعلى بساطه دابتان ما تروثان ولا تبولان وجاء صبي يخرج ثم يرجع فقال لي أتدري من هذاقلت لا قال هذا ابني وإنما يفزع من هيبتك ثم ساءلني عن أشياء منها حلال ومنها حرامثم قال لي أنت والله أعقل الناس وأعلم الناس قلت لا والله يا أمير المؤمنين قال بلىولكنك تكتم ثم قال والله لئن بقيت لأكتبن قولك كما تكتب المصاحف ولأبعثن به إلىالآفاق فلأحملهنم عليه.فقال مالك: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإن أصحاب رسول تفرقوافي الأمصار وإن تفعل تكن فتنة!! ________________________________________ مواقف من حياته روي أنمالكا كان يقول ما أجبت في الفتوى حتى سألت من هو أعلم مني هل تراني موضعا لذلكسألت ربيعة وسألت يحيى بن سعيد فأمراني بذلك فقلت فلو نهوك قال كنت أنتهي لا ينبغيللرجل أن يبذل نفسه حتى يسأل من هو أعلم منه وقال خلف: دخلت عليه فقلت ما ترىفإذا رؤيا بعثها بعض إخوانه يقول: رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) في المنام فيمسجد قد اجتمع الناس عليه فقال لهم إني قد خبأت تحت منبري طيبا أو علما وأمرت مالكاأن يفرقه على الناس فانصرف الناس وهم يقولون إذا ينفذ مالك ما أمره به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم بكى فقمت عنه. وروي أن المهدي قدم المدينة فبعث إلىمالك بألفي دينار أو قال بثلاثة آلاف دينار ثم أتاه الربيع بعد ذلك فقال إن أميرالمؤمنين يحب أن تعادله إلى مدينة السلام فقال قال النبي (صلى الله عليه وسلم) المدينة خير لهم ولو كانوا يعلمون والمال عندي على حاله. وقدم المهدي المدينةمرة أخرى فبعث إلى مالك فأتاه فقال لهارون وموسى اسمعا منه فبعث إليه فلم يجبهمافأعلما المهدي فكلمة فقال يا أمير المؤمنين العلم يؤتى أهله فقال صدق مالك صيراإليه فلما صارا إليه قال له مؤدبهما اقرأ علينا فقال إن أهل المدينة يقرؤون علىالعالم كما يقرأ الصبيان على المعلم فإذا أخطئوا أفتاهم فرجعوا إلى المهدي فبعث إلىمالك فكلمه فقال سمعت ابن شهاب يقول جمعنا هذا العلم في الروضة من رجال وهم يا أميرالمؤمنين سعيد بن المسيب وأبو سلمة وعروة والقاسم وسالم وخارجه بن زيد وسليمان بنيسار ونافع وعبد الرحمن بن هرمز ومن بعدهم أبو الزناد وربيعه ويحيى بن سعيد وابنشهاب كل هؤلاء يقرأ عليهم ولا يقرؤون فقال في هؤلاء قدوة صيروا إليه فاقرؤوا عليهففعلوا. يروي يحيى ابن خلف الطرسوسي وكان من ثقات المسلمين قال كنت عند مالكفدخل عليه رجل فقال يا أبا عبد الله ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق فقال مالكزنديق اقتلوه فقال يا أبا عبد الله إنما أحكي كلاما سمعته قال إنما سمعته منك وعظمهذا القول. وعن قتيبه قال كنا إذا دخلنا على مالك خرج إلينا مزينا مكحلا مطيباقد لبس من أحسن ثيابه وتصدر الحلقة ودعا بالمراوح فأعطى لكل منا مروحة. وعنمحمد بن عمر قال كان مالك يأتي المسجد فيشهد الصلوات والجمعة والجنائز ويعود المرضىويجلس في المسجد فيجتمع إليه أصحابه ثم ترك الجلوس فكان يصلي وينصرف وترك شهودالجنائز ثم ترك ذلك كله والجمعة واحتمل الناس ذلك كله وكانوا أرغب ما كانوا فيهوربما كلم في ذلك فيقول ليس كل أحد يقدر أن يتكلم بعذره. وكان يجلس في منزلهعلى ضجاع له ونمارق مطروحة في منزله يمنة ويسرة لمن يأتيه من قريش والأنصار والناس،وكان مجلسه مجلس وقار وحلم قال وكان رجلا مهيبا نبيلا ليس في مجلسه شيء من المراءواللغط ولا رفع صوت وكان الغرباء يسألونه عن الحديث فلا يجيب إلا في الحديث بعدالحديث وربما أذن لبعضهم يقرأ عليه وكان له كاتب قد نسخ كتبه يقال له حبيب يقرأللجماعة ولا ينظر أحد في كتابه ولا يستفهم هيبة لمالك وإجلالا له وكان حبيب إذا قرأفأخطأ فتح عليه مالك وكان ذلك قليلا قال ابن وهب سمعت مالكا يقول ما أكثر أحد قطفأفلح. وقيل لمالك لم لا تأخذ عن عمرو بن دينار قال: أتيته فوجدته يأخذون عنهقياما فأجللت حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن آخذه قائما. ويروى عن ابنوهب قال: سمعت مالكا يقول لرجل سأله عن القدر نعم قال الله تعالى {ولو شئنا لآتيناكل نفس هداها}(السجدة:12) وقال جعفر بن عبد الله قال كنا عند مالك فجاءه رجلفقال يا أبا عبد الله [الرحمن على العرش استوى " كيف استوى فما وجد مالك من شيء ماوجد من مسألته فنظر إلى الأرض وجعل ينكت بعود في يده حتى علاه الرضاء ثم رفع رأسهورمى بالعود وقال الكيف منه غير معقول والاستواء منه غير مجهول والإيمان به واجبوالسؤال عنه بدعة وأظنك صاحب بدعة وأمر به فأخرج] وفي رواية أخرى قال: الرحمنعلى العرش استوى، كما وصف نفسه ولا يقال له كيف وكيف عنه مرفوع وأنت رجل سوء صاحببدعة أخرجوه. ________________________________________ منكلماته العلم ينقص ولا يزيد ولم يزل العلم ينقص بعد الأنبياء والكتب. واللهما دخلت على ملك من هؤلاء الملوك حتى أصل إليه إلا نزع الله هيبته من صدري. أعلم أنه فساد عظيم أن يتكلم الإنسان بكل ما يسمع. ما تعلمت العلم إلالنفسي وما تعلمت ليحتاج الناس إلي وكذلك كان الناس. ليس هذا الجدل من الدينبشيء. لا يؤخذ العلم عن أربعة سفيه يعلن السفه وإن كان أروى الناس وصاحب بدعةيدعو إلى هواه ومن يكذب في حديث الناس وإن كنت لا أتهمه في الحديث وصالح عابد فاضلإذا كان لا يحفظ ما يحدث به. ________________________________________ صفة الإمام مالك عن عيسىبن عمر قال ما رأيت قط بياضا ولا حمرة أحسن من وجه مالك ولا أشد بياض ثوب من مالك،ونقل غير واحد أنه كان طوالا جسيما عظيم الهامة أشقر أبيض الرأس واللحية عظيماللحية أصلع وكان لا يحفي شاربه ويراه مثله. وقيل كان أزرق العين، محمد بنالضحاك الحزامي كان مالك نقي الثوب رقيقه يكثر اختلاف اللبوس، و قال أشهب كان مالكإذا اعتم جعل منها تحت ذقنه ويسدل طرفها بين كتفيه. ________________________________________ إمام في الحديث كان الإماممالك من أئمة الحديث في المدينة، يقول يحيى القطان ما في القوم أصح حديثا من مالككان إماما في الحديث، قال الشافعي قال محمد بن الحسن أقمت عند مالك ثلاث سنين وكسراوسمعت من لفظه أكثر من سبعمائة حديث فكان محمد إذا حدث عن مالك امتلأ منزله وإذاحدث عن غيره من الكوفيين لم يجئه إلا اليسير. قال ابن مهدي أئمة الناس فيزمانهم أربعة الثوري ومالك والأوزاعي وحماد بن زيد وقال ما رأيت أحدا أعقل من مالك. ________________________________________ محنة الإمام مالك تعرضالإمام مالك لمحنة وبلاء بسبب حسد ووشاية بينه وبين والي المدينة جعفر بن سليمانويروى أنه ضرب بالسياط حتى أثر ذلك على يده فيقول إبراهيم بن حماد أنه كان ينظر إلىمالك إذا أقيم من مجلسه حمل يده بالأخرى، ويقول الواقدي لما ولي جعفر بن سليمانالمدينة سعوا بمالك إليه وكثروا عليه عنده وقالوا لا يرى أيمان بيعتكم هذه بشيء وهويأخذ بحديث رواه عن ثابت بن الأحنف في طلاق المكره أنه لا يجوز عنده قال فغضب جعفرفدعا بمالك فاحتج عليه بما رفع إليه عنه فأمر بتجريده وضربه بالسياط وجبذت يده حتىانخلعت من كتفه وارتكب منه أمر عظيم فواالله ما زال مالك بعد في رفعة وعلو، وهذهثمرة المحنة المحمودة أنها ترفع العبد عند المؤمنين وبكل حال فهي بما كسبت أيديناويعفو الله عن كثير ومن يرد الله به خيرا يصيب منه وقال النبي (صلى الله عليه وسلم) كل قضاء المؤمن خير له وقال الله تعالى {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكموالصابرين} (محمد:31) وأنزل الله تعالى في وقعه أحد قوله {أو لما أصابتكم مصيبة قدأصبتم مثليها قلتم أني هذا قل هو من عند أنفسكم}(آل عمران:165) وقال {وما أصابكم منمصيبة فبما كسب أيديكم ويعفو عن كثير} (الشورى:30) فالمؤمن إذا امتحن صبر واتعظواستغفر ولم يتشاغل بذم من انتقم منه فالله حكم مقسط ثم يحمد الله على سلامة دينهويعلم أن عقوبة الدنيا أهون وخير له. ________________________________________ تراث الإمام مالك عنيالعلماء بتحقيق وتأليف الكتب حول تراث الإمام مالك، وما زال العلماء قديما وحديثالهم أتم اعتناء برواية الموطأ ومعرفته وتحصيله ________________________________________ وفاة الإمام مالك قالالقعنبي سمعتهم يقولون عمر مالك تسعا وثمانين سنة مات سنة تسع وسبعين ومئة وقالإسماعيل بن أبي أويس مرض مالك فسألت بعض أهلنا عما قال عند الموت قالوا تشهد ثم قال {لله الأمر من قبل ومن بعد} (الروم:4)، وتوفي صبيحة أربع عشرة من ربيع الأول سنةتسع وسبعين ومائة فصلى عليه الأمير عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بنعبد الله بن عباس الهاشمي.
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() الإمام البخاري أمير أهل الحديث الإمام الجليل والمحدث العظيم محمد بن إسماعيل البخاريأمير أهل الحديث وصاحب أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى، يقول البخاري: صنفت الصحيح فيست عشرة سنة وجعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى. ولم يشهد تاريخ الإسلاممثله في قوة الحفظ ودقة الرواية والصبر على البحث مع قلة الإمكانات، حتى أصبح منارةفي الحديث وفاق تلامذته وشيوخه على السواء. ويقول عنه أحد العلماء: لا أعلم أنيرأيت مثله كأنه لم يخلق إلا للحديث. فمع سيرة البخاري ومواقف من حياته. ________________________________________ نسبه ومولده هو أبو عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري وكلمة بردزبه تعنيبلغة بخارى "الزراع" أسلم جده "المغيرة" على يدي اليمان الجعفي والي بخارى وكانمجوسيا وطلب والده إسماعيل بن إبراهيم العلم والتقى بعدد من كبار العلماء، وروىإسحاق بن أحمد بن خلف أنه سمع البخاري يقول سمع أبي من مالك بن أنس ورأى حماد بنزيد وصافح ابن المبارك بكلتا يديه. ولد أبو عبد الله في يوم الجمعة الرابع منشوال سنة أربع وتسعين. ويروى أن محمد بن إسماعيل عمي في صغره فرأت والدته فيالمنام إبراهيم الخليل عليه السلام فقال لها يا هذه قد رد الله على ابنك بصره لكثرةبكائك أو كثرة دعائك شك البلخي فأصبحت وقد رد الله عليه بصره. ________________________________________ قوة حفظه وذاكرته ووهبالله للبخاري منذ طفولته قوة في الذكاء والحفظ من خلال ذاكرة قوية تحدى بها أقوىالاختبارات التي تعرض لها في عدة مواقف. يقول محمد بن أبي حاتم: قلت لأبي عبدالله: كيف كان بدء أمرك قال ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكتاب فقلت كم كان سنك فقالعشر سنين أو أقل ثم خرجت من الكتاب بعد العشر فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره فقاليوما فيما كان يقرأ للناس سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم، فقلت له: إن أبا الزبيرلم يرو عن إبراهيم فانتهرني فقلت له ارجع إلى الأصل، فدخل فنظر فيه ثم خرج فقال لي: كيف هو يا غلام؟ قلت:هو الزبير بن عدي عن إبراهيم. فأخذ القلم مني وأحكم( أصلح) كتابه وقال: صدقت. فقيل للبخاري ابن كم كنت حين رددت عليه قال ابن إحدى عشرةسنة. ولما بلغ البخاري ست عشرة سنة كان قد حفظ كتب ابن المبارك ووكيع. وقالمحمد بن أبي حاتم الوراق سمعت حاشد بن إسماعيل وآخر يقولان كان أبو عبد اللهالبخاري يختلف معنا إلى مشايخ البصرة وهو غلام فلا يكتب حتى أتى على ذلك أيام فكنانقول له إنك تختلف معنا ولا تكتب فما تصنع فقال لنا يوما بعد ستة عشر يوما إنكما قدأكثرتما على وألححتما فاعرضا على ما كتبتما فأخرجنا إليه ما كان عندنا فزاد علىخمسة عشر ألف حديث فقرأها كلها عن ظهر قلب حتى جعلنا نحكم كتبنا من حفظه ثم قالأترون أني أختلف هدرا وأضيع أيامي فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد. وقال ابن عديحدثني محمد بن أحمد القومسي سمعت محمد ابن خميرويه سمعت محمد بن إسماعيل يقول أحفظمائة ألف حديث صحيح وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح قال وسمعت أبا بكرالكلواذاني يقول ما رأيت مثل محمد بن إسماعيل كان يأخذ الكتاب من العلماء فيطلععليه اطلاعة فيحفظ عامة أطراف الأحاديث بمرة. ________________________________________ طلبه للحديث رحل البخاريبين عدة بلدان طلبا للحديث الشريف ولينهل من كبار علماء وشيوخ عصره في بخارىوغيرها. وروي عن البخاري أنه كان يقول قبل موته: كتبت عن ألف وثمانين رجلا ليسفيهم إلا صاحب حديث كانوا يقولون الإيمان قول وعمل يزيد وينقص. ونعود إلىالبخاري في رحلته في طلب العلم ونبدأها من مسقط رأسه بخارى فقد سمع بها من الجعفيالمسندي ومحمد بن سلام البيكندي وجماعة ليسوا من كبار شيوخه ثم رحل إلى بلخ وسمعهناك من مكبن بن إبراهيم وهو من كبار شيوخه وسمع بمرو من عبدان بن عثمان وعلي بنالحسن بن شقيق وصدقة بن الفضل. وسمع بنيسابور من يحيى بن يحيى وجماعة من العلماءوبالري من إبراهيم بن موسى. وفي أواخر سنة 210هـ قدم البخاري العراق وتنقل بينمدنها ليسمع من شيوخها وعلمائها. وقال البخاري دخلت بغداد آخر ثمان مرات في كل ذلكأجالس أحمد بن حنبل فقال لي في آخر ما ودعته يا أبا عبد الله تدع العلم والناسوتصير إلى خراسان قال فأنا الآن أذكر قوله. ثم رحل إلى مكة وسمع هناك من أبيعبد الرحمن المقرئ وخلاد بن يحي وحسان بن حسان البصري وأبي الوليد أحمد بن محمدالأزرقي والحميدي. وسمع بالمدينة من عبد العزيز الأويسي وأيوب بن سليمان بنبلال وإسماعيل بن أبي أويس. وأكمل رحلته في العالم الإسلامي آنذاك فذهب إلى مصرثم ذهب إلى الشام وسمع من أبي اليمان وآدم بن أبي إياس وعلي بن عياش وبشر بن شعيبوقد سمع من أبي المغيرة عبد القدوس وأحمد بن خالد الوهبي ومحمد بن يوسف الفريابيوأبي مسهر وآخرين. ________________________________________ مؤلفاتالبخاري عد العلماء كتاب الجامع الصحيح المعروف بـ"صحيح البخاري" أصح كتاب بعدكتاب الله، ويقول عنه علماء الحديث "هو أعلى الكتب الستة سندا إلى النبي صلى اللهعليه وسلم في شيء كثير من الأحاديث وذلك لأن أبا عبد الله أسن الجماعة وأقدمهم لقياللكبار أخذ عن جماعة يروي الأئمة الخمسة عنهم" ويقول في قصة تأليفه "الجامعالصحيح ":" كنت عند إسحاق بن راهويه فقال بعض أصحابنا لو جمعتم كتابا مختصرا لسننالنبي فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع هذا الكتاب" ويقول في بعض الروايات: ـأخرجت هذا الكتاب من زهاء ست مائة ألف حديث. ـ ما وضعت في كتابي الصحيح حديثاإلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين. ـ ما أدخلت في هذا الكتاب إلا ما صح وتركت منالصحاح كي لا يطول الكتاب. ويروي البخاري أنه بدأ التأليف وعمره 18 سنة فيقول: "في ثمان عشرة جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم وذلك أيام عبيدالله بن موسى، وصنفت كتاب التاريخ إذ ذاك عند قبر رسول الله في الليالي المقمرة وقلاسم في التاريخ إلا وله قصة إلا أني كرهت تطويل الكتاب، وكنت أختلف إلى الفقهاءبمرو وأنا صبي فإذا جئت أستحي أن أسلم عليهم فقال لي مؤدب من أهلها كم كتبت اليومفقلت: اثنين وأردت بذلك حديثين فضحك من حضر المجلس فقال شيخ منهم لا تضحكوا فلعلهيضحك منكم يوما" وقال أبو جعفر محمد بن أبي حاتم قلت لأبي عبد الله تحفظ جميعما أدخلت في المصنف فقال لا يخفى علي جميع ما فيه، وسمعته يقول صنفت جميع كتبي ثلاثمرات. ________________________________________ دقته واجتهاده ظلالبخاري ستة عشر عاما يجمع الأحاديث الصحاح في دقة متناهية، وعمل دؤوب، وصبر علىالبحث وتحري الصواب قلما توافرت لباحث قبله أو بعده حتى اليوم، وكان بعد كل هذا لايدون الحديث إلا بعد أن يغتسل ويصلي ركعتين. يروي أحد تلامذته أنه بات عنده ذاتليلة فأحصى عليه أنه قام وأسرج يستذكر أشياء يعلقها في ليلة ثمان عشرة مرة. وقال محمد بن أبي حاتم الوراق كان أبو عبد الله إذا كنت معه في سفر يجمعنا بيتواحد إلا في القيظ أحيانا فكنت أراه يقوم في ليلة واحدة خمس عشرة مرة إلى عشرين مرةفي كل ذلك يأخذ القداحة فيوري نارا ويسرج ثم يخرج أحاديث فيعلم عليها. وروي عنالبخاري أنه قال: لم تكن كتابتي للحديث كما كتب هؤلاء كنت إذا كتبت عن رجل سألته عناسمه وكنيته ونسبته وحمله الحديث إن كان الرجل فهما، فإن لم يكن سألته أن يخرج إليأصله ونسخته فأما الآخرون لا يبالون ما يكتبون وكيف يكتبون. وكان العباس الدورييقول: ما رأيت أحدا يحسن طلب الحديث مثل محمد بن إسماعيل كان لا يدع أصلا ولا فرعاإلا قلعه ثم قال لنا لا تدعوا من كلامه شيئا إلا كتبتموه. ________________________________________ تفوقه على أقرانه فيالحديث ظهر نبوغ البخاري مبكرا فتفوق على أقرانه، وصاروا يتتلمذون على يديه،ويحتفون به في البلدان. فقد روي أن أهل المعرفة من البصريين يعدون خلفه في طلبالحديث وهو شاب حتى يغلبوه على نفسه ويجلسوه في بعض الطريق فيجتمع عليه ألوف أكثرهمممن يكتب عنه وكان شابا لم يخرج وجهه. وروي عن يوسف بن موسى المروروذي يقول كنتبالبصرة في جامعها إذ سمعت مناديا ينادي يا أهل العلم قد قدم محمد بن إسماعيلالبخاري فقاموا في طلبه وكنت معهم فرأينا رجلا شابا يصلي خلف الأسطوانة فلما فرغ منالصلاة أحدقوا به وسألوه أن يعقد لهم مجلس الإملاء فأجابهم فلما كان الغد اجتمعقريب من كذا كذ ألف فجلس للإملاء وقال يا أهل البصرة أنا شاب وقد سألتموني أنأحدثكم وسأحدثكم بأحاديث عن أهل بلدكم تستفيدون منها. وقال أبو أحمد عبد اللهبن عدي الحافظ سمعت عدة مشايخ يحكون أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد فسمع بهأصحاب الحديث فاجتمعوا وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها وجعلوا متنهذا لإسناد هذا و إسناد هذا لمتن هذا ودفعوا إلى كل واحد عشرة أحاديث ليلقوها علىالبخاري في المجلس فاجتمع الناس وانتدب أحدهم فسأل البخاري عن حديث من عشرته فقاللا أعرفه وسأله عن آخر فقال لا أعرفه وكذلك حتى فرغ من عشرته فكان الفقهاء يلتفتبعضهم إلى بعض ويقولون الرجل فهم. ومن كان لا يدري قضى على البخاري بالعجز ثم انتدبآخر ففعل كما فعل الأول والبخاري يقول لا أعرفه ثم الثالث وإلى تمام العشرة أنفسوهو لا يزيدهم على لا أعرفه. فلما علم أنهم قد فرغوا التفت إلى الأول منهم فقال أماحديثك الأول فكذا والثاني كذا والثالث كذا إلى العشرة فرد كل متن إلى إسناده وفعلبالآخرين مثل ذلك فأقر له الناس بالحفظ فكان ابن صاعد إذا ذكره يقول الكبش النطاح. وروي عن أبي الأزهر قال كان بسمرقند أربعمائة ممن يطلبون الحديث فاجتمعوا سبعةأيام وأحبوا مغالطة البخاري فأدخلوا إسناد الشام في إسناد العراق وإسناد اليمن فيإسناد الحرمين فما تعلقوا منه بسقطة لا في الإسناد ولا في المتن. وقال أحيد بنأبي جعفر والي بخارى قال محمد بن إسماعيل يوما رب حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشامورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر فقلت له: يا أبا عبد الله بكماله قال: فسكت. ________________________________________ من كلمات البخاري [لا أعلمشيئا يحتاج إليه إلا وهو في الكتاب والسنة] [ما جلست للحديث حتى عرفت الصحيح منالسقيم وحتى نظرت في عامة كتب الرأي وحتى دخلت البصرة خمس مرات أو نحوها فما تركتبها حديثا صحيحا إلا كتبته إلا ما لم يظهر لي] [ما أردت أن أتكلم بكلام فيه ذكرالدنيا إلا بدأت بحمد الله والثناء عليه] ________________________________________ مواقف من حياةالبخاري وقال بكر بن منير سمعت أبا عبد الله البخاري يقول أرجو أن ألقى الله ولايحاسبني أني اغتبت أحدا قلت صدق رحمه الله ومن نظر في كلامه في الجرح والتعديل علمورعه في الكلام في الناس وإنصافه فيمن يضعفه فإنه أكثر ما يقول: منكر الحديث، سكتواعنه، فيه نظر ونحو هذا. وقل أن يقول فلان كذاب أو كان يضع الحديث حتى إنه قال إذاقلت فلان في حديثه نظر فهو متهم واه وهذا معنى قوله لا يحاسبني الله أني اغتبت أحداوهذا هو والله غاية الورع. يقول محمد بن أبي حاتم: كان أبو عبد الله يصلي فيوقت السحر ثلاث عشرة ركعة وكان لا يوقظني في كل ما يقوم فقلت أراك تحمل على نفسكولم توقظني قال أنت شاب ولا أحب أن أفسد عليك نومك. *يروي البخاري فيقول كنتبنيسابور أجلس في الجامع فذهب عمرو بن زرارة وإسحاق بن راهويه إلى يعقوب بن عبدالله والي نيسابور فأخبروه بمكاني فاعتذر إليهم وقال مذهبنا إذا رفع إلينا غريب لمنعرفه حبسناه حتى يظهر لنا أمره فقال له بعضهم: بلغني أنه قال لك لا تحسن تصلي فكيفتجلس فقال لو قيل لي شيء من هذا ما كنت أقوم من ذلك المجلس حتى أروي عشرة آلاف حديثفي الصلاة خاصة. وذات يوم ناظر أبو بكر البخاري في أحاديث سفيان فعرفها كلها ثمأقبل محمد عليه فأغرب عليه مائتي حديث فكان أبو بكر بعد ذلكيقول ذاك الفتى البازلوالبازل الجمل المسن إلا أنه يريد هاهنا البصير بالعلم الشجاع. قال محمد بن أبيحاتم سمعت البخاري يقول دخلت بلخ فسألني أصحاب الحديث أن أملي عليهم لكل من كتبتعنه حديثا فأمليت ألف حديث لألف رجل ممن كتبت عنهم. قال أبو جعفر سمعت أبا عمرسليم بن مجاهد يقول كنت عند محمد بن سلام البيكتدي فقال لو جئت قبل لرأيت صبيا يحفظسبعين ألف حديث قال فخرجت في طلبه حتى لحقته قال أنت الذي يقول إني أحفظ سبعين ألفحديث قال نعم وأكثر ولا أجيئك بحديث من الصحابة والتابعين إلا عرفتك مولد أكثرهمووفاتهم ومساكنهم ولست أروي حديثا من حديث الصحابة أو التابعين إلا ولي من ذلك أصلأحفظه حفظا عن كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال محمد بن يعقوببن الأخرم: سمعت أصحابنا يقولون لما قدم البخاري نيسابور استقبله أربعة آلاف رجلركبانا على الخيل سوى من ركب بغلا أو حمارا وسوى الرجالة. ________________________________________ ورعه • قال محمد بن أبيحاتم ركبنا يوما إلى الرمي، فجعلنا نرمي وأصاب سهم أبي عبد الله البخاري وتدالقنطرة الذي على نهر ورادة فانشق الوتد فلما رآه أبو عبد الله نزل عن دابته فأخرجالسهم من الوتد وترك الرمي وقال لنا ارجعوا ورجعنا معه إلى المنزل. فقال لي يا أباجعفر لي إليك حاجة مهمة قالها وهو يتنفس الصعداء، وقال لمن معنا اذهبوا مع أبي جعفرحتى تعينوه على ما سألته فقلت أية حاجة هي. قال لي: تضمن قضاءها؟ قلت نعم على الرأسوالعين. قال: ينبغي أن تصير إلى صاحب القنطرة فتقول له إنا قد أخللنا بالوتد فنحبأن تأذن لنا في إقامة بدله أو تأخذ ثمنه وتجعلنا في حل مما كان منا. وكان صاحبالقنطرة حميد بن الأخضر الفربري. فقال لي أبلغ أبا عبد الله السلام وقل له أنت فيحل مما كان منك وجميع ملكي لك الفداء وإن قلت نفسي أكون قد كذبت، غير أني لم أكنأحب أن تحتشمني في وتد أو في ملكي فأبلغته رسالته فتهلل وجهه واستنار وأظهر سروراوقرأ في ذلك اليوم على الغرباء نحوا من خمسمائة حديث وتصدق بثلاث مائة درهم. • وقال بن أبي حاتم ورأيته استلقى على قفاه يوما ونحن بفربر في تصنيفه كتاب التفسيروأتعب نفسه ذلك اليوم في كثرة إخراج الحديث فقلت له إني أراك تقول إني ما أثبت شيئابغير علم قط منذ عقلت فما الفائدة في الاستلقاء قال أتعبنا أنفسنا اليوم وهذا ثغرمن الثغور خشيت أن يحدث حدث من أمر العد فأحببت أن استريح وآخذ أهبة فإن فاجئناالعدو كان بنا حراك. • وضيفه بعض أصحابه في بستان له وضيفنا معه فلما جلسناأعجب صاحب البستان بستانه وذلك أنه كان عمل مجالس فيه وأجرى الماء في أنهاره فقالله يا أبا عبد الله كيف ترى فقال هذه الحياة الدنيا. • وقال أحمد بن حفص: دخلتعلى أبي الحسن يعني إسماعيل والد أبي عبد الله عند موته فقال لا أعلم من مالي درهمامن حرام ولا درهما من شبهة قال أحمد فتصاغرت إلي نفسي عند ذلك ثم قال أبو عبد اللهأصدق ما يكون الرجل عند الموت. وكان الحسين بن محمد السمرقندي يقول كان محمد بنإسماعيل مخصوصا بثلاث خصال مع ما كان فيه من الخصال المحمودة كان قليل الكلام وكانلا يطمع فيما عند الناس وكان لا يشتغل بأمور الناس كل شغله كان في العلم. ________________________________________ عمله بالتجارة وعملالبخاري بالتجارة فكان مثالا للتاجر الصدوق الذي لا يغش ولا ينقض نيته مهما كانتالمغريات. روي أنه حملت إلى البخاري بضاعة أنفذها إليه ابنه أحمد فاجتمع بعضالتجار إليه فطلبوها بربح خمسة آلاف درهم فقال انصرفوا الليلة فجاءه من الغد تجارآخرون فطلبوا منه البضاعة بربح عشرة آلاف فقال إني نويت بيعها للذين أتوا البارحة. ________________________________________ ثناء الأئمة عليه قال أبوإسحاق السرماري: من أراد أن ينظر إلى فقيه بحقه وصدقه فلينظر إلى محمد بن إسماعيل. قال أبو جعفر سمعت يحيى بن جعفر يقول لو قدرت أن أزيد في عمر محمد بن إسماعيلمن عمري لفعلت فإن موتي يكون موت رجل واحد وموته ذهاب العلم. وكان نعيم بن حماديقول: محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة. قال مصعب الزهري محمد بن إسماعيل أفقهعندنا وأبصر بالحديث. وروي عن إسحاق بن راهويه أنه كان يقول اكتبوا عن هذاالشاب يعني البخاري فلو كان في زمن الحسن لاحتاج إليه الناس لمعرفته بالحديث وفقهه. وكان علي بن حجر يقول أخرجت خراسان ثلاثة أبو زرعة ومحمد بن إسماعيل وعبد اللهبن عبد الرحمن الدارمي ومحمد عندي أبصرهم وأعلمهم وأفقههم. وقال محمد بن أبيحاتم سمعت إبراهيم بن خالد المروزي يقول رأيت أبا عمار الحسين بن حريث يثني على أبيعبد الله البخاري ويقول لا أعلم أني رأيت مثله كأنه لم يخلق إلا للحديث. وقالمحمد حدثني حاتم بن مالك الوراق قال سمعت علماء مكة يقولون محمد بن إسماعيل إمامناوفقيهنا وفقيه خراسان. وقال أبو الطيب حاتم بن منصور الكسي يقول محمد بنإسماعيل آية من آيات الله في بصره ونفاذه من العلم. وقال سليم بن مجاهد يقول لوأن وكيعا وابن عيينة وابن المبارك كانوا في الأحياء لاحتاجوا إلى محمد بن إسماعيل. وروي عن قتيبة بن سعيد أنه قال لو كان محمد في الصحابة لكان آية. نظرت فيالحديث ونظرت في الرأي وجالست الفقهاء والزهاد والعباد ما رأيت منذ عقلت مثل محمدبن إسماعيل. وقال الإمام أحمد بن حنبل: لم يجئنا من خراسان مثل محمد بنإسماعيل. وقال أبو عبد الله الحاكم: محمد بن إسماعيل البخاري إمام أهل الحديث. قال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة: ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بحديث رسولالله وأحفظ له من محمد بن إسماعيل. قال محمد بن حمدون بن رستم سمعت مسلم بنالحجاج وجاء إلى البخاري فقال دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثينوطبيب الحديث في علله. وقال سعيد بن جعفر: سمعت العلماء بالبصرة يقولون ما فيالدنيا مثل محمد بن إسماعيل في المعرفة والصلاح. ________________________________________ من كرم البخاريوسماحته قال محمد بن أبي حاتم كانت له قطعة أرض يؤجرها كل سنة بسبع مائة درهمفكان ذلك المؤجر ربما حمل منها إلى أبي عبد الله قثاة أو قثاتين لأن أبا عبد اللهكان معجبا بالقثاء النضيج وكان يؤثره على البطيخ أحيانا فكان يهب للرجل مائة درهمكل سنة لحمله القثاء إليه أحيانا. قال وسمعته يقول كنت أستغل كل شهر خمس مائةدرهم فأنفقت كل ذلك في طلب العلم فقلت كم بين من ينفق على هذا الوجه وبين من كانخلوا من المال فجمع وكسب بالعلم حتى اجتمع له فقال أبو عبد الله: ما عند الله خيروأبقى (الشورى:36) وكان يتصدق بالكثير يأخذ بيده صاحب الحاجة من أهل الحديثفيناوله ما بين العشرين إلى الثلاثين وأقل وأكثر من غير أن يشعر بذلك أحد وكان لايفارقه كيسه. ويقول عبد الله بن محمد الصارفي: كنت عند أبي عبد الله البخاري فيمنزله فجاءته جارية وأرادت دخول المنزل فعثرت على محبرة بين يديه فقال لها: كيفتمشين؟ قالت إذا لم يكن طريق كيف أمشي فبسط يديه وقال لها اذهبي فقد أعتقتك. قالفقيل له فيما بعد يا أبا عبد الله أغضبتك الجارية قال إن كانت أغضبتني فإني أرضيتنفسي بما فعلت. ________________________________________ محنةالبخاري تعرض البخاري للامتحان والابتلاء، وكثيرا ما تعرض العلماء الصادقونللمحن فصبروا على ما أوذوا في سبيل الله، ولقد حسد البعض البخاري لما له من مكانةعند العلماء وطلاب العلم وجماهير المسلمين في كل البلاد الإسلامية، فأثاروا حولهالشائعات بأنه يقول بخلق القرآن، ولذلك قصة يرويها أبو أحمد بن عدي فيقول: ذكر ليجماعة من المشايخ أن محمد بن إسماعيل البخاري لما ورد نيسابور اجتمع الناس عليهفحسده بعض من كان في ذلك الوقت من مشايخ نيسابور لما رأوا إقبال الناس إليهواجتماعهم عليه. فقال لأصحاب الحديث: إن محمد بن إسماعيل يقول اللفظ بالقران مخلوقفامتحنوه في المجلس فلما حضر الناس مجلس البخاري قام إليه رجل فقال يا أبا عبد اللهما تقول في اللفظ بالقران مخلوق هو أم غير مخلوق فأعرض عنه البخاري ولم يجبه، فقالالرجل يا أبا عبد الله فأعاد عليه القول فأعرض عنه، ثم قال في الثالثة فالتفت إليهالبخاري وقال القرآن كلام الله غير مخلوق وأفعال العباد مخلوقة والامتحان بدعة فشغبالرجل وشغب الناس وتفرقوا عنه وقعد البخاري في منزله. وقالوا له بعد ذلك ترجععن هذا القول حتى نعود إليك قال لا أفعل إلا أن تجيئوا بحجة فيما تقولون أقوى منحجتي وأعجبني من محمد بن إسماعيل ثباته، وكان يقول أما أفعال العباد فمخلوقة فقدحدثنا علي بن عبد الله حدثنا مروان بن معاوية حدثنا أبو مالك عن ربعي عن حذيفة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يصنع كل صانع وصنعته. وبه قال وسمعتعبيد الله بن سعيد يقول سمعت يحيى بن سعيد يقول ما زلت أسمع أصحابنا يقولون إنأفعال العباد مخلوقة قال البخاري حركاتهم وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة فأماالقرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور المكتوب الموعى في القلوب فهو كلامالله ليس بمخلوق قال الله تعالى {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} (العنكبوت 49). وقال البخاري: القرآن كلام الله غير مخلوق ومن قال مخلوق فهوكافر. وقال أيضا: من زعم من أهل نيسابور وقومس والري وهمذان وحلوان وبغدادوالكوفة والبصرة ومكة والمدينة أني قلت لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب فإني لم أقلهإلا أني قلت أفعال العباد مخلوقة. وقال أحمد بن سلمة: دخلت على البخاري فقلت ياأبا عبد الله هذا رجل مقبول بخراسان خصوصا في هذه المدينة وقد لج في هذا الحديث حتىلا يقدرأحد منا أن يكلمه فيه فما ترى فقبض على لحيته ثم قال "وأفوض أمري إلى اللهإن الله بصير بالعباد" (غافر 44) اللهم إنك تعلم أني لم أرد المقام بنيسابور أشراولا بطرا ولا طلبا للرئاسة إنما أبت علي نفسي في الرجوع إلى وطني لغلبة المخالفينوقد قصدني هذا الرجل حسدا لما آتاني الله لا غير ثم قال لي يا أحمد إني خارج غدالتتخلصوا من حديثه لأجلي، فأخبرت جماعة أصحابنا فو الله ما شيعه غيري كنت معه حينخرج من البلد وأقام على باب البلد ثلاثة أيام لإصلاح أمره. وقال محمد بن أبيحاتم أتى رجل عبد الله البخاري فقال يا أبا عبد الله إن فلانا يكفرك فقال: " قالالنبي صلى الله عليه وسلم:" إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما" وكانكثير من أصحابه يقولون له إن بعض الناس يقع فيك فيقول "إن كيد الشيطان كان ضعيفا" (النساء 76)، ويتلو أيضا "ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله" (فاطر 43) فقال له عبدالمجيد بن إبراهيم كيف لا تدعو الله على هؤلاء الذين يظلمونك ويتناولونك ويبهتونك،فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم "اصبروا حتى تلقوني على الحوض" وقال صلى اللهعليه وسلم "من دعا على ظالمه فقد انتصر" ________________________________________ محنته مع أمير بخارى روىأحمد بن منصور الشيرازي قال سمعت بعض أصحابنا يقول لما قدم أبوعبد الله بخارى نصبتله القباب على فرسخ من البلد واستقبله عامة أهل البلد حتى لم يبق أحد إلا استقبلهونثر عليه الدنانير والدراهم والسكر الكثير فبقي أياما قال فكتب بعد ذلك محمد بنيحيى الذهلي إلى خالد بن أحمد أمير بخارى إن هذا الرجل قد أظهر خلاف السنة فقرأكتابه على أهل بخارى فقالوا لا نفارقه فأمره الأمير بالخروج من البلد فخرج. قالأحمد بن منصور فحكى لي بعض أصحابنا عن إبراهيم بن معقل النسفي قال رأيت محمد بنإسماعيل في اليوم الذي أخرج فيه من بخارى فتقدمت إليه فقلت يا أبا عبد الله كيف ترىهذا اليوم من اليوم الذي نثر عليك فيه ما نثر فقال لا أبالي إذا سلم ديني. ورويعن بكر بن منير بن خليد بن عسكر أنه قال: بعث الأمير خالد ابن أحمد الذهلي واليبخارى إلى محمد بن إسماعيل أن احمل إلي كتاب الجامع و التاريخ وغيرهما لأسمع منكفقال لرسوله أنا لا أذل العلم ولا أحمله إلى أبواب الناس فإن كانت لك إلى شيء منهحاجة فاحضر في مسجدي أو في داري وإن لم يعجبك هذا فإنك سلطان فامنعني من المجلسليكون لي عذر عند الله يوم القيامة لأني لا أكتم العلم لقول النبي صلى الله عليهوسلم "من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار" فكان سبب الوحشة بينهما هذا. ________________________________________ وفاة البخاري توفي البخاريـ رحمه الله ـ ليلة عيد الفطر سنة ست وخمسين وقد بلغ اثنتين وستين سنة، وروي في قصةوفاته عدة روايات منها: قال محمد بن أبي حاتم سمعت أبا منصور غالب بن جبريل وهوالذي نزل عليه أبو عبد الله يقول: إنه أقام عندنا أياما فمرض واشتد به المرض، فلماوافى تهيأ للركوب فلبس خفيه وتعمم فلما مشى قدر عشرين خطوة أو نحوها وأنا آخذ بعضدهورجل آخذ معي يقوده إلى الدابة ليركبها فقال رحمه الله أرسلوني فقد ضعفت فدعابدعوات ثم اضطجع فقضى رحمه الله فسال منه العرق شيء لا يوصف فما سكن منه العرق إلىأن أدرجناه في ثيابه وكان فيما قال لنا وأوصى إلينا أن كفنوني في ثلاثة أثواب بيضليس فيها قميص ولا عمامة ففعلنا ذلك فلما دفناه فاح من تراب قبره رائحة غالية أطيبمن المسك فدام ذلك أياما ثم علت سواري بيض في السماء مستطيلة بحذاء قبره فجعل الناسيختلفون ويتعجبون وأما التراب فإنهم كانوا يرفعون عن القبر حتى ظهر القبر ولم نكننقدر على حفظ القبر بالحراس وغلبنا على أنفسنا فنصبنا على القبر خشبا مشبكا لم يكنأحد يقدر على الوصول إلى القبر فكانوا يرفعون ما حول القبر من التراب ولم يكونوايخلصون إلى القبر وأما ريح الطيب فإنه تداوم أياما كثيرة حتى تحدث أهل البلدةوتعجبوا من ذلك وظهر عند مخالفيه أمره بعد وفاته وخرج بعض مخالفيه إلى قبره وأظهرواالتوبة والندامة مما كانوا شرعوا فيه من مذموم المذهب قال محمد بن أبي حاتم ولم يعشأبو منصور غالب بن جبريل بعده إلا القليل وأوصى أن يدفن إلى جنبه. وقال محمد بنمحمد بن مكي الجرجاني سمعت عبد الواحد بن آدم الطواويسي يقول رأيت النبي صلى اللهعليه وسلم في النوم ومعه جماعة من أصحابه وهو واقف في موضع فسلمت عليه فرد عليالسلام فقلت ما وقوفك يا رسول الله قال أنتظر محمد بن إسماعيل البخاري فلما كان بعدأيام بلغني موته فنظرت فإذا قد مات في الساعة التي رأيت النبي صلى الله عليه وسلمفيها. رحم الله الإمام البخاري رحمة واسعة وجزاه الله خيرا عن الإسلاموالمسلمين وعن حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم ). ـــــــــــــ المصادر: (1) سير أعلام النبلاء. (2) تاريخ بخارى. (3) مقدمة صحيحالبخاري. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]() الإمام النسائي صاحب السنن نسبه ونشأته هو الإمام الحافظ الثبت شيخالإسلام ناقد الحديث أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر الخراسانيالنسائي صاحب السنن. ولد بنسا في سنة 215هـ وطلب العلم في صغره فارتحل إلىقتيبة في سنة 230هـ فأقام عنده بمدينة بغلان سنة فأكثر عنه، ومن شيوخه إسحاق بنراهويه وهشام بن عمار ويروي عن رفقائه. ________________________________________ مكانته العلمية كان منبحور العلم مع الفهم والإتقان والبصر ونقد الرجال وحسن التأليف رحل في طلب العلم فيخراسان والحجاز ومصر والعراق والجزيرة والشام والثغور ثم استوطن مصر ورحل الحفاظإليه ولم يبق له نظير في هذا الشأن. حدث عنه أبو بشر الدولابي وأبو جعفرالطحاوي وأبو علي النيسابوري وغيرهم كثير. قال الحافظ ابن طاهر سألت سعد بن عليالزنجاني عن رجل فوثقه فقلت قد ضعفه النسائي فقال يا بني إن لأبي عبد الرحمن شرطافي الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم قلت صدق فإنه ليَّن جماعة من رجال صحيحيالبخاري ومسلم. قال الحاكم كلام النسائي على فقه الحديث كثير ومن نظر في سننهتحير في حسن كلامه، وقال ابن الأثير في أول جامع الأصول كان شافعيا له مناسك علىمذهب الشافعي وكان ورعا متحريا قيل إنه أتى الحارث بن مسكين في زي أنكره عليهقلنسوة وقباء وكان الحارث خائفا من أمور تتعلق بالسلطان فخاف أن يكون عينا عليهفمنعه فكان يجيء فيقعد خلف الباب ويسمع ولذلك ما قال حدثنا الحارث وإنما يقول قالالحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع. قال مأمون المصري المحدث خرجنا إلىطرسوس مع النسائي سنة الفداء فاجتمع جماعة من الأئمة عبد الله بن أحمد بن حنبلومحمد بن إبراهيم مربع وأبو الآذان فتشاوروا من ينتقي لهم على الشيوخ فأجمعوا علىأبي عبد الرحمن النسائي وكتبوا كلهم بانتخابه. وقال أبو طالب أحمد بن نصرالحافظ من يصبر على ما يصبر عليه النسائي عنده حديث ابن لهيعة ترجمة ترجمة يعني عنقتيبة عن ابن لهيعة قال فما حدث بها. ________________________________________ مناقبه وفضائله قال محمدبن المظفر الحافظ سمعت مشايخنا بمصر يصفون اجتهاد النسائي في العبادة بالليلوالنهار وأنه خرج إلى الفداء مع أمير مصر فوصف من شهامته وإقامته السنن المأثورة فيفداء المسلمين واحترازه عن مجالس السلطان الذي خرج معه والانبساط في المأكل وأنه لميزل ذلك دأبه إلى أن استشهد بدمشق من جهة الخوارج. ________________________________________ ثناء العلماء عليه قالالحافظ أبو علي النيسابوري:الإمام في الحديث بلا مدافعة أبو عبد الرحمن النسائي. وقال أبو الحسن الدار قطني أبو عبد الرحمن مقدم على كل من يذكر بهذا العلم منأهل عصره. وقال الدار قطني كان أبو بكر بن الحداد الشافعي كثير الحديث ولم يحدثعن غير النسائي وقال رضيت به حجة بيني وبين الله تعالى قال أبو سعيد ابن يونسفي تاريخه كان أبو عبد الرحمن النسائي إماما حافظا ثبتا. قال أبو عبد الله بنمنده الذين أخرجوا الصحيح وميزوا الثابت من المعلول والخطأ من الصواب أربعة البخاريومسلم وأبو داود وأبو عبد الرحمن النسائي. ________________________________________ وفاته روى أبو عبد الله بنمندة عن حمزة العقبي المصري وغيره أن النسائي خرج من مصر في آخر عمره إلى دمشق فسئلبها عن معاوية وما جاء في فضائله فقال لا يرضى رأسا برأس حتى يفضل قال فما زالوايدفعون في حضنيه حتى أخرج من المسجد ثم حمل إلى مكة فتوفي بها كذا قال وصوابه إلىالرملة. وقال الدار قطني خرج حاجا فامتحن بدمشق وأدرك الشهادة فقال احملوني إلىمكة فحمل وتوفي بها وهو مدفون بين الصفا والمروة وكانت وفاته في شعبان سنة 303هـقال وكان أفقه مشايخ مصر في عصره وأعلمهم بالحديث والرجال. ________________________________________ تراث النسائي ترك النسائيمجموعة من الكتب أهمها كتاب السنن وهو الذي عرف به وجاء في سير أعلام النبلاء عنكتبه الأخرى " قد صنف مسند علي وكتابا حافلا في الكنى وأما كتاب خصائص علي فهو داخلفي سننه الكبير وكذلك كتاب عمل اليوم والليلة وهو مجلد هو من جملة السنن الكبير فيبعض النسخ وله كتاب التفسير في مجلد وكتاب الضعفاء وأشياء والذي وقع لنا من سننه هوالكتاب المجتنى منه انتخاب أبي بكر بن السني سمعته ملفقا من جماعة سمعوه من ابنباقا بروايته عن أبي زرعة المقدسي سماعا لمعظمه وإجازة لفوت له محدد في الأصل. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]() أبو زرعة الرازي سيدالحفاظ وصفه كتاب التراجم والسير بأنه سيد الحفاظ لقوة حفظه التي تميز بها بينأقرانه من أهل الحديث إنه المحدث الإمام أبو زرعة الرازي الذي يقول عن نفسه: "أحفظ مائتي ألف حديث كما يحفظ الإنسان قل هو الله أحد (سورة الإخلاص). ________________________________________ نسبه ونشأته هو الإمام سيدالحفاظ عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ محدث الري ودخول الزاي في نسبتهغير مقيس كالمروزي، ولد سنة 210هـ بدأ طلب العلم وهو حدث فارتحل من الري وهوابن ثلاث عشرة سنة وأقام بالكوفة عشرة أشهر ثم رجع إلى الري ثم خرج في رحلتهالثانية وغاب عن وطنه أربع عشرة سنة وجلس للتحديث وهو ابن اثنتين وثلاثين سنةوارتحل إلى الحجاز والشام ومصر والعراق والجزيرة وخراسان ليتعلم على عدد من علماءالحديث، ومن شيوخه أحمد بن يونس اليربوعي والحسن بن بشر. وروي عن ابن مهديالرازي المعمر قال: هذا الشيخ عندي صدوق فانه قال رأيت أبا زرعة الرازي فقلت له كيفرأيته فقال أسود اللحية نحيف أسمر وهذه صفة أبي زرعة. ________________________________________ قوة حفظه قال صالح بن محمدجزرة سمعت أبا زرعة يقول كتبت عن إبراهيم ابن موسى الرازي مائة ألف حديث وعن أبيبكر بن أبي شيبة مائة ألف فقلت له بلغني أنك تحفظ مائة ألف حديث تقدر أن تملي عليألف حديث من حفظك قال لا ولكن إذا ألقي علي عرفت. وسئل أبو زرعة عن رجل حلفبالطلاق أن أبا زرعة يحفظ مائتي ألف حديث هل حنث فقال: لا، ثم قال أبو زرعة أحفظمائتي ألف حديث كما يحفظ الإنسان قل هو الله أحد (سورة الإخلاص) وفي المذاكرة ثلاثمائة ألف حديث. وروي عن محمد بن مسلم قال: كنت عند إسحاق بنيسابور فقال رجل منالعراق سمعت أحمد بن حنبل يقول صح من الحديث سبع مائة ألف حديث وكسر وهذا الفتىيعني أبا زرعة قد حفظ ست مائة ألف حديث. وعن ابن عدي قال:سمعت أبا يعلى الموصلييقول ما سمعنا بذكر أحد في الحفظ إلا كان اسمه أكبر من رؤيته إلا أبا زرعة الرازيفإن مشاهدته كانت أعظم من اسمه وكان قد جمع حفظ الأبواب والشيوخ والتفسير كتبنابانتخابه بواسط ستة آلاف حديث. وقال الحاكم سمعت الفقيه أبا حامد أحمد بن محمدسمعت أبا العباس الثقفي يقول لما انصرف قتيبة بن سعيد إلى الري سألوه أن يحدثهمفامتنع فقال: أحدثكم بعد أن حضر مجلسي أحمد وابن معين وابن المديني وأبو بكر بن أبيشيبة وأبو خيثمة قالوا له فإن عندنا غلاما يسرد كل ما حدثت به مجلسا مجلسا قم ياأبا زرعة قال فقام فسرد كل ما حدث به قتيبة فحدثهم قتيبة. وقال سعيد بن عمروالحافظ سمعت أبا زرعة يقول دخلت البصرة فحضرت سليمان الشاذ كوني يوم الجمعة فروىحديثا فرددت عليه ثم قال حدثنا ابن أبي غنية عن أبيه عن سعد ابن إبراهيم عن نافع بنجبير قال: [لا حلف في الإسلام] فقلت هذا وهم وهم فيه إسحاق بن سليمان وإنما هو سعدعن أبيه عن جبير قال من يقول هذا قلت حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا أبن أبي غنيةفغضب ثم قال لي ما تقول فيمن جعل الأذان مكان الإقامة قلت يعيد قال: من قال هذا قلتالشعبي قال من عن الشعبي قلت حدثنا قبيصة عن سفيان عن جابر عن الشعبي قال ومن غيرهذا قلت إبراهيم وحدثنا أبو نعيم حدثنا منصور بن أبي الأسود عن مغيرة عنه قال أخطأتقلت حدثنا أبو نعيم حدثنا جعفر الأحمر حدثنا مغيرة قال أخطأت قلت حدثنا أبو نعيمحدثنا أبو كدينة عن مغيرة قال أصبت ثم قال أبو زرعة اشتبه علي وكتبت هذه الأحاديثالثلاثة عن أبي نعيم فما طالعتها منذ كتبتها ثم قال وأي شيء غير هذا قلت معاذ بنهشام عن أشعث عن الحسن قال هذا سرقته مني وصدق كان ذاكرني به رجل ببغداد فحفظتهعنه. ________________________________________ ثناء العلماءعليه قال أبو بكر الخطيب: كان إماما ربانيا حافظا متقنا مكثرا جالس أحمد بن حنبلوذاكره وحدث عنه. وقال ابن أبي شيبة ما رأيت أحفظ من أبي زرعة. وقال محمدبن إسحاق الصاغاني: أبو زرعة يشبه بأحمد بن حنبل. وقال علي بن الحسين بن الجنيدما رأيت أحدا أعلم بحديث مالك ابن أنس مسندها ومنقطعها من أبي زرعة وكذلك سائرالعلوم. قال ابن أبي حاتم سئل أبي عن أبي زرعة فقال إمام. قال عمر بن محمدبن إسحاق القطان سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل سمعت أبي يقول ما جاوز الجسر أحدأفقه من إسحاق بن راهويه ولا أحفظ من أبي زرعة. وقال إسحاق بن راهويه: كل حديثلا يعرفه أبو زرعة الرازي فليس له أصل. قال ابن أبي حاتم سمعت يونس بن عبدالأعلى يقول: ما رأيت أكثر تواضعا من أبي زرعة هو وأبو حاتم إماما خراسان. وقالابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن أحمد سمعت أحمد بن حنبل يدعو الله لأبي زرعة وسمعت عبدالواحد بن غياث يقول ما رأى أبو زرعة مثل نفسه. ابن عدي سمعت القاسم بن صفوانسمعت أبا حاتم يقول أزهد من رأيت أربعة آدم بن أبي إياس وثابت بن محمد الزاهد وأبوزرعة الرازي وذكر آخر. قال النسائي: أبو زرعة رازي ثقة. وقال إسحاق بنإبراهيم بن عبد الحميد القرشي سمعت عبد الله بن أحمد يقول ذاكرت أبي ليلة الحفاظفقال يا بني قد كان الحفظ عندنا ثم تحول إلى خراسان إلى هؤلاء الشباب الأربعة قلتمن هم قال أبو زرعه ذاك الرازي ومحمد بن إسماعيل ذاك البخاري وعبد الله بن عبدالرحمن ذاك السمرقندي والحسن بن شجاع ذاك البلخي قلت يا أبه فمن أحفظ هؤلاء قال أماأبو زرعة فأسردهم وأما البخاري فأعرفهم وأما عبد الله يعني الدارمي فأتقنهم وأماابن شجاع فأجمعهم للأبواب. ________________________________________ مواقف من حياته قال أبوعلي جزرة قال لي أبو زرعة مر بنا إلى سليمان الشاذكوني نذاكره قال فذهبنا فما زاليذاكره حتى عجز الشاذكوني عن حفظه فلما أعياه ألقى عليه حديثا من حديث الرازيين فلميعرفه أبو زرعة فقال سليمان يا سبحان الله حديث بلدك هذا مخرجه من عندكم وأبو زرعةساكت والشاذكوني يخجله ويري من حضر أنه قد عجز فلما خرجنا رأيت أبا زرعة قد اغتمويقول لا أدري من أين جاء بهذا فقلت له وضعه في القوت كي تعجز و تخجل قال هكذا قلتنعم فسري عنه. **** وروي عن ابن عدي سمعت محمد بن إبراهيم المقرئ سمعت فضلكالصائغ يقول دخلت المدينة فصرت إلى باب أبي مصعب فخرج إلي شيخ مخضب وكنت ناعسافحركني وقال: من أين أنت أي شيء تنام، قلت: أصلحك الله أنا من الريّ، فقال: تركتأبا زرعة وجئتني لقيت مالكا وغيره فما رأت عيناي مثل أبي زرعة. قال ودخلت علىالربيع بمصر فقال من أين قلت من الري قال تركت أبا زرعة وجئت إن أبا زرعة آية وإنالله إذا جعل إنسانا آية أبانه من شكله حتى لا يكون له ثان *** وقال أبونعيم بن عدي سمعت ابن خراش يقول كان بيني وبين أبي زرعة موعد أن أبكر عليه فأذاكرهفبكرت فمررت بأبي حاتم وهو قاعد وحده فأجلسني معه يذاكرني حتى أضحى النهار فقلتبيني وبين أبي زرعة موعد فجئت إلى أبي زرعة والناس منكبون عليه فقال لي تأخرت عنالموعد قلت بكرت فمررت بهذا المسترشد فدعاني فرحمته لوحدته وهو أعلى إسنادا منك. *** وروي عن محمد بن مسلم بن وارة قال: رأيت أبا زرعة في المنام فقلت له ماحالك قال أحمد الله على الأحوال كلها إني حضرت فوقفت بين يدي الله تعالى فقال لي ياعبيد الله لم تذرعت في القول في عبادي قلت يا رب إنهم حاولوا دينك فقال صدقت ثم أتيبطاهر الخلقاني فاستعديت عليه إلى ربي فضرب الحد مائة ثم أمر به إلى الحبس ثم قالألحقوا عبيد الله بأصحابه وبأبي عبد الله وأبي عبد الله وأبي عبد الله سفيان ومالكوأحمد بن حنبل. *** قال أبو الحسن البناني حدثنا محمد بن علي بن الهيثمالفسوي قال لما قدم حمدون البرذعي على أبي زرعة لكتابة الحديث دخل فرأى في دارهأواني وفرشا كثيرة وكان ذلك لأخيه قال فهم أن يرجع ولا يكتب فلما كان من الليل رأىكأنه على شط بركة ورأى ظل شخص في الماء فقال أنت الذي زهدت في أبي زرعة أما علمت أنأحمد بن حنبل كان من الأبدال فلما مات أبدل الله مكانه أبا زرعة. *** وسمعتأبا زرعة يقول إذا انفرد ابن إسحاق بالحديث لا يكون حجة ثم روى له حديث القراءة خلفالإمام وسمعته يقول كان الحوضي وعلي بن الجعد وقبيصة يقدرون على الحفظ يجيؤونبالحديث بتمام وذكر عن قبيصة كأنه يقرأ من كتاب، قلت يعجبني كثيرا كلام أبي زرعة فيالجرح والتعديل يبين عليه الورع بخلاف رفيقه أبي حاتم فإنه جراح، أخبرنا أبو عليالحسن بن علي ومحمد بن الحسين الفقيه وإبراهيم بن عبد الرحمن الشاهد وست القضاة بنتيحيى قراءة قالوا أخبرتنا كريمة بنت عبد الوهاب القرشية أخبرنا أبو الخير محمد بنأحمد بن محمد الباغبان في كتابه أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن أبي عبد الله بنمنده أخبرنا أبي أخبرنا محمد بن الحسين النيسابوري حدثنا أبو زرعة الرازي حدثنايحيى بن عبد الله بن بكير حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن موسى بن عقبة عن عبد اللهبن دينار عن ابن عمر قال كان من دعاء النبي (صلى الله عليه وسلم) اللهم إني أعوذ بكمن زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجأة نقمتك وجميع سخطك، أخرجه مسلم عن أبي زرعهفوافقناه بعلو درجة. ________________________________________ وفاته قال أبو جعفر محمدبن علي وراق أبي زرعة حضرنا أبا زرعة وهو يحتضر بماشهران وهو في السوق حدثنا بنداروعنده أبو حاتم وابن وارة والمنذر بن شاذان وغيرهم فذكروا حديث التلقين لقنواموتاكم لا إله إلا الله واستحيوا من أبي زرعة أن يلقنوه فقالوا تعالوا نذكر الحديثفقال ابن وارة حدثنا أبو عاصم حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن صالح وجعل يقول ابن أبيولم يجاوزه وقال أبو حاتم حدثنا بندار حدثنا أبو عاصم عن عبد الحميد بن جعفر عنصالح ولم يجاوز والباقون سكتوا فقال أبو زرعة وهو في السوق حدثنا أبو عاصم حدثناعبد الحميد عن صالح بن أبي عريب عن كثير بن مرة عن معاذ ابن جبل قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) [من كان آخر كلامه لا اله إلا الله دخل الجنة وتوفي رحمهالله] قال أبو الحسين بن المنادي وأبو سعيد بن يونس توفي أبو زرعة الرازي فيآخر يوم من سنة أربع وستين ومائتين ومولده كان في سنة مائتين. وذكر إبراهيم بنحرب العسكري أنه رأى أبا زرعة الرازي بالمنام وهو يؤم الملائكة في السماء الرابعةفقلت بم نلت هذه المنزلة قال برفع اليدين في الصلاة عند الركوع وعند الرفع منه. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||
|
![]() الليث بن سعد الإمام الحافظ منأشهر الفقهاء في زمانه فاق في علمه وفقهه إمام المدينة الإمام مالك غير أن تلامذتهلم يقوموا بتدوين علمه وفقهه ونشره في الآفاق مثلما فعل تلامذة الإمام مالك، وكانالإمام الشافعي يقول: الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به.إنه الإمامالليث بن سعد ابن عبد الرحمن الإمام الحافظ شيخ الإسلام وعالم الديار المصرية ولدبقرقشندة وهي قرية من أسفل أعمال مصر في سنة أربع وتسعين للهجرة. ________________________________________ طلبه للعلم تلقى الليثالعلم على عدد من كبار علماء عصره، فسمع من عطاء بن أبي رباح وابن أبى مليكة ونافعاالعمري وسعيد بن أبي سعيد المقبري وابن شهاب الزهري وأبا الزبير المكي وغيرهم كثير. وفي عدة روايات يصف الليث رحلاته في طلب العلم: قال ابن بكير سمعت الليث يقولسمعت بمكة سنة ثلاث عشرة ومائة من الزهري وأنا ابن عشرين سنة. قال يحيى بن بكيرأخبرني من سمع الليث يقول كتبت من علم ابن شهاب علما كثيرا وطلبت ركوب البريد إليهإلى الرصافة فخفت أن لا يكون ذلك لله فتركته ودخلت على نافع فسألني فقلت أنا مصريفقال ممن قلت من قيس قال ابن كم قلت ابن عشرين سنة قال أما لحيتك فلحية ابن أربعينقال أبو صالح خرجت مع الليث إلى العراق سنة إحدى وستين ومائة خرجنا في شعبان وشهدناالأضحى ببغداد قال وقال لي الليث ونحن ببغداد سل عن منزل هشيم الواسطي فقل له أخوكليث المصري يقرئك السلام ويسألك أن تبعث إليه شيئا من كتبك فلقيت هشيما فدفع إليشيئا فكتبنا منه وسمعتها مع الليث. ________________________________________ مكانته العلمية يقولالحافظ أبو نعيم: كان الليث رحمه الله فقيه مصر ومحدثها ومحتشمها ورئيسها ومن يفتخربوجوده الإقليم بحيث إن متولي مصر وقاضيها وناظرها من تحت أوامره ويرجعون إلى رأيهومشورته ولقد أراده المنصور على أن ينوب له على الإقليم فاستعفى من ذلك. ولليثأحاديث كثيرة في كتب الصحاح، ومن الأحاديث التي رويت عن الليث ما رواه الترمذي قالحدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سنان عن أنس بن مالك أن رسول الله (صلىالله عليه وسلم) [قال يكون بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيهامؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع أقوام دينهم بعرض من الدنيا] قال أبو صالح كان الليث يقرأ بالعراق من فوق على أصحاب الحديث والكتاب بيديفإذا فرغ رميت به إليهم فنسخوه. قال ابن سعد كان الليث قد استقل بالفتوى فيزمانه. روى عبد الملك بن شعيب عن أبيه قال قيل لليث أمتع الله بك إنا نسمع منكالحديث ليس في كتبك فقال أو كل ما في صدري في كتبي لو كتبت ما في صدري ما وسعه هذاالمركب. وقال عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول أصح الناس حديثا عن سعيد المقبريالليث بن سعد يفصل ما روي عن أبي هريرة وما روي عن أبيه عن أبي هريرة هو ثبت فيحديثه جدا. ومما يروى عنه أيضا عن الليث بن سعد عن هشام بن عروة عن أبيه عنأسماء بنت أبي بكر قالت لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما مسندا ظهره إلى الكعبةيقول يا معشر قريش والله ما فيكم أحد على دين إبراهيم غيري وكان يحيى الموؤدة يقولالرجل إذا أراد أن يقتل أبنته مه لا تقتلها أنا أكفيك مؤنتها فيأخذها فإذا ترعرعتقال لأبيها إن شئت دفعتها إليك وإن شئت كفيتك مؤنتها ولليث أسانيد إلى أبيهريرة ومنها: عن الليث عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله (صلىالله عليه وسلم) [قال إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة] ________________________________________ مناقبه وفضائله قال ابنبكير: كان الليث فقيه البدن عربي اللسان يحسن القرآن والنحو ويحفظ الحديث والشعرحسن المذاكرة. روي عن شرحبيل بن جميل قال أدركت الناس أيام هشام الخليفة وكانالليث بن سعد حدث السن وكان بمصر عبيد الله بن أبي جعفر وجعفر بن ربيعة والحارث بنيزيد ويزيد بن أبي حبيب وابن هبيرة وإنهم يعرفون لليث فضله وورعه وحسن إسلامه عنحداثة سنة ثم قال ابن بكير لم أر مثل الليث، وروى عبد الملك بن يحيى بن بكير عنأبيه قال ما رأيت أحدا أكمل من الليث. *** قال عثمان بن صالح: كان أهل مصرينتقصون عثمان حتى نشأ فيهم الليث فحدثهم بفضائله فكفوا وكان أهل حمص ينتقصون علياحتى نشأ فيهم إسماعيل بن عياش فحدثهم بفضائل علي فكفوا عن ذلك، وروي عن حرملة يقولكان الليث بن سعد يصل مالكا بمائة دينار في السنة فكتب مالك إليه علي دين فبعث إليهبخمس مائة دينار فسمعت ابن وهب يقول كتب مالك إلى الليث إني أريد أن أدخل بنتي علىزوجها فأحب أن تبعث لي بشيء من عصفر فبعث إليه بثلاثين حملا عصفرا فباع منه بخمسمائة دينار وبقي عنده فضله، قال أبو داود قال قتيبة كان الليث يستغل عشرين ألفدينار في كل سنة وقال ما وجبت علي زكاة قط وأعطى الليث ابن لهيعة ألف دينار وأعطىمالكا ألف دينار وأعطى منصور بن عمار الواعظ ألف دينار وجارية تساوى ثلاث مائةدينار. قال صالح بن أحمد الهمذاني: قدم منصور بن عمار على الليث فوصله بألفدينار واحترقت دار ابن لهيعة فوصله بألف دينار ووصل مالكا بألف دينار وكساني قميصسندس فهو عندي. وروي عن محمد بن رمح يقول كان دخل الليث بن سعد في كل سنةثمانين ألف دينار ما أوجب الله عليه زكاة درهم قط، *** وروي عن أشهب بن عبدالعزيز يقول كان الليث له كل يوم أربعة مجالس يجلس فيها أما أولها فيجلس للسلطان فينوائبه وحوائجه وكان الليث يغشاه السلطان فإذا أنكر من القاضي أمرا أو من السلطانكتب إلى أمير المؤمنين فيأتيه العزل ويجلس لأصحاب الحديث وكان يقول نجحوا أصحابالحوانيت فإن قلوبهم معلقة بأسواقهم ويجلس للمسائل يغشاه الناس فيسألونه ويجلسلحوائج الناس لا يسأله أحد فيرده كبرت حاجته أو صغرت وكان يطعم الناس في الشتاءالهرائس بعسل النحل وسمن البقر وفي الصيف سويق اللوز في السكر *** وروي عنيعقوب ابن داود وزير المهدي قال:قال أمير المؤمنين لما قدم الليث العراق الزم هذاالشيخ فقد ثبت عندي أنه لم يبق أحد أعلم بما حمل منه. وكان الليث بن سعد يقولبلغت الثمانين وما نازعت صاحب هوى قط، ويعلق الحافظ أبو نعيم على قوله فيقول: كانتالأهواء والبدع خاملة في زمن الليث ومالك والأوزاعي والسنن ظاهرة عزيزة فأما في زمنأحمد بن حنبل وإسحاق وأبي عبيد فظهرت البدعة وامتحن أئمة الأثر ورفع أهل الأهواءرؤوسهم بدخول الدولة معهم فاحتاج العلماء إلى مجادلتهم بالكتاب والسنة ثم كثر ذلكواحتج عليهم العلماء أيضا بالمعقول فطال الجدال واشتد النزاع وتولدت الشبة نسألالله العافية. *** قال بكر بن مضر قدم علينا كتاب مروان بن محمد إلى حوثرةوالى مصر إني قد بعثت إليكم أعرابيا بدويا فصيحا من حاله ومن حاله فأجمعوا له رجلايسدده في القضاء ويصوبه في المنطق فأجمع رأي الناس على الليث بن سعد وفي الناسمعلماه يزيد بن أبي حبيب وعمرو بن الحارث، قال أحمد بن صالح أعضلت الرشيد مسألةفجمع لها فقهاء الأرض حتى أشخص الليث فأخرجه منها. ________________________________________ مواقف من حياته قال الحسنبن يوسف بن مليح سمعت أبا الحسن الخادم قال كنت غلاما لزبيدة (زوجة الرشيد) وأتيبالليث بن سعد تستفتيه فكنت واقفا على رأس ستي زبيدة خلف الستارة فسأله الرشيد فقالله حلفت إن لي جنتين فاستحلفه الليث ثلاثا إنك تخاف الله فحلف له فقال: قال الله: {ولمن خاف مقام ربه جنتان} (الرحمن:16) فأقطعه الرشيد قطائع كثيرة بمصر. *** وروي عن الليث قال: قال لي أبو جعفر المنصور تلي لي مصر قلت لا يا أميرالمؤمنين إني أضعف عن ذلك إني رجل من الموالي فقال ما بك ضعف معي ولكن ضعفت نيتك فيالعمل لي. *** قال وجاءت امرأة إلى الليث فقالت يا أبا الحارث إن ابنا ليعليلاً واشتهى عسلا فقال يا غلام أعطها مرطا من عسل والمرط عشرون ومائة رطل. *** وعن الحارث بن مسكين قال اشترى قوم من الليث ثمرة فاستغلوها فاستقالوافأقالهم ثم دعا بخريطة فيها أكياس فأمر لهم بخمسين دينارا فقال له ابنه الحارث فيذلك فقال اللهم غفرا إنهم قد كانوا أملوا فيها أملا فأحببت أن أعوضهم من أملهمبهذا. *** وروي عن الليث قال لما ودعت أبا جعفر المنصور ببيت المقدس قالأعجبني ما رأيت من شدة عقلك والحمد لله الذي جعل في رعيتي مثلك قال شعيب كان أبييقول لا تخبروا بهذا ما دمت حيا. *** قال يحيى بن بكير: قال الليث: قال ليالمنصور تلي مصر؛ فاستعفيت قال أما إذا أبيت فدلني على رجل أقلده مصر قلت عثمان ابنالحكم الجذامي رجل له صلاح وله عشيرة. قال: فبلغ عثمان ذلك فعاهد الله ألا يكلمالليث. *** وروي عن سعيد الآدم قال مررت بالليث بن سعد فتنحنح فرجعت إليهفقال لي يا سعيد خذ هذا القنداق فاكتب لي فيه من يلزم المسجد ممن لا بضاعة له ولاغلة. فقلت: جزاك الله خيرا يا أبا الحارث. وأخذت منه القنداق ثم صرت إلى المنزلفلما صليت أوقدت السراج وكتبت بسم الله الرحمن الرحيم ثم قلت فلان بن فلان ثمبدرتني نفسي. فقلت: فلان بن فلان. قال فبينا أنا على ذلك إذا أتاني آت فقال هاللهيا سعيد تأتي إلى قوم عاملوا الله سرا فتكشفهم لآدمي ما الليث وما شعيب أليس مرجعهمإلى الله الذي عاملوه. فقمت ولم أكتب شيئا، فلما أصبحت أتيت الليث فتهلل وجههفناولته القنداق فنشره فما رأى فيه غير بسم الله الرحمن الرحيم فقال: ما الخبرفأخبرته بصدق عما كان فصاح صيحة فاجتمع عليه الناس من الحلق فسألوه فقال ليس إلاخير ثم أقبل علي فقال يا سعيد تبينتها وحرمتها صدقت ما الليث وما شعيب أليس مرجعهمإلى الله. *** عن أبي صالح كاتب الليث قال كنا على باب مالك فامتنع عنالحديث فقلت ما يشبه هذا صاحبنا فسمعها مالك فأدخلنا وقال من صاحبكم قلت الليث قالتشبهونا برجل كتبت إليه في قليل عصفر نصبغ به ثياب صبياننا فأنفذ منه ما بعنا فضلتهبألف دينار. ________________________________________ ثناء العلماءعليه كان الإمام الشافعي يقول: الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به. وقال ابن وهب: لولا مالك والليث لضل الناس. وقال عبد الله بن صالح: صحبتالليث عشرين سنة لا يتغدى ولا يتعشى إلا مع الناس وكان لا يأكل إلا بلحم إلا أنيمرض. وقال أحمد بن سعد الزهري: سمعت أحمد بن حنبل يقول الليث ثقة ثبت، وقالأيضا: الليث كثير العلم صحيح الحديث وقال عثمان الدارمي: سمعت يحيى بن معينيقول الليث أحب إلي من يحيى بن أيوب ويحيى ثقة قلت فكيف حديثه عن نافع فقال صالحثقة. وعن أحمد بن صالح وذكر الليث فقال: إمام قد أوجب الله علينا حقه لم يكنبالبلد بعد عمرو بن الحارث مثله. قال ابن سعد: استقل الليث بالفتوى وكان ثقةكثير الحديث سريا من الرجال سخيا له ضيافة وقال العجلي والنسائي: الليث ثقة. وقال ابن خراش: صدوق صحيح الحديث. وروي عن يحيى بن معين قال: هذه رسالةمالك إلى الليث حدثنا بها عبد الله بن صالح يقول فيها وأنت في إمامتك وفضلك ومنزلتكمن أهل بلدك وحاجة من قبلك إليك واعتمادهم على ما جاءهم منك. وقال يحيى بنبكير: الليث أفقه من مالك ولكن الحظوة لمالك رحمه الله. قال علي بن المدينيالليث ثبت. قال العلاء بن كثير الليث بن سعد سيدنا وإمامنا وعالمنا. ________________________________________ وفاته قال يحيى بن بكيروسعيد بن أبي مريم مات الليث للنصف من شعبان سنة خمس وسبعين ومائة قال يحيى يومالجمعة وصلى عليه موسى بن عيسى. قال خالد بن عبد السلام الصدفي شهدت جنازةالليث بن سعد مع والدي فما رأيت جنازة قط أعظم منها رأيت الناس كلهم عليهم الحزنوهم يعزي بعضهم بعضا ويبكون فقلت يا أبت كأن كل واحد من الناس صاحب هذه الجنازةفقال بابني لا ترى مثله أبدا. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||
|
![]()
|
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
المحدثون, الإسلام, عظماء, والفقهاء |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc