[align=right]وجاء في فتح الباري للحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى (13/46-47) دار المعرفة بيروت، سنة 1379 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ومحب الدين الخطيب رحمهما الله تعالى:
قوله (أي البخاري) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ((الفتنة من قبل المشرق)) أي من جهته ذكر فيه ثلاثة أحاديث:
الأول: ذكره من وجهين:
وقد ذكرت في شرح حديث أسامة في أوائل كتاب الفتن وجه الجمع بينه وبين قوله صلى الله عليه وسلم اني لأرى الفتن خلال بيوتكم وكان خطابه ذلك لأهل المدينة
6679 قوله عن النبي صلى الله عليه وسلم ((انه قام الى جنب المنبر)) في رواية عبد الرزاق عن معمر ثم الترمذي ان النبي صلى الله عليه وسلم قام على المنبر في رواية شعيب عن الزهري كما تقدم في مناقب قريش بسنده سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر وفي رواية يونس بن يزيد عن الزهري عند مسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو مستقبل المشرق قوله ((الفتنة ههنا الفتنة ههنا)) كذا فيه مرتين وفي رواية يونس ((ان الفتنة ههنا)) أعادها ثلاث مرات قوله ((من حيث يطلع قرن الشيطان)) أو قال ((قرن الشمس)) كذا هنا بالشك وفي رواية عبد الرزاق ((ههنا أرض الفتن)) وأشار الى المشرق يعني حيث يطلع قرن الشيطان .
وفي رواية شعيب ((الا ان الفتنة ههنا يشير الى المشرق حيث يطلع قرن الشيطان)) وفي رواية يونس مثل معمر لكن لم يقل أو قال قرن الشمس بل قال يعني المشرق.
ولمسلم من رواية عكرمة بن عمار عن سالم سمعت بن عمر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده نحو المشرق ويقول ((ها ان الفتنة ههنا ثلاثا حيث يطلع قرن الشيطان)) وله من طريق حنظلة عن سالم مثله لكن قال ((ان الفتنة ههنا ثلاثا)) وله من طريق فضيلة بن غزوان سمعت سالم بن عبد الله بن عمر يقول ((يا أهل العراق ما أسألكم عن الصغيرة وأركبكم الكبيرة سمعت أبي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الفتنة تجيء من ههنا وأومأ بيده نحو المشرق من حيث يطلع قرنا الشيطان)) كذا فيه بالتثنية.
وله في صفة إبليس من طريق مالك عن عبد الله بن دينار عن بن عمر مثل سياق حنظلة سواء وله نحوه من رواية سفيان الثوري عن عبد الله بن دينار أخرجه في الطلاق ثم ساق هنا من رواية الليث عن نافع عن بن عمر مثل رواية يونس الا انه قال ((الا ان الفتنة ههنا)) ولم يكرر.
وكذا لمسلم وأورده الإسماعيلي من رواية احمد بن يونس عن الليث فكررها مرتين
الحديث الثاني
6681 قوله عن بن عون هو عبد الله عن نافع عن بن عمر قال ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ((اللهم بارك لنا في شأمنا)) الحديث ...
قوله قالوا يا رسول الله وفي نجدنا فأظنه قال في الثالثة ((هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان)).
وقع في رواية الترمذي والدورقي بعد قوله ((وفي نجدنا)) قال ((اللهم بارك لنا في شأمنا وبارك لنا في يمننا)) قال وفي نجدنا قال ((هناك ))فذكره لكن شك هل قال بها أو منها وقال يخرج بدل يطلع وقد وقع في رواية الحسين بن الحسن في الاستسقاء مثله في الإعادة مرتين وفي رواية ولد بن عون فلما كان الثالثة أو الرابعة قالوا يا رسول وفي نجدنا قال ((بها الزلازل والفتن ومنها يطلع قرن الشيطان))
قال المهلب: انما ترك صلى الله عليه وسلم الدعاء لأهل المشرق ليضعفوا عن الشر الذي هو موضوع في جهتهم لاستيلاء الشيطان بالفتن.
إلى أن قال:
وقال الخطابي القرن الأمة من الناس يحدثون بعد فناء آخرين وقرن الحية أن يضرب المثل فيما لا يحمد من الأمور وقال غيره كان أهل المشرق يومئذ أهل كفر فأخبر صلى الله عليه وسلم أن الفتنة تكون من تلك الناحية فكان كما أخبر وأول الفتن كان من قبل المشرق فكان ذلك سببا للفرقة بين المسلمين وذلك مما يحبه الشيطان ويفرح به وكذلك البدع نشأت من تلك الجهة.
وقال الخطابي: نجد من جهة المشرق ومن كان بالمدينة كان نجده بادية العراق ونواحيها وهي مشرق أهل المدينة وأصل النجد ما ارتفع من الأرض وهو خلاف الغور فإنه ما انخفض منها وتهامة كلها من الغور ومكة من تهامة انتهى.
وعرف بهذا وهاء ما قاله الداودي ان نجدا من ناحية العراق فإنه توهم ان نجدا موضع مخصوص وليس كذلك بل كل شيء ارتفع بالنسبة الى ما يليه يسمى المرتفع نجدا والمنخفض غورا. اهـ
فما قولكم الآن، يا عميان ؟!! هل الحافظ ابن حجر ومن قبله الإمام الخطابي عليهما رحمة الله وهّابيان ؟!!!
وجاء في كتاب ((السنن الواردة في الفتن)) لأبي عمر الداني رحمه الله (1/245 وما بعدها) دار العاصمة الرياض ط1 تحقيق: د. ضاء الله المباركفوري:
45) روى بإسناده إلى سالم ابن عبد الله رحمه الله قال: يا أهل العراق ما أسئلكم عن الصغيرة وأركبكم للكبيرة سمعت أبي عبدالله بن عمر يقول إن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((إن الفتنة تجىء من ها هنا وأومى بيده نحو المشرق من حيث يطلع قرنا الشيطان)) وأنتم يضرب بعضكم رقاب بعض وإنما قتل موسى الذي قتل من آل فرعون خطأ فقال الله عز وجل له وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا. اهـ انظر مسند أبي يعلى (9/383) حديث رقم 5511.
وقال العلامة أبو العبّاس شهاب الدين القسطلاّني عليه رحمة الله في ((إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري)) (10/188) دار الكتاب العربي ط7 سنة 1323 هـ:
وإنّما أشار عليه الصلاة والسلام إلى المشرق لأنّ أهله يومئذ أهل كفر فأخبر أنّ الفتنة تكون من تلك النّاحية وكذا وقع فكان وقعة الجمل ووقعة صفين ثمّ ظهور الخوارج في أرض نجد والعراق وما وراءها من المشرق وكان أصل ذلك كلّه وسببه قتل عثمان بن عفّان رضي الله عنه. وهذا علم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلّم وشرف وكرم. اهـ
ونقل كلام العلامة القسطلاني الآنف وأقرّه الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي عليه رحمة الله في ((اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان ص660 دار الحديث، القاهرة سنة 1424 هـ حديث رقم 1840) فراجعه غير مأمور.
هذا وقد جاء التصريح بكون مطلع قرني الشيطان وموضع الزلازل والفتن هو العراق لا نجد اليمامة من الجزيرة العربية المعروفة اليوم والتي ينتمي إليها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وذلك في عدّة أحاديث:
فمن ذلك ما رواه الإمام الطبراني في ((معجمه الكبير)) مكتبة العلوم والحكم ط2 سنة 1404 تحقيق الشيخ العلامة حمدي السلفي حفظه الله.
الحديث رقم13422 (12/384) حدثنا الحسن بن علي المعمري ثنا إسماعيل بن مسعود ثنا عبيد الله بن عبد الله بن عون عن أبيه عن نافع عن بن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (( اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك في يمننا)) فقالها مرارا فلما كان في الثالثة أو الرابعة قالوا يا رسول الله وفي عراقنا قال ((إن بها الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان)). اهـ
ومن ذلك أيضا ما أورده الحافظ الربعي في (فضائل الشام ودمشق) الحديث الثامن ص 23-24 المكتب الإسلامي الطبعة الرابعة 1405 هـ تحقيق الإمام الألباني رحمه الله تعالى:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر ثم أقبل على القوم فقال : ((اللهم بارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في مدنا وصاعنا اللهم بارك لنا في حرمنا وبارك في شامنا))
فقال رجل : وفي العراق ؟ فسكت .
ثم أعاد قال الرجل : وفي عراقنا ؟ فسكت .
ثم قال : ( اللهم بارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في مدنا وصاعنا اللهم بارك لنا في شامنا اللهم اجعل مع البركة بركة والذي نفسي بيده ما من المدينة شعب ولا نقب إلا وعليه ملكان يحرسانها حتى تقدموا عليها . . .)) وذكر الحديث. (هامش: زاد ابن عساكر قال: قال رجل: والعراق يا رسول الله؟ قال: ((من ثمّ يطلع قرن الشيطان وتهيج الفتن))
قال الإمام الألباني معلّقا: قلت حديث صحيح، وإن كنت لم أقف عليه بهذا التمام فيما عندي من كتب السنّة، وإنّما وقفت عليه مفرقا من حديث ابن عمر دون قوله في آخره: ((اللهم اجعل مع البركة بركة...))
فإنّما هو من حديث أبي سعيد الخدري في حديث له أخرجه مسلم (4/117) لكنّه قال ((بركتين)).
وأمّا حديث ابن عمر فأخرجه أبو نعيم (6/133) وابن عساكر إلى قوله ((وفي العراق)) وزاد: فأعرض عنه فقال: ((فيها الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان)) وإسناده صحيح.
ورواه الطبراني في ((الكبير)) من طريق أخرى عن ابن عمر وسنده صحيح أيضا.
وقد أورده في ((المجمع)) (3/305) وقال: ((رواه الطبرني في ((الأوسط)) ورجاله ثقات)).
وأخرجه أحمد (2/143) مختصرا بلفظ: قال رأيت رسول الله يشير بيده يؤم العراق: ((إنّ الفتنة ههنا (ثلاث مرات) من حيث يطلع قرن الشيطان)).
وإسناده صحيح على شرط مسلم، وقد أخرج في ((صحيحه)) (8/181) نحوه.
وفي رواية من وجه آخر عن سالم بن عبد الله: قال: ((يا أهل العراق ما أسألكم عن الصغيرة وأركبكم للكبيرة ؟!))
سمعت أبي عبد الله بن عمر يقول: فذكره.
إلى أن قال رحمه الله تعالى:
فيستفاد من مجموع طرق الحديث أنّ المراد من ((نجد)) في رواية البخاري: ليس هو الإقليم اليوم بهذا الإسم، وإنّما هو العراق، وبذلك فسّره الإمام الخطابي والحافظ ابن حجر العسقلاني...
وقد تحقق ما أنبأ به عليه السلام فإنّ كثيرا من الفتن الكبرى كا ن مصدرها العراق.
كالقتال بين سيدنا علي ومعاوية، وبين علي والخوارج، وبين علي وعائشة، وغيرها مما هو مذكور في كتب التاريخ.
فالحديث من معجزاته صلى الله عليه وآله وسلّم وأعلام نبوّته. اهـ بتصرّف.
وجاء في الموطأ للإمام مالك رضي الله عنه (ص761 مع تنوير الحوالك) مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد وسعد حسن محمد:
(11) باب ما جاء في المشرق
29- حدثني مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر انه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير إلى المشرق ويقول ها إن الفتنة ههنا إن الفتنة ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان.
30- وحدّثني مالك أنّه بلغه أنّ عمر بن الخطّاب أراد لخروج إلى العراق فقال له كعب الأحبار: لا تخرج إليها يا أمير المؤمنين فإنّ بها تسعة أعشار السّحر وبها فسقة الجنّ وبها الداء العضال.
قال السيوطي شارحا: (قرن الشيطان): أي حزبه وأهل وقته وزمانه وأعوانه. اهـ
فأنت ترى أنّ الإمام مالك رضي الله عنه قد فهم قول النبي صلى الله عليه وسلّم ((المشرق)) في الحديث على أنّه العراق لا نجد اليمامة المعروفة اليوم بدليل أنّه أورد عقب حديث مطلع قرن الشيطان خبر خروج عمر بن الخطّاب إلى العراق! فهل من مدّكر!؟
وقال صاحب كتاب ((أكمل البيان في شرح حديث نجد قرن الشيطان)) –للأسف فأنا لم أقف على هذا الكتاب وإلا لاستفدت منه كثيرا ولأغناني عن الكثير من المراجع-: مقصود الأحاديث أنّ البلاد الواقعة في جهة المشرق من المدينة المنورة هي مبدأ الفتنة والفساد ومركز الكفر والإلحاد ومصدر الابتداع والضلال، فانظروا في خريطة العرب بنظر الإمعان، يظهر لكم أنّ الأرض الواقعة في شرق المدينة إنّما هي أرض العراق فقط، موضع الكوفة والبصرة وبغداد، والراسخون في العلم يعلمون هذا من إلقاء النظرة على الخريطة)) اهـ (نقلا عن كتاب: محمد بن عبد الوهاب المجدد المفترى عليه للعلامة القاضي: أحمد بن حجر آل بوطامي البنعلي رحمه الله ص113 دار الفتح، الشارقة ط1 1415 هـ)
وقال الشيخ السهسواني رحمه الله في (صيانة الإنسان من وسوسة ابن دحلان ص97) (قد كان بلد الشيخ اليمامة، ولم تكن اليمامة مشرق المدينة، بل مشرق المدينة العراق ونواحيه، فاليمامة، ليست مشرق المدينة، ولا هي وسط المشرق بين المدينة والعراق، بل اليمامة شرق مكة المشرفة..) (نقلا عن دعاوى المناوئين)
ومن الأمور التي يجب ذكرها في هذا المقام أنّ جميع طرق حديث (الفتنة من قبل المشرق) جاءت عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما وقد صحّ عنه أنّه حمل الحديث على العراق وأهله وراوي الحديث أدرى وأعلم بما يروي! أضف إلى ذلك اتفاق شرّاح الحديث على أنّ المقصود بنجد في الحديث هو العراق لا نجد اليمامة ونحن نتحدّى من ينقل لنا خلاف هذا!
لأجل هذا وذاك قال الشيخ الإمام عبد الرحمن بن حسن رحمه الله تعلى مدافعا عن دعوة جده الشيخ المجدد الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: (إن المراد بالمشرق ونجد في هذا الحديث وأمثاله هو العراق؛ لأنه يحاذي المدينة من جهة الشرق، يوضحه أن في بعض طرق هذا الحديث: وأشار إلى العراق)، قال الخطابي: نجد من جهة المشرق، ومن كان بالمدينة، كان نجده بادية الشام ونواحيها فهي مشرق أهل المدينة، وأصل نجد ما ارتفع من الأرض، وهو خلاف الغور فإنه ما انخفض منها، وقال الداوودي: أن نجداً من ناحية العراق، ذكر هذا الحافظ ابن حجر، ويشهد له ما في مسلم عن ابن عمر قال: يا أهل العراق ما أسئلكم عن الصغيرة وأركبكم للكبيرة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أن الفتنة تجيء من هاهنا، وأومأ بيده إلى المشرق، فظهر أن هذا الحديث خاص لأهل العراق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فسَّر المراد بالإشارة الحسيّة، وقد جاء صريحاً في (المعجم الكبير) للطبراني النص على أنها العراق. وقول ابن عمر وأهل اللغة وشهادة الحال كل هذا يعين المراد..) (منهاج التأسيس والتقديس في الرد على ابن جرجيس)، ص 62.
وقال أيضا: (.. الذم إنما يقع في الحقيقة على الحال لا على المحل، والأحاديث التي وردت في ذم نجد كقوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم بارك لنا في يمننا. اللهم بارك لنا في شامنا) الحديث.. قيل إنه أراد نجد العراق؛ لأن في بعض ألفاظه: ذكر المشرق , والعراق شرقي المدينة، والواقع يشهد له، لا نجد الحجاز، ذكره العلماء في شرح هذا الحديث، فقد جرى على العراق من الملاحم والفتن، ما لم يجر في نجد الحجاز، يعرف ذلك من له اطلاع على السير والتاريخ، كخروج الخوارج بها، وكمقتل الحسين، وفتنة ابن الأشعث، وفتنة المختار وقد ادعى النبوة … وما جرى في ولاية الحجاج بن يوسف من القتال، وسفك الدماء وغير ذلك مما يطول عده.
وعلى كل حال فالذم إنما يكون في حال دون حال، ووقت دون وقت، بحسب حال الساكن؛ لأن الذم إنما يكون الحال دون المحل، وإن كانت الأماكن تتفاضل. وقد تقع المداولة فيها، فإن الله يداول بين خلقه، حتى في البقاع، فمحل المعصية في زمن قد يكون محل طاعة في زمن آخر، وبالعكس) (مجموعة الرسائل والمسائل 4/264).
وهذا علامة العراق بلا منازع الشيخ محمود شكري الآلوسي رحمه الله تعالى يقول عن بلده العراق – والتي هي في الحقيقة نجد قرن الشيطان ـ:
(ولا بدع فبلاد العراق معدن كل محنة وبليّة، ولم يزل أهل الإسلام منها في رزية بعد رزية، فأهل حروراء وما جرى منهم على الإسلام لا يخفى، وفتنة الجهمية الذين أخرجهم كثير من السلف من الإسلام إنما خرجت ونبغت بالعراق، والمعتزلة وما قالوه للحسن البصري وتواتر النقل به … إنما نبغوا وظهروا بالبصرة، ثم الرافضة والشيعة وما حصل فيهم من الغلو في أهل البيت، والقول الشنيع في الإمام علي، وسائر الأئمة ومسبّة أكابر الصحابة..، كل هذا معروف مستفيض). (غاية الأماني في الرد على النبهاني) 2/148 باختصار. وانظر : (فتح المنان تتمة منهاج التأسيس)، ص 527. نقلا عن دعاوى المناوئين للشيخ عبد العزيز بن محمد بن علي العبد اللطيف.
((فهل بقي للقرّاء بعدما أسلفنا ذكره من أدلّة لغوية وحديثية والحوادث التاريخية شكّ أنّ المتشبثين بحديث ((اللهمّ بارك لنا في شامنا ويمننا)) في ذمّ الشيخ محمّد بن عبد الوهاب ودعوته تشبث باطل ومستند فاسد لا يستريب في ذلك منصف، وأنّ هؤلاء لمّا كانوا مفلسين في ميادين الحجج النقلية الصحيحة والعقلية الرجيحة، أخذوا يتشبثون ويستمسكون بما هو أوهن من بيت العنكبوت من الشبه الفاسدة والآراء الكاسدة ليقووا مذهبهم ويوهنوا دعوة الشيخ رحمهه الله تعالى...)) (الشيخ محمد بن عبد الوهاب للشيخ ابن حجر آل بوطامي ص115)
وفي الأخير بقي أن أنبّه على أنّ قول النبي صلى الله عليه وسلّم في العراق أنّها موضع الفتن والزلازل وبها يطلع قرن الشيطان، أنّ ذلك لا يقتضي الطعن في علمائها وتجريح فقهائها، والتنقّص من صالحيها، كلا وحاشا! فالعراق كانت موطن كبار فقهاء ومحدثي وزهّاد الإسلام كالإمام أحمد وأبي حنيفة والحسن البصري وغيرهم كثير وكثير!
قال الشيخ الإمام عبد اللطيف آل الشيخ رحمه الله تعالى في (مصباح الظلام) ص 236 :
(ولا يقول مسلم بذم علماء العراق لما ورد فيها، وأكابر أهل الحديث وفقهاء الأمة أهل الجرح والتعديل أكثرهم من أهل العراق) (نقلا عن دعاوى المناوئين).
بهذا أكون بإذن الله قد أتممت بحثي، وأنهيت عملي، ولم يبقى إلا الدعاء بأن يتقبل الله منّي، وأن يغفر لي ما قد صدر منّي إنّه تعالى جواد كريم.
هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده، وما كان من خطئ أو زلل أو نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا.[/align]