س/ كيف تكون من حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أتباعه حقًا ؟لن تكون من حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى تدعو إلى الله بمنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصيرة، بموعظة حسنة، فالمنهج توقيفي،، قد تختلف وسائله باختلاف الزمان والمكان لكن لاتختلف أصوله باختلاف الزمان والمكان ،
1- قال تعالي﴿ادع إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل: 125]
2- قال تعالى ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159]،
3- قال تعالى ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طـه: 43، 44] ، هذه أصول المنهج الدعوي، وحياة النبي صلي الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله تطبيقٌ عمليٌّ لهذه الأصول.
س/ أذكر مثالاً يبين كيف كانت دعوة النبي صلي الله عليه وسلم بالموعظة الحسنه ؟1-ما جاء في حديث الأعرابي الذي وقف في مسجد النبي صلي الله عليه وسلم وبال إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي حضرته الشريفة صلى الله عليه وسلم، ويقول الصحابة مه مه، ماذا تصنع أيها الرجل ؟ والرسول صلى الله عليه وسلم سيد الدعاة يقول ( لا تزرموه ) ، أي لا تقطعوا عليه بولته ، حتى يقضي الرجل حاجته فيُنادي عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم ويقول له إن المساجد لا تصلح لشيءٍ من هذا، إنما جُعلت للصلاة ولذكر الله وقراءة القرآن، ويأمر النبي صحابيًّا فيأتي الصحابي بدلو من الماء فيشنه على أثر البول ويطهر المكان , وانفعل هذا الأعرابي بهذا الخلق الكريم فدخل الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دعا الله بهذا الدعوة التي سمعها النبي صلى الله عليه وسلم، سمع الأعرابي يقول "اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا"، لم يجامله النبي صلى الله عليه وسلم على حساب المنهج أيضًا، وإنما لما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته قال ( لقد حجرت واسعًا )، يعني لم تضيق ما وسع الله تبارك وتعالى؟ والله جلّ وعلا يقول ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [الأعراف: 156].
س/ أذكر أمثله تبين رحمة الله بعباده من غير المسلمين ؟1-من ذلك قول قتادة في تعليقه على قول الله لموسى وهارون على نبينا وعليهما الصلاة والسلام ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾ [طـه: 43 لأن فرعون كان يدعي النبوة ومع ذلك يأمر الله موسى وهارون نبيين كريمين أن يقولا لفرعون قولا لينًا، فقال قتادة "يا رب ما أحلمك ، تأمر موسى وهارون أن يقولا لفرعون قولا لينًا، فإن كان هذا حلمك بفرعون الذي قال أنا ربكم الأعلى، فكيف يكون حلمك بعبدٍ قال سبحان ربي الأعلى" ،
2-ولقد دخلت بغيٌّ من بغايا بني إسرائيل الجنة في كلب، كان يلهث الثرى من العطش فعادت إلى بئر ماء فملأت موقها ماءً وقدمت للكلب فشرب، فغفر الله لها بذلك.
س/ لماذا استطاع أهل الباطل أن يجذبوا الناس إلى باطلهم ؟ ولم يستطع أهل الحق أن يجذبوا الناس إلى الحق ؟ذلك لخلل في أسلوبنا في البلاغ عن الله تبارك وتعالى، فالدعوة فن ، لا يجوز للداعية أن يتجاوز أصوله التي حددها القرآن ، ولأننا لا نحسن أن نشهد لهذا الحق شهادة خلقية عملية على أرض الواقع، ولا نحسن أن نبلغ هذا الحق لأهل الأرض بحق، هذه هي المشكلة، وإن الباطل مع غيرنا، لكنه يحسن أن يلبس الباطل ثوب الحق، ويحسن أن يصل بالباطل إلى حيث ينبغي أن يصل الحق، وحينئذٍ ينزوي حقنا ويضعف كأنه مغلوب، كما هو الواقع، وينتفخ الباطل وينتفش كأنه غالب، كما هو الواقع .
س/ كيف ندعو الناس ؟ كيف نبلغ الحق لأهل الأرض بحق ؟لأننا لا نتعامل مع ملائكة بررة، ولا مع شياطين مردة، ولا مع أحجار صلبة، بل نتعامل مع نفوس بشرية فيها الإقبال والإحجام، فيها الخير والشر، فيها الحلال والحرام، فيها الفجور والتقوى، فيها الطاعة والمعصية، أولم يقل خالق النفس البشرية جلّ وعلا ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾ [الشمس: 7، 8]، فلنتعامل مع النفس البشرية من هذا المنطلق، لنسبر أغوراها، لنتغلغل إلى أعماقها، ولن يكون ذلك إلا بالحكمة البالغة والموعظة الحسنة ,
1- والنبي صلي الله عليه وسلم يقول لعلي رضي الله عنه كما في الصحيحين من حديث سهل ابن سعد وفيه أنه قال ( لأن يهدي الله بك رجلا واحدًا خير لك من حمر النعم ) ، 2-ويقول تعالي: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ﴾ [إبراهيم: 25
س/ ما هي وسائل الدعوة إلي الله ؟يستطع الإنسان أن يبلغ غيره بلسانه بكلمة رقيقة بالأدلة أو بلسان غيره من أهل العلم بشريط أو بكتيب أو بمطوية، بتخصيص جزءٍ من ماله ، بتكثير سواد المسلمين في المساجد في المحاضرات العامة، بزيارة لله تبارك وتعالى لأحد إخوانه في الله لتبلغه عن الله تبارك وتعالى ولو بشريط .
س/ هل يُشترط في الداعي أن يعتلي المنبر ؟أعظم خدمة نقدمها للدين أن ندعو للدين بأخلاقنا، بسلوكنا، بأعمالنا، بأقوالنا، فكل واحدٍ يستطيع في أي موقف من المواقف أن يبلغ عن الله بكلمة مهذبة رقيقة، الكل يستطيع ذلك.
س/ ما الفرق بين هداية الدلالة وهداية التوفيق ؟هداية الدلالة" هذه وظيفتنا، أن ندل الخلق على الحق ، نقول قال الله جلّ وعلا وقال الرسول صلي الله عليه وسلم بأدب وتواضع وحكمة ورحمة، .
أما هداية التوفيق" فبيد الله تبارك وتعالى، لا يملكها ملكٌ مقرب ولا نبي مرسل ولو كان المصطفى، قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [البقرة: 272] .
س/ هل نرى تعارضًا بين قوله تعالي ﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ وبين قول الله تعالى لنبيه ﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52] ؟1-لا تعارض ، الهداية المثبتة للنبي صلى الله عليه وسلم" هي هداية الدِلالة أو الدَلالة، واللغتان صحيحتان بالفتح والكسر،.
2- أما الهداية المنفية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي هداية التوفيق"، الدليل" كما في صحيح البخاري وغيره من حديث سعيد بن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بي أبي أمية، فجلس النبي عند رأس عمه وقال ( يا عم قل لا إله إلا الله، كلمة أُحاج لك بها عند الله يوم القيامة )، فقال له أبو جهل أترغب عن ملة عبد المطلب، فقال أبو طالب: بل هو على ملة عبد المطلب، ومات على هذه الكلمة، فخرج النبي من عنده وقال ( لأستغفرن لك ما لم أُنه عنك ) ، فنزل قول الله جلّ وعلا ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ [التوبة: 113].
س/ يتخلى كثيرٌ من أهل الفضل عن الدعوة إلى الله جلّ وعلا، وقد يحتج ويدلل له بقوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ [المائدة: 105] ، فكيف نرد عليهم ؟هذا فهمٌ خطأ، وفهمٌ مقلوبٌ للآية، وقد خشي الصديق رضي الله عنه يومًا عن هذا الفهم الخاطئ للآية فارتقى المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال "أيها الناس، إنكم تقرءون هذه الآية وتضعونها في غير موضعها، فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه يوشك الله أن يعمهم بعقابٍ منه )"، وأنتم تعلمون أن الفتنة والمصيبة إن وقعت تصيب الصالح والطالح ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ﴾ [الأنفال: 25]
ـ ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول كما في صحيح البخاري وغيره عن النعمان بن بشير رضي الله عنه ( مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وأصاب بعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء مروا على من فوقهم، فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا حتى نؤذي من فوقنا، فلو تركوهم وما أرادوا هلكوا وهلكوا جميعًا، ولو أخذوا على أيديهم لنجوا جميعًا ) .
ـ وفي الصحيحين عن أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلي الله عليه وسلم دخل عليها يومًا فزعًا، وفي لفظٍ استيقظ النبي يومًا من نومه عندها فزعًا، وهو يقول ( لا إله إلا الله، ويلٌ للعرب من شر قد اقترب، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ) ، وحلق النبي صلي الله عليه وسلم بإصبعيه السبابة والإبهام، فقالت أم المؤمنين زينب رضي الله عنها: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال ( نعم، إذا كثر الخبث ).
س/ هل من وسائل الدعوة أننا نضع في المساجد مطويات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم لعلها تلين القلوب أكثر؟هذا بابٌ عظيم جدًا من الأبواب التي نستطيع أن نتغلغل بها الآن إلى العقول والقلوب، وأنا قدمت العقول على القلوب في هذا الباب لأن كثيرًا من الناس لا يذعن للحق وبكل أسف إلا إذا وجد هذا الحق مدعمٌ بهذه الأدلة العلمية ، لكن ليس معنى ذلك أيها الأحبة أن نلوي أعناق النصوص القرآنية والنبوية لنظرية علمية فما أثبت العلم صحته في القرآن صدقناه، وما كذب العلم صحته أنكرناه، وإنما هذا بابٌ عظيم من الأبواب لاسيما إن كانت المعلومة فيه مضبوطة صحيحة أن نقدمه بصورة جميلة ملفتة للأنظار في المساجد لنبين أن عطاء القرآن مازال متجددًا في عصر العلم .